تحركات دولية وإقليمية..هل اقترب قطار ليبيا من محطة الحل السياسي؟

تحركات إقليمية ودولية متسارعة تشهدها الساحة الليبية بعد فترة من الجمود السياسي خاصة بعد كارثة إعصار دانيال التي راح ضحيتها الأف اللبيين وأظهرت تأثير الانقسام والخلافات السياسية على البلد التي تزرح تحت حكومتين و3 مجالس حاكمة منذ سنوات.
وشهدت الأيام الماضية، حراك دبلوماسي إقليمي تجاه ليبيا حيث استضافت تركيا رئيس البرلمان عقيلة صالح فى محاولة من الأخير لاقناع تركيا بالتخلي عن حكومة الدبيبة ودعم تشكيل حكومة ليبية جديدة تتولي إدارة ملف الانتخابات المرتقبة.
كما استضافت القاهرة يوم 16 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، كل من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح وقائد قوات الشرق الليبي خليفة حفتر، بحضور رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل.
يأت هذا فيما دعت اللجنة الأممية بليبيا لحوار خماسي بين الأطراف الليبية من المقرر عقده يناير المقبل للتوافق على قوانين الانتخابات وتفعيلها، وذلك أملاً في إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال العام المقبل.
ووفقا لمراقبون فإن التحركات الأخيرة فى الملف الليبي تمت بتنسيق مصري تركي وبضغوط أممية خاصة فى ظل دور القاهرة وأنقرة فى الأزمة وعلاقة البلدين بأطراف الصراع، ووجود رغبة ليبية وإقليمية فى التوصل لحل سياسي للأزمة الليبية بعد أكثر من عقد من الصراع خاصة بعد الحرب الإسرائيلية على غزة.

تأثير حرب غزة
ويري الباحث والمحلل السياسي حكيم بوغرارة أن “تطورات الملف الليبي هذه تعكس وعي كبير لأطراف الأزمة من أجل التحرك بصورة عاجلة لأجل إيجاد تسوية سياسية للأزمة”.
وقال لوكالتنا “الليبيون بعد ما حدث ويحدث فى غزة أدركوا أن العلاقات الدولية ليست بريئة وأن الاختراقات الأجنبية كبيرة جدا وأنه إذا لم يكن هناك تنازلات وتوافقات فإن فالجميع سيخسر والتطورات المستقبلية قد تشهد تصعيدا خطيرا جدا”.

زيارة غير مفاجئة
وأشار إلي أن “زيارة عقيلة صالح لتركيا غير مفاجئة بل كان من المفترض أن تتم منذ فترة طويلة نظرا للاختراق الكبير من جانب تركيا للأزمة الليبية خاصة مع حكومة الدبيبة التي تحظي بالشرعية الدولية”.
ويعتقد الباحث أن ” محور الجزائر تونس والقاهرة أنقرة مهم جدا للمساعدة على تجاوز الأزمة الليبية والتي قطعت أشواطا كبيرة جدا يمكن البناء عليها خاصة أن قوانين الانتخابات والتعديلات الدستورية تقريبا استكملت بشكل كبير من أجل تمكين مسار سياسي والتوجه للانتخابات الرئاسية والتشريعية وإرجاع الكلمة للشعب الليبي لمنح الشرعية لمختلف المؤسسات وبالتالي تتجاوز ليبيا فترة عدم الاستقرار خاصة فى ظل التهديدات الإرهابية فى الجنوب الليبي الذى يطل على منطقة الساحل المشتعلة ناهيك عن بروز موجة كبيرة للهجرة غير الشرعية والإتجار فى السلاح والبشر والكثير من الأزمات المترابطة خاصة بعدما حصل فى النيجر ومالي وبوركينا فاسو”.
وبحسب بوغرارة فإن “كل هذه المعطيات فرضت على أطراف الأزمة الليبية البحث عن مخارج جديدة فى ظل انسداد وفشل كل المحاولات للتقريب بين الفرقاء الليبين فى مراحل سابقة، وعليه فإن تحرك الداخل الليبي واستعداد دول طوق ليبيا للمساعدة خاصة بعدما حدث فى غزة وتيقن الفرقاء الليبين أن العلاقات الدولية لم تكن تؤتمن وأن السيناريو يمكن أن يتكرر فى أى دولة إذا لم تسرع فى إيجاد حلول فيما بينها”.

إعادة التموضع
وبحسب د.نبيل كحلوش الباحث في الدراسات الاستراتيجية “تندرج زيارة عقيلة صالح إلى تركيا في إطار محاولات إعادة التموضع الجديد بعد تأجيل الانتخابات التي كانت من المزمع إقامتها قبل مدة”.
وقال لوكالتنا ” أن تأجيل الانتخابات وكذا آثار كارثة الفيضانات قد أخر “الزمن السياسي” لليبيا. بل وقد أخذت خفت حتى بريق الحالة السياسية في الإعلام بعد كل من حرب أوكرانيا وكذا الحرب في فلسطين مما جعلها بدون أي أهمية نظرا لسطحية الملفات العالقة مقارنة بالملفات الدولية الأخرى”.
ويري كحلوش ” أن زيارة صالح لن تؤثر كثير على الوضع في الداخلي الليبي لأن أقصى ما يمكن أن تفعله تركيا حاليا هو الإتفاق مع رئيس مجلس النواب بتوجيه عدد من الشركات التركية وبالأخص في مجال البناء للإسهام في جهود إعادة الإعمار، أما عن حكومة الدبيبة فرغم أدائها السياسي المتذبذب إلا أنها لا زالت توصف بالحكومة الشرعية وهذا استنادا إلى الشرعية الدولية.”

وأشار إلي أن “ما يجب إدراكه من الناحية الاستراتيجية هو إن استقرار ليبيا قد يمكن من إطلاق مشاريع طاقوية نحو أوروبا، تلبية لحاجاتها التي تضررت بعد الحرب الروسية-الأوكرانية، لافتا إلي أن ذلك سيتصادم مع الطموحات الإسرائيلية التي تريد مد خطوط الغاز من عسقلان الفلسطينية نحو قبرص ثم اليونان ثم إلى قلب الاتحاد الأوروبي، فلذلك فإن الليبيين أمام فرصة تاريخية لإعادة الاستقرار لدولتهم واستغلال الأزمة الحرجة التي يمر بها الكيان الصهيوني.”

وحول الاجتماع الذى استضافته القاهرة بحضور حفتر وعقيلة صالح والمنفي، اعتبر الباحث أن “الاجتماع في القاهرة بحضور هذه الشخصيات يمكن قراءته أنه تنظيم للصف الموالي للقاهرة من أجل صيانة المصالح المصرية في ضوء المتغيرات المقبلة”.
ويعتقد أن “هذا في الواقع لن يتعلق كثيرا بتحريك المياه الراكدة التي لم تتحرك منذ 2011. مما يعني أن الغياب المؤسساتي للدولة الليبية سيحتاج المزيد من الجهود الأممية حتى تتحقق النقلة السياسية”.

Exit mobile version