معارك وحشية ومستقبل غامض..ماذا ينتظر السودان بعد 100 يوم من الحرب ؟

ربما لم يكن أكثر المتشائمين بالسودان يتوقع أن تشهد بلادهم حربا بين قوات الجيش وحليفتها قوات الدعم السريع، وحتي من توقع الحرب لم يكن يتخيل أن تستمر المواجهات العسكرية قرابة 100 يوم.
أيام معدودة تفصل الصراع في السودان عن بلوغ الـ100 يوم لم تتوقف فيها المواجهات سوي ساعات قليلة خلال هدن بوساطات دولية سرعان ما انتهكها أطراف الصراع.
حرب وحشية
وكان وزير الصحة السوداني محمد إبراهيم، قال الشهر الماضي، إن الصراع أسفر عن مقتل ما يزيد على ثلاثة آلاف شخص وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين، محذراً من أن الحصيلة الحقيقية يرجح لها أن تكون أعلى من ذلك بكثير، علاوة على ذلك، نزح أكثر من مليون وتسع مئة ألف شخص من منازلهم.
ووصف مسؤولون دوليون الوضع بالسودان بأنه مأساوي بدرجة كبيرة، واعتبر مارتن غريفيث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن السودان يخوض حرباً أهلية من أكثر الحروب ضراوة ووحشية نظرا لكونها غير قاصرة على مكان واحد، إنها تنتشر، مثل الفيروس وتهدد الدولة نفسها بحسب وصفه”.
كما وصف المسؤول الأممي السودان بأنه أصعب مكان في العالم بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني من حيث الوصول، محذراً من أن الأزمة ستتفاقم مع اتساع رقعة القتال ليشمل مناطق جديدة.
ويشهد السودان منذ منتصف إبريل الماضي عمليات عسكرية وصراع مسلح بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحليفه ونائبه السابق في مجلس السياد محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي قائد قوات الدعم السريع.
ومنذ إندلاع الصراع، تم الإتفاق على ما لا يقل عن عشرة اتفاقات لوقف إطلاق نار مؤقت برعاية السعودية والولاات المتحدة، لكنها جميعاً باءت بالفشل واتهمت الرياض وواشنطن الجانبين بعدم احترام الاتفاقات.
وبحسب مراقبون فإن الصراع في السودان دخل مرحلة المعركة الصفرية حيث لا مجال لتوقف الحرب دون انتصار طرف على طرف مهما كانت الخسائر وحجم الضحايا وهو ما يتضح من تصريحات الجانبين.
مستقبل ضبابي
ويري الباحث السياسي السوداني سليمان السباعي أنه “في ظل إقتراب الحرب من 100 يوم أصبح الوضع في البلاد ضبابي خاصة مع استمرار الصراع في العاصمة الخرطوم وولاية جنوب كردفان مدينة الأبيض بالتحديد، كما تتواصل المعارك في منطقة دارفور حيث تشهد مدينة الفاشر عمليات عسكرية واسعة بين الكر والفر بين طرفي الصراع، لافتا إلي أن كل هذه الأحداث تعطي مؤشرات إلى طول أمد الحرب وهو ما يجعل مستقبل السودان أكثر ضبابية”.
وقال الباحث لوكالتنا “إن أحد أسباب طول الصراع يتمثل في رؤية الجيش السوداني أن الحل الوحيد للأزمة هو مواصلة العمليات العسكرية حتى القضاء على آخر متمرد في البلاد، وهذا ما يؤيده معظم السودانيين نتيجة ما قامت به مليشيات الدعم السريع من سلب ونهب وتهجير وانتهاك لحرمات المنازل”.
