يسير كالسلحفاة..لماذا تأخر التطبيع بين مصر وإيران؟

مع الزخم الذى أحدثه اتفاق إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران برعاية صينية في مارس الماضي، بدأت تقارير عديدة تتحدث عن تحركات ووساطات لتطبيع العلاقات بين القاهرة وطهران.
وجاءت تصريحات المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في 29 مايو/أيار خلال لقائه مع سلطان عمان في طهران بترحيبه بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع مصر كدليل جديد على وجود تحركات على اعلي مستوي لاعادة العلاقات بين البلدين.
وكانت العلاقات المصرية الإيرانية قد دخلت في نفق مظلم منذ قيام الثورة الاسلامية خاصة بعد استقبال مصر لشاه إيران السابق وأسرته ودفنه بالقاهرة، وهو ما ردت عليه طهران بإطلاق إسم خالد الاسلامبولي قاتل الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات على أحد أشهر شوارعها.
محاولات تقارب
وخلال السنوات الأخيرة، كانت هناك محاولات كثيرة للتقارب بين البلدين، وحدثت تحولات في الخطاب الإعلامي وظهرت نوايا الطرفين في إنهاء القطيعة حيث تم إزالة إسم قاتل السادات من شوارع طهران في حين خفت النبرة المعادية لإيران من الإعلام المصري.
كما تحدثت تقارير عن تجاح الوساطة العمانية والعراقية في ترتيب عدة جلسات بين مسؤولين مصريين وإيرانيين في بغداد منذ مارس الماضي، فضلا عن إعلان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، عن تفاؤله بشأن آفاق تحسين العلاقات مع مصر، وشدد على أهمية اتخاذ البلدين إجراءات متبادلة لتعزيز العلاقات.
ورغم كل اللقاءات والتحركات والوساطات والتصريحات الرسمية وغير الرسمية مازالت العلاقات بين مصر وإيران لم تأخذ الشكل الرسمي ومازال قطار التطبيع يسير بسرعة السلحفاة منتظرا دفعة دبلوماسية لم تأت حتى الأن.
وبحسب مراقبون فإنه رغم أهمية التقارب بين القاهرة وطهران للبلدين ألا إن هناك عدة ملفات عطلت استكمال تطبيع العلاقات وهو ما يتطلب جدية أكثر من الطرفين نظرا لما يمثله عودة العلاقات من أهمية استراتيجية لكلا من مصر وإيران.
خيار استراتيجي
ويري د.إياد المجالي خبير الشؤون الإيرانية ان “خيار التطبيع بين القاهرة طهران بات أولوية لصانع القرار السياسي في كلا البلدين مع تطور شكل التحالفات الإقليمية جراء الازمة الأوكرانية وتراجع دور الولايات المتحدة في المنطقة”.
