الحرب العالمية الثالثة..هل تكون بداية النهاية للانتهاكات التركية بحق الكرد؟

تحليل يكتبه/ الباحث السوري أحمد شيخو

مع الحرب العالمية الثالثة التي تستمر فصولها الآن في أوكرانيا، والتي هي حرب بين قوى ومراكز النظام العالمي الأحادي القطب نفسه ، حيث أن النظام العالمي والإقليمي والذي ظهر بعد الحرب العالمية الأولى والثانية و بخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي اصبح يجسد حالة نظام وحيد القطب وحالة حرب مستمرة و هو يعيش حالة أزمة حادة وذلك في المجالات الفكرية والسلوكية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والمالية.
إن النظام العالمي ومن أجل دوام استمراره هيمنته ونهبه مازال يرى الحرب وخلق الصراعات وبؤر التوتر وكذلك القوموية والإسلاموية من الادوات والأوراق المهمة الذي لم يتخل عنه بعد رغم تزايد الأوراق وسرعة التحكم عبر النظم الإلكترونية والأدوات التقنية الجيدة والحروب السيبرانية.

إن الحرب الموجودة في أوكرانيا بين روسيا والناتو ، هي حرب الهيمنة والتقاسم والنفوذ والاحتلال داخل النظام العالمي الرأسمالي ، ولقد اخطأت القيادة الأوكرانية في سياساتها التي كانت ترى بأنها يمكن الاعتماد على الغرب والناتو في مواجهة روسيا حيث أن الناتو وأمريكا والاتحاد الأوربي أعطوا إنطباع ليس صحيح للقيادة الأوكرانية ، التي لم تتوفق في قراءتها للمشهد السياسي.

والقضية ليست سلامة ووحدة الأراضي الأوكرانية بل ان أوكرانية أصبحت ساحة للتحالفات والصراعات ومسرحاً لإرادات القوى العظمى ولتتجلى الأبعاد الفعلية للأزمة العالمية وبين قواها المركزية.
لقد وضعت القوى النووية في الاستعداد و تحركت الأساطيل الحربية وتحجبت وتجمدت الأرصدة والأموال وتقيدت حركة الزعماء والسياسين في العالم وبل أن البعض يقول أن الحكومة الغربية الفعلية أو العالمية أصدرات قراراتها وإجراءاتها.

مستقبل العلاقات الدولية بعد الحرب
ستكون للحرب الدائرة في أوكرانيا تداعيات كبيرة على العلاقات الدولية والتحالفات وكذلك على مستقبل النظام العالمي وعلى مؤسساته الدولية، حيث أظهر هذه الحرب أن التغير قادم لامحالة في المنطقة والعالم وأقله أو بعبارة أخرى فإن النظام العالمي يحاول وعبر هذه الحروب ترتيب النظام الإقليمي وخاصة في آسيا وأفريقيا وبذلك سد الطريق أمام اي تحركات أو بدائل مجتمعية وديمقراطية حقيقية عبر إعادة ترتيب الأدوات السابقة وتكليفها بأدوار جديدة وربما إدخال بعض التغيرات فيها لكي توافق المرحلة الحالية وعصر التقنيات والنت.

السؤال المركب والمعقد هو إلى اين يمضي العالم مع الأزمة الأوكرانية ومن المستفيد من هذه الأزمة وماهي تداعياتها ونتائجها؟ وأين هو الشعب الكردي وشعوب المنطقة من هذه الأحداث وكيف ستؤثر على وضع الشعب الكردي ومسقبله وماهي العلاقات والتحالفات التي ستظهر مع هذه الأزمة ؟ وكيف سيتصرف دول المنطقة وشعوبها حيال الأزمة الأوكرانية وتداعياتها؟ وكيف ستكون علاقات تركيا مع روسيا وإيران وماهو موقف شعوب والدول العربية نتيجة التحالفات الجديدة ؟ هل سيحاول بعض الدول الإقليمية استغلال الازمة الأوكرانية أم أن أي تحرك سينظر له على أنه من تداعيات وتحالفات والاصطفافات الحاصلة مع حرب أوكرانيا؟ كيف ينظر إسرائيل لهذه الحرب وهل هناك خطر على إسرائيل كما بعض البلدان العربية نتيجة الشعور والذي ربما ليس صحيحاً بتراجع الاهتمام والدور الامريكي في الشرق الأوسط؟

الحرب الأوكرانية ومستقبل الشعب الكردي

ما حصل في كردستان منذ 1985 وحتى اليوم وفي الأجزاء الأربعة وكذلك ماحصل في المنطقة من أفغانستان إلى العراق وسوريا وليبيا وأرمينيا من حروب بعد التحركات الشعبية المحقة وإفراغها من مضمونها الديمقراطي والمجتمعي وترويض قواها الديمقراطية وتمكين الإخوان، وما يحصل الآن في أوكرانيا هو نفس السياق وهو تحريف النضالات العادلة و خلق بؤر توتر وفوضى كبيرة وأمراض معدية والتحكم بالإنسان عبر القصف والضخ من النت وبتوجهاته وبالتالي تحقيق دوام حاجة المنطقة وشعوبها إلى القوى المهيمنة الخارجية لفرض ما تسميها الاستقرار ولكنه الاستسلام للهيمنة الغربية والاستمرار بنهب خيرات المنطقة ودوام تبعيتها للخارج.

https://alshamsnews.com/2022/03/%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d9%8a%d9%86-%d9%88%d8%b4%d9%8a%d8%b4%d8%a7%d9%86-%d9%88%d8%a3%d9%88%d8%b1%d9%88%d8%a8%d9%8a%d9%8a%d9%86-%d9%87%d9%84-%d8%aa%d8%aa%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d8%b1.html

 

https://alshamsnews.com/2022/03/%d9%82%d8%b5%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%86-%d9%88%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d9%87%d8%af%d8%a7%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%86%d9%8a%d9%8a%d9%86-%d8%a8%d8%b1%d9%8a%d8%b7%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a7.html

ما نشاهده الآن من مواقف من دول المنطقة والقوى الرئيسية المهيمنة في الإقليم وكذلك من القوى المجتمعية والديمقراطية ومع الأسف تعكس قراءة غير صحيحة وتابعة إما لمنطق وفكر دوغمائي تابع لأيدولوجيات معينة غير قادر على رؤية كافة جوانب الصراع وإما مواقف برغماتية آنية مصلحية لاتستطيع رؤية ابعد من أنفها ومدى نظرها. ومع العلم أن الكثير يدعي الحيادية حتى المواقف القيمة لكنه ينفذ ما يتم الطلب منه وفي الخفاء.ولعل كمية القلق والتوتر الذي أصاب به دول المنطقة تعكس أيضاً ماهية الدول والإدارات والاقتصادات وكذلك منظومات الأمن التي ليس لديها ارتباط حقيقي بالشعوب ومجتمعات المنطقة وهذه حالة أزمة بحد ذاتها.
وتبنت الجمعية العامة قرار إدانة الغزو الروسي والمطالبة بإن سحاب قواتها من أوكرانيا بمجمل أصوات بلغ 141 من أصل 193 منها مصر والسعودية والإمارات والأردن والكويت وقطر والبحرين واليمن وليبيا وتونس وجزر القمر وموريتانيا والصومال وعمان ولبنا وإسرائيل، فيما عارضته 5 دول هي روسيا وبيلاروس وكوريا الشمالية وإريتريا وسوريا وامتنعت 35عن التصويت بينها الصين والهند و3 إيران و دول عربية هي الجزائر والسودان والعراق.
فيما غابت المغرب عن الجلسة الإستثنائية الطارئة التي ناقشت مشروع القرار الذي قدمته أوكرانيا . ومن هذا القرار تبين ولو قليل من خارطة التفاعل مع الأزمة الأوكرانية و محاولة فرض حتمية الاختيار بين أحد الطرفين ولو أن القرار غير ملزم وليس لديه الأهمية لو كان من مجلس الأمن ولكن بسبب الفيتو ذهبت أمريكا وحلفائها إلى الجمعية العمومية.
ولعل من الهام رصد التداعيات الاستراتيجية والأمنية لهذه الأزمة حيث أن الأمن الإقليمي والعالمي والشرق أوسطي وكردستان سيتاثر بهذه الأزمة وخاصة بسبب تداخل وتفاعل القوى والدول التي تحتل كردستان بهذه الأزمة وعلى رأسها تركيا وسوريا والعراق خاصة وحتى إيران كون تركيا وسلطة أردوغان تراقب وبخوف كبير الأحداث في أوكرانيا حيث أن تخلي الغرب ولو بغرض معين عن زيلنسكي هو ربما لجر روسيا إلى المستنقع الأوكراني حسب بعض المراقبين يخلق رعب لدى أردوغان ولذلك يحاول أردوغان وتركيا من طرف تقليل التداعيات والحفاظ على المنطقة الرمادية بين أمريكا والناتو والغرب وبين روسيا ومع كل الاحتمالات مجرد وجود الأزمة هو تهديد لتركيا ولو حاولت تركيا حتى استغلال الأزمة من بعض الجوانب في تخفيف توترها مع الغرب وإظهار دوره الهام حسب قوله في المنطقة. وكذلك إيران تراقب الموقف حتى البعض يقول أن إيران من المستفيدين من هذه الحرب فيما لو تم تسريع إنجاز الإتفاق النووي في ظل اصوات طبول الحرب في أوكرانيا وحاجة أوربا وأمريكا إلى الطاقة والغاز والبترول الإيراني كبديل للطاقة والغاز الروسي.

كما أن تصريحات محمد بن سلمان عن أن عليهم التعايش مع إيران وربما يأسهم من مراعاة أمريكيا لمخاوفهم وللضربات الحوثية على الأراضي السعودية. إن الخوف والقلق والتوتر يسيطر على معظم الدول العربية ودول المنطقة وشعوبها والملاحظ وجود إزدواجية بين القرارات الرسمية التابعة للغرب والخطاب الموجه إلى الشعب كون الكثير من شعوب وحتى دول المنطقة مازالت تنظر لروسيا وامريكا من منظور السبعينات والثمانينات وهذه تعكس حالة من الفراغ الفكري والسياسي وحالة التصحر السياسي البعيد عن فهم مجريات الأمور مع العلم أن بوتين بنفسه انتقد الشيوعية وحتى لينين وبل ان كلامه في هذه الأوات كان أقرب إلى القياصرة الروس و محاولة إعادة أمجادها و حتى إعطاء بعد مقدس وديني لهذه الحرب.

مع العلم أن بعض الأحزاب اليسارية وحتى القومية العربية وإن وقفت بالقرب من روسيا لكنها مازالت لديها الشك في بوتين وحربه حيث أن علاقة روسيا وإسرائيل ظاهرة وقوية وخاصة بعد التواجد الروسي في سوريا و التنسيق بينهم لضرب إيران في سوريا وجود ملايين اليهود الروس في إسرائيل وبالعكس وجود التأثير اليهودي في روسيا. وحتى محاولة إسرائيل إعطاء رسالة متناقضة في هذه الحرب أو بشكل يراضي الطرفين.
تحاول بعض الدول العربية تنفيذ إلتزامات الشراكة مع أمريكا وإسرائيل واتفاقيات أبراهم لكن في نفس الوقت يحاولون الحفاظ على علاقاتهم مع روسيا بسبب قلة الاهتمام الأمريكي بمخاوف كل دولة واعتقاد الدول العربية بأن أمريكا هي في ظل تراجع وإنكماش أو ربما نقل تركيزها واهتمامها إلى مجابهة الخطر الصيني والروسي رغم تزايد الحضور الروسي والصيني في المنطقة والدول العربية.
أما إسرائيل فقد اكدت عدة مرات دعمها لسيادة الأراضي الأوكرانية دون الإشارة إلى روسيا صراحةً وبمعنى أنها تستشعر بالقلق والتوتر وهي تريد أن تحافظ على علاقاتها مع روسيا وامريكا وهناك تشابكات إقليمية لإسرائيل مع عدد في دول المنطقة.
ويظهر أمن الطاقة دولياً وإقليماً في هذه الحرب من بين الأدوات التي يحاول بعض الدول توظيفها للحصول على ضمانات أو كسب نقاط في ظل الفوضى والتوتر الحالي وقرب ظهور ازمات طاقة حقيقة في العالم فيحاول ولي العهد السعودي نيل اعتراف بايدن أو ضمان موقف أمريكي متشدد من الحوثين ومراعاة مخاوفهم من إيران في أي اتفاق نووي كما هي باقي دول الخليج.
ومن الهام مراقبة وملاحظة الإدارة الأمريكية والغربية للأزمة الأوكرانية في إطار الصراع الدولي بين الغرب وبين روسيا والصين حيث تحاول الصين الاستفادة بمجالات مختلفة إن امكن والسعي إلى عدم الدخول المباشر في هذه الحرب والحفاظ على مساحة من العمل والتحرك بين الطرفين وتقليل التداعيات عليها. مع عملها لأخذ المجالات والفرص الجديدة وخاصة الاقتصادية وحتى السعي إلى تعزيز قواتها العسكرية وبكافة صنوفها وخاصة قواتها البحرية. ولو نظرنا إلى خارطة التحالفات التي يمكن أن تظهر في أسيا فلا نجد فرصة كبيرة تغيرات وتحالفات جديدة في ظل الترقب الحالي لكن مع اي مستجد كبير في هذه الحرب ربما يكون هناك عهد جديد في التحالفات الأسيوية.

هل تكون حرب أوكرانيا بداية تأسيس نظام عالمي جديد ؟
وهنا يحق لنا أن نسأل كيف ستكون مستقبل الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية وحتى الإقليمية في ظل هذه الحرب التي أظهرت هشاشة وضعف هذه المؤسسات والمرجعيات الدولية مهما حاول الطرفين الكلام عن اهميتهم ودورهم، لكن الملاحظ أنه مع التصرف الروسي في غزو اوكرانية وكذلك مع الممارسات والعقوبات الغربية والإعلام التحريضي الكاذب من الطرفين لم يبقى شيئ اسمه القانون الدولي والعلاقات الدولية بمنطق الدول القومية بل أن القانون والحقوق والإعلام حتى اصبح كما كان يفصل على مدى قدرة وقوة كل منهم بعيداً عن دور المرجعيات الدولية والقانونية والإنسانية وهذه هي حقيقة هذا النظام العالمي الرأسمالي الذي يضمن وجوده واستمراريته في الحروب والصراعات والفيروثات وإبادة الطبيعة والبيئة والإنسان والشعوب.

