قدمت الآف الإرهابيين.. هل تدفع النهضة التونسية فاتورة دعمها لـ خراب سوريا؟

بالتوازي مع الأزمات الاقتصادية التي تشهدها تونس، عادت إلي السطح خلال الأيام الماضية قضية تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر مثل سوريا والعراق.
وتواجه حركة النهضة التونسية اتهامات بدعم وتسهيل سفر الآلاف التونسين إلى دول مثل سوريا والعراق وليبيا للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية فى تلك الدول.
وشهدت الأيام الماضية إيقاف رجل الأعمال محمد الفريخة، صاحب شركة شركة الطيران الخاصة “سيفاكس ايرلاينز”، وعضو مجلس النواب عن حركة النهضة.
إضافة إلي التحقيق مع زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي على مدار ثلاث أيام متتالية وتحديد جلسة جديدة للتحقيق معه خلال نوفمبر المقبل.
وبحسب وسائل إعلام تونسية يطال التحقيق أكثر من 800 شخص بينهم قيادات كبيرة فى حركة النهضة.
وقدرت منظمات دولية عدد التونسيين الذين سافروا للقتال في دول مثل سوريا وليبيا بالآلاف، ووجهت انتقادات شديدة لحركة النهضة لكونها سهلت سفرهم خلال تواجدها في الحكم.
وبحسب خبراء فإنه من حق ضحايا الإرهاب فى سوريا على تدويل القضية وطلب تعويضات من المتهمين نظرا لكونهم أكثر المتضررين فى القضية.

تدويل القضية
د.صغير الزكراوي أستاذ القانون العام بتونس قال  إن ملف التسفير هو أخطر ملف يمكن أن يطيح بقيادات نهضوية وقيادات أمنية سهلت سفر  الآف من شباب تونس تم التغرير بهم وقضوا حتفهم في بؤر الإرهاب.
وأعرب أستاذ القانون فى تونس قلا تصريحات لوكالتنا عن تمنياته أن يقوم القضاء بدوره في الكشف عن المستور.
وحول مدى إمكانية أن تؤثر قضية التسفير على الوجود السياسي لحركة النهضة، أكد الزكراوي أن النهضة في عداد المنتهين حاليا، ولا وزن لها فى المشهد السياسي والقضية ستكشف حقيقتها أمام الرأي العام.
وشدد على أن هذه القضية تدين حركة الإخوان أخلاقيا وسياسيا، بعد أن ساهمت سياساتها في تحطيم سوريا وليبيا كما ارتكبوا جرائم وفظائع وشوهوا صورة تونس.
وحول ما يردده البعض من أن الأمر مجرد مكايدة سياسية من النظام الحالي ضد النهضة، أكد الخبير التونسي أن ملف التسفير مطلب قديم ومطروح قبل انتخاب قيس سعيد.
وتوقع أستاذ القانون العام أن يواجه قيادات النهضة عقوبة سجنية صارمة حال ثبوت تورطهم فى القضية، مشيرا فى الوقت نفسه إلي إمكانية تدويل القضية ودخول ضحايا الإرهاب فى سوريا كخصم ضد المتورطين بحكم أنهم الطرف الأكثر تضررا من الجريمة.