ويشير الباحث إلي أن “ميليشيات الدعم السريع تقول أنها تريد جلب الديمقراطية للشعب السوداني وأن تخلص السودان من فلول النظام السابق”.
دور المجتمع الدولي
ويعتقد السباعي أن أزمة السودان تمثل فشل جديد للمجتمع الدولي الذى لم ينجح حتي الأن في إقناع طرفي الصراع بوقف الحرب وتحكيم صوت المنطق بديل لصوت السلاح، لافتا إلي أن المجتمع الدولي ربما لا يملك الرغبة والجدية الكافية لحل الأزمة وربما تكون الدول الكبري مستفيدة من استمرار الصراع”.
ويشير إلي أن “المجتمع الدولي ربما يدير الأزمات بالمنطقة ولا يسعي لحلها كما نري في سوريا وليبيا واليمن، معتبرا أن الفشل الدولي في وقف الصراع المسلح يؤكد أن نهاية الحرب في السودان لن تكون بغير نهاية أحد طرفي الصراع”
وحول دعوة البرهان الشعب لحمل السلاح، يري السباعي أن “دعوة البرهان للشباب للإلتحاق بالجيش من أجل تدريبهم على كيفية استخدام السلاح من أجل الدفاع عن النفس وحماية الممتلكات”.
سيناريوهات الصراع
من جانبه، يري هاني الجمل الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية أن الحرب في السودان أظهرت عدة عوامل سلبية في البنية المجتمعية أهمها اتساع دائرة الحرب وعدم حسم اي طرف من طرفي الصراع لهذه الحرب وهو ما كشف أن القوة العسكرية الرسمية المتمثلة في الجيش السوداني بقيادة برهان وقوات الدعم بقيادة حميدتي في حالة توازي لحد بعيد وذلك طبقا للبيانات الصادرة من كل طرف فضلا عن هذه الحرب هي الاولي التي تدور داخل العاصمة الخرطوم ومدنها الثلاث مما يؤدي الي تطور الصراع ليأخذ الشكل القبلي.
وقال لوكالتنا “باتت هذه الحرب مفتوحة على كل الاحتمالات وبخاصة في ظل ما يكتنف الموقف العسكري على الأرض من غموض، لافتا إلي أنه “وبغض النظر عن الأسباب المباشرة للحرب إلا أن هذه الحرب لا يمكن فهمها بمعزل عن جملة الإشكاليات الكبرى التي عانى منها السودان في مرحلة ما بعد الاستقلال ومنها تعثر عملية بناء الدولة الوطنية الحديثة حيث أخفقت نخب ما بعد الاستقلال في بناء دولة وطنية تستند إلى أسس ومبادئ المواطنة وتكون قادرة على استيعاب التعددية المجتمعية والعرقية والقبلية وتحويلها إلى مصدر قوة وهو ما قد يؤدي لإطالة أمد الحرب لعدة سنوات وذلك لأن الحروب الداخلية عادة ما تستدعي التدخلات الخارجية سواء من قبل دول أو فاعلين مسلحين وهو ما قد يخلق حلفاء لكل طرف ضد الآخر”.
وتمني الباحث أن تنجح الجهود المصرية في تحقيق أى تقدم نحو إنهاء الصراع خاصة أن ” حملت علي عاتقها استقبال اللاجئين السودانين ومحاولة تهدئة الأمور من خلال التدخل لدي كل طرف أو من خلال المبادرة المصرية القطرية كطوق نجاة لهذه الازمة التي تحولت الي كرة الثلج”.
ويعتقد الجمل أن “هناك عدة سيناريوهات لمستقبل الحرب في السودان وهي حسم الحرب لصالح أحد الطرفين أو قبول الطرفين بوقف دائم لإطلاق النار والانخراط في مفاوضات مباشرة عبر الوسطاء أو استمرار الحرب بشكل متقطع حسب التدخلات الاقليمية والدولية أو للآسف الانزلاق إلى حرب أهلية تساهم في تقسيم السودان وبالتالي تكون مصدر خطر علي العمق الاستراتيجي لدول الجوار”.

