بعد دعوة سوريا لـ قمة الرياض..هل يتوقف النظام عن دعم تجارة المخدرات؟

تحوّلت سوريا على مدار 12 عامًا منذ اندلاع ثورة شعبية فيها إلى دولة منهارة ومنهكة، واقتصادها في الحضيض، وسيادتها مخترقة، والأسوأ من ذلك تحوّلت لأكبر مقر لتجارة المخدرات (الكبتاغون) في الشرق الأوسط، إن لم يكن في العالم بأسره.
وفي ظل التقارب الحاصل بين الدول العربية والنظام السوري بقيادة بشار الأسد، وتوجيه دعوة رسمية من المملكة العربية السعودية للرئاسة السورية لحضور القمة العربية المرتقبة خلال الأيام المقبلة يبقى موضوع تهريب المخدرات عائقًا أمام تحقيق انفراجة على الشعب السوري، لأن النظام السوري يعتبر ضليعًا في عمليات الإنتاج والتجارة بحسب العديد من التقارير الغربية والعربية، وهو المسؤول الرئيسي عن نشر هذه المواد السامة لمعظم الشباب العرب والغربيين المغرر بهم.
ولكن تؤكد دول عربية من جانبها على وقف إنتاج وتهريب مخدر الكبتاغون من سوريا لأجل توطيد أكبر للعلاقات مع دمشق، بعد إعادتها إلى الجامعة العربية.

ووافقت سوريا على المساعدة في منع تهريب المخدرات والعمل خلال الشهر المقبل على تحديد هويات منتجيها وناقليها، وفق بيان صدر عن اجتماع عقد في الأردن.
وتعتبر عمّان تهريب المخدرات من سوريا تهديدا لأمنها القومي، حسب ما نقلته وكالة رويترز عن مسؤول أردني، وصفته بـ”الكبير”. وجميع الاتهامات تشير إلى ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري ورئيس الفرقة الرابعة في الجيش السوري النظامي، فهو المسؤول عن تيسير إنتاج الكبتاغون والاتجار به.

ويعتبر مراقبون أن هذا الملف يمكنه أن يعطل مسلسل توطيد العلاقات بين دمشق وبقية الدول العربية وبالتالي استمرار عزلة الشعب السوري ومعاناته.

ويشكل مخدر الكبتاغون في سوريا أحد العوامل الأساسية، إن لم تكن الرئيسية، التي تلعب دورا في توطيد العلاقات مع دمشق، إذ تؤكد الدول العربية على وقف إنتاج هذه المادة وتهريبها لدول الجوار، وهذا، مع إعادة سوريا إلى الجامعة العربية عقب إبعاد دام سنوات عديدة.
وطوت الدول العربية صفحة سنوات من المواجهة مع الأسد يوم الأحد بالسماح لسوريا بالعودة إلى الجامعة العربية، في خطوة محورية، نحو إعادة تأهيله إقليميا على الرغم من أن الغرب ما زال ينبذه بعد اندلاع الحرب الأهلية المستمرة منذ سنوات.
وتنفي دمشق تورطها في أي دور في هذه التجارة التي واجه مسؤولون سوريون وأقارب للأسد عقوبات غربية بسببها، وتسعى لاستخدام هذه القضية كورقة ضغط، غير آبهة بالأزمة الاقتصادية العميقة التي تمر بها البلاد، وغير آبهة بكم العقوبات الغربية التي فرضت بسببها على الشعب السوري وضييقت الخناق عليه وحوّلت حياة المواطنين إلى صراع يومي من أجل تأمين قوت العيش.
وتجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية السوري فيصل المقداد قال لنظرائه العرب في اجتماع عقد في أول مايو/أيار إن التقدم في كبح تجارة الكبتاغون يعتمد على الضغط العربي على الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات، بحسب ما نقلته وكالة رويترز عن ثلاثة مصادر مطلعة على الاجتماع، وهو ما اعتبره العديد من المراقبين أسلوبًا فظًا لمحاولة عربية لإنقاذ سوريا وانتشالها من الهاوية.
وبحسب مصادر صحفية، الاجتماع الذي عقد في الأردن كان “محتدما إلى حد بعيد”، وإن الوزراء العرب شعروا بالانزعاج بسبب لهجة المقداد.

المخدرات في سوريا.. كيف أصبحت تجارة النظام الرائجة ؟

تزايدت خلال الفترة الأخيرة الأخبار والتقارير التي تتحدث عن انتشار تجارة المخدرات فى سوريا التي تشهد حالة من الفوضى والأزمات منذ أكثر من 10 سنوات.

