لهذا رفضته تركيا ..ماذا تريد أثيوبيا من مذكرة التفاهم مع أرض الصومال ؟

أثارت مذكرة التفاهم التي وقعتها إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال “غير المعترف به دوليا” لإنشاء ميناء تجاري وقاعدة عسكرية في مدخل البحر الأحمر حالة من الجدل والرفض الدولي.
وفي الأول من يناير الجاري، وقع رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، اتفاقاً مبدئياً مع زعيم أرض الصومال، موسى بيحي عبدي، تحصل بموجبه إثيوبيا على منفذ على البحر الأحمر بطول 20 كلم لمدة 50 عاماً، يضم ميناء بربرة وقاعدة عسكرية، وذلك مقابل أن تعترف أديس أبابا رسمياً بأرض الصومال جمهورية مستقلة.
وبموجب هذه المذكرة ستحصل إثيوبيا على أول منفذ بحري في البحر الأحمر، كما ستكون إثيوبيا أول دولة اعترفت بأرض الصومال دولة مستقلة.
وأثار الاتفاق احتجاج الحكومة الصومالية، التي اتهمت نظيرتها الإثيوبية بانتهاك سيادتها ووحدة أراضيها، واستدعت سفيرها في أديس أبابا للتشاور.كما انتقدت
دولة ومنظمة دولية الاتفاق المقترح بين إثيوبيا وأرض الصومال، حيث شددت الولايات المتحدة على ضرورة احترام سيادة الصومال وسلامة أراضيه، واعترف الاتحاد الأوروبي بأن احترام سيادة الصومال هو مفتاح السلام في القرن الأفريقي.
دعا الاتحاد الأفريقي إلى الهدوء والاحترام المتبادل للحد من التوترات المتزايدة بين إثيوبيا والصومال. كما أصدرت مصر وتركيا وكينيا ودول أخرى بيانات تحذر من مخاطر الخطوة الإثيوبية.

الحلم الإثيوبي
تري د.فريدة البنداري أنه لطالما احتل الوصول إلى البحر مكانة مركزية في الوجدان الإثيوبي المرتبط بالمجد الإمبراطوري، ولا سيما بعد استقلال إريتريا عام 1993 الذي حوّل اثيوبيا المستعمرة إلى أكبر الدول الحبيسة في أفريقيا. ووصولها عبر الصومال أو غيرها من دول الجوار الساحلية تتسق مع تركيزها على تفعيل “دبلوماسية الموانئ” لتجاوز كونها دولة حبيسة، ولضمان التقدم الاقتصادي لإثيوبيا.
وقالت لوكالتنا :” عليه نستطيع أن نصف هذا الاتفاق بين اثيوبيا وأرض الصومال، خطوة لإحياء الحلم الاثيوبي المتعلق بالتواجد على ساحل البحر الأحمر، وإعادة هندسة المنطقة من خلال وضع قواعد جديدة للعبة الإقليمية، وأخيرا سيخلق هذا الاتفاق فصلًا جديدًا في سلسلة الأزمات الإقليمية المعقدة التي تشهدها المنطقة على مدار السنوات الماضية.
وبحسب الباحثة فإن امتلاك اثيوبيا منفذ بحري من خلال الصومال الذي يملك واحداً من أطول سواحل القارة الأفريقية، وهو الساحل الذي يُقدَّر بنحو (3025) كم، كما يمتلك العديد من الموانئ المؤثرة، سواء على خليج عدن، من قبيل بوصاصو وبربرة، أو على المحيط الهندي من قبيل (كسمايو، وميركا، وهوبيو) سوف يعيدها لمجدها الامبراطوري القديم، محاولة اثيوبيا من خلال هذا الوجود الساحلي تعزيز مساعيها الرامية لبسط نفوذه وسيطرتها على منافذ القرن الافريقي .
وتابعت : ومن شأن امتلاك إثيوبيا ميناءً بحرياً على ساحل الصومال البحري أن يخفض تكاليف شحن الورادات خاصة بعد ارتفاعه جراء ازمتي كورونا والحرب الأوكرانية الروسية . وربما ستخسر ميناء جيبوتي ما كانت تدفعه أثيوبيا بما يقدر بنحو مليارَيْ دولار سنوياً ، مقابل اعتماد اثيوبيا بشكل رئيسي في حركة تجارتها الدولية.
التأثيرات الإقليمية
أما عن التأثيرات الإقليمية فتؤكد خبيرة الشؤون الإفريقية أن مصر، ‏‎اعتبرت أن تزايد ما سمته بـ”التحركات والإجراءات والتصريحات الرسمية، الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها”، تقوض من عوامل الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وتزيد من حدة التوترات بين دولها .
وعلي جانب حكومة الصومال وصفت الاتفاق بأنه عمل “عدواني”، وبدأت اتصالات مع الدول المتضررة مثلها، في المقابل صرح رئيس إقليم أرض الصومال موسى بيحي خلال الخطاب الذي ألقاه بماسبة الاتفاق ” أن جمهورية إثيوبيا الفيدرالية ستصبح أول دولة أفريقية تعترف رسميًا بجمهورية أرض الصومال. بالإضافة إلى ذلك، ستقوم جمهورية أرض الصومال بتأجير 20 كيلومترًا من البحر لإثيوبيا إلى جانب إستخدامها لميناء بربرة.
وتضيف البنداري : على الجانب المصري يستند رفض مصر للاتفاقية إلى أنها تخالف أبسط أهداف القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي التي تنص على احترام سيادة الدول، كما ان مصر حريصة منذ تسعينيات القرن الماضي على رفض دعم الكيانات الانفصالية في أفريقيا، حتى لا تفتح الباب أمام الكيانات الأخرى في اليمن ونيجيريا والصومال”. وعليه فإن المشكلة تكمن في الاعتراف بأرض الصومال، والتعامل معها بشكل منفرد بعيدا عن السلطة المركزية الصومالية، مما يعني تهديدا لدولة الصومال، وهي دولة ذات موقع جيوسياسي مهم، بإطلالتها على مضيق باب المندب والمحيط الهندي وخليج عدن.
– في سياق مواز لتأثير المجتمع الدولي المنشغل بحرب الكيان الصهيوني على فلسطين وتبعاتها في المحيط الإقليمي بما في ذلك التوترات المتنامية في إقليم البحر الأحمر خاصة من قبل جماعة الحوثي اليمنية. لهذا يمثل هذا الاتفاق تحديًّا دبلوماسيًّا في القرن الأفريقي، في ضوء المنافسات الدولية على المنطقة من أجل حماية مصالحها الاستراتيجية، فهناك دول تمتلك استثمارات ضخمة في المنطقة مثل الصين وتركيا كمستثمرين رئيسيين في مجال الموانئ البحرية والبنى التحتية، الأمر الذي يسهم في تعقيد المشهد الإقليمي خلال الفترة المقبلة في ضوء تضارب المصالح الإقليمية والدولية إزاء توقيع الاتفاق الإثيوبي مع “أرض الصومال”.