ضحايا الإرهاب بسوريا
ويري الكاتب الصحفي والإعلامي التونسي نور الدين بالطيب أن فتح التحقيقات القضائية في ملف التسفير كما يعرف في تونس خطوة مهمة تؤكد أن الجهاز القضائي بدأ يتعافى من هيمنة حركة النهضة الإخوانية التي كان لها تأثير كبير على عديد القضاة وكانت تتحكم إلى حد بعيد في سير الأبحاث .
وأكد إن هذا الملف تورطت فيه حركة النهضة الإخوانية وأذرعها وخاصة ما يعرف بأنصار الشريعة الذي تم إيقاف عدد من قياداته على ذمة التحقيق كما تم إيقاف عدد من القيادات الأمنية في حين مازال قياديون في حركة النهضة مبدئيا في حالة سراح مثل زعيم الإخوان راشد الغنوشي ونائبه علي العريض الذي تم أطلاق سراحهم على ذمة التحقيق .
وأعرب بالطيب عن اعتقاده أن التحقيقات ستشمل عددا أكبر من المتورطين، داعيا إلي أعادة العلاقات الدبلوماسية مع الجانب السوري الذي يملك خزانا من المعلومات سيتسفيد منها القضاء التونسي حتى تكون المحاكمات عادلة وتنصف عائلات الضحايا من الذين تم التغرير بهم ودفعهم إلى الانخراط في تنظيمات إرهابية .
وأشار إلي أنه إذا كانت حركة النهضة الإخوانية تحاول اليوم التنصل من المسؤولية الجزائية والجنائية فإنها لا تستطيع أن تتنصل من مسؤوليتها السياسية والأخلاقية، مؤكدا أن كل ما حدث كان خلال سيطرتها المطلقة على الحكم خاصة أن علي العريض نائب رئيسها كان وزير داخلية ثم رئيس حكومة ومنصف المرزوقي رئيس الجمهورية المؤقت كان حليفها وهي التي أختارته .
وقال إنه يحق لضحايا الإرهاب بسوريا مقاضاة كل الذين تورطوا في القتل تماما كما شهداء الإرهاب في تونس مثل الشهداء شكري بلعيد ومحمد البراهمي ولطفي نقض وغيرهم والقضايا مرفوعة وما زالت مفتوحة ضد العديد من قيادات حركة النهضة من المشتبه بهم في التورط في عديد القضايا الإرهابية.
وبحسب المحلل السياسي التونسي فإن قضية التسفير هي الشجرة التي ستكشف عن خلايا نائمة وعن كل المتدخلين من قريب أو من بعيد في هذا الملف، معتبرا أن فشل الإخوان في تونس في الحكم والنتائج الكارثية التي قادوا إليها البلاد أنهت حظوظهم السياسية ولن يكون لهم تأثير يذكر في البرلمان القادم بعد أن أكتشف التونسيون حقيقتهم وعجزهم الكامل عن أدارة الدولة.

