تطور جديد شهدته الأزمة الليبية اليومين الماضيين عقب إعلان البرلمان إيقاف رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا عن العمل وإحالته للتحقيق.ويأت القرار فى ظل حالة إنقسام حاد تشهدها الأزمة الليبية فى ظل وجود حكومتين بالبلاد، واحدة فى الغرب وتطلق على نفسها حكومة الوحدة الوطنية ويرأسها عبد الحميد الدبيبة الذى يرتبط بعلاقات قوية مع تركيا، فى حين يرأس باشاغا الذى تم إيقافه عن العمل بقرار برلماني حكومة الشرق المدعومة من الجنرال خليفة حفتر.
أزمات ليبيا
وعلى مدار شهور، فشلت الحكومتين معاً في تأمين إجراء الانتخابات التي لطالما كان يعول عليها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والليبيين أنفسهم من أجل نقل البلاد إلى المسار الديمقراطي بعد سنوات تعدت العشر من الحرب والفوضى والإهمال وتدني الخدمات في كامل ربوع البلاد من شرقها إلى غربها وجنوبها.
وبعيدا عن أزمات حكومة الدبيبة التي يعتبرها البعض فاقدة للشرعية، تتعرض حكومة باشاغا التي عينها على البرلمان العام الماضي ودعمها، منذ أشهر للعديد من الانتقادات، عقب إخفاقها المتكرر في دخول العاصمة طرابلس والعمل من هناك، وتلقيها اتهامات بإهدار المال العام، فضلا عن فشلها في تأمين المصادر اللازمة لتمويل الموازنة الخاصة بها لامتناع مصرف ليبيا المركزي الخاضع لحكومة الدبيبة عن مدها بالأموال المطلوبة لتسيير أعمالها.
قرار البرلمان الليبي
وبحسب وسائل إعلام ليبية فإنه عقب إعلان باشاغا تنحيه وتعيين نائبه ” علي القطراني” لرئاسة الحكومة الليبية المكلفة من قبل مجلس النواب في ذات اليوم قام مجلس النواب بإيقافه عن العمل وإحالته إلى التحقيق فوراً .
وأعلن المتحدث الرسمي باسم البرلمان الليبي “عبد الله بليحق” أن حكومة فتحي باشاغا التي تشكلت العام الماضي بتكليف من مجلس النواب فشلت في الوفاء بتعهداتها التي كلفت بها. مشيراً إلى أن باشاغا لم ينفذ وعوده وفي مقدمتها العمل من داخل العاصمة الليبية طرابلس.
غضب داخلي
وأثار قرار البرلمان غضب خالد المشري رئيس مجلس الدولة الذى عبر عن غضبه من قرار إيقاف رئيس الحكومة فتحي باشاغا عن العمل وإحالته إلى التحقيق، قائلا فى تغريدة عبر تويتر ” يستمر مجلس النواب في عبثه السياسي، فبعد قيامه بحجب الثقة عن حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس بدون التشاور مع المجلس الأعلى للدولة، وعدم اعتماده لميزانية عامة للدولة، الأمر الذي جعل حكومة الوحدة الوطنية تصرف الأموال وتستخدمها بلا رقيب ولا حسيب.
ودعا المشري فى تغريدته مجلس النواب إلى الالتفات لما وصفه بـ مصلحة الدولة العليا بالاتفاق مع المجلس الأعلى للدولة على خارطة طريق واضحة تؤدي إلى الانتخابات في ظل حكومة موحدة صغيرة لغرض إجراء الانتخابات وإنهاء المرحلة الانتقالية والكف عن الإسهاب في إصدار القوانين والتشريعات التي لا تتطلبها المرحلة الحالية”.
وبحسب مراقبون فإن قرار إيقاف باشاغا عن العمل يعبر عن حجم الخلافات بين الأجسام السياسية بلييبا وسيكون له تأُثير على فكرة إجراء الانتخابات التي يسعي لها المجتمع الدولي.
