اعتقال نتنياهو وقادة الاحتلال..هل يمكن أن تفعلها الجنائية الدولية ؟

كثر الحديث خلال الأيام القليلة الماضية عن احتمالية صدور قرار من المحكمة الجنائية الدولية باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبار قادة دولة الاحتلال بسبب الحرب على غزة.
وتحدثت تقارير صحفية أن المحكمة الجنائية الدولية تستعد لإصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار، بينهم نتنياهو، بتهم تتعلق بالحرب المتواصلة على قطاع غزة لليوم الـ206 على التوالي وأسفرت عن مقتل أكثر من 34 ألف شخص.
ونقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن مصادر لم تسمها، أن نتنياهو “خائف ومتوتر بشكل غير عادي” من احتمال صدور مذكرة دولية باعتقاله.

ما التهم التي ستوجه للإسرائيليين؟
وفي حال كانت المحكمة تعمل على هذا الأمر، فمن المحتمل أن يتم اتهام المسؤولين الإسرائيليين بمنع إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة واتباع رد شديد القسوة على الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفقا لمسؤولين إسرائيليين تحدثوا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
وقال المسؤولون الإسرائيليون، الذين يشعرون بالقلق من التداعيات المحتملة لمثل هذه القضية، إنهم يعتقدون أن نتنياهو من بين الأشخاص الذين قد يتم ذكر أسمائهم في مذكرة الاعتقال.
يُشار إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تقوم بالتحقيق في تصرفات إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة، بشكل مستقل عن القضايا الأخرى في محكمة العدل الدولية، مثل الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا حول “الإبادة الجماعية في غزة”.
لكن هل تستطيع المحكمة الجنائية اعتقال نتنياهو؟
“الجنائية الدولية”، ومقرها في لاهاي، هي المحكمة الدولية الدائمة الوحيدة في العالم التي تتمتع بسلطة محاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
وليس لدى المحكمة قوة شرطة خاصة بها. وبدلا من ذلك، تعتمد على أعضائها البالغ عددهم 124، والتي تشمل معظم الدول الأوروبية ولكن ليس إسرائيل أو الولايات المتحدة، لاعتقال الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في مذكرات الاعتقال.
كما لا يمكنها محاكمة المتهمين غيابيا.
وأي أوامر اعتقال ستتطلب موافقة لجنة من القضاة ولن تؤدي بالضرورة إلى محاكمة أو حتى اعتقال فوري للأهداف.

تأثير المذكرة
لم يكشف المسؤولون الإسرائيليون عن طبيعة المعلومات التي دفعتهم إلى القلق بشأن احتمال صدور مذكرة عن المحكمة الجنائية الدولية التي لم تعلق هي الأخرى على الأمر.
غير أنه من المحتمل أن يُنظر إلى أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة في معظم أنحاء العالم على أنها توبيخ أخلاقي مهين، خاصة لإسرائيل، التي واجهت منذ أشهر ردود فعل دولية عنيفة بسبب سلوكها في غزة، بما في ذلك من الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي وصفها بأنها “تجاوزت الحدود”.
ويمكن أن يؤثر ذلك أيضا على سياسات إسرائيل في الوقت الذي تضغط فيه البلاد بشأن حربها في غزة.
كما يمكن لأوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة أن تشكل عقبات أمام سفر المسؤولين المذكورين فيها.
وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين للصحيفة الأمريكية، إن إمكانية إصدار المحكمة مذكرات اعتقال قد تم إيصالها إلى صناع القرار في تل أبيب، خلال الأسابيع الأخيرة، لكنهم لا يعرفون المرحلة التي وصلت إليها العملية.
وسبق أن أكد كريم خان، المدعي العام للمحكمة، أن فريقه يحقق في حوادث وقعت خلال الحرب.