قضايا متشابكة
ويري الكاتب والمحل السياسي التونسي عبد الجليل معالي أن القضية متشابكة جدا وترتبط بقضايا أخرى معقدة من قبيل الإرهاب والاغتيالات والجهاز السري لحركة النهضة وتبييض الأموال والتهريب والتمويل الخارجي، وكلها ملفات أثرت على المشهد السياسي والأمني لتونس طيلة سنوات مضت، مشيرا إلي أن سلطة قيس سعيد لم تبد جدية واضحة في التعامل مع هذا الملف، ومع غيره، وكانت تنتهجُ سياسة التدريج في التعامل القضائي مع مثل هذه القضايا، ولذلك كانت الإيقافات والأبحاث متقطعة، ترتبطُ بالواقع السياسي للبلاد.
واعتبر أن كل هذا البطء والتراخي في التعامل مع ملفات من هذا الحجم، لا يحجب حقائق يكادُ يجمع عليها التونسيون، وهي أن أغلبَ عمليات التسفير حصلت خلال حكم الترويكا (ثلاثي الحكم المكون من حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات).
وأشار إلي أن الكثير من التقارير الأمنية كشفت عن وجود نوع من السياسة الحكومية الممنهجة لحث الشباب التونسي على السفر إلى بؤر التوتر والالتحاق بالجماعات الإرهابية، وتم تقديم التمويلات السخية والتسهيلات اللوجستية للسفر والعبور دون أي عائق أو تعطيل وتحولت الحدود الليبية التونسية تحولت فى تلك الفترة إلى “مراكز تطوع” لقبول الشباب الذي تم التغرير به من أجل الـ”جهاد” في سوريا والعراق واليمن وليبيا.
ويؤكد الباحث التونسي أن حركة النهضة متورطة سياسيا في هذا الملف من خلال إشاعة خطاب ديني متشدد واستدعاء الدعاة المتطرفين من خارج البلاد، ومن خلال السماح بانتشار الخيمات الدعوية واستعراضات الجماعات المتطرفة، كاشفا أن جماعة أنصار الشريعة نظمت مؤتمرها في مدينة القيروان عام 2012 على مرأى ومسمع من السلطة القائمة وبمشاركة العديد من قيادات حركة النهضة.
واعتبر معالي أن تفكيك قضية التسفير، بكل ما تحيل إليه من قضايا مجاورة، يمثل منطلقا أساسيا للتخلص من بقايا تلك المرحلة التي طبعت واقع البلاد والمنطقة بأسرها، مؤكدا أن ملاحقة المتورطين في صناعة الفوضى والإرهاب في المنطقة هو هدف تسعي قوى مدنية وسياسية كثيرة لتحقيقه حتى يحاسبَ كل الضالعين في هذا الملف الشائك.
وبحسب المحلل السياسي التونسي فإن التوصل إلى تفكيك كل الزوايا المعتمة في هذه القضية ستؤثر على وجود النهضة السياسي، لافتا فى الوقت نفسه إلي أن إنهاء وجود الإخوان إلى الأبد ليس أمرا وشيكا طالما أن الجماعات الإخوانية تتقنُ الانحناء حتى تمر العاصفة، خاصة وأن دروس التاريخ الواردة من أكثر من قطر عربي علمتنا أن الجماعات الإخوانية وقعت في مآزق أكثر حدة مما تعيشه النهضة اليوم ونجت منها لاعتبارات فكرية وتاريخية ودينية متداخلة.

ذات صلة

https://alshamsnews.com/2022/05/%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d9%82%d9%8a%d8%b3-%d8%b3%d8%b9%d9%8a%d8%af-%d8%a8%d8%aa%d9%88%d9%86%d8%b3-%d8%ac%d9%85%d9%87%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af%d8%a9-%d8%a3%d9%85.html

https://alshamsnews.com/2022/01/%d8%a7%d8%ae%d9%88%d8%a7%d9%86-%d8%aa%d9%88%d9%86%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a4%d9%88%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d8%b9%d9%81%d9%86%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%8a-%d8%ad%d8%a7%d9%86-%d9%88%d9%82.html

سياسات قيس سعيد بتونس..جمهورية جديدة أم انقلاب على ثورة الياسمين؟

بقلم الكاتب التونسي/ نزار الجليدي

لا شك أن تونس تعيش منذ 25جويلية 2021 فترة مفصلية في تاريخها الحديث ستغير ملامح البلد لعقود قادمة بعدما اختطفت لعقد من الزمن من تونسيين بجبة إخوانية يدعون الوطنية وهم الأكثر خيانة للوطن.

