التقسيم وارد..سيناريوهات تشكيل حكومة إقليم كردستان ما بعد الانتخابات

متابعات _ الشمس نيوز

مع ظهور النتائج الأولية لانتخابات برلمان إقليم كردستان، بدأ الحديث حول سيناريوهات تشكيل حكومة الإقليم ولعبة التحالفات المنتظرة في ضوء نتائج الاقتراع الذي لم يمنح الأغلبية البرلمانية لأيا من الأحزاب السياسية.

ووفق ما تداولته وسائل إعلام كردية، فإن النتائج الأولية للدورة السادسة من الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأحد، تشير إلي أن الحزب الديمقراطي الكردستاني سيحصل على 39 مقعداً، والاتحاد الوطني الكوردستاني على 23 مقعداً، وحركة الجيل الجديد على 15 مقعداً، والاتحاد الإسلامي الكوردستاني على 7 مقاعد، وتيار الموقف الوطني على 4 مقاعد، وجماعة العدل على 3 مقاعد، وجبهة الشعب على مقعدين، وحركة التغيير وتحالف إقليم كوردستان على مقعد لكل منهما.

وحذر مراقبون من خطورة عدم التوافق السياسي بين القوى والأحزاب السياسية على تشكيل الحكومة التي توقع البعض أن يستغرق تشكيبلها فترة ليست بالقصيرة خاصة مع وجود العديد من السيناريوهات حول شكل الحكومة والتحالفات المنتظرة.

وبحسب وكالة رووداو، قال رئيس مرصد “پەی” للتربية والتنمية أن “كيان إقليم كوردستان سيواجه مخاطر” ما لم يشارك الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني في الحكومة المقبلة، في حين أشار المسؤول السابق لجهاز الانتخابات في الحزب الديمقراطي الكوردستاني إلى أن “تشكيل الحكومة قد يتأخر هذه المرة”.

“لا حكومة دون الأحزاب الأخرى”

الأستاذ الجامعي إبراهيم عزيز أشار إلى أن “هناك خمسة سيناريوهات رئيسية لتشكيل الحكومة”، الأول هو “تشكيلها من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني مع أحزاب أخرى، عدا الاتحاد الوطني الكردستاني”.

السيناريو الثاني “هو الاتفاق بين الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني” على تشكيلها، والثالث هو “الاتفاق بين الاتحاد الوطني الكوردستاني والأحزاب السياسية الأخرى عدا الحزب الديمقراطي الكوردستاني”.

ووفق إبراهيم عزيز، من الممكن أن تشكل حركة الجيل الجديد، الذي تشير النتائج الأولية إلى حصوله على نحو 15 مقعداً، “قوة حاسمة” بين الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني.

ورأى أن تشكيل حكومة بين الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني وبعض الأحزاب السياسية الأخرى هو “السيناريو الأقوى”.

وعزا السبب إلى أن “الحزب الديمقراطي الكوردستاني لا يستطيع تشكيل الحكومة بمفرده دون الاتحاد الوطني الكوردستاني”، ووجود الأحزاب الأخرى “ضروري في حال قرر أي منهما (الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني) الانسحاب لأي سبب، كي لا تتعطل أعمال الحكومة”.

“الديمقراطي يواجه عقبات دون الاتحاد”

بدورها، رأت إيفار إبراهيم العضو السابق في برلمان كوردستان عن حركة التغيير، أن “بقاء المقاعد الأخرى (الأحزاب الفائزة عدا الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني) في المعارضة أفضل لها بكثير” من مشاركتها في الحكومة، حيث بإمكانها أن “تشكل ضغطاً على السلطة وأن تلعب دوراً مهماً خلال السنوات الأربع المقبلة”.

وشددت على أن تشكيل الحكومة المقبلة في إقليم كردستان ممكن من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، معتبرة أن “الحزب الديمقراطي الكردستاني سيواجه عقبات ولن ينجح في حال سعى لتشكيل الحكومة مع أي طرف آخر عدا الاتحاد الوطني الكوردستاني”.

ووفق النتائج سيفوز الحزب الديمقراطي الكردستاني بمقعد في حلبجة عن كوتا النساء وبذلك “يتحمل الآن مسؤولية كبيرة في المحافظة”.

