سارة مجدي
في علم النفس، قانون الانعكاس بيقول إن الإنسان زي المراية، حياته بتعكس أفكاره ومشاعره وأفعاله. بمعنى إن اللي بتحس بيه أو بتفكر فيه، بيترجم لطريقة تصرفك، واللي بدوره بيجذب نفس الطاقة من العالم اللي حواليك. لو كنت مليان سلبية وغضب، هتلاقي إن المواقف والأشخاص اللي بتقابلهم غالبًا بيعكسوا المشاعر دي. ولو كنت مليان إيجابية وتقبل، هتلاقي إن حياتك هتتغير للأحسن..
في كتير مش بيصدقوا في علم النفس أو قوانينها، ولا أنا كنت بصدق أنا جربت اصدق على سبيل التجربة و الفضول..قلت لنفسي مش جايز حياتي تتغير؟ هخسر ايه ؟ و أغنية الفنان محمود العسيلي في الخلفية “ما هي كده كده بايظة” و قلت اجرب ..
جالي وقت في حياتي و كان جوايا غضب و خذلان من أشخاص و مواقف و شغل مش متقدرة فيه..و فضلت مكاني، وكل حاجة مش حباها موجودة مكنش قدامي حل الا انا اجرب..
تعالوا نعرف حدوتة نور الأول!
في يوم من الأيام، نور كان واقف على شاطئ البحر وقت الغروب. الموج كان بيطلع وينزل قدامه، والسكون حوالين المكان كان بيحسسه بغربة غريبة. نور كان بيمر بفترة صعبة في حياته، مليانة إحباط وتوتر. كل حاجة حواليه كانت بتضغط عليه، شغله مش مستقر، علاقاته مع أصحابه وأهله متوترة، وحتى صحته النفسية مش في أحسن حالاتها.
وقف قدام البحر وقال بصوت واطي كأنه بيكلم نفسه:
“ليه كل حاجة ضدي؟ ليه الدنيا مش ماشية زي ما أنا عايز؟”
في اللحظة دي، شاف راجل كبير في السن، قاعد قريب منه، باصص للمية وكأنه بيفكر في حاجة عميقة. الراجل لاحظ نظرات نور الثقيلة وقال له بابتسامة هادية:
“شايف البحر ده؟”
نور استغرب السؤال ورد بحذر:
“أيوة، شايفه… ليه؟”
الراجل أشار بإيده على الموج وقال:
“الموج ده بيعكس كل حاجة بتحصل حواليه. لو رميت حصى في المية، هتعمل دوائر ترجع لك. ولو حطيت إيدك بهدوء، المية تبقى هادية. حياتنا زي المية دي. اللي بتبعثه للعالم، بيرجع لك.”
نور بص للمية، لكنه ما فهمش الفكرة بشكل كامل. سأل الراجل:
“تقصد إيه؟ يعني أنا السبب في اللي بيحصل لي؟”
الراجل ابتسم وقال:
“مش بتلوم الظروف ولا الناس؟ كل حاجة بنحس بيها أو بنعملها بتنعكس علينا. لو فكرت في اللي ناقصك طول الوقت، هتفضل حاسس بالنقص. لو شفت كل حاجة سلبية، هتلاقي الدنيا كلها سودا. لكن لو بدأت تغير جواك، هتلاقي اللي حواليك بيتغير.”
نور فضل ساكت شوية، كان كلام الراجل بيحرك حاجة جواه. سأل:
“طب يعني أعمل إيه؟ أغير إزاي؟”
الراجل قام وأخد خطوة ناحية البحر، ونور تبعه. الراجل قال:
“جرب تبدأ بحاجة بسيطة. زي البحر ده، حاول تكون هادي. لو حد زعلك، بدل ما ترد بنفس السلبية، رد بابتسامة، سامح او متسامحش متردش حتي.
لو حسيت انك مضايق، فكر في حاجة واحدة حلوة حصلت لك او قدام عنيك في حاجة حلوة انت اصلاً مش شايفها. التغيير مش بيحصل في يوم وليلة، لكنه يبدأ بخطوة واحدة حتى لو صغيرة.”
نور بدأ يفكر في كلام الراجل، وهو راجع بيته قرر يجرب. من اليوم ده، بدأ يغير الطريقة اللي بيشوف بيها نفسه والدنيا. لما كان يواجه مشكلة، بدل ما يغرق في السلبية، كان بيفكر: “إيه اللي ممكن أعمله عشان أغير الوضع..أو اغير اللي حاسه ازاي؟”
مع الوقت، نور لاحظ إن حياته بتتحسن. علاقاته بقت احسن، شغله بقى مستقر أكتر، وحتى هو نفسه بقى مرتاح. نور فهم إن البحر كان بيعلمه درس بسيط:
الدنيا بتعكس اللي جواك، زي المية اللي بتعكس السما. لو حطيت جواك نور، الدنيا كلها هتنور معاك.
قانون الانعكاس باختصار بيقول إن حياتنا ومشاعرنا وأفكارنا بتعكس اللي جوانا. يعني، اللي بنشوفه في الناس أو في المواقف حواليك، غالبًا بيكون انعكاس لحاجة فيك أنت، سواء حاجة إيجابية أو سلبية.
إزاي ده بيأثر علينا؟
1. مشاعرك هي المراية
لو حد بيزعلك أو بيضايقك، جرب تسأل نفسك: “هل اللي بيعمله بيعكس حاجة أنا مش عاجباني في نفسي؟” مثلًا، لو انت بتشوف حد أناني وبتضايق منه جدًا، ممكن تكون دي صفة عندك بتحاول تهرب منها أو تتجاهلها؟ لو حد بيعمل حاجة بتضايقك اكتر من مرة ؟ هل الموقف ده اتكرر معاك قبل كده ؟ اسأل نفسك ايه اللي كنت محتاجه زمان ومحصلش و اتضايقت اوي عشان غالباً انت مشاعرك لسه مخزنها تجاه الموقف ده بالتحديد..خد مسؤولية انك تغير احساسك اللي جوه قبل ما تحاول تغير الشخص اللي بيضايقك..
2. العلاقات انعكاس للذات
العلاقات اللي بتدخلها بتعكس حالتك الداخلية. لو كنت في حالة رضا وسلام داخلي، هتلاقي نفسك بتنجذب لناس بيقدروا ده. ولو كنت في صراع أو غضب، ممكن تلاقي نفسك بتجذب ناس بتعكس نفس المشاعر.
لما تدرك إن المواقف اللي بتحصل حواليك هي مراية ليك، هتبقى عندك فرصة كبيرة إنك تطور نفسك. كل موقف بيزعلنا أو بيفرحنا هو رسالة لينا عن حاجة جوانا محتاجة شغل أو احتفال.
تخيل إنك ماشي في الشارع وشفت حد متوتر وعصبي، وحسيت إنك مضايق منه. ممكن ده يكون انعكاس إنك أنت كمان عصبي ومش واخد بالك، أو يمكن محتاج تتعلم تتعامل مع توتر الناس بهدوء.
الخلاصة:
قانون الانعكاس بيخلينا نبص للمواقف والناس كفرصة لفهم نفسنا أكتر. بدل ما نحكم أو نزعل من غيرنا، نفكر:
“إيه الرسالة اللي الحياة عايزة توصلهالي من الموقف ده؟”