لا رجوع للوراء
من أكثر الكلمات التي يرددها الرئيس التونسي قيس سعيد هي “لارجوع للوراء” وهي كلمات ذو ابعاد شتى أولها يتعلق بالمناخ الديمقراطي وبالحريات حيث أن هذا المكسب الذي تحقق بعد ثورة الياسمين التي انطلقت شرارتها يوم 17ديسمبر 2010 قامت على التحرر من الديكتاتورية ومطالبة بالحرية و الكرامة.
هي من الثوابت عند سعيد بدليل أنه ثبت التاريخ المذكور عيدا لها بدل التاريخ الرسمي الفارط 14جانفي 2012 الذي يعتبره بداية الالتفاف على الثورة من طرف الإخوان.
كما أن المناخ الديمقراطي منذ الإجراءات الرئاسية التي استهدفت الإخوان و المنظومة الحزبية لم يقع الاعتداء ونحن نرى المعارضين لهذه الإجراءات متواجدون باستمرار على المنابر الإعلامية و في الشوارع بل يعتبرون ما حدث انقلابا دون أن يتم التعرض لهم رغم أن الكثيرين منهم أصبحوا يشكلون خطرا على الأمن القومي بتحالفهم مع قوى أجنبية وتحريضهم المفضوح والعلني على النظام القائم.
هذا فضلا على الحرية الكاملة في نقد ومعارضة ما يقوم به الرئيس.
وهذا ما انتج مشهدا معارضا هو في الحقيقة معارضات نلخصها في نوعين.
*الاولى هي عبارة على معارضة راديكالية تحركها المطامح الشخصية ولا علاقة لها بالمصلحة الوطنية وتمثلها الأحزاب التي ازيحت من الحكم بإجراءات 25جويلية 2021 وتقودها حركة النهضة الإخوانية وحلفاؤها وهي تعتبر ما قام به الرئيس انقلابا ويجب العودة الى الشرعية وفق منطقهم.
وهو رأي لا يلقى صدى عند السواد الأعظم من الشعب الذي يرفض رفضا قاطعا عودة البرلمان للعمل بصيغته الإخوانية. ويرفض العودة لما قبل 25جويلية.
*المعارضة الثانية وهي المعتدلة و البناءة والتي يقودها الحزب الدستوري الحر ويتبناها عدد من المفكرين والمثقفين والمنظمات الوطنية على غرار الاتحاد التونسي للشغل وهي متبنية لقرارات 25جويلية التي ازاحت المنظومة القديمة لكنها تعارض الرئيس في تمشيه وتصوره للجمهورية الجديدة و يعيبون عليه تفرده بالرأي ورفضه التحاور حول مستقبل البلد. كما يعيبون عليه التوسع في استعمال الفصل 80 من الدستور الخاص بالاجراءات الاستثنائية وتجميع كل السلط بيده.
وهي معارضة بإمكانها البناء والتعايش مع الرئيس لبناء تصور مشترك للجمهورية الجديدة التي ينوي تأسيسها و هاته المعارضة تقيه وتمنعه من أي نهج ديكتاتوري قد يسير فيه.
أي جمهورية جديدة ؟
بداية لابد من الإشارة أن مصطلح جمهورية جديدة هو مصطلح سياسي للاستهلاك الشعبي حيث أن لا يمكن أن يستقيم دستوريا أو واقعيا فلا يمكن بناء جمهورية جديدة في ظروف استثنائية وفي توقيت قصير لأن الجمهوريات تبنى في عقود. لكن هذا لا يمنع أن ملامح الجمهورية التونسية( مع الرئيس سعيد و الدستور الجديد الذي سيطرح على الاستفتاء الشعبي يوم 25 جويلية 2022 فضلا عن النظام السياسي الجديد والذي سيكون رئاسيا معدلا) ستتغير تغيرا جذريا حيث ستكون اقرب للعلمانية منها للإسلاموية التي فشلت في إدارة البلاد وخربت المؤسسات. كما أنه من المنتظر تغيير المنوال التنموي و التوجهات الاقتصادية التقليدية.
وهذا ما سيترتب عنه بالضرورة تغيير تحالفات تونس الاستراتيجية والتجارية.
الرئيس سينتصر
من خلال متابعتنا للأحداث وتحليلنا نعتقد أن الرئيس سعيد ماض فيما خطط له دون التراجع خطوة واحدة للوراء لان خارطة الطريق واضحة أمامه وهي تأسيس جمهورية وطنية وبمواصفات تونسية لا مكان فيها للإخوان ومن ولاهم وتقوم على القانون فعلا وقولا ولا مكان للمتمعشين فيها.
مقابل ذلك ستفتر المعارضة يوما بعد يوم لأنها تفتقد للسند الشعبي المطلوب وهو أساس كل عملية بناء.

Exit mobile version