قراءة في القضية الكردية في سوريا بين الماضي والحاضر

ما هي القضية الكردية في سوريا؟
القضية الكردية في سوريا هي قضية سياسية واجتماعية تتعلق بحقوق الأكراد في سوريا. الأكراد هم أقلية عرقية تعيش في مناطق مختلفة من سوريا ويمثلون حوالي 10-15٪ من السكان الإجمالي.

على مر السنين، واجه الأكراد في سوريا تمييزا وقمعا من قبل الحكومة السورية السابقة، حيث تم حرمانهم من الحقوق الأساسية مثل اللغة والتعليم والمشاركة السياسية. وتعتبر القضية الكردية في سوريا جزءًا من الصراعات الإثنية والقومية التي تشهدها المنطقة.

تاريخ القضية الكردية في سوريا
يعود تاريخ القضية الكردية في سوريا إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى، عندما تم تقسيم الأراضي العثمانية بموجب اتفاقية سايكس بيكو. تم تقسيم مناطق الأكراد بشكل غير متساوي بين تركيا وسوريا والعراق وإيران، دون إعطاء الأكراد دولة تتمتع بالحكم الذاتي. ومنذ ذلك الحين، خاض الأكراد في سوريا معارك طويلة ومستمرة من أجل الاعتراف بحقوقهم والحصول على الحكم الذاتي في المناطق التي يعيشون فيها.

II. حقوق الأكراد في سوريا
تشهد القضية الكردية في سوريا العديد من التحديات والصعوبات. لكن في الدستور السوري الحالي، يتم تمثيل الأقلية الكردية وتحقيق بعض حقوقها. فيما يلي بعض التفاصيل حول حقوق الأقلية الكردية في الدستور السوري:

التمثيل السياسي: ينص الدستور السوري على ضرورة تمثيل الأقليات العرقية والثقافية في المؤسسات السياسية والحكومية.

اللغة الكردية: يتم الاعتراف باللغة الكردية كلغة رسمية وتعليمية، مما يمكن أفراد الأقلية الكردية من التعلم والتواصل بلغتهم الأم.

حقوق الثقافة والتراث: يحمي الدستور السوري حقوق الأقلية الكردية في ممارسة ثقافتها والحفاظ على تراثها الثقافي الغني.

ومع ذلك، لا يزال هناك تحديات تواجه الأكراد في سوريا، بما في ذلك تهميشهم في بعض المجتمعات وقيود على حرية التعبير والتجمع. قد يتطلب حل هذه التحديات جهودًا مشتركة من الحكومة السورية والأقلية الكردية لتحقيق المزيد من المساواة والعدل.

III. الحكومة السورية والقضية الكردية
موقف الحكومة السورية تجاه الأكراد في سوريا
منذ بداية النزاع في سوريا، كان هناك صراعات وتوترات مستمرة بين الحكومة السورية والأكراد. تعتبر الحكومة السورية الأكراد بمثابة تهديد لوحدة وسيادة الدولة السورية، ومن ثم فإن الموقف الرسمي للحكومة كان معاديًا لطموحات الأكراد في الحصول على حقوق وتمثيل سياسي في سوريا. ومن جانبهم، يسعون الأكراد إلى الحفاظ على ثقافتهم وهويتهم القومية، والسعي للحصول على حقوق أكبر في الحكم الذاتي والتمثيل السياسي.

المفاوضات والجهود الدولية لحل القضية الكردية
على مر السنوات، تمت محاولات عديدة للتوصل إلى حل سياسي للقضية الكردية في سوريا. حيث تمت المفاوضات بين الحكومة السورية وممثلين عن الأكراد في إطار بعض الاتفاقيات والمعاهدات التي تهدف إلى تقديم بعض الحقوق والضمانات للأكراد. وقد شاركت العديد من الدول الدولية في هذه المحاولات ووجهت دعوات لدعم التفاوض وتحقيق حل سلمي للقضية الكردية في سوريا. ومع ذلك، ما زالت القضية الكردية تشكل تحديًا كبيرًا وتستدعي جهودًا دولية مستمرة لتحقيق الاستقرار والسلام في سوريا.