نتنياهو يعلق
وفي تعليق له، قال نتنياهو “تحت قيادتي، لن تقبل إسرائيل أبدا أي محاولة من جانب المحكمة الجنائية الدولية لتقويض حقها الأصيل في الدفاع عن النفس. إن هذا التهديد بالاعتقال أمر مثير للغضب”.
هل يمكن لأمريكا أن تتدخل؟
وفق وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الولايات المتحدة هي جزء من جهد دبلوماسي أخير لمنع المحكمة الجنائية الدولية من إصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين.
في موقع “والا” الإخباري، كتب المحلل بن كاسبيت أن نتنياهو “تحت ضغط غير عادي” بشأن احتمال صدور مذكرة اعتقال ضده وضد إسرائيليين آخرين، الأمر الذي سيكون بمثابة تدهور كبير في مكانة إسرائيل الدولية.
وحسب المحلل، يقود نتنياهو “حملة متواصلة عبر الهاتف” لمنع صدور مذكرة اعتقال، مع التركيز بشكل خاص على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
والولايات المتحدة، مثل إسرائيل، ليست من بين 124 دولة وقعت على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

هل عززت حرب غزة فرصة الأردن في قيادة العرب ؟

بقلم/ د.دانييلا القرعان

بلغة بسيطة، بعيداً عن الإنشاء والبلاغة، تلتقي القيادة الرسمية مع الإرادة الشعبية في الأردن، فالأردن قيادة وحكومة وشعباً وقفا ويقفا دائماً مع الحق العربي أينما كان، ويتجلى ذلك في جميع القضايا التي تهدد وجود الأمة العربية والتي على رأسها الصراع العربي الإسرائيلي المتمثل بالقضية الفلسطينية، ويعتبر الأردن من أكثر الدول تأثراً بهذه القضية بسبب وحدة الجغرافيا والتاريخ والمصير، إضافة لمسؤولياته المناطة بالرعاية الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، هذا الموقف الموحد للقيادة والحكومة والشعب عبرت عنه رؤى جلالة الملك عبد الله الثاني في كافة المحافل الدولية والإقليمية ودعمها ونصرها الشعب الأردني بكل توجهاته وأطيافه وخاصة منذ اليوم الأول للحرب الأخيرة على غزة، والتي صادفت في 7 من أكتوبر لعام 2023 والتي تتمثل بضرورة وقف الحرب أولاً والكشف عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي تصنف على أنها “جرائم حرب”.

وقد لفت رئيس الوزراء الأردني دولة بشر الخصاونة في تصريح له أمام مجلس النواب من فترة قريبة الى هذا التوجه حيث قال أنه لا توجد خطوط فاصلة بين الموقف الرسمي والموقف الشعبي في الأردن فيما يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بسيادة غير منقوصة على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، فالحل السياسي الذي يتمسك به الأردن على الدوام هو حل الدولتين، والتفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الرسمي والوحيد عن الشعب الفلسطيني.

الموقف الأردني

وبالتالي، فإن الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في معركة طوفان الأقصى يتجلى بأنه الأكثر اتزاناً، فالدعوة إلى وقف التصعيد تعد خطاباً مقبولاً لدى الشارع الأردني كما هو لدى المجتمع الدولي على حد سواء، وقد أكد الشارع الأردني بعفويته الصادقة على أهمية بناء حالة وطنية مشتركة في توحيد الموقف الوطني من دعم المقاومة الفلسطينية من قبل كافة الأحزاب والنقابات والعشائر الأردنية، وقد قدمت الحكومة الأردنية دعمها اللامتناهي تجاه أهل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الى أبعد الحدود، والذي يتمثل بوجود مستشفى عسكري ميداني أردني في غزة، ويعد أول مستشفى عربي يتم إنشائه بتوجيهات ملكية سامية منذ العدوان الأول الواسع على قطاع غزة والذي بدأ في السبع والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) عام 2008 واستمر 23 يوما حتى الثامن عشر من كانون الثاني (يناير) من عام 2009، وبعد انتهاء العدوان بنحو 10 أيام، بدأ المستشفى عمله في غزة كأول مستشفى عربي في القطاع. وتشرف الحكومة الأردنية أيضا على جمع التبرعات وترسل المساعدات عبر هيئة إغاثة ملكية بمستوى رفيع ذات موثوقية من خلال الشقيقة مصر لإدخالها عبر معبر رفح.

