معارك وحشية ومستقبل غامض..ماذا ينتظر السودان بعد 100 يوم من الحرب ؟

ربما لم يكن أكثر المتشائمين بالسودان يتوقع أن تشهد بلادهم حربا بين قوات الجيش وحليفتها قوات الدعم السريع، وحتي من توقع الحرب لم يكن يتخيل أن تستمر المواجهات العسكرية قرابة 100 يوم.
أيام معدودة تفصل الصراع في السودان عن بلوغ الـ100 يوم لم تتوقف فيها المواجهات سوي ساعات قليلة خلال هدن بوساطات دولية سرعان ما انتهكها أطراف الصراع.
حرب وحشية
وكان وزير الصحة السوداني محمد إبراهيم، قال الشهر الماضي، إن الصراع أسفر عن مقتل ما يزيد على ثلاثة آلاف شخص وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين، محذراً من أن الحصيلة الحقيقية يرجح لها أن تكون أعلى من ذلك بكثير، علاوة على ذلك، نزح أكثر من مليون وتسع مئة ألف شخص من منازلهم.
ووصف مسؤولون دوليون الوضع بالسودان بأنه مأساوي بدرجة كبيرة، واعتبر مارتن غريفيث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن السودان يخوض حرباً أهلية من أكثر الحروب ضراوة ووحشية نظرا لكونها غير قاصرة على مكان واحد، إنها تنتشر، مثل الفيروس وتهدد الدولة نفسها بحسب وصفه”.
كما وصف المسؤول الأممي السودان بأنه أصعب مكان في العالم بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني من حيث الوصول، محذراً من أن الأزمة ستتفاقم مع اتساع رقعة القتال ليشمل مناطق جديدة.
ويشهد السودان منذ منتصف إبريل الماضي عمليات عسكرية وصراع مسلح بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحليفه ونائبه السابق في مجلس السياد محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي قائد قوات الدعم السريع.
ومنذ إندلاع الصراع، تم الإتفاق على ما لا يقل عن عشرة اتفاقات لوقف إطلاق نار مؤقت برعاية السعودية والولاات المتحدة، لكنها جميعاً باءت بالفشل واتهمت الرياض وواشنطن الجانبين بعدم احترام الاتفاقات.
وبحسب مراقبون فإن الصراع في السودان دخل مرحلة المعركة الصفرية حيث لا مجال لتوقف الحرب دون انتصار طرف على طرف مهما كانت الخسائر وحجم الضحايا وهو ما يتضح من تصريحات الجانبين.
مستقبل ضبابي
ويري الباحث السياسي السوداني سليمان السباعي أنه “في ظل إقتراب الحرب من 100 يوم أصبح الوضع في البلاد ضبابي خاصة مع استمرار الصراع في العاصمة الخرطوم وولاية جنوب كردفان مدينة الأبيض بالتحديد، كما تتواصل المعارك في منطقة دارفور حيث تشهد مدينة الفاشر عمليات عسكرية واسعة بين الكر والفر بين طرفي الصراع، لافتا إلي أن كل هذه الأحداث تعطي مؤشرات إلى طول أمد الحرب وهو ما يجعل مستقبل السودان أكثر ضبابية”.
وقال الباحث لوكالتنا “إن أحد أسباب طول الصراع يتمثل في رؤية الجيش السوداني أن الحل الوحيد للأزمة هو مواصلة العمليات العسكرية حتى القضاء على آخر متمرد في البلاد، وهذا ما يؤيده معظم السودانيين نتيجة ما قامت به مليشيات الدعم السريع من سلب ونهب وتهجير وانتهاك لحرمات المنازل”.
ويشير الباحث إلي أن “ميليشيات الدعم السريع تقول أنها تريد جلب الديمقراطية للشعب السوداني وأن تخلص السودان من فلول النظام السابق”.
دور المجتمع الدولي
