مدرس سوداني يشعل مواقع التواصل..لن تصدق ماذا فعل

وكالات_ الشمس نيوز

في مشهد يقطر حزناً ويُجسِّد حجم المعاناة التي خلّفتها الحرب الطاحنة فى السودان، ضجّـت مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع مُؤثِّر لمعلم سوداني شهير يُدعى مهاجر عبد الرحمن، يدرِّس في فصل خالٍ من التلاميذ بمدرسة في منطقة الكدرو شمالي العاصمة الخرطوم.

وأظهر الفيديو القصير، الذي لا يتعدى الدقيقتين وثانية واحدة، المعلم، الذي اشتاق لتلاميذه الذين شرّدتهم الحرب، وهو يلقي دروسه في الفصل المهجور، محاولاً الحفاظ على بصيص الأمل في عودة طلابه إلى مقاعدهم.

فيما وصف أحد المتفاعلين مع المقطع، تصرف الأستاذ بأنه “ملحمة” ينبغي أن تُدرّس، مُشيراً إلى أنّ تصرفات مثل هذه، تعكس المشاعر الأصيلة والتفاني الذي يتحلى به بعض المعلمين الذين يضعون مستقبل الطلاب نصب أعينهم، فهؤلاء الطلاب هم رجال الغد المشرق، حسب تعبيره.

“كل الخرطوم تعرفه”

كما علّق آخر قائلاً: “هذا هو المعلم الذي ينطبق عليه القول (كاد المعلم أن يكون رسولاً)، نُوجِّـه له كل التحايا والاحترام والتقدير”.

وذكر شخصٌ ثالث في تعليقه بمناسبة يوم المعلم شكره للأستاذ مهاجر قائلاً: “لا أظن أن هناك أحداً في أم درمان أو الخرطوم لا يعرف هذا المعلم العظيم. الذي أعتبره من علماء الرياضيات في السودان، فهو الشخص الذي جعلني أحب هذه المادة وجعل منها شغفي”.

كذلك عبر سوداني آخر عن تقديره العميق لمهاجر، قائلا “سلمت أيها المربي الفاضل، لقد كنت خير ممثل للمعلمين السودانيين، عدت لأرض الوطن، تبث الأمل في قلوب أبنائك التلاميذ وعائلاتهم ببشائر النصر وقُـرب موعد عودة الوطن لأبنائه بعد هذه المحنة المؤلمة “.

ويُعد مهاجر عبد الرحمن أحد أشهر معلمي الرياضيات في السودان بالسنوات الأخيرة، وكان قد لجأ إلى مصر بعد اندلاع الحرب.

لكنه قرّر على نحو مفاجئ العودة إلى أم درمان في يوليو الماضي، آملاً أن يعود كل من شرّدتهم الحرب إلى السودان يوماً ما.

يُذكر أن الحرب المستعرة في السودان ألقت بظلال قاتمة على مستقبل التعليم، تاركةً آثارًا مدمرة قد تمتد لعقد كامل أو أكثر. ففي ظل ضياع أكثر من عام دراسي، يعاني 90% من الأطفال، الذين يبلغ عددهم 19 مليونًا، من الانقطاع عن التعليم، مع وجود 17 مليون طفل خارج المدارس الآن، بينهم 7 ملايين كانوا محرومين من التعليم حتى قبل اندلاع الحرب. هذا الواقع المأساوي دفع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إلى وصفه بأنه “أسوأ أزمة تعليم يشهدها العالم”.

لكن الكارثة لم تتوقف عند الأطفال فقط؛ فقد طال الدمار المعلمين والمدارس والبنية التحتية التعليمية. فقد أغلقت المدارس وعلقت الدراسة، كما توقفت رواتب نصف مليون معلم، ما دفع العديد منهم إلى حافة التشرد والفقر.

فيما اضطر بعضهم لترك مهنة التعليم إلى الأبد والبحث عن أي وسيلة لكسب العيش. بينما هاجر آخرون إلى دول الجوار وقد لا يعودون أبدًا.

بينما تحولت آلاف المدارس إلى أنقاض أو ملاجئ للنازحين، ما عمق جراح النظام التعليمي وزاد من مأساة البلاد.