ولو قلنا هل يكون هناك نظام عالمي جديد أم هل هناك مراحل واشكال وأدوات جديدة، طبعا كل شيء ممكن ويتوقف على نوعية وكمية التفاعلات وتطور الأمور والحرب ، والظاهر إن هذه الحرب لن تنتهي بسهولة فكلا الطرفين بدء بإدخال مجموعات أممية أو مجموعات المرتزقة بالوصف الصحيح والدقيق بسبب ان هذه الحرب هي حرب مصالح ونفوذ وهيمنة ونهب والطرفين يسعيان لذلك، وربما تكون أوكرانيا هي أفغانستان أو سوريا ثانية.

أزمة تركيا ومستقبلها بعد الحرب

بدون شك في ظل استمرار هذه الأزمة ستكون تركيا دولة وشعباً أحد الأدوات في هذه الحرب وامامها خيارين اما أن تقف مع روسيا فتصبح عراق وسوريا ثانية او تقف مع الغرب وهنا عليها ايضاً التصالح مع الكرد حيث انها لن تستطيع الحصول على شي بالحرب وإن احتلت بعض المدن والمناطق، وبذلك لن تستطيع تركيا الخلاص من هذه الحروب والوضع إلا بالتوافق مع الكرد إن سمحت القوى التأمرية والإنقلابية فيها وحزب العدالة والتنمية ياتي على رأس هذه القوى الإنقلابية والتآمرية وخاصة بعد تحالفهم مع حزب القومي التركي.

ومن المحتمل ان تحاول تركيا و أردوغان مهاجمة الكرد في هذه السنة قبل الانتخابات في تركيا وبشكل عنيف أيضاً مستغلة الظروف وحتى فرض التواطؤ المستمر معها على بعض القوى الدولية إن هي قامت بمساعدتهم في أوكرانيا لتكون قادرة على الذهاب إلى الانتخابات إن جرت حيث أن وضع زيلينسكي وهو القادم بانتخابات يقول الكثير عن الانتخابات وأن القوة هي التي ترسم مجالات السلطة والحكم في الدول القومية وما الانتخابات سوى شكليات لإعطاء شرعية لأداة ما في النظام العالمي وإن لم يستطيع الفوز فشرعية رؤساء الدول القومية هي قبولها وتبعيتها للنظام العالمي وليس صناديق الانتخابات التي يتم تكيفها مع الناجح المراد والأداة الجيدة.

الأزمة السورية والحرب الروسية الأوكرانية

كما أن الساحة السورية مرجحة أن تكون ورقة ضغط يتم استعمالها من قبل دول المتصارعة في اوكرانيا حيث ان تركيا ارسلت المرتزقة وكذلك الطرف الروسي وموقف سلطة دمشق وموقف المعارضة التابعة لتركيا تبين التأثير المتزايد لأزمة أوكرانيا على الساحة السورية كما أن العلاقة الروسية التركية وكذلك علاقة أمريكا وروسيا من الممكن أن تحصل فيها تشنجات تنعكس حروب بالوكالة أو حروب مباشرة تطول من عمر ومعاناة الشعب السوري وبكافة تكويناته في ظل تراجع الحظوظ الدبلوماسية مع الحرب في أوكرانيا.
نظراً لأن العديد من دول الشرق الأوسط تتطلع إلى موازنة علاقاتها مع الولايات المتحدة وروسيا، فقد تكون عالقة في الوسط مع تكشّف فصول النزاع في أوكرانيا.

فضلاً عن ذلك، أثّر الغزو بالفعل على العديد من القطاعات الحيوية لاقتصادياتها، من النفط والغاز إلى الواردات الزراعية والسياحة. وقد تؤدي أي تداعيات إضافية إلى زيادة عدم الاستقرار في المنطقة وفي أماكن أخرى. ووسط القلق الكبير من تقليص واشنطن تركيزها على الشرق الأوسط، قد يرسم الردّ الأمريكي على الأزمة في أوكرانيا معالم التصوّرات إزاء النوايا الأمريكية في المنطقة.
وأمام هذه المشهد من التداخلات والحروب وحالات الخداع والكذب والعقوبات والنووي والأحادية المطلقة وقتل المدنين والأبرياء وحالات الاغتصاب والجوع واللاجئين وحالة العنف المستمرة واللااستقرار وكذلك حالة الانسداد في الحل يظهر أنه مادام هذه النظام العالمي الرأسمالي يحكم البشرية سيعاني من الحروب والإبادات الجماعية والجوع والقتل ولابد لشعوب ودول العالم التخلص من هذا النظام وحالة التبعية له وليس مجبوراً لشعوب ودول المنطقة الوقوف مع أحد جانبي الصراع كون للطرفين نفس الأيدولوجية والأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية نفسها وحالة القيادة الأوكرانية يبين من لايعتمد على شعبه والثقة بها ومن يعول على الخارج سيسبب بالأذى لنفسه وشعبه ومحيطه كحال أردوغان الذي مصيره لن يكون ببعيد عن مصير زيلينسكي أو أي تابع للقوى الخارجية.
ومهما كانت نتائج الحرب ومستقبلها ووضع المنطقة فأنه بالتأكيد أن مرحلة جديدة من الحرب واستخدام آليات جديدة وأدواة جديدة دخلت التنفيذ مع هذه الحرب والتي لن تنتهي عسكرياً أو اقتصادياً وسياسياً في فترة قصيرة ومعينة بل أنها بمثابة فتح جرح في الوسط الأوربي وبالقرب من تركيا سوف يستمر بالنزف واستعمال كبؤرة توتر ربما لسنوات وأجيال قادمة إن لم تكن بداية لتشكيل نظام عالمي جديد أو قيام حرب نووية كبيرة.
وعليه يبقى الحل أمام شعوب ودول المنطقة ومجتمعاتها هو بناء وتطوير الآليات المشتركة وكذلك تعزيز العلاقات والمضيء في الخط الثالث و هو السياسية الديمقراطية والتمسك بالدفاع الذاتي والاقتصاد الذاتي المجتمعي في ظل منظومة شاملة ككونفدرالية الشعوب والمجتمعات أو كونفدرالية الشرق الأوسط الديمقراطي واتحاد الأمم الديمقراطية كبديل ديمقراطي ومجتمعي أو بشكل أعم يبقى الحل الحداثة الديمقراطية وتفعيل الآليات والتحالفات والعلاقات الاستراتيجية بين مجتمعات وشعوب ودول المنطقة كطرق صحيحة وثابتة لمواجهة كافة التداعيات والتحديات المشتركة التي تواجهها شعوبنا في الحاضر والمستقبل.

ذات صلة

https://alshamsnews.com/2022/03/%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d9%83%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%83%d8%b1%d8%a7%d8%af-%d9%83%d9%8a%d9%81-%d8%a3%d8%b5%d8%a8%d8%ad%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b9%d9%88.html

https://alshamsnews.com/2022/03/%d9%82%d8%a7%d8%aa%d9%84-%d9%81%d9%89-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d8%b8%d9%87%d8%b1-%d9%85%d8%b9-%d8%a8%d9%88%d8%aa%d9%8a%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%af-%d8%a5%d8%b3%d9%82%d8%a7.html

الحرب فى أوكرانيا والحساب فى سوريا

صدفة غريبة أن يكون المتورطين فى الحرب على أوكرانيا والداعمين لها والرافضين لها كلهم بلا استثناء لها متواجدين فى سوريا.
الداعمين للحرب بداية من روسيا التى تقودها، والنظام السوري الداعم لها وبيلاروسيا التي أرسلت قوات لسوريا منذ أيام.
أما المعارضين للحرب، فتأت تركيا التى تحتل جزء كبير من مساحة سوريا، والتى قد تعارض روسيا فى أى مكان فى العالم إلا سوريا، موسكو وأنقرة يختلفون فى كل شىء ويتحدون على السوريين ويقتسمون معا غنائم وثروات ومناطق سوريا.
أما أمريكا فموقفها أصعب بعد أن تخلت عن حليفها زلينسكي وفقدت الكثير من سمعتها الدولية، وظهرت كحليف لا يمكن الوثوق به فى موقف يتشابه مع انسحاب ترامب من شمال سوريا خلال 2019.
اكتفت أمريكا بتصريحات وعقوبات على النظام الروسي وزعيمه بوتين ورجاله المقربين مستبعدة هى وحلفاءها فى الناتو أى تدخل عسكري داعم لأوكرانيا باعتبار أن الأخيرة ليست عضوا فى الناتو.
العقوبات الأمريكية الأوروبية على روسيا، سيرتد أثارها على الوضع فى سوريا فى ظل وجود كل القوى المتصارعة والداعمة والرافضة للحرب.

قوات سوريا الديمقراطية قد تدفع جزءا من فاتورة الحرب التى لم تشارك فيها أو تدعمها أو حتى ترفضها، قسد التى ترتبط بعلاقات وثيقة مع واشنطن قد تكون فى مرمي الدب الروسي وقواته داخل سوريا باعتبارها ممثلة أمريكا فى سوريا وفق النظرة الروسية لها.
الرد الروسي على أمريكا قد يدفع موسكو التى تسيطر على مقاليد الأمور فى سوريا للتضييق على قسد ومنح تركيا الضوء الأخضر لشن هجمات على مناطقها وهو أمر لم يتوقف من الأساس ولكن الفترة القادمة قد تشهد زيادة فى الهجمات التركية على مناطق الإدارة الذاتية.

https://alshamsnews.com/2022/01/%d9%85%d9%86-%d8%ac%d8%b1%d8%a7%d8%a8%d9%84%d8%b3-%d9%84%d9%80-%d8%ba%d9%88%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d8%b1%d9%85%d8%b2%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%af%d9%84%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%88.html

تركيا المحسوبة على معسكر الرافضين للحرب فى أوكرانيا والمناوئة لمواقف روسيا فى أوكرانيا تعتبر أكبر المستفيدين من الخلاف الأمريكي الروسي بأوكرانيا وانعكاساته على سوريا.
تركيا التى اعتادت الرقص على السلالم بين واشنطن وموسكو، ونجحت على مدار سنوات فى الإستفادة من خلافات الطرفين قد تستغل الوضع المشتعل فى أوكرانيا وتشن غارات مكثفة على مناطق قسد تنفذ منها خلالها عمليات اغتيال لقيادات مطلوبة بالنسبة لها أو على الأقل تنشر ثقافة اللا أمان بين سكان شمال وشرق سوريا.
على إدارة بايدن إن كانت جادة فى استعادة بعض من سمعتها الدولية التى أهدرها بوتين على أعتاب أوكرانيا أن تكثف من دعمها العسكري لقوات سوريا الديمقراطية، ودعمها السياسي لـ الإدارة الذاتية من أجل الصمود فى وجه الضغوط الروسية المتوقعة، ودعم التنمية والمشروعات الخدمية فى مناطق شمال شرق سوريا بشكل عام واستثناء المنطقة من عقوبات قانون قيصر والعمل على فتح معبر اليعربية بشكل رسمي ودائم لاستقبال المساعادات الدولية.
كما يجب على واشنطن إلزام تركيا بوقف هجماتها وانتهاكاتها لمناطق الإدارة الذاتية، وإجبار نظام أردوغان على تحديد موقفه وتهديده بالعقوبات حال استمرار التعاون مع موسكو.
وعلى قوات سوريا الديمقراطية وعموم شعوب شمال شرق سوريا أن تستعد لمرحلة قد تشهد مزيد من الضغوط الروسية والتهديدات التركية، مرحلة قد تجد نفسها فيها بلا حليف أمريكي أو غطاء غربي وهو أمر ليس بجديد عليها.
استعدوا وكأنه لا حليف أمريكي ولا دعم من تحالف دولي فإذا وجد الحليف وتواجد الدعم فاهلا به وإذا لم يتواجد فأنتم أهلا لكل معركة.
وأختم رسالتي لشعوب شمال وشرق سوريا بقول الله تعالي ” كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسوا أن تكرهوا شي وهو خيرا لكم”

ذات صلة

https://alshamsnews.com/2022/02/%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d8%aa%d8%a8-%d8%b4%d9%87%d8%b1%d9%8a-2000-%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a7%d8%b1-%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7-%d8%aa%d8%a8%d8%af%d8%a3-%d8%aa%d8%ac%d9%87%d9%8a%d8%b2-%d9%85%d8%b1%d8%aa.html

بعد أحداث الحسكة.. متى يدرك العالم أن الإدارة الذاتية ليست شرطة حراسة لـ داعش؟

تحليل يكتبه/ بانكين سيدو  عضو رئاسة اتحاد الاعلام الحر في شمال وشرق سوريا

يوماً بعد يوم تضح السياسات والمخططات التي حيكت ومازالت تحاك حول سوريا وعلى وجه الخصوص ضد شمال وشرق سوريا أي مناطق الإدارة الذاتية.
لا يخفى على من يتابع الوضع منذ العام 2011 وحتى يومنا هذا مدى بشاعة المشهد الذي وصلت له الأوضاع منذ أن تدخلت تركيا في سوريا عبر إخوانها وجيشها الحر إلى أن بدأت روسيا لحماية النظام وحتى تأسيس التحالف الدولي لمحاربة داعش بعد أن مرغت وحدات حماية الشعب والمرأة أنفها في مدينة كوباني.
تدمير سوريا وتدمير أي مشروع للحل وخلق الفوضى واللا حل هي من أبرز نوايا هذه القوى وكل على طريقته، فتركيا العثمانية استطاعت من خلال اللعب على الحبلين بين روسيا وأمريكا أن تحتل قسماً كبيراً من الأراضي السورية وذلك عن طريق المعارضة التي ارتهنت بها وقايضت بها مع النظام مناطق من جنوب البلاد إلى شمالها.
أما روسيا والتي تتذرع بأن النظام هو الذي فتح الطريق للتدخل في الشأن السوري وتشرع وجودها به، بات واضحاً أن لا حل في جعبتها سوى الرجوع بسوريا إلى ما قبل 2011 مقابل استثمارها للموانئ والمطارات لتسابق بذلك مع ايران التي ابتاعت نصف عقارات دمشق وشيعت الآلاف في البادية في محاولة منها بسط نفوذها هي الأخرى في سوريا.
أما أمريكا والتي تعد من إحدى الدول الكبرى التي أسست التحالف الدولي لمحاربة داعش ما تزال حجتها في الدخول إلى الأزمة السورية محاربة التنظيم الإرهابي داعش عن طريق تحالفها مع قوات سوريا الديمقراطية، لكن ما يحصل على الأرض يخلق في أذهاننا ملايين الأسئلة حول هذا التحالف الذي لا يستطيع حماية حلفاؤه فبالتزامن مع الهجوم الذي طال سجن الصناعة في حي غويران بالحسكة كانت طائرات حليفة أمريكا تقصف مواقع في شمال وشرق سوريا ناهيك عن استمرارها بقصف واستهداف السيارات والمدنيين من خلال مسيراتها.
يجدر بالذكر أن صيغة التحالف بين قسد والتحالف الدولي مثل بمحاربة التنظيم فكرياً والقضاء التام على خلاياه المستشرية وذلك عن طريق تقديم الدعم اللازم من بناء للسجون وتقصي الخلايا ووضع حل لمخيم الهول الذي يحتوي على أكثر من 60 ألف من عوائل داعش من المحليين والأجنبيين.
بعد أيام من الهدوء في الحسكة نفذت القوات الأمريكية انزالاً جوياً في بلدة أطمة الحدودية مع تركيا في إدلب قتلت فيها خليفة البغدادي القرشي، هذه العملية التي شكرت فيها الولايات المتحدة جهود قسد كما سابقتها عندما تم قتل البغدادي، لعل أن المكان الذي قتل فيه البغدادي والقرشي والتي تحتلها تركيا توضح بشكل جلل دعم تركيا لهذا التنظيم والتي كانت من أبرز داعمي ومروجي الهجوم على سجن الصناعة الذي يضم أخطر الإرهابيين في العالم.