IV. التطورات الأخيرة في القضية الكردية

تأثير الحرب الأهلية السورية على القضية الكردية
أحد التطورات الأخيرة في القضية الكردية في سوريا هو تأثير الحرب الأهلية على المنطقة. بدأت القوى الكردية في الشمال السوري بتحقيق تقدم كبير في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) خلال السنوات الأخيرة. وبفضل مساندة التحالف الدولي واستخدام الغطاء الجوي، استعادت القوات الكردية العديد من المدن والقرى التي كانت تحت سيطرة التنظيم. هذا التقدم المهم للقوات الكردية في محاربة داعش أعطى القضية الكردية في سوريا أكبر ثقل سياسي واعتراف دولي.

دور القوات الكردية في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية
قامت القوات الكردية في سوريا، بقيادة وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ)، بدور هام في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية وصد هجماته. تعتبر هذه القوات من أكثر القوات فعالية في الساحة السورية وحققت تقدمًا كبيرًا في صد تقدم التنظيم وتحرير المناطق التي كانت تحت سيطرته. قادت القوات الكردية معركةً حاسمةً ضد داعش في مدينة الرقة وأسفرت عن تحرير المدينة في أكتوبر 2017. هذا الدور الفعال الذي قامت به القوات الكردية في محاربة التنظيم أدى إلى تعزيز مكانتها ودورها في القضية الكردية في سوريا.

V. الآفاق المستقبلية للقضية الكردية في سوريا

المطالب والمساعي الحالية للأكراد في سوريا
بعد سنوات من النضال والصراع، ما زالت القضية الكردية في سوريا تستمر في التطور والتغير. هناك عدة مطالب ومساعي حالية للأكراد في سوريا، ومن ضمنها:

الاعتراف بحقوق الأكراد كأقلية عرقية معترف بها دستوريًا في سوريا.
إقامة نظام فدرالي يمنح الأكراد حق التقرير الذاتي والإدارة الذاتية.
حق الأكراد في الحفاظ على لغتهم وثقافتهم وهويتهم الكردية.
المشاركة الفاعلة للأكراد في صياغة السياسات العامة واتخاذ القرارات في سوريا.

تأثير الأزمة السورية الحالية على المستقبل السياسي للأكراد
تشكل الأزمة السورية الحالية تحديًا كبيرًا للأكراد في سوريا ومستقبلهم السياسي. بسبب تورط العديد من القوى الإقليمية والدولية في النزاع السوري، يواجه الأكراد تحديات متعددة في سعيهم لتحقيق حقوقهم وتطوير ذاتهم السياسية.

من المهم أن يتم توجيه الجهود الدبلوماسية والسياسية نحو العمل على إيجاد حل سياسي للأزمة السورية يضمن حقوق الأكراد ويعزز وحدة سوريا كدولة. يجب أن تكون التسوية السياسية شاملة وتحقق تطلعات جميع الأطراف المشاركة في النزاع، بما في ذلك الأكراد.

هناك العديد من التحديات والصعوبات التي تواجه الأكراد في سوريا في تحقيق آمالهم وطموحاتهم السياسية. ومع ذلك، فإن القضية الكردية تظل قضية مهمة ومستمرة في سوريا، ومن المهم أن يتم تعزيز الحوار والتعاون بين جميع الأطراف المعنية لتحقيق تسوية سياسية شاملة وعادلة.