يتألف برلمان كوردستان من 100 مقعد بينها 5 مقاعد للمكونات، ويتطلب تشكيل حكومة إقليم كوردستان نيلها ثقة 50+1 من الأصوات وهو رقم لم يحققه أي من الأطراف التي شاركت في الانتخابات.

“الديمقراطي لن يواجه مشكلة دون مشاركة الاتحاد”

تظهر النتائج الأولية أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني سيفوز بـ39 مقعداً في البرلمان. وحسب المسؤول السابق لجهاز الانتخابات في الحزب، خسرو كوران، من المرجح أن يحصل على تأييد “ثلاثة فائزين عن كوتا المكونات”.

ولتحقيق أغلبية 50+1 يمكن للديمقراطي الكوردستاني “طلب المشاركة في الحكومة من جماعة العدل، الاتحاد الإسلامي، حركة التغيير أو الأطراف الأخرى (عدا الاتحاد الوطني الكوردستاني)”.

حول مشاركة الاتحاد الوطني الكوردستاني في الحكومة، اعتبر أن “عمل الحكومة سيكون أسهل بالطبع” في حال مشاركة “حزب قوي لديه العديد من المقاعد فيها”، لكنه استطرد أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني “لن يواجه مشكلة، في الحكومة على الأقل” إذا قرر المضي في تشكيلها بدون مشاركة الاتحاد الوطني الكوردستاني.

وتطرق إلى وجود “نوع من التوتر” بين الأطراف السياسية في الوقت الحالي، خصوصاً بين الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني، وبالتالي “قد يتأخر تشكيل الحكومة هذه المرة”.

ورأى أن “الأطراف الأخرى، عدا تلك التي لديها مقعدان أو ثلاثة ستكون لديها شروط صعبة للمشاركة في الحكومة، قد لا يقبل بها الحزب الديمقراطي الكوردستاني”.

بشأن سيناريوهات تشكيل الحكومة، أشار إلى تشكيلها “من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني معاً أو مع الأطراف الأخرى، كما كان الحال سابقاً”.

“أقوى السيناريوهات.. حكومة العم وابن الأخ”

مسؤول جهاز الانتخابات في الاتحاد الإسلامي الكوردستاني رأى أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني “يريد حكومة ذات قاعدة عريضة من 80 مقعداً في البرلمان، كي تتمكن من أداء مهامها اليومية بشكل جيد، دون أن يخضع البرلمان الحكومة للمساءلة كثيراً”.

أما الاتحاد الوطني الكوردستاني فيرغب في “حكومة ثنائية مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني دون مشاركة الأطراف الأخرى”.

حول موقف حركة الجيل الجديد، أوضح هيمن اسكندر أن “رؤية شاسوار عبد الواحد تتمثل في أن يكونوا القوة الأولى، أو لن يشاركوا في الحكومة، وبالتالي ستبقى الحركة في المعارضة”.

بحسب مسؤول جهاز الانتخابات في الاتحاد الإسلامي الكوردستاني فإن أقوى السيناريوهات هو “حكومة العم وابن الأخ (الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني)”، موضحاً: “صحيح أن الطرفين تحدثا بقسوة خلال الدعاية الانتخابية، لكن كلا الجانبين أعطى الآخر الحق في التحدث بقسوة” خلال الدعاية الانتخابية.

“غياب الديمقراطي أو الاتحاد يعني العودة للإدارتين”

رئيس مرصد “پەی” للتربية والتنمية سرور عبد الرحمن أشار إلى 3 سيناريوهات “تتعلق ببقاء حكومة إقليم كوردستان (الحفاظ على كيانها السياسي)”.

والسيناريوهات الثلاثة كلها تتمحور حول تشكيلها من الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني “لأن أياً منهما لا يستطيع تشكيل حكومة موحدة دون مشاركة الطرف الآخر”.

وحذر من أن “هناك سيناريو الإدارتين” الذي عدّه “خطراً وانتكاسة للقضية”، مشيراً إلى إمكانية أن يحاول “الجيران باسم الصداقة تشكيل أغلبية 50+1 من قبل الاتحاد الوطني الكوردستاني مع أطراف أخرى دون الحزب الديمقراطي الكوردستاني”.

من الناحية القانونية فإن “جمع 50+1 مقعداً لتشكيل الحكومة من قبل الاتحاد الوطني والأحزاب الأخرى أمر لا شائبة فيه”، وفق سرور عبد الرحمن، لكن في الواقع “سيواجه مشاكل وسيكون سبباً في تشكيل إقليمين”، ومن شأن ذلك أن “يعرض كيان إقليم كوردستان للخطر”.

