رغم قمة الرئيسين بالهند.. ألغام تعرقل قطار التطبيع بين مصر وتركيا

على هامش قمة العشرين بالهند اجتمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان في لقاء اعتبره البعض مؤشرا على تطور جديد في ملف تطبيع العلاقات بين البلدين.
ورغم وجود تحرك سريع في التطبيع التركي المصري خاصة على الصعيد الاقتصادي ألا إن هناك العديد من الملفات مازالت عالقة بين البلدين بل ربما يمكن القول أن هناك تنافس قد يصل لمرحلة الصراع الخفي بين أنقرة والقاهرة.
وبحسب مراقبون فهناك قضايا تشبه الألغام في مسار التطبيع بين مصر وتركيا ربما أهمها الأوضاع في ليبيا فضلا عن تطورات الحرب في السودان وصراع كلا الطرفين لتحقيق مصالحه بالطريقة اتي يراها.
سواكن ودانيال
ويري الكاتب والمحلل السياسي المصري محمد أبو الفضل أن “التقارب الحاصل في العلاقات بين مصر وتركيا لا يلغي التنافس فيما بينهما على ملفات المنطقة”.
وقال لوكالتنا “هناك ملفات إقليمية محل تنافس بين البلدين، ومصالح الطرفين متناقضة وكل دولة لها طموحات تسعى إلى تحقيقها بالطريقة التي تراها مناسبة”.
وأوضح “الأوضاع في ليبيا والسودان تمثلان محورا أساسيا في العلاقات بين أنقرة والقاهرة، خاصة بالنسبة للأخيرة التي تعتبر البلدين أمن قومي بالنسبة لها، لافتا إلي أن تركيا تراعي ذلك فحتي في ذروة مرحلة الخلافات لم تلجأ تركيا إلى التعدي مباشرة على المصالح المصرية في البلدين”.
وبحسب أبو الفضل فإن “المساعدات التي قدمتها مصر لشرق ليبيا علي خلفية كارثة إعصار دانيال تمثل جزء من حالة التنافس والصراع الإقليمي الحاصل بين البلدين،لافتا إلي أن سرعة القاهرة في تقديم العون والمساعدات لليبيين ربما خشية من تكرار سيناريو غرب ليبيا قبل سنوات، حيث بادرت تركيا بالتواجد العسكري ونشر المرتزقة وتوقيع اتفاقيات اقتصادية مع حكومة طرابلس”.
وأشار إلي أن “مصر هرعت مبكرا هذه المرة ولم تعلن أنها في صراع مع دولة أو سباق مع قوة إقليمية معينة”.
ويعتقد المحلل السياسي المصري أن “زيارة قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان إلى أنقرة قبل أيام قد تفتح الباب لخلاف مصري تركي جديد ، خاصة أن الرجل ذهب إلى تركيا بحثا عن مساعدات لم يحصل عليها من القاهرة، وبالتالي فقد تستغل تركيا هذا الموقف وتمنحه مساعدات مقابل وجود تركي في جزيرة سواكن بالبحر الأحمر وهو أمر إن حدث فقد يكون له تداعيات كبيرة على مسار التطبيع بين البلدين”.
وحذر أبو الفضل من أن “ما يواجهه البرهان من تداعيات الحرب يمكن أن يدفعه إلى مغازلة تركيا للحصول على دعم عسكري مقابل السماح بإحياء مشروع التواجد التركي في جزيرة سواكن وهو أمر قد يفتح الباب لمناوشات خفية بين القاهرة وأنقرة حول الملف السوداني”.