عفرين إلى أين..ماذا ينتظر مدينة الزيتون ؟

بقلم/دلشـير آڤـيـسـتا

ما هو مصير عفرين؟هل خسرناها إلى الأبد و صارت من الماضي ؟هل أخرجها ساستنا من أجنداتهم و من قواميسهم ولم تعد تهمهم ؟
هذه التساؤلات و إن اختلفت صيغة كل واحدة منها عن الأخرى لكنها عملياً تصب كلها في نفس المعنى و هي ما تجول على الدوام مخيلة و فكر الكثير من أبناء منطقة عفرين هنا وهناك و توخز مشاعرهم و عواطفهم و قد يتساءلونها من أقرانهم أو على الأقل يتساءل أحدهم بينه وبين نفسه في الوقت الذي لا يُرى بعد أي احتمال في الأفق ولو بشكل ضبابي بحيث يمكن للمرء أن يعتبر أن مسألة خلاصها من نير الاحتلال التركي مع هذا الاحتمال مسألة وقت لا أكثر قد يطول نسبياً.
و من جانب آخر هناك البعض يرون لسببٍ أو لآخر أن قضية عفرين و خلاصها هي قضية منفصلة و خاصة بحد ذاتها ليست هناك أية صلة أو علاقة تربطها بشؤون أخرى في الإطار السوري العام و من هذا المنطلق و بالإضافة إلى دوافع أخرى يقوم هؤلاء بتحميل كامل المسؤولية في هذا الشأن للإدارة الذاتية و كأنها مثلاً تملك عصا سحرية تحتاج فقط للتحريك حتى تعود الأمور إلى نصابها لكنها لا تحرك تلك العصا!!
هذا الموضوع بالطبع ليس لمجرد معاتبة هؤلاء بقدر ما هو توضيح لهذه المسألة الشائكة التي لا تحتاج مثلاً إلى مراكز أبحاث و دراسات معمقة لإدراكها بل فقط برأيي تحتاج إلى بعض التروي و إلقاء نظرة على المشهد السوري العام.
فقضية عفرين بالتأكيد ليست منفصلة عن بقايا الشؤون و الملفات التي أفرزتها الحرب في سوريا و إنما تتصل اتصالاً وثيقاً بأي حل شامل في سوريا و بالتالي يعتمد مصيرها على آلية هذا الحل المستقبلي و لو حاولنا أن نفصلها عن الشأن السوري العام فهي على الأقل تبقى متصلة حتماً بباقي المناطق المحتلة من قبل تركيا ابتداءً من إدلب أو أجزاء من أريافها و حتى منطقة سري كانييه (رأس العين) طالما أن المحتل هو نفسه لهذه المناطق.

ففي الإطار السوري و ما يمكن أن ينعكس إيجاباً على مسألة خلاص منطقة عفرين و مجمل المناطق الأخرى المحتلة تركياً دون استثناء هو مدى التفاف مختلف السوريين المؤمنين بالمشروع السياسي الذي يتبناه مجلس سوريا الديمقراطية حوله سواء أكانوا تحت مسمى قوى سياسية أو عسكرية أو منظمات حقوقية مثلاً أو فعاليات المجتمع المدني الخ و أن يأخذ الجميع دوره كلٌ حسب إمكانياته في مواجهة التدخل التركي و المطالبة بانسحابه حيث كلما ازدادت الأصوات الرافضة للوجود التركي كلما سهَّل ذلك المهمة أكثر و أبواب الإدارة الذاتية و عبر مؤسساتها المعنية مفتوحة أمام كل من يناشد التغيير و الإصلاح بعيداً عن الذين يسعون فقط للوصول إلى المناصب و تسلم مقاليد الحكم و إرضاء رغباتهم الذاتية.

