سياسات قيس سعيد بتونس..جمهورية جديدة أم انقلاب على ثورة الياسمين؟

بقلم الكاتب التونسي/ نزار الجليدي

لا شك أن تونس تعيش منذ 25جويلية 2021 فترة مفصلية في تاريخها الحديث ستغير ملامح البلد لعقود قادمة بعدما اختطفت لعقد من الزمن من تونسيين بجبة إخوانية يدعون الوطنية وهم الأكثر خيانة للوطن.

لا رجوع للوراء
من أكثر الكلمات التي يرددها الرئيس التونسي قيس سعيد هي “لارجوع للوراء” وهي كلمات ذو ابعاد شتى أولها يتعلق بالمناخ الديمقراطي وبالحريات حيث أن هذا المكسب الذي تحقق بعد ثورة الياسمين التي انطلقت شرارتها يوم 17ديسمبر 2010 قامت على التحرر من الديكتاتورية ومطالبة بالحرية و الكرامة.
هي من الثوابت عند سعيد بدليل أنه ثبت التاريخ المذكور عيدا لها بدل التاريخ الرسمي الفارط 14جانفي 2012 الذي يعتبره بداية الالتفاف على الثورة من طرف الإخوان.
كما أن المناخ الديمقراطي منذ الإجراءات الرئاسية التي استهدفت الإخوان و المنظومة الحزبية لم يقع الاعتداء ونحن نرى المعارضين لهذه الإجراءات متواجدون باستمرار على المنابر الإعلامية و في الشوارع بل يعتبرون ما حدث انقلابا دون أن يتم التعرض لهم رغم أن الكثيرين منهم أصبحوا يشكلون خطرا على الأمن القومي بتحالفهم مع قوى أجنبية وتحريضهم المفضوح والعلني على النظام القائم.
هذا فضلا على الحرية الكاملة في نقد ومعارضة ما يقوم به الرئيس.
وهذا ما انتج مشهدا معارضا هو في الحقيقة معارضات نلخصها في نوعين.
*الاولى هي عبارة على معارضة راديكالية تحركها المطامح الشخصية ولا علاقة لها بالمصلحة الوطنية وتمثلها الأحزاب التي ازيحت من الحكم بإجراءات 25جويلية 2021 وتقودها حركة النهضة الإخوانية وحلفاؤها وهي تعتبر ما قام به الرئيس انقلابا ويجب العودة الى الشرعية وفق منطقهم.
وهو رأي لا يلقى صدى عند السواد الأعظم من الشعب الذي يرفض رفضا قاطعا عودة البرلمان للعمل بصيغته الإخوانية. ويرفض العودة لما قبل 25جويلية.
*المعارضة الثانية وهي المعتدلة و البناءة والتي يقودها الحزب الدستوري الحر ويتبناها عدد من المفكرين والمثقفين والمنظمات الوطنية على غرار الاتحاد التونسي للشغل وهي متبنية لقرارات 25جويلية التي ازاحت المنظومة القديمة لكنها تعارض الرئيس في تمشيه وتصوره للجمهورية الجديدة و يعيبون عليه تفرده بالرأي ورفضه التحاور حول مستقبل البلد. كما يعيبون عليه التوسع في استعمال الفصل 80 من الدستور الخاص بالاجراءات الاستثنائية وتجميع كل السلط بيده.
وهي معارضة بإمكانها البناء والتعايش مع الرئيس لبناء تصور مشترك للجمهورية الجديدة التي ينوي تأسيسها و هاته المعارضة تقيه وتمنعه من أي نهج ديكتاتوري قد يسير فيه.
أي جمهورية جديدة ؟
بداية لابد من الإشارة أن مصطلح جمهورية جديدة هو مصطلح سياسي للاستهلاك الشعبي حيث أن لا يمكن أن يستقيم دستوريا أو واقعيا فلا يمكن بناء جمهورية جديدة في ظروف استثنائية وفي توقيت قصير لأن الجمهوريات تبنى في عقود. لكن هذا لا يمنع أن ملامح الجمهورية التونسية( مع الرئيس سعيد و الدستور الجديد الذي سيطرح على الاستفتاء الشعبي يوم 25 جويلية 2022 فضلا عن النظام السياسي الجديد والذي سيكون رئاسيا معدلا) ستتغير تغيرا جذريا حيث ستكون اقرب للعلمانية منها للإسلاموية التي فشلت في إدارة البلاد وخربت المؤسسات. كما أنه من المنتظر تغيير المنوال التنموي و التوجهات الاقتصادية التقليدية.
وهذا ما سيترتب عنه بالضرورة تغيير تحالفات تونس الاستراتيجية والتجارية.
الرئيس سينتصر
من خلال متابعتنا للأحداث وتحليلنا نعتقد أن الرئيس سعيد ماض فيما خطط له دون التراجع خطوة واحدة للوراء لان خارطة الطريق واضحة أمامه وهي تأسيس جمهورية وطنية وبمواصفات تونسية لا مكان فيها للإخوان ومن ولاهم وتقوم على القانون فعلا وقولا ولا مكان للمتمعشين فيها.
مقابل ذلك ستفتر المعارضة يوما بعد يوم لأنها تفتقد للسند الشعبي المطلوب وهو أساس كل عملية بناء.