قدمت مسيرات للجيش..ماذا يعني تدخل إيران في الصراع المسلح بالسودان؟

يبدو أن الصراع المسلح المشتعل بالسودان منذ 9 أشهر على أبواب تطورات جديدة قد تطيل من أمده وتزيد معاناة السودانيين خاصة في ظل تقارير تؤكد تزويد إيران للجيش السوداني بطائرات مسيرة لمواجهة قوات الدعم السريع.
ونقلت وكالة «بلومبرج» في تقرير لها عن مسؤولين غربيين إن إيران زودت الجيش السوداني بطائرات دون طيار من نوع “مهاجر 6” مؤهلة لمهام الرصد ونقل المتفجرات.
وأكدت الوكالة أن “أقماراً اصطناعية التقطت صوراً لطائرة دون طيار من نوع “مهاجر 6″ الإيرانية، الشهر الحالي، في قاعدة وادي سيدنا، شمالي أمدرمان، خاضعة لسيطرة الجيش.
ووفقا للتقارير، فإن طائرة “مهاجر 6” قادرة على شن هجمات جو-أرض، والحرب الإلكترونية، والاستهداف في ساحة المعركة.
وكان السودان قد أعلن في التاسع من تشرين الأول أكتوبر الماضي استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران التي قطعت من جانب الخرطوم، في بداية عام 2016، تضامناً مع السعودية التي كانت في صراع مع طهران في ذلك الوقت.
وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان إنذاك أن “البلدين قررا استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما خدمة لمصالح الطرفين إثرعدد من الاتصالات الرفيعة المستوى التي جرت خلال الأشهر الأخيرة”.
وفي الرابع من كانون أول ديسمبر الماضي زار وفد من المسؤولين السودانيين إيران في مهمة لشراء طائرات مسيرة إيرانية الصنع.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية وقتئذ أن الهدف الرئيسي للوفد السوداني كان التدريب على تشغيل واستخدام الطائرات المسيرة التي يعتقد أنه تم استخدامها في حرب روسيا على أوكرانيا.
ويأت الإعلان عن الدعم العسكري الإيراني للجيش السوداني بعد التطورات الميدانية التي طرأت على الساحة السودانية خلال الشهور الأخيرة، وعكست تقدماً واضحاً من جانب قوات الدعم السريع، التي سيطرت على مناطق استراتيجية.
وبحسب بعض الخبراء فإن الدعم الإيراني قد يكون له مردود على أرض المعارك بالسودان نظرا لحاجة الجيش السوداني لهذا النوع من الأسلحة، فيما شكك البعض في ذلك نظرا لحجم الخسائر التي لحقت بقوات البرهان منذ بداية الصراع.
تطور نوعي
ويري رامي زهدي الباحث في الشؤون الإفريقية أنه “في حالة فرضية صحة هذه التقارير التي لن يستطيع احد الجزم بصحتها مالم يصدر بيان رسمي من احدي طرفي التقرير المزمع سواء الطرف الإيراني مانح السلاح او الجيش السوداني متلقي هذا المنح، لكن بالرجوع لفرضية احتمالية صحة التقرير فإنه بالتأكيد يغير موازين المعركة علي الأرض”.
وقال لوكالتنا أنه “مما لاشك فيه أن الدعم السريع لم تكن ابدا لتستمر في القتال علي مدار 9 أشهر منذ 15 ابريل الماضي دون أن تكون وبالتأكيد تتلقي دعم مالي، عيني، لوچيستي، معلوماتي وسلاح وربما مقاتلين من جهات ومصادر دعم متعددة، وبالتالي الطرف المقابل يري أنه من حقه او أنه لا بديل له هو أيضا عن التعاون وتلقي دعم مماثل، لكن يبقي أن أهداف وتوجهات الداعمين تختلف في الحالتين ولكل دوافعه”.
وأشار إلي أنه “بالعودة الي الدعم الإيراني المحتمل فهو بالتأكيد يمثل تطور نوعي كبير لأحداث المعركة، خاصة ان الطائرات المسيرة بدون طيار لان هذا النوع الحديث من التسليح مناسب جدا لنوع المعارك فنيا وجغرافيا في السودان، وربما هو ما كان ينقص الجيش السوداني الذي يتميز بالتسليح الثقيل والحركة العسكرية النظامية البطيئة في مواجهة قوات سريعة الانتشار مرنة التمركز حتي إن اسمها ومنذ تأسيسها “قوات الدعم السريع” وهو ما يشير لتكنيك القتال بالنسبة لهذه المجموعات”.
ويؤكد زهدي أنه “طالما تداخلت القوي الاقليمية والدولية بالدعم لطرفي الصراع السوداني سواء كان دعم مباشر او غير مباشر فهذا يشير لإتساع مرجح لدائرة الحرب ميدانيا ودخول اطراف جديدة في الصراع وتعدد جهات التنفيذ والمتابعة والتداخل في الحرب، وهو بالتأكيد يعني مزيدا من طول امد الحرب دون حلول حاسمة في الأفق القريب”.
لا تأثير ملموس
من جانبه يري عثمان عبد الرحيم المتحدث الإعلامي بإسم حركة تمازج أحد حلفاء قوات الدعم السريع أن “أي دولة تدعم الجيش السوداني سياسياً أو تزوده بأي نوع من الأسلحة هي محاور شر تخدم أجندة النظام البائد وهي ضد أي تطور للسودان خاصة و أن السودان كان في فترة من الزمن قد اقترب من الحكم المدني الديمقراطي”.
وقال لوكالتنا ” حتى و إن تم تزويد الجيش السودان بالسلاح من أي دولة تمثل محور شر لن تؤثر على الموقف العملياتي”.
وأشار إلي أن ” الجيش فقد خاصية القيادة و السيطرة وخرجت الكثير من المناطق الاستراتيجية عن نطاق سيطرته و لم يعد قادر على إحراز أي تقدم لصالحه”.

خبراء أم مقاتلون..ماذا تفعل أوكرانيا في السودان وسر دعمها لـ البرهان ؟

كشفت تقارير صحفية عن استعانة الجيش السوداني بخبراء أجانب في مواجهة قوات الدعم السريع على خلفية تقارير عن تنفيذ القوات الخاصة الأوكرانية لعمليات قتالية ضد الدعم السريع.
وبحسب وسائل إعلام، أكد مستشار في وزارة الدفاع السودانية أن أوكرانيا تشارك الجيش السوداني بخبراء ومدربين في مجال الطائرات المسيرة، مشددا فى الوقت نفسه لعدم وجود قوات أجنبية تقاتل إلى جانب أيام الجيش.
ونسب موقع الجزيرة نت لمصدر سوداني لم يكشف هويته تأكيده إن الخبراء العسكريين من أوكرانيا قاموا بتدريب مشغلي الطائرات المسيرة التي اشتراها السودان مؤخرا من تركيا وأوكرانيا.

وأضاف أن بلاده تربطها بروتوكولات واتفاقات عسكرية مع عدة دول تتيح لها التعاون العسكري وتطوير الصناعات العسكرية الدفاعية في السودان.

وأوضح المسؤول السوداني أن بلاده اشترت مسيرات من تركيا من طرز مختلفة قبل اندلاع الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع وبعد اندلاعها في منتصف أبريل/ نيسان الماضي لتعزيز قواتها الجوية، درب خبراء أوكرانيون أوفدتهم أنقرة طواقم سودانية لاستخدام المسيرات حسب الاتفاق بين البلدين.

وأضاف أن المسيرة الأخرى التي دخلت الخدمة مؤخراً، هي من طراز “إف في بي” ويطلق عليها “الذبابة” المدمرة، وقد شارك خبراء أوكرانيون في تدريب طواقم سودانية على استخدامها.
وقال إنها طائرة صغيرة الحجم ويبلغ مداها 10 كيلومترات، وسرعتها ما بين 100 و140 كيلومترا، ويبلغ سعرها ألف دولار، ولديها القدرة على استهداف الدبابات والمدافع الذاتية الحركة والمركبات القتالية المتحركة، كما يمكن استخدامها في الاستطلاع وتوجيه نيران المدفعية ودخول الخنادق والمباني.

وشدد على أن الخبراء الأوكرانيين لا يشاركون في استخدام وتشغيل المسيرات، وإنما ينتهي دورهم بتدريب الطواقم السودانية “التي باتت مؤهلة ولديها القدرة على تشغيلها بكفاءة”.

وبحسب المصدر السوداني فإن هذه الطائرات أوقعت خسائر كبيرة في صفوف الدعم السريع، ودمرت أسلحتهم ومعداتهم ومركباتهم القتالية التي حصلوا عليها بدعم من مجموعة “فاغنر” الروسية وقوى إقليمية أخرى ووصلت إلى السودان عبر ليبيا وأفريقيا الوسطى وتشاد، حسب وصفه.

