جدل حول مصير أوجلان..ماذا بعد مؤتمر حزب العمال الكردستاني ؟
أثار إعلان حزب العمال الكردستاني عقد مؤتمر داخلي يبحث حل الحزب وإلقاء السلاح، في الفترة بين 5 و7 مايو الجاري، تفاعلات سياسية حادة في الداخل التركي، وسط ترحيب من المعارضة وتوجّس من القوميين، وتشكيك في نوايا الحكومة.
يُعدّ هذا الإعلان تطوراً محتملاً نحو إنهاء عقود من النزاع الدموي بين الدولة التركية والحزب المصنّف إرهابياً، ويمهّد، وفق مراقبين، لحل أوسع للقضية الكردية، التي لطالما مثّلت معضلة شائكة في السياسة التركية.
أول تعليق من إردوغان بعد مؤتمر العمال الكردستاني
في أول تعليق له، قال الرئيس رجب طيب إردوغان إن “أخباراً جدية قد تصلنا في أي وقت”، مؤكداً أن بلاده “عازمة على التخلص من آفة الإرهاب”. وأضاف في فعالية بإسطنبول: “نحن ماضون نحو بناء قرن تركيا الجديد، القائم على الديمقراطية والتنمية والسلام والعدالة”.
لكن في المقابل، بدا أن مؤسسات الدولة لم تُجمع على رؤية موحدة للخطوة، إذ رأى بعض المسؤولين أن البيان وحده لا يكفي، في ظل استمرار البنية التنظيمية والهيكلية للحزب.
المعارضة تؤيد… والقوميون يرفضون
زعيم حزب “الشعب الجمهوري”، أوزغور أوزيل، أعلن دعمه لخطوة نزع السلاح، وقال: “نقول نعم لتركيا خالية من الإرهاب. لكن لا بد من خطوات متكاملة، بينها إطلاق سراح السجناء السياسيين، وإنهاء الوصاية، والاعتراف بوجود القضية الكردية”.
وجاء ذلك خلال خطاب له في مدينة وان، شرق البلاد، التي تُعدّ من أبرز معاقل الكرد، حيث طالب أوزيل بانتخابات مبكرة، وإطلاق سراح رئيس بلدية إسطنبول السابق أكرم إمام أوغلو، ومعتقلين آخرين.
في المقابل، هاجم حزب “الجيد” القومي المعارض الخطوة، واعتبرها “خيانة”، متّهماً حكومة إردوغان بالتلاعب السياسي للحصول على دعم الأكراد في تمرير دستور جديد يسمح بترشح الرئيس مرة أخرى. وقال النائب تورهان تشوميز إن ما يجري “عملية تمت بالتنسيق مع أميركا وإسرائيل، وليست منفصلة عن التطورات في سوريا”.
ماذا قال حزب “العدالة والتنمية” عن بيان العمال الكردستاني
رغم الترحيب الحذر من قبل الحكومة، شدّد مسؤولون في حزب “العدالة والتنمية” على ضرورة تفكيك البنية الأمنية والاستخبارية للحزب.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان: “إلقاء السلاح خطوة مهمة لكنها غير كافية. يجب القضاء على الهياكل غير القانونية كافة”. وأضاف أن “أساس الإرهاب قد أُضعف في الداخل، لكن التنظيم لا يزال نشطاً في دول الجوار”.
هل شارك أوجلان في مؤتمر العمال الكردستاني؟
أثار المؤتمر تساؤلات عديدة حول ما إذا كان عبد الله أوجلان، زعيم الحزب المعتقل منذ عام 1999، قد شارك فيه، ولو بشكل غير مباشر. وبينما لم يصدر بيان رسمي يؤكد ذلك، نقلت وكالة “فرات” عن رمزي كاراتال، أحد قادة الحزب، قوله إن أوجلان شارك عبر “مكالمة هاتفية” وعُرض له تسجيل مرئي، وهو ما يُعدّ مخالفة للقانون التركي الذي يحظر هذه الامتيازات عن المدانين بالإرهاب.
اللافت أن نائبة حزب “الديمقراطية والمساواة للشعوب”، بروين بولدان، ألمحت إلى أن “اتصالاً فنياً” ربما جرى تأمينه لأوجلان خلال المؤتمر، دون تفاصيل.
مصير القيادات والأسلحة
مصادر مطلعة ذكرت أن تأخير الإعلان الرسمي عن حل الحزب يعود إلى المفاوضات حول مصير قياداته المتواجدة في جبال قنديل شمال العراق، وبلدان أخرى.
وكان جميل باييك، أحد أبرز قادة الحزب، صرّح سابقاً بأن العودة إلى تركيا تعني “الزج بهم في السجون”، وهو ما وصفه بـ”الانتحار السياسي”.
أما عن موضوع تسليم السلاح، فقد تحدث وزير الدفاع يشار غولر عن وجود خطة لتحديد نقاط تسليم الأسلحة، قد تكون داخل منطقة أمنية خاصة قرب الحدود العراقية.
أوجلان والحق في “الأمل”
أثارت أنباء المؤتمر أيضاً تساؤلات حول مصير أوجلان، المحكوم بالسجن المؤبد منذ 1999، في ظل مطالبات كردية بتطبيق قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 2014، الذي يتيح للمحكومين المؤبدين طلب تخفيف الحكم بعد 25 عاماً.
في المقابل، أعلن إردوغان رفضه إطلاق سراح من وصفهم بـ”قتلة الأطفال”، في إشارة إلى أوجلان، رغم أن حليفه القومي دولت بهشلي سبق أن ألمح إلى إمكانية الاستفادة من “حق الأمل”.
وتشير تقارير إلى تحسين ظروف احتجاز أوجلان فعلياً، من خلال السماح له بالتنقل في جزيرة إيمرالي، وجلب سجناء آخرين لمرافقته.
نحو مشهد جديد في العلاقة بين الأكراد وتركيا؟
بحسب الصحفي التركي المخضرم مراد يتكين، فإن حلّ تنظيم بحجم “العمال الكردستاني” ليس مسألة يوم وليلة، مؤكداً أن التنظيم يبحث عن مخارج لقادته عبر اللجوء إلى دول أوروبية شرط قبولهم بذلك.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات قد تمهّد لانفراجة غير مسبوقة في العلاقة بين أنقرة والأكراد، لكنها تظل مشروطة بصدق النوايا السياسية، وبتوفير ضمانات قانونية وقضائية لكلا الطرفين.
اقرا أيضا
دعا حزب العمال لإلقاء السلاح..نص الرسالة التاريخية للزعيم الكردي عبد الله أوجلان
التعليقات مغلقة.