وقال لوكالتنا” مصر كغيرها من بعض دول المنطقة تعاني من أزمات اقتصادية مركبة ومعقدة ويشكل فتح أفق التقارب مع طهران جزء مهم من دعم جوانب اقتصادية حيوية، واستعادة العلاقات بين القاهرة وطهران من شأنه أن يسهل تدفق السياح الإيرانيين إلى مصر، مما قد يسهم بالعملة الصعبة التي تشتد الحاجة إليها للبلاد. علاوة على ذلك، ستستفيد مصر بشكل كبير من توسيع صادراتها من البضائع إلى السوق الإيرانية.
وأكد أن التطبيع مع القاهرة يمثل لطهران خيار استراتيجي تفرضه المتغيرات التي توالت على المسرح السياسي، خاصة أن استعادة العلاقات مع مصر وتطبيعها سيحبط جهود العزلة التي تحاول الولايات المتحدة وإسرائيل فرضها على إيران، فضلا أن إقامة علاقة طبيعية مع مصر من شأنه أن يمهد الطريق لتعزيز التعاون الاقتصادي والوصول إلى السوق المصري الواسع، مما يوفر إمكانات كبيرة للمنتجات الإيرانية. وهذا بدوره سيؤدي إلى زيادة العائدات المالية لطهران ويساعد في التخفيف من أزمتها الاقتصادية.
وأشار إلي ان “التباطئ القائم بخطوات تطبيق اتفاق وتطبيع سياسي اقتصادي بين الطرفين يتطلب جهود دبلوماسية تعالج القضايا المشتركة وتحدد الإطار الرئيسية للتعاون قبل الاعلان عن هذا التطبيع”.
توقف مفاجىء
بدوره، أكد محمد عبادي الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية أنه من المعروف أن الدبلوماسية المصرية العريقة ذات خطوات ثقيلة خاصة في الملفات الشائكة، كملف تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إيران عقب اتفاق التهدئة بين إيران والمملكة العربية السعودية في مارس الماضي برعاية صينية”.
وقال لوكالتنا” كان من المتوقع أن يكون هناك اتفاق مماثل بين مصر وإيران، خاصة مع دخول الوساطة العمانية على الخط، والإشارات الإيرانية المستمرة التي تغازل الحكومة المصرية المرحبة بعودة العلاقات”.
ويعتقد عبادي أنه ” كان من المفاجئ أن يتوقف الحديث عن المصالحة المصرية الإيرانية وهذا ما يمكن تفسيره بعدة أسباب، الأول أن المصالحة السعودية الإيرانية لا تزال تحت الاختبار، وبحاجة إلى وقت لإثبات جدية إيران في السلام ورغبتها في التهدئة داخل الإقليم.
والسبب الثاني بحسب الباحث “هو التعقيدات الإيرانية في الملفات الدولية مثل البرنامج النووي والعقوبات المفروضة على إيران، والسبب الثالث هو محدودية المكاسب التي يمكن أن تحصل عليها مصر من الإقدام على هذا الاختراق التاريخي في العلاقات الفاترة منذ وصول نظام الثورة الإسلامية والقطيعة السياسية في عهد الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات”.
وأشار إلي ان ” هذا ما يضعنا أمام خيار تجميد الحديث عن أي محاولة جادة للتصالح الشامل في الوقت الراهن، خاصة مع إرجاء خطوات التطبيع المتسارعة بين الرياض وطهران”.

