تطورات متسارعة يشهدها الشرق الأوسط في ظل اشتعال عدة نقاط ساخنة بالمنطقة تؤشر على مزيد من التوتر بالإقليم خاصة بعد إعلان وزير خارجية أمريكا أن الحرب في غزة قد تتطور لحرب إقليمية..فماذا ينتظر الشرق الأوسط وهل نحن على أبواب حربا إقليمية تحرق ما تبقي من دول المنطقة ؟واعتبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في قمة دافوس الأربعاء 17 كانون الثاني الجاري أن هناك فرصة كبيرة لامتداد الحرب في غزة إلى أنحاء الشرق الأوسط.
وتزامنت تصريحات بلينكن مع اشتباكات عسكرية وعمليات قصف متبادل على الحدود الإيرانية الباكستانية بعد قيام طهران باستهداف معارضين داخل أراضي إسلام أباد وهو ما ردت عليه الأخيرة بالمثل.
كما اشتعلت الأوضاع في اليمن ، حيث أعلن الجيش الأمريكي في بيان، الأربعاء 24 يناير/كانون الثاني 2024، إنه نفَّذ ضربتين أخريين في اليمن، ودمَّر صاروخين مضادين للسفن أطلقهما الحوثيين، كانا موجَّهين نحو البحر الأحمر وكانا يستعدان للانطلاق.
كما أعلنت بريطانيا في بيان مشترك إن 24 دولة من بينها الولايات المتحدة وألمانيا وأستراليا، نفذت مزيداً من الضربات على ثمانية أهداف في مناطق يسيطر عليها الحوثيين في اليمن.
وفي العراق، تتواصل الهجمات المتبادلة بين ما يعرف بفصائل المقاومة والتحالف حيث أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الأربعاء 24 يناير كانون الثاني إن القوات الأميركية نفذت ضربات ضرورية ومتناسبة على ثلاث منشآت تستخدمها كتائب حزب الله وغيرها من الجماعات المرتبطة بإيران في العراق التي استهدفت في وقت سابق قواعد أمريكية داخل العراق.
وفي سوريا تتواصل هجمات الاحتلال التركي على مناطق شمال شرق سوريا دون موقف دولي واضح.
ويأت كل هذا في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي اندلعت أحداثها منذ السابع من أكتوبر الماضي والصراع المسلح في السودان المشتعل منذ 15 أبريل الماضي.
بالتزامن مع حالة من الهياج العسكري التي تجتاح الشرق الأوسط، حرك علماء الذرة، الثلاثاء 23 يناير/كانون الثاني 2024، عقارب “ساعة يوم القيامة” الرمزية لتصبح عند 90 ثانية فقط قبل منتصف الليل، والذي يعني وصولها إليه نشوب حرب نووية تُفني البشرية.
شرق أوسط جديد
وتري الباحثة السياسية د.صالحة علام أن المنطقة تعيش فترة من أصعب الفترات في تاريخها المعاصر، تشبه إلى حد بعيد ما سبق وأن مرت به في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، تلك الفترة التي أسفرت عن تقسيمها واحتلال بلدانها.
وقالت لوكالتنا ” التطابق بين الفترتين يرتكز على نقطة هامة ألا وهي أن تطورات المنطقة تتقاطع بصورة مباشرة مع المصالح الخاصة لكل من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، مما يرجح إمكانية إتساع نطاق الحرب الدائرة حاليا لتتخطى حدودها غزة، واليمن، ولبنان لنشهد دخول دول جديدة في هذه الدائرة الجهنمية”.
وتعتقد الكاتبة المصرية أن” المنطقة أمام وضع جديد في المنطقة يتجاوز في مجمله حدود دائرة القضية الفلسطينية، خاصة وأن هذا من شأنه وقف كافة عمليات تطبيع العلاقات التي تشهدها المنطقة منذ فترة، الذي قد يكون أحد الأهداف لها بل أن الأمر قد يتطور إلى تعليق عملية التطبيع بين إسرائيل والسعودية، بالإضافة لانعكاسات ذلك السلبية على مسار العلاقات التي باتت تربط بين إسرائيل وكل من المغرب والإمارات والبحرين وعمان”.
واعتبرت أن “فشل الجهود الأمريكية وإصرار تل أبيب على المضي قدما في عملياتها العسكرية ضد غزة، رغم الخسائر التي تتكبدها يعني إغلاق الباب ولو مؤقتا في وجه المخطط الغربي الرامي إلى إعادة تشكيل المنطقة، وإلباسها ثوب شرق أوسط جديد، أكثر استجابة وتفاعلا في تعاطيه مع النموذج الغربي اجتماعيا واقتصاديا، وهو نموذج يختلف في تركيبته عن الصورة التي تم ترويجها في أعقاب إندلاع ثورات الربيع العربي”.
تغييرات جيوسياسية
بدوره يري د.إياد المجالي أستاذ العلوم السياسية بجامعة مؤتة الأردنية أن “المتغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة تشكل إطارا لحالات التصعيد التي تحدث بالمنطقة خاصة في ظل تداخل الاصطفافات والتسويات القادمة والواقعية السياسية “.
وأكد لوكالتنا “الولايات المتحدة لا زالت تمسك في خيوط اللعبة وبكافة الاوراق في المنطقة والتوترات القائمة وحرب غزة تؤكد أن القطب الأوحد يُفعل توجهاته وأهدافه لمزيد من الصراع وتوسيع التوتر لخدمة مصالحها”.
وأشار إلي أن ” جل المتغيرات والتطورات بالمنطقة تزيد من السطوة الأمريكية والهيمنة الصهيوامريكية على أنماط الصراع القائم في ظل غياب قوى إقليمية مؤثرة كالصين وروسيا”.
وبحسب المجالي فإن “المتغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة هي ما دعمها بلينكن في زيارته للمنطقة وأعلن فيها عن تمسك الولايات المتحدة بأهدافها حتى لو تطلب ذلك إشعال المنطقة”.