زلزال جيوسياسي

ووصف د.حمدي عبد الرحمن خبير الشؤون الإفريقية الاتفاق بأنه “زلزال جيو سياسي فى منطقة القرن الأفريقي لأنه يعيد تشكيل خريطة القوي الإقليمية بالمنطقة الأفريقية ومنطقة البحر الأحمر”.
وقالت لوكالتنا ” بحسب الاتفاق فإن أثيوبيا ستكون قوة بحرية تستطيع أن تصل لخليج عدن ومنطقة البحر الأحمر وبالتالي يؤثر ذلك على مجلس الدول العربية والإفريقية لدول البحر الأحمر الذي يضم 8 دول بينها السعودية والأردن واليمن والصومال”.
وتابع : “كما يؤثر الاتفاق على العلاقة المتوترة من الأساس بين أثيوبيا وكثير من الدول بالمنطقة خاصة الصومال التي أصدرت قانون يمنع التنازل عن أي جزء من أراضيها وتعتبر الإتفاق لاغي وباطل”.
ويعتقد خبير الشؤون الإفريقية أن “الخطوة الإثيوبية غير المسبوقة مع أرض الصومال ستزيد من حالة الارتباك الإستراتيجي التي تشهدها المنطقة خاصة أن أديس أبابا بموجب الإتفاق ستصبح أول دولة تعترف باستقلال جمهورية أرض الصومال فى الوقت الذي مازال المجتمع الدولي يقبل بفكرة وحدة الصومال وسيادته وحتى الاتحاد الأفريقي نفسه”.
وأشار إلي أن “إثيوبيا تريد من الاتفاق الحصول على قاعدة عسكرية ومرفأ فى أرض الصومال ما يخل بالتوازن مع إريتريا التي تحتفظ بعلاقات متوترة مع أديس أبابا بفعل ما يحدث فى توترات إقليم أمهرة وأوروميا الأثيوبيين”.
كما يري بد الرحمن أن “الاتفاق تسبب فى عمل ارتباك استراتيجي فى المنطقة خاصة فى ظل التوترات بين مصر وأثيوبيا عقب تعليق مفاوضات سد النهضة التي وصلت لطريق مسدود” .

تحديات تواجه الاتفاق
وبحسب خبير الشؤون الإفريقية فإن “هناك تحديات كبيرة تواجه الاتفاق خاصة أن جمهورية أرض الصومال بها خلافات داخلية كبيرة وهناك توترات سياسية يشهدها إقليم صول منذ نهاية عام 2022 حيث تريد القبيلة التي تقطن الإقليم أن تُكون إدارة ذاتية تحت حكم مقديشيو وترفض الانضواء تحت حكم أرض الصومال وما يزيد التوتر بالإقليم”.
وتابع : “من العوائق الداخلية أيضا أن رئيس أرض الصومال موسي بيحي عبده تجاوز فترته الرئاسية وهناك غضب من بقاءه فى السلطة ولهذا ينظر عبده لهذا الاتفاق كأنه قبلة الحياة الذي تزيد من قوته التفاوضية أمام خصومه السياسيين”.
وختم تصريحاته بالتأكيد على أن “الأزمة الكبري فى مذكرة التفاهم الأثيوبية مع أرض الصومال هو اعتراف أديس أبابا باستقلال أرض الصومال وهو ما وضع المنطقة أمام أزمة الجميع في غني عنها لأنها قد تفتح المجال واسعا للحركات الإرهابية ويعرقل جهود القوي الكبري فى محاربة الإرهاب بمنطقة القرن الإفريقي وخليج عدن وهو ما يبرر الموقف الغربي الرافض للاتفاق”.

التنازلات المؤلمة لا تصنع سلاما..مخاوف من عودة الحرب بإثيوبيا

حذر خبراء ومراقبون من احتمالية عودة الصراع المسلح داخل أثيوبيا عقب أيام من توقيع اتفاق سلام بين حكومة أديس أبابا وحركة تحرير تيغراي.
وكانت مدينة بريتوريا عاصمة جنوب إفريقيا شهدت الأربعاء الماضي 3 تشرين الثاني الإعلان عن اتفاق سلام بين الحكومة الإثيوبية وزعماء في إقليم تيغراي، لإنهاء الحرب الوحشية في شمال البلاد.
وقالت الحكومة الأثيوبية وجبهة تحرير شعب تيغراي في بيان مشترك عقب المحادثات “اتفقنا على إسكات المدافع بشكل دائم ووضع حد لعامين من النزاع في شمال إثيوبيا”.
وأعلن وسيط الاتحاد الإفريقي الخاص، الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانجو أن “اليوم هو إيذان بحقبة جديدة لإثيوبيا، لمنطقة القرن الإفريقي، وبالحقيقة لإفريقيا كلها”.
وقوبلت الاتفاقية التي تمت برعاية الاتحاد الإفريقي بترحيب دولي كبير، حيث رحبت الولايات المتحدة بالاتفاقية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس للصحفيين إنها “تمثل خطوة مهمة نحو السلام. وأمل أن تؤدي إلى وقف “دائم للأعمال العدائية وتمهد الطريق لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان والفظائع”.
وبحسب تقارير صحفية فقد أرغمت الحرب فى أثيوبيا أكثر من مليوني شخص على النزوح من ديارهم، وأودت وفق أرقام أميركية، بأرواح ما يصل إلى نصف مليون شخص.
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان الأربعاء عشية الذكرى السنوية الثانية لاندلاع النزاع إن “جميع الأطراف مسؤولة عن انتهاكات جسيمة تشمل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بما في ذلك الإعدام خارج نطاق القضاء والقتل بإجراءات موجزة لمئات الأشخاص والعنف الجنسي ضد نساء وفتيات”.
وعبر مراقبون عن مخاوفهم من عودة الحرب مرة أخري بالبلاد خاصة أن القتال لم يتوقف خلال فترة محادثات السلام في بريتوريا، كما ظلت طلقات المدافع تدوي فوق جبال تيجراي بعد يوم من تلاشي التصفيق في حفل التوقيع في بريتوريا عاصمة جنوب أفريقيا.
وبحسب خبراء فإن احتمالية فشل الهدنة وعودة الصراع من جديد لا تزال قائمة خاصة أن اتفاقية بريتوريا ليست الأولي التي تجمع بين متمردي تيجغراي وحكومة آبي أحمد.

