4 أشهر من كارثة دانيال..الأف الجثث ما زالت تحت الأنقاض بليبيا

رغم مرور أكثر من أربعة أشهر على إعصار دانيال الذي ضرب عدة مدن ليبية في العاشر من سبتمبر الماضي وراح ضحيته أكثر من 20 ألف قتيل ألا إن الأف الجثث ما زالت تحت الأنقاض في ظل الصعوبات التي تواجه جهود انتشال الضحايا نتيجة ضعف إمكانيات الدولة الليبية التي دمرتها سنوات الحرب فضلا عن حالة الانقسام السياسي التي تعيشها البلاد من سنوات.
وفي العاشر من سبتمبر أيلول الماضي اجتاح إعصار دانيال المدمر عدة مدن ليبية أبرزها درنة وبنغازي والبيضاء والمرج وسوسة، ما خلف دمارًا كبيرًا وأسفر عن سقوط آلاف القتلى والمصابين والمفقودين.


ومنذ سنوات تعيش ليبيا حالة من الانقسام السياسي حيث يتواجد بها حكومتان إحداهما في الغرب وتعرف بـ حكومة الوحدة الوطنية ويترأسها عبد الحميد الدبيبة، وهي معترف بها دوليا، والأخرى في الشرق وتعرف بحكومة مجلس النواب ويقودها أسامة حماد ويدعمها قائد الجيش اللواء خليفة حفتر ولا تحظي هذه الحكومة باعتراف المجتمع الدولي.
وفي إحاطته أمام مجلس الأمن منتصف أكتوبر الماضي، أعرب المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، عن قلقه إزاء الانقسام والتنافس بين القيادات الليبية حول إعادة إعمار درنة وضواحيها، داعياً إلى تأسيس آلية وطنية موحدة لتقييم حجم الأضرار، وتنفيذ مشروع إعادة الإعمار، يتم تغطية تكلفته من الموارد الوطنية الليبية.
ووفق خبراء فإن عملية إعادة إعمار المناطق المنكوبة لم تشهد جديدا على أرض الواقع بعد 4 أشهر من الكارثة رغم تشكيل صندوق خاص ولجان طواري وعقد مؤتمر دولي، ورغم الأموال الضخمة التي تم الإعلان عن تخصيصها لهذا الأمر.

الوضع كارثي
واعتبر حمد الشلوي عضو لجنة الأزمة الحكومية بدرنة أن “الوضع بالمدينة كارثي وما زالت هناك الآلاف الجثث تحت الأنقاض والطمي وكذلك أعداد كبيرة بالبحر رغم مرور أكثر من 4 شهور على الكارثة”.
وقال الشلوي لوكالتنا “كارثة دانيال خلفت أكثر من 20 ألف ضحية لم يتم استخراج سوي 6 ألاف فقط ومازال الآلاف الجثث والأشلاء تحت الأنقاض، مؤكدا أن ليبيا بحاجة لمساعدة دولية لانتشال هذه الجثث والتي ستؤدي لانتشار وباء بيئي تتضرر منه المنطقة بالكامل”.


وكشف عضو لجنة الأزمة بدرنة أن “ما تحقق على أرض الواقع في ملف إعادة الإعمار بدرنة يخالف ما يتم الإعلان عنه بشكل كبير، فلا وجود لعمليات إعمار بالمدينة حتى الآن ولم يحدث أي تغيير ملحوظ في أثار الكارثة بالمدينة والأمر يقتصر فقط ليس على وجود شركة مصرية واحدة تقوم بأعمال تنظيف وانتشال الركام وبصوره متواضعة”.
وبحسب الشلوي فإن “ما تم الإعلان عنه من تخصيص 10 مليار دينار من البرلمان الليبي، فضلا عن 2 مليار من حكومة طرابلس لإعادة إعمار المناطق المنكوبة مجرد كلام على ورق لم يجد طريقه لأرض الواقع”.
وأشار إلي أن “عمليات إعادة الإعمار تأثرت بشكل كبير بالانقسام الذى تشهده البلاد داعيا حكومتي طرابلس وبنغازي للتوقف عن عن المناكفات السياسية والتعاون ولو في بشكل مؤقت هذا الظرف الطارئ والكارثة الإنسانية التي تعيشها ليبيا”.
واتهم المسؤول الليبي “صندوق إعادة إعمار درنة الذى شكلته حكومة بنغازي بأنه لم يقدم شيئ للمدينة واصفا الاجتماعات التي تتم بين رئيس الصندوق ورئيس الحكومة بأنها مجرد شو إعلامي”.

استغلال سياسي
واتفق معه في الرأي الناشط الليبي م.بدر مصطفي عضو اللجنة الهندسية الفنية بالمؤتمر الدولي لإعمار درنة والمناطق المنكوبة مؤكدا أن “ملف إعادة الإعمار يتم استغلاله سياسيا وهناك غموض في ألية استغلال المساعدات الدولية”.
وقال لوكالتنا “المساعدات الدولية تدخل عبر البنك المركزي في طرابلس وهو ما يثير التخوفات حول التلاعب السياسي في ملف إعادة إعمار درنة خاصة أنه حتى الأن لا يوجد شيء ملموس على الأرض رغم مرور 4 أشهر على الكارثة”.
وبحسب الناشط السياسي فإن “حالة الانقسام السياسي ألقت بظلالها على ملف إعادة إعمار المناطق المنكوبة بشكل كبير خاصة أن حكومة حماد غير معترف بها دوليا، كما إن حكومة الدبيبة لا تستطيع العمل في المنطقة الشرقية، مؤكدا أن الأمر يتطلب ترتيبات سياسية واقتصادية كبيرة”.
وكشف مصطفي وهو مؤسس تيار حراك ليبيا أن “البنك المركزي استلم مساعدات تتجاوز 850 مليون دولار بعد كارثة درنة لا أحد يعلم أين ذهبت ولا مصادر إنفاقها نتيجة حالة الانقسام السياسي بالبلاد “.


ويؤكد الناشط أن “الأف جثث ما زالت تحت الأنقاض، وهناك عمليات انتشال تتم من جانب بعض المتطوعين، لافتا إلي أنه بشكل أسبوعي يتم انتشال ثلاثة أو أربع جثث أسبوعيا داخل المدينة، وهناك أيضا جثث في البحر مازال يتم اكتشافها حتى الآن”.
لا إحصاء دقيق للضحايا
من جانبه، “رفض فرج مجاهد المستشار القانوني لوزارة الشؤون الاجتماعية بالحكومة الليبية في طبرق الحديث عن حجم الأموال التي تم تخصيصها لإعادة إعمار المناطق المنكوبة جراء كارثة إعصار دانيال”.
وكشف لوكالتنا أنه “حتى الآن لم يتم عمل إحصاء أو رصد دقيق لضحايا كارثة الإعصار، وهناك تضارب في الأرقام بين مؤسسات الدولة الليبية والمنظمات الإغاثية الدولية التي شاركت في نجدة الشعب الليبي ولم يتم حتى الآن تحديد رقم دقيق لضحايا الإعصار”.
وأكد المستشار بوزارة الشؤون الاجتماعية الليبية أن “مركز التعداد والإحصاء بصدد الإعلان عن إحصائية دقيقة بالتعاون مع الجهات المعنية المختصة”.
وحول تأثير الانقسام السياسي على مرحلة إعادة الإعمار، يري المسؤول الليبي أن “الانقسام السياسي ليس بجديد على ليبيا فهو أمر واقع من 10 سنوات ولم يكن له تأثير في الأزمة بشكل كبير حيث أن الكارثة وحدت الشعب الليبي وانطلقت قوافل الدعم والإغاثة من كافة المدن الليبية دون فرق بين الشرق أو الغرب”.