كما تقوم على الصعيد السياسي بحشد الطاقات والجهود بالتنسيق مع الأشقاء والأصدقاء للعمل على وقف إطلاق النار وترتيب ممرات إنسانية لعبور المساعدات وخروج الجرحى للعلاج، وهذا الأمر جعل المواطن الأردني يشعر بارتياح كبير فيما يتعلق بموقف دولته الثابت تجاه القضية الفلسطينية التي لا تتوانى بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في مختلف المحافل الدولية، ونؤكد هنا على أن حالة الانسجام بين الموقف الرسمي والشعبي منحت صناع القرار وهي مؤسسة العرش كذلك ارتياحاً أكبر ومساحة أوسع كي تنشط بالعمل السياسي، وبالوقت نفسه، منحت القاعدة الشعبية الحرية المطلقة في التعبير عن الرأي المتمثل السماح في تنظيم المسيرات والمظاهرات والوقفات اليومية في الساحات العامة وأمام السفارات والممثليات الدولية سواء في العاصمة الأردنية أو باقي المحافظات الأخرى.

تحركات دبلوماسية

كما أتت مشاركة الأردن في مؤتمر القاهرة للسلام، ومؤتمر القمة العربية الإسلامية المنعقدتين في الرياض في الحادي عشر من نوفمبر لترسخ هذا التلاحم بين القيادة والشعب، وقد أجمع الجميع على أن كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم وضعت الأصبع على الجرح حيث أشار جلالته الى جهود الأردن في وقف العدوان وفي دعم الأهل، ولعل جزئية المهام التي يقوم بها المستشفى الميداني العسكري العامل في غزة وإصرار الأردن باستمراره في تقديم خدمات الرعاية الصحية للأهل وتوصيل المساعدات واللوازم الطبية والاحتياجات بشتى الطرق بما فيها طريقة الإنزال المظلي عبر طائرات سلاح الجو الملكي الأردني لخير دليل على هذه الجهود التي تتم على أرض الواقع بعيداً عن الشعارات والخطابات، ولعل اخر الجهود الميدانية تبرع جلالة الملك من فترة أيام فقط بحاضنات للأطفال لبعض مستشفيات غزة حيث ينم هذا على شعور القيادة الأردنية بخطورة الوضع الصحي لأطفال غزة على وجه التحديد.

مجددا يؤكد جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم أن ما يتفوه به هو بلسان أردني هاشمي عروبي، ويكرر جلالته بكل صلابة أن الأردن كان وسيبقى الداعم الأول والناصر للقضية الفلسطينية، وهو صمام الأمان لتأسيس دولة فلسطينية حرة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وأن الحل السياسي دائما هو ما يفضي الى نتيجة. بحث وقف الحرب على غزة، والأحداث الخطيرة في الأراضي الفلسطينية، والمطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار، وتوفير الممرات الإنسانية، والإفراج عن الرهائن، وحفظ الأرواح، وفشل مجلس الأمن والمجتمع الدولي في مواجهة خرق القانون الدولي وازدواجية المعايير، سببا لانعقاد القمة العربية الإسلامية في الرياض، ومؤتمر القاهرة للسلام والتي يشارك فيها قادة الدول وزعمائها. جلالة الملك يبهرنا دائما في خطاباته التي يلقيها في كل المحافل الدولية والإقليمية أنها تأتي بالصميم، لكن خطابة اليوم أمام زعماء الدول العربية والإسلامية في كل المحافل الدولية والاقليمية كان ذات طابع خاص ويتماز بأهمية عباراته المبطنة التي تحمل في ثناياها الكثير من الكلام والرسائل.