التنازلات المؤلمة
وتري د.فريدة البنداري الباحثة متخصصة فى الشأن الافريقي – نائب مدير المركز العراقي-الإفريقي للدراسات الاستراتيجية أنه قبل أقل من ثماني وأربعين ساعة من الذكرى السنوية الثانية للصراع ، جاء البيان المشترك كخطوة إلى الأمام في طريق السلام والعدالة الانتقالية ، من جانبي أراه يمثل استراحة ضرورية للسكان المدنيين بعد قرابة عامين من الصراع منذ نوفمبر 2020 ، تسببت الحرب في نزوح أكثر من مليوني إثيوبي وغرق مئات الآلاف في المجاعة.
وأكدت البنداري لـ الشمس نيوز أن هذا الاتفاق ليس سلامًا بعد إنه وقف الأعمال العدائية فقط ، حيث لا تزال القضايا الرئيسية دون حل ، بما في ذلك مسألة الوجود الإريتري في إقليم التيجراي ، فدور تلك الدولة المجاورة في اتفاق السلام غير واضح بعد انضمامها إلى الحرب من جانب إثيوبيا ، وهو ما يدعو للقلق بالنظر إلى جميع الجرائم التي ارتكبها الجنود الإريتريون في تيجراي على مدار العامين الماضيين. هل يمكن أن يكون هناك سلام بدون عدالة؟ هذا هو السؤال الذي يجب على المدنيين التيجرايين طرحه على أنفسهم هذه الأيام. هل سيعمل البيان المشترك على تحقيق سياسة عدالة انتقالية لضمان المساءلة والحقيقة والمصالحة وتضميد الجراح .
من جانب أخر هناك رؤية من الخاسر الأكبر في تلك المحادثات ، وإذ تابعنا ليس من الواضح سبب موافقة جبهة تيجراي على هذه الشروط ، التي وصفها كبير مفاوضيها ، جيتاشيو رضا ، بأنها “تنازلات مؤلمة” ، إلا سبب واحد أن الأسابيع الأخيرة كانت صعبة في ساحة المعركة بحسب البنداري.
ولعل أول تعليق علني له خارج المحادثات ، ردا على أسئلة من بعض التيجراي حول الاتفاقية التي يُنظر إليها كخطوة نحو الاستسلام. كتب على تويتر “نحن نقاتل ليس لأننا أمة يسعدها الزناد ولكن لأن بقاءنا كشعب على المحك”. “إذا كان اتفاق السلام يضمن بقائنا ، فلماذا لا نجربه؟” أي الأمر في مرحلة التجربة من الجانب التيجراي.
كما قال ” آلان بوسويل” مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية: ” الهدنة تعتمد إلى حد كبير على شروط الحكومة وتعكس الضغوط الشديدة التي واجهها تيجراي”.
وبسؤالها: هل الاتفاق يمكنه أن يكون خطوة حقيقية نحو السلام الايجابي، وإلى أي مدى سيصمد هذا السلام ؟
وقالت الباحثة فى الشؤون الأفريقية : يعد البيان في مجمله خطوة أولى مهمة ، لكنه وحده أظن لا يكفي فهناك ضرورة لعمل مزيد من التسويات السياسية الدائمة. ويؤكد رأيي مقولة المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي والرئيس النيجيري السابق ” أوباسانجو” حين قال للصحفيين في حفل التوقيع “هذه اللحظة ليست نهاية عملية السلام ولكن بدايتها، “إن تنفيذ اتفاقية السلام الموقعة اليوم أمر بالغ الأهمية لنجاح العملية”.
إن الجدول الزمني الطموح لنزع سلاح قوات التيجراي هو نقطة ساخنة تلوح في الأفق وستختبر التزام الأطراف بالسلام، ومع ذلك ، يبقى أن نراقب ما إذا كان التيجراي سيلتزمون بوعدهم بنزع السلاح ، وما إذا كان الحكومة الإثيوبية ستسهل حركة الوصول حتى تتمكن منظمات الإغاثة من تقديم المساعدة التي في أمس الحاجة إليها المدنيين.
علينا أيضًا أن نراقب تصرفات الإريتريين الذين هم طرف في الصراع ولكن لم يتم تضمينهم في اتفاق السلام. هل سيوقفون عملياتهم العسكرية؟ هل سيعودون إلى ديارهم ؟
وبحسب البنداري لم يشير الاتفاق إلى إريتريا بالاسم ، ولم تكن الدولة جزءًا من المحادثاتـ وإنما أقرب نص يأتي لذكر إريتريا هو بند يلزم الجانبين بوقف “التواطؤ مع أي قوة خارجية معادية لأي من الطرفين” على الرغم من أن هذا يمكن أن يشير بالمثل إلى الحكومات الأجنبية التي يُعتقد أنها زودت متمردي تيجراي بالأسلحة. فالرئيس أسياس أفورقي ، يحمل ضغينة طويلة الأمد ضد قيادة جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيجراي وقد يكون مترددًا في الانسحاب من تيجراي، وعليه فالرئيس أفورقي لديه القدرة على إفساد عملية السلام.
قضية أخرى ربما تهدد استمرار حالة السلام هذه وهي عدم مناقشة مصير منطقة تيجراي الغربية والتي احتلتها قوات الأمهرة في الأيام الأولى للصراع ولا تزال تحت سيطرتها حتى الأن ، إذ يصر سياسيو أمهرة على أن الأرض لهم حق ، لكن قيادة تيجراي طالبت في السابق بإعادتها . كما نري لا تزال هناك عوائق رئيسية ، وأبرزها شكل حدود تيجراي المستقبلية – وهي القضايا التي يتركها الاتفاق دون حل.