فشل متوقع

ويري د.مصطفي النعيمي خبير الشؤون الإيرانية بأن التطبيع المصري الإيراني لن يكتب له النجاح نظرا لأن مصر لديها تصور حول طبيعة النشاطات والممارسات التي كانت ومازالت تستخدمها إيران في مناطق نفوذها المتعددة في المنطقة العربية وبالتالي أتفاقيات الضرورة مكتوب لها الفشل

وقال لوكالتنا ” أما عن التفصيل في استكمال اتفاقية بكين بين المملكة العربية السعودية وإيران فأرى بأن هذا المسار تكميلي وأن الدول العربية كافة أبدت حسن النية ومدت يدها مجددا إلى طهران لكن أرى بأن المرشد الأعلى في طهران لا تعنيه كل تلك الاتفاقيات فنظام الحكم في طهران يعمل ضمن مسارين مسار مستخدم للتهدئة لتحقيق أعلى المكتسبات في كافة مسارات التهدئة الدولية والمتمثل بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

وتابع ” بينما على الضفة الأخرى نجد أن مسار المرشد هو المتحكم في المشهد من خلال الرصد الحثيث لتحركات طهران العسكرية في المنطقة العربية رغم اتفاقية التهدئة مع طهران وبالتالي لحظة الحقيقة ستكون حاسمة ولن تغير طهران من سلوكياتها العدائية تجاه المنطقة العربية وباقي العالم وما زالت في ذهنية نظام الحكم القائم بأنهم قادرون على إعادة أمجاد امبراطوريتهم من خلال التحشيد العسكري واتفاقيات الدفاع المشترك المبرمة مع النظام السوري ولن تتخلى طهران عن تمويل أذرعها في المنطقة العربية بل ستسعى إلى تقديم مزيد من الدعم خاصة بعد قيام دولة قطر بتسيير ملف تبادل الرهائن الأمريكيين الموقوفون في طهران مقابل سجناء موجودون في الولايات المتحدة والافراج المباشر عن 10 مليارات دولار أمريكي كانت مجمدة نتيجة للعقوبات وما زالت الولايات المتحدة تلوح بآلية سناب باك التي تنص على فرض حزم عقوبات متتالية ضد إيران في حال عدم التزامها بمسار التفاوض في الملف النووي إضافة إلى ملف المسيرات والباليستي وصولا إلى ملف حقوق الانسان والتظاهرات التي تعم البلاد.

وأشار إلي أن مصر مدت يدها من أجل تحقيق التعاون مع طهران لكن لا أعتقد بأن أي مشروع للتعاون مع طهران سيكون خارج نطاق دراسة الملفات التي أرهقت المنطقة العربية وارتداداتها على المنطقة العربية وأعتقد بأن إيران لن تفي بأياً من تعهداتها بل ستقوم بالتغلغل في داخل المجتمع المصري وذلك من خلال استخدام وسائلها الناعمة تدريجيا وصولا إلى المطالبة بفتح حسينيات وترميم المقامات والمطالبة بحرية ممارسة الشعائر وتدريس من يرغب في دراسة المذهب الجعفري من خلال المدرسة الإيرانية والذين سيستخدمون كموطئ قدم إيراني مستقبلي وبالتالي القيادة المصرية المتعاقبة تدرك تماما حجم مخاطر ترك الباب مفتوحا لطهران والتداعيات التي ستتبعه سواء على البنية المجتمعية أو حتى على شكل مصر المستقبلي بمكوناتها الإثنية والدينية.

قد يعجبك ايضا
عنوان عدد التعليقات
  1. anoboy يقول

    great!! article… streaming anime atanoboy

  2. js混淆 يقول

    js混淆 hello my website is js混淆

  3. farmers league يقول

    farmers league hello my website is farmers league

  4. Chinese Flute يقول

    Chinese Flute hello my website is Chinese Flute

  5. menggunakan email يقول

    menggunakan email hello my website is menggunakan email

  6. asus x407m يقول

    asus x407m hello my website is asus x407m

  7. sheriff star يقول

    sheriff star hello my website is sheriff star

  8. style justin يقول

    style justin hello my website is style justin

  9. Scarlet Quartz يقول

    Scarlet Quartz hello my website is Scarlet Quartz

  10. juz qori يقول

    juz qori hello my website is juz qori

  11. BrettFauct يقول

    Абузоустойчивый VPS
    Виртуальные серверы VPS/VDS: Путь к Успешному Бизнесу

    В мире современных технологий и онлайн-бизнеса важно иметь надежную инфраструктуру для развития проектов и обеспечения безопасности данных. В этой статье мы рассмотрим, почему виртуальные серверы VPS/VDS, предлагаемые по стартовой цене всего 13 рублей, являются ключом к успеху в современном бизнесе

  12. wtetenby يقول

    Dear immortals, I need some wow gold inspiration to create.

  13. BrettFauct يقول

    VPS SERVER
    Высокоскоростной доступ в Интернет: до 1000 Мбит/с
    Скорость подключения к Интернету — еще один важный фактор для успеха вашего проекта. Наши VPS/VDS-серверы, адаптированные как под Windows, так и под Linux, обеспечивают доступ в Интернет со скоростью до 1000 Мбит/с, что гарантирует быструю загрузку веб-страниц и высокую производительность онлайн-приложений на обеих операционных системах.

  14. Russelllob يقول

    win79
    win79

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول اقرأ أكثر

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط