تحليل يكتبه الإعلامي / وعد محمد
للأسف إقليم كردستان، بكل ما يمثله من حلم قومي للكرد وطموح للاستقرار الذاتي، يواجه الآن اختبارًا قاسيًا، حيث تصطدم طموحات القيادات السياسية المختلفة برغبات الشعب في السلام والاستقرار.
على مدار العقود الماضية، ظل الإقليم يعمل كجسد واحد، رغم الاختلافات والتباينات الداخلية، لكنه اليوم مهدد بالانقسام، ليس بسبب قوة خارجية، بل نتيجة الصراعات الداخلية بين الحزبين الرئيسيين اللذين كانا جزءًا أساسيًا في بناء هذا الاقليم .
الكباش السياسي بين الحزبين
التنافس بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ليس جديدًا، بل يعود إلى العقود الماضية منذ تأسيس الاتحاد الوطني عام 1975 بقيادة جلال طالباني ومازال التنافس والكباش قائم رغم أنهما اتفقا على ضرورة الاستقلال الذاتي وحماية مصالح الشعب الكردي، إلا أن رؤاهما السياسية وأهدافهما تختلف بشكل كبير.
هذا الصراع اتخذ أبعادًا مختلفة في السنوات الأخيرة، خاصة مع تباين الرؤى حول تقاسم السلطة والنفوذ في المناطق الكردية، بالإضافة إلى الخلافات حول كيفية التعامل مع الحكومة المركزية في بغداد، وقضايا إدارة الموارد النفطية والأمن الداخلي. هذه التوترات قد تؤدي إلى تقسيم فعلي داخل الإقليم، مع كل حزب يسيطر على منطقة نفوذه الخاصة، ما سيشكل تهديدًا حقيقيًا لاستقرار كردستان ووحدتها.
المخاوف من الانقسام
ما يثير القلق بشكل خاص هو أن هذا الصراع السياسي قد يتطور إلى انقسام فعلي في الإدارة والأمن، مع تعمق الخلافات وغياب الحوار الجاد لحلها.
لقد شهدنا في الماضي كيف تحول هذا التنافس السياسي إلى مواجهات مسلحة كما حدث في التسعينيات، وما يخشاه الجميع هو أن يعيد التاريخ نفسه في ظل الأوضاع المتوترة الحالية.
انقسام الإقليم لن يكون مجرد كارثة سياسية، بل سيكون انهيارًا للحلم الكردي الذي طالما سعى الشعب الكردي لتحقيقه.
إنه تهديد للقيم التي أسس عليها الإقليم من وحدة وطنية وتعاون بين الفصائل المختلفة. هذا الانقسام، إذا حدث، لن يقتصر على الخسائر السياسية والاقتصادية، بل سيمس روح الإقليم نفسها، التي تشكلت على مدار العقود على أساس التعايش والتعاون.
مستقبل الإقليم في ميزان الحكمة
الأمل لا يزال قائمًا في أن تعي القيادة السياسية في الإقليم خطورة الوضع الحالي، وأن تدرك أن المصالح الحزبية الضيقة لا يجب أن تكون على حساب استقرار كردستان ووحدتها.
يجب أن يتغلب صوت العقل والحكمة، وأن يعود الحوار إلى الواجهة بدلًا من التصعيد. ففي نهاية المطاف، الشعب الكردي هو من سيدفع الثمن الأكبر إذا انهار الإقليم وتمزق بين الصراعات الداخلية.
على القادة أن يتذكروا أن ما يجمعهم أكبر بكثير مما يفرقهم، وأن المستقبل الكردي يعتمد على قدرتهم على تجاوز الخلافات وتوحيد الصفوف. فالإقليم لا يتحمل المزيد من الانقسامات، والشعب يتطلع إلى مستقبل يسوده السلام والتنمية، وليس إلى ماضٍ يعاد فيه تكرار أخطاء الصراعات الماضية.
يظل الأمل قائمًا في أن يُحافظ على وحدة إقليم كردستان، وأن تُجنَّب الأجيال القادمة مرارة الانقسام والتشتت.