انفتاح دبلوماسي إيراني..استراتيجية جديدة أم استثمار للوقت؟

حالة من النشاط الدبلوماسي والانفتاح تشهدها علاقات إيران بالدول الإقليمية والمجتمع الدولي الفترة الأخيرة وبالتحديد عقب الاتفاق الذى رعته الصين لعودة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض.
والأسبوع الماضي، بدأ وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان جولة خليجية شملت دول قطر وعمان والكويت والإمارات.
نشاط إقليمي ودولي
وتأت جولة عبد اللهيان الخليجية بعد أيام من زيارة قام بها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان السبت الماضي للعاصمة الإيرانية طهران.
وخلال زيارته لعاصمة القطرية الدوحة، إلتقي الوزير الإيراني أمير عبداللهيان مع منسق الاتحاد الأوروبي للمحادثات بشأن الملف النووي إنريكي مورا ، وذلك بالتزامن مع إعلان إيران أنها تجري محادثات غير مباشرة مع الولايات المتحدة بوساطة عُمانية لا سيّما بشأن البرنامج النووي والعقوبات الأمريكية وملفّ الأمريكيين المحتجزين لديها.
وكشف بيان لوزارة الخارجية الإيرانية أن أمير عبداللهيان خلال زيارته لأبوظبي سلّم الرئيس الإماراتي محمد بن زايد دعوة من الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي لزيارة إيران.
وبحسب مراقبون فإن الجولة الخليجية التي قام بها وزير الخارجية الإيراني تحمل رسائل وأبعاد دبلوماسية واقتصادية أيضا خاصة في ظل رغبة إيران في حل أزماتها الاقتصادية التي أدت لحدوث اضطرابات داخلية كثيرة في الفترة الأخيرة.
رسائل مباشرة
ويري د. مصطفي النعيمي الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية ان التحركات الدبلوماسية الإيرانية في منطقة الخليج العربي الغاية منها إيصال رسائل مباشرة للمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بانها ماضية في مسارات التهدئة مع الخليج العربي، وأنها مستعدة للجلوس والتباحث في الملف النووي.
وأعرب النعيمي عن اعتقاده “ان مسارات إيران التفاوضية عموما الغاية الرئيسية للسياسة الخارجية الإيرانية تتمثل في استثمار الوقت لتحقيق أعلى المكتسبات على صعيد برنامجها النووي”.
وأشار إلي أن “إيران تحاول منذ توقيع اتفاقية بكين إجراء نوع من التهدئة عبر المسارات السياسية والعسكرية والإعلامية وذلك خشية من انعكاس عدم التزامها بتلك المسارات دوليا تجاه توجيه ضربات نوعية أمريكية إسرائيلية لمفاعلاتها النووية لذلك تسعى إلى التهدئة خاصة على صعيد العسكرة”.
تهدئة وتصعيد
وبحسب الباحث فإن” هذه التهدئة في التصعيد العسكري على الجبهات اليمنية السعودية تقابلها زيادة ملحوظة في حجم توريد السلاح إلى الميليشيات في سوريا ولبنان، مشيرا إلي أنه عمليا تم خفض ارسال السلاح الايراني إلى اليمن لكنه بنفس التوقيت رفع من مستوى عمليات تهريب السلاح عبر الطريق البري من طهران إلى بغداد ودمشق وبيروت وبالتالي حسن النية في اليمن لا يغطي حجم الانتهاكات الحاصلة في العراق وسوريا واليمن وربما سنشهد تصعيدا في محور الحدود العراقية السورية وخاصة في مدينة دير الزور”.
ويعتقد الباحث أن “ايران ماضية في تعزيز قدراتها العسكرية خشية مواجهة محتملة مع الولايات المتحدة، وتخشى فقدان الطريق الدولي الذي يعتبر شريان الحياة بالنسبة للفصائل الموالية لها في سوريا ولبنان”.

تحسين العلاقات
ويري محمد شعت الباحث في الشؤون الإيرانية أن ” جولة وزير الخارجية الإيراني تأتي في إطار التحركات الإيرانية الأخيرة لتحسين العلاقات مع دول الجوار والمنطقة بشكل عام، وهي السياسة التي لجأت إليها إيران لتخفيف الضغوط التي تعرضت داخليا وخارجيا.
وقال شعت: ” بناء الثقة بين إيران ودول المنطقة يحتاج المزيد من التحركات وإثبات حسن النوايا من جانب إيران وهو الأمر الذي سيحتاج المزيد من الوقت، خاصة وأن مخاوف دول المنطقة تتعلق بمشروع إيران الذي تعمل عليه منذ سنوات وبالتالي التخلي عنه لن يكون سهلا خاصة فك ارتباطها بالاذرع داخل الدول العربية وتدخلها في دول الجوار”.
وبحسب الباحث فإن ” دول مثل قطر وعمان تلعب دور الوساطة في الوصول إلى تفاهمات مع إيران التي تسعى فك العزلة التي عاشتها بسبب سلوكها، وهناك قضايا تتعلق بالسلوك الإيراني في المنطقة تحتاج حسم لتحقيق الاندماج الذي تسعى إليه طهران لتفويت الفرصة على إسرائيل التي سعت إلى عزل إيران وتشكيل تحالف ضدها، لذلك فإن هذه التحركات تأتي في سياق الدبلوماسية الإيرانية الجديدة التي طرحها إبراهيم رئيسي لتحسين العلاقات مع دول المنطقة”.
أهداف اقتصادية
كما يعتقد الباحث ان “إيران تبحث أيضا عن فرص اقتصادية في ظل انهيار الاقتصاد وهو الأمر الذي تسبب في أزمات داخلية متكررة، وحال التوصل إلى تحسين العلاقات واعادتها والتوصل إلى فرص استثمارية مع دول الخليج ستكون خطوة مهمة لدعم الاقتصاد وتخفيف الضغوط الداخلية”.
وأشار إلي أن “التحركات الايرانية، تقابلها خطوات من جانب دول المنطقة مثل السعودية، التي تريد خفض الصراع في ظل الأزمات التي تتعرض لها المنطقة بشكل عام، إضافة إلى المشاريع الداخلية في السعودية والتي تريد انجازها، لافتا إلي أنه إذا نجح الاتفاق مع إيران في خفض التهديدات للمصالح السعودية، سيكون في صالح المملكة”.
ويري شعت أن “الاتفاق مع السعودية جاء في وقت مفصلي بالنسبة لإيران، وفي مرحلة حساسة جدا في ظل ضغوط داخلية وخارجية واشتعال الشارع الإيراني، وبالتالي كان الاتفاق بمثابة رسالة من النظام الإيراني للداخل والخارج بأنه قادر على تصفير المشاكل وفك العزلة في أي وقت، كما أنه فتح الطريق أمام إيران لإعادة الاندماج في المنطقة، لكن تظل إيران في مرحلة اختبار سلوك وبناء ثقة، وتبقى كل هذه الخطوات مرهونة بتغيير السلوك الإيراني”.

Exit mobile version