وتعمقت الأزمة مع وجود شواهد وتقارير تؤكد وجود دعم حكومي غير مسبوق لتلك التجارة المحرمة، ووصل الأمر بتوجيه اتهامات مباشرة لرأس النظام السوري بشار الأسد بالوقوف وراء تجارة المخدرات. ا
يشار إلى أن دمشق تُعتبر واحدة من أكبر نقاط تهريب المخدرات في المنطقة، حيث يتم تهريب أنواع متعددة من المخدرات، بما في ذلك الحشيش، والكوكايين، والأفيون، والهيروين، والكبتاغون، إلى داخل وخارج البلاد. ويتقاضى حكومة النظام السوري عائدات كبيرة من تلك العمليات، إذ يقوم بتحصيل الأموال من قطاعات الاقتصاد السرية التي تتحكم بها أجهزة الأمن والمخابرات.
إضافة إلى ذلك، يقوم أفراد النظام السوري بتسهيل عمليات توريد المخدرات لداخل البلاد، حيث يٌسمح لعناصر تلك الجرائم بتهريب هذه البضائع دون أي إجراءات رقابية، بمن فيهم ضباط من الجيش السوري وعناصر من أجهزة الأمن.
وهناك أيضاً تقارير تفيد بأن بشار الأسد يتحمل قدراً كبيراً من المسؤولية في تلك العمليات، حيث يدعم في الداخل السوري تجار المخدرات، كما يشارك في بعض الحالات في تلك العمليات الغير قانونية.

الخارجية الأمريكية
يرى مسؤول في الخارجية الأمريكية، أن بشار الأسد وأفراد عائلته يعتمدون على تجارة الكبتاغون الخطيرة لتمويل قمع السوريين وارتكاب الانتهاكات بحقهم. وبحسب المسؤول في تصريح لمنصة سورية إعلامية قال: “إن بشار الأسد وأفراد عائلته وشركائه يعتمدون على تجارة الأمفيتامينات الخطيرة (الكبتاغون ومشتقاتها) لتمويل قمع النظام العنيف وانتهاكاته للشعب السوري”.
يشير الخبراء، تجارة المخدرات في سوريا تُعتبر من الظواهر المخيفة التي تشكل خطرًا على الشباب و المجتمعات في سوريا والمنطقة العربية بشكلِ عام. ولا يختلف اثنان على أن هذه الجريمة الخطيرة تنتج من حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي تحكم البلاد في العقد الأخير من الزمان، حيث أدّى الصراع الدائر في سوريا إلى تفتت البنية الاجتماعية للمجتمعات من وقتها، ما يجعل الأشخاص أكثر عُرضة للانزلاق إلى التعاطي و التجارة في المخدرات.
وعلاوةً على ذلك، تمتد تجارة المخدرات في سوريا بشكل كبير إلى أشكال أخرى من الجريمة، مثل: الاتجار في الأسلحة، والاحتيال، والتزوير، الأمر الذي يزيد من فوضى الوضع الحالي، و يمثّل تهديداً كبيراً على الأمن و الاستقرار في المنطقة. ترفع الجهود الدولية والإقليمية للحد من تداعيات هذه الجريمة المروعة، ومع ذلك، يبقى السؤال حول مدى جدوى هذه الجهود وإن كانت قادرة على إنهاء هذه المشكلة بالفعل. فالمناطق الفاعلة في تجارة المخدرات، بما في ذلك الجهات المسؤولة والحكومات و بعض قطاعات الأمن، تبقى تحتفظ بمصالح قوية في تلك النشاطات الإجرامية.
وتسعى روسيا للحد من هذه التجارة في سوريا، حيث تقوم بتسيير دوريات على الحدود السورية الأردنية، وذلك بناء على طلب أهالي الجنوب السوري والسلطات الأردنية بحماية المنطقة من عصابات المخدرات.
وفي النهاية، يجب على المجتمع الدولي وخاصة الدول العربية العمل مع روسيا للحد من هذه الجريمة المخيفة ومكافحة تجارة المخدرات في سوريا على نحوٍ جاد، مع الاستمرار في إنشاء مناطق آمنة، وتحسين الظروف المعيشية للسكان وتعزيز الاستقرار السياسي في المنطقة.

تحظى برعاية عائلة الأسد.. فضيحة دولة المخدرات تلاحق النظام السوري

كشفت تقارير دولية عن فضيحة جديدة للنظام السوري بقيادة بشار الأسد.
ووفقا للتقارير فإن تجارة المخدرات التي ازدهرت في مناطق النظام بشكل كبير تحظي بدعم كبير من عائلة الأسد.
ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين دوليين تأكيدهم أن المخدرات أصبحت توجه دولة ونظام بل يمكن القول إن الحكومة السورية هي من تقوم بتصديرها.