وأكد أن بلاده لديها اكتفاء من الأسلحة الخفيفة والثقيلة والمعدات العسكرية عبر صناعاتها الدفاعية، وكانت تبيع منها إلى دول عربية وأفريقية وغيرها، وتشارك في عرضها بمعارض سنوية.

قوات خاصة أوكرانية
وتجنب الجيش السوداني التعليق على تحقيق شبكة “سي إن إن” الأميركية بشأن مشاركة قوات أوكرانية خاصة في قصف قوات الدعم السريع.
وفي المقابل نفت قوات الدعم السريع الأربعاء، في بيان، ما أوردته الشبكة الأميركية من تعرض قواتها لهجوم بمسيرات أوكرانية بالقرب من العاصمة الخرطوم.

وكان تحقيق نشرته شبكة “سي إن إن” الأميركية كشف عن أن القوات الخاصة الأوكرانية على الأرجح نفذت سلسلة من الهجمات باستخدام طائرات مسيّرة، إضافة إلى عملية برية، ضد قوات الدعم السريع في السودان.

وقالت الشبكة إنها حصلت على مقاطع فيديو تكشف أن هجمات نفذت ضد قوات الدعم السريع تحمل بصمات الجيش الأوكراني. فقد استُخدمت مسيّرتان متاحتان تجاريًا ويستخدمهما الأوكرانيون على نطاق واسع في 8 غارات على الأقل ضد قوات الدعم السريع، كما أظهرت مقاطع الفيديو كلمات بالأوكرانية على أجهزة التحكم التي تدار بها المسيّرات التي استهدفت الدعم السريع.

ونقلت “سي إن إن” عن خبراء قولهم إن التكتيكات العسكرية المستخدمة في تلك الهجمات، ومن أبرزها انقضاض الطائرات المسيرة على أهدافها على نحو مباشر وسريع، غير مألوفة في السودان وأفريقيا بشكل عام.

كما نقلت عن مصدر عسكري أوكراني -لم تكشف عن هويته- قوله إن تلك الهجمات ليست من عمل الجيش السوداني، مرجحا أن تكون القوات الأوكرانية الخاصة تقف وراء هذه الهجمات.

وقالت الشبكة الأميركية إن الضربات السرية التي تشنها أوكرانيا في السودان تشكل توسعا كبيرا ومستفزا في حربها مع روسيا.