داعش بين قسد والمجتمع الدولي
إن ما يمكن استنتاجه من هجوم للتنظيم على السجن هو أن لولا خيرة أبناء سوريا من الذين فقدوا حياتهم في عشرات الحملات العسكرية ضد التنظيم لكان دولة خلافتهم باقية، إلا أن ما يسمى المجتمع الدولي وبالأخص التحالف الذي أسس من أجل محاربته مازالت لا ترى خطراً من هؤلاء بالرغم من مئات الدعوات التي أطلقتها الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية بضرورة تشكيل محكمة دولية لمحاكمة الإرهابيين وداعميهم.
إن قضية داعش لا يمكن انهاؤه بمجرد قتل رأس الأفعى ففي كل مرة يقتل فيها أحد ما يعلن التنظيم عن آخر يخلفه، فالقضية يجب أن يتحملها كل الدول في التحالف الدولي وذلك عن طريق ترحيل كل من ينتمي إلى دولة معينة من الدواعش بالإضافة العمل على تجفي منابع التمويل سواء أشخاص أو دول وعلى وجه الخصوص تركيا التي يسرح ويمرح فيها عناصر التنظيم في مناطق سيطرتها في سوريا، كما أن على المجتمع الدولي التيقن بأن تركيا هي من تدعم التنظيم والدفع نحو انهاءه في المناطق السورية المحتلة.
بالمحصلة كما قال ترامب يوماً ما أنهم ليسوا عناصر شرطة في الشرق الأوسط وعلى ما أعتقد أن لا قوات سوريا الديمقراطية ولا أهالي مناطق الإدارة الذاتية أيضاً مضطرين أن يظلوا شرطة حراسة لعناصر هذا التنظيم ليدفعوا ثمنها خيرة شبانها وشاباتها فإذا لم يتحمل العالم مسؤولياته تجاه هذه القضية فليتحملوا نتائجها وتداعياتها المستقبلية اذا ما أرادو التهرب منها.

ذات صلة

https://alshamsnews.com/2022/01/%d9%85%d8%aa%d8%ad%d8%af%d8%ab-%d8%b9%d8%b3%d9%83%d8%b1%d9%8a-%d8%a8%d9%80-%d9%82%d8%b3%d8%af-%d9%8a%d9%83%d8%b4%d9%81-%d9%84%d9%80-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%85%d8%b3-%d9%86%d9%8a%d9%88%d8%b2-%d8%a3%d8%ae.html?customize_changeset_uuid=29f58bfd-9f77-4ec3-8b5a-fd3c6f0dce60

https://alshamsnews.com/2022/01/%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%ac%d9%88%d9%85-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%b3%d8%ac%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%86%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%89-%d9%85%d8%ba%d8%b2%d9%89-%d8%a7%d9%84.html

هجوم داعش على سجن الصناعة بشمال سوريا..قراءة فى مغزى التوقيت والهدف

هوكر نجار- صحفي كردي
هاجم تنظم داعش الإرهابي يوم الخميس الـ20 من كانون الثاني “سجن الصناعة” في مدينة الحسكة والذي يعتبر حالياً من إحدى أخطر السجون في العالم، نظراً لخصوصية المحتجزين داخله، ولكن لماذا سجن الصناعة ولماذا هذا التوقيت؟!.
يقع السجن في الجهة الجنوبية لمدينة الحسكة وكان يضم حوالي 5 آلاف من عناصر تنظيم داعش الإرهابي، وهم أخطر الشخصيات في العالم حالياً، شيد بعد دحر التنظيم في الباغوز بريف دير الزور على يد قوات سوريا الديمقراطية، ويعودون إلى أكثر من 50 دولة وترفض هذه الدول إعادتهم ومحاكمتهم في بلدانهم دون أن يقدموا أي دعم للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية التي تحمي هذا السجن والعديد من السجون الأخرى التي يحتجز فيها عناصر التنظيم.
وفي وقت سابق، ناشدت قيادات في شمال وشرق سوريا الدول بإنشاء محكمة دولية وتشكيل لجان مشتركة لتوثيق جرائم عناصر داعش المحتجزين و مقاضاتهم وإغلاق ملفهم، الذي يشكل تهديداً صريحاً على العالم.

هل كان الهجوم صدفة أم عمل مدبر ؟
أن مهاجمة السجن لم يكن محض صدفة أو عمل خطط له في ليلة وضحاها، ما ظهر خلال الهجمات والتخطيط الذي هاجم فيه عناصر التنظيم السجن والوقت والتاريخ يشير إلى وجود تخطيط مسبق ومنذ أشهر وبمشاركة فعالة لبعض دول الجوار، وخاصة تركيا التي كانت المعبر الرئيسي لدخول عناصر التنظيم إلى الأراضي السورية والآلاف من الإرهابيين الأخرين خلال الأزمة السورية التي لا تزال مستمرة، فالأسلحة التي تمت السيطرة عليها هي من صناعة تركية، توثق تورطها بشكل مباشر.

هل تورط النظام السوري فى الهجوم
ومن جانب آخر وخلال الهجمات وحسب الظروف وما دارت من أحداث يظهر أن للنظام السوري أيضاً دور في ذلك، فقبل بدء هجوم عناصر التنظيم على السجن وبأكثر من ثلاثة ساعات أقدمت قوات النظام السوري على إغلاق كافة المداخل والمخارج في المربع الأمني الذي يتحصن فيه داخل مدينة الحسكة ومنع الدخول والخروج منه.
ولإبعاد الشبهات عن نفسها أصدرت خارجية النظام السوري بياناً، اتهمت فيه كلاً من قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي بارتكاب جرائم حرب خلال الاشتباكات المستمرة مع عناصر تنظيم داعش في الحسكة، متناسية ما ارتكبته من جرائم وانتهاكات وتدمير في معظم المدن السورية منذ بداية الأزمة وإلى الآن، كما إنها تجاهلت خطورة تنظيم داعش الذي يقتل يومياً العشرات من جنوده في البادية السورية رغم كافة الضربات الروسية.
وهناك دليلٌ آخر يؤكد ضلوع النظام السوري في هذه الهجمة التي استهدفت الحسكة، حسب ما صرح به مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي، وذلك عبر إفراغ مقراته بالقرب من مدينة الرقة بعد أن حوصر التنظيم في سجن الصناعة.
وما أكد مشاركتة أيضاً أحد العاملين في مؤسساته الإعلامية الذي نشر على منصات التواصل الاجتماعي، أن إفشال مخطط الهجوم على السجن لن ينهي الفلتان الأمني بل ستكون الفوضى سيد الموقف، ولم تمر ساعات على هذا المنشور حتى هاجمت خلايا داعش من المربع الأمني حاجزاً لقوى الأمن الداخلي الموجود في مدخل حي غويران الفاصل بين مناطق الإدارة الذاتية والنظام السوري.

الدور التركي فى الهجوم
وحول هذا الهجوم الذي كان مصدره المربع الأمني، قال المركز الإعلامي لقسد أن قواتهم تعاملت مع الخلية وقُتل عنصرين من داعش دخلا من مناطق النظام.
أن توقيت الهجمة يُشير وبشكل جلي ضلوع تركيا فيه وبأنها المخطط الرئيسي لها، فقد ترافقت هذه الهجمة على سجن الصناعة مع ذكرى بدء الهجوم التركي على مقاطعة عفرين والتي تسيطر عليها تركيا حالياً مع الكثير من الفصائل الموالية لها منذ أربعة أعوام، وغيرت معالمها وأثارها ونهبت تاريخها وثقافتها ولغتها، وفرضت اللغة والثقافة والعملة التركية، وهجرت سكانها الأصليين وأسكنت فيها مهجرين من مختلف المدن السورية وحتى من خارج من سوريا، وكل ذلك بدعم من الإخوان المسلمين.

الهدف من الهجوم
وحسب ما تلمسناه من بيانات قوات سوريا الديمقراطية فأن الهدف منها كان تهريب المحتجزين إلى المناطق التي تسيطر عليها تركيا حالياً مثل سري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض، حيث ظهرت عدة تقارير أشارت أن العشرات من قادة داعش متواجدين حالياً هناك ويتلقون دعماً من تركيا عبر فتح مراكز تدريب والدعم اللوجستي والمادي، كما أن طيران التحالف الدولي قتلت عدد من التابعين لداعش في سري كاينه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض من خلال استهدافهم بطائرات مسيرة، كما أن تقارير أشارت إلى وجود أكثر من 50 عنصراً من قادة داعش هناك.
ونظراً لانتشار عناصر داعش والحملات التي رافقت الهجوم من قبل قوات سوريا الديمقراطية والقبض على خلايا للتنظيم في ريف الحسكة، وخاصة في بلدة “التوينة” المتواجدة على الطريق الواصل بين الحسكة وتل تمر، و “خربة إلياس” بالقرب من بلدة “صفيا”، كان هناك مخطط للتنظيم بقطع الطرق التي تصل الحسكة بالخارج، كما أن لـ “توينة” دلالات أخرى حيث كان التنظيم يحاول فتح طريق من الحسكة إلى ناحية تل تمر، وبذلك إيصال عناصرها الذين سيتم تهريبهم من السجن إلى المناطق التي تسيطر عليها تركيا والفصائل الموالية لها، وهذا يشير أيضاً إلى الضلوع التركي في هذه الهجمات والتخطيط لها.
وفي نفس التوقيت هاجم خلايا تنظيم داعش إحدى مقرات للجيش العراقي في محافظة ديالى الواقعة كم 120 شمال شرق بغداد لقي خلاله 11 جندياً عراقياً مصرعهم وتعبر هذه من أعنف الهجمات التي استهدفت الجيش العراقي في الأشهر الأخيرة.
وبحسب بيان القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية فأن عناصر داعش الذين هاجموا سجن الصناعة بحي غويران في مدينة الحسكة، دخلوا المنطقة من المناطق التي تسيطير عليها تركيا داخل الأراضي السورية ومنها سري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض والأراضي العراقية.

لماذا سجن الصناعة؟
لماذا اختار تنظيم داعش “سجن الصناعة” خلافاً لباقي السجون المنتشرة في مناطق شمال وشرق سوريا، والذي يُتحتجز فيها الآلاف من عناصر التنظيم، يعود هذا إلى وجود قادة من الجنسيات التركية وقد يكونوا تابعين بشكل مباشر للاستخبارات التركية وتحاول تهريبهم لتتملص من الضغط الدولي عليها في دعم داعش وبأنها كانت موطناً خصباً لفكر داعش الإرهابي، إضافة إلى وجود أهم قادة داعش فيها الذين يعتبرون العقل المدبر للتنظيم.
والشيء الآخر كون سجن الصناعة يعتبر من أكبر السجون الذي يحتجز فيها داعش ويقع في منطقة قريبة منه سجن آخر لعناصر داعش، فكان التنظيم يسعى لشن هجوم عليه أيضاً وظهر ذلك عبر نشر خلايا له في المنطقة القريبة منه وفي الحي المقابل للسجن أي حي الزهور أو كما يعرف محلياً بـ “حوش الباعر”.
كما أن داعش حاول الانتقام للخلية الأولى التي ألقت قوات سوريا الديمقراطية القبض عليها وعلى رأسها المدبر وأفشلت خطتها في استهداف السجن آنذاك، وتمكنت أيضاً من معرفة مكان السيارات المفخخة وتخليص شعب الحسكة من مجزرة مروعة حاول التنظيم ارتكابها.
والهدف التركي الآخر من هذه الهجمات هو الإيعاز لخلايا تنظيم داعش بأن التنظيم متواجد في مناطقها وتتلقى تدريبات وتحاول إعادة بنائه من جديد، بالإضافة إلى تغير وجهة العالم عن الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها ولا تزال ترتكبها في كافة المناطق التي تسيطر عليها مع الفصائل الموالية وخاصة مقاطعة عفرين، كما تحاول تركيا بث دفعة معنوية جديدة لعناصر تنظيم داعش لدخول أراضيها لاستخدامهم ضد مناطق شمال وشرق سوريا من جديد.
ولكن يبدو أن قوات سوريا الديمقراطية قد أفشلت المخطط منذ يومه الأول وفرضت أطواقاً أمنية واسعة النطاق على مدينة الحسكة والريف القريب منه لضمان عدم هروب أي عنصر من خلايا تنظيم داعش المهاجمة والسجناء.
وبعد مقاومة بطولية استمرت لمدة 7 أيام فرضت قوات قسد وبالتعاون مع قوى الأمن الداخلي الاستسلام على عناصر التنظيم المهاجمين، إضافة إلى السجناء الذين انضموا إليهم من داخل السجن، بعد أن تمكنت من مقتل المئات منهم، وتحرير 23 أسيراً من قبضة التنظيم، والذي حاول عبر إصدارته إحداث شرخ بين المكونات عبر نشر لقاءات مع أسرى من المكون العربي.
والضربة القاضية التي وجهتها قوات قسد لداعمي الهجوم هو إعادة السيطرة على السجن بشكلٍ كامل بعد إجبار أكثر من 3000 عنصر من عناصر التنظيم على الخنوع والاستسلام، وتزامن ذلك مع ذكرى تحرير كوباني من داعش أي في الـ26 من شهر كانون الثاني وفي الساعة نفسها أي الثالثة إلا عشر دقائق.