مبعوث ترامب يفجر مفاجأة عن جديدة عن نظام الأسد
وكان المبعوث الأميركي الخاص لسوريا خلال إدارة ترامب جويل ريبيرن، قد أكد في تصريحات صحفية إن الحكومة السورية هي التي تصدّر المخدرات حرفيا.
وبحسب الحرة قال ريبيرن أن أكبر عقبة في مكافحة التجارة بسوريا هي أن صناعة المخدرات تحظى بدعم دولة ليس لديها سبب وجيه للمساعدة في إغلاقها.
تصريحات مبعوث ترامب، أكدها أيضا جهاد يازجي المحرر بموقع “ذا سيريا ريبورت” الناطق باللغة الإنكليزية الذي يتتبع الاقتصاد السوري.

الكبتاغون مصدر العملة الأجنبية بسوريا
ونقلت نيويورك تايمز عن يازجي قوله إن الكبتاغون ربما أصبح أهم مصدر للعملة الأجنبية في سوريا، لافتا في الوقت نفسه إلى أن هذا لا يعني أن الإيرادات المكتسبة تعود إلى الاقتصاد، بل يتم استثمارها في الغالب في الحسابات المصرفية للمهربين وأمراء الحرب.
وبحسب نيويورك تايمز فإن صناعة المخدرات وبالتحديد أقراص الكبتاغون ازدهرت بشكل كبير على أنقاض الحرب الأهلية السورية حيث بلغت قيمتها مليارات الدولارات متجاوزة بذلك الصادرات القانونية لسوريا.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أنه بعد أن دمرت الحرب الاقتصاد السوري، بدأت النخب السياسية والعسكرية المقربة من النظام في البحث عن طرق جديدة لكسب العملة الصعبة والالتفاف على العقوبات الأميركية.
ووجدت هذه النخب ضالتها في المخدرات في ظل امتلاك سوريا كل المقومات اللازمة لنجاح عملية الإتجار فيها، إذ يتوفر خبراء لخلط الأدوية، علاوة على مصانع لتصنيع المنتجات التي تخبأ فيها الأقراص، بالإضافة إلى إمكانية الوصول لممرات الشحن في البحر المتوسط، وطرق التهريب البرية إلى الأردن ولبنان والعراق.

وبحسب تقرير لجريدة الجارديان البريطانية فقد تنوعت التجارة غير المشروعة في سوريا ما بين “حبوب الكبتاغون” و”أكف الحشيش”، بينما اختلفت طرق تهريبها. تارة بعلب الحليب وأوراق الشاي، وأخرى ضمن لفافات الورق المقوّى وأطباق البيض وحبات الفواكه.

اعترافات من موالين للنظام السوري
لا تقتصر فضيحة المخدرات على شهادات دولية بل خرجت من قلب النظام وإعلامه، ففي سبتمبر من العام الماضي، فضحت الإعلامية الموالية لنظام الأسد فاطمة سليمان، تستره على تجارة المخدرات وتصديرها لأوروبا من داخل مناطق سيطرته في سوريا.
وكشفت “سليمان” عبر فيسبوك، أن كميات كبيرة من المخدرات تذهب إلى دول العالم عبر مرفأ اللاذقية بإشراف ميليشيات الأسد، قائلاً: “فضحتونا الله يفضحكن” وذكرت أن باخرة تجارية سورية رست قبل نحو شهرين في ميناء إيطالي، حيث عثر على متنها أكثر من 14 طناً من الحبوب المخدرة من نوع “كبتاغون”.

وفي 22 نوفمبر 2020، أحبطت إدارة الجمارك في ميناء “دمياط” المصري، محاولة تهريب كمية كبيرة من مادة الحشيش المخدر قادمة من سوريا ومتجهة إلى السودان.

حشيش من سوريا إلى مصر.. علب حليب بـ"الكيف"

ورغم الاتهامات التي يواجهها النظام من دول عربية كثيرة لكنه لم يتخذ الأخير موقفا رسميا واضحا للرد خلال السنوات الماضية، بينما اتجهت وزارة الداخلية السورية بين الفترة والأخرى إلى الإعلان عن ضبط شحنات” داخل الأراضي السورية.
وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) قد أعلنت نهاية نوفمبر الماضي عن ضبط أكثر من نصف طن من الحبوب المخدرة من نوع “كبتاغون”، ضمن شحنة معكرونة كانت معدة للتصدير إلى السعودية.