جولة خارجية ومبادرة داخلية..هل اقتربت حرب السودان من مشهد النهاية؟

تطورات متسارعة ومفاجئة تشهدها الساحة السودانية الأيام الأخيرة، بداية من إعلان قائد الدعم السريع استعداده لوقف الحرب والتفاوض وإطلاقه مبادرة سياسية تدعو لفيدرالية السودان، ثم الزيارة التي قام بها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لجنوب السودان ومن قبلها القاهرة لأول مرة منذ اندلاع الحرب..فهل تشهد السودان تسوية سياسية مرتقبة تضع مشهد النهاية للحرب التي أكلت الأخضر واليابس بالبلاد؟
وكان البرهان قد وصل الثلاثاء 5 أغسطس لمدينة جوبا عاصمة جنوب السودان وذلك بعد أيام من أول زيارة خارجية قام بها منذ الحرب للعاصمة المصرية القاهرة.
واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 29 أغسطس الماضي رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في أول زيارة خارجية للجنرال السوداني منذ اندلاع الحرب التي تشهدها بلاده منذ منتصف أبريل الماضي.
وفي تصريحات لوسائل إعلام مصرية خلال الزيارة، قال البرهان: “نحن حريصون على أن نضع حدا لهذه الحرب ونسعى لإقامة فترة انتقالية يستطيع بعدها الشعب أن يؤسس دولة من خلال انتخابات حرة نزيهة”.
وجاءت تصريحات البرهان، بعد أيام قليلة من طرح قائد قوات الدعم السريع مبادرة سياسية تتضمن تفاصيل رؤيته للسلام في السودان، وتشمل 10 نقاط أساسية لإنهاء الحرب.
ودعا حميدتي في مبادرته إلى “تأسيس الدولة السودانية الجديدة”، من خلال اعتماد نظام حكم فدرالي وحكومة مدنية تمثل كل أقاليم السودان، إضافة إلى إقرار تأسيس جيش سوداني جديد بغرض بناء مؤسسة عسكرية واحدة تنأى بنفسها عن السياسة، كما دعا إلى ما سماه “تصفية الوجود الحزبي والسياسي داخل الدولة”.
وتأت تصريحات البرهان ومبادرة حميدتي بعد أن أدت الحرب المشتعلة بين الطرفين منذ 5 أشهر لمقتل نحو 5 آلاف شخص، فضلا عن نزوح أكثر من 4.6 ملايين شخص، وفق تقارير دولية.
وبحسب مراقبون فإن الحرب في السودان ربما تقترب من نهايتها وهناك رسائل واضحة من طرفا الصراع تؤشر على ذلك .
دلالات عسكرية وسياسية
ويري الناشط السياسي السوداني محمد حنين أن “خروج البرهان من الخرطوم وزيارته للقاهرة وبعدها جوبا نسف دعاية الدعم السريع الإعلامية التي ظلت ومنذ بدء الحرب تردد وتكرر أن البرهان وقادة الجيش محاصرون ولا يستطيعون حتى الخروج مئة متر خارج أسوار القيادة العامة للجيش”.
وقال لوكالتنا “أن خروج البرهان وزيارته لقواعد عسكرية مثل ( سلاح المدرعات، سلاح الإشارة وقاعدة وادي سيدنا العسكرية) له دلالات بأن الجيش قد أحرز تقدماً عسكرياً ملحوظاً للحد الذي جعل القائد الأعلى للجيش يتحرك في كل هذه المناطق التي تبعد جغرافياً عن بعضها البعض، خصوصاً وأن هذه المناطق ظلت تجري حولها معارك شرسة وضارية”.
حقيقة الصفقة
وأشار إلي أن “الحديث عن خروج البرهان بإتفاق وصفقة كما يروج البعض هو محض (أوهام ) كما وصفها قائد الجيش نفسه وسط قواته بقاعدة (فلامنجو) البحرية، حيث قال ان عملية خروجه تمت بتنسيق بين وحدات الجيش وأرتقى في هذه العملية ثلاثة شهداء”.
وحول ما يقال عن وجود صفقة مع الدعم السريع لتسهيل خروج البرهان، تساءل الناشط السياسي مستنكرا ” كيف يعقل أن يكون خروج البرهان بإتفاق مع حميدتي رغم إعلان قائد قوات الدعم السريع أنه لن ينهي الحرب سوى بالقبض على البرهان نفسه ؟!”
ويعتقد حنين أن “خروج البرهان يمكن قراءته على أنه ترتيب لخطوات ما بعد الحرب لاسيما الزيارة التي قام بها للقاهرة، معتبرا أن زيارة مصر لها دلالات سياسية وعسكرية، فذهاب البرهان بصفته رئيساً لمجلس السيادة لا قائداً للجيش فقط تقرأ على انها إظهار لتواجد الدولة التي لعب الدعم السريع وظهيره السياسي وداعميه الإقليمين على تغييبها وشل حركتها”.
ولفت إلي أن “الزيارة لها مدلول عسكري أيضا ظهر بإصطحاب البرهان لمدير المخابرات العامة ومدير منظومة التصنيع الحربي معه للقاهرة في إشارة إلي أن هذه الحرب في نهايتها ويجري الترتيب لوضع ما بعد الحرب”.
وأكد حنين أن “مصر لعبت دورا محورياً في الأزمة رغم محاولات بعض القوى الإقليمية تغييب دورها، مشيرا إلي أن “مؤتمر دول الجوار الذى استضافته القاهرة كان السبب الرئيسي في إفشال محاولة تدويل أزمة السودان التى سعى لها المتربصين وبعض القوى السياسية السودانية للأسف”.
وتابع : “كما ان رأي القاهرة كان واضحاً منذ البداية بالوقوف مع مؤسسات الدولة الشرعية والحفاظ على استقلالية السودان وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، أضف إلى ذلك ان مصر هي أكثر دول الجوار تضرراً من الحرب في السودان، كما انها تأوئ أكثر من ٥ مليون سوداني وتعاملهم معاملة مواطنيها”.
وبحسب الناشط السياسي فإن “الزيارة مهمة لشكر مصر على وقفتها بجانب السودان والتطلع لزيادة دورها ومساهمتها في مرحلة ما بعد الحرب خاصة أن مصير مصر والسودان طالما كان مشتركاً وواحداً”.
وحول توقعاته لمستقبل الأزمة بالسودان، أكد الناشط السياسي أن “خروج البرهان قلب المشهد سياسياً رأساً على عقب وتصريحاته التي تتكرر فيها كلمات مثل ( القوات المتمردة، العصابات وغيرها) يعني ان الخطر العسكري قد زال وانهم الأن في مرحلة الخطر الأمني والتمهيد لما بعد الحرب، وهو ما يتضح في تحرك الشرطة لأول مره منذ إندلاع الحرب وتقدم وزيادة وتيرة إنتصارات الجيش وظهور دور الدولة في عدد من القرارات”.
مستقبل الصراع
من جانبه، يري الأكاديمي السوداني د.عماد بحرالدين الأستاذ المساعد بقسم العلوم السياسية بالجامعة الاسلامية بولاية منيسوتا الأمريكية أن “الحرب بالسودان أثرت بشكل كبير على اقتصاد دول الجوار بالسودان وفي مقدمتها مصر التي يهمها وقف الحرب”.
وقال لوكالتنا “من أهم رسائل القيادة السوداني المتمثلة في البرهان من زيارة القاهرة أن الحرب ستتوقف في القريب العاجل، وسيتم محاسبة لكل من تعدي على الممتلكات العامة والخاصة”.
وأشار إلي أن “القاهرة أكثر الدول ارتباطا بالسودان على مدار تاريخها، وهناك دور كبير لمصر في السودان وعلاقات سياسية وعسكرية كبيرة تجمع البلدين، والكثير من السياسيين السودانيين يؤمنون بأهمية الدور الاقليمي الذى تلعبة مصر في السياسة السودانية”.
ويعتقد الأكاديمي السوداني أن “مصر تسعي لحل الأزمة عبر الوصول للتفاوض خاصة أنها من أكبر المتضررين من استمرار الصراع، لافتا إلي أن القيادة المصرية ربمأ أخطأت في تقديراتها بدعم الجيش في بداية الأزمة، وبدأت تدرك ذلك وتسعي لدور أكثر حيادية في التعامل مع الطرفين وهو ما يمكنها من التأثير في الأزمة وانهاء الحرب”.
ويري بحر الدين أن “الأوضاع ستتجه إلي التفاوض ووقف الحرب قريبا، ولكن سيبقي الدعم السريع كما هو وربما أصبح في وضع أفضل خاصة أنه يمتلك رؤية سياسية تلقي قبولا لدي مناطق كثيرة بالسودان، لافتا إلي ان مبادرة حميدتي حول الفيدرالية تمثل مدخلا كبيرا للحل السياسي في البلاد.
وحل مستقبل حميدتي فيما بعد الحرب، يري الباحث أن “قائد الدعم السريع أصبح يحظي بدعم كبير من مختلف مناطق السودان وهناك تأييد من زعماء قبائل وكيانات كبيرة لتحركات الدعم السريع ومبادرة الفيدرالية التي أطلقها وهناك رغبة كبيرة في التخلص من المركزية وسيطرة إقليم الشمال الذى يمثل أقلية على غالبية السودان”.
وأشار إلي ان الدعم السريع يسيطر الأن على معظم المناطق الحيوية بالعاصمة الخرطوم وغالبا لم يخرج البرهان من الخرطوم إلا بإتفاق مع قيادات الدعم بموافقة حميدتي وذلك للتخلص من فلول النظام البائد الذى ساهموا في إشعال الحرب.
وحول احتمالية أن يكون حميدتي رئيسا للسودان في مرحلة لاحقة بعد الحرب، أكد الأكاديمي أن قائد الدعم السريع أعلن مرارا وتكرارا أنه لا يريد رئاسة السودان ولكن الأمور قد تختلف بعد نهاية الحرب وقد يكون بالفعل أحد المرشحين للرئاسة حال وجود دعم شعبي كبير له وهو أمر نراه في ظل انضمام كثير من المناطق وقبائل السودان للدعم السريع”.

