لا تتوقف الانتهاكات الإيرانية بحق الشعب الكردي في إيران على ملاحقة النشطاء أو اعتقالهم أو حتى إعدامهم، فليس شرطا أن تكون ثائرا أو ثوريا أو ناشطا أو حتى مجرد متظاهر غاضب ليتم قتلك أو إعدامك بل يمكن أن تكون مجرد ساعي على رزقه يعمل في أشد المهن صعوبة ليتم قتلك واستهدافك أيضا وهذا ما يتعرض له الحمالين أو ما يعرف في إيران بالكولبار.
“الكولبار أو كولباران” تسمية تطلق على الحمّالين الذين ينقلون البضائع على ظهورهم عبر الحدود الإيرانية لمسافات طويلة، معظمها في المناطق الكردية الجبلية الفقيرة المتاخمة للعراق، لكن السلطات الإيرانية تصفهم بأنهم مهربون!
“كولباران” التي تعني باللغتين الكردية والفارسية، “حمّالو الأوزان الثقيلة”، معظمهم من الأكراد الذين يقطنون البلدات والقرى الحدودية مع إقليم كردستان العراق ويتوارثون هذا العمل المحفوف بالمخاطر منذ عشرات السنين لكسب قوتهم في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية في إيران.إحصائيات صادمة
وبحسب تقارير حقوقية فإن حالات القتل والإستهداف المباشر بحق فئة الكولبار في إيران تتصاعد بشكل كبير.
وكشفت منظمة “هينجاو” الحقوقية إن ما لا يقل عن 118 حمّالا عابرا للحدود “الكولبار” قتلوا أو أصيبوا غرب إيران في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ما يمثّل زيادة بنحو ثلاثة أضعاف مقارنة بالشهر السابق.
وأفادت المنظمة التي تتخذ من النرويج مقرا لها خلال بيان في 5 ديسمبر، بأنه “في شهر نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، توفي 8 من الحمالين (الكولبار)، أحدهم تحت سن 18 عاما، وأصيب 110 آخرون بجروح، بينهم 14 قاصرا، حيث تواصل إيران حملتها على التجارة غير المشروعة عبر الحدود”.
وبحسب منظمة “هينجاو” لحقوق الإنسان وشبكة حقوق الإنسان في إيران وكردستان العراق فقد قتل بين عامي 2015 و2019، ما مجموعه 368 وأصيب 595 من فئة الكولبار.
وأشارت منظمة “هينجاو”، إلي إن أكثر من 93 بالمئة من الضحايا قتلوا نتيجة “إطلاق نار مباشر” من القوات المسلحة الإيرانية، إذ وقعت أكثر الإصابات في محافظة كردستان غرب إيران، 93 حالة، تليها كرمنشاه، 22 حالة، ثم أذربيجان الغربية، 3 حالات.
كما ذكر موقع “كولبار نيوز” المعني بأخبار هذه الشريحة في نوفمبر، أن ما مجموعه 85 حمّالا قتلوا في المناطق الحدودية وعلى الطرق السريعة في المحافظات الغربية أذربيجان الغربية وكردستان وكرمانشاه بين مارس وسبتمبر 2023.
وبحسب الموقع فإن من بين أسباب الوفاة إطلاق النار المباشر من قبل القوات العسكرية، والعواصف الثلجية، وبرودة الطقس، والسقوط من الجبال والمرتفعات.
طبيعة مهنة الكولبار
وفقا لتقارير صحفية تتركز مهمة الكولباران على حمل بضائع يمكن وصفها بالمهربة ونقلها من كردستان العراق إلى التجار في إيران بمتوسط مسافات تتراوح بين 10 – 15 كيلو متراً، وتتراوح حمولة كل شخص ما بين 50 – 120 كيلو غراماً، عبر مسالك وطرق بالغة الوعورة والصعوبة مقابل أجر زهيد بالكاد يغطي حاجاتهم الضرورية.
وقد يبلغ وزن البضائع التي يحملها أحدهم أكثر من 100 كيلو غراماً، لأن الأجور التي يتقاضونها تعتمد على الكمية التي يستطيعون نقلها في الرحلة الواحدة.
وتشمل البضائع، الأطعمة المعلبة والأجهزة الكهربائية كالبرادات ووحدات تكييف الهواء والتلفزيونات أو المنسوجات والأحذية والملابس وأدوات المطبخ، وإطارات السيارات والهواتف المحمولة، وفي بعض الأحيان السجائر.
ويتجنب معظم الكولباران نقل المشروبات الكحولية على الرغم من أن أجور نقلها أضعاف أجور نقل المواد الاستهلاكية الأخرى، لأن عقوبة ضبطها تكون ضعف عقوبة ضبط المواد الأخرى، إلا أن البعض يخاطر بذلك ويقوم بنقلها.