بعد 3 شهور من الحرب..ماذا ينتظر السودان من صراع الجنرالات ؟

مع اندلاع الصراع السوداني منتصف أبريل الماضي، كانت التوقعات تشير إلي أنها مجرد خلافات بين حلفاء سرعان ما ستنتهي بتدخل القوي الإقليمية ودول الجوار، ولكن مرت الأيام ودخلت الحرب شهرها الثالث دون أفق واضح أو بادرة أمل في نهاية قريبة بل ربما كل المؤشرات تقود إلي توقعات متشائمة تنتظر السودان وشعبها مع استمرار الحرب..فإلي أين تتجه الأحداث بالسودان خلال الفترة المقبلة ؟
وبحسب تقارير صحفية فقد تسبّب النزاع الذي تفجر في 15 أبريل الماضي، بمقتل أكثر من 2000 شخص، وفق آخر أرقام مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أن الأعداد الفعليّة قد تكون أعلى بكثير، حسب وكالات إغاثة ومنظّمات دوليّة.
كذلك دفعت المعارك أكثر من 2,2 مليون شخص إلى النزوح، لجأ أكثر من 528 ألفا منهم إلى دول الجوار، وفق المنظمة الدولية للهجرة.
.وفي سياق متصل، أكدت الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، الأحد 18 مايو/ آيار ، أن نحو نصف سكان السودان يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية.
وأضافت الآلية في بيان نشرته البعثة الأممية في السودان أن من الضروري إيصال المساعدات إلى ملايين المحتاجين مع دخول الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع شهره الثالث.
كما أوضحت أن نحو 1.7 مليون شخص نزحوا داخل السودان، بينما لجأ ما يقرب من نصف مليون شخص إلى البلدان المجاورة، مشيرة إلى أن “العدد المتزايد من الضحايا والمصابين إلى جانب الدمار الواسع النطاق للممتلكات وسبل العيش أمر مقلق للغاية”.
وبحسب مراقبون، فإن الأوضاع في السودان ربما تسير نحو أوضاع أكثر مأساوية مع دخول الحرب الشهر الثالث ووجود احتمالية كبيرة لعدم وجود نهاية قريبة للصراع.
ويري رامي زهدي الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية أن الأزمة السودانية مع دخولها الشهر الثالث تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، معتبرا أن المرحلة الأصعب لم تأت بعد.
وقال زهدي : “المشكلة أن هناك فصل بين الصراع العسكري والأزمة الإنسانية وكأن كلاهما لا يرتبطان بالأخر، مشيرا إلي أن الأزمة الإنسانية تزداد سوءا بمرور الأيام، وحتى العائلات والأفراد الذىن حافظوا على تماسكهم خلال الفترة الماضية لم يعد بقدرتهم التماسك بعد هذه المدة، كما إن إمكانيات اللجوء والنزوح والفرار لم تعد متاحة بنفس القدر كما كان فى السابق”.

طول آمد الصراع
ويري الباحث “أن طول أمد الصراع يهدد الدولة السودانية والشعب السوداني فضلا عن أكثر من 20 دولة أخري” .
وأوضح: “طول أمد الصراع يمثل مزيد من الاستنزاف للإمكانيات والقدرات السودانية التي هي في الأساس منهكة وضعيقة وتعاني عبر سنوات طويلة، كما يمثل استنزاف للشعب وطاقاته وصبره وإمكانياته، كما تمثل استنزاف لطاقة وإمكانيات الدول المجاورة التي تعاني من الأزمة بالسودان، لافتا إلي أن هناك أكثر من 7 دول جوار، وأكثر من 17 دولة أخري لها علاقات تجارية وإقتصادية مع السودان تتاُثر بالحرب بشكل مباشر وغير مباشر”.
ويعتقد الباحث” أنه مع مرور الوقت، وانشغال العالم بصراعات أخري ربما يقل الاهتمام بالأزمة السودانية، خاصة أن كل الهدنات التي تم الاتفاق عليها لم يتم الإلتزام بها، ولا يوجد بارقة أمل فى تراجع أحد الطرفين”.
وبحسب زهدي فإن “أحد أهم أسباب الأزمة أن كلا الطرفين يريد إطالة الحرب، فالدعم السريع تعتبر أن طول المعركة إنتصارا لها، والجيش السوداني يري أنه يحتاج بعض الوقت للقصاء نهائيا على قوات الدعم السريع وإلحاق الهزيمة بها”.
ويضيف الباحث ” المشكلة أيضا أن الجهود الدولية لحل الأزمة مثل التحركات السعودية والأمريكية لا تتحدث عن حل سياسي شامل ولكنها تبحث فرص تهدئة أو تقليل الأعمال العدائية وفتح ممرات آمنة للمدنيين فقط، لافتا إلي أن كلا الطرفين يستخدم هذه الهدنات كمرحلة استعداد لاستئناف المعارك مرة أخري”.