سوريا والسودان والنيجر..لماذا تشتعل نيران الحروب بالشرق الأوسط ولا تنطفىء؟

إذا سقطت عينيك على خارطة الشرق الأوسط فلن تجد سوي نيران تندلع وأخري تخبو ولا تنطفأ، أزمات وثورات وانقلابات، فتن واغتيالات، حروب وصراعات..لماذا الشرق الأوسط دون غيره ساحة لتصفية الحسابات الدولية وهل تلعب القوي الكبري دورا في استمرار الصراعات والأزمات بالمنطقة؟

ربما لا يوجد منطقة في العالم تشهد أزمات وصراعات وحروب كما يحدث في الشرق الأوسط، فلا تكاد تخبو نيران الحرب في منطقة حتى تشتعل في أخري، ولا تنتهي أزمة حتى يندلع صراع، ولا يحدث تغيير دون سقوط ضحايا.
الغريب في أزمات الشرق الأوسط أنها تندلع دون أسباب منطقية لاندلاعها ولا تنتهي رغم وجود تدخل دولي وجهود أممية تزعم العمل على حلها، ولا أدل على ذلك من الأوضاع بسوريا وليبيا أو السودان التي يجتمع مجلس الأمن من أجلهما بشكل شبه دوري، وتتواجد بهما بعثات أممية ومبعوثين للقوي الكبري دون أن تتحرك الأزمة قيد أنملة نحو طريق الحل ولو حدث سرعان ما تعود للمربع الأول مرة أخري.
ويعتقد مراقبون أن كل الأزمات التي تشهدها المنطقة بشكل عام جزء من صراع دولي واقليمي لتحويل المنطقة لبؤرة من الأزمات التي لا تنتهي بما يسهل استنزاف مواردها ونهب ثرواتها.
لعنة الجغرافيا
ويري د.إياد المجالي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مؤتة الأردنية أن حالة الصراع القائم في المنطقة هي لعنة الجغرافيا التي تدرك أهميتها محاور إقليمية مهمة، والتي لا يمكن النظر لها بتجرد او بمعزل عن حالة التنافس الإقليمي والدولي في بؤر متعددة من الشرق الأوسط.
وقال لوكالتنا ” ما تشهد المنطقة ارتداد منطقي لاستراتيجية القوي الكبري وفي مقدمتها الولايات المتحدة بابقاء المنطقة في صراع وتوتر لتتمكن من أحكام سيطرتها وتحقيق أهداف محددات السياسة الخارجية، وتمكين نفوذها على الممرات المائية وطرق الملاحة الدولية وعلى ثروات المنطقة”.
ويعتقد الباحث أن ما تشهده المنطقة من أنماط الصراع القائم متعدد الأشكال تصب جميعا في مصالح القوى الكبرى عبر حرب الانابة”.
احتلال جديد
ويري الباحث المصري في العلاقات والأزمات الدولية هاني الجمال أنه “منذ اللحظة الاولي التي شعرت فيها القوي الكبرى في ذلك الوقت إنجلترا وفرنسا بكراهية العرب لهم وان مدة بقائهم في المنطقة بالشكل التقليدي سوف يزيد من حالة الاحتقان ضدهما خاصة بعد نجاح الثورة العربية ومحاولة تشكيل كيان عربي يساهم في مجابهة الكبار بدأت القوي الكبري تغيير استراتيجيتها في التعاطي مع منطقة الشرق الأوسط “.
وقال لوكالتنا ” بدأ البحث عن طريقة جديدة تجعل المنطقة العربية في حالة صراع مستمر، وتعددت صور هذا الصراع بداية من الصراع العربي الإسرائيلي والانحياز الكامل للجانب الإسرائيلي سواء تمييزه نسبيا بالأسلحة المتطورة او من عدم تنفيذ القرارات الدولية ضده من خلال الفيتو، وتارة أخرى الصراع العقائدي بين السنة والشيعة والذي مزق العديد من البلاد العربية، وتارة ثالثة صراع على الزعامة العربية وهو ما أوجد جفاء بل نزاعات عربية عربية”.
وتابع” كما تم اشعال الصراعات الاثنية بين العرب والكرد أو الإيزيدين أو البدون أو الأمازيغ أو العلويبن أو الدروذ وغيرها من الصراعات التي تعمل على تأجيج الوضع في المنطقة العربية وهو ما ينسحب الأن على الوضع في لبنان وحالة الفراغ الرئاسي وتمدد حزب الله وتغلوه على السلطة مستندا على القوة الايرانية في مواجهة القوي الداخلية المدعومة من فرنسا او السعودية و بالتالي صارت لبنان جرح لايتوقف نزيفه”.
وأشار إلي أن “نفس الوضع صار في سوريا ومحاولة تقليم اظافرها سواء من خلال إعادة انتشار جيشها في لبنان ودخولها في خصومة طويلة مع القوي السياسية الداخلية، وتحول المجتمع السوري بعد الثورة الشعبية إلى بؤرة صراع إقليمي بين إيران وتركيا وصراع دولي بين أمريكا وروسيا في ظل حالة الفراغ الأمني التي خلفتها أمريكا جراء انسحابها من منطقة شرق الفرات هذا بجانب قمع حرية الكرد في تأسيس وطني قومي لهم او الدخول في نظام سياسي جديد يعتمد على الكونفدرالية والاستفادة من ثرواته الطبيعية في مواجهة الاستيلاء عليها فضلا عن الازمة الكبرى وهي توطين الجماعات الإرهابية ذات الاجندات الدولية”.
وبحسب الباحث فإن “نفس الأمر تكرر في السودان الذي سيطرت عليها جماعة الإخوان المسلمين إبان حكم البشير والمساهمة في تقسيمه جنوبا وشمالا ثم تصاعد الازمة في دارفور ومحاولات الانفصال المتكررة، وإجهاض مكتسبات الثورة الشعبية ضد البشير و محاولة تأسيس دولة مدنية في المنطقة العربية وصولا للصراع الراهن بين الجيش السوداني وقوات الدعم وهما أيضا ينفذان اجندات دولية واقليمية”.
كما تطرق الباحث إلي الأوضاع بليبيا وأفريقيا قائلا ” الازمة في ليبيا دخلت نفق مظلم بعد الثورة على القذافي وأصبحت مسرح للصراع الإقليمي بين تركيا ومصر وصراع دولي بين روسيا ضد أمريكا و أوروبا، لافتا إلي أن نفس الأوضاع تشهدها منطقة القرن الأفريقي التي يستعر فيها الصراع بين روسيا والصين من جانب وأمريكا والدول الغربية من جانب أخر حيث يسعي الجميع لنهب ثروات المنطقة واستزاف مواردها الطبيعية ومحاولة تسكين العملاء الخاضعين لهم في سدة الحكم”.
ويعتقد الباحث أن “العامل المشترك في كل هذه الأزمات هو المنظمات الدولية المسيسة والتي تغض الطرف عما يحدث في المنطقة العربية في حين انها اشتطات غضبا عما يحدث في أوكرانيا فكل الازمات في المنطقة العربية خلف ستائرها مخطط دولي واقليمي لانهاكها باستمرار”.

