معاناة الحسكة ..سنوات من العطش ومشاريع لم تكتمل

الجفاف فى سوريا

هوكر نجار

يدخل أهالي مدينة الحسكة والريف التابع لها عامهم الخامس وهم يعانون من مسألة عدم توفر مياه الشرب بسبب قطع تركيا والفصائل الموالية لها المصدر الرئيسي الذي يغذي المنطقة، إلا وهو محطة علوك منذ سيطرتها على مدينة سري كانيه / رأس العين آواخر عام 2019، وعدم نجاح المشاريع التي نفذتها الإدارة الذاتية.

وفي ظل غياب الحلول المستدامة التي ستنهي المأساة التي يمر بها ما يقارب المليون ونصف المليون شخص، إضافة لقاطني أربعة مخيمات منتشرة على أطراف مدينة الحسكة وأبرزها مخيم الهول الذي يقطن فيه ما يزيد عن 55 ألف شخص بين نازح ولاجئ وعوائل تنظيم داعش الإرهابي، بات اعتماد الأهالي على مياه الصهاريج والآتية من الآبار الواقعة خارج الحدود الإدارية لمدينة الحسكة، حيث تكون غالبيتها غير معقمة وغير صالحة للشرب بنسبة 100%.

ومنذ السيطرة التركية وبدعم من الفصائل المسلحة على سري كانيه/ رأس العين 2019 ، دأبت على استخدام المياه كسلاح حرب ضد شعوب المنقطة رغم الاتفاقات الدولية، فعمدت إلى قطع المياه عن المدينة 33 مرة إلى الآن، والمرة الأخيرة تعتبر من أطول فترات القطع، كونها تجاوزت الخمسة أشهر، وما يثير تخوف الأهالي هو الأمراض السارية المنتشرة، إضافة لفيروس كورونا الذي لا يزال يجتاح العالم، وقدوم فصل الصيف الذي بات على الأبواب.

وما زاد الطين بلة هو الجفاف الذي يلازم المنطقة منذ 3 أعوام، وعدم هطوله بالكميات الكافية، حيث ارتفعت التكهنات حول جفاف الآبار الجوفية التي تزود بها الصهاريج، وأضيف إلى ذلك في العام الحالي ارتفاع أسعار ملئ الخزنات في البيوت، حيث وصل سعر تعبئة الخزان الواحد إلى ما يقارب 10 ألف ليرة سورية وهي تزيد وتنقص حسب صاحب الصهريج رغم إعلان الإدارة الذاتية للأسعار.

وأمام كل هذه التحديدات التي تمر بها المنطقة والسكان القاطنين في مدينة الحسكة وريفها، وبسبب سيطرة تركيا على منابع المياه عملت الإدارة الذاتية على تنفيذ عدد من المشاريع التي كانت من شأنها إنهاء معاناة سكان الحسكة وقاطني المخيمات، ورغم إنها أبصرت النور لكنها لم تكتمل بسبب عدد من المعوقات، وفي هذا التقرير سنبرز أهم المشاريع التي نفذت ولكنها لم تكن ناجعة.

مشروع الخابور

وفي إطار البحث عن حلول ومع بداية قطع تركيا لمياه محطة “علوك” بدأت بحث الإدارة عن مشاريع من شأنها حل هذه المعضلة، لتبدأ عام 2019 بمشروع إطلاق عليه بمشروع مستدام آنذاك بسبب جريان نهر الخابور وبكلفه تصل إلى 3 مليار و134 مليون ليرة سورية، ليكون بديلاً لمحطات المياه التي تسيطر عليها تركيا.

واعتمدت الإدارة أثناء تنفيذ المشروع على جر مياه النهر إلى سد الحسكة الشرقي، إضافة للاستفادة من مياه الفيضانات عبر قنوات جر مُزودة بمضخات، وخاصة خلال أشهر فصل الشتاء لأن جريان النهر يكون غزيراً خلال هذه الفترة، كما أن المنطقة تشهد سيولاً.

القائمون على المشروع أوضحوا أنه سيصب 53 مليون م3 من المياه خلال أشهر الشتاء الأربعة في بحيرة السد وستؤمن الكمية مياه الشرب بشكل يومي لكامل مدينة الحسكة وريفها، لمدة سنة ونصف دون انقطاع، حيث أن نسبة استهلاك المدينة السنوي المقدّر 28 مليون متر مكعب، بعد فقدان 10 مليون م3 من الكمية الكلية الواردة إلى البحيرة نتيجة التبخّر والتسّرب في التربة.

ورغم انتهاء العمل في المشروع وتأمين الآليات والمضخات، إلا أن الظرف الجوية وعدم هطول الأمطار حالت دون دخوله الخدمة، ويرجع الرئيس المشترك لدائرة المياه سبب إلى فشل إلى القحط الذي يلازم المنطقة للعام الثالث على التوالي، كما أن الجانب التركي وبشكل عشوائي حفر في سري كانيه / رأس العين مئات الآبار، وبنى ما يقارب 29 سد صغير لحسر المياه الأمر الذي سبب قطع مياه الخابور وانخفاض مستوى الينابيع التي تغذي النهر.

مشروع الحمة

وبعد فشل مشروع نهر الخابور ومع بداية عام 2020 ولتأمين المياه لمدينة الحسكة، بدأت الإدارة الذاتية بمشروع “الحمة” شمال غرب المدينة لجر المياه عبر حفر 50 بئر، حيث كان من المقرر أن يؤمن نحو 50 بالمئة من حاجة المدينة لمياه الشرب بعد قطع تركيا لمياه محطة علّوك بريف سري كانيه/ رأس العين.

