تحليل تكتبه د.دانييلا القرعان
خرقوا كل الاتفاقيات والمعاهدات، وخرقوا القانون الدولي والشرعية الدولية، وقرارات محكمة لاهاي بخصوص الجدار وبخصوص المغتصبات، ” العدو الصهيوني الذي بات يتجاوز القانون والشرعية، وها هو الان بدأ بنشر سياسة التطبيع لكن على طريقته ” الكهرباء مقابل المياه “.
إن ما يجري للأسف في الآونة الأخيرة ما بين الدول العربية والعدو الصهيوني من علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية وقومية هو ارتماء عربي في حضن العدو، وهو ليس تطبيعا بقدر ما هو عملية تورط وتوريط للبلاد، ورهن مستقبلها وسيادتها بيد عدو لا يرحم حلفاؤه، بل عبيده، فكيف بمن يعتبرهم اغيارا هم دون مستوى البشر حسب منظورهم؟
اتفاق الطاقة مقابل الماء بين الرفض الشعبي والمكاسب
بداية نحن كشعب أردني نعبر عن الإرادة الشعبية الحرة والتي ترفض كل اشكال الخضوع والخنوع للعدو الصهيوني، ونرفض كل أنواع الاتفاقيات التي ابرمت سابقا والتي سيتم ابرامها مستقبلا. رفضنا من حيث المبدأ اتفاقية وادي عربة عام 1994 التي مست السيادة الأردنية وما تلاها من اتفاقيات ناتجة عنها، وكذلك اتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني عام 2016، والان اتفاقية الطاقة مقابل المياه. وللأسف يعد اتفاق النوايا ما بين الأردن والعدو الصهيوني من أبرز الاحداث الاقتصادية لعام 2021.
باتت الكثير من النخب السياسية والأحزاب السياسية والحركية تخرج بمسيرات سواء في شوارع عمان في وسط البلد او امام مجلس النواب الأردني، من اجل اظهار موقف المطالب من مجلس النواب الأردني تجاه اتفاق النوايا، وللأسف هذه الجلسة والتي تخص هذا الاتفاق قد تأخرت عدة جلسات، وهنالك محاولات لتمويتها واضاعة الوقت وامتصاص غضب الشارع الأردني.
واعلان النوايا المشين الذي يرهن مستقبل الأردن الاستراتيجي والاقتصادي بيد العدو الإسرائيلي يسعى الى توسيع هيمنته على عموم الرقعة العربية، لكن دائما الإرادة الشعبية هي التي تقف بالمرصاد امام الاطماع الخارجية والسياسات الضالة، والاتفاقيات التي تعد مظهر من مظاهر التطبيع، فالإرادة الشعبية الحقيقية دائما بالطليعة في محاربة الهيمنة والسيطرة ونشر السياسات التي لا تتوافق مع إرادة الشعوب التي تحاول دائما الحفاظ على الأوطان بأي طريقة.
إن الحاجة الى الامن حاجة أساسية لاستمرار الحياة وديمومتها وعمران الأرض التي استخلف الله تعالى عليها بني ادم، وان انعدام الامن يؤدي الى القلق والخوف ويحول دون الاستقرار والبناء ويدعو الى الهجرة والتشرد وتوقف أسباب الرزق مما يؤدي الى انهيار المجتمعات ومقومات وجودها.
يعتبر الامن المائي ذات صلة وثيقة بالأمن الوطني، حيث يصعب فهم وتحقيق الامن الوطني دون الفهم بين عناصره، فيصعب الامن العسكري دون الامن الاقتصادي، ولا يمكن القول بوجود امن اقتصادي بمعزى عن الامن الغذائي والذي هو نتيجة للأمن المائي.