يقوم الكولبار بشراء المنتجات من أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق وغيرها من المناطق، قبل تسليمها الى تجار عبر الحدود وبعد أن يتفحص التجار البضائع، يدفعون للكولبار أجورهم التي تتراوح ما بين 7 و12 دولارا عن حملهم للبضاعة لفترات قد تصل الى نحو 10 أو 12 ساعة في كل مرة.
وتزداد معاناة الكولبار خلال أشهر الشتاء، حيث يجب عليهم اجتياز الممرات الجبلية التي يمكن أن يصل ارتفاع الثلوج فيها الى متر تقريبا، مخاطرين بحياتهم بتعرضهم للموت أو الإصابة التي قد تؤدي الى تغيير حياتهم تماما، لا سيما وأن عددا كبيرا منهم من خريجي الجامعات، وبينهم مهندسون وأطباء ولكن الصعوبات الاقتصادية وارتفاع نسب البطالة دفعتهم لسلك هذا الطريق.
وحسب القانون الإيراني يصنف عمل هؤلاء في خانة عمليات التهريب وتتراوح عقوبة الشخص بين السجن لعدة أشهر أو دفع غرامة مالية تساوي قيمة البضائع المضبوطة.
أرقام متضاربة
لا يمكن الوصول إلى إحصائية دقيقة لعدد الكولبار في إيران في ظل وجود تصريحات متضاربة واحصائيات متفاوتة من مسؤولين إيرانيين حول تلك الأعداد وكذلك ليس واضحاً على أي أساس تحددت هذه الأرقام.
في يناير 2018 أعلن محافظ أذربيجان الغربية “محمد حسين شهرياري” أنه صدر لممتهني الكولبار 50 ألف بطاقة إلكترونية لعبور الحدود وهو ما يتناقض مع تصريح سابق لـ رسول خضري” عضو اللجنة الإجتماعية بالبرلمان الإيراني الذي أعلن في أغسطس 2017م، أن عدد الكولبارات وصل إلى 70 ألف فرد !
وفي يناير 2020 نشرت قناة “صدا وسيما” الإيرانية الرسمية تقريراً يفيد بأن عدد الكولبارات بحسب إحصائية غير رسمية وصل إلى 20 ألف فرد، في حين ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الرسمية إرنا، في نفس الشهر أن عدد الكولبارات في إيران بحسب الإحصائيات الرسمية يتراوح بين 80 و170 ألف فرد.
وفي يونيو 2019 أعلنت وكالة أنباء ايلنا التي تديرها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الإيرانية أن عدد الكولبارات يبلغ 80 ألف فرد.
سياسة ممنهجة
وفي مقالة له وصف محمد بور الباحث الكردي في علم الإنسانيات وله دراسات علمية عديدة حول ظاهرة العِتالة عبر “الحدود في كردستان إيران” العمل عبر الحدود بأنه ظاهرة سياسية أكثر من كونه ظاهرة اقتصادية.
ويعتقد الباحث أن حرمان كردستان يَجري بطريقة ممنهجة ومنظَّمة، ولا يمكن للفقر وحده أن يُفسر الوضع الراهن، مشيرا إلي أن استراتيجية النظام السياسية بعد ثورة 1979 تَقوم على وقف التنمية في كردستان؛ واتخاذ سياسات هدفُها المنع أو القضاء الواعي على الإمكانيات البشرية والطبيعية لتنمية مناطق كردستان، وعرقلة استفادة أجيال ذلك المجتمع اللاحقة من تلك الإمكانيات.
وبحسب محمد بور، فإن مهنة العتالة اتخذت في السنوات الأخيرة أبعاداً واسعة جداً حيث تجاوزت الحدودِ الحدودَ السنّية والجندرية، وصارت النساء أيضاً يعملنَ في العتالة عبر الحدود، كما إلتحق بها الرياضيين والشباب أصحاب الشهادات الجامعية والعليا.
ويؤكد الباحث أنه من الناحية القانونية، ليست العتالةُ عبر الحدود غيرَ قانونية، فلا وجود لأي قانون يَعتبرها جرماً، لكن القوات الحدودية تُطلق النار على الحمّالين، وأثناء فِرارهم يَسقطون من فوق الصخور ومن مرتفعات شاهقة، أو يَتناثرون إلى أشلاء في ساحات الألغام، كذلك ليست هناك آلية قانونية وحقوقية يتابع من خلالها أهاليهم في تقديم شكاواهم”.
