يبدو أن التنافس بين الولايات المتحدة والصين بدأ يتجاوز حدود الاقتصاد وسباق التسلح ليدخل مرحلة جديدة تعتمد على لعب أدوار أكثر تأثيرا في ملفات الشرق الأوسط، وجذب حلفاء جدد فهل تنجح الصين سياسيا كما نجحت إقتصاديا أم يكون لواشنطن رأيا أخر؟
بعد عقود من التركيز على التوسع الاقتصادي بالشرق الأوسط ، بدأت الصين تتوسع سياسيا وتلعب أدوارا مؤثرة في ملفات المنطقة وتنافس الولايات المتحدة على ملفات طالما احتكرت واشنطن إداراتها، ولا يمكن قراءة الاتفاق الذى رعته بكين بين السعودية وطهران، ثم محاولتها التوسط في الصراع العربي الإسرائيلي ودعوة طرفا الأزمة لزيارة بكين إلا في سياق السعي الصيني للعب دور مؤثر في ملفات المنطقة ومنافسة واشنطن على ذلك.
والأسبوع الماضي، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن نتنياهو تلقي دعوة رسمية من الصين لزيارة بكين خلال الفترة المقبلة.
وتأت الدعوة في ظل حالة من الجفاء تشهدها العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية ونظيرتها الأمريكية رغم التحالف الإستراتيجي التاريخي بين البلدين، حيث لم يتم دعوة نتنياهو لزيارة البيت الأبيض منذ تولي بايدن الرئاسة الأمريكية.
وبحسب مراقبون فإن الصين تسعي لدور أكثر تأثيرا في ملفات الشرق الأوسط وعلى رأسها ملف الصراع العربي الإسرائيلي خاصة بعد نجاحها في رعاية إتفاق عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران؟
كما يري المراقبون أن الحكومة الإسرائيلية قد تستخدم العلاقات مع الصين كورقة ضغط على إدارة بايدن التي ترفض سياسات حكومة نتنياهو وتتهمها بالتطرف.
أهداف الصين
ويري عامر تمام الباحث المتخصص في الشؤون الصينية أن “الصين تسعي منذ فترة ليكون لها تواجد سياسي وامني واستراتيجي بخلاف التواجد الاقتصادي بمنطقة الشرق الأوسط”.
وقال لوكالتنا:”بالنسبة لإسرائيل هناك علاقة قوية مع الصين، وكان هناك مشروع تطوير ميناء حيفا الاسرائيلي باستثمارات صينية ولكن تدخلت واشنطن وأوقفت المشروع نظرا لآن ميناء حيفا كان يستقبل قطع عسكرية أمريكية”.
وبحسب الباحث فإن ” الصين بدأت تتواجد في الشرق الأوسط وتسعي ليكون لها دور فاعل بالمنطقة ولعل الاتفاق الذى رعته بين الرياض وطهران يوضح رغبة بكين في إحداث تأثير كبير في ملفات الشرق الأوسط”.
وأضاف:” الصين تحاول الأن أن تتدخل في الصراع العربي أو الفلسطيني الإسرائيلي، وتريد أن تكون طرف مؤثر في هذا الملف لافتا إلي أن وجود الصين في هذا الملف لابد أن يكون برضا طرفي الصراع الفلسطيني والاسرائيلي”.
وقال تمام : “بكين بدأت خطواتها باستضافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في فترة سابقة وتم الاحتفاء به بشكل كبير والإعلان عن مبادرة صينية لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي”.