خدمت الدعم السريع..كيف ساهمت حرب اليمن في إطالة الصراع بالسودان ؟

بقلم الإعلامية السودانية/ هادئة الهواري

البعض يتساءل من وجهة نظر عسكرية بحته بعيدا عن قضايا المتحاربين ـ برغم الفجوة الواسعة بين إمكانات الدعم السريع المحدودة مقارنة ً بالجيش من حيث التسليح والقدرات وخطوط الإمداد والدعم اللوجستي ـ
يتسائل عن سبب تفوق الدعم السريع في أغلب المعارك إن لم تكن جميعها ، وتنوع أساليب القتال لديه ،وسلاسة تنفيذ عمليات الكر والفر، وإحكام الكمائن ، والعقيدة القتالية ، والثبات وابتكار أساليب جديدة للقتال لم تدرس حتى في الكلية الحربية السودانية.
وتكمن الإجابة على هذا التساؤل بالعودة إلى قرار نظام البشير التكسب السياسي على حساب إرسال قوات من الغرب (الهامش) ـ غير مؤثرة مجتمعياً ولا تشكل ثقل على كاهل الدولة ولا ضرر حتى من فنائها ـ إرسالهم لدعم عاصفة الحزم ومواجهة اليمنيين ( الحوثيين) ، وذلك اعتقادا أن هذا سينقذ الاقتصاد السوداني حينها من الإنهيار بدعم السعودية السخي وزيادة التبادل التجاري وحجم الاستثمار والمساعدة في تخفيف وطأة الضغوط الأمريكية ….الخ .
إلا أن نتائج هذا السفاح تسببت في أكبر كارثة سيعرفها السودان الحديث والتي من الأرجح أن تغير خارطة السيادة ودائرة صنع القرار فيه للأبد ، فقد اكتسبت هذه القوات خبرات قتالية جديدة تتمثل في أساليب الكر والفر وفهم عدم الجدوى من المواجهات المفتوحة (المعروفة في صدام المجموعات المسلحة في وسط وغرف أفريقيا) وتنفيذ الكمائن بشكل احترافي وهذا أصبح جلياً حيث تختفي القوات وتظهر فجأة عند وصول العدو للنقطة صفر مثل معارك بحري الكدرو واستقبالهم للقوات المستنفرة” وهذا أسلوب قتال الحوثيين مع هجمات قوات تحالف عاصفة الحزم لتحاشي تفوق اسناد الطيران” .
وأيضا عقيدة مقاتلي الدعم السريع ومعنوياتهم العالية وتجاوز فكرة (شبح الموت عند المواجهات) ، متمثلة في عبارة (زايلي ونعيمكي زايل) وهذا شعار يؤثر على معنويات المحارب ويظهر بسالة وثبات منقطع النظير وعدم الحرص على الحياة وتخيل شرف الموت في المعركة وهي مبادئ تعلمها جنود الدعم السريع من ثبات اعدائهم الحوثيين في اليمن، واستفادت قيادتهم من هذه الروح والجاهزية وأصبحت تداعبهم بكلمة (أشاوس) وهي كلمة كثيرة الترداد عند قيادات الحرب اليمنية بكل أطرافها.
ومن الملاحظ بشكل كبير استعانة قواة الدعم السريع بالزوامل اليمنية ( اناشيد حماسية تربط المقاتل بمعاني الجهاد والشرف والثبات ، كل هذه الخبرات التراكمية التي استفادتها هذه القوات خلال السنوات السبع الماضية بالإضافة إلى استعانة الجيش السوداني بهذه القوات لحسم الحركات المسلحة والصراعات القبلية في وسط وغرب السودان اكسبتهم تفوق مطلق في هذه المرحلة ولن تتمكن القوات المسلحة من معادلة الكفة حتى يتمكنوا من فهم أساليب الدعم السريع المكتسبة من خارج الحدود ورفع معنويات الجيش بخطاب روح الوطنية والفداء كما فعلوا ايام حرب الجنوب.
والمتوقع إذا لم تحسم الأمور واستمر الصراع أن يصل الجيش لنقطة التكافئ التنظيمي والخبرات القتالية مع العدوان في بداية ٢٠٢٥ وسيكون الحسم حينها بيد القوى الإقليمية والدولية فقط.