حبوب الكبتاغون
حبوب الكبتاغون

ويحظي مخدر الكبتاغون بشعبية كبيرة في السعودية، حيث يتناوله بعض الناس بغية الحصول على دفعة طاقة والبقاء مستيقظين للدراسة والعمل أو للقيادة لمسافات طويلة.
وتتباين أسعار الكبتاغون حيث تباع الإصدارات الرخيصة بسعر يقل عن دولار للحبة في سوريا، في حين تابع الحبوب عالية الجودة في السعودية تأتي مقابل 14 دولارا أو أكثر للحبة.

اتهامات لـ ماهر الأسد برعاية وحماية تجارة الكبتاغون
وكشفت نيويورك تايمز في تحقيق لها أن قسطا كبيرا من مهمة الإنتاج والتوزيع لحبوب الكبتاغون تشرف عليه الفرقة الرابعة مدرع في الجيش السوري المعروفة بوحدة النخبة التي يقودها ماهر الأسد الشقيق الأصغر لرأس النظام وأحد أقوي الرجال في سوريا.
كما يشارك في هذه التجارة المربحة، رجال أعمال تربطهم علاقات وثيقة بالحكومة، وجماعة حزب الله اللبنانية المسلحة، وأعضاء آخرين من عائلة الرئيس، الذين يضمن اسمهم الأخير الحماية من الأنشطة غير القانونية.

ماهر الأسد شقيق الرئيس الذى تلاحقه اتهامات التجارة فى الكبتاغون
ماهر الأسد شقيق رئيس النظام السوري الذى تلاحقه اتهامات التجارة فى الكبتاغون

وأكدت “نيويورك تايمز” أنها استندت في معلوماتها على معلومات جهات إنفاذ القانون ومسؤولين في 10 دول ومقابلات مع خبراء مخدرات دوليين وآخرين.
وحاولت الصحيفة الحصول على تعليق من مسؤولون من وزارة إعلام النظام السوري وبعثته الدبلوماسية في فيينا ولكنهم رفضوا التعليق، ولم يتسن للصحيفة الوصول لـ ماهر الأسد.
من جانبه، نفي حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني، أى علاقة للحزب بالكبتاغون.

الأردن يتهم قيادات بالنظام السوري بحماية تجارة الكبتاغون
الأردن التي تعتبر أحد المنافذ الرئيسية لحبوب الكبتاغون القادمة من سوريا تعتقد بمسؤولية النظام عن انتشار المخدرات ورعايتها.
وبسبب الحدود المشتركة مع سوريا يقف الأردن على الخط الأمامي في حرب المخدرات الإقليمية وقال اللواء أحمد السرحان، وهو قائد وحدة عسكرية على طول الحدود بين البلدين، إن “الأردن بوابة للخليج”.
ونقلت نيويورك تايمز عن رئيس دائرة المخدرات في مديرية الأمن العام الأردني، العقيد حسن القضاة، تأكيده إن مصانع الكبتاغون في سوريا موجودة في مناطق سيطرة الفرقة الرابعة وتحت حمايتها.
وكشف القضاة إن الكميات المضبوطة في الأردن من الكبتاغون هذا العام تتزايد، وبلغت ضعف الكمية التي تم ضبطتها في العام 2020، مشيرا إلى أن ما يصل إلى خمس المخدرات المهربة من سوريا يتم استهلاكها في الأردن، على الرغم من كونها عمّان محطة عبور إلى السعودية.
ضبط ربع مليار حبة كبتاغون خلال 2021
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإنه تم ضبط أكثر من 250 مليون حبة كبتاغون في جميع أنحاء العالم حتى الآن في العام 2021، أي أكثر من 18 ضعف الكمية التي عثر عليها خلال أربع سنوات.
وضبطت المخدرات في تركيا ولبنان والأردن وموانئ مصر واليونان وإيطاليا ومطار في فرنسا وفي أماكن بعيدة مثل ألمانيا ورومانيا وماليزيا، وتقول نيويورك تايمز” إن معظم هذه البلدان ليست أسواقا مهمة للكبتاغون ولكنها مجرد محطات توقف في طريقها إلى الخليج، وخاصة السعودية.
وكانت السلطات السعودية قد ضبطت ملايين من حبوب الكبتاغون خلال الشهور الماضية بعضها قادم من لبنان والأردن.

ذات صلة 

حظر سفر وتجميد أموال.. الاتحاد الأوروبي يعاقب 4 وزراء بحكومة بشار الأسد

مرض نادر يضرب مناطق سيطرة النظام السوري

سر عداء تركيا والنظام والمعارضة والمجلس الوطني الكردي لتجربة الإدارة الذاتية ؟

Exit mobile version