القتل الممنهج
ويري أن العتالة عبر الحدود دليل على وضع لا تكتفي فيه الحكومةُ باعتبار الحمّالين وحدَهم، بل باعتبار جميع الأكراد في أحسن الأحوال “أقليةً عدوّة”، وبالتالي فالعتالة شكل آخر من أشكال الظلم الواقع بحق الأكراد، وهي منبثقة من الظلم المتجذر حيال الأكراد بسبب اختلافهم الإثني – اللغوي”.
و يَعتقد أحمد محمد بور أن قتل الحمّالين عبر الحدود لا ينبع من حملهم البضائع المهرَّبة ونقلها من هنا إلى هناك، بل ينبع من كونهم أكراداً يُقاومون منذ أربعة عقود سياسات التمثل والاستيعاب الثقافي. ويُؤمِن أن “معاناة الحمالين عبر الحدود عقوبةٌ لهم؛ عقوبة جماعية لكردستان إيران”.
وبحسب تقارير حقوقية فإن حالات القتل والإستهداف المباشر بحق فئة الكولبار في إيران تتصاعد بشكل كبير.
وكشفت منظمة “هينجاو” الحقوقية إن ما لا يقل عن 118 حمّالا عابرا للحدود “الكولبار” قتلوا أو أصيبوا غرب إيران في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ما يمثّل زيادة بنحو ثلاثة أضعاف مقارنة بالشهر السابق.
وبحسب منظمة “هينجاو” لحقوق الإنسان وشبكة حقوق الإنسان في إيران وكردستان العراق فقد قتل بين عامي 2015 و2019، ما مجموعه 368 وأصيب 595 من فئة الكولبار.
وأشارت منظمة “هينجاو”، إلي إن أكثر من 93 بالمئة من الضحايا قتلوا نتيجة “إطلاق نار مباشر” من القوات المسلحة الإيرانية، إذ وقعت أكثر الإصابات في محافظة كردستان غرب إيران، 93 حالة، تليها كرمنشاه، 22 حالة، ثم أذربيجان الغربية، 3 حالات.
كما ذكر موقع “كولبار نيوز” المعني بأخبار هذه الشريحة في نوفمبر، أن ما مجموعه 85 حمّالا قتلوا في المناطق الحدودية وعلى الطرق السريعة في المحافظات الغربية أذربيجان الغربية وكردستان وكرمانشاه بين مارس وسبتمبر 2023.
وبحسب الموقع فإن من بين أسباب الوفاة إطلاق النار المباشر من قبل القوات العسكرية، والعواصف الثلجية، وبرودة الطقس، والسقوط من الجبال والمرتفعات.
وفقا لتقارير صحفية تتركز مهمة الكولباران على حمل بضائع يمكن وصفها بالمهربة ونقلها من كردستان العراق إلى التجار في إيران بمتوسط مسافات تتراوح بين 10 – 15 كيلو متراً، وتتراوح حمولة كل شخص ما بين 50 – 120 كيلو غراماً، عبر مسالك وطرق بالغة الوعورة والصعوبة مقابل أجر زهيد بالكاد يغطي حاجاتهم الضرورية.
وقد يبلغ وزن البضائع التي يحملها أحدهم أكثر من 100 كيلو غراماً، لأن الأجور التي يتقاضونها تعتمد على الكمية التي يستطيعون نقلها في الرحلة الواحدة.
وتشمل البضائع، الأطعمة المعلبة والأجهزة الكهربائية كالبرادات ووحدات تكييف الهواء والتلفزيونات أو المنسوجات والأحذية والملابس وأدوات المطبخ، وإطارات السيارات والهواتف المحمولة، وفي بعض الأحيان السجائر.
ويتجنب معظم الكولباران نقل المشروبات الكحولية على الرغم من أن أجور نقلها أضعاف أجور نقل المواد الاستهلاكية الأخرى، لأن عقوبة ضبطها تكون ضعف عقوبة ضبط المواد الأخرى، إلا أن البعض يخاطر بذلك ويقوم بنقلها.
يقوم الكولبار بشراء المنتجات من أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق وغيرها من المناطق، قبل تسليمها الى تجار عبر الحدود وبعد أن يتفحص التجار البضائع، يدفعون للكولبار أجورهم التي تتراوح ما بين 7 و12 دولارا عن حملهم للبضاعة لفترات قد تصل الى نحو 10 أو 12 ساعة في كل مرة.
وتزداد معاناة الكولبار خلال أشهر الشتاء، حيث يجب عليهم اجتياز الممرات الجبلية التي يمكن أن يصل ارتفاع الثلوج فيها الى متر تقريبا، مخاطرين بحياتهم بتعرضهم للموت أو الإصابة التي قد تؤدي الى تغيير حياتهم تماما، لا سيما وأن عددا كبيرا منهم من خريجي الجامعات، وبينهم مهندسون وأطباء ولكن الصعوبات الاقتصادية وارتفاع نسب البطالة دفعتهم لسلك هذا الطريق.
