في ظل تشدد الطرفين..هل تنجح مفاوضات مسقط في تهدئة الأجواء بين أمريكا وإيران؟

في ظل تشدد الطرفين..هل تنجح مفاوضات مسقط في تهدئة الأجواء بين أمريكا وإيران؟

استأنف كبار المفاوضين من أمريكا وإيران، الأحد، جولة جديدة من المحادثات النووية في العاصمة العمانية مسقط، في محاولة لحل الخلافات المستمرة حول البرنامج النووي الإيراني، وذلك قبل أيام من زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى منطقة الشرق الأوسط.

ورغم إبداء الطرفين تفضيلهما الحل الدبلوماسي، لا تزال الخلافات العميقة قائمة حول عدة خطوط حمراء، ما يعقّد فرص التوصل إلى اتفاق جديد، وسط تصعيد في التصريحات وتحذيرات من خيارات عسكرية مطروحة.

الجولة الرابعة من المحادثات بين أمريكا وإيران بوساطة عمانية

تُجرى الجولة الرابعة من المحادثات غير المباشرة بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بوساطة عمانية، في وقت تصر فيه واشنطن على مواقف صارمة تعتبرها طهران عقبة أمام أي تقدم.

وكان من المقرر أن تُعقد هذه الجولة في الثالث من مايو الجاري بالعاصمة الإيطالية روما، لكن تم تأجيلها لأسباب لوجستية، وفقاً لما أعلنته سلطنة عمان.

الموقف الأميركي: لا تخصيب ولا تسليح

قال ويتكوف، في مقابلة مع موقع “بريتبارت نيوز”، إن الخط الأحمر الذي لا يمكن التفاوض بشأنه هو “عدم تخصيب اليورانيوم، بما يتطلب تفكيك المواقع النووية الإيرانية بالكامل”، في إشارة إلى منشآت نطنز وفوردو وأصفهان.

وأضاف ويتكوف: “إذا لم تكن المحادثات مثمرة يوم الأحد، فلن تستمر وسنضطر إلى سلك مسار مختلف”، في تلويح ضمني بالخيار العسكري.

إيران ترد على تهديدات أمريكا

في المقابل، أكد عباس عراقجي أن إيران تأمل تحقيق تقدم حاسم في هذه الجولة، مشدداً على أن البرنامج النووي الإيراني قائم على أسس قانونية واضحة، وتحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأشار عراقجي إلى أن إيران مستعدة لاتخاذ خطوات شفافة لتعزيز الثقة، لكنه انتقد ما وصفه بـ”تناقض المواقف الأميركية بين ما يُقال في الاجتماعات وما يُعلن في الإعلام”.

طهران ترفض التنازل عن التخصيب وتطالب بضمانات

أكدت طهران، عبر مسؤولين رسميين، أنها لن تقبل بأي مساس بحقها في تخصيب اليورانيوم، وترى أن مطالب واشنطن بتفكيك منشآتها النووية تتعارض مع قواعد التفاوض البناء.

ونقلت مصادر مقربة من فريق التفاوض الإيراني أن طهران مستعدة للبحث في بعض القيود مقابل رفع العقوبات، لكنها ترفض كلياً وقف التخصيب أو تسليم مخزونها من اليورانيوم، الذي بلغ مستوى نقاء يصل إلى 60%.

وشددت إيران أيضاً على رفضها القاطع إدراج برنامجها للصواريخ الباليستية ضمن جدول المفاوضات، مؤكدة أن المؤسسة الدينية في البلاد تطالب بضمانات حقيقية تمنع انسحاب واشنطن من الاتفاق مجدداً، كما حدث في عهد ترمب عام 2018.

ترمب يلوّح بالخيار العسكري قبل جولته الشرق أوسطية

يأتي استئناف المفاوضات في وقت يستعد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزيارة ثلاث دول خليجية هي السعودية وقطر والإمارات، خلال الفترة من 13 إلى 16 مايو الجاري.

Advertisements

وكان ترمب قد انسحب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 خلال ولايته الأولى، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية مشددة على إيران، ضمن ما يعرف بسياسة “الضغوط القصوى”.

تسارع التخصيب الإيراني يثير قلق الوكالة الدولية

منذ عام 2019، بدأت إيران بانتهاك بعض بنود الاتفاق النووي، وأبرزها رفع نسبة تخصيب اليورانيوم بشكل كبير، حيث وصلت إلى مستويات تقارب 60%، ما يقترب من درجة 90% المطلوبة لصنع سلاح نووي، وفق تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وتؤكد طهران أن نشاطها النووي لأغراض سلمية فقط، لكن التقدم التقني في عمليات التخصيب يثير قلق العواصم الغربية التي تخشى من تسارع إيران نحو امتلاك القدرة على تصنيع سلاح نووي.

تعقيدات أمام التوصل لاتفاق نووي جديد بين أمريكا وإيران

المسار التفاوضي يبدو معقداً، في ظل تشدد أميركي برفض التخصيب، وإصرار إيراني على الحفاظ على الحقوق النووية. ويؤكد دبلوماسيون مطلعون أن التوصل إلى اتفاق جديد يحتاج إلى تغييرات جذرية في مواقف الطرفين، وهو أمر يبدو مستبعداً في الوقت الراهن، مع تصعيد اللهجة السياسية من الجانبين.

ويُنتظر أن تتضح مآلات الجولة الحالية خلال الساعات المقبلة، فيما يراقب المجتمع الدولي باهتمام كبير هذه المحادثات التي قد تحدد مستقبل البرنامج النووي الإيراني والعلاقات الأميركية الإيرانية في المرحلة المقبلة.

هل يمكن تجنب التصعيد بين أمريكا وإيران؟

تتجه الأنظار إلى ما ستسفر عنه المفاوضات الحالية في مسقط، في وقت تزداد فيه المخاوف من تصعيد محتمل قد يعيد المنطقة إلى نقطة الصفر في ما يخص الملف النووي الإيراني. مع تمسك كل طرف بمواقفه، يبدو أن المفاوضات الحالية ستكون اختبارًا حقيقيًا للقدرة على التوصل إلى توافق، خاصة مع التهديدات المتبادلة بين طهران وواشنطن.

ورغم التصريحات الحادة، لا يزال هناك أمل في إمكانية الوصول إلى حل دبلوماسي يجنب المنطقة أي تصعيد عسكري. لكن ذلك يتطلب تنازلات متبادلة قد تكون غير قابلة للتطبيق في ظل الوضع الراهن، ما يترك الباب مفتوحًا للعديد من السيناريوهات المستقبلية، سواء على مستوى العلاقات الإيرانية الأميركية أو الاستقرار في الشرق الأوسط بشكل عام.

قد تكون زيارة ترمب المرتقبة إلى الشرق الأوسط فرصة لتحريك المياه الراكدة، لكنها في ذات الوقت قد تفضي إلى مزيد من التوترات إذا لم تحقق المفاوضات تقدماً حقيقياً.

اقرا أيضا

 

دعا حزب العمال لإلقاء السلاح..نص الرسالة التاريخية للزعيم الكردي عبد الله أوجلان

Exit mobile version