تصريحات ملكية

“منطقتنا العربية قد تصل الى صدام كبير يدفع ثمنه الأبرياء من الجانبين وتطال نتائجه للعالم كله، إذا لم يتم وقف الحرب البشعة الدائرة الآن في قطاع غزة تحديدا”، بهذه العبارة التي تحمل في كل كلمة منها الكثير من الألفاظ والرسائل يفتتح جلالة الملك حديثه في كل مكان، ويركز الى أن العالم أجمع قد يصل الى صدام كبير لا ينتهي إذا لم يكن هناك مساعي حقيقية لوقف صنبور الدم في قطاع غزة.

سبعة عقود والشعب الفلسطيني يعيش مأساة حقيقية لا تتوقف، قتل وتهجير واستيلاء ومجازر جماعية وجدران العزل وهدم للبنية التحتية، وطمس للهوية الفلسطينية، والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وعلى الحقوق المشروعة، وسياسية التهجير لسكان الضفة الغربية وقطع غزة، كل ذلك وما يحدث الآن ليس وليد اللحظة أو بمحض الصدفة وإنما هو امتداد لسبعة عقود عاشها الشعب الفلسطيني يوما بيوم بكوارث إنسانية ووحشية غالبية ضحاياها المدنيون الأبرياء. هذا الحديث كان امتدادا لأمر في غاية الأهمية والخطورة عندما تحدث جلالة الملك عن ” عقلية القلعة ” ويقصد بها جلالته العقلية الإسرائيلية التي تريد تحويل غزة الى مكان غير قابل للحياة، وهذه العقلية ” عقلية القلعة” هي امتداد لسبعة عقود مارس فيها الاحتلال الإسرائيلي بهذه العقلية الوحشية أبشع الجرائم والتي ترتقي الى جرائم حرب، ويريد بهذه العقلية التي يتبناها ويفكر بها الاحتلال الإسرائيلي الى تحويل غزة وهو الهدف المحدد له الآن الى جحيم لا يطاق، من حيث استهداف المساجد والكنائس والمستشفيات، وقتل الأبرياء المدنيين والأطباء وفرق الإنقاذ والإغاثة، وحتى الأطفال والشيوخ والنساء.

” عقلية القلعة” كما اسماها جلالة الملك عقلية لا تريد السلام ولا وقف نزيف الدماء، وهذه العقلية التي مارس من خلالها الاحتلال كل ما يتجاوز ويخالف القانون الدولي الإنساني والمنظمات الدولية وحقوق الانسان والتي ترتقي الى جرائم حرب يجب ان يحاسب عليها.

جلالته في كل خطاباته التي تكون أساسها القضية الفلسطينية يتحدث عن حل الدولتين وهو السبيل الأمثل لإحلال السلام، ودائما يوجه جلالته تساءل مهما لكال العالم تزامنا مع حرب 7 أكتوبر على قطاع غزة، هل كان على العالم أن ينتظر هذه المأساة الإنسانية المؤلمة والدمار الرهيب حتى يدرك أن السلام العادل الذي يمنح الاشقاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة على أساس حل الدولتين هو السبيل الوحيد للاستقرار والخروج من مشاهد القتل والعنف المستمرة من عقود؟ بهذا التساؤل لخص جلالته أهم المرتكزات التي يجب الاهتمام بها للوصول الى حل عادل وشامل لكلا الطرفين وهو حل الدولتين، غير ذلك ستبقى الأمور وتزيد تصعيدا دمويا أكثر من الآن.