أيدلوجية أردوغان
بدوره يري د. أسامة السعيد الخبير في الشؤون التركية أنه “يجب أن ننظر للعلاقات المصرية التركية بمنظور واقعي، لافتا إلي ان علاقات البلدين قطعت شوطا كبيرا منذ بدء مباحثات التقارب في 2021 وصولا لرفع مستوي العلاقات الدبلوماسية منتصف 2023.”
وقال لوكالتنا ” ما تحقق في مسار العلاقات بين البلدين يعتبر تقدم كبير للغاية حيث تجاوز البلدين حالة التوتر والخلاف التي كانت قائمة منذ 2013 وانتقلت لمرحلة تطبيع العلاقات ودخولها في مسارها الطبيعي”.
وأشار السعيد إلي أنه “من عدم الواقعية أن نتصور أن هناك تماثلا أو تطابقا في الرؤية الخاصة بالبلدين تجاه قضايا المنطقة لأن مصر وتركيا قوتان اقليميتين كبيرتان ولكل منهما حساباته وتقديراته، لافتا إلي أن هذه الرؤية لا تتوافق بالضرورة وهناك اختلافات واضحة في التعاطي مع بعض الملفات”.
وحول التناقض بين البلدين، أكد الباحث أن “الرؤية التركية منذ تطبيع العلاقات كانت مغايرة للرؤية المصرية في أكثر من ملف ربما منها محاولات تركيا التدخل في الملف الفلسطيني وعقد لقاء بين الرئيس الفلسطيني وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي بحماس، وذلك رغم حساسية الملف الفلسطيني للقاهرة”.
وأكد السعيد أن “تدخل الطرف التركي على مدار تاريخه لم يقدم ما يخدم القضية الفلسطينية نظرا لانحيازه لطرف وتحركه من منطلق أيدلوجي فضلا عن عدم إدراك أنقرة لأبعاد القضية وتداعياتها وهو ما جعل الدور التركي سلبي في المف الفلسطيني”.
ويعتقد الباحث أن “التدخل التركي في الملف الفلسطيني أثار حفيظة دوائر عديدة في القاهرة نظرا لما تمثله القضية من أهمية واستراتيجية لمصر”.
إضافة إلي ذلك، يري السعيد أن “قيام الرئيس التركي بزيارة عدة دول عربية مثل السعودية والامارات وتجاهل مصر رغم وجود ترتيبات سابقة لهذه الزيارة قلل من فرص تعميق علاقات البلدين، لافتا في الوقت نفسه إلي أن هذا لا يدل على وجود خلافات بين الطرفين ولكن لو شملت الزيارة القاهرة لأضافت زخما كبيرا للعلاقات ولكن يبدو أن أنقرة كان لها حسابات أخري”.
وأشار الباحث إلي أن “الملف الليبي هو أحد نقاط الخلاف بين القاهرة وأنقرة خاصة أن المواقف التركية تجاه ليبيا لم تصل للمستوي المنشود من دوائر الحكم في القاهرة”.
كما اعتبر أن “أحد التناقضات والخلافات بين البلدين أيضا هو تعهد أردوغان مؤخرا بمنح معاملة تمييزية لبعض المقيمين بطريقة غير شرعية من عناصر جماعة الإخوان بتركيا، لافتا إلي هذه الأفعال الصغيرة وإن بدت غير فعالة أو مؤثرة في العلاقات بين البلدين ولكنها تؤكد أن السلوك التركي لم يصل بعد لحجم الإدراك لاستراتيجية العلاقة مع القاهرة، كما أن هناك بعض الأفعال تدل على تصور أيدلوجي أكثر منه تصور سياسي وبراجماتي لحزمة المصالح التي يمكن أن تتحقق من العلاقة بين القاهرة وأنقرة” .
وختم السعيد تصريحاته بالتأكيد” أن الكرة الآن في ملعب انقرة خاصة ان القاهرة قدمت الكثير من والصبر والحكمة في هذا الملف ولكن سياسة تركيا تجاه مصر دوما كان يعتريها الكثير من التناقض والتذبذب “.