المشرفون على المشروع وقتها أكدوا، أن تشغيل 25 بئراً من مشروع الحمة سيوفر المياه كل عشرة أيام لبعض الأحياء، وستتقلص تلك المدة إلى أسبوع بعد استكمال تشغيل /50/ بئراً، لافتين أنه لن يغطي حاجة الحسكة ولن يكون بديلاً لمحطة “علوك”.

وتحتاج مدينة الحسكة يومياً إلى نحو 80 ألف متر مكعب من المياه، ولكن تأخر تنفيذ المشروع وقتها بسبب انتشار فيروس كورونا وتوقف المعامل المصنعة للآلات التي المشغلة لهذه الآبار، حيث أن كافة المصانع تقع خارج سوريا وتوقف عمليات الاستيراد والتصدير بسبب الفيروس والحصار المفروض على المنطقة.

وأرجع الرئيس المشترك لمديرية المياه في مدينة الحسكة يونس عيسى، فشل المشروع لعدم هطول كميات كافية من الأمطار، لافتاً أن المشروع كان إسعافياً من الأساس وعبارة عن آبار سطحية، حيث جفت الآبار بعد تشغيلها عدد من المرات المحدودة.

مشروع مياه الفرات

وكانت البديل للمشروعين السابقين اللذين لم يكتب لهما النجاح ، مشروع استجرار مياه الفرات من ريف دير الزور إلى الحسكة، وبدأت الإدارة الذاتية بالمشروع بداية عام 2021، بتكلفة وصلت إلى مليون ونصف المليون دولار أمريكي وكان المقرر أن ينتهي إنجازه خلال ثلاثة أشهر، حسب بيان الإدارة.

المشروع أيضاً لم يكن ليحل مشكلة الحسكة كونه كان سيغذي الأحياء الشرقية للمدينة وسيغطي 15 – 20% فقط من حاجة المدينة، بسبب ضعف واردها إلى جانب خزاناتها التي تحتاج إلى تعديل بالإضافة لبعض أعمال صيانة وتأهيل، وهو أيضاً كان يعتبر أحد المشاريع الإسعافية، حيث سيمر بعدة نقاط لتصل إلى منها الحسكة وهي “محطة ضخ المياه في ناحية الصور بدير الزور، ومنها إلى محطة العلوة القريبة من بلدة مركدة ومنها إلى محطة الشدادي سابقًا، حيث كان يسمى المشروع قديمًا مشروع إرواء قرى الحسكة”.

والمشروع الذي كان من المقرر أن يدخل الخدمة مع نهاية آذار 2021، وذلك عبر بناء خزان مائي جديد وصالة ضخ جديدة وخزانات أرضية مجمعة تستوعب 360 مترًا مكعبًا من المياه، لم يمشي كما كان متوقعاً بسبب الضرر الكبير الحاصل في الخطوط الواصلة من منطقة الصور في دير الزور إلى محطات المياه في مناطق جنوب الحسكة، إضافة لعوامل بيئية أخرى.

وحول هذا المشروع يقول يونس عيسى أن لانخفاض منسوب مياه نهر الفرات بسبب حسره من قبل تركيا كان أحد الأسباب الرئيسية لعدم نجاحه، فتركيا لم تضخ الكميات المتفق عليها بين الحكومة السورية والتركية التي ابرمت في 17 تموز/ يوليو 1987، وقد نصت الاتفاقية وقتها بأن توفر تركيا معدلاً سنوياً يزيد عن 500 متر مكعب في الثانية إلى حين الاتفاق على التوزيع النهائي لمياه نهر الفرات بين البلدان الثلاثة الواقعة على ضفتيه، ولكن الوارد الحالي أقل من 200 متر مكعب، حيث خرج الكثير من المحطات عن العمل وترجع منسوب النهر، الأمر الذي أخرج المضخات عن الخدمة، كما أثر ذلك على الكهرباء التي كانت تغذ تلك المضخات.

مشروع مياه عامودا

وبعد فشل هذه المشاريع الثلاث الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بصدد تنفيذ مشروع جديد لجر المياه الصالحة للشرب للمدينة من ريف مدينة عامودا، وبتكلفة تقدر بـ 40 مليون دولار أميركي، ولم يتبين إلى الآن فيما إذا كان سيكون ناجحاً أو لا.

وأوضح الرئيس المشترك لدائرة المياه ، أن المشروع سيؤمن المياه بموجب مرة واحدة في الأسبوع لكل حي، مشيراً إلى أن دراسته متوقفة على 80 % على تأمين القساطل، وسيكون عبارة عن حفر 20 بئراً في قرية سنجق سعدون جنوبي مدينة عامودا.

وأمام كل هذا وعدم عدم توفير المياه لأهالي الحسكة بسبب غياب مصادر مياه الشرب في الحسكة والمناطق القريبة منها، حيث أن المياه الصالحة للشرب تقع معظمها بالقرب من المناطق الحدودية، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة يطالب الأهالي بضرورة تحييد محطة “علوك”.

Advertisements

12 رأي على “معاناة الحسكة ..سنوات من العطش ومشاريع لم تكتمل”

اترك تعليقاً

Exit mobile version