اخوان تونس : الرؤوس المتعفنة التي حان وقت اقتلاعها !!

بقلم /نزار الجليدي كاتب و محلل سياسي تونسي

نزار الجليدي

لا يختلف اثنان في تونس حتى من أنصار حركة النهضة الممثل للإخوان المسلمين في تونس أن هذا التنظيم الدخيل على البلاد قد فتك بها على كل المستويات الاقتصادية و السياسية والاجتماعية اضافة الى الجرم الأكبر وهو صناعة الارهابيين باسم الدين و التسفير للجهاد وهي قضايا طمست و عوّمت في العشرية الاخيرة .
و يعوّل التونسيون اليوم على الرئيس سعيد لتحريك هذه القضايا بعد خطته لتطهير القضاء و الذي سيفتح ملفات ضخمة أخرى على علاقة بتورط قيادات نهضاوية في الفساد المالي .
لكن الاخطبوط الاخواني الماسك بكلّ مفاصل الدولة يصعّب على السلطة الحاكمة ما بعد 25جويلية 2021 مهمة المحاسبة، وقد يحتاج الأمر لوقت كبير و اجراءات استثنائية.

الصيد الثمين
شكّل ايقاف نور الدين البحيري الرجل الثاني في حركة النهضة التونسية يوم 31ديسمبر 2021 ونائب رئيسها حدثا كبيرا طرب له التونسيون و اعتبره جزء كبير منهم خير هديّة قدّمها لهم الرئيس سعيد في نهاية السنة .وبإطلالة سريعة على تاريخ الرجل نتأكد أنه صيد ثمين حقا وهو الصندوق الأسود للحركة .
القضاء في تونس منذ 2012 تاريخ تولي البحيري لوزارة العدل أصبح التونسيون يسمّونه بقضاء البحيري حيث ارتكب الرجل مجزرة في حق هذا السلك منذ أن وطأت قدماه الوزارة بعزله لأكثر من 80قاضيا ما جعل البقية يدخلون بيت الطاعة الاخوانية امّا خوفا أو تقرّبا وامّا حفاظا على مصالح و امتيازات كانوا يجنونها في ظل نظام بن علي . وقد مرّ القضاء بأسوأ فترة في تاريخه بعد أن أصبح قضاء الاحزاب و أساس حركة النهضة حيث طمست أغلب الأدلة في حادثتي اغتيال السياسيين شكري بلعيد و محمد البراهمي ومن بعدهما السياسي لطفي نقّض الذي تم سحله و قتله من طرف ميليشيات نهضاوية سمّت نفسها زورا و بهتانا “روابط حماية الثورة”.
كما أصبحت القضايا و الاحكام وتباع و تشترى ليهندس الاخوان قضائين واحد للمقربين منها لمن يدفع أكثر و أخر للبسطاء و عامة المواطنين و تم استعماله بكثير من التعسّف وهو ما أنتج مشهدا سياسيا و اجتماعيا متعفّنا لم يعرف له مثيل في التاريخ اذ كان يحدث كل هذا باسم الدين و التدين اللواء الذي رفعه الاخوان و ضحكوا به على كثير من التونسيين .
لكن ذلك لم يستمر كثيرا حيث بدأت الحركة تخسر مناصريها و المتعاطفين معها منذ انتخابات 2014 التي فقدت فيها حوالي مليون صوت انتخابي لتأتي انتخابات 2019 حينما لفظ فيها الشعب هذه الحركة التي لم تستطع اقناع الناخبين بوطنيتها و كان ولاؤها للجماعة أكبر من ولائها للوطن.وهذا ما جعلها تدفع الثمن غاليا يوم 25جويلية حينما خرج الثائرون عنها صباحا فقاموا بإحراق مقراتها في مشهد ذكّر التونسيين بالثورة على حزب التجمع الحاكم خلال الثورة.ولو لم يعلن الرئيس مساء عن حل البرلمان و الحكومة لتم نصب المشانق الشعبية لقادة التنظيم الاخواني الذي خرّب البلاد و قسّم التونسيين وفقّرهم مقابل استثراء سريع لعدد منهم وتمكين العدد الاخر منهم من مناصب و امتيازات و صفقات.

تساقط قطع الشطرنج
ايقاف القيادي الاخواني البحيري ماهو سوى بداية حملة كبرى على قادة و أعضاء الاخوان في تونس ستبدأ بعد استيفاء التحقيق معه. اذ من المؤكّد أنه سيصدم المحققين بحجم الجرائم الاخوانية المرتكبة في حق تونس. و سقوط البحيري سيعقبه سقوط لعدد كبير من مساعديه. اذ أن الرجل وفق مقربين من الحركة ترتبط به شبكة كاملة من القضاة و الامنيين و رجال أعمال و فاسدين كما أن لديه صلة مباشرة بالجهاز السري للنهضة وعدد كبير من المتطرفين في الداخل و الخارج .
هي رؤوس متعفّنة لقيادات الاخوان حان وقت اقتلاعها والتونسيون مقتنعون أن حال البلد لن يصلح سوى بطيّ هذه الصفحة بالمحاسبة و بالقانون بعيد عن منطق التشفي و السحل الذي مارسوه.

ذات صلة 

بعد رحيله بـ عامين ونصف..تونس تبدأ التحقيق فى وفاة رئيسها السابق قايد السبسي

بتهمة التآمر على الدولة..الحكم بسجن أول رئيس تونسي بعد الربيع العربي

بعد رحيله بـ عامين ونصف..تونس تبدأ التحقيق فى وفاة رئيسها السابق قايد السبسي

كشفت تقارير ووسائل إعلام تونسية أن وزارة العدل أعلنت فتح تحقيق في وفاة الرئيس السابق، الباجي قائد السبسي، بعد ما تم بثه في برنامج تلفزيوني عن شبهة وفاته “مقتولا”.
وبحسب موقع إذاعة موزاييك فإنه على إثر ما تم بثه في برنامج “الاختيار” حول وفاة السبسي، “تتحرك وزيرة العدل وتأذن بفتح بحث تحقيقي في ملابسات الوفاة”.
وأشار موازيك إلى أن” الوزيرة ليلى جفال “أذنت طبقا لأحكام الفصل 23 من مجلة الإجراءات الجزائية للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس بفتح بحث تحقيق في ملابسات واقعة وفاة رئيس الجمهورية الأسبق الباجي قايد السبسي وإجراء الأبحاث الجزائية اللازمة ضد كل من سيكشف عنه البحث”.
وكان الشيخ محمد الهنتاتي، وهو شخصية إعلامية بارزة، قد قال في حديثه للبرنامج، يوم الأحد، إن السبسي “مات مقتولا في المستشفى والرئيس قيس سعيد يعلم ذلك”، متهما حركة النهضة بالوقوف وراء مقتله.
وقال: “أطالب وزارة الدفاع بكشف الحقيقة أمام الشعب التونسي”:
وكان الشيخ قد قال في مارس الماضي إنه يتحدى وزارة الدفاع أن تنشر التقرير الطبي لسبب وفاته:
وفي أكتوبر الماضي، قال الناشط التونسي، منذر بالحاج علي، إن ‘قصر قرطاج كان مُخترقا والراحل السبسي تم تسميمه”.
وأشار إلى أنه التقى بالرئيس الراحل أياما قبل مرضه وأعلمه بأنه قرر الدخول في معركة مع الجهاز السري لحركة النهضة.

إقرا أيضا

الإرهاب اليهودي..حكاية التيار الحردلي..حاضنة التنظيمات المتطرفة فى إسرائيل

بسبب التعديلات الدستورية..عراك بالأيدي خلال جلسة بالبرلمان الأردني..فيديو

هل ينجح الرفض الشعبي فى إسقاط إتفاقية الطاقة مقابل المياه بين الأردن وإسرائيل؟

Exit mobile version