وحسب القانون الإيراني يصنف عمل هؤلاء في خانة عمليات التهريب وتتراوح عقوبة الشخص بين السجن لعدة أشهر أو دفع غرامة مالية تساوي قيمة البضائع المضبوطة.
أرقام متضاربة
لا يمكن الوصول إلى إحصائية دقيقة لعدد الكولبار في إيران في ظل وجود تصريحات متضاربة واحصائيات متفاوتة من مسؤولين إيرانيين حول تلك الأعداد وكذلك ليس واضحاً على أي أساس تحددت هذه الأرقام.
في يناير 2018 أعلن محافظ أذربيجان الغربية “محمد حسين شهرياري” أنه صدر لممتهني الكولبار 50 ألف بطاقة إلكترونية لعبور الحدود وهو ما يتناقض مع تصريح سابق لـ رسول خضري” عضو اللجنة الإجتماعية بالبرلمان الإيراني الذي أعلن في أغسطس 2017م، أن عدد الكولبارات وصل إلى 70 ألف فرد !
وفي يناير 2020 نشرت قناة “صدا وسيما” الإيرانية الرسمية تقريراً يفيد بأن عدد الكولبارات بحسب إحصائية غير رسمية وصل إلى 20 ألف فرد، في حين ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الرسمية إرنا، في نفس الشهر أن عدد الكولبارات في إيران بحسب الإحصائيات الرسمية يتراوح بين 80 و170 ألف فرد.
وفي يونيو 2019 أعلنت وكالة أنباء ايلنا التي تديرها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الإيرانية أن عدد الكولبارات يبلغ 80 ألف فرد.
سياسة ممنهجة
وفي مقالة له وصف محمد بور الباحث الكردي في علم الإنسانيات وله دراسات علمية عديدة حول ظاهرة العِتالة عبر “الحدود في كردستان إيران” العمل عبر الحدود بأنه ظاهرة سياسية أكثر من كونه ظاهرة اقتصادية.
ويعتقد الباحث أن حرمان كردستان يَجري بطريقة ممنهجة ومنظَّمة، ولا يمكن للفقر وحده أن يُفسر الوضع الراهن، مشيرا إلي أن استراتيجية النظام السياسية بعد ثورة 1979 تَقوم على وقف التنمية في كردستان؛ واتخاذ سياسات هدفُها المنع أو القضاء الواعي على الإمكانيات البشرية والطبيعية لتنمية مناطق كردستان، وعرقلة استفادة أجيال ذلك المجتمع اللاحقة من تلك الإمكانيات.
وبحسب محمد بور، فإن مهنة العتالة اتخذت في السنوات الأخيرة أبعاداً واسعة جداً حيث تجاوزت الحدودِ الحدودَ السنّية والجندرية، وصارت النساء أيضاً يعملنَ في العتالة عبر الحدود، كما إلتحق بها الرياضيين والشباب أصحاب الشهادات الجامعية والعليا.
ويؤكد الباحث أنه من الناحية القانونية، ليست العتالةُ عبر الحدود غيرَ قانونية، فلا وجود لأي قانون يَعتبرها جرماً، لكن القوات الحدودية تُطلق النار على الحمّالين، وأثناء فِرارهم يَسقطون من فوق الصخور ومن مرتفعات شاهقة، أو يَتناثرون إلى أشلاء في ساحات الألغام، كذلك ليست هناك آلية قانونية وحقوقية يتابع من خلالها أهاليهم في تقديم شكاواهم”.
القتل الممنهج
ويري أن العتالة عبر الحدود دليل على وضع لا تكتفي فيه الحكومةُ باعتبار الحمّالين وحدَهم، بل باعتبار جميع الأكراد في أحسن الأحوال “أقليةً عدوّة”، وبالتالي فالعتالة شكل آخر من أشكال الظلم الواقع بحق الأكراد، وهي منبثقة من الظلم المتجذر حيال الأكراد بسبب اختلافهم الإثني – اللغوي”.
و يَعتقد أحمد محمد بور أن قتل الحمّالين عبر الحدود لا ينبع من حملهم البضائع المهرَّبة ونقلها من هنا إلى هناك، بل ينبع من كونهم أكراداً يُقاومون منذ أربعة عقود سياسات التمثل والاستيعاب الثقافي. ويُؤمِن أن “معاناة الحمالين عبر الحدود عقوبةٌ لهم؛ عقوبة جماعية لكردستان إيران”.