إن مشكلة المياه ستلعب دورا هاما في رسم الخارطة السياسية في المنطقة مثل ما ترسمه اتفاقية النوايا “الطاقة مقابل المياه” في رسم سياسة خارجية محبكة من مجموعة اطراف هما الولايات المتحدة الامريكية والامارات العربية المتحدة وإسرائيل، وهذا يشبهنا ويقودنا الى الحديث كيف لعب النفط هذا الدور لما يشكله موضوع المياه من تحد على الصعيد الدولي خلال القرن الحادي والعشرين وذلك نتيجة لما يطرحه الطلب المتزايد على المياه ونقص مصادرها من مشاكل حقيقية تعاني منها الدول ومنها الأردن، حيث تسعى هذه الدول الى توفير مصادر للمياه تستطيع من خلاله خلق حالة استجابة عرض المياه فيها للطلب عليها وهو ما يسمى بحالة الامن المائي.
ومن الملاحظ ان الأردن من الدول الأكثر قلقا إزاء الامن المائي حيث يعاني ويشكل واضح من مشكلة العجز المائي وذلك يعود لزيادة الطلب على مصادر المياه من جهة، ومحدوديتها من جهة أخرى.
التطبيع ام المياه
هنا لا نستطيع القول التطبيع ام المياه؛ لأن كلاهما يعطل الحياة، فلا حياة بدون مياه، ولا حياة بدون وطن خالي من العبودية والاستعباد والصفقات والاتفاقيات الملوثة التي ظاهرها الخارجي يدعو الى الاطمئنان من خلال حصول الأردن على كميات كبيرة من المياه عن طريق تحلية مياه البحر الأحمر، وباطنها سم قاتل سيعبر الى شرايين الدولة الأردنية ويقضي عليها تماما؛ لأن مثل هذه الاتفاقيات والصفقات عندما يكون احد أطرافها العدو الصهيوني فلا خيره منها حتى لو اغرقت الأردن بالمياه واصبحنا من اكثر الدول غنى بالماء.
عند الاختيار ما بين الموافقة على التطبيع واتحدث هنا عن الإرادة الشعبية الحرة التي ترفض كل اشكال التطبيع مع هذا العدو المغتصب مهما كانت النتائج المرجوة جيدة للأردنيين، فلا خير في حكومة توافق على مثل هذه الاتفاقيات بحجة مساعد الشعب الأردني ان لا يعطش، هنا لا استطيع الخوض في نوايا الحكومة الأردنية لكن ما استطيع قوله كأردنية ان الحكومات المتعاقبة لا تستطيع التطبيع وابرام اتفاقيات مع العدو الإسرائيلي ما دام هنالك إرادة شعبية حقيقية قوية تضغط على الحكومات لإفشال مخططاتها.
البدائل المتاحة أمام الأردن
الشعب الأردني بكل اطيافه وطبقاته واحزابه والقوى السياسية ترفض رفضا كاملا اتفاقية الطاقة مقابل المياه تحت أي ظرف او أي مكان او أي زمان والسبب ان الشعب الأردني يعلم بأن هنالك بدائل حاضرة بدلا عن هذه الاتفاقية بحجة تزويدنا بالمياه.
بناء استراتيجية مائية في ضوء شح المياه
بداية علينا أن نتعرف على مصادر المياه المتاحة في الأردن، وأن نضع تصور يسهم في بناء استراتيجية مائية في ضوء شح المياه ونفاذ مصادرها، وتحديد أهم الأخطار المحدقة بمشكلة المياه على مستوى الإقليم وبخاصة إسرائيل.
وكذلك التحديات والاخطار المائية ذات الصلة بالأمن الوطني الأردني، والضغوطات التي تواجه المملكة الأردنية الهاشمية وذلك بسبب شح المياه، الأمر الذي يتطلب إيجاد استراتيجية مائية كي يواجه الأردن العجز الكبير في مصادر المياه.
إن عدم توفر مصادر كافية للمياه في الأردن مع ازدياد الطلب دفع بالأردن للبحث عن بدائل كي يلبي الأردن احتياجاته المائية ومن هذه البدائل عقد اتفاقيات طرفها عدو لا يعرف الصديق ولا العدو انه العدو الإسرائيلي من خلال تزويده بالطاقة والكهرباء على ان يمد الأردن بكميات كافية من المياه.