مزيد من التعقيد
وحذر الباحث من “إن الأزمة السودانية تتجه لمرحلة جديدة من التعقيد خاصة بعد مقتل والي دارفور معتبرا ان تلك الحادثة تنذر بدخول البلاد فى مرحلة صراعات عرقية وقبلية وهي مرحلة لو بدأت فإن دائرة الصراع لن تنتهي، نظرا لما تمتلكه هذه القبائل والعشائر والقوميات من قوة وسلاح وتمركز على الأرض ولن تتوقف هذه الحروب خاصة أن هذه القوميات والقبائل لا تمتلك إطار تفاوضي أو سياسي ولا تجيد سوي القتال العسكري.
ويري “أن دخول هذه القبائل والعشائر فى الصراع قد يقود بالسودان لمرحلة لا تحمد عقباها خاصة أنها خلال الفترة الماضية كانت تلتزم الحياد ولم تدعم أيا من الطرفين”.

الحل مازال ممكنا
ويؤمن زهدي أن “الحل مازال ممكنا ولكن لابد من تدخل القوي المدنية والشعبية السودانية بدعم دولي كطرف مؤثر فى حسم الصراع للوصول لمرحلة وقف الصراع بشكل كامل أولا ثم خروج الأطراف المتصارعة كأشخاص من المشهد السياسي، والحفاظ على قوام المؤسسة العسكرية كأحد مؤسسات الدولة الرسمية على أن يكون الدعم السريع جزء من هذه المؤسسة”.
وشدد الباحث على أنه “لابد من حل سياسي متكامل ومشاركة أطراف أخري فى الوصول لهذه الحلول كأطراف عن القوي المدنية وممثلين عن الشعب السوداني والنقابات المهنية، مشيرا إلي أن الفصل بين القوات المتصارعة والشعب لا تعطي أى أمل في الوصول للحل”.

المستفيد من الحرب
وبحسب زهدي فإن “المستفيد الأكبر من إطالة أمد الصراع داخليا هو الدعم السريع الذى يدرك قياداته أنها لن تستطيع هزيمة الجيش ولكنه يسعي لحرب طويلة للحصول على فرص تفاوضية تمنحه وضع أفضل” .
ويؤكد خبير الشؤون الأفريقية أن “هناك دور إقليمي ودولي وراء استمرار الصراع بالسودان، وهناك دول من مصلحتها بقاء الوضع الحالي دون حل وأن يبقي السودان جسد مريض لا يموت ولا يتعافي.
واعتبر أن “هناك دول تمارس سياسات غير شريفة تجاه السودان وتحاول استغلال ثرواته والسيطرة عليها استراتيجيا وعسكريا أو تقسيمها وإقامة قواعد عسكرية بها بسبب أن السودان تطل على منطقة البحر الأحمر التي وصفها بأخطر منطقة فى العالم وبالتالي قيام الصراع من الأساس واستمراره تقف وراءه أطراف خارجية وهناك مصالح مختلفة لدول مختلفة في المنطقة مشددا على أن القوي المتحاربة مجرد أدوات بيد تلك الأطراف”.

“الشمس نيوز” بقلب الخرطوم..ماذا فعلت حرب الجنرالات في السودان وشعبها ؟

الخرطوم/ سليمان السباعي

في الخامس عشر من أبريل اندلعت حرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع الكثير تنبأ بانتهاء الحرب في زمن وجيز، البعض قال أسبوع وسوف تنتهي هذه الحرب، والآخر أكد انها مسألة ايام فقط وتنتهي و نحن الآن ندخل على شهرها الثالث.
حتى الآن خلفت هذه الحرب خسائر بشرية و مادية وجعلت الكثيرين يخرجون من العاصمة الخرطوم البعض اتجه إلى ولايات السودان المختلفة، والبعض الاخر هاجر إلى خارج السودان، منهم من ذهب إلى دولة مصر الشقيقة، ومنهم من ذهب إلى الإمارات العربية المتحدة، ومنهم من اختار المملكة العربية السعودية تاركين بيوتهم وممتلكاتهم.