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

بعد إلغاء زيارة السيسي..هل تعطل قطار التطبيع المصري التركي ؟

تحدثت تقارير صحفية عن إلغاء زيارة رسمية كان يفترض أن يقوم بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلي تركيا نهاية تموز الماضي وهو ما اعتبره البعض دليل على وجود ملفات عالقة تعرقل عودة التطبيع الكامل للعلاقات بين القاهرة وأنقرة…فهل فعلا تعطل قطار التطبيع المصري التركي أم أن الأمر مجرد فقاعات إعلامية ؟
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية الثلاثاء 4 تموز الماضي رفع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا إلى مستوى السفراء، وبعدها بأقل من 24 ساعة نقلت وسائل إعلام مصرية عن تقارير صحفية تركية تحديد موعد زيارة رسمية للسيسي إلي أنقرة.
وكانت صحيفة “إندبندنت التركية” قد أكدت في تقرير لها 5 تموز الماضي إن السيسي سيزور تركيا في 27 يوليو الجاري وسيلتقي نظيره التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة وسيبحثا معا العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية.
احتفاء مصري
ورغم عدم إعلان الرئاسة المصرية أو وزارة الخارجية عن موعد الزيارة ألا إن تناول وسائل الإعلام المصرية للخبر وتداوله بشكل كبير على مستوي الصحف والقنوات الرسمية بشكل كامل أوحي للجميع أن الإعلان التركي جاء بالتنسيق مع الجانب المصري.
كما نقلت وسائل إعلام روسية في 16 تموز الماضي تصريحات حصرية للسفير التركي الجديد بالقاهرة صالح موطلو كشف فيها عن تحديد موعد زيارة السيسي لأنقرة وأن اللقاء تم الاتفاق علي موعده بين حكومتي البلدين دون ان يعلن صراحة الموعد المحدد للزيارة .