ومن البدائل الأخرى بعيدا عن التطبيع الاقتصادي الذي يعد من أخطر اشكال التطبيع محاولة تحلية مياه البحر وإقامة المشاريع المائية وبناء السدود وغيرها من الأمور، والتركيز على واقع السدود والأحواض المائية والمياه الجوفية وطبيعة المناخ والأمطار والأنهار في الأردن، وبيان الاستراتيجية المائية في الأردن من خلال مشروع حوض الديسة و مشروع ناقل البحرين، ثم التعرض للتحديات و الأخطار التي تواجه المياه في الأردن و سياسة الأردن الإقليمية لحل مشاكل المياه.
أن التغير المناخي الذي يواجه العالم اليوم هو التحدي الحقيقي الذي يؤرق الدول وصناع القرار لما له من تبعات على الأمن المائي والأمن الغذائي على حد سواء باعتبارهما ذروة الأمن الاقتصادي.
باتت الظروف والأوضاع السياسية وقضية اللاجئين السوريين، والظروف الإقليمية التي تحاوط الأردن، والتغييرات المناخية وتراجع كميات الهطول المطري والارتفاع الكبير بدرجات الحرارة والنمو السكاني الذي يتزايد بشكل كبير، وانخفاض تخزين مياه السدود، والطبيعة الصحراوية للأردن، من أهم المشاكل التي تؤثر على الوضع المائي، وساهمت هذه العوامل في ازدياد الطلب على كميات إضافية من المياه واستهلالك الفرد الأردني منها.
ومن أجل الحفاظ على المستوى المائي للشرب والاستخدام اليومي وسد العجز المائي والاحتياجات ومواجهة هذا الواقع الصعب.
بدأ الأردن بشراء كميات إضافية من المياه مما قد يسبب ضغطا على الخزينة العامة ويتدهور الاقتصاد الوطني، لذلك فمن الضروري البحث السريع عن حلول جديدة ومبتكرة تحد من هذا النقص، فالأردن بلد يتأثر في قضية التغير المناخي وانبعاث الغازات الدفيئة.
ما هو الأمن المائي؟
كمية المياه الصالحة للاستخدام البشري والمتوفرة التي تلبي الاحتياجات المختلفة كما ونوعا مع ضمان استمرارها عبر استخدام الموارد المتاحة من المياه، والبحث عن موارد جديدة في ضوء العجز المائي الحاصل.
يصنف الأردن من ضمن الدول الأشد فقرا بالمياه، وللأسف هذا يؤثر سلبا وعكسا على القطاع الزراعي الأردني بتراجع حجم الصادرات. فالأمن الاقتصادي في الأردن قائم على التوازن ما بين الأمن المائي والأمن الغذائي؛ لأن كل منهما يعتبر ركيزة من ركائز الاقتصاد في الأردن.
الاستراتيجية المتاحة الآن في ضوء شح المياه هي تحلية مياه البحر، والبدء بإقامة الكثير من المشاريع المائية التي تحافظ على مستوى معين من المياه، وبناء الكثير من السدود، وضخ المزيد من المياه الجوفية والاستخراج الآمن لها، وإيجاد حلول واقعية متعلقة بإدارة وآلية الطلب، والمحافظة على المياه وإعادة الاستخدام، والعمل على زيادة كفاءة استخدام المياه الأقل تكلفة والأكثر نجاحا الذي يسهم بشكل كبير في استدامة نمو الاقتصاد الوطني ورخاء المجتمع وازدهاره.
العمل على إنشاء قاعدة بيانات لبث التنبيهات الى فرق الصيانة في تقليص كميات المياه المهدورة وتوفير الوقت والاستجابة السريعة، التركيز إعلاميا على الجانب الأخلاقي والوطني للمواطنين بالإبلاغ عن حوادث تسرب المياه وتدفق المياه العادمة.
تطوير السياسات والتشريعات وحملات التوعية والترشيد، واستخدام التقنيات الجديدة في مجال المياه، وتفعيل القانون على كل من يعتدي على المياه، معالجة سعة التخزين، وموازنة إدارة الطلب على المياه وإدارة الامداد المائي والتركيز على برامج الإنتاج والتوزيع.