في ذكري استشهاد عمر المختار..هل ليبيا بحاجة لـ ثورة جديدة ؟

تحل اليوم السبت 16 أيلول ذكري البطل الليبي المقاوم عمر المختار ذلك الخسميني الذى لم تمنعه شيخوخته من رفع راية المقاومة في وجه أعداء بلاده ومستعمري وطنه، اليوم وفي ظل ما تشهده ليبيا من دمار وخراب ومقتل قرابة 20 ألف مواطن في ساعات بسبب فشل الحكومات الليبية المتصارعة على الحكم .. هل يمكن أن نري مختار جديد يقود ثورة جديدة تحرر ليبيا من احتلال الميليشيات وفساد الساسة والأحزاب؟
فجأة وبدون مقدمات، عادت ليبيا لتحتل صدارة نشرات الأخبار العالمية ووكالات الأنباء الدولية،هذه المرة ليس بسبب الانتخابات التي ينتظرها الليبيين منذ عقود دون معرفة موعدها، أو بسبب صراع سياسي لم يتوقف منذ أكثر من عقد من الزمان، أو حرب جديدة طالما اشتعلت نتيجة صراعات الميليشيات المسلحة التي تسيطر على مقاليد الأمن بالبلاد.
رغم كل ما تشهده ليبيا من أزمات سياسية وعسكرية ولكن تصدرها عناوين وكالات الأنباء العالمية هذه المرة جاء بعد مقتل أكثر من 5 ألف شخص وفقد عشرات الأف وتدمير مدن واحياء بكاملها جراء الإعصار المدمر الذى ضرب البلاد.
اللافت للنظر أن كارثة ليبيا الجديدة جاءت قبل أيام من الاحتفال بيوم الشهيد الذى يوافق 16 سبتمبر من كل عام ذكري إعدام البطل عمر المختار أسد الصحراء قائد المقاومة ضد الاحتلال الإيطالي والبريطاني في ليبيا في إشارة واضحة على حاجة ليبيا لاستحضار فكر المقاومة للتخلص من فساد الساسة وأمراء الحرب في ليبيا.
وتعيش ليبيا منذ أكثر من 10 سنوات حالة من الفوضي السياسية والعسكرية، حيث تسيطر الميليشيات المسلحة على معظم مناطقها، كما يوجد بها من حكومتين أحدهما ترفض تسليم السلطة منذ شهور، والأخر غير معترف بها دوليا، إضافة لوجود برلمان بشرق ليبيا ومجلس أعلي للدولة بغربها، فضلا عن وجود قوات أمنية بالغرب وأخر بالشرق، بجانب ميليشيات موالية لزعماء الأحزاب والكيانات السياسية وهو ما جعل ليبيا أشبه بكيانات منفصلة الضحية الوحيدة فيها المواطن.

كارثة دانيال
واجتاح إعصار دانيال يوم الأحد 10 أيلول مناطق شرق ليبيا مخلفا فيضانات مدمرة أدت لخسائر كبيرة في الأرواح، وبحسب وسائل إعلام بلغ عدد الضحايا بمدينة درنة الساحلية بين 18 ألفاً و20 ألف شخص، استنادا لعدد المباني والأحياء التي دمرت خاصة أن الفيضانات حدثت خلال الليل والناس نيام.
ووفقا لتقارير صحفية، جرفت السيول بيوت بأكملها بمن فيها من عائلات، واختفت أحياء بكل ملامحها، ونزح عشرات الآلاف من الأشخاص، ولا تزال الجثث التي لم تنتشل من تحت الأنقاض أو في البحر غير معروفة الهوية والعدد، وبقاؤها في مياه السيول يزيد من خطر الإصابة بالأمراض.

وهناك حالة من الغضب في الأوساط الليبية تجاه تعامل السلطات مع الكارثة خاصة بعد إعلان المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة الخميس 14 أيلول أنه كان من الممكن تفادي سقوط معظم الضحايا، مشيرة إلى قلة التنظيم في ظل الفوضى المخيمة في ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي”.

فساد الحكومات
وما يكشف حالة عدم الاكتراث لدي المسؤولين اللييين تجاه الأزمة ما تداولته وسائل إعلام من إعلان الصديق حفتر النجل الأكبر لرجل ليبيا القوي خليفة حفتر نيته الترشح للرئاسة في الانتخابات التي لم يتم تحديد موعدها وذلك بعد أثل من 24 ساعة فقط من وقوع كارثة الإعصار!.
وبحسب صحيفة الغارديان في افتتاحيتها الخميس 14 أيلول فإن “كارثة فيضانات ليبيا لم تتسبب فيها الطبيعة فقط بل ساهم فيها البشر”.

