خطة إخوانية للعودة للمشهد السياسي فى المغرب | تفاصيل

يخطط حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي الذي مني بهزيمة انتخابية أخرجته من السلطة وصفها محللون بأنها “مذلة” على ما يبدو للعودة للمحاضن الاجتماعية بواجهة أخرى يقدمها قيادي سابق في الحزب كمبادرة تهدف لاستقطاب أنصار وداعمين من داخل المغرب وخارجه لفكرة “الوطن أوّلا ودائما” من دون الانخراط في العمل الحزبي.

ويبحث إخوان المغرب عن منافذ لاستعادة ثقة قواعدهم بعد أن أصابتهم الهزيمة الانتخابية بالإرباك وبحالة من التشظي والخلافات الداخلية إضافة إلى تراجع شعبيتهم لمستويات متدنية تجسدت في فشلهم في حشد الشارع أو حتى من أنصارهم ضد خصمهم رئيس الحكومة عزيز أخنوش في أكثر من مناسبة.

ويتحرك هؤلاء على طريقة إخوان السودان الذين أعلنوا قبل عامين الانكفاء السياسي والعودة للمحاضن الاجتماعية والتركيز على مشاغل السودانيين قبل أن يعاودوا الظهور في الشارع وينخرطوا في الاحتجاجات ضد السلطة التي يقودها العسكريون.

وكان الهدف من الانكفاء السياسي والعودة للمحاضن الاجتماعية هو استقطاب المزيد من الأنصار بالعزف على الوتر الاجتماعي والديني بعدما فقدوا التأثير على الشارع وبعد الإجراءات التي اتخذتها السلطة الانتقالية في السودان ضدهم منذ عزل الرئيس عمر حسن البشير في 2019.

وطرح القيادي الاخواني المغربي عزيز رباح مبادرة أثارت كثيرا من التكهنات بشأن ما إذا كان إخوان المغرب يستعدون لتأسيس حزب جديد بمرجعية إسلامية وبواجهة اجتماعية لترميم الشروخ التي أحدثتها الهزيمة الانتخابية.

وبحسب تقرير لصحيفة ‘العرب’ اللندنية ينظر محللون إلى مبادرة رباح التي أطلقها قبل نحو عام مباشرة بعد الهزيمة الانتخابية المدوية لحزب العدالة والتنمية، على أنها نواة لحزب جديد.

ويراهن عزيز رباح من خلال تلك المبادرة على “استقطاب كوادر وشباب من داخل الوطن وخارجه”، معلنا أنها “ستهتم بالسياسات العمومية والاقتصادية وتقديم مقترحات دون الانخراط في العمل الحزبي أو النقابي ولا علاقة لها بأي حزب”، في إشارة إلى العدالة والتنمية.

وبحسب المصدر ذاته حرص رباح الذي تم اختياره السبت الماضي خلال الاجتماع التأسيسي رئيسا لها لمدة سنتين كمرحلة تأسيسية، على أن يظهر مبادرته لن تتحول إلى حزب سياسي، مشددا على أنها ستبقى نشاطا مدنيا تقتصر على تتبع السياسات العمومية والبرامج التنموية على المستويين الوطني والمحلي.

ويحاول القيادي الاخواني على الأرجح اختبار مدى التفاعل الشعبي خاصة من قواعد حزب العدالة والتنمية، لينتقل في مرحلة ما من النشاط المدني (كما يقول) إلى النشاط السياسي وهو أمر يقول متابعون لشؤون جماعات الإسلام السياسي، إنه تكتيك دأب الإخوان على إتباعه حينما يواجهون أزمة داخلية.

ويشير هؤلاء أيضا إلى أن التركيز على الشأن المدني وشواغل الناس مجرد مناورة للاستقطاب وبمجرد أن تلقى مثل تلك المبادرات تفاعلا يُسار إلى تحويلها إلى نشاط حزبي يتناغم مع طروحات الحزب القائم.

ويقول عزيز رباح “البعض روّج لذلك وتلقينا اتصالات كثيرة حول ما إذا كانت المبادرة تمهد الطريق لتأسيس حزب سياسي جديد، وكان جوابي واضحا حتى مع الإخوة والأخوات الذين قررنا رفقتهم تأسيس هذه المبادرة”.