و من جانب آخر و في سياق ارتباطها أيضاً بقضايا أخرى خارجة عن الإطار السوري برمته دعونا نأخذ على سبيل المثال الحرب الدائرة بين روسيا و أوكرانيا.
قد يقول قائل هنا و ما علاقتنا نحن بالحرب الروسية/الأوكرانية فما يهمنا هو أن تتحرر عفرين من الاحتلال التركي؟
بالطبع لا أحد أراد أن تكون هناك علاقة تربط هذه بتلك لكن شئنا أم أبينا هذا ما حصل لاحقاً فوق تعقيدات المشهد.
الجميع يعلم بأن روسيا هي التي منحت الضوء الأخضر بشكل مباشر للدولة التركية لتحتل منطقة عفرين و هي كذلك تدعم سياساتها بشكل أو بآخر في سوريا و تركيا رغم كل ترسانتها العسكرية الهائلة و أحدث الأسلحة الفتاكة و جحافل جرارة من المرتزقة كانت بحاجة إلى المواقف الدولية الداعمة لها لتستطيع احتلال المنطقة على الأقل أن تتمثل تلك المواقف بالسكوت و التغاضي و هذا ما حدث بالفعل؛؛ ما أريد قوله هنا أن أي تغير في أي موقف دولي تجاه تركيا و تدخلاتها في سوريا ولا سيما من الدول الفاعلة سواء أحدث ذلك سابقآ أو قد يحدث لاحقاً حتماً سوف يغير من قواعد اللعبة بالنسبة لتركيا و يضعف وضعها و عليه و في إطار الحرب الروسية/الأوكرانية و إلاما سوف يؤول مصير روسيا هل ستنكسر هل ستنتصر و كيف قد يصبح شكل العلاقة بينها و بين تركيا مستقبلاً كل هذا له ماله من تداعيات……
و لا بد أن نتطرق هنا أيضاً إلى مسألة عودة أو إعادة الدولة السورية إلى الجامعة العربية مؤخراً و المساعي التي تقودها المملكة العربية السعودية في هذا الصدد بالتأكيد هو أمر ملفت للنظر للغاية و الذي لم تتوضح طبعاً معالمه بعد و لا ندري كم من الوقت يحتاج الأمر حتى ينضج و تتوضح معالمه و مآلاته و بالتالي يكمن هنا التساؤل : بعد نضوج هذا الأمر مالتداعيات التي من الممكن أن تترتب عليه ؟؟ ما شكل العلاقة السياسية التي ستحكم بين سوريا و باقي البلدان العربية ؟؟هل ستكون علاقة مع حكومة تسيطر على جزء من الجغرافيا السورية؟؟ هل ستأخذ تلك العلاقة الجغرافيا السورية ككل بعين الاعتبار ؟ هل سيكون للدول العربية موقف موحد تجاه المحتل التركي و ستضغط باتجاه ضرورة انسحابه ؟
و في إطار مسألة الانسحاب التركي من تلك المناطق مستقبلاً فيما لو تم بحثها على طاولة الحوار سواء أكان ضمن مباحثات دولية أو إقليمية و بالتالي اتجهت مجمل التوازنات السياسية في ذلك الاتجاه فهذا يعني برأيي أن يكون الانسحاب من كافة تلك المناطق وليس من منطقة أو مناطق محددة بعينها بغض النظر عن آلية الانسحاب و الجدول الزمني الذي سوف يُعَدُّ له و أية منطقة سوف ينسحب منها الجيش التركي أولاً و أيهما أخيراً.
لنفرض أنه فاز في الانتخابات الرئاسية التركية مرشح المعارضة كمال كليچدار أوغلو الذي وعد أو لنقل صرَّح في أكثر من مرة أن مسألة انسحاب الجيش التركي من مناطق الشمال السوري المحتلة ستكون ضمن المسائل ذات الأهمية في السياسات التركية لاحقاً و كذلك عقد اتفاقيات مع النظام السوري و إعادة العلاقات إلى وضعها السابق قدر المستطاع هذا بالطبع لا يعني أن الانسحاب سيحصل بين عشية وضحاها بل حتماً قد يستغرق ذلك زمناً.
و بالعودة إلى الإدارة الذاتية و المسؤوليات التي تقع على عاتقها فيما يخص المناطق المحتلة من عفرين و رأس العين و تل أبيض و لو أن المسألة بتعقيداتها أكبر بكثير من إمكانيات الإدارة على مختلف المستويات لكن بالطبع و دون أدنى شك مطلوب دائماً و أبداً من الإدارة التحرك سياسياً و دبلوماسياً في هذا الصدد.

Exit mobile version