 

كردستان بين الوحدة والتمزق..ماذا ينتظر الإقليم بعد الانتخابات البرلمانية ؟

تحليل يكتبه الإعلامي / وعد محمد

للأسف إقليم كردستان، بكل ما يمثله من حلم قومي للكرد وطموح للاستقرار الذاتي، يواجه الآن اختبارًا قاسيًا، حيث تصطدم طموحات القيادات السياسية المختلفة برغبات الشعب في السلام والاستقرار.

على مدار العقود الماضية، ظل الإقليم يعمل كجسد واحد، رغم الاختلافات والتباينات الداخلية، لكنه اليوم مهدد بالانقسام، ليس بسبب قوة خارجية، بل نتيجة الصراعات الداخلية بين الحزبين الرئيسيين اللذين كانا جزءًا أساسيًا في بناء هذا الاقليم .

الكباش السياسي بين الحزبين

التنافس بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ليس جديدًا، بل يعود إلى العقود الماضية منذ تأسيس الاتحاد الوطني عام 1975 بقيادة جلال طالباني ومازال التنافس والكباش قائم رغم أنهما اتفقا على ضرورة الاستقلال الذاتي وحماية مصالح الشعب الكردي، إلا أن رؤاهما السياسية وأهدافهما تختلف بشكل كبير.

هذا الصراع اتخذ أبعادًا مختلفة في السنوات الأخيرة، خاصة مع تباين الرؤى حول تقاسم السلطة والنفوذ في المناطق الكردية، بالإضافة إلى الخلافات حول كيفية التعامل مع الحكومة المركزية في بغداد، وقضايا إدارة الموارد النفطية والأمن الداخلي. هذه التوترات قد تؤدي إلى تقسيم فعلي داخل الإقليم، مع كل حزب يسيطر على منطقة نفوذه الخاصة، ما سيشكل تهديدًا حقيقيًا لاستقرار كردستان ووحدتها.

المخاوف من الانقسام

ما يثير القلق بشكل خاص هو أن هذا الصراع السياسي قد يتطور إلى انقسام فعلي في الإدارة والأمن، مع تعمق الخلافات وغياب الحوار الجاد لحلها.

لقد شهدنا في الماضي كيف تحول هذا التنافس السياسي إلى مواجهات مسلحة كما حدث في التسعينيات، وما يخشاه الجميع هو أن يعيد التاريخ نفسه في ظل الأوضاع المتوترة الحالية.

انقسام الإقليم لن يكون مجرد كارثة سياسية، بل سيكون انهيارًا للحلم الكردي الذي طالما سعى الشعب الكردي لتحقيقه.

إنه تهديد للقيم التي أسس عليها الإقليم من وحدة وطنية وتعاون بين الفصائل المختلفة. هذا الانقسام، إذا حدث، لن يقتصر على الخسائر السياسية والاقتصادية، بل سيمس روح الإقليم نفسها، التي تشكلت على مدار العقود على أساس التعايش والتعاون.

مستقبل الإقليم في ميزان الحكمة

الأمل لا يزال قائمًا في أن تعي القيادة السياسية في الإقليم خطورة الوضع الحالي، وأن تدرك أن المصالح الحزبية الضيقة لا يجب أن تكون على حساب استقرار كردستان ووحدتها.

يجب أن يتغلب صوت العقل والحكمة، وأن يعود الحوار إلى الواجهة بدلًا من التصعيد. ففي نهاية المطاف، الشعب الكردي هو من سيدفع الثمن الأكبر إذا انهار الإقليم وتمزق بين الصراعات الداخلية.

على القادة أن يتذكروا أن ما يجمعهم أكبر بكثير مما يفرقهم، وأن المستقبل الكردي يعتمد على قدرتهم على تجاوز الخلافات وتوحيد الصفوف. فالإقليم لا يتحمل المزيد من الانقسامات، والشعب يتطلع إلى مستقبل يسوده السلام والتنمية، وليس إلى ماضٍ يعاد فيه تكرار أخطاء الصراعات الماضية.
يظل الأمل قائمًا في أن يُحافظ على وحدة إقليم كردستان، وأن تُجنَّب الأجيال القادمة مرارة الانقسام والتشتت.

Exit mobile version