منذ اندلاعها فى منتصف نيسان الماضي، حظيت التطورات العسكرية فى السودان باهتمام كبير من العواصم والمنظمات الدولية فضلا عن معظم وسائل الإعلام العالمية فى ظل تخوفات من أن تتحول إلي أزمة إقليمية تتجاوز حدودها أرض السودان وصراع حميدتي والبرهان..فكيف تؤثر أزمة السودان على استقرار المنطقة؟حذرت تقارير دولية عديدة من مستقبل الأوضاع بالسودان فى ظل المواجهات العسكرية المسلحة التي تشهدها البلاد منذ منتصف نيسان الماضي بين قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وحليفه ونائبه السابق فى مجلس السيادة محمد حمدان دقلو الشهير بـ حميدتي.
وتحدثت تقارير صحفية من احتمالية تمدد الصراع بين حميدتي والبرهان لدول جوار السودان خاصة أن معظم هذه الدول تعاني أزمات إقتصادية وصراعات عسكرية وسياسية.
تمدد الصراع
وفى تقرير لها، أشارت وكالة “بلومبرغ” إلى مخاوف من تأثير القتال الدائر في السودان على الدول الأفريقية المجاورة التي تعاني إصلا من الصراع المستمر وانعدام الأمن الغذائي والتمرد المسلح والاضطرابات المدنية.
وبحسب الوكالة الأمريكية فإن الأزمة في السودان قد تسبب تداعيات وخيمة على سبع دول أفريقية، وهي جمهورية إفريقيا الوسطى ومصر وليبيا وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، انتقل 75 ألف شخص إلى مناطق أخرى في السودان، وعبر 20 ألفا على الأقل نحو تشاد وستة آلاف نحو جمهورية أفريقيا الوسطى وغيرهم إلى إثيوبيا وسط توقعات بفرار ما يقارب 270 ألفا نحو تشاد وجنوب السودان خلال الأسابيع المقبلة.
كما استقبلت القاهرة حوالي 16 ألف سوداني حتى الأن فيما لا تزال حركة النزوح من السودان لمدينة أسوان المصرية مستمرة عبر المعابر الحدودية بين البلدين وسط توقعات بتزايد أعداد النازحين من الصراع خاصة بعد إعلان منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، مارتن غريفيث، أن الوضع الإنساني في السودان على وشك الانهيار.
ونقلت وكالة أنباء الأمم المتحدة عن غريفيث قوله: أن “الوضع الانساني يقترب من نقطة اللاعودة”.
يأت هذا فيما حذر مراقبون من تداعيات الأوضاع فى السودان على استقرار دول المنطقة بشكل عام خاصة مع معاناة معظمها من أزمات سياسية وإقتصادية.
منعطف خطير
ويري د.إياد المجالي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مؤتة الأردنية أن العمليات العسكرية التي انطلقت على مسرح الاحداث في السودان شكلت منعطفا خطيرا يهدد الأمن والسلم في السودان ودول الجوار الإقليمي.
وقال لوكالتنا ” إن هذه المواجهة باتت مثار جدل حول أهدافها وأطرافها، بل باتت بمثابة صندوق بريد ترسل من خلاله القوى الإقليمية رسائلها في ملعب تصفية الحسابات الإقليمية والدولية، الأمر الذي ينذر بإتساع مشاهد الفوضى وما يتبع ذلك من تاثيرات على مجمل الأوراق والملفات الإقليمية”.
وبحسب الخبير الأردني فإن “ما تشهده السودان من مواجهات عسكرية بين قوات التدخل السريع من جهة و الجيش السوداني من جهة أخرى يمثل تطور مرعب للأحداث لاسيما أن هناك مسوغات و أسباب متعددة تغري مصالح القوى الداعمة لأطراف الصراع بالتقدم نحو تعميق حده التوتر والقضاء على الأخر عبر حرب أهلية تفتك بالسودان أو المتبقي من مقدرات البلاد.
حرب بالإنابة
وأشار المجالي إلي أن “ثمة هواجس جمة لدى المجتمع الدولي جراء تداعيات هذه الأزمة التي قد تسفر عن اصطفافات إقليمية تعمق من حدة الإنقسام والصراع، والخشية من تنامي التحالفات الإستراتيجية التي ظهرت وتشكلت بعمق هذا الصراع، من خلال الدعم المباشر لأطراف الصراع بما يسمى حرب الإنابة.
وشدد على أن ما يحدث بالسودان بلا أدنى شك يلامس أوضاع الإقليم بشظايا تهدد الأمن والسلم، وتهدد كافة الأطراف الإقليمية التي تعمد إلى إيجاد أو تسجيل حضورها في الأحداث والوقائع بين الطرفين المتصارعين.
وحذر الأكاديمي الأردني من أن “الحرب الاهلية القائمة بالسودان قد تنتقل إلى دول الجوار مثل ليبيا ومصر، وقد تحولها الى كييف ثانية، لافتا فى الوقت نفسه إلي أن بواعث القلق العربي من هذه الأزمة وتعدد الأطراف المشاركة فيها قد تهدد أمن المنطقة برمتها نظرا لتباين المواقف العربية من طرفي النزاع فى الخرطوم وهو ما يمهد لحرب طويلة قد تتناثر شرارتها خارج حدود السودان.