الشعب الأردني اظهر رفضه المطلق لاتفاق النوايا مع إسرائيل والذي لا يصب بمصلحة الأردن، والذهاب الى البحث عن مصادر مائية محلية منها بناء السدود وحفر الآبار واستئجار المياه من الآبار الزراعية والتوقف عن ردم الآبار الخاصة. وإنشاء الحفائر والإسراع في تنفيذ مشروع الناقل الوطني وتحلية مياه البحر الأحمر بمحافظة العقبة، واستحداث شركة مساهمة عامة بهدف تحلية مياه البحر الأحمر.
اذن هنالك بدائل عن ممارسة التطبيع الذي يقود للتهلكة المستقبلية والذي يضع الأردن مجددا تحت رحمة الاحتلال الإسرائيلي، لكن الأردن لم يطور اي خيارات بديلة في موضوع المياه او إيجاد حلول إبداعية لمواجهة نقص المياه خلال السنوات والعقود الماضية، ما تسبب في الوصول إلى هذا الوضع المائي المقلق.
نحن كشعب أردني أصبحنا أكثر وعيا لما يدور حولنا، وأصبحنا نرفض أي شكل من اشكال التطبيع السياسي الاقتصادي الثقافي مع هذا العدو المغتصب، فلا خير في عدو لا يعرف مبدأ الالتزام بالمعاهدات وبنودها ونصوصها، ويحتل شعب يدافع عن ارضه كالشعب الفلسطيني.
للأسف واقعة اتفاقية النوايا والتي اعتبرها واقعة سياسية بحتة تسجل خيبة جديدة للحكومة الأردنية، وقد آن الأوان لهذا العبث ان يتوقف، فوزير الاعلام ينفي صباحا خبر الاتفاقية ووزير المياه يوقعها مساءا، الا يستحق الأردن إدارة أفضل من هذه التي خيبت ظن الشعب الاردني. ذلك يعد سلب لأرادتنا السياسية وربطها بالكيان الصهيوني، وهذا الاتفاق مخالفا لإرادة الشعب الأردني قولا وتفصيلا.
إن مواقف الأردن ثابتة وصلبة تجاه القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، والاردن قدم شهداء وروى بدماء أبنائه الأطهار ثرى فلسطين، لذلك لا أحد يزايد على الأردن وقيادته وحكومته ومجلس نوابه وشعبه”.
الأردن يدفع ثمن مواقفه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، وتكسرت الكثير من الخطط التي تستهدف تصفية حقيقية للقضية الفلسطينية، بفعل صلابة هذه المواقف”، مضيفا “نفخر بتقاليد من سبقونا في النضال، وبتاريخ آبائنا الوطني المشرف، والحكومة لا تخفي أو تتستر على أي معلومة حول إعلان النوايا”. وللأسف الأردن بكل مؤسساته شئنا أم أبينا، وقع اتفاقية مع إسرائيل عام 1994 وأقرت حينه في مجلس النواب، لكن إسرائيل مثل كل مرة خرقت كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بما فيها اتفاقية وادي عربة، واقول إنها لن تلتزم باتفاق النوايا وما يترتب عليه من اتفاقيات أخرى.
بين اتفاقية المياه واتفاقية وادي عربة
وأخيرا حيث يطول الحديث في هذا الموضوع الحساس الذي يمس السيادة الأردنية شريان الحياة للأردنيين، وأقول بأن صعوبة إقناع الأردنيين بجدوى مشاريع السلام والتطبيع يستند إلى تاريخ طويل من عدم الالتزام الإسرائيلي، فاتفاقية وادي عربة التي أنهت حالة الصراع مع إسرائيل، كشفت عدم التزام دولة الاحتلال بحقوق الأردن المائية حيث توقفت عن السير في مشروع ناقل البحرين بشكل هدد الأمن المائي الأردني.