ذات صلة

https://alshamsnews.com/2022/01/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%ab%d9%88%d8%b1-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%ac%d8%ab%d8%ab-18-%d9%85%d9%86-%d9%85%d9%82%d8%a7%d8%aa%d9%84%d9%8a-%d9%82%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d8%a7%d9%84.html

https://alshamsnews.com/2022/01/%d9%85%d8%aa%d8%ad%d8%af%d8%ab-%d8%b9%d8%b3%d9%83%d8%b1%d9%8a-%d8%a8%d9%80-%d9%82%d8%b3%d8%af-%d9%8a%d9%83%d8%b4%d9%81-%d9%84%d9%80-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%85%d8%b3-%d9%86%d9%8a%d9%88%d8%b2-%d8%a3%d8%ae.html

اخوان تونس : الرؤوس المتعفنة التي حان وقت اقتلاعها !!

بقلم /نزار الجليدي كاتب و محلل سياسي تونسي

نزار الجليدي

لا يختلف اثنان في تونس حتى من أنصار حركة النهضة الممثل للإخوان المسلمين في تونس أن هذا التنظيم الدخيل على البلاد قد فتك بها على كل المستويات الاقتصادية و السياسية والاجتماعية اضافة الى الجرم الأكبر وهو صناعة الارهابيين باسم الدين و التسفير للجهاد وهي قضايا طمست و عوّمت في العشرية الاخيرة .
و يعوّل التونسيون اليوم على الرئيس سعيد لتحريك هذه القضايا بعد خطته لتطهير القضاء و الذي سيفتح ملفات ضخمة أخرى على علاقة بتورط قيادات نهضاوية في الفساد المالي .
لكن الاخطبوط الاخواني الماسك بكلّ مفاصل الدولة يصعّب على السلطة الحاكمة ما بعد 25جويلية 2021 مهمة المحاسبة، وقد يحتاج الأمر لوقت كبير و اجراءات استثنائية.

الصيد الثمين
شكّل ايقاف نور الدين البحيري الرجل الثاني في حركة النهضة التونسية يوم 31ديسمبر 2021 ونائب رئيسها حدثا كبيرا طرب له التونسيون و اعتبره جزء كبير منهم خير هديّة قدّمها لهم الرئيس سعيد في نهاية السنة .وبإطلالة سريعة على تاريخ الرجل نتأكد أنه صيد ثمين حقا وهو الصندوق الأسود للحركة .
القضاء في تونس منذ 2012 تاريخ تولي البحيري لوزارة العدل أصبح التونسيون يسمّونه بقضاء البحيري حيث ارتكب الرجل مجزرة في حق هذا السلك منذ أن وطأت قدماه الوزارة بعزله لأكثر من 80قاضيا ما جعل البقية يدخلون بيت الطاعة الاخوانية امّا خوفا أو تقرّبا وامّا حفاظا على مصالح و امتيازات كانوا يجنونها في ظل نظام بن علي . وقد مرّ القضاء بأسوأ فترة في تاريخه بعد أن أصبح قضاء الاحزاب و أساس حركة النهضة حيث طمست أغلب الأدلة في حادثتي اغتيال السياسيين شكري بلعيد و محمد البراهمي ومن بعدهما السياسي لطفي نقّض الذي تم سحله و قتله من طرف ميليشيات نهضاوية سمّت نفسها زورا و بهتانا “روابط حماية الثورة”.
كما أصبحت القضايا و الاحكام وتباع و تشترى ليهندس الاخوان قضائين واحد للمقربين منها لمن يدفع أكثر و أخر للبسطاء و عامة المواطنين و تم استعماله بكثير من التعسّف وهو ما أنتج مشهدا سياسيا و اجتماعيا متعفّنا لم يعرف له مثيل في التاريخ اذ كان يحدث كل هذا باسم الدين و التدين اللواء الذي رفعه الاخوان و ضحكوا به على كثير من التونسيين .
لكن ذلك لم يستمر كثيرا حيث بدأت الحركة تخسر مناصريها و المتعاطفين معها منذ انتخابات 2014 التي فقدت فيها حوالي مليون صوت انتخابي لتأتي انتخابات 2019 حينما لفظ فيها الشعب هذه الحركة التي لم تستطع اقناع الناخبين بوطنيتها و كان ولاؤها للجماعة أكبر من ولائها للوطن.وهذا ما جعلها تدفع الثمن غاليا يوم 25جويلية حينما خرج الثائرون عنها صباحا فقاموا بإحراق مقراتها في مشهد ذكّر التونسيين بالثورة على حزب التجمع الحاكم خلال الثورة.ولو لم يعلن الرئيس مساء عن حل البرلمان و الحكومة لتم نصب المشانق الشعبية لقادة التنظيم الاخواني الذي خرّب البلاد و قسّم التونسيين وفقّرهم مقابل استثراء سريع لعدد منهم وتمكين العدد الاخر منهم من مناصب و امتيازات و صفقات.

تساقط قطع الشطرنج
ايقاف القيادي الاخواني البحيري ماهو سوى بداية حملة كبرى على قادة و أعضاء الاخوان في تونس ستبدأ بعد استيفاء التحقيق معه. اذ من المؤكّد أنه سيصدم المحققين بحجم الجرائم الاخوانية المرتكبة في حق تونس. و سقوط البحيري سيعقبه سقوط لعدد كبير من مساعديه. اذ أن الرجل وفق مقربين من الحركة ترتبط به شبكة كاملة من القضاة و الامنيين و رجال أعمال و فاسدين كما أن لديه صلة مباشرة بالجهاز السري للنهضة وعدد كبير من المتطرفين في الداخل و الخارج .
هي رؤوس متعفّنة لقيادات الاخوان حان وقت اقتلاعها والتونسيون مقتنعون أن حال البلد لن يصلح سوى بطيّ هذه الصفحة بالمحاسبة و بالقانون بعيد عن منطق التشفي و السحل الذي مارسوه.

ذات صلة 

بعد رحيله بـ عامين ونصف..تونس تبدأ التحقيق فى وفاة رئيسها السابق قايد السبسي

بتهمة التآمر على الدولة..الحكم بسجن أول رئيس تونسي بعد الربيع العربي

14 مليون إنسان بين مشرد ومعتقل وشهيد.. القضية السورية رؤية ومستقبل

بقلم/عادل الحلواني ممثل الائتلاف الوطني في القاهرة

القضية السورية ليس لها شبيه من القضايا العربية المعاصرة فهي نتيجة مؤامرات خارجية نفذت بدهاء بأدوات داخلية يقودها هذا النظام المجرم بحسابات خاطئة وعنجهية متسلحة بأدوات القهر والتعذيب والقتل مروراً بخيانة جلب المحتل الروسي والإيراني للبلد متشدقاً بالسيادة الوطنية حتى ذهب الوطن وذهبت معه السيادة الوطنية وقرارنا رهن هذه الدول وهمرجة مجلس الامن.
فكان الحال /14/ مليون سوري بين نازح ومهجر ومليون سوري بين شهيد ومفقود ومعتقل وتقام المؤتمرات والاجتماعات لأجل سورية والغائب هم السوريون عن تلك الاجتماعات والنتيجة للآن صفرية والوطن اطلال.
واتى عام /2022/ ونحن من قرار جنيف /2118/ الى قرار الأمم المتحدة /2254/ مازلنا ننتظر هيئة الحكم الانتقالي التي ضاعت في دهاليز سوتشي وأستانا ودخلت في زواريب السلال واللجان الدستورية وماكان مشكلتنا الدستور بل عدم تطبيق هذا الدستور.

سوريا بين الموقف الدولي والعربي
نفاق دولي وحقارة تصريحات غير مسؤولة متشجنجه وتشتت في الموقف العربي وإرادة دولية للحل مفقودة والشماعة دائماً (المعارضة غير موحدة) البديل! نكتة سخيفة وطريق للهروب من مسؤوليتهم.
ولا توجد على الأرض وفي جميع الدول معارضة موحدة ويطالبوننا بمعارضة موحدة رغم أننا كسوريين موحدين بقرار واحد سورية الحرة خالية من الأسد ونظامه وهذه وحدتنا من الجنوب الى الشمال الغربي والشرقي ومن الشرق الى الغرب سورية دولة مدنية ديمقراطية موحدة أساسها المواطنة.
حتى المنصات مع شبه اختلاف الرؤية فيما بينها تجمع موحد بذلك.
ولكنها شماعة ومع ذلك هذا الشعب سيحقق مطالبه فالاخرين يدركون أنه لا اعمار ولا إعادة علاقات ولا اقتصاد دون الحل السياسي وتطبيق القرار /2254/ ونحن كنا ومازلنا متمسكين بالعملية السياسية.
وعجز المجتمع الدولي اليوم للحل السياسي لايعني بقاء الامور على حالها.
لذلك القضية السورية الآن بحاجة الى عمل جراحي سياسي فما عاد الطب لها ينفع وان يكون هذا العمل السياسي على مستوى المعارضة والمجتمع الدولي والدول العربية.

المعارضة السورية 
على مستوى المعارضة الائتلاف الوطني يحضّر لمؤتمر شعبي داخل الأراضي السورية المحررة لقرار موحد ويعيد النظر في نظامه الداخلي ليستوعب أكبر شريحة من الفسيفساء السياسي والمكونات السورية وكذلك صياغة رؤية سياسية وخارطة طريق يتعاون فيها الجميع ليكون قراراً سوريا جامع شبه موحد فسورية بحاجة للجميع.
بالنسبة الى الدول العربية دائماً ما يعتبر السوريين ان حاضنتهم عربية فوحدة الموقف العربي بتنسيق من جامعة الدول العربية ودفع من دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية كفيل بفرض حل سياسي لتنفيذ القرار /2254/ وذلك بالتعاون مع الأمم المتحدة وتركيا والولايات المتحدة الامريكية والدول الأوروبية ذات العلاقة.
قد تكون الجرعة كبيرة بالتفاؤل حسب واقعنا وذلك لأني لا أشعر ان هناك مشكلة حقيقية بين السوريين بمكوناتهم عرباً وكرد ومسلمين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم ومسيحيين وطوائف رغم الصورة التي نراها فالسوريون بإرثهم الحضاري ومواطنتهم قادرين على توحيد رؤيتهم للعيش بوطن واحد موحد نجلس معاً نتحاور بعيداً عن تجاذبات الدول نتفهم مصالح الاخرين ولكن ليس على حساب كرامتنا فسورية ام الجميع وفوق الجميع.

ذات صلة

10 سنوات من الدمار ..من المستفيد من استمرارية الأزمة السورية؟

 

جفاف وأزمات مياه وفقر .. هل تتحول سوريا ما بعد الحرب لـ أرض لا تصلح للحياة ؟

10 سنوات من الدمار ..من المستفيد من استمرارية الأزمة السورية؟

تجليل تكتبه ليلي موسي /ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية بالقاهرة

بعد أكثر من عقد مرّ على الأزمة السورية، وما آلت إليها من الأوضاع المأساوية والكارثية على كافة الأصعدة، وتداعياتها التي ستمتد لعقود من الزمن، أرهقت كاهل الشعب السوري وعجز عنها المجتمع الدولي. ففي الوقت الذي تحولت فيه إلى مستنقع أغرقت العديد من القوى والجهات والدول، وعقدة كداء أمام المجتمع الدولي يصعب حلها والخروج منها، بل وأكثر من ذلك ما أفرزت من مشاكل وأزمات وقضايا شكلت تحديات وعراقيل أمام الجهود الدولية في مسعاها بحلحلة الأزمات التي تعاني منها دول المنطقة.
السؤال الذي يطرح نفسه، من المستفيد من استمرارية الأزمة وتجذيرها؟

شرارة الحراك الثوري
شكلت انطلاقة شرارة الحراك الثوري السوري الأمل للشعب السوري الذي طال انتظاره بغدٍ يضمن له حياة كريمة وجواً مفعماً بالديمقراطية والمواطنة والعدالة؛ التي طالما كان يحلم بها ويسعى إلى تحقيقها. لكن سرعان ما تحول ذلك الأمل إلى كابوس بفعل عوامل داخلية وخارجية مخلفة أزمة أفرزت أكثر من ثلاثة عشر مليوناً بين نازح ومهجر داخلي وخارجي والعدد مرشح للزيارة في ظل تردي الأوضاع المعيشية واستمرار الصراع وعدم وجود لأية حلول تلوح في الأفق على المدى المنظور، وبنية تحتية شبه مدمرة، فنسبة مما يعيشون تحت خط الفقر قرابة 90% من المجموع الإجمالي، وتراجع مستمر في قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي؛ و استمرار الإرهاب وتنشيطه في بعض الأحيان بفعل بعض القوى والدول الداعمة له؛ استمرار الانتهاكات التي تمارس من القوى الإرهابية وداعميها من الدول المحتلة لسوريا؛ وفي مقدمتهم دولة الاحتلال التركي، ومئات الألوف من الضحايا والمعتقلين والجرحى؛ وجغرافية مقسمة بحكم الأمر الواقع إلى مناطق نفوذ تدار بأنظمة حكم مختلفة، واستمرار الاحتلال التركي للعديد من المناطق السورية.
وغيرها من التداعيات التي أرهقت المجتمع الدولي الذي سعى لخطو بعض الخطوات لحلحة الأزمة في مسعى منه لتجفيف منابع الإرهاب، وإيقاف موجات الهجرة وممارسة بعض الضغوط لإيقاف تصدير المرتزقة من السوريين إلى دول الجوار وغيرها من الإجراءات.
مساعي استبشر بها الشعب السوري خيراً ولو لم تكن بحجم ومتطلبات الأزمة التي تعاني منها سوريا، ولكن على الأقل كانت بداية للتوقف على الأوضاع الإنسانية والحفاظ على مناطق خفض التصعيد واستمرارية في مكافحة الإرهاب واستئصال جذوره.

