ذكري تأبي النسيان..3 أغسطس جرح مازال ينزف فى صدور الإيزيديات

بقلم / مالافا علي

 

 

لكلِّ إمرءٍ تاريخٌ يحبذُ قدومه أو تاريخٌ يتوجس منهُ .
إنه الثالثُ من أغسطس /آب، حرٌّ يفتِكُ بالبدن وأطفالٌ يبكونَ حتى يذوب صدى صوتهم بين أذرعةِ أُمهاتهم اللواتي تحولن إلى سبايا بيد تنظيم داعش الإرهابي ،إنهن نساءٌ كُرديات إيزيديات غدرَ بهم القدر للمرة الثالثة والسبعين.
والإيزيدية هي مجموعة إثنية من الناس مدموجة من الدين وتراث الأجداد وبحسب التاريخ الإيزيديون يتركزون في جغرافية كردستان المقسمة بين سوريا والعراق وتركيا، يتحدثون اللغة الكُرمانجية ويحافظون إلى اليوم على تاريخهم وتراثهم القديم .
اشتهر الإيزيديون في العالم بتاريخهم المآساوي ومعاناتهم الطويلة مع الإبادات وأخرها مجزرة شنكال سنة 2014 على يد تنظيم داعش الإرهابي.
المرأة الشنكالية ذاقت الأمرين في كنف تنظيم داعش الإرهابي وجُرِدت من حقيقتها التاريخية والدينية , فارتدت الأسود مُكرهة وحُرِمت عليها ألوانها الزاهية التي لطالما تزينت بها ، تلك الألوان التي مثلت الحياة الطبيعية الأولى ، اغُتصِبت هويتها وثقافتها و أُجبِرت نساءٌ كثيرات على إعتناق الإسلام وكثيرات تم قتلهن بأفظع الطرق لرفضهن تغيير دينهن وتم بيع الآلاف في أسواق النخاسة في الرقة عاصمة الخلافة المزعومة يوماً ما،
هكذا كانت هي الضحية التي أُجبِرت على حياةٍ لا تشبه الحياة بإمكانك أنْ تصفها بالجحيم المُستعر و على الرغم من تحرير شِنكال وتحرير الآلاف من النساء الإيزيديات إلى أنَّ ذكريات شهر آب تمتدُ بتلك الحرائر إلى يومنا هذا .

فانتظار انجِلاء ليل وظلام داعش حفر في قعر عقلِهن الأسى والخوف . مشاهد قتل الأجنة في بطون الأُمهات والاعتداء عليهن وحرق أخريات أحياءً داخل الأقفاص ،خاصة اللواتي رفضنَ الرضوخ لتنظيم داعش لا تفارقُ مُخيلة نساء ناجيات من فكيّ داعش الإرهابي بعد تحريرهن على يد قوات سورية الديمقراطية عام 2017 عند تحرير مدينة الرقة السورية من رجس داعش , ذاك النصر الذي أعاد الحرية للمرأة الإيزيدية .
وتعرض المجتمع الإيزيدي في شنكال في إقليم كردستان العراق لهجمة بربرية شاسعة من تنظيم الدولة الإسلامية تنظيم داعش الإرهابي في الثالث من أغسطس آب سنة2014 ، وارتكبت المجزرة بعد انسحاب قوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق منها , كان الإنسحاب فُجائياً ومع انسحابهم تُرِك المجتمع الإيزيدي وجهاً لوجه مع إرهاب تنظيم داعش الذي قتل الرجال والشباب أمام أعيُّن نسائهن وأُمهاتِهن وعزلَ الأطفال عن النساء , ونقل النساء إلى عاصمته مدينة الرقة السورية ليتم بيعهن في أسواق الموصل والرقة .
تعاني المرأة الإيزيدية إلى اليوم من آثارٍ نفسية وصحية إثر تلك المذابح والمجازر التي صنعت شرخاً في ذاكرتها المنقسمة إلى ثلاثة وسبعين مجزرة . تحولت من سيدة منزلها وأم أطفالها وأخت أشقاءها إلى سبية رخيصة تُباع كغرضٍ أو حاجة مادية للبشر، عُرِضت على الباعة كالألعاب وكانت محط سخرية البعض أو سيل لُعاب الآخرين من وحوش العصر الحديث (داعش) .

المرأة الشنكالية عاصرت وحشية القرن الواحد والعشرين وما سبقها من عصور شبيهة ،لكن لم ترضى بالبقاءِ أسيرةَ الذكريات المُظلمة والرضوخ لقانون الغاب و لم ترضى العيش ضمن دائرة الضحية لتحافظ على نفسها ومجتمعها وبدأت بتنظيم نفسها ضمن وحدات المرأة الشنكالية YJŞ أسوةً بوحدات حماية المرأة في شمال وشرق سورية ، عبر تأسيس المنظمات المدنية والإدارية والسياسية والأمنية حتى غدت المرأة الإيزيدية من النساء الرائدات في كافة المجالات وتقلدت المناصب العليا وأدارت نفسها بنفسها ،
ومنهن الإيزيدية الناجية من تنظيم داعش (نادية مراد )من قرية كوجو في قضاء شنكال التي تم اختيارها عام 2016, كسفيرة للنوايا الحسنة للأمم المتحدة وحصلت على جائزة نوبل للسلام عام 2018.
كذلك لمياء حجي بشار إحدى رموز نضال وكفاح المرأة للتحرر من قيود داعش وتأثيراته ،لمياء أيضاً من قرية كوجو، منحها الإتحاد الأوروبي جائزة ساخاروف لحرية الفكر عام 2016.
في السياسة أيضا طفى خيال المرأة الإيزيدية على السطح وطغت صورتها العصرية على البرلمان العراقي عبر شخصيات نسائية إيزيدية حاربن بكل ما أُتين من قوة من لإيصال صوت المرأة الإيزيدية وألمها للمجتمع الدولي .
المرأة الإيزيدية هي خيرُ مثالٍ تحتذي بها النساء اللواتي تعرضن لكافة أشكال الظلم والاضطهاد ولكن نفضن الغبار عن أجسادهن النحيلة المنهكة، وتغلبن على الألم في صدرهن , حولن الغضب إلى قوة وإرادة للاستمرار في حماية مكتسباتهن وإلى اليوم تدافعن عن قضيتهن لتكون قضية عالمية تُساهم في الاغتراف الأممي والدولي بالمجازر المرتكبة بحق شعبهن وإدراج تاريخهم وتراثهم في التاريخ الدولي .

https://alshamsnews.com/2022/05/%d9%88%d8%b1%d8%af-%d8%b0%d9%83%d8%b1%d9%87%d9%85-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d8%a3%d9%86-%d9%85%d8%b9%d9%84%d9%88%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d9%84%d8%a7-%d8%aa%d8%b9%d8%b1%d9%81%d9%87%d8%a7-%d8%b9%d9%86.html

https://alshamsnews.com/2022/02/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ad%d9%83%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa%d8%ad%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a7%d9%82-%d8%aa%d9%86%d8%aa%d8%b5%d8%b1-%d9%84%d9%80-%d8%a7%d9%84.html

Exit mobile version