حاجة الأردن لحماية حدوده من عدوان إسرائيلي، وهو الدافع لإنجاز اتفاقية السلام، تقابله حاجة مكافئة للدفاع عن حقوق الأردن وسيادته، كما حصل برفض عمّان تجديد اتفاقية زراعة إسرائيل لأراضي الغمر والباقورة، وكذلك رفضها الانخراط في «صفقة القرن»، ودفاعها عن القضية الفلسطينية. المتوقع، بعد هذا الجدل الشديد السخونة، أن يتابع الأردن المحاولة الصعبة لموازنة ظروفه الاقتصادية الصعبة، مع وجود دولة الاحتلال الإسرائيلي وعدوانيتها وانتهاكاتها في الأراضي المحتلة، والضغوط والمصالح الدولية والإقليمية، من دون نسيان الجبهة الداخلية، القادرة على إسناد قرارات الحكومة أو إضعافها.
إقرا أيضا
التطبيع أو العطش..الحكومة الأردنية تهدد رافضي إتفاقية المياه مع إسرائيل
وصفها بـ خاصرة الأمة..رئيس برلمان الأردن يدعو لـ عودة سوريا إلى الحاضنة العربية
بداية نحن كشعب أردني نعبر عن الإرادة الشعبية الحرة والتي ترفض كل اشكال الخضوع والخنوع للعدو الصهيوني، ونرفض كل أنواع الاتفاقيات التي ابرمت سابقا والتي سيتم ابرامها مستقبلا. رفضنا من حيث المبدأ اتفاقية وادي عربة عام 1994 التي مست السيادة الأردنية وما تلاها من اتفاقيات ناتجة عنها، وكذلك اتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني عام 2016، والان اتفاقية الطاقة مقابل المياه. وللأسف يعد اتفاق النوايا ما بين الأردن والعدو الصهيوني من أبرز الاحداث الاقتصادية لعام 2021.
باتت الكثير من النخب السياسية والأحزاب السياسية والحركية تخرج بمسيرات سواء في شوارع عمان في وسط البلد او امام مجلس النواب الأردني، من اجل اظهار موقف المطالب من مجلس النواب الأردني تجاه اتفاق النوايا، وللأسف هذه الجلسة والتي تخص هذا الاتفاق قد تأخرت عدة جلسات، وهنالك محاولات لتمويتها واضاعة الوقت وامتصاص غضب الشارع الأردني.
واعلان النوايا المشين الذي يرهن مستقبل الأردن الاستراتيجي والاقتصادي بيد العدو الإسرائيلي يسعى الى توسيع هيمنته على عموم الرقعة العربية، لكن دائما الإرادة الشعبية هي التي تقف بالمرصاد امام الاطماع الخارجية والسياسات الضالة، والاتفاقيات التي تعد مظهر من مظاهر التطبيع، فالإرادة الشعبية الحقيقية دائما بالطليعة في محاربة الهيمنة والسيطرة ونشر السياسات التي لا تتوافق مع إرادة الشعوب التي تحاول دائما الحفاظ على الأوطان بأي طريقة.
إن الحاجة الى الامن حاجة أساسية لاستمرار الحياة وديمومتها وعمران الأرض التي استخلف الله تعالى عليها بني ادم، وان انعدام الامن يؤدي الى القلق والخوف ويحول دون الاستقرار والبناء ويدعو الى الهجرة والتشرد وتوقف أسباب الرزق مما يؤدي الى انهيار المجتمعات ومقومات وجودها.
يعتبر الامن المائي ذات صلة وثيقة بالأمن الوطني، حيث يصعب فهم وتحقيق الامن الوطني دون الفهم بين عناصره، فيصعب الامن العسكري دون الامن الاقتصادي، ولا يمكن القول بوجود امن اقتصادي بمعزى عن الامن الغذائي والذي هو نتيجة للأمن المائي.