https://twitter.com/Mohammed78990/status/1702952786671874474

وتقول الصحيفة إن “الفيضانات في شرق ليبيا أحدثت دمارا مروعا، وفي درنة، حيث انهار سدان بعد هطول أمطار غزيرة وصلت إلى حد الإعصار، وقد تسبب إعصار دانيال في غرق أحياء بسكانها. وابتلع البحر أحياء وهو الآن يلقي بالجثث على طول الشاطئ.
وبحسب الصحيفة فإن الرعب واليأس الذي يشعر به الليبيون يقابله غضبهم من الحكومات المتنافسة التي قسمت البلاد وسعت إلى السلطة والربح بينما تتجاهل احتياجات الشعب.
وترى الصحيفة إن “الكارثة التي تشهدها ليبيا تفضح إخفاق الحكومات في حماية مواطنيها، بل وتعريضهم لخطر أكبر، مشيرة إلي أن نظام القذافي أعقبه أكثر من عقد من الثورة والحرب الأهلية والجمود السياسي، وخلاله لم يتم إهمال البنية التحتية الأساسية فحسب بل تم نهبها أيضاً مشيرة إلى تقارير أفادت أن أحد سدي درنة لم تتم صيانته منذ عام 2002”.
وتقول الصحيفة إنه “حتى عندما لاحت الكارثة في الأفق، أخفقت السلطات في شرق ليبيا، التي يسيطر عليها القائد العسكري خليفة حفتر، في أداء واجباتها الأساسية رغم إن المسؤولين شهدوا تأثير العاصفة دانيال في اليونان وكان أمامهم أيام للتخطيط لعملية الإخلاء”.
وتضيف الصحيفة إنه “حتى بعد أن ضربت الكارثة البلاد، لا تزال جهود الإنقاذ والإغاثة تتعرض للعرقلة بسبب السياسة، فضلاً عن تدمير البنية التحتية الأساسية، فضلا أن الحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس وحكومة حفتر المنافسة لا يضعان المعاناة الإنسانية في المقام الأول”.
ما شهدته درنة من دمار وخراب بسبب كارثة تسبب فيها البشر قبل الحجر، تذكرنا بما عاصرته ليبيا أثناء الاحتلال الإيطالي، ففي كتابه “بنغازي في فترة الاستعمار الإيطالي” يصف المؤرخ وهبي البوري حال المدن الليبية أثناء الاحتلال بأنها “مدن أشباحٍ دمرتها القنابل” !
هذا التشابه الحاصل بين ماضي ليبيا المأساوي تحت الاحتلال، وعاصرها المؤسف في ظل أمراء الحرب والفساد يقودنا للحديث عن شخصية ليبية غيرت مسار التاريخ ووقفت بكل حزم أمام محاولات الاحتلال استباحة الأرض والثروات وقادت الثورة والمقاومة ضد الاستعمار حتى لقي ربه شهيدا على يد أعداءه رافعا شعار “نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت”.
أنه أسد الصحراء عمر المختار الذى تحل ذكري استشهاده السبت 16 أيلول والذى يحتاج الليبين لاستحضار سيرته وتاريخه المقاوم لاستعادة دولتهم التي استبد بها الفساد، وخربها الساسة بصورة جعلت الآلاف من الليبين جثث بلا مأوي ابتلعها البحر في لحظة ثم عاد ليلقيها على الشاطىء دون رحمة لتبقي شاهدة على جرائم ارتكبها ليبيين بحق شعبهم ربما لا تقل بشاعة إن لم تكن تزيد عما ارتكبه المحتل الغاشم والمستعمر الغريب.