لكن الواضح أن مبادرة رباح ليست إلا واجهة دعوية تسعى لتثبيت نفسها وتختبر إلى أي مدى يمكن أن تذهب في صناعة قاعدة شعبية بعد أن اهتزت ثقة جمهور حزب العدالة والتنمية في قياداته ونهجه السياسي.

ونقلت صحيفة ‘العرب’ اللندنية عن محللين قولهم إن حزب العدالة والتنمية المغربي يراهن على الجناح المدني الذي يوفر تواصلا مباشرا مع القواعد والمواطنين.

ويبدو هذا النهج مشابها تماما لذلك الذي اعتمده إخوان السودان خلال العامين الماضين بعد أن تركوا الساحات وركزوا على شواغل الناس والوضع الاجتماعي والاقتصادي وأعادوا ترتيب صفوفهم في المحاضن الاجتماعية وما أن أتيحت لهم الفرصة عادوا للشوارع بأكثر قوة وإسناد بحثا عن منافذ للعودة للمشهد السياسي.

وإستراتيجية إخوان المغرب لا تختلف كثيرا عن إستراتيجية إخوان السودان لكن ليس واضحا ما إذا كانوا (إخوان المغرب) يستلهمون من تجربة نظرائهم السودانيين وان اختلفت الظروف، فالمغرب على خلاف السودان يتمتع باستقرار سياسي واجتماعي.

وقالت شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس في الرباط في تصريح لـ’العرب’ اللندنية، إن “المبادرة ذات أهداف مهمة حسب نظامها التأسيسي، لكن كما لا يخفى فإن حزب العدالة والتنمية يعتمد بشكل كبير على الجناح المدني الذي يسهّل التواصل المباشر مع المواطنين، والذي كان له دور مهم في حصد أصوات الناخبين في محطات انتخابية سابقة”.

وتابعت “رغم أن عزيز رباح القيادي قد أعلن اعتزاله السياسة من قبل، فإن هذا لا ينفي سيره في هذا النهج، لذلك فخروج هذه المبادرة اليوم إلى النور لا يمكن فصله عن النهج الذي يعتمده التيار الإسلامي في المغرب”.

ولم تستبعد الباحثة المغربية أن يكون هذا الحراك تمهيدا “لميلاد حزب سياسي بتوجه إسلامي جديد، كمحاولة لتجديد ثقة المواطن المغربي الذي كان قد عاقب حزب العدالة والتنمية في الاستحقاقات الأخيرة، من خلال هذه المبادرة كواجهة جديدة”.

وذهب الباحث في العلوم السياسية هشام عميري إلى أن المبادرة التي يطرحها عزيز رباح جاءت “لسد ما فشل فيه الحزب السياسي ولهذا لا يمكن إنكار أن هذه المبادرة قد تتحول يوما ما إلى حزب سياسي، خاصة مع وجود أعضاء لهم تجربة في الحياة الحزبية والدعوية” رغم تأكيد أصحاب المبادرة أنها بعيدة عن السياسة.

وتوقع عميري أن تشرع المبادرة قريبا في تأسيس فروع لها في الجهات وانها ستقوم بتأسيس شراكات مع مختلف المؤسسات والجمعيات.

وتراجع حزب العدالة والتنمية إلى المرتبة الثامنة في الانتخابات التشريعية الأخيرة مكتفيا بـ13 مقعدا فقط، مقابل 125 مقعدا في البرلمان السابق، في نكسة سياسية تقول مراكز بحثية مهتمة بشؤون جماعات الإسلام السياسي إنها تشكل سقوطا لمشروع التمكين وأنها تجسد فشل الإسلاميين في الحكم.

وبدأ مشروع الإخوان ينهار تباعا بداية من مصر بعد أن عزل الجيش جماعة الاخوان من الحكم وبعد أن كشف مخططات تخريبية وتدميرية وفي السودان مع عزل الجيش للرئيس عمر البشير ولاحقا في تونس بعد أن عزل الرئيس قيس سعيد منظومة الحكم التي تقودها حركة النهضة الإسلامية منذ 2010، بينما يقاوم حزب العدالة والتنمية التركي الإسلامي سقوطا محتملة مع أزمات متناثرة وانشقاقات كبيرة وتراجعا لافتا في شعبيته بينما يستعد لخوض انتخابات في يونيو/حزيران 2023 يجمع كل المحللون على أنها ستكون حاسمة بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه وهو الذي وفر دعما كبيرا لجماعات الإسلام السياسي في المنطقة.

Exit mobile version