إن مشكلة المياه ستلعب دورا هاما في رسم الخارطة السياسية في المنطقة مثل ما ترسمه اتفاقية النوايا “الطاقة مقابل المياه” في رسم سياسة خارجية محبكة من مجموعة اطراف هما الولايات المتحدة الامريكية والامارات العربية المتحدة وإسرائيل، وهذا يشبهنا ويقودنا الى الحديث كيف لعب النفط هذا الدور لما يشكله موضوع المياه من تحد على الصعيد الدولي خلال القرن الحادي والعشرين وذلك نتيجة لما يطرحه الطلب المتزايد على المياه ونقص مصادرها من مشاكل حقيقية تعاني منها الدول ومنها الأردن، حيث تسعى هذه الدول الى توفير مصادر للمياه تستطيع من خلاله خلق حالة استجابة عرض المياه فيها للطلب عليها وهو ما يسمى بحالة الامن المائي.
ومن الملاحظ ان الأردن من الدول الأكثر قلقا إزاء الامن المائي حيث يعاني ويشكل واضح من مشكلة العجز المائي وذلك يعود لزيادة الطلب على مصادر المياه من جهة، ومحدوديتها من جهة أخرى.
هنا لا نستطيع القول التطبيع ام المياه؛ لأن كلاهما يعطل الحياة، فلا حياة بدون مياه، ولا حياة بدون وطن خالي من العبودية والاستعباد والصفقات والاتفاقيات الملوثة التي ظاهرها الخارجي يدعو الى الاطمئنان من خلال حصول الأردن على كميات كبيرة من المياه عن طريق تحلية مياه البحر الأحمر، وباطنها سم قاتل سيعبر الى شرايين الدولة الأردنية ويقضي عليها تماما؛ لأن مثل هذه الاتفاقيات والصفقات عندما يكون احد أطرافها العدو الصهيوني فلا خيره منها حتى لو اغرقت الأردن بالمياه واصبحنا من اكثر الدول غنى بالماء.
عند الاختيار ما بين الموافقة على التطبيع واتحدث هنا عن الإرادة الشعبية الحرة التي ترفض كل اشكال التطبيع مع هذا العدو المغتصب مهما كانت النتائج المرجوة جيدة للأردنيين، فلا خير في حكومة توافق على مثل هذه الاتفاقيات بحجة مساعد الشعب الأردني ان لا يعطش، هنا لا استطيع الخوض في نوايا الحكومة الأردنية لكن ما استطيع قوله كأردنية ان الحكومات المتعاقبة لا تستطيع التطبيع وابرام اتفاقيات مع العدو الإسرائيلي ما دام هنالك إرادة شعبية حقيقية قوية تضغط على الحكومات لإفشال مخططاتها.
بناء استراتيجية مائية في ضوء شح المياه
بداية علينا أن نتعرف على مصادر المياه المتاحة في الأردن، وأن نضع تصور يسهم في بناء استراتيجية مائية في ضوء شح المياه ونفاذ مصادرها، وتحديد أهم الأخطار المحدقة بمشكلة المياه على مستوى الإقليم وبخاصة إسرائيل.
وكذلك التحديات والاخطار المائية ذات الصلة بالأمن الوطني الأردني، والضغوطات التي تواجه المملكة الأردنية الهاشمية وذلك بسبب شح المياه، الأمر الذي يتطلب إيجاد استراتيجية مائية كي يواجه الأردن العجز الكبير في مصادر المياه.
إن عدم توفر مصادر كافية للمياه في الأردن مع ازدياد الطلب دفع بالأردن للبحث عن بدائل كي يلبي الأردن احتياجاته المائية ومن هذه البدائل عقد اتفاقيات طرفها عدو لا يعرف الصديق ولا العدو انه العدو الإسرائيلي من خلال تزويده بالطاقة والكهرباء على ان يمد الأردن بكميات كافية من المياه.
ومن البدائل الأخرى بعيدا عن التطبيع الاقتصادي الذي يعد من أخطر اشكال التطبيع محاولة تحلية مياه البحر وإقامة المشاريع المائية وبناء السدود وغيرها من الأمور، والتركيز على واقع السدود والأحواض المائية والمياه الجوفية وطبيعة المناخ والأمطار والأنهار في الأردن، وبيان الاستراتيجية المائية في الأردن من خلال مشروع حوض الديسة و مشروع ناقل البحرين، ثم التعرض للتحديات و الأخطار التي تواجه المياه في الأردن و سياسة الأردن الإقليمية لحل مشاكل المياه.