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

معارك وحشية ومستقبل غامض..ماذا ينتظر السودان بعد 100 يوم من الحرب ؟

ربما لم يكن أكثر المتشائمين بالسودان يتوقع أن تشهد بلادهم حربا بين قوات الجيش وحليفتها قوات الدعم السريع، وحتي من توقع الحرب لم يكن يتخيل أن تستمر المواجهات العسكرية قرابة 100 يوم.
أيام معدودة تفصل الصراع في السودان عن بلوغ الـ100 يوم لم تتوقف فيها المواجهات سوي ساعات قليلة خلال هدن بوساطات دولية سرعان ما انتهكها أطراف الصراع.
حرب وحشية
وكان وزير الصحة السوداني محمد إبراهيم، قال الشهر الماضي، إن الصراع أسفر عن مقتل ما يزيد على ثلاثة آلاف شخص وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين، محذراً من أن الحصيلة الحقيقية يرجح لها أن تكون أعلى من ذلك بكثير، علاوة على ذلك، نزح أكثر من مليون وتسع مئة ألف شخص من منازلهم.
ووصف مسؤولون دوليون الوضع بالسودان بأنه مأساوي بدرجة كبيرة، واعتبر مارتن غريفيث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن السودان يخوض حرباً أهلية من أكثر الحروب ضراوة ووحشية نظرا لكونها غير قاصرة على مكان واحد، إنها تنتشر، مثل الفيروس وتهدد الدولة نفسها بحسب وصفه”.
كما وصف المسؤول الأممي السودان بأنه أصعب مكان في العالم بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني من حيث الوصول، محذراً من أن الأزمة ستتفاقم مع اتساع رقعة القتال ليشمل مناطق جديدة.
ويشهد السودان منذ منتصف إبريل الماضي عمليات عسكرية وصراع مسلح بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحليفه ونائبه السابق في مجلس السياد محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي قائد قوات الدعم السريع.
ومنذ إندلاع الصراع، تم الإتفاق على ما لا يقل عن عشرة اتفاقات لوقف إطلاق نار مؤقت برعاية السعودية والولاات المتحدة، لكنها جميعاً باءت بالفشل واتهمت الرياض وواشنطن الجانبين بعدم احترام الاتفاقات.
وبحسب مراقبون فإن الصراع في السودان دخل مرحلة المعركة الصفرية حيث لا مجال لتوقف الحرب دون انتصار طرف على طرف مهما كانت الخسائر وحجم الضحايا وهو ما يتضح من تصريحات الجانبين.
مستقبل ضبابي
ويري الباحث السياسي السوداني سليمان السباعي أنه “في ظل إقتراب الحرب من 100 يوم أصبح الوضع في البلاد ضبابي خاصة مع استمرار الصراع في العاصمة الخرطوم وولاية جنوب كردفان مدينة الأبيض بالتحديد، كما تتواصل المعارك في منطقة دارفور حيث تشهد مدينة الفاشر عمليات عسكرية واسعة بين الكر والفر بين طرفي الصراع، لافتا إلي أن كل هذه الأحداث تعطي مؤشرات إلى طول أمد الحرب وهو ما يجعل مستقبل السودان أكثر ضبابية”.
وقال الباحث لوكالتنا “إن أحد أسباب طول الصراع يتمثل في رؤية الجيش السوداني أن الحل الوحيد للأزمة هو مواصلة العمليات العسكرية حتى القضاء على آخر متمرد في البلاد، وهذا ما يؤيده معظم السودانيين نتيجة ما قامت به مليشيات الدعم السريع من سلب ونهب وتهجير وانتهاك لحرمات المنازل”.
ويشير الباحث إلي أن “ميليشيات الدعم السريع تقول أنها تريد جلب الديمقراطية للشعب السوداني وأن تخلص السودان من فلول النظام السابق”.
دور المجتمع الدولي
ويعتقد السباعي أن أزمة السودان تمثل فشل جديد للمجتمع الدولي الذى لم ينجح حتي الأن في إقناع طرفي الصراع بوقف الحرب وتحكيم صوت المنطق بديل لصوت السلاح، لافتا إلي أن المجتمع الدولي ربما لا يملك الرغبة والجدية الكافية لحل الأزمة وربما تكون الدول الكبري مستفيدة من استمرار الصراع”.
ويشير إلي أن “المجتمع الدولي ربما يدير الأزمات بالمنطقة ولا يسعي لحلها كما نري في سوريا وليبيا واليمن، معتبرا أن الفشل الدولي في وقف الصراع المسلح يؤكد أن نهاية الحرب في السودان لن تكون بغير نهاية أحد طرفي الصراع”
وحول دعوة البرهان الشعب لحمل السلاح، يري السباعي أن “دعوة البرهان للشباب للإلتحاق بالجيش من أجل تدريبهم على كيفية استخدام السلاح من أجل الدفاع عن النفس وحماية الممتلكات”.
سيناريوهات الصراع
من جانبه، يري هاني الجمل الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية أن الحرب في السودان أظهرت عدة عوامل سلبية في البنية المجتمعية أهمها اتساع دائرة الحرب وعدم حسم اي طرف من طرفي الصراع لهذه الحرب وهو ما كشف أن القوة العسكرية الرسمية المتمثلة في الجيش السوداني بقيادة برهان وقوات الدعم بقيادة حميدتي في حالة توازي لحد بعيد وذلك طبقا للبيانات الصادرة من كل طرف فضلا عن هذه الحرب هي الاولي التي تدور داخل العاصمة الخرطوم ومدنها الثلاث مما يؤدي الي تطور الصراع ليأخذ الشكل القبلي.
وقال لوكالتنا “باتت هذه الحرب مفتوحة على كل الاحتمالات وبخاصة في ظل ما يكتنف الموقف العسكري على الأرض من غموض، لافتا إلي أنه “وبغض النظر عن الأسباب المباشرة للحرب إلا أن هذه الحرب لا يمكن فهمها بمعزل عن جملة الإشكاليات الكبرى التي عانى منها السودان في مرحلة ما بعد الاستقلال ومنها تعثر عملية بناء الدولة الوطنية الحديثة حيث أخفقت نخب ما بعد الاستقلال في بناء دولة وطنية تستند إلى أسس ومبادئ المواطنة وتكون قادرة على استيعاب التعددية المجتمعية والعرقية والقبلية وتحويلها إلى مصدر قوة وهو ما قد يؤدي لإطالة أمد الحرب لعدة سنوات وذلك لأن الحروب الداخلية عادة ما تستدعي التدخلات الخارجية سواء من قبل دول أو فاعلين مسلحين وهو ما قد يخلق حلفاء لكل طرف ضد الآخر”.
وتمني الباحث أن تنجح الجهود المصرية في تحقيق أى تقدم نحو إنهاء الصراع خاصة أن ” حملت علي عاتقها استقبال اللاجئين السودانين ومحاولة تهدئة الأمور من خلال التدخل لدي كل طرف أو من خلال المبادرة المصرية القطرية كطوق نجاة لهذه الازمة التي تحولت الي كرة الثلج”.
ويعتقد الجمل أن “هناك عدة سيناريوهات لمستقبل الحرب في السودان وهي حسم الحرب لصالح أحد الطرفين أو قبول الطرفين بوقف دائم لإطلاق النار والانخراط في مفاوضات مباشرة عبر الوسطاء أو استمرار الحرب بشكل متقطع حسب التدخلات الاقليمية والدولية أو للآسف الانزلاق إلى حرب أهلية تساهم في تقسيم السودان وبالتالي تكون مصدر خطر علي العمق الاستراتيجي لدول الجوار”.

