نهاية نتنياهو..ماذا ينتظر رئيس حكومة الاحتلال بعد طوفان الأقصى ؟

تحليل/د.دانييلا القرعان

تعتبر الفترة التي شغلها نتنياهو في منصب رئيس الوزراء الأطول في تاريخ إسرائيل إذ بلغت 16 سنة بصورة إجمالية، ومستقبله السياسي هذه المرة مرهون بمدى تحمله المسؤولية تجاه هجوم حماس وإخفاق الجيش في تحقيق أهدافه في الهجوم على غزة.

وهذه المسؤولية لا يمكن تحديدها الا إذا خلصت لجنة تحقيق حكومية حيادية بذلك واعتبرته مسؤولاً عن هجوم «حماس»، لكن الغريب في الأمر أن تشكيل هذا النوع من لجان ملقى على عاتق الحكومة نفسها، مثلما حصل بعد حرب أكتوبر 1973 وبعد الاحتجاجات التي أعقبت الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.

ورغم أن نتنياهو غير ملزم بذلك قانوناً، لكن حتماً سيصل ضغط الرأي العام إلى مستوى لن يكون متاحا به أي خيار أخر وإلا قد ينزل كل مواطني إسرائيل برمتهم إلى الشارع للمطالبة بذلك، بالتالي هذا أمر لا بد منه بعد الحرب مباشرة على أبعد تقدير.

تشير كل الدلائل الى أن نتنياهو كان يتجاهل تحذيرات العسكريين صاباً اهتمامه بتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية على حساب الاهتمام بالكيبوتسات اليسارية بصورة عامة، وكان أسير مفهوم خاطئ يقول أن «حماس» لن تجرؤ أبداً على مهاجمة إسرائيل بمثل هذه الوحشية، الأمر الذي جعله غير قادر على اتخاذ أي قرار واضطر تحت ضغط المعارضة إلى استبدال الحكومة بحكومة طوارئ وحرب بعد مرور 5 أيام في حين كان يجب أن يتم ذلك في غضون 48 ساعة بعد المأساة.

بالرغم من متاعب نتنياهو مع القضاء الذي يحاكمه في 3 قضايا فساد، لكنه فاز في انتخابات نوفمبر 2022 واستلم السلطة مستنداً إلى تحالف مع أقصى أحزاب اليمين المتطرف، ومع ذلك هو يعرف في قرارة نفسه أنه قد ارتكب خطأ وسيضطر إلى دفع الثمن الذي قد يكون يشمل هذه المرة لسجن إضافة إلى فقدان مسيرته السياسية، أي أن نهايته محتومة لكن المسالة مسألة وقت فقط، لذا، نراه كي لا تتم محاسبته يماطل ويناور ويحاول تحقيق نصر حاسم في غزة يشفع له عن جمهور الناخبين.

ورغم موقعه القيادي لكنه واجه احتجاجات شرائح كثيرة من قاعدته الانتخابية التي دعمته سابقاً بوجه المتظاهرين الذين كانوا يحتجون على مشروع الإصلاح القضائي الذي طرحته حكومته، أما اليوم فقد باتت معظم قاعدته الانتخابية تعتبره غير صالح للحكم ويرى معارضوه أن الانقسام الذي أثاره داخل المجتمع بمشروعه لإصلاح القضاء سينقلب ضدّه.

ضغوط دولية

بالنسبة للحرب على غزة، توسع الضغوط الدولية على إسرائيل من حلفائها جعلتها تفقد التأييد الدولي تدريجياً، خاصة بعد استمرار المظاهرات المعارضة لإسرائيل في عواصم أولئك الحلفاء، لقد استطاع نتنياهو أن يوهم حلفائه أنه يحتاج فقط أسابيع قليلة وسيقضى على «حماس» ويستعيد المخطوفين بل ويعيد التفكير في مستقبل غزة نفسها، لكن صمود المقاومة واستمرارها في قصف المدن الإسرائيلية وتورطه في حرب شوارع فوق رمال غزة جعلته يبدو أمام الحلفاء والعالم بمظهر العاجز عن تحقيق وعوده مما جلب لإسرائيل أزمة جديدة مع الحلفاء خاصة الولايات المتحدة حليفها الأكبر الذي قاوم المجتمع الدولي في مجلس الأمن أكثر من مرة متيحاً بذلك للجيش فرصة أخرى للقضاء على المقاومة، لكن الأمر طال وثبت أن الانتقال من مرحلة الى مرحلة ما هو إلا ذر في الرماد لإخفاء الخسائر المتتالية التي تكبدها هذا الجيش، الأمر الذي جعل الحلفاء يعتقدون أنه خدعهم بوعوده، إذ تبين أن وجود إسرائيل برمتها مبني على مساعدات الغرب لها ولا يعتمد على القدرات الإسرائيلية التي كانت تتباهي بها.

الأيام القادمة ستثبت بطلان نظرية نتنياهو على وقع ارتفاع أعداد قتلى الجيش في المعارك الطاحنة، فهو لن يستطيع أن يصمد طويلاً، خاصة وأن «حماس» لم يعد لديها شيئاً تخسره بعد تدمير البنية التحتية في القطاع، وما مسألة إعادة تنظيم ألوية النخبة وسحب فرق وزج فرق أخرى في المعركة إلا مسرحية يأمل منها نتتياهو أن ينجح في المفاوضات ووقف إطلاق النار تلافياً للمزيد من هدر القوة الإسرائيلية المنشغلة على خمس جبهات، أهالي المخطوفين، غزة، الضفة الغربية، جنوب لبنان، والملاحة في البحر الأحمر.

Exit mobile version