أن التغير المناخي الذي يواجه العالم اليوم هو التحدي الحقيقي الذي يؤرق الدول وصناع القرار لما له من تبعات على الأمن المائي والأمن الغذائي على حد سواء باعتبارهما ذروة الأمن الاقتصادي.
باتت الظروف والأوضاع السياسية وقضية اللاجئين السوريين، والظروف الإقليمية التي تحاوط الأردن، والتغييرات المناخية وتراجع كميات الهطول المطري والارتفاع الكبير بدرجات الحرارة والنمو السكاني الذي يتزايد بشكل كبير، وانخفاض تخزين مياه السدود، والطبيعة الصحراوية للأردن، من أهم المشاكل التي تؤثر على الوضع المائي، وساهمت هذه العوامل في ازدياد الطلب على كميات إضافية من المياه واستهلالك الفرد الأردني منها.
ومن أجل الحفاظ على المستوى المائي للشرب والاستخدام اليومي وسد العجز المائي والاحتياجات ومواجهة هذا الواقع الصعب.
كمية المياه الصالحة للاستخدام البشري والمتوفرة التي تلبي الاحتياجات المختلفة كما ونوعا مع ضمان استمرارها عبر استخدام الموارد المتاحة من المياه، والبحث عن موارد جديدة في ضوء العجز المائي الحاصل.
يصنف الأردن من ضمن الدول الأشد فقرا بالمياه، وللأسف هذا يؤثر سلبا وعكسا على القطاع الزراعي الأردني بتراجع حجم الصادرات. فالأمن الاقتصادي في الأردن قائم على التوازن ما بين الأمن المائي والأمن الغذائي؛ لأن كل منهما يعتبر ركيزة من ركائز الاقتصاد في الأردن.
الاستراتيجية المتاحة الآن في ضوء شح المياه هي تحلية مياه البحر، والبدء بإقامة الكثير من المشاريع المائية التي تحافظ على مستوى معين من المياه، وبناء الكثير من السدود، وضخ المزيد من المياه الجوفية والاستخراج الآمن لها، وإيجاد حلول واقعية متعلقة بإدارة وآلية الطلب، والمحافظة على المياه وإعادة الاستخدام، والعمل على زيادة كفاءة استخدام المياه الأقل تكلفة والأكثر نجاحا الذي يسهم بشكل كبير في استدامة نمو الاقتصاد الوطني ورخاء المجتمع وازدهاره.
العمل على إنشاء قاعدة بيانات لبث التنبيهات الى فرق الصيانة في تقليص كميات المياه المهدورة وتوفير الوقت والاستجابة السريعة، التركيز إعلاميا على الجانب الأخلاقي والوطني للمواطنين بالإبلاغ عن حوادث تسرب المياه وتدفق المياه العادمة.
تطوير السياسات والتشريعات وحملات التوعية والترشيد، واستخدام التقنيات الجديدة في مجال المياه، وتفعيل القانون على كل من يعتدي على المياه، معالجة سعة التخزين، وموازنة إدارة الطلب على المياه وإدارة الامداد المائي والتركيز على برامج الإنتاج والتوزيع.
الشعب الأردني اظهر رفضه المطلق لاتفاق النوايا مع إسرائيل والذي لا يصب بمصلحة الأردن، والذهاب الى البحث عن مصادر مائية محلية منها بناء السدود وحفر الآبار واستئجار المياه من الآبار الزراعية والتوقف عن ردم الآبار الخاصة. وإنشاء الحفائر والإسراع في تنفيذ مشروع الناقل الوطني وتحلية مياه البحر الأحمر بمحافظة العقبة، واستحداث شركة مساهمة عامة بهدف تحلية مياه البحر الأحمر.