ولكن يبدو بأن هناك العديد من القوى والدول.؛ وبالرغم من تورطهم في المستنقع السوري الذي القى بظلاله على سياساتهم وعلاقاتهم الخارجية وأوضاعهم الداخلية؛ مخلفة بذلك أوضاع اقتصادية متردية وخلق شرخ وانقسامات داخل مجتمعاتهم بين مؤيد ورافض لتدخلاتهم في المستنقع السوري؛ لكنهم مصرون بالإبقاء على الأزمة لأطول مدة ممكنة لما تحمله سوريا من أهمية جيوستراتيجية بالنسبة للشرق الأوسط والعالم عموماً. فحل الأزمة يفشل ضمان استمرارية بقاءهم وتحقيق مشاريعهم وأطماعهم الاستعمارية والاقتصادية في سوريا، وهو السبيل لضمان بقاءهم في العديد من دول المنطقة التي تعاني من أزمات على صلة وثيقة بالوضع السوري.
لذا؛ نجدهم يحاربون أية حلول ومشاريع تسهم في الحفاظ على الهوية والسيادة والوحدة السورية شعباً وجغرافيةً. لذا، يعملون للإبقاء على الصراع وتغذية بؤر التوتر والإرهاب وترهيب الشعب ودفعهم إلى الهجرة وانهاكه بحيث يصل لمرحلة يقبل بكل ما يفرض عليه من وقائع جديدة تخدم سياستهم الهادفة إلى هندسة ديمغرافية جديدة لسوريا؛ بما يخدم ويضمن استمراريتهم ومصالحهم في سوريا والمنطقة على وجه العموم.
فبعد أية عملية توافقية ساعية إلى الاتجاه نحو الحل وايقاف النزيف الدموي ودنو من تجفيف منابع الإرهاب؛ نجدهم يخرجون بتوصيات جديدة تضمن استهداف كيانات ومناطق معينة تحت حجج وذرائع واهية للإبقاء على الأزمة على ماهي عليها وبل تجذيرها أكثر فأكثر.

مجموعة أستانا
قبل أيام خرجت مجموعة أستانا – بنسختها 17 برعاية روسية إيرانية تركية- بمجموعة من التوصيات ومن بينها استهداف مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، تلك الإدارة التي يحمل أبناءها مشروعاً وطنياً حافظوا على النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي ووحدة التراب السوري؛ وحاربوا الإرهاب ومازالوا مستمرون في مكافحة خلايا تنظيم داعش.
وسرعان ما انتهزت دولة الاحتلال التركي الفرصة وقامت بترجمة تلك التوصيات إلى وقائع معاشة عبر الاستمرار في قصفها للمناطق الآهلة بالمدنيين العزل مخلفة عشرات من الجرحى والضحايا من المدنيين غالبيتهم نساء وأطفال وتفريغ العشرات من القرى الآهلة وتشريدهم، واستهداف تجمعات وسيارات وسكنات بالطائرات المسيرة.
حيث أنها لم تعد تخشَ من شيء لأنها باتت تدرك بأن نجاح تجربة الإدارة الذاتية وتعميمها على عموم سوريا ستكون السبيل لإنهاء الإرهاب والحفاظ على التراب السوري ودمقرطة الدولة ونهاية مشاريعها الاحتلالية التوسعية للمنطقة؛ وبالتالي ستكون نهاية لسلطة حكومة العدالة والتنمية برئاسة أردوغان. لذا نجدها –تركيا- تستهدف العجوز الثمانيني والشاب العشريني.
استهدافهم هذا لم يكن عن عبث بل على العكس تماماً، إنه بداية استهداف المرأة المقاتلة والسياسية والإدارية حتى يحافظ بالبقاء على هذه المجتمعات متخلفة وهشة ومليئة بالتناقضات وعبدة، لأنه – أي النظام التركي – يعلم علم اليقين أنه بتحرر المرأة ستتحرر المجتمعات، ولن يكون هناك فرصة لضمان بقاء الأنظمة الديكتاتورية المستبدة التي تتغذى من استعباد المرأة. واستهداف الثمانيني للقضاء على الروح والجذور المتعلقة بالتراب والوطن. وما استهدافه قبل أيام لمنزل يجتمع فيه مجموعة من الشبيبة الثورية الذين يعتبرون ديناميكية المجتمعات والروح الثائرة الرافضة للخضوع والاحتلال؛ فهي تستهدف الجميع دون استثناء. وفي كل عملية قصف تشنها على المنطقة تصاحبها موجة جديدة للهجرة وتنشيط للإرهاب والتطرف.
ولم تتوقف ممارساتها عند هذا الحد، بل وتسعى مع أدواتها وداعميها إلى فرض حصار خانق على مناطق الإدارة؛ عبر إغلاق المعابر في مسعى منها لتجويع الشعب ودفعهم لمحاربة الإدارة.
والسياسات التركية هذه تخدم العديد من الأطراف ومنها الحكومة السورية بإطالة عمر الأزمة التي تعتبر ضمان لبقائها في السلطة؛ ومتنفس للإيرانيين باستكمال مشاريعهم، وروسيا التي قدمت مسودة دستور فيدرالي لسوريا عام 2016، نجدها تناقض نفسها اليوم بمحاربة الإدارة الذاتية وتنعتها بالانفصالية. وهي تعلم يقيناً بأن الإدارة الذاتية تعتبر أحد أهم الحلول والأكثر نجاعة للحفاظ على وحدة وسلامة الجغرافية السورية. ولكن يبدو بالرغم من عجزها من الاستمرار في دفع تكلفة تواجدها في سوريا لتردي أوضاعها الاقتصادية من جهة، لكنها من جهة ثانية تبدو في مسعى أخير منها لتحقيق أكبر قدر ممكن من المصالح بالإضافة إلى مسعاها إلى الجانب التركي والإيراني وغيرها من الدول المستفيدة بالإبقاء على الأنظمة المركزية في المنطقة؛ والإبقاء على نظام الحكم في سوريا على ماهو عليه. لذا، لم يأتِ التصريح الأخير للمبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف بخصوص بقاء الأسد حيث أنه حذر من “يسعى إلى وضع دستور جديد لتغيير صلاحيات الرئيس، ومن أجل محاولة تغيير السلطة في دمشق، فهذا طريق نحو اللا إمكان. وعلى المعارضة تقديم مقترحات محددة وملموسة، وعدم القول إنه لا يمكن إحراز تقدم أثناء وجود بشار الأسد في السلطة. هذا نهج غير بنّاء ومرفوض”.
إلى جانب مساعيها الحثيثة بالتنسيق مع بعض الدول العربية بإعادة الحكومة السورية إلى محيطها العربي؛ والرجوع إلى مقعدها في الجامعة العربية.
طبعاً، لا نستثني إيران من ذلك وطموحها بتحقيق مشروع الهلال الشيعي؛ إلى جانب دول فاعلة في الأزمة بشكل غير مباشر مستفيدة من الأزمة وبقاء الأنظمة المركزية حتى تضمن بقاء نظامها ومنع انتقال رياح التغيير إلى مجتمعاتها.
لذا، مادامت المعارضة السورية تعاني من تشرذم، وتلك التي تحظى بدعم دولي مرهون بشكل كامل للخارج –ارتهان الائتلاف لتركيا- وعدم نيل المعارضة الوطنية لأية شرعية دولية؛ والتي يتم اقصاءها بشكل ممنهج طالما لا تخدم أجندات الدول الطامعة بسوريا وخيراتها؛ وتمسك النظام السوري بذهنيته الاقصائية والرافضة لأية مشاركة وتغيير، ووجود دول وقوى تغذي الأزمة وتجذرها في ظل عدم احتلال الأزمة السورية سلم الأولويات عند الدول العظمى وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية؛ فهذا يعني أن الأزمة مستمرة ولن يكون هناك حلول على المدى المنظور، وربما تشهد بعض الانفراجات ولكنها ستكون بسيطة وبطيئة.

إقرا أيضا

جفاف وأزمات مياه وفقر .. هل تتحول سوريا ما بعد الحرب لـ أرض لا تصلح للحياة ؟

فى ظل موقف أمريكي ضعيف..هل يقود الانفتاح العربي على دمشق لإسقاط قانون قيصر؟

نحو حوار عربي كردي ناجح

محمد أرسلان علي
بعد قرنٍ من الزمن لا زال العراق يعيش في دوامة المآسي والتراجيديا التي حلَّت عليه جراء تقطيع أوصاله بعقليات لم تفكر يوماً إلا بمصالحها القبائلية والعشائرية والقومجية الضيقة على حساب المصلحة العامة للوطن. إذ، قِلّة من الشعوب التي تقرأ تاريخها لتستنبط منه الدروس والعبر لرسم ملامح المستقبل الذي يحتضن الكل ويواكب التطور الإنساني في كل المجالات. قراءة التاريخ بحد ذاته يحتاج لشخوص مفعمة بحب مجتمعاتها ومؤمنة بولائها الانساني ومتصالحة مع ماضيها وواثقة من إرادة شعوبها وعاشقة للحياة الكريمة. لكن أين نحن من أحفاد السومريين الآن ويهم ينهشون في أجساد بعضهم البعض على حساب المحبة والايمان والثقة للوطن. الكل يتهم الكل والكل ينحر ويهجّر الكل والكل يقتل الكل، فلسفة ليس لها أي معنى سوى البحث عن الموت بأي شكل كان ولو كان بيد أخيه الانسان، وكأن مأساة هابيل وقابيل لا زالت مستمرة حتى يومنا هذا بألف شكل وشكل.

العراق ولعنة بابل
العراق الذي لا زال يعيش “لعنة بابل” بكل تفاصيلها والتي أدخلته عنق الزجاجة ما زال يصرخ وينادي شعوبه كي يخرجوه من هذا المستنقع الطائفي والمذهبي والقوموي الذي يعيشه منذ زمن طويل. العراق الذي كان جزءاً مهماً من جغرافية ميزوبوتاميا والتي كانت تُعد مهد البشرية والحضارة الإنسانية والتي انبثق من هذه الجغرافيا الحرف الأول والعلوم الأولى والمدنية الأولى عبر تاريخ التطور الإنساني. هذا العراق بات يعيش الاغتراب عن الذات بعد أن تخلى عنه أحفاده الذين راحوا يتقاتلون بين بعضهم البعض على مقدسات صنعوها بأيديهم من قبيل (التعصب القومجي والتطرف الطائفي والمذهبي والعصبوية القبائلية)، وكل ذلك تحت مسمى الدولة العراقية التي ولدت بعملية قيصرية بمبضع سايكس بيكو. هذه الولادة غير الطبيعية للدولة العراقية والتي لم تكن في وقتها جعلت من هذا الوليد يعاني الترهل والشيخوخة والأمراض منذ بداياته وحتى الآن.
قرنٌ مرّ على الولادة القيصرية للعراق ولا زال أحفاده يبحثون خارج الحدود السياسية للدولة الهشّة عن حلٍ للمعضلات التي يعيشها وطنهم، ولا زالوا يقترفون الذنب تلو الآخر ويرى كل طرف أنه على حق وأنه الوارث الوحيد والحقيقي للوطن المريض بالأساس، ويسعى للاستحواذ عليه دون تقديم أي علاج لِكَمْ المشاكل التي يعانيها هذا الوطن.
من خلال هذا الواقع المؤلم سعى البعض من الذين يفكرون بشكل مغاير تماماً عمّا هو مألوف راحوا يبحثون فيما بينهم عن حلول موضوعية لما تعانيه مجتمعاتهم من تشتت واقتتال وفرقة. من خلال العودة لدراسة التاريخ بعيون متعبة تبحث عن بصيص أملٍ مخفي في ذاك التاريخ علّهم يجوا بين ثناياه حلولاً وأساليب كان الأجداد يستخدمونها للعيش المشترك والجمعي الذي أفضى لهذا التنوع الكبير.
وفي بداية شهر ديسمبر من هذا العام اجتمع لفيف من مكونات وشعوب العراق بمختلف قومياتهم وطوائفهم، في بغداد من أجل إطلاق منصة للحوار الكردي –العربي وذلك من خلال عقد مؤتمر موسع تمت فيه مناقشة الكثير من المواضيع التي تهم الشأن العراقي ككل. انعقاد هذا المؤتمر وفي هذه المرحلة الحساسة والتاريخية التي يعيشها العراق يُعتبر بِحدِ ذاتها تفكير خارج الصندوق وعمل ترفع القبعة لكل الذين عملوا على إنجاحه. خاصة أن العراق ما بعد الانتخابات والتي جرت قبل ثلاثة أشهر والتي لم يعلن عن نتائجها، يعيش حالة من التوتر الداخلي نتيجة التدخلات الإقليمية والدولية والتي تعمل كل منها على إعلان النجاح والنصر الانتخابي على حساب الطرف الآخر.
أوراق عديدة قدمت من قِبل أشخاص حملوا همّ الوطن والشعوب والمجتمعات على عاتقهم وهم متجهين لمكان كان يوماً ما دار السلام والعدالة –بغداد – ربما يكون بمقدورهم اشعال فتيل من الأمل في فترة حالكة يصرخ فيها الكل من دون أن يستمعوا لبعضهم البعض.

القضية الكردية في مناهج الانظمة الحاكمة في العراق
ففقي ورقة قدمت والتي كانت عبارة عن قراءة موضوعية لتاريخ العراق والولادة القيصرية لهذه الدولة التي لا زالت تعاني تداعيات تلك الولادة غير الطبيعية رغم كل المحاولات لجعل الولادة طبيعية. وتحت عنوان “القضية الكردية في مناهج الانظمة الحاكمة في العراق 1921-1975)، في هذه الورقة تم الكشف عن الألاعيب التي تمت في فترة الحرب العالمية الأولى على الشعبين العربي والكردي وباقي المكونات في العراق من خلال الوعود التي أعطاها البريطانيون لهم بتشكيل وطن قومي لهم إن هم ساعدوهم في التخلص من العثمانيين.
والسؤال الهام الذي يطرح نفسه هنا هل كان الكرد خاضعين بشكل مباشر للدولة العثمانية؟ بحكم الواقع المعاش في هذه الجغرافيا التي تؤكد بالنفي، حيث شكل الكرد الكثير من الإمارات شبه المستقلة والتي كانت مرتبطة بالدولة العثمانية إدارياً بشكل من الاشكال. فمثلاً إمارة بادينان التي يعود تاريخها الى أواخر العهد العباسي وإمارة سوران في القرن الثاني عشر والتي اتخذت من شقلاوة عاصمة حية لهم ووسعت من سيطرتها حتى شملت اربيل ودهوك وعقرة وحرير وزاخو وشنكال/سنجار، أما امارة بابان فلا تقل أهمية عن الامارات التي تم ذكرها والتي أسسها الكرد وجزء من اعمالهم بناء مدينة السليمانية عام 1871.
ويبدو ان الوضع لم يستمر طويلاً لاسيما بعد انهيار الدولة العثمانية في عام 1918 رغم أن الكرد شاركوا العثمانيين قتالهم للرد على الاحتلال البريطاني للعراق ولاسيما مشاركة طلائع الكرد بقيادة الشيخ محمود الحفيد لمقاومة البريطانيين في معركة الشعيبة في 12 نيسان 1915 رغم موقف الكرد المناوئ للدولة العثمانية، لكن شعورهم الديني دفعهم لرفع راية الدفاع عن العراق متناسين سياسة التفرقة العنصرية التي مورست بحق الشعوب المنضوية تحت لوائهم لعدة قرون.
وبعد انهيار الدولة العثمانية وسيطرة الجيش البريطاني على العراق أقامت حاميات عسكرية في (كركوك، التون كوبري، اربيل، زاخو، دهوك)، ولكن تلك الحاميات لم تشفع لهم بإعلان الكرد الانتفاضة في عام 1919 والتي قادها الشيخ محمود الحفيد البرزنجي بعد نكث بريطانيا للشيخ بإعلان قيام كيان كردي مستقل، للتتوج تلك الانتفاضة بثورة العشرين والتي كان للكرد دوراً مهماً فيها.
وفي ورقة أخرى مكملة لها حاول الدكتور علي مهدي التوقف ملياً على السياسة البريطانية التي تم تسييرها على الكرد والعرب بتحريضهم على الثورة على العثمانيين تحت مسمى إقامة الدولة القومية العربية والكردية.
وفي ورقة أخرى حملت عنوان “تأثير الدولة القومية على العلاقات العربية والكردية”، تم الكشف من خلالها على أن الشعبان العربي والكردي خضعا تحت نير حكم بداية الدولة القومية التركية بعد تنحية السلطان عبد الحميد على يد جماعة الاتحاد والترقي التي عملت على تتريك الشعوب التي كانت رازحة تحت النير العثماني والتي أثرت بالشرائح المتعلمة من خلال تنامي الشعور القومي، والذي سرعان ما تغير مجرى هذا الشعور عند تقسيم الكرد على عدة دول من جهة وتشكيل الدولة العراقية من جهة أخرى تحت الرعاية البريطانية، مما خلق موضوعياً الممهدات للعمل المشترك للشعبين العربي والكردي للتخلص من السلطات الحاكمة المؤتمرة بمصالح قوى الاستعمار، لكن سرعان ما خضعت هذه العلاقة بين الشعبين إلى تذبذبات متعرجة وانتقالات حادة بفعل النظرة الضيقة للحكام بعد الاستقلال والتي تتعارض مع الشعب العربي في التمتع بنظام ديمقراطي ويحقق النهضة الشاملة وطموحات الشعب الكردي في تقرير مصيره التي تخضع أحيانا لموازين القوى في المنطقة وليس في العراق وحده. وكان لتشكيل دولة العراق أثره المباشر على العلاقات العربية الكردية.

