قصف متبادل.. هل يتطور الصراع بين إيران وباكستان لمرحلة الحرب ؟

شهدت الساعات القليلة الماضية اشتعال نقطة جديدة بالشرق الأوسط حيث تبادلت كل من إيران وباكستان ضربات صاروخية استهدفت “جماعات إرهابية” و”منظمات انفصالية”، بحسب بيانات رسمية صدرت عن طهران وإسلام أباد.

وبحسب مراقبين فإن التصعيد بين إيران وباكستان قد يؤدي إلى اندلاع نيران حرب إقليمية جديدة تزيد من التوترات في منطقة الشرق الأوسط.

وكانت باكستان، قد أعلنت الخميس، عن تنفيذ ضربات عسكرية في إقليم سستان وبلوخستان الإيراني الواقع على الحدود بين البلدين، مؤكدة في الوقت نفسه، أن إسلام آباد “تحترم تماما سيادة إيران ووحدة أراضيها”، وذلك بعد يومين من شن طهران غارة على جارتها.

ونقلت رويترز عن بيان لوزارة الخارجية الباكستانية، أن باكستان “نفذت سلسلة ضربات عسكرية على مخابئ إرهابيين في إقليم سيستان وبلوخستان الإيراني”، مضيفة أن “الضربات كانت دفاعا عن أمن باكستان ومصلحتها الوطنية”.

وأوضح بيان الخارجية أن الضربات أسفرت عن “مقتل عدد من الإرهابيين”، مضيفًا “سنواصل اتخاذ جميع الخطوات اللازمة للحفاظ على سلامة أمن شعبنا”.

وقد حذر مسوؤل أمني باكستاني كبير طهران من عواقب أي “مغامرة أخرى غير محسوبة”، وذلك في إشارة إلى أي محاولة جديدة من إيران لتكرار قصفها أراضي بلاده.

وقال ذلك المسؤول إن جيش بلاده في حالة “تأهب قصوى للغاية”، محذرا من أن “أي مغامرة غير محسوبة” من الجانب الإيراني “سيتم التصدي لها بقوة”.

“خطوة غير مسبوقة”

وبحسب صحيفة “إندبندنت” البريطانية فإن الضربات الصاروخية التي شنتها طهران على أهداف ومواقع في باكستان والعراق وسوريا تعتبر خطوة غير مسبوقة إلى حد ما.

وقالت الصحيفة إن إيران غالبا ما كانت تعتمد على أذرعها ووكلائها في المنطقة، مثل ميليشيات حزب الله اللبنانية أو الميليشيات الموالية لها في العراق وسوريا، لتنفيذ ضربات عسكرية وإيصال رسائل سياسية عبرها.

ووفقا لتقارير إعلامية، فإن الضربة التي وجههتا طهران داخل باكستان كانت ردا على “هجوم إرهابي” استهدف في منتصف ديسمبر الماضي قاعدة عسكرية للجيش الإيراني بمنطقة راسك  في إقليم سيستان وبلوشستان جنوب شرق إيران، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 12 ضابط شرطة وإصابة 7 أشخاص آخرين.

وأعلنت جماعة “جيش العدل”، المصنفة منظمة إرهابية في طهران، مسؤوليتها عن الهجوم.

وكانت تلك الجماعة قد تأسست الجماعة في عام 2012، وخرجت من فلول منظمة جند الله، وهي تنظيم سني متشدد تضاءل بعد أن ألقت إيران القبض على زعيمه، عبد الملك ريجي، وأعدمته في العام 2010.

حرب جديدة

وفي تعقبيه على الغارات الإيرانية، قال الباحث والسفير الباكستاني الأسبق، حسين حقاني لصحيفة “نيويورك تايمز”: “إذا ردت باكستان، (وهو ما حدث فعلا) فإنها تخاطر بالانجرار إلى التورط في صراعات الشرق الأوسط التي تجنبتها حتى الآن”.

وتابع: “وإذا لم تنتقم إسلام آباد، فسوف تبدو ضعيفة، وسيكون لذلك عواقب على هيبة قواتها المسلحة”.

وفي نفس السياق، أشار ، المارشال الجوي السابق في القوات الجوية الباكستانية، محمد أشفق أرين، في حديثه للصحيفة الأميركية إلى الموقف الدقيق الذي تعيشه باكستان، مع وجود حكومة انتقالية تتولى المسؤولية حتى انعقاد الانتخابات.

واعتبر أن الضربة الإيرانية “تطور خطير للغاية”، لافتا إلى أن باكستان أضحى لها علاقات مضطربة مع ثلاثة جيران هم إيران والهند وأفغانستان.

ولم تكن حادثة يوم الثلاثاء هي المرة الأولى التي تضرب فيها القوات الإيرانية داخل باكستان، لكنه يعد الهجوم الأعمق داخل الأراضي الباكستانية.

ففي عام 2021، استعادت إيران جنديين إيرانيين كانا محتجزين كرهينتين لدى منظمة “جيش العدل” داخل الأراضي الباكستانية.

وفي عام 2017، أسقطت القوات الجوية الباكستانية طائرة إيرانية بدون طيار.

جهود دولية

وكانت بكين قد أعربت استعدادها للتوسط بين باكستان وإيران بعد تبادل للقصف عند الحدود بين البلدين.

وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ في مؤتمر صحافي دوري “يأمل الجانب الصيني بشكل صادق بأن يكون بإمكان الطرفين التهدئة وممارسة ضبط النفس وتجنّب تصعيد التوتر”.

وأما الوزير البريطاني السابق لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أليستر بيرت، فأوضح في تصريحات لصحيفة “إندبندنت” أن إيران لديها رغبة مشتركة مع الغرب بعدم الدخول في حروب وصراعات بشكل عام في المنطقة.

وأردف: “أنا على علم بأن خطوط الاتصال مع طهران لا تزال مفتوحة، فمن المهم جدًا في هذه الظروف أن يتمكن الناس من التحدث مع بعضهم البعض ومحاولة تجنب هذا النوع من المخاطر التي يمكن أن تؤدي إلى صراع خطير”.

لكن بيرت أضاف: “علينا أن ندرك أن خطر سوء التقدير أمر وارد للغاية بالطبع”.

 

Exit mobile version