بعد 3 شهور من الحرب..ماذا ينتظر السودان من صراع الجنرالات ؟

مع اندلاع الصراع السوداني منتصف أبريل الماضي، كانت التوقعات تشير إلي أنها مجرد خلافات بين حلفاء سرعان ما ستنتهي بتدخل القوي الإقليمية ودول الجوار، ولكن مرت الأيام ودخلت الحرب شهرها الثالث دون أفق واضح أو بادرة أمل في نهاية قريبة بل ربما كل المؤشرات تقود إلي توقعات متشائمة تنتظر السودان وشعبها مع استمرار الحرب..فإلي أين تتجه الأحداث بالسودان خلال الفترة المقبلة ؟
وبحسب تقارير صحفية فقد تسبّب النزاع الذي تفجر في 15 أبريل الماضي، بمقتل أكثر من 2000 شخص، وفق آخر أرقام مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أن الأعداد الفعليّة قد تكون أعلى بكثير، حسب وكالات إغاثة ومنظّمات دوليّة.
كذلك دفعت المعارك أكثر من 2,2 مليون شخص إلى النزوح، لجأ أكثر من 528 ألفا منهم إلى دول الجوار، وفق المنظمة الدولية للهجرة.
.وفي سياق متصل، أكدت الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، الأحد 18 مايو/ آيار ، أن نحو نصف سكان السودان يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية.
وأضافت الآلية في بيان نشرته البعثة الأممية في السودان أن من الضروري إيصال المساعدات إلى ملايين المحتاجين مع دخول الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع شهره الثالث.
كما أوضحت أن نحو 1.7 مليون شخص نزحوا داخل السودان، بينما لجأ ما يقرب من نصف مليون شخص إلى البلدان المجاورة، مشيرة إلى أن “العدد المتزايد من الضحايا والمصابين إلى جانب الدمار الواسع النطاق للممتلكات وسبل العيش أمر مقلق للغاية”.
وبحسب مراقبون، فإن الأوضاع في السودان ربما تسير نحو أوضاع أكثر مأساوية مع دخول الحرب الشهر الثالث ووجود احتمالية كبيرة لعدم وجود نهاية قريبة للصراع.
ويري رامي زهدي الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية أن الأزمة السودانية مع دخولها الشهر الثالث تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، معتبرا أن المرحلة الأصعب لم تأت بعد.
وقال زهدي : “المشكلة أن هناك فصل بين الصراع العسكري والأزمة الإنسانية وكأن كلاهما لا يرتبطان بالأخر، مشيرا إلي أن الأزمة الإنسانية تزداد سوءا بمرور الأيام، وحتى العائلات والأفراد الذىن حافظوا على تماسكهم خلال الفترة الماضية لم يعد بقدرتهم التماسك بعد هذه المدة، كما إن إمكانيات اللجوء والنزوح والفرار لم تعد متاحة بنفس القدر كما كان فى السابق”.

طول آمد الصراع
ويري الباحث “أن طول أمد الصراع يهدد الدولة السودانية والشعب السوداني فضلا عن أكثر من 20 دولة أخري” .
وأوضح: “طول أمد الصراع يمثل مزيد من الاستنزاف للإمكانيات والقدرات السودانية التي هي في الأساس منهكة وضعيقة وتعاني عبر سنوات طويلة، كما يمثل استنزاف للشعب وطاقاته وصبره وإمكانياته، كما تمثل استنزاف لطاقة وإمكانيات الدول المجاورة التي تعاني من الأزمة بالسودان، لافتا إلي أن هناك أكثر من 7 دول جوار، وأكثر من 17 دولة أخري لها علاقات تجارية وإقتصادية مع السودان تتاُثر بالحرب بشكل مباشر وغير مباشر”.
ويعتقد الباحث” أنه مع مرور الوقت، وانشغال العالم بصراعات أخري ربما يقل الاهتمام بالأزمة السودانية، خاصة أن كل الهدنات التي تم الاتفاق عليها لم يتم الإلتزام بها، ولا يوجد بارقة أمل فى تراجع أحد الطرفين”.
وبحسب زهدي فإن “أحد أهم أسباب الأزمة أن كلا الطرفين يريد إطالة الحرب، فالدعم السريع تعتبر أن طول المعركة إنتصارا لها، والجيش السوداني يري أنه يحتاج بعض الوقت للقصاء نهائيا على قوات الدعم السريع وإلحاق الهزيمة بها”.
ويضيف الباحث ” المشكلة أيضا أن الجهود الدولية لحل الأزمة مثل التحركات السعودية والأمريكية لا تتحدث عن حل سياسي شامل ولكنها تبحث فرص تهدئة أو تقليل الأعمال العدائية وفتح ممرات آمنة للمدنيين فقط، لافتا إلي أن كلا الطرفين يستخدم هذه الهدنات كمرحلة استعداد لاستئناف المعارك مرة أخري”.

مزيد من التعقيد
وحذر الباحث من “إن الأزمة السودانية تتجه لمرحلة جديدة من التعقيد خاصة بعد مقتل والي دارفور معتبرا ان تلك الحادثة تنذر بدخول البلاد فى مرحلة صراعات عرقية وقبلية وهي مرحلة لو بدأت فإن دائرة الصراع لن تنتهي، نظرا لما تمتلكه هذه القبائل والعشائر والقوميات من قوة وسلاح وتمركز على الأرض ولن تتوقف هذه الحروب خاصة أن هذه القوميات والقبائل لا تمتلك إطار تفاوضي أو سياسي ولا تجيد سوي القتال العسكري.
ويري “أن دخول هذه القبائل والعشائر فى الصراع قد يقود بالسودان لمرحلة لا تحمد عقباها خاصة أنها خلال الفترة الماضية كانت تلتزم الحياد ولم تدعم أيا من الطرفين”.

الحل مازال ممكنا
ويؤمن زهدي أن “الحل مازال ممكنا ولكن لابد من تدخل القوي المدنية والشعبية السودانية بدعم دولي كطرف مؤثر فى حسم الصراع للوصول لمرحلة وقف الصراع بشكل كامل أولا ثم خروج الأطراف المتصارعة كأشخاص من المشهد السياسي، والحفاظ على قوام المؤسسة العسكرية كأحد مؤسسات الدولة الرسمية على أن يكون الدعم السريع جزء من هذه المؤسسة”.
وشدد الباحث على أنه “لابد من حل سياسي متكامل ومشاركة أطراف أخري فى الوصول لهذه الحلول كأطراف عن القوي المدنية وممثلين عن الشعب السوداني والنقابات المهنية، مشيرا إلي أن الفصل بين القوات المتصارعة والشعب لا تعطي أى أمل في الوصول للحل”.

المستفيد من الحرب
وبحسب زهدي فإن “المستفيد الأكبر من إطالة أمد الصراع داخليا هو الدعم السريع الذى يدرك قياداته أنها لن تستطيع هزيمة الجيش ولكنه يسعي لحرب طويلة للحصول على فرص تفاوضية تمنحه وضع أفضل” .
ويؤكد خبير الشؤون الأفريقية أن “هناك دور إقليمي ودولي وراء استمرار الصراع بالسودان، وهناك دول من مصلحتها بقاء الوضع الحالي دون حل وأن يبقي السودان جسد مريض لا يموت ولا يتعافي.
واعتبر أن “هناك دول تمارس سياسات غير شريفة تجاه السودان وتحاول استغلال ثرواته والسيطرة عليها استراتيجيا وعسكريا أو تقسيمها وإقامة قواعد عسكرية بها بسبب أن السودان تطل على منطقة البحر الأحمر التي وصفها بأخطر منطقة فى العالم وبالتالي قيام الصراع من الأساس واستمراره تقف وراءه أطراف خارجية وهناك مصالح مختلفة لدول مختلفة في المنطقة مشددا على أن القوي المتحاربة مجرد أدوات بيد تلك الأطراف”.

Exit mobile version