وتابع : “كان لابد من تقديم دعوة للطرف الاسرائيلي ممثلا في رئيس الوزراء نتنياهو لمناقشة المبادرة الصينية والحصول على موافقة تل أبيب أن تكون الصين طرف في الوساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
ويعتقد الباحث أن “نجاح الصين في الدخول لملف الوساطة في الصراع العربي الإسرائيلي يعتبر ضربة استراتيجية للنفوذ الأمريكي بالمنطقة نظرا لسيطرة واشنطن التاريخية على قيادة عملية السلام في هذا الملف منذ عقود”.ويري خبير الشؤون الصينية أن “الهدف الحقيقي لبكين من التفاعل مع ملفات الشرق الأوسط هو الضغط على الولايات المتحدة بالتواجد في مناطق نفوذها وذلك ردا على تحركات واشنطن في مناطق نفوذ الصين، لافتا إلي أن أمريكا بدأت تضغط على الصين بمناطق المحيط الهادي والهندي وتزيد من تواجدها في مناطق جوار الصين مثل اليابان وكوريا الجنوبية وبحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان وفيتنام والفلبين وذلك ضمن سياسة واشنطن لحصار الصين والحد من نفوذها”.
ويعتقد أن “الصين بدأت تحارب أمريكا بنفس سلاحها، حيث تتحرك في ملفات الشرق الأوسط ومناطق نفوذ الولايات المتحدة للضغط على واشنطن لوقف التمدد بمناطق نفوذ الصين وفك الحصار عنها وفق قاعدة خطوة بخطوة بحيث ترفع الصين يدها عن ملفات الشرق الأوسط ومناطق نفوذ واشنطن مقابل تخفيف أمريكا لحصارها للصين ووقف تمددها بدول جوارها”.
التطبيع السعودي الإسرائيلي
وحول احتمالية أن تلعب الصين دورا في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل كما فعلت بين الرياض وطهران، أكد الباحث أن استراتيجية الصين في الوقت الحالي لا تخطط للعب دورا في هذا الملف الذى وصفه بالمعقد”، مشيرا إلي أنه لا يمكن القفز على أمور معينة حتى يتم الوصول لتطبيع سعودي إسرائيلي بدون مقابل، خاصة أن سبق وأعلنت أن لديها مبادرة ورؤية لحل القضية الفلسطينية وتريد أن تحقق مكاسب استراتيجة من تطبيعها مع إسرائيل”.
وبحسب الباحث فإن “السعودية تريد أن تكون القوي الاقليمية الأولي بالشرق الأوسط واللاعب الرئيسي في ملفات هامة مثل القضية الفلسطيينية ولذا تريد من اسرائيل تقديم تنازلات ملموسة للتطبيع معها بما يعزز دور السعودية ونفوذها كدولة محورية وقائدة للشرق الأوسط”.
ويري تمام أن “هدف الصين من دعوة نتنياهو لزيارتها، ليس التحرك في ملف التطبيع بين تل أبيب والرياض، أو الوصول لحل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي لأن هذا أمر ليس بالسهولة تحقيقه، بل كل ما تسعي له بكين أن تنال موافقة الإسرائيليين والفلسطينيين لتكون طرفا محايدا نزيها في عملية السلام لافتا إلي أن الصين تريد من ذلك تحقيق مكسب إستراتيجي من خلال تواجدها في هذا الملف وأن ينظر لها العالم على أنها صانع سلام وطرف مؤثر في أزمات الشرق الأوسط وتنافس الولايات المتحدة” .
كما تسعي الصين بحسب الباحث لـ “استغلال الخلافات بين اسرائيل والإدارة الأمريكية الحالية خاصة أن البيت الأبيض لم يوجه دعوة لنتيناهو لزيارة واشنطن منذ وصوله للحكم، وهناك خلافات بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته المتطرفة”.
الموقف الإسرائيلي
وحول الموقف الإسرائيلي من الزيارة، يري الباحث أن نتنياهو ربما يسعي لاستغلال زيارته للصين للضغط على الولايات المتحدة وإدارة بايدن”.
ويشير تمام إلي أن “هذه رابع زيارة يقوم بها نتنياهو للصين، حيث تسعي إسرائيل للاستفادة من العلاقات السياسية والاقتصادية مع الصين وألا تخلق عداء مع بكين بما يدفع الأخيرة لدعم الطرف الفلسطيني بشكل مباشر لافتا إلي أن تل أبيب تسعي لتحييد الصين وعدم الوقوف ضدها وفي نفس الوقت تسعي لعدم إغضاب واشنطن للحفاظ على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل”.