ويعتقد السباعي أن أزمة السودان تمثل فشل جديد للمجتمع الدولي الذى لم ينجح حتي الأن في إقناع طرفي الصراع بوقف الحرب وتحكيم صوت المنطق بديل لصوت السلاح، لافتا إلي أن المجتمع الدولي ربما لا يملك الرغبة والجدية الكافية لحل الأزمة وربما تكون الدول الكبري مستفيدة من استمرار الصراع”.
ويشير إلي أن “المجتمع الدولي ربما يدير الأزمات بالمنطقة ولا يسعي لحلها كما نري في سوريا وليبيا واليمن، معتبرا أن الفشل الدولي في وقف الصراع المسلح يؤكد أن نهاية الحرب في السودان لن تكون بغير نهاية أحد طرفي الصراع”
وحول دعوة البرهان الشعب لحمل السلاح، يري السباعي أن “دعوة البرهان للشباب للإلتحاق بالجيش من أجل تدريبهم على كيفية استخدام السلاح من أجل الدفاع عن النفس وحماية الممتلكات”.
سيناريوهات الصراع
من جانبه، يري هاني الجمل الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية أن الحرب في السودان أظهرت عدة عوامل سلبية في البنية المجتمعية أهمها اتساع دائرة الحرب وعدم حسم اي طرف من طرفي الصراع لهذه الحرب وهو ما كشف أن القوة العسكرية الرسمية المتمثلة في الجيش السوداني بقيادة برهان وقوات الدعم بقيادة حميدتي في حالة توازي لحد بعيد وذلك طبقا للبيانات الصادرة من كل طرف فضلا عن هذه الحرب هي الاولي التي تدور داخل العاصمة الخرطوم ومدنها الثلاث مما يؤدي الي تطور الصراع ليأخذ الشكل القبلي.
وقال لوكالتنا “باتت هذه الحرب مفتوحة على كل الاحتمالات وبخاصة في ظل ما يكتنف الموقف العسكري على الأرض من غموض، لافتا إلي أنه “وبغض النظر عن الأسباب المباشرة للحرب إلا أن هذه الحرب لا يمكن فهمها بمعزل عن جملة الإشكاليات الكبرى التي عانى منها السودان في مرحلة ما بعد الاستقلال ومنها تعثر عملية بناء الدولة الوطنية الحديثة حيث أخفقت نخب ما بعد الاستقلال في بناء دولة وطنية تستند إلى أسس ومبادئ المواطنة وتكون قادرة على استيعاب التعددية المجتمعية والعرقية والقبلية وتحويلها إلى مصدر قوة وهو ما قد يؤدي لإطالة أمد الحرب لعدة سنوات وذلك لأن الحروب الداخلية عادة ما تستدعي التدخلات الخارجية سواء من قبل دول أو فاعلين مسلحين وهو ما قد يخلق حلفاء لكل طرف ضد الآخر”.
وتمني الباحث أن تنجح الجهود المصرية في تحقيق أى تقدم نحو إنهاء الصراع خاصة أن ” حملت علي عاتقها استقبال اللاجئين السودانين ومحاولة تهدئة الأمور من خلال التدخل لدي كل طرف أو من خلال المبادرة المصرية القطرية كطوق نجاة لهذه الازمة التي تحولت الي كرة الثلج”.
ويعتقد الجمل أن “هناك عدة سيناريوهات لمستقبل الحرب في السودان وهي حسم الحرب لصالح أحد الطرفين أو قبول الطرفين بوقف دائم لإطلاق النار والانخراط في مفاوضات مباشرة عبر الوسطاء أو استمرار الحرب بشكل متقطع حسب التدخلات الاقليمية والدولية أو للآسف الانزلاق إلى حرب أهلية تساهم في تقسيم السودان وبالتالي تكون مصدر خطر علي العمق الاستراتيجي لدول الجوار”.

Advertisements

بواسطة admin

رئيس تحرير الشمس نيوز

63 تعليق

  1. Hi there! This is my 1st comment here so I just wanted to give a quick shout out and tell you I truly enjoy reading through your articles. Can you suggest any other blogs/websites/forums that deal with the same subjects? Thanks for your time!

اترك تعليقاً

Exit mobile version