حرب أم انتخابات..ماذا ينتظر ليبيا بعد تهديد حفتر باللجوء للقوة ؟

أثارت التصريحات الأخيرة لقائد الجيش الليبي خليفة حفتر المخاوف من عودة الحرب الأهلية مرة أخري إلي البلد النفطي التي تستعد لأول استحقاق انتخابي منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي..فهل تصل ليبيا لمحطة الانتخابات أم تعود الحرب مجددا ؟
وكان حفتر قد طالب في كلمة الأسبوع الماضي أمام قيادات عسكرية بتشكيل لجنة لتوزيع عوائد النفط بشكل عادل محذرا من أنه حال عدم تشكيل اللجنة حتى نهاية أغسطس فإن الجيش الليبي وعموم الليبين سيكون لهم موقف حازم إزاء ذلك وهو ما اعتبره البعض تهديدا واضحا من القائد العسكري باللجوء للقوة العسكرية مرة أخري.
وبحسب مراقبون فإن عودة الحرب الأهلية لليبيا مرة أخري أمر صعب حدوثه ولن تقبل به القوي الدولية والإقليمية، مشيرين إلي أن هناك رسائل خاصة يسعي حفتر لإيصالها لبعض المؤسسات الليبية من خلال هذه التهديدات.
خطورة الحرب
واستبعد علاء فاروق الباحث في الشؤون الليبية عودة الحرب مرة أخري إلي ليبيا نظرا لأن المجتمع الدولي والدول الفاعلة في الملف الليبي لن يقبلوا بذلك.
وقال لوكالتنا “القوي الإقليمية مثل تركيا ومصر لن تقبل بعودة الحرب والفوضي مرة أخري إلي ليبيا، وسيضغطون على حلفاءهم المحليين داخل ليبيا لمنع الانجرار لحرب جديدة، لافتا إلي أن حدوث حرب في هذا التوقيت ستكون ضريبتها أعلي من أى حرب سابقة نظرا لكون الدولة الليبية في مرحلة الدفع نحو الانتخابات وتغيير المشهد وتغيير السلطات الموجودة وإعادة انتخابات برلمان جديد وحكومة شرعية بتوافق محلي ودولي”.
وأشار إلي أنه “من الصعب في ظل هذا الوضع المتقدم نحو الاستقرار والتوجه إلي الانتخابات بليبيا أن يتم العودة للحرب ، مؤكدا أن حفتر يدرك ذلك ويعلم جيدا خطورة حدوث حرب في الوقت الحالي خاصة بعدما تخلي عنه الكثير من الحلفاء الإقليمين مثل الدولة المصرية والإماراتية”.
لجنة النفط
ويري الباحث أن “موضوع النفط هو ورقة يستغلها الجميع لابتزاز الأخرين لافتا إلي أن حفتر يستغل أن أغلب المناطق النفطية تقع تحت سيطرته ولكنه غير مستفيد منها بشكل كبير”.
واعتبر فاروق “إن ما طرحه حفتر حول إعادة توزيع عوائد النفط بشكل عادل أمر إيجابي، وطبيعي أن يطالب الجميع بعدالة التوزيع وحتى حكومة البرلمان برئاسة أسامة حماد لوحت برفع الراية الحمراء على الحقول النفطية في حال عدم توزيع عوائد النفط، لافتا إلي أن المجلس الرئاسي شكل لجنة بالفعل منذ يومين لتعزيز الشفافية وتوزيع عادل لكل الإنفاق الحكومي بشكل عام ومن ضمنه النفط، واللجنة أصبحت موجودة بالفعل ولكن ليس بنفس الفكرة التي طرحها حفتر”.
رسالة استباقية
ويعتقد الباحث إن “تصريحات حفتر ربما محاولة وخطوة استباقية من قائد الجيش حتى لا يتم منعه من الترشح في الانتخابات الرئاسية خاصة بعد إعلان مجلسي النواب والدولة عن جلسة خلال ساعات لاقرار مخرجات لجنة 6+6 الخاصة بقوانين الانتخابات وشروط الترشح في ظل وجود بند بمنع من يحمل جنسيتين من الترشح ويريد حفتر الضغط لالغاء هذا البند نظرا لأنه يحمل جنسية أمريكية بجانب الليبية”.
تنازع السلطات
بدوره، أكد الباحث السياسي أحمد عرابي إن ليبيا تعيش في ظل تنازع على الشرعية بين حكومتي عبد الحميد الدبيبة وأسامة حماد، على وقع أزمة سياسية أعادت المخاوف من العودة إلى النزاع المسلح، نتاج تجاذبات حادة بين مختلف مؤسساتها السياسية منذ إعلان تأجيل الانتخابات المعلنة مسبقاً، والتي كان المفترض إجراؤها في الرابع والعشرين من شهر ديسمبر 2021.
وقال لوكالتنا “المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة طالب بتشكيل لجنة عليا للترتيبات المالية لتقوم بتوزيع الإيرادات بطريقة عادلة بين كافة البلديات في ليبيا ، متهمًا مصرف ليبيا المركزي في العاصمة طرابلس بارتكاب جرائم في الاعتمادات المستندية المالية” .
وأوضح أن “مسألة التوزيع العادل لإيرادات النفط الليبي، تعد إحدى الأزمات في كامل البلاد، حيث تتنازع الحكومة الليبية المعينة من مجلس النواب مع حكومة الدبيبة السيطرة على هذه الإيرادات بصفة دائمة، لافتا إلي أن حكومة البرلمان سبق وأعلنت إنها استكملت إجراءات الحجز الإداري على إيرادات النفط لعام 2022 وما بعده، التي تزيد على مئة وثلاثين مليار دينار ليبي قرابة 27 مليار دولار أمريكي، فيما قال أسامة حماد رئيس الحكومة، إن التهديد بوقف تصدير النفط جاء من أجل الحفاظ على أموال الدولة وكف أيدي العابثين عنها”.
وقال “إن هذا الصراع بين الأطراف الليبية يأتي فيما ترعى الأمم المتحدة حوارًا اقتصاديًّا بين الليبيين يهدف لتوحيد المؤسسات الاقتصادية المنقسمة في البلاد، وإيجاد خطة للتوزيع العادل لإيرادات النفط التي تعتمد عليها ليبيا بشكل كلي في نفقاتها اليومية”.

رسائل حفتر
ويعتقد عرابي إن “تصريحات حفتر ليست سوي جزء من دعاية انتخابية أكثر من كونها شىء أخر، مؤكدا أنه لن تكون هناك قوة عسكرية ولا حرب لانه لا يوجد من يدعم الحرب مالياً”، متوقعا أن يأتي شهر أغسطس وينتهي دون حدوث شىء جديد مما هدد به حفتر”.
وأشار إلي أن “الحكومة لن تستطيع تنفيذ مطالب حفتر لان عائدات النفط توضع في حساب مصرف ليبيا المركزي في طرابلس الذي هو تحت سيطرة حكومة الدبيبة وذلك طبقا للعقود الموقعة مسبقة مع شركات تصدير النفط”.

Exit mobile version