الكرد ومعاهدة سيفر
انتعشت أمال الكرد بشكل عام في كل مكان بما فيهم أمال كرد العراق لفترة من الزمن بعد التوقيع على معاهدة (سيفر) في العاشر من آب 1920 والتي تضمنت في المواد (62، 63، 64) حق الكرد في تشكيل دولتهم المستقلة وحق كرد ولاية الموصل في الانضمام إلى هذه الدولة المنتظرة، إلا أن رفض تركيا لهذه المعاهدة ورغبة بريطانية في وضع العراق بأكمله تحت الانتداب فضلا عن صراع المصالح بين الدول الكبرى، أبقت هذه المعاهدة حبراً على ورق، إلا أن المعاهدة كانت عاملاً في تنامي النشاط والوعي القوميين لدى الكرد، وقد تبددت تطلعات الكرد عند إبرام معاهدة (لوزان) عام 1923، حيث تم الاتفاق على تقسيم كردستان بين تركيا وإيران والعراق مع بعض التدخلات في كل من أذربيجان وسوريا.
قرن مضى على هذه الاتفاقيات وتشكيل الدولة القومجية والدينية في المنطقة ولم تنعم لا الدول ولا المجتمعات ولا الشعوب بالأمان ولا بالاستقرار. منذ اللحظة الأولى لتشكل هذه الكيانات المصطنعة والتي حولناها إلى كيانات طبيعية وكأنها من أصل المنطقة، دخلنا في نفق الانحدار نحو الدرك الأسف من الترابط المجتمعي وباتت الأنانية والفردانية ومصلحة السلطة المتحكمة هي الأساس على حساب المواطن والانتماء الوطني. أكثر من عشرون دولة ظهرت تباعاً حتى السبعينيات من القرن المنصرم. دول تحولت إلى حلم للشعوب المضطهدة على أنها الفردوس المفقود ويناضل من أجلها كل من يحن لهذا الفردوس. فردوس ولكنها في جهنم التهجير والاعتقالات والاحتفاء والصهر والمجازر بحق شعوب المنطقة الأصلاء. تحول فيها الكل إلى أدوات بيد الآخرين لزيادة هندسة المجتمعات على حساب الهويات الثقافية المختلفة.
عقد واحد فقط كان كافٍ ليرينا الحقيقة التي لم نرد معرفتها وكنا نهرب منها كي لا تنكشف عورات معرفتنا وفكرنا الهزيل الذي كنا نتشبث به.

ثورات الربيع العربي
عقد من الزمن كان تحت يافطة “ثورات الربيع العربي”، كشفت كم كنّا عراة في فردوس الدولة القومجية التي كانت تتغنى بها شعوب المنطقة والتي ضحت بالملايين من أبنائها لنيل حقوقهم واستقلالهم الهش والشكلي. أكثر من مائة عام ونحن نعيش حالة اللا حرب واللا سلام بين شعوب المنطقة، وكانت المقتلة مؤجلة فقط لحين موعدها التي نعيشها الآن بكل تفاصيلها المؤلمة. مفاهيم اختلطت علينا وبتنا لا نعلم معناها رغم أننا كتبنا مئات بل ربما آلاف الكتب عنها وتم تفسيرها بشكل مفصل، لكن العقد الأخير رأينا أن كل ما تم كتابته عن الحرب والسلام ليس له أي معنى ولم يكن سوى خدعة كنا نعيشها ونحن نجلس على أرجوحة الوطن والانتماء والوهم.
الحرب والسلام كانت ورقة أخرى عالجت فيها الكثير من النقاط المعروفة والمبهمة بنفس الوقت وكأننا نتكلم عن شيء نحلم في العيش فيه ولكنه بعيد المنال. مفهوم الحرب والسلام يمكن اعتباره من أقدم وأعقد القضايا على مدى التاريخ البشري والتي تمتد وترتبط بتاريخ البشرية من العصر الحجري الى السوبراني، ناهيكم عن ان المصطلح هو شامل لكل ما انتجته البشرية من افكار بهذا الخصوص، ولتجنب الدخول في المتاهات النظرية والفلسفية والتاريخية المعقدة، تم التركيز في الورقة على المفاهيم والآليات التي بلورها القانون الدولي والهيئات الدولية المعنية مثل الامم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر وغيرها من الهيئات التي تضم معظم دول العالم وشعوبها.
“الحروب لا تبني سوى القبور”، ربما تكون أفضل تعريف للحرب بكل معانيها الفلسفية والمعرفية واللغوية. وما أكثر القبور في مشرقنا الذي نتغنى به على أنه مهد الحضارة البشرية ولكنه بنفس الوقت منطقة القبور التي لا حدود لها. حيث أن آثار الحروب وأضرارها كبيرة جداً ومؤثرة على المجتمعات البشرية سلباً؛ حيث تُهدِر موارد الشعوب وتودي بحياة الكثير من الأشخاص دون سبب عقلاني، كما أنّها سبب لمنع تقدم البشرية على مختلف الأصعدة سواء اقتصادياً أو اجتماعياً أو غير ذلك. كما تزيد الحروب من معدل ارتكاب الجرائم، وتزيد من نسبة البطالة في المجتمع، وتُضعِف معنويات الأفراد، وتُضعِف الأخلاق والقيم الحسنة في المجتمع.
وربما مقولة “إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب”، التي اعتمدتها الأمم المتحدة في ديباجتها، وكانت هذه الكلمات هي الدافع الرئيسي لإنشاء الأمم المتحدة، التي عانى مؤسسوها من دمار عالمي وحروب بحلول عام 1945. ومنذ إنشاء الأمم المتحدة في 24 تشرين الأول/أكتوبر 1945 (تاريخ دخول ميثاقها حيز التنفيذ)، تمت دعوة الأمم المتحدة في كثير من الأحيان لمنع النزاعات من التصعيد إلى حرب، أو للمساعدة في استعادة السلام بعد اندلاع النزاع المسلح، وتعزيز السلام الدائم في المجتمعات الخارجة من الحروب.
تعرض مفهوم الحرب والسلام الى متغيرات كثيرة على مدى الزمن خصوصاً من زاوية القانون الدولي وتعريفات الامم المتحدة الرسمية. الحرب هي نزاع مسلح تبادلي بين دولتين أو أكثر من الكيانات غير المنسجمة، حيث الهدف منها هو إعادة تنظيم الجغرافية السياسية للحصول على نتائج مرجوة حسب المصالح الذاتية لكل طرف. في القانون الدولي العام فإن التعريف التقليدي للحرب هو أنّها عبارة عن نزاع مسلّح بين فريقين من دولتين مختلفتين؛ إذ تُدافع فيها الدول المتحاربة عن مصالحها وأهدافها وحقوقها، ولا تكون الحرب إلّا بين الدول، أمّا النّزاع الذي يقع ين جماعتين من نفس الدولة، أو النزاع الذي تقوم به مجموعة من الأشخاص ضد دولة أجنبية ما، أو ثورة مجموعة من الأشخاص ضد حكومة الدولة التي يقيمون فيها، فلم يعد حرباً ولا علاقة للقانون الدولي به وإنما يخضع للقانون الجنائي.
ودائماً ما كان يشكل المدنيون الضحايا الرئيسيين لانتهاكات القانون الدولي الإنساني التي ترتكبها الدول وأطراف النزاع من غير الدول في النزاعات المسلحة المعاصرة. وما فتئت طبيعة النزاعات المسلحة المعاصرة تفرض تحديات حيال تطبيق القانون الدولي الإنساني واحترامه في عدة مجالات، وهناك حاجة لفهم تلك التحديات والاستجابة لها من أجل ضمان استمرار القانون الدولي الإنساني في أداء مهمته في توفير الحماية في حالات النزاع المسلح الدولي وغير الدولي.
اذ تكون الدول إما غير قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية للمدنيين في العديد من الحالات أو غير راغبة في ذلك. أحد التحديات التي برزت مؤخرًا أمام القانون الدولي الإنساني هو نزعة الدول إلى وسم جميع الأعمال القتالية التي تشنها الجماعات المسلحة من غير الدول ضدها، لا سيما في النزاعات المسلحة غير الدولية “بالإرهابية”. وينظر الآن إلى النزاع المسلح والأعمال الإرهابية على أنهما مرادفان تقريبًا، إن تسمية بعض الجماعات المسلحة من غير الدول “بالجماعات الإرهابية” له أثار ضمنية كبيرة على التعهدات الإنسانية وقد يعوق العمل الإنساني كذلك.
على نقيض العنف والحرب، يُعرف السلم بأنّه التّجانس المُجتمعي والتّكافؤ الاقتصاديّ والعدالة السياسيّة، وهو أيضاً اتّفاقٌ مُتعدّد بين الحكومات وغياب القتال والحروب، وقد يُعَبِّر عن حالةٍ من الاستقرار الداخليّ أو الهدوء في العلاقات الدولية.
“القوة من أجل السلام”، هذا المصطلح يعود إلى الإمبراطور الروماني هادريان (حكم بين عامي 117 و 138) ولكن هذا المفهوم قديم قدم التاريخ المسجل: يقول الإله المصري بتاح أن “قوة” رمسيس الثاني (1279-1213) ق.م. تسبب لكل دولة “أن تتوق للسلام”.
حيث أن المجتمعات البشرية تقوم على أساس التعددية الدينية والثقافية والسياسية، فمن الصعب وجود مجتمع يتشكل من عِرق واحد أو يدين بدين واحد، فهذا الامتزاج إما أن تحكمه إدارة سليمة تحفظ حقوق الأقلية دون تمييز، وبإعطائهم مساحة للتعبير عن معتقداتهم في أجواء من الاحترام والتسامح، وإما أن تحكمه أنظمة تخاف من التنوع، وتعمل على سحق الآخر المختلف وحرمانه من حقوقه وحرياته، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى حروب أساسها الدين أو المذهب أو العرق، ينتج عنها دمار الدولة سياسياً واقتصادياً ونشوء أجيال محملة بالكراهية اتجاه الآخر تسعى للانتقام دوماً.
يعتبر بناء سلام دائم في المجتمعات التي مزقتها الحروب هو من بين الأكثر التحديات صعوبة تواجه السلم والأمن العالميين. ويتطلب بناء السلام استمرار الدعم الدولي للجهود الوطنية من خلال مجموعة واسعة من الأنشطة – كمراقبة وقف إطلاق النار، وتسريح وإعادة دمج المقاتلين، والمساعدة في عودة اللاجئين والمشردين؛ والمساعدة في تنظيم ومراقبة الانتخابات لتشكيل حكومة جديدة، ودعم إصلاح قطاع العدالة والأمن؛ وتعزيز حماية حقوق الإنسان، وتعزيز المصالحة بعد وقوع الفظائع الماضية.
وللخروج من المأزق الذي تعيشه المنطقة لا بدّ من ثورة ذهنية بكل ما للكلمة من معنى لأنه من دونها ربما يكون من المستحيل إحداث أي تغيير في شكل ومعنى المنطقة والمجتمعات.
ومما لا شك فيه أن شعوب الشرق الاوسط عموماً تعاني من أزمة فكرية عويصة، بدرجة وصلت إلى مرحلة الدوامة الفكرية. يمكن القول بأن الأزمات الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والسياسية التي تعاني منها الشعوب نابعة من الازمة الفكرية (الذهنية). والأزمة الفكرية ليست نتاج الوضع الحالي فقط وإنما لها جذور تاريخية. ولا يمكن إنكار تأثيرات الحداثة الرأسمالية في القرنين الماضيين التي عمّقت الأزمة أكثر فأكثر، وأدت بالنتيجة إلى احتلال فكري من خلال العقلية الاستشراقية، وبهذا الصدد يقول المفكر السيد عبد الله اوجلان: “يُعَدُّ القرنان التاسع عشر والعشرون قرنَي غزوِ مجتمعِ الشرقِ الأوسطِ على يدِ الاستراتيجية الرأسمالية. هذه المرحلةُ التي اتَّجَهَت فيها الحداثةُ الرأسماليةُ نحو المنطقةِ بفُرسانِ المحشرِ الثلاث (الرأسمالية، الدولة القومية، والصناعوية)، إنما هي مرحلةُ تَعَمُّقِ الأزمةِ والانهيار”.
حيث أن مناطق الشرقَ الأوسطَ تعيشُ الآنَ في أخطر مراحلها، ذهنياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. وصلت مشاكلُها إلى أزماتٍ عويصة، وأزماتُها إلى دوّامة جهنمية وفوضى كارثية، كطاحونة جبّارة تطحن الفردَ والمجتمع. طبعاً كلما استدامت الدوّامةُ والفوضى طحنتِ الوجودَ الإنساني حضارياً وثقافياً في هذه الجغرافية الملتهبة أكثر فأكثر.
ما يكمنُ في عينِ القضايا المُعاشة داخل مجتمعاتِ الشرقِ الأوسط، هو مزيدٌ من السلطةِ والدولة. فكلُّ قوةٍ ظهرَت إلى الوسطِ بغرضِ حلِّ القضايا العالقةِ على مرِّ سياقِ تاريخِ المدنية، لَم تتمكنْ من إيجادِ حلٍّ سوى التحصن بمزيدٍ من القوةِ ونفوذِ الدولة. وباتَ استخدامُ القوةِ في حلِّ القضايا من قِبَلِ كلِّ القوى، بدءاً من الإمبراطورِ الذي في القمةِ وحتى الزوجِ الذي في المنزل، بات العصا السحريةَ للتربعِ على عرشِ السلطةِ والتحولِ إلى دولة. وقد ابتكرَت المدنيةُ الغربيةُ الأشكالَ العصريةَ لهذه التقاليد. واعتَقَدَت بإمكانيةِ دمقرطةِ السلطةِ والدولةِ بصقلِهما بطلاءِ الديمقراطية، أو إنّ الليبراليةَ هي التي لاذت بهذا الزيفِ والرياء. هذا ولا تزالُ المساعي قائمةً على قدَمٍ وساق في الشرقِ الأوسطِ الراهن، من أجلِ حلِّ القضايا الأساسيةِ على خلفيةِ التحولِ إلى دولةٍ وسلطة.

