انهى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي جولته الإفريقية التي استغرقت ثلاثة أيام، حيث زار خلالها كل من كينيا وأوغندا وزيمبابوي، وهذه هي أول زيارة لرئيس إيراني إلى القارة الأفريقية منذ عام 2013.ووفقًا لوسائل الإعلام الإيرانية، تم توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية خلال الجولة الأفريقية. وصرحت وزارة الخارجية الإيرانية أن حجم التجارة مع أفريقيا سيرتفع إلى أكثر من ملياري دولار هذا العام، دون ذكر الرقم المقدم للعام 2022 للمقارنة.
تأتي جولة رئيس إيراني في القارة الأفريقية، وهي الأولى منذ عام 2013، بعد قيامه بزيارة في يونيو (حزيران) التي شملت ثلاث دول في أميركا اللاتينية تعاني أيضًا من العقوبات الأميركية.
مخاوف أمريكية
وتأتي زيارة الرئيس وسط مخاوف أمريكية من انتشار إيران في أفريقيا. حذرت صحيفة “ناشونال انترست” الأمريكية من التوسع الإيراني في القارة السمراء، مشددة على أن إدارة الرئيس جو بايدن تركز حاليًا على الدبلوماسية النووية المتجددة مع إيران. هذا يشكل خطرًا على فقدان الإشارات الواضحة بشأن نشاط النظام الإيراني في إفريقيا، وهذا المسرح الاستراتيجي المهم.
حذرت الصحيفة في مقال بعنوان “تحذير من توسعات إيران في إفريقيا” من أن النظام الإيراني يهدف إلى تأسيس وجود إقليمي مستدام في إفريقيا من خلال إنشاء مراكز ثقافية وتطبيع علاقات غير رسمية في جميع أنحاء القارة السمراء، مما يشكل تهديداً للولايات المتحدة.
حسب خبراء، تسعى إيران للاستفادة من ثروات أفريقيا واستغلالها للتخفيف من تأثير العقوبات الدولية. وتسعى أيضًا لتكرار نجاح الصين في التوسع في القارة الأفريقية.
النموذج الصيني
يرى مصطفى النعيمي، الباحث المشارك في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، بأن النظام الإيراني يسعى لاعتماد سياسة النموذج الصيني في التنمية والاقتصاد. وبالتالي، يؤدي ذلك إلى وجود سياسات ومصالح مشتركة بشكل مشابه للعلاقات الصينية مع الدول المستفيدة التي تبني علاقات اقتصادية معها. وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات في الأسس، إلا أن إيران تحاول دائما استثمار المتغيرات الداخلية للدول الأخرى.
قال النعيمي في مقابلته مع وكالتنا “إن الإيرانيين يحاولون الوصول إلى الأفريقيين عبر بناء علاقات مع القارة الأفريقية، من خلال استثمار مجموعة من الاستراتيجيات، ومن أهم هذه الاستراتيجيات وجود الأقليات الشيعية المتواجدة في تلك المناطق ونفوذها السياسي والاقتصادي”.
ووفقًا للباحث، تسعى إيران من خلال علاقاتها بالدول الأفريقية إلى إقامة ما يعرف بالمليشيات والخلايا والتنظيمات والشبكات المسلحة في العديد من هذه الدول. وأشار إلى أن إيران قوَّيَت وجودها في الدول الأفريقية، حيث قامت بتضاعف عدد سفاراتها من 8 إلى 16 سفارة في القارة السمراء خلال الفترة الأخيرة.
تمدد مذهبي
يشير النعيمي إلى أن إيران تتطلع منذ وقت طويل إلى تعزيز نفوذها في القارة الأفريقية واستغلال حاجة تلك الدول المحتاجة وفقيرة إلى التنمية. ويركز على أن طهران نجحت في التوغل في الدول الأفريقية من خلال المنظمات الخيرية، ونجحت في إقناع ما يزيد عن 40 إلى 45 مليون شخص بأن يكونوا أساسًا لمشروعها الخارجي، الذي ستستخدمه كمصد ذو طابع ديني لحماية مصالحها وتحقيق أهدافها.
يعتقد الباحث أن إيران تسعى لإعادة بناء إمبراطوريتها خارج ترابها الجغرافي، وتعمل جاهدة على توسيع نفوذها في القارة الأفريقية، نظرًا للثروات الاقتصادية المتواجدة في تلك المنطقة والتي ستساهم في تعزيز الاقتصاد الإيراني عن طريق استغلالها كآليات تمتص دماء شعوب أفريقيا.
ويقول النعيمي: “ربما يُمثّل اقتصاد أفريقي مستدام مشروع إيران بمعنى الاعتماد الطويل الأجل ، ولكنه يعني له الكثير فيما يتعلق بحجم الهيمنة والوصول والقدرة على اختراق المجتمعات والعمل على تحويل المعتقدات الدينية. وهو يشير بقوة إلى تأثير وتداعيات هذه الهيئات الجديدة في أفريقيا على مسار إيران وقدرتها على استغلالها لإرباك خصومها حول العالم”.
اختتم الباحث في شؤون إيران تصريحاته بتأكيده على أن إيران لديها عدد كبير من الأوراق الخارجية ولديها القدرة على تحقيق مصالحها والحصول على أكبر قدر من الفوائد الخارجية بإستخدام أدواتها دون أن تتأثر جغرافية إيران الحالية بأي تغيرات في العقوبات.