اذن هنالك بدائل عن ممارسة التطبيع الذي يقود للتهلكة المستقبلية والذي يضع الأردن مجددا تحت رحمة الاحتلال الإسرائيلي، لكن الأردن لم يطور اي خيارات بديلة في موضوع المياه او إيجاد حلول إبداعية لمواجهة نقص المياه خلال السنوات والعقود الماضية، ما تسبب في الوصول إلى هذا الوضع المائي المقلق.
نحن كشعب أردني أصبحنا أكثر وعيا لما يدور حولنا، وأصبحنا نرفض أي شكل من اشكال التطبيع السياسي الاقتصادي الثقافي مع هذا العدو المغتصب، فلا خير في عدو لا يعرف مبدأ الالتزام بالمعاهدات وبنودها ونصوصها، ويحتل شعب يدافع عن ارضه كالشعب الفلسطيني.
للأسف واقعة اتفاقية النوايا والتي اعتبرها واقعة سياسية بحتة تسجل خيبة جديدة للحكومة الأردنية، وقد آن الأوان لهذا العبث ان يتوقف، فوزير الاعلام ينفي صباحا خبر الاتفاقية ووزير المياه يوقعها مساءا، الا يستحق الأردن إدارة أفضل من هذه التي خيبت ظن الشعب الاردني. ذلك يعد سلب لأرادتنا السياسية وربطها بالكيان الصهيوني، وهذا الاتفاق مخالفا لإرادة الشعب الأردني قولا وتفصيلا.
إن مواقف الأردن ثابتة وصلبة تجاه القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، والاردن قدم شهداء وروى بدماء أبنائه الأطهار ثرى فلسطين، لذلك لا أحد يزايد على الأردن وقيادته وحكومته ومجلس نوابه وشعبه”.
الأردن يدفع ثمن مواقفه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، وتكسرت الكثير من الخطط التي تستهدف تصفية حقيقية للقضية الفلسطينية، بفعل صلابة هذه المواقف”، مضيفا “نفخر بتقاليد من سبقونا في النضال، وبتاريخ آبائنا الوطني المشرف، والحكومة لا تخفي أو تتستر على أي معلومة حول إعلان النوايا”. وللأسف الأردن بكل مؤسساته شئنا أم أبينا، وقع اتفاقية مع إسرائيل عام 1994 وأقرت حينه في مجلس النواب، لكن إسرائيل مثل كل مرة خرقت كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بما فيها اتفاقية وادي عربة، واقول إنها لن تلتزم باتفاق النوايا وما يترتب عليه من اتفاقيات أخرى.
وأخيرا حيث يطول الحديث في هذا الموضوع الحساس الذي يمس السيادة الأردنية شريان الحياة للأردنيين، وأقول بأن صعوبة إقناع الأردنيين بجدوى مشاريع السلام والتطبيع يستند إلى تاريخ طويل من عدم الالتزام الإسرائيلي، فاتفاقية وادي عربة التي أنهت حالة الصراع مع إسرائيل، كشفت عدم التزام دولة الاحتلال بحقوق الأردن المائية حيث توقفت عن السير في مشروع ناقل البحرين بشكل هدد الأمن المائي الأردني.
حاجة الأردن لحماية حدوده من عدوان إسرائيلي، وهو الدافع لإنجاز اتفاقية السلام، تقابله حاجة مكافئة للدفاع عن حقوق الأردن وسيادته، كما حصل برفض عمّان تجديد اتفاقية زراعة إسرائيل لأراضي الغمر والباقورة، وكذلك رفضها الانخراط في «صفقة القرن»، ودفاعها عن القضية الفلسطينية. المتوقع، بعد هذا الجدل الشديد السخونة، أن يتابع الأردن المحاولة الصعبة لموازنة ظروفه الاقتصادية الصعبة، مع وجود دولة الاحتلال الإسرائيلي وعدوانيتها وانتهاكاتها في الأراضي المحتلة، والضغوط والمصالح الدولية والإقليمية، من دون نسيان الجبهة الداخلية، القادرة على إسناد قرارات الحكومة أو إضعافها.