قضية المرأة في الشرقِ الأوسط
ويأتي على رأس القضايا التي تعيشها المنطقة هي قضية المرأة. فقضية المرأة في مجتمعِ الشرقِ الأوسط مثلاً من أعقد وأعمق قضايا الاجتماعية في مجتمعات الشرق الاوسطية. وإنَّ تقييمَ القضايا التي تَحياها المرأةُ أولاً في المجتمعِ ضمن أبعادِها التاريخيةِ – الاجتماعيةِ يتحلى بالأهمية. فقضيةُ المرأةِ هي منبعُ كافةِ القضايا. ولدى إضافةِ القضايا الناجمةِ عن أجهزةِ القمعِ والاستغلالِ الرأسماليِّ الراهنِ أيضاً إلى تلك القضايا ذاتِ الجذورِ التاريخية، يغدو لا مَهرَبَ للمرأةِ من عيشِ حياةٍ يَسودُها الكابوسُ المُرعِبُ حقاً في المجتمعِ الشرقِ أوسطيّ. فأنْ تَكُونَ امرأةً ربما يعني أنْ تَكُونَ إنساناً في أحلَكِ الظروفِ وأَعسَرِها. ذلك أنَّ أَشَد درجاتِ القمعِ والاستغلالِ الفظِّ الذي يعانيه المجتمع، يتم تطبيقُها على جسدِ وكدحِ المرأة. وربما حانَ وقتُ تَخَلّي التعامُلِ الجنسويِّ المتصلبِ الذليلِ عن مكانه للحاجةِ إلى البحثِ عن صديقٍ ورفيق. ينبغي المعرفةَ أنه يستحيلُ عيشُ حياةٍ ثمينةٍ ذاتِ معنى، ما لَم يتحققْ عيشٌ سليمٌ مع المرأةِ ضمن المجتمع. علينا صياغةَ أقوالنا وتطويرَ ممارساتنا بالإدراكِ بأنّ الحياةَ الأثمنَ والأجملَ يمكنُ تحقيقُها مع المرأةِ الحرةِ المتمتعةِ تماماً بكرامتِها وعِزَّتِها. فإذا لم تهدف الثورة الذهنية الحياة الحرة والذي معيارها حرية المرأة، فأنها ستكون ثورة فاشلة وأنها تسير على درب الدوغمائية.
إن الثورة ببساطة تعني التغيير المستمر وإعادة البناء من الجديد، وبحد ذاتها ترتبط مباشرة بالحياة وصيرورتها، انها تعني الحياة بذاتها واعادة معنى للحياة التي فقدت معناها وصيرورتها، التي تتجسد في الحياة الحرة. لأن الثورة في أبسط معانيها؛ هي عملية إعادة المعنى إلى الحياة والانسان والمجتمع، وهي بداية لعملية نضالية من أجل حياة حرة، تفكير حر والسعي وراء الحقيقة. ولهذا بقدر ما تحمل الثورة حقيقة الحياة الحرة، فإنها بذلك القدر تنأى بنفسها عن الأوهام التي تحاول أن تحل محل الحياة الحقيقية. وبقدر ما تمثل الثورة من فكر تغيير الحياة، بنفس القدر تمثل فن إعادة بناء الحياة. الثورة ليست الرغبة بجعل الوضع الموجود مميتاً ودموياً، وإنما شعارها وجوهرها؛ هي خلق والاستمرار بالحياة الحرة.
فالثورةُ باختصار تعني إعادةَ اكتسابِ المجتمعِ الأخلاقيِّ والسياسيِّ والديمقراطيِّ لِماهياتِه تلك مجدَّداً وبمستوى أرقى، بعدما حَدَّ نظامُ المدنيةِ من مساحتِه وأعاقَ تطبيقَه على الدوام. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تجاوزنا لعصبيات القومية والدينية والمذهبية والنسوية والسلطوية والوصول الى حياة كريمة حرة وعادلة وتعايش ديمقراطي.
وربما يكون نموذج الحل الكونفدرالي الديمقراطي الذي لا يعطي مجال للعنف والانقسامات، طراز يعتمد على الطواعية. كما يوجد العديد من الأسباب التاريخية والاجتماعية التي تعطي المجال لأرضية صلبة لبناء الكونفدرالية الديمقراطية بقوة العملية الديمقراطية للشعب، وبهذا يمكن التخلص من الأنظمة اللا ديمقراطية والأوتوقراطية والثيوقراطية. والطراز التنظيمي للحل الكونفدرالي الديمقراطي هو الأنسب للتوافق مع الموزاييك الثقافي لدول الشرق الأوسط والتداخل اللغوي والديني الموجود فيه. وهذا الطراز هو القادر على حل المشاكل والقضايا ومعالجة الظواهر العديدة الموجودة في المنطقة.
وهكذا يصف السيد عبد الله أوجلان منظومة الكونفدرالية الديمقراطية من حيث جوهرها وهيكلية تنظيمها وتناسبها مع حقيقة الشرق الأوسط الموزائيكية ويقول: “إن الكونفدرالية الديمقراطية تمثل الحلَّ المناسبَ لشعوب الشرق أوسطية والعالم كافة، تعني تنظيم الأمة بدون دولة، وهي تنظيم الأقليات والثقافة والأديان وحتى تنظيم الجنس إلى جانب التنظيمات الأخرى، وهذا ما أصفه بالتنظيم الوطني الديمقراطي، بحيث تكون لكل قرية مجلس ديمقراطي. التاريخ مليء بالعديد من الأمثلة، كديمقراطية أثينا، والسومريين الذين امتلكوا تنظيم مشابه، وفي يومنا الراهن تبني أوروبا كونفدراليتها، والكونفدرالية الكردية تناسب الشرق الأوسط، والإسرائيليين والفلسطينيين يمكنهم تأسيس الكونفدرالية وبإمكان الاثنان والعشرون دولة عربية تأسيس كونفدرالية”.
إذاً، فإن مشروع الكونفدرالية الديمقراطية للشرق الأوسط مشروعٌ يستند إلى العقلية الديمقراطية، وتأخذ الحرية، العدالة، المساواة، التعايش السلمي بين الأفراد والمجتمعات والشعوب والأطياف وكافة المعتقدات، أساساً لبناء نظامه السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، البيئي والدفاعي. والأهم من كل ذلك هو أن الكونفدرالية الديمقراطية تتجاوز كل المفاهيم والأفكار الدوغمائية التسلطية الشمولية، وتتبنى الجدلية العلمية أساساً لها. فالديمقراطية بطبيعتها الديمومية تسود عبر منظومة فكرية منفتحة، فالكونفدرالية بجوهرها الديمقراطي تتصدى للذهنية الدوغمائية بكافة أشكالها وأنواعها، وفي نفس الوقت ترسخ الحرية والمساواة لكل معتقد يؤمن بالحرية والمساواة والعدالة والتعايش السلمي والحر.
إن عقد هذا المؤتمر وفي هذه الفترة في بغداد الذي تعاني الآهات والحسرات ولعنة بابل في نفس الوقت ربما كان الرد الأمثل لهذه الجغرافيا التي كانت يوماً ما مهد الحضارة البشرية. واستمرارية هذه المؤتمرات التي تبحث عن حلول للمشاكل والقضايا التي تعانيها المنطقة بشكل عام ربما يعتبر الرد الأمثل للتاريخ وبأن نكون الأحفاد الحقيقيين لهذه المنطقة التي لطالما كانت ولادة الحلول لأية مشاكل وقضايا تعاني منها. فبدلاً من البحث عن الحلول في الخارج ينبغي البدء من الداخل لأن هذه المنطقة والمجتمعات والثقافات تخبئ في داخلها الكثير من الأمل الذي تمنحه خلال عملية البحث عن تلك الحلول.
طرح مشروع الحوار العربي – الكردي الناجح كشعار للمؤتمر يعتبر بحد ذاته نجاح وخطوة سليمة نحو الخروج من حالة الاغتراب التي تعيشها المجتمعات وإعطاء الفرصة للنخب والمثقفين للبحث عن حلول لما تعانيه مجتمعاتهم. وفي ظل المئوية التي تعيشها المنطقة بشكل عام على تقسيمها لدول عديدة هشّة يدفعنا هذا إلى أن نفكر بصورة واقعية وحقيقية للبحث عن حوار بين الأخوة في الوطن. الجواب إن وجود الدستور وضمان حقوق الجميع بدون استثناء سيخلق لنا ايمان حقيقي يعزز الهوية الوطنية ويبدد مخاوف الاخرين من هضم الحقوق والتهميش الذي عانوه منذ سنوات طويلة.
فلا بديل عن التكاتف والتلاحم ما بين شعوب المنطقة وخاصة العرب والكرد منهم نظراً للعلاقات والتلاقح الثقافي والتاريخي بينهم، وأن الأمن الوجودي لِكِلا الشعبين مرتبط بشكل وثيق مع بعضه البعض ولا يمكن لأي من الشعبين أن يكون من دون وجود الآخر، ولا يمكن لأي من الشعبين أن يعيش الحرية والكرامة من دون الآخر بنفس الوقت. وهذا ما يحتم على كلا الشعبين أن يتوحدا أمام الهجمات التي تتعرض لها المنطقة لإخراجها من حالة الفوضى المستشرية فيها.

إقرا أيضا

سر عداء تركيا والنظام والمعارضة والمجلس الوطني الكردي لتجربة الإدارة الذاتية ؟

في ذكرى تأسيس العمال الكردستاني..القاهرة تحتفل بـ العلاقات العربية الكردية

تاريخ من الحقوق الضائعة..متى يُكفر النظام العالمي عن جرائمه بحق الشعب الكردي؟

سر عداء تركيا والنظام والمعارضة والمجلس الوطني الكردي لتجربة الإدارة الذاتية ؟

صالح بوزان

الكاتب صالح بوزان

سأتطرق لهذا الموضوع على الصعيد السوري. فالشعب السوري بكل مكوناته لم يكن يعرف شيئاً عن الفكر القومي والوطني عشية الانسلاخ من الإمبراطورية العثمانية. كان القسم الأعظم منه يؤمن بالرابطة الإسلامية السنية. وبالتالي لم يكن راضِ تماماً عن الانفصال من الإمبراطورية العثمانية، بل اعتبر هذا الانفصال تدبير من الإنكليز الذين لا يكنّون الود للمسلمين ووحدتهم. وحتى الآن لا تحتفل الحكومات السورية بذكرى الاستقلال من الامبراطورية العثمانية.

أما المسيحيون والأرمن والعلويون والدروز في سوريا كانوا راضيين من هذا الانفصال، وفي الوقت نفسه توجسوا من الطابع الإسلامي السني المرتبط بالشريف حسين في الحجاز من خلال ابنه فيصل الذي توّجه الإنكليز ملكاً على سوريا في 8 آذار 1918. لم يكن الكرد مبالين لهذا التغيير، ومن ناحية أخرى شعروا بغصة كبيرة لانفصالهم عن بني جلدتهم في الطرف الثاني من الحدود الجديدة. وعلى أساس هذه الغصة ظهر وتطور العداء الكردي ضد اتفاقية سايكس بيكو وضد الإنكليز والفرنسيين معاً.
زاد الطين بلة ظهور الفكر القومي العربي منذ ثلاثينيات القرن الماضي في المشرق. هذا الفكر القومي الذي تجلى في فكر حزب البعث لاحقاً كفكر قومي عربي ينكر وجود أي قومية غير عربية في سوريا، ويدعي أن سوريا سايكس بيكو هي جغرافية عربية فقط. وأنكر بذلك وجود ثلاث أجزاء من جغرافية كردستان مع سكانها داخل الخريطة الجديدة لسوريا.
منذ ذلك التاريخ بدأ تتراكم معاناة الشعب الكردي في سوريا. لم تكن هذه المعاناة من الشعب العربي. فالشعبان العربي والكردي كانا يعيشان جنباً إلى جنب في عهد الإمبراطورية العثمانية على هذه الجغرافيا. ولم يسجل التاريخ أي صراع قومي بينهما. بل ممكن القول أن المعاناة من الاستبداد العثماني وحد مصيريهما. وبالتالي كان نضال الشعب الكردي في سوريا ضد الفكر القومي البعثي وليس ضد الشعب العربي.
استطاع حزب البعث أن يوجه أغلبية الشعب العربي ومثقفيه ضد الشعب الكردي من خلال تعريب مفهوم الوطنية في سوريا وجعلها تعني في الوقت نفسه القومية العربية حصراً.