وبحسب الباحث فإن “إسرائيل قد توافق على أن تكون الصين طرفا في عملية السلام مع الفلسطينين ولكن دون أن تكون الطرف الأصيل في الوساطة كما هو حال الولايات المتحدة، كما لن تمانع تل أبيب من مناقشة المبادرة الصينية لحل الصراع العربي الفلسطيني”.
ويعتقد أن “الصين بدأت تحارب أمريكا بنفس سلاحها، حيث تتحرك في ملفات الشرق الأوسط ومناطق نفوذ الولايات المتحدة للضغط على واشنطن لوقف التمدد بمناطق نفوذ الصين وفك الحصار عنها وفق قاعدة خطوة بخطوة بحيث ترفع الصين يدها عن ملفات الشرق الأوسط ومناطق نفوذ واشنطن مقابل تخفيف أمريكا لحصارها للصين ووقف تمددها بدول جوارها”.
التطبيع السعودي الإسرائيلي
وحول احتمالية أن تلعب الصين دورا في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل كما فعلت بين الرياض وطهران، أكد الباحث أن استراتيجية الصين في الوقت الحالي لا تخطط للعب دورا في هذا الملف الذى وصفه بالمعقد”، مشيرا إلي أنه لا يمكن القفز على أمور معينة حتى يتم الوصول لتطبيع سعودي إسرائيلي بدون مقابل، خاصة أن سبق وأعلنت أن لديها مبادرة ورؤية لحل القضية الفلسطينية وتريد أن تحقق مكاسب استراتيجة من تطبيعها مع إسرائيل”.
وبحسب الباحث فإن “السعودية تريد أن تكون القوي الاقليمية الأولي بالشرق الأوسط واللاعب الرئيسي في ملفات هامة مثل القضية الفلسطيينية ولذا تريد من اسرائيل تقديم تنازلات ملموسة للتطبيع معها بما يعزز دور السعودية ونفوذها كدولة محورية وقائدة للشرق الأوسط”.
ويري تمام أن “هدف الصين من دعوة نتنياهو لزيارتها، ليس التحرك في ملف التطبيع بين تل أبيب والرياض، أو الوصول لحل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي لأن هذا أمر ليس بالسهولة تحقيقه، بل كل ما تسعي له بكين أن تنال موافقة الإسرائيليين والفلسطينيين لتكون طرفا محايدا نزيها في عملية السلام لافتا إلي أن الصين تريد من ذلك تحقيق مكسب إستراتيجي من خلال تواجدها في هذا الملف وأن ينظر لها العالم على أنها صانع سلام وطرف مؤثر في أزمات الشرق الأوسط وتنافس الولايات المتحدة” .
كما تسعي الصين بحسب الباحث لـ “استغلال الخلافات بين اسرائيل والإدارة الأمريكية الحالية خاصة أن البيت الأبيض لم يوجه دعوة لنتيناهو لزيارة واشنطن منذ وصوله للحكم، وهناك خلافات بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته المتطرفة”.
الموقف الإسرائيلي
وحول الموقف الإسرائيلي من الزيارة، يري الباحث أن نتنياهو ربما يسعي لاستغلال زيارته للصين للضغط على الولايات المتحدة وإدارة بايدن”.
ويشير تمام إلي أن “هذه رابع زيارة يقوم بها نتنياهو للصين، حيث تسعي إسرائيل للاستفادة من العلاقات السياسية والاقتصادية مع الصين وألا تخلق عداء مع بكين بما يدفع الأخيرة لدعم الطرف الفلسطيني بشكل مباشر لافتا إلي أن تل أبيب تسعي لتحييد الصين وعدم الوقوف ضدها وفي نفس الوقت تسعي لعدم إغضاب واشنطن للحفاظ على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل”.
وبحسب الباحث فإن “إسرائيل قد توافق على أن تكون الصين طرفا في عملية السلام مع الفلسطينين ولكن دون أن تكون الطرف الأصيل في الوساطة كما هو حال الولايات المتحدة، كما لن تمانع تل أبيب من مناقشة المبادرة الصينية لحل الصراع العربي الفلسطيني”.