استقطاب وخلافات
وقال الباحث السياسي الليبي أحمد عرابي “أنه لم يتم سحب الثقة من الحكومة، ولكن تم الاكتفاء بإيقاف باشاغا عن العمل وتكليف وزير المالية بحكومته أسامة حماد بمهام رئاسة الحكومة إلى حين انتهاء التحقيق مع باشاغا ، لافتا فى الوقت نفسه ” إلا أنه لم يتم الكشف عن طبيعة الاتهامات التي سيتم التحقيق فيها معه من قبل لجنة مشكلة من مجلس النواب”.
وأوضح “هناك خلافات حول توزيع أموال الموازنة العامة الليبية وهي كانت السبب وراء قيام باشاغا بتفويض نائبه القيام بجل مهامه، بعد إعلانه تعرضه إلى ضغوط كبيرة من تيارات سياسية مختلفة حول تصريف الموازنة العامة لليبيا” .
وأشار عرابي إلي إنه “منذ فترة وهناك حالة استقطاب داخل مجلس النواب ما بين تيار مؤيد لباشاغا ويدافع عن بقائه، وآخر داعم للدبيبة ويريد الإطاحة بباشاغا وحكومته، وثالث يريد حكومة جديدة بعيدة عن المحاصصة”.
مستقبل الانتخابات
ويعتقد الباحث الليبي “أن مستقبل الانتخابات في ظل هذه الخلافات الحالية وحالة الاستقطاب والتقارير التي تتحدث عن تزوير في الأرقام الوطنية للناخبين يجعل إجراء انتخابات قريبا في ليبيا أمرا صعبا جدا، مشيرا إلي أنه “حتى لو تناست الكتل السياسية هذه الخلافات والتزوير وأجريت انتخابات بالفعل فستكون مزورة وسيتم الطعن فيها بسهولة ولم يتم قبول نتائجها بالإجماع”.
وبحسب الباحث فإنه لا يمكن قراءة هذه الخطوة خارج سياق الإعداد والتحضير لإجراء الانتخابات بعد الضغوطات الدولية لا سيما الأمريكية على جميع الأجسام السياسية لتحقيق هذه الغاية، لافتا إلي أن هنالك الكثير من التطورات السياسية في الأيام القادمة قد تشهدها ليبيا ولعل إيقاف باشاغا أولها وليس أخرها”.
رسالة سياسية
من جانبه أكد علاء فاروق الباحث المصري المتخصص فى الأزمة الليبية أن قرار إيقاف باشاغا وتحويله للتحقيق يمكن توصيفه سياسيا بأنه محاولة من قبل رئيس البرلمان عقيلة صالح ومجلسه للتخلص من عبء باشاغا تمهيدا للتماشي مع التطورات الاقليمية والدولية الجديدة التي تدفع نحو الانتخابات وذلك عن طريق تشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة ذات مهام محددة .
وقال فاروق ” التخلص من باشاغا ليس جديدا بل هو فكرة تتردد منذ فترة في أروقة البرلمان خاصة بين التيار الذي يرى ضرورة إنهاء حكومة باشاغا مثلما سحب البرلمان الثقة من الدبيبة حتى يكون هناك مساحة للتحرك سواء بالتوافق على حكومة جديدة أو زيادة الضغط على الدبيبة محليا ودوليا”.
أما بخصوص تأثير إيقاف باشاغا على الانتخابات، فيعتقد الباحث المصري “أن التأثير قد يكون إيجابيا كونها خطوة سيفسرها المجتمع الدولي الضاغط على عقيلة ومجموعته أنها مرونة من الأخير في محاولة لمسايرة التغير الدولي في التعاطي مع الأزمة الليبية أي أن الخطوة تمهد لتوافقات أكثر ومنح عقيلة فرص أكبر للمراوغة والتفاوض”.
الدور الخارجي فى الأزمة
وحول وجود دور خارجي أو سعودي بالتحديد فى الأزمة خاصة بعد التقارب الأخير بين حكومة الدبيبة والرياض، يري فاروق أنه لا علاقة للسعودية أو أي قوى أخرى بما حدث لحكومة باشاغا كون كل هذه القوى منذ البداية لم يعترفوا بباشاغا ولا حكومته بل اغلقوا وجوههم في وجهه حتى مصر التي ظن كثيرون أنها حليفة لباشاغا وداعمة لحكومته.
وحول توقعاته لمصير الانتخابات الليبية خاصة بعد إعلان المبعوث الأممي عبد الله باتيلي خطة لإجراءها هذا العام، أكد الباحث المصري أنه لا يعتقد أن تجرى الانتخابات خلال هذا العام لعدة أمور لوجستية وقانونية خاصة بعد الكشف عن تزوير في الأرقام الوطنية وتشكيل النائب العام للجان نيابية للتحقيق في الأمر وضبط منظومة الأحوال المدنية وهو امر قد يستغرق شهورا عدة..لافتا فى الوقت نفسه إلي أنه ربما ينجح المجتمع الدولي متمثلا في البعثة الأممية في الضغط أكثر لتجرى انتخابات برلمانية أول العام المقبل.
خطوة متأخرة
بدورها ، تري مروة محمد الباحثة فى الشؤون الليبية أن خطوة مجلس النواب بشأن توقيف باشاغا كان لابد منها وإن كانت متأخرة فحكومة باشاغا لم يكن لها تأثير ولم تمارس مهامها بشكل فعلي وفشلت في دخول طرابلس أكثر من مرة.
وقالت : أعتقد أن الفترة المقبلة قد تشهد ولادة حكومة جديدة ولكن الأهم أن تكون ممثلة من الشرق والغرب وقادرة على قيادة البلاد نحو الاستحقاق الانتخابي، لكن ليس من المتوقع إجراء الانتخابات هذا العام لأن الظروف الأمنية غير مواتية كما أن القوانين الانتخابية لم يتم انجازها حتى الآن.
وبحسب مروة فإن المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي ينبغي أن يقود المسار نحو تفضيل مسار ليبي ليبي حقيقي يقود البلاد نحو الانتخابات أيضا من الضروري أن تنخرط الدول المعنية بالملف سواء عربية أو أوروبية أكثر، إيطاليا بدأت تستعيد دورها في الملف وخطوة لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر في روما مؤخراً كانت لافتة للنظر.
كشفت تقارير صحفية عن خلافات شديدة بين أنصار المعسكر الموالي لتركيا داخل ليبيا.
وبحسب وسائل إعلام، فقد اتهم رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري أمس الاثنين رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة بمحاولة عرقلة الانتخابات للبقاء فترة أطول في الحكم.
ويعتبر ذلك أول خلاف علني بين المشري المحسوب على تيار الإخوان المسلمين والدبيبة الذى دعمته الجماعة وكلاهما مدعوم من تركيا.حصار عسكري
بدأ الخلاف اتهم المشري الدبيبة بالوقوف وراء منع عقد جلسة للمجلس عبر محاصرة مقره “بقوة عسكرية” حالت دون دخول الأعضاء للمقر.
وتوجه إثر الحادثة للمجلس الرئاسي والنائب العام يطلب فتح تحقيق في ما حدث.
وقال المشري خلال كلمة متلفزة عقب تأجيل الجلسة، إن قوة حماية الدستور التابعة للدبيبة هي المسؤولة، مؤكدا أن القوة العسكرية التي هاجمت المقر أبلغت أعضاء المجلس أن مستشار رئيس الحكومة إبراهيم الدبيبة طالبهم بمنع عقد الجلسة.