من هو عمر المختار؟
في أجواء أسوء بكثير مما تشهده ليبيا حاليا، عاش عمر المختار، الذى لا يوجد تاريخ دقيق لولادته، ولكن الشىء الوحيد المؤكد أن حياته كانت سلسلة من المقاومة والنضال فهو الفدائي الذى حارب الاستعمار البريطاني بجانب المصريين، وهو المقاوم الذى ساند ثوار تشاد في مقاومة الاحتلال الفرنسي في شبابه، وهو العجوز الثائر الذى قاد ثوار ليبيا لمقاومة الاحتلال الايطالي لبلاده.
كما شارك عمر المختار أيضا في القتال الذي نشب بين السنوسية والفرنسيين في المناطق الجنوبية في السودان.
أسد الصحراء هكذا وصف الليبين عمر المختار للتعبير عن فخرهم واعجابهم بذلك البطل الذى نسجت حوله الأساطير التي تخلد قوته وشجاعته حيث يروي أنه أثناء رحلة للسودان برفقة بعض معاونيه قابلهم أسد هددهم، فبدلا من ترك جمل للأسد كي ينصرف عنهم، امتطى جواده وأطلق سلاحه صوب الأسد وانطلق يطارده ثم عاد لهم برأسه.
وفي عام 1911 أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية التي كانت تحكم ليبيا ودخلت قواتها للأراضي الليبية، وفي عام 1912 أعلنت روما ليبيا مستعمرة إيطالية، ومنذ ذلك الوقت قاد المختار، البالغ وقتها من العمر 53 عاما، المقاومة الليبية ضد الإيطاليين لنحو 20 عاما، أوقع خلالها خسائر فادحة بصفوف الإيطاليين.
وفي 11 سبتمبر / أيلول 1931 نجح الإيطاليون في أسر عمر المختار بعد معركة قتل فيها جواده وتحطمت نظارته.
وبعدها بثلاثة أيام في 14 سبتمبر / أيلول، وصل القائد الإيطالي غراتسياني إلى بنغازي، وأعلن على عجل انعقاد المحكمة الخاصة 15 سبتمبر / أيلول 1931، وفي الساعة الخامسة مساء اليوم المحدد لمحاكمة عمر المختار صدر الحكم عليه بالإعدام شنقا.

المختار في عيون أعدائه
يكفي لمعرفة قيمة مكانة عمر المختار أن تقرأ ما كتبه عن أعدائه، ففي مذكراته يصف القائد “غراتسياني” -الذي أشرف على تنفيذ حكم إعدام عمر المختار المجاهد الليبي بأنه “أسطورة الزمان الذي نجا آلاف المرات من الموت ومن الأسر، واشتهر عند الجنود بالقداسة والاحترام، لأنه الرأس المفكر والقلب النابض للثورة العربية في برقة، وكذلك كان المنظم للقتال بصبر ومهارة فريدة لا مثيل لها سنين طويلة”.
ويصف الجنرال الإيطالي لحظة لقائه بالمختار قائلا ” ارتعش قلبي من جلالة الموقف، أنا الذي خضت المعارك والحروب العالمية والصحراوية، ورغم هذا كانت شفتاي ترتعشان ولم أستطع أن أنبس بحرف واحد، فانتهت المقابلة وأمرت بإرجاعه إلى السجن لتقديمه للمحاكمة في المساء، لقد خرج من مكتبي كما دخل علي، وأنا أنظر إليه بكل إعجاب وتقدير.
و قبل أن يتدلى جسده المنهك من حبل المشنقة، ألقى المجاهد الليبي عمر المختار بكلماته الخالدة خلال لقائه بالفريق أول “رودولفو غراتسياني”: نحن لا نستسلم، ننتصر أو نموت، وهذه ليست النهاية، بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه، أما أنا فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي.
وبالفعل صدقت نبؤءة قائد المقاومة البطل وأصبحت كلماته الأخيرة نارا أشعلت مقاومة الاستعمار في العالم العربي طيلة قرابة القرن، وألهمت الثوار روح المقاومة ضد المحتلين في المنطقة العربية وخارجها.
واليوم، وفي ظل ما تعانيه ليبيا من فساد وإفساد وصراع على السلطة وتشرذم وانقسام تبدو حاجة الليبيين ملحة وضرورية لاستحضار سيرة ذلك البطل المختار الذى تحل ذكراه اليوم 16 أيلول.
على الليبيين البحث فيما بينهم عن قائد جديد للمقاومة يسير على نهح أسد الصحراء عمر المختار ليوحد الصفوف ويواجه المحتلين والفاسدين حتى لو كانوا من نفس الوطن والطينة، فما كشفته كارثة الاعصار من فساد وخراب بليبيا يفوق ما ارتكبته قوات الاحتلال على مدار تاريخها.

Exit mobile version