زيارة أردوغان للقاهرة
تصريحات السفير التركي بالقاهرة، أكدها مصدر دبلوماسي مصري في تصريحات صحفية نشرتها وسائل إعلام مصرية”، كاشفا عن ترتيب زيارة رسمية للرئيس المصري إلى أنقرة تلبية لدعوة نظيره التركي، مضيفاً أن الموعد المحدد للقمة هو في 27 يوليو/تموز الحالي في العاصمة التركية أنقرة.
وأوضح الدبلوماسي المصري، وفق الصحيفة، أنه من المقرر أن يستتبع تلك القمة، زيارة سيقوم بها أردوغان للقاهرة، في الشهر التالي، ستستمر 3 أيام ستتخللها مجموعة من اللقاءات مع مسؤولين عرب.
إلغاء أم تأجيل
ومع مرور اليوم المحدد للزيارة 28 تموز دون سفر الرئيس المصري الذى تواجد في نفس التوقيت بمدينة ستراسبورج الروسية للمشاركة في القمة الروسية الأفريقية بدأ الحديث عن خلافات في وجهات النظر بين القاهرة وأنقرة حول عدد من الملفات ربما كانت السبب في تأجيل أو إلغاء الزيارة المرتقبة.
وبحسب مراقبون فإنه لا يمكن الحديث عن إلغاء زيارة السيسي لتركيا خاصة أنه لم يصدر بيان رسمي من الرئاسة المصرية بتحديد موعدها قبل ذلك، مشيرين في الوقت نفسه إلي وجود بعض الملفات العالقة التي لم يتم حسمها بين البلدين حتي الأن.
خلافات قائمة
ويري هاني الجمال الباحث في العلاقات الدولية أنه على الرغم من تسارع وتيرة التقارب المصري التركي وخاصة بعد إعادة انتخابات الرئاسة التركية واهتمام أردوغان بعودة العلاقات مع مصر بعد عشرة أعوام من الجفاء الدبلوماسي بينهما ومع تنامي هذه العلاقة والتحضير إلى قمة ثنائية وشيكة بين الطرفين إلا أن هناك أمور سياسية وعالمية قد ألقت بظلالها على موعد هذه القمة”.
وقال لوكالتنا ” إن من أهم الأمور التي عطلت زيارة الرئيس المصري لتركيا القمة الروسية الأفريقية والتي شارك فيها السيسي بقوة خاصة لما حملته هذه القمة من صياغة جديدة للتحالفات الدولية هذا بجانب اجتماع الفصائل الفلسطينية والتي اجتمعت في مدينة العلمين الجديدة وسبقتها زيارة خاطفة للرئيس الفلسطيني محمود عباس ابومازن مع إسماعيل هنية إلى تركيا لوضع نقاط محددة من أجل المصالحة الفلسطينية”.
وبحسب الباحث فإن “الملف الليبي هو أحد أهم الملفات الشائكة في العلاقة بين القاهرة وأنقرة، خاصة بشأن خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا ومن بينها الميليشيات الموالية لتركيا وجماعة الاخوان المسلمين في ليبيا وهو ما ترفضه أنقرة دون الحصول على عقود تنمية اقتصادية وضمان وضع جيد لحلفاءها ضمن مستقبل ليبيا”.
وأشار الباحث إلي أن ملف الغاز وانضمام تركيا لمنتدي غاز شرق المتوسط ضمن الملفات التي لم يتم التوافق حولها حتى الأن، خاصة أن المصالحة بين قبرص واليونان وتركيا لم تتم بالشكل الامثل وهو ما يعرقل التواجد التركي في المنتدى، فضلا عن أزمة الغاز الإسرائيلي وعبوره عبر الموانئ التركية على الرغم من الاتفاقيات المسبقة بين مصر وإسرائيل من أجل تسييل الغاز عبر موانئ دمياط.”
ويري الجمال أنه “على الرغم من هذه الأسباب التي قد تؤجل موعد الزيارة إلا أنها مسألة وقت لعقد القمة بين السيسي وأردوغان من أجل إيجاد رؤية مشتركة في حلحلة الأمور في هذه الملفات فضلا عن تفعيل التبادل التجاري عبر موانئ البحر المتوسط وتعزيز التعاون الصناعي والعسكري وخاصة في مجال صناعة المسيرات لما تمتله تركيا من هذه التكنولوجية وما تمتلكه مصر من مصانع حربية لها الخبرة الطويلة في صناعة الأسلحة”.
مباحثات لحل الخلافات
من جانبه، أكد د.أسامة السعيد الباحث في الشؤون التركية أنه “لم يكن هناك موعد رسمي معلن لزيارة السيسي لأنقرة، وبالتالي يصعب القول أن الزيارة تأجلت أو ألغيت لأنه لم يكن لها إطار زمني أو موعد معلن بشكل رسمي من مؤسسات الدولة المصرية”.
وقال لوكالتنا ” إن الحديث عن وجود تباينات أو خلافات حول بعض مسائل أمر طبيعي في أى علاقة دولية، لافتا إلي أن لدى مصر وتركيا الأطر الدبلوماسية لحسم هذه الخلافات أو على الأقل احترام المصالح المتبادلة لكل طرف من الطرفين”.
وأشار إلي أنه “إذا لم تكن الدولتين لديهم رغبة في استئناف العلاقات بشكل كامل لم يكونا لتقطعا هذه الخطوات التي تم اتخاذها خلال الفترة الماضية، خاصة بعد الوصول لرفع مستوي العلاقات الدبلوماسية لتبادل السفراء”
أزمة الميليشيات
ويري الباحث أن ” الميليشيات التركية في ليبيا أحد أهم نقاط الخلاف بين البلدين ، ومصر لديها موقف واضح من هذه المسألة قبل المصالحة وبعدها وسبق وأعلن وزير الخارجية المصري خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركي خلال زيارة الأخير للقاهرة أن مصر ترفض وجود هذه الميليشات على أرض ليبيا”، في حين أن تركيا تروج أن هذه القوات موجودة بطلب من الحكومة الليبية، لافتا إلي أن هذا الملف من أكثر الملفات التي تحظي بالنقاش بين البلدين ولكنها لم توقف المباحثات”.
وحول انزعاج مصر من الدور الذى تسعي تركيا للعبه في الملف الفلسطيني، ومدى إمكانية تأثير هذا على العلاقات بين مصر وتركيا، أكد الباحث أن “تركيا لديها رغبة قوية للقيام بدور في الملف الفلسطيني واستئناف عملية السلام بين الفلسطينين والإسرائلين رغم علمها بالأولوية التي تمثلها هذه القضية للسياسة الخارجية المصرية والأمن القومي المصري”.
وكشف الباحث أن لديه معلومات أن “أردوغان كان يسعي لترتيب لقاء بين الرئيس الفلسطيني أبو مازن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتيناهو الذى كان يفترض أن يزور أنقرة في نفس توقيت زيارة عباس ولكن منعته ظروفه الصحية، لافتا إلي أن أبو مازن اخبر تركيا أن مصر هي المرجعية الرئيسية للملف الفلسطيني”.
وأشار إلي أن “مصر نفسها منفتحة على أى جهود تقوم بها أى دولة في الملف الفلسطيني ولم تزعم يوما ما أنها تحتكر الملف الفلسطيني وسبق أن رحبت بجهود الجزائر والسعودية وعواصم أخري في هذا الملف”.
وأكد إن “ما يزعج القاهرة هو محاولة استقطاب بعض الفصائل للقيام بأدوار تضر بالقضية الفلسطينية لانه يفسد جهودا كبيرة تقوم بها”.

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

Exit mobile version