وفسر رئيس المجلس الأعلى للدولة أوامر رئيس الحكومة المنتهية ولايتها بكونها محاولة منه “للاستفراد بالمنطقة الغربية ومنع توحيد السلطة التنفيذية”، معتبرا أن ممارسات الدبيبة ضد المجلس الأعلى تمثل “سابقة خطيرة لم تحصل منذ ثورة فبراير/شباط.
كما اتهمه باستخدام “ماكينات إعلامية” لتشويه صورة المجلس الأعلى أمام العموم بهدف “فرض سيطرة حكومته” بالقوة.
وفشلُ مجلس الدولة في عقد جلسته الرسمية اليوم الاثنين هو الثاني على التوالي بعد تأجيل جلسة أمس الأحد بسبب إجراءات فنية تخص مكان الانعقاد.
ويتهم المشري الطرف الآخر بسن أوامر على أصحاب الفنادق لرفض استقبال جلسات المجلس. وكان من المقرر أن يستمع المجلس لتقرير لجنة المناصب السيادية ويناقش آلية توحيد السلطة التنفيذية في الجلسة الملغاة.
وردا على ما سماه رئيس المجلس الأعلى للدولة بـ”الجريمة القانونية” توجه الأخير للنائب العام الليبي والمجلس الرئاسي بطلب رسمي لفتح تحقيق وتحجير السفر على المتورطين في الحادثة.
توحيد السلطة التنفيذية
كما طلب المشري رسميا من بعثة الأمم المتحدة بليبيا أن ترعى لقاء “فوريا” بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب “لتوحيد السلطة التنفيذية تمهيدا لإجراء انتخابات حرة ونزيهة ومقبولة”، مشيرا “لحرص الحكومة على عرقلة الانتخابات والبقاء في السلطة أطول فترة ممكنة”.
أسباب الخلاف
وتعود أسباب الخلاف بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية ورئيس المجلس الأعلى للدولة لرفض الدبيبة الاتفاق الأخير بين رئيس البرلمان عقيلة صالح وخالد المشري في أكتوبر/تشرين الأول الماضي القاضي بتوحيد السلطة التنفيذية وتوزيع المناصب السيادية في البلاد قبل حلول العام المقبل.
وفسر الدبيبة آنذاك أسباب رفضه للإتفاق رغم الترحيب الأممي، بعدم وجود قاعدة دستورية عادلة تنهي المشكل القانوني الذي يمنع إجراء الانتخابات، مشيرا لما حصل لانتخابات ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويعتبر ملف المناصب السيادية في ليبيا من أكثر الملفات الخلافية بين القادة بسبب التباين في وجهات النظر بشأن طرق وآليات ومعايير اختيار وتوزيع هذه المناصب والأسماء المرشحة لتولي هذه الوظائف السيادية.
صراع السلطات فى ليبيا
وتعاني ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 من الانقسامات والصراعات السياسية والقبلية وتتنافس فيها حكومتان على السلطة: واحدة مقرها طرابلس وتهيمن على غرب البلاد يرأسها الدبيبة منذ مطلع عام 2021، وأخرى برئاسة وزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا وقد حازت على ثقة البرلمان وتتخذ من سرت الساحلية في شرق البلاد مقرا مؤقتا لها بعد فشلها في دخول العاصمة ومباشرة مهامها.
ذات صلة
https://alshamsnews.com/2022/09/%d8%a3%d8%b2%d9%85%d8%a9-%d9%85%d8%b9-%d9%84%d9%8a%d8%a8%d9%8a%d8%a7-%d8%a3%d9%85-%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d8%a7%d9%86%d8%b3%d8%ad%d8%a8%d8%aa-%d9%85%d8%b5%d8%b1.html
https://alshamsnews.com/2022/11/%d9%84%d9%8a%d8%a8%d9%8a%d8%a7-%d8%aa%d8%ad%d8%a8%d8%b7-%d9%85%d8%ae%d8%b7%d8%b7-%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d9%84%d8%aa%d8%b7%d8%a8%d9%8a%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a7%d8%aa.html