عداء المعارضة والنظام السوري للإدارة الذاتية ؟ 
لم يغير النظام البعثي موقفه تجاه الشعب الكردي في سوريا بعد الثورة. فلم يعترف حتى الآن بالإدارة الذاتية. كما أن الظاهرة الملفتة للانتباه أن المعارضة السورية تجاوزت نهج النظام البعثي تجاه الإدارة الذاتية بالهجوم السافر عليها فكرياً وسياسياً وميدانياً بواسطة ميليشياتها. فمن ناحية حملت هذه المعارضة الفكر القومي العربي البعثي، ومن ناحية ثانية أضافت عليه الفكر الإسلامي الأصولي الذي لا يعترف بالقومية وحقوق الشعوب. وبالتالي خلقت المعارضة السورية تهديداً ضد الشعب الكردي السوري أكثر خطورة مقارنة مع موقف النظام السوري.
لم يستطع أي حزب وأي مفكر أو مثقف سوري خرق هذه المنظومة القومية والإسلامية ضد الشعب الكردي لا قبل الثورة ولا بعدها، على الرغم أن أغلب المفكرين والمثقفين السوريين العرب استمدوا ثقافتهم من الفكر الغربي والفكر الماركسي الأممي.
حدث الاختراق الوحيد لهذه المنظومة القومية الصنمية من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي. وخصوصاً بعد تشكيل الإدارة الذاتية وقوات حماية الشعب والمرأة.
عندما سيطرت وحدات حماية الشعب والمرأة على أغلب المناطق الكردية لم يكرر قادتها تجربة حزب البعث في الحكم، بل دعوا إلى إدارة مشتركة تضم جميع القوميات في الشمال السوري وليس في المناطق الكردية فقط. وللتأكيد على مصداقية موقفهم الفكري تجاه المسألة القومية، صاغوا عقداً اجتماعياً (شبه دستور) بينوا فيه مفهومهم للقومية والوطنية، وجعلوا قوات حماية شمال سوريا من كل مكونات الشمال السوري وخاصة من الكرد والعرب (قوات سوريا الديمقراطية). أظهرت هاتان الخطوتان؛ الإدارة الذاتية المشتركة وقوات سوريا الديمقراطية، رؤية جديدة لمفهوم القومية والوطنية في عموم الشرق الأوسط.

ما هو الجديد في هاتين الخطوتين؟
عكست هاتان الخطوتان أن الفكر القومي خاصية لكل شعب من حقه الاحتفاظ به وتطويره والدفاع عنه ضد أي فكر قومي عنصري آخر. ومن ناحية أخرى فإن أي تعالي من قبل قومية على قومية أخرى، مهما كانت صغيرة، هو الخطوة الأولى نحو الاستبداد القومي والسياسي والاجتماعي. ومن ناحية ظهر مفهوم جديد للوطنية بأنها إطار عام فوق القومي، ولا تقبل الانحياز لأي قومية على حساب قومية أخرى. لو حاولنا صياغة هذه المعادلة بشكل أبسط، سنعتبر الوطنية هي الأم والقوميات هي الأبناء. فأسماء الأبناء مختلفة؛ مزكين، أحمد، صوموئيل وأنترنيك، لكن الأم واحدة. أن اختلاف هذه الأسماء لا يحدث أي خلل في مشاعر وعاطفة الأم تجاه أبنائها. وبالتالي يُعتبر حصر الوطنية في أي قومية هي الأخرى خطوة نحو الاستبداد القومي والسياسي والاجتماعي.
استطاعت قيادة الإدارة الذاتية وقيادة قوات سوريا الديمقراطية خلال عشر سنوات العمل على تغذية الفكر القومي والفكر الوطني بهذا المسار. مما عرّض الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية لأبشع حرب فكرية وميدانية وإعلامية. فهذه الرؤية الفكرية والسياسية التي تتبناها قادة الادارة الذاتية وقادة قوات سوريا الديمقراطية تتجاوز الفكر القومي والوطني التقليدي.

وهذا هو السبب الحقيقي في عدم اعتراف النظام السوري بهذه الإدارة حتى الآن. يدرك النظام السوري أن الاعتراف بهذه الادارة يهدد بنيته الفكرية والسياسية التقليدية. ولهذا السبب أيضاً أعلن الائتلاف السوري محاربته للإدارة الذاتية، وسعى إلى هدمها بالتحالف السياسي والميداني مع تركيا.
جاء العداء الأكثر شراسة من الحكومة التركية ضد الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية. يدرك قادة هذه الدولة أن تحول نظرية حزب الاتحاد الديمقراطي في القومية والوطنية إلى واقع عملي في سوريا سيهدد بشكل مباشر البنية الفكرية والسياسية للجمهورية الآتاتركية التي جعلت الوطنية سجينة الفكر القومي التركي المتعصّب. وأخيراً، نلاحظ أن المجلس الوطني الكردي، رغم هامشية وزنه السياسي، أعلن هو الآخر عدم الاعتراف بالإدارة الذاتية، بل مارس ويمارس حرباً إعلامياً أكثر ديماغوجية ضدها بالتعاون السافر مع الحكومة التركية والائتلاف السوري المعارض.

إقرا أيضا

تاريخ من الحقوق الضائعة..متى يُكفر النظام العالمي عن جرائمه بحق الشعب الكردي؟

قوات سوريا الديمقراطية: مناطق الإدارة الذاتية ليست لقمة سائغة..فيديو وصور

قد تغضب أردوغان.. واشنطن توجه رسالة لـ الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية.. ماذا قالت

كيف تدعم تهديدات أردوغان لـ شمال شرق سوريا محاولات إحياء داعش ؟

ليلي موسي

في الوقت الذي تحولت فيه محاربة ومكافحة تنظيم داعش، وما يحمله من إرهاب دولي، يشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين؛ هدفاً وخياراً استراتيجياً وأصبحت ضرورة القضاء عليه، واجتثاث أيديولوجيته المتطرفة وما تحملها من تهديدات على أمن واستقرار البشرية برمتها، وتجفيف منابعه والبيئات التي تغذي وتنمي هذه الايديولوجية؛ وتعمل على تكاثرها ونشرها، هذا التنظيم وغيره من التنظيمات الإسلاموية المتطرفة وبكل ما يحمله من أيديولوجية مشبعة بثقافة الكراهية والعنصرية وإلغاء الأخر المختلف معه فكرياً وعقائدياً، أمام كل ذلك تحول هذا التنظيم إلى صمام أمان للحفاظ على الأمن الوجودي الأردوغاني –العثماني.

أدروغان وخطة استعادة العثمانية
طالما لجأت الدولة التركية برئاسة أردوغان وحزبه، حزب العدالة والتنمية إلى تنفيذ استراتيجياتهم القائمة على استعادة العثمانية القديمة بلبوس أردوغانية جديدة، وقد تمثل ذلك بالميثاق الملي؛ وعبر استراتيجية تقوم عليها الحركات والتنظيمات الإسلاموية؛ وذلك بالسعي إلى ضم سوريا وغيرها من الدول إلى الأراضي التي شملها الميثاق الملي.
حيث كان تنظيم داعش الإرهابي وأخواته من التنظيمات الإسلاموية، ومازالت المطية التي يوفرون لها الممر الآمن والديمومة بالتغلغل في الأزمة السورية؛ واستثمارها خدمةً لمشاريعها الاحتلالية التوسعية عبر دعمها اللامحدود مادياً وعسكرياً ولوجستياً لتلك الجماعات، وذلك منذ بداية الحراك الثوري في سوريا.
ففي الوقت الذي تحولت فيه سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مساحات شاسعة من الجغرافية السورية إلى فوبيا وقلق دولي وإقليمي ومحلي؛ لما يحمله ذلك من تداعياتها كارثية على حاضر ومستقبل المنطقة والعالم؛ أصبحت هذه الجماعات الحامي والضامن للمصالح الأردوغانية التوسعية الاحتلالية؛ والمدافعة عن بقائه على سدة الحكم.

الدعم التركي لـ داعش
لذا نجد في كل مرة يكون هناك تقدم في مسار انحسار التواجد الداعشي جغرافياً وميدانياً؛ حيث بدأ العالم بمرحلة تجفيف منابعه الفكرية عبر إعادة تأهيل وتنمية المجتمعات التي خضعت لسيطرة التنظيم؛ بالإضافة إلى العمل على عوائل التنظيم من الأطفال والنساء تمهيداً لدمجهم بالمجتمع. تعمل الدولة التركية على الإقدام ببعض الممارسات أو إطلاق جملة من التهديدات والهجمات على بعض المناطق التي من شأنها تعمل على تنشيط خلايا التنظيم النائمة وتهيئة الفرص له؛ وتكثيف نشاطاته عبر اتباع استراتيجيته ما يعرف بالذئاب المنفردة؛ وذلك من أجل زعزعة أمن واستقرار المنطقة.
والأمثلة على ذلك كثيراً جداً، وسبق وأن أشرت إلى سياسات وممارسات الدولة التركية في مقالاتي السابقة، لذا وتجبناً للتكرار سأسلط الضوء في مقالي هذا على التهديدات الأخيرة التي تطلقها دولة الاحتلال التركي بإطلاق عملية عسكرية جديدة على مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
حيث جاءت التهديدات التركية وتحشيداتها العسكرية مع كامل الجهوزية على الحدود السورية مع الفصائل الإسلاموية المسلحة السورية؛ والمدعومة تركياً لشن عملية عسكرية جديدة على مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بعد إعلان النظام السوري وحلفائه من الروس والإيرانيين بإطلاق عملية إدلب المرتقبة وتطهيرها من الإرهابين، واتهامهم للدولة التركية بعدم الوفاء بالتزاماتها، وتنصلها من وعودها بالعمل على تحييد الإرهابيين من المعتدلين على حد وصفهم –الروس-.

رفض دولي لشن تركيا عملية عسكرية بشمال سوريا
فالبرغم من عدم وجود أية موافقة دولية بالسماح لتركية بشن عملية عسكرياً في الوقت الحاضر؛ وكخطوة أمريكية استباقية لردع تركية من الإقدام على أية عملية عسكرية جديدة من شأنها تقويض حملة مكافحة تنظيم داعش جددت بالإبقاء على حالة الطوارئ الوطنية ذي الرقم 13894 المتعلق بالوضع السوري؛ والذي فرضته على تركيا بسبب هجومها على شمال شرقي سوريا عقب عملية ما تعرف بـ ” نبع السلام”، والذي أسهم في تقوض حملة هزيمة داعش في سوريا والعراق.
مما اضطرت الدولة التركية إلى الإعلان وبشكل رسمي تأجيل العملية لعدم توفر الظروف الدولية؛ إلا أنها لم توقف تهديدات ووعيدها بشن عملية عسكرية عبر أبواقها الإعلامية ونشر أخبار وتصاريح ملفقة وفيديوهات قديمة لتضليل الرأي العالم والمحلي، والقصف المستمر من على بعض المناطق واستخدام طائرات من دون طيار باستهداف شخصيات قيادية ومدنيين عزل ومؤسسات عسكرية ومدنية وغيرها من السياسات التي من شأنها تسهم لبث الخوف والرعب في نفوس الأهالي ودفعهم إلى الهجرة في خطوة تسهم في تفريغ المناطق الآهلة بالسكان الأصليين ويفتح مجال أمام سهولة تنشيط وتحرك تنظيم داعش الإرهابي.
حركات تسهم في إنقاذ من تبقى من عناصر التنظيم وعوائلهم؛ سواء أكانوا في السجون أو المخيمات، وتهديدات تدفع عناصر التنظيم ومؤيده إلى التمرد ودفعهم بالتحرك وإثارة الشغب وخلق الفوضى.

محاولة فاشلة من نساء داعش للهروب 
حيث أقدمت نساء تنظيم داعش في مخيم الروج في مناطق شمال وشرق سوريا بمحاولة فاشلة منهن على الهروب من المخيم عبر إحراق الخيم، بالإضافة إلى إعلان قوات سوريا الديمقراطية وبدعم ومساندة من التحالف الدولي عن إحباطها هجوماً لخلية من تنظيم داعش بتاريخ 8 تشرين الثاني، كانت تهدف لتهريب عناصرها من سجن بمدينة الحسكة في شمال شرقي سوريا.
ففي ظل تصريح الروس ورفضهم لأي عملية عسكرية جديدة على المنطقة من قبل تركيا ومرتزقتها من السوريين؛ وعزمها بدعم ومساندة الحكومة السورية في تحرير إدلب ومحاربة فلول تنظيم داعش في البادية السورية؛ أقدم تنظيم داعش على تنفيذ الكمين في بادية المسرب في ريف دير الزور الغربي، ما أدى إلى مقتل ثلاثة عشر عنصراً من الجيش السوري، وإصابة آخرين بجروح خلال قيامهم بعملية تمشيط في المنطقة.
تحركات وتهديدات تركية تأتي عقب رغبة المجتمع الدولي بالعمل على أنها الأزمة؛ والبدء بعملية انتقال سياسي وضرورة إخراج جميع القوات الأجنبية ليست في سوريا لوحدها أنما في كافة المناطق التي تشهد نزاعات مثل ليبيا؛ ولكن كما يبدو طالما ضمنَ أروغان بقاء أمنه الوجودي عبر الاصطياد في المستنقعات التي تعاني منها الدول والمجتمعات؛ بدعم الحركات والجماعات الإسلاموية المتطرفة، يعلم تماماً بتجفيف تلك المستنقعات سيكون سيواجهه أزمة جدية على صعيد أمنه الوجودي؛ وربما نهاية لوجوده ليس بالتوغل في شؤون المجتمعات والدول؛ وإنما حتى وجوده في سدة حكم . لذا نجده يعرقل مساعي إجراء الانتخابات الليبية في وقتها المحدد عبر اتباعه من جماعة الإخوان، وتنصله من وعوده مع الحكومة المصرية بكف عن تدخلاته بالشؤون المصرية الداخلية عبر دعمه وتمسكه بالإخوان المصريين؛ وكذلك الإصرار بالعمل على الإبقاء على الأزمة السورية وتنشيط داعش، والانفتاح على حركة طالبان الأفغانية والتواجد فيها في وقت تشهد فيها نشاط لتنظم داعش المعروف بـ ” تنظيم خراسان”.
أية عملية عسكرية تركية جديدة على سوريا من شأنها أن تقوض الجهود في مكافحة الإرهاب؛ وربما يكون هناك عودة نشطة للتنظيم وبوادرها ظهرت بمجرد إطلاق الدولة التركية للتهديدات.
لذا يتطلب من المجتمع الدولي وخاصة الدول والمجتمعات التي تعاني من التدخلات التركية؛ العمل معاً على لجم التدخلات التركية، وبذلك ستكون خطوة لتسهيل تجفيف منابع الإرهاب والتطرف، وخطوة نحو تحقيق الأمن والسلم الدولي والإقليمي والمحلي.

إقرا أيضا

فى ظل موقف أمريكي ضعيف..هل يقود الانفتاح العربي على دمشق لإسقاط قانون قيصر؟

.. هل يطلق بوتين رصاصة الرحمة على الوجود التركي بـ سوريا؟

Exit mobile version