جلالة الملك المعظم لم يتوانى للحظة عن اتهام المجتمع الدولي بالتقصير والفشل في انصاف الشعب الفلسطيني ونيله لحقوقه المشروعة، وفشلهم في ضمان حقوق الفلسطينيين في الكرامة وتقرير المصير وقيام دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وكأن جلالته يلقي اللوم والتقصير على كل الزعماء والقادة الذين يقودان المجتمع الدولي في تحديد مصير الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع إبادة جماعية على مر التاريخ. جلالته يؤكد أنه لا يمكن السكوت على ما يواجه قطاع غزة من أوضاع كارثية تخنق الحياة وتمنع وصول العلاج، بل أكد جلالته أيضا أن تبقى الممرات الإنسانية مستدامة وآمنة، وشدد على انه لا يمكن القبول بمنع الغذاء والدواء والمياه والكهرباء عن أهل غزة، فهذا السلوك هو جريمة حرب يجب ان يدينها كل العالم، وتحدث جلالته عن الدور الأردني في ارسال المساعدات الإنسانية للأشقاء الفلسطينيين بكل الوسائل الممكنة.

لقد كان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن غزة انتصارا للقيم الإنسانية، وانحيازا للحق في الحياة والسلام، وإجماعا عالميا برفض الحرب، وهو قرار جاء بجهد عربي مشترك، وهذا القرار يجب أن يكون خطوة أولى لنعمل معا لبناء تحالف سياسي لوقف الحرب والتهجير أولا وفورا، والبدء بعملية جادة للسلام في الشرق الأوسط وعدم السماح بإعاقتها تحت أي ظرف، وإلا فإن البديل هو التطرف والكراهية والمزيد من المآسي، وتحدث جلالته على أن قيم الإسلام والمسيحية واليهودية وقيمنا الإنسانية المشتركة لا تقبل قتل المدنيين أو الوحشية التي تمثلت أمام العالم خلال الأسابيع الماضية من قتل ودمار. ولا يمكن أن نقبل أن تتحول قضيتنا الشرعية العادلة إلى بؤرة تشعل الصراع بين الأديان. ونقول للعالم كله، ولكل مؤمن بالسلام وبكرامة البشر مهما كان دينهم أو عرقهم أو لغتهم، إن العالم سيدفع ثمن الفشل في حل القضية الفلسطينية، ومعالجة المشكلة من جذورها.

حماس والأنظمة العربية

 سأتحدث هنا في نقطة مهمة، للأسف بعض الأنظمة العربية تقدم خلافها مع “حماس” على موقفها من الحرب على قطاع غزة، وهذا خطأ استراتيجي؛ لأن القاعدة تقول أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً أولاً ثم لاحقاً أعمل جاهدا على حل خلافك مع حماس “إن وجد” ضمن البيت الواحد. لذلك إذا كنا اليوم تتفق أو تختلف مع حماس فهذه هي السياسة، لكن عليك اليوم أن تقدم مصلحة الأمة على مصلحتك الداخلية وأن ترتقي بخلافاتك مع الأخرين بحسب الأوليات. أغلبية الشعوب العربية اليوم يهمها أمر المقاومة بغض النظر عن مصدرها، فهي تقف مع حماس حين تقاوم العدو الصهيوني، ولا تقف معها حين تختلف مع فصيل آخر يشبهها، وتقف مع حزب الله حين يقاوم العدو الصهيوني في الجنوب، ولا تقف معه إذا تدخل في حرب جانبية أخرى، وهكذا. الحل الآن تكاتف الجهود لوقف الحرب على غزة حالاً وإنقاذ الابرياء، أما باقي الأمور يمكن أن تحل لاحقاً بروية ضمن اللعبة السياسية.

باختصار، إن معركة طوفان الأقصى أحيت القضية الفلسطينية من جديد، وجعلتها تحتل الصدارة مرة أخرى لدى المجتمع الدولي، وبغض النظر عن الخلافات العربية العربية، أو العربية الإسرائيلية، فهي أعطت زخماً عربياً جديداً لإحياء مبادرة السلام العربية وجهود القيادة الهاشمية في إقامة السلام الدائم والعادل في منطقة الشرق الأوسط.

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

Exit mobile version