إعادة ترتيب الأوراق
ويري رامي زهدي الخبير المصري بالشؤون الإفريقية أن الهدنة او التوافق في حالة مثل الحالة الإثيوبية، لا يمكن أبدا الثقة المطلقة فيها، خاصة لأنها ليست الأولي وربما لن تكون الأخيرة،
وقال لوكالتنا من حيث شكل الهدنة ومضمونها، ربما نتطلع ونأمل أن تكون نهاية لصراع طويل، وبداية لعودة تدريجية لأمن واستقرار تنعكس أثاره الإيجابية إن وجد علي إثيوبيا وعلي الإقليم بالكامل، لكن يبقي أن الأهم من شروط الهدنة هي مدي درجة استعداد أطرافها للوفاء بالتزاماتهم، خاصة وان هذه الهدنة تحديدا ليست فقط لطرفي الصراع الرئيسين مقاتلي التيجراي وفي المقابل النظام الإثيوبي او الحكومة المركزية الإثيوبية، إنما يمتد الصراع إلي تداخل أطراف أخري منها ماهو خارجي دولي مثل إريتريا علي سبيل المثال التي تمتلك سجل مشبوه من التداخل في الصراع، وأيضا في المقابل هناك جبهات عدة متحالفة مع جبهة تيجراي ضد النظام الإثيوبي
وأشار إلي أنه من اللافت للنظر أيضا انه خلال جولات التفاوض في جنوب إفريقيا وحتي الآن، لم يتوقف الصراع، بينما استمرت الضربات الجوية ومحاولة السيطرة علي المدن المحورية من قبل النظام الإثيوبي، بينما في المقابل استمرت العمليات العدائية من إقليم تيجراي ردا علي النظام وفقدان الأمل بعد تراجع الحياة المدنية للجميع وفقد ألاف المواطنين المدنين أرواحهم.
ووفقا لـ زهدى فإن الأمر الوحيد الذي يدعم احتمالية نجاح التوافق وصمود الهدنة لفترة أطول نسبيا وحتما سوف تنتهي بتجدد الصراع بسبب عدم زوال أسبابه من الأساس، الأمر الوحيد إن هذه المرة الدوافع للتوافق ليست إحساسا بالأزمات الإنسانية بسبب الصراع ولا دعما للشعور الوطني، الدافع هذه المرة هي توافق المصالح ولو بقدر غير كامل وأن الجميع في مأزق كبير ولابد من هدنة تضمن مدة زمنية لإعادة ترتيب الأوراق لدي كل طرف.

تحديات الاتفاق
بدوره يري الباحث السوداني عباس صالح أن صمود الاتفاق بين طرفي النزاع فى أثيوبيا يتوقف على قدرة طرفيه على بناء الثقة فيما بينهم، وقدرة فريق مراقبي الوساطة على المراقبة الصارمة لتنفيذ بنود الاتفاق.
وقال صالح لوكالتنا : يواجه الاتفاق ردود أفعال من تيارات رافضة له أو متشككة في بعض بنوده في المعسكرين بالإضافة إلى الحيز الزمني لبعض تلك البنود قد تتسبب في إعاقة تنفيذه في الموعد المضروب كقضية نزع سلاح مقاتلي تيغراي في غضون 30 يوما من تاريخ توقيع الاتفاق.
علاوة على ذلك، تنطوي بنود الهدنة على قضايا حساسة تتطلب التزام دقيق بها بشكل متبادل.
وبحسب الباحث السوداني فإن التحدي الأكبر الذي يواجه اتفاق الهدنة هو قدرة فريق مراقبي الاتحاد الإفريقي الصغير في إدارة عمليات المراقبة والتحقق في الوقت المناسب، وإلزام طرفي الاتفاق على الالتزام باستكمال كافة بنود الاتفاق الحالي والانخراط في المراحل التالية قبل التوصل لتسوية نهائية ودائمة.

Exit mobile version