دمار فى كل مكان
من أكثر المناطق التي شهدت اشتباكات عنيفة منذ اندلاع الحرب هي منطقة الخرطوم، والخرطوم بحري التي شهدت اشتباكات عنيفة جدا، ودمار طال الأسواق ومنازل المواطنين، وتليهم منطقة أم درمان التي أيضا شهدت نهب ودمار اكبر الأسواق فيها سوق أمدرمان وسوق ليبيا اللذان تعرضا للنهب والدمار.
في بحري طال الدمار المحطة الوسطى التي بها سوق بحري وتم حرقه بالكامل وهو كان من أهم الأسواق في العاصمة الخرطوم.
ولم تقف على ذلك بل طال الدمار المنطقة الصناعية بحري التي بها اهم المصانع التي توفر المواد الغذائية للسودان اجمع وليس ولاية الخرطوم فقط مثل مصنع سيقا وسين و ويتا، المصانع التي توفر دقيق الخبز لكافة السودان تم دمارها ونهبها.

كارثة صحية
أما من الناحية الصحية عديد من المستشفيات والمرافق الصحية أصبحت خارج الخدمة من اهمها مستشفى الخرطوم ومستشفى شرق النيل ومستشفى بحري من أكبر المستشفيات في البلاد أصبحت خارج الخدمة بسبب القصف وقربها من مناطق الاشتباكات واحتلال قوات الدعم السريع لها واتخاذها سكنات لهم.
وايضا في امدرمان تعرضت مراكز صحية لي قذائف طائشة منها مركز الرومي الصحي في منطقة الثورات مما خلف إصابات بين المواطنين.

الوضع الصحي في الخرطوم ينذر بكارثة صحية في ظل شح الدواء والصعوبة في إيصال المساعدات الطبية إلى المستشفيات والمراكز الصحية التي لا زالت تعمل.

الوضع الميداني
اما عسكرياً تشهد العاصمة الخرطوم انقسام في مناطق السيطرة ما بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.
القوات المسلحة تسيطر على كافة مناطقها العسكرية وهي القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم، والجوية في الخرطوم أيضا، وسلاح المهندسين في منطقة أمدرمان، وقاعدة وادي سيدنا في امدرمان، وفي بحري منطقة كوبر وسلاح الإشارة وعديد من المناطق الحيوية.
اما قوات الدعم السريع فهي متواجدة في شوارع العاصمة الخرطوم في منطقة بحري وامدرمان وشرق النيل لديها تواجد في الشوارع فقط ليست لها معسكر او منطقة بعينها، فكل معسكرات الدعم السريع تم قصفها وتدميرها تبقى لهم معسكر طيبه مع مدخل العاصمة وهو الان تحت حصار الجيش وبعض الأخبار تقول ان قوات الدعم السريع في معسكر طيبه أعلنت استسلامها.
الجيش حتى هذه اللحظة يعتمد على سلاح الطيران والمدفعية لضرب الأهداف عن طريق الاحداثيات بعض المناطق تم تمشيطها عن طريق قوات من المشاة.

مفاوضات جدة
جرت في المملكة العربية السعودية بالتحديد في مدينة جده مفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مفاوضات افضت إلى عقد عديد من الهدنات الانسانية من أجل فتح ممرات آمنة وتسهيل إيصال المساعدات الانسانية للمناطق المتضررة ولكن كلها لمن تنجح في وقف الاشتباكات.
الجيش اشترط خروج الدعم السريع من المستشفيات والمراكز الخدمية ومنازل المواطنين وعدم استخدام أفراد الشعب السوداني كدروع بشرية لكن الدعم السريع لم يفي بهذه الشروط لذلك قامت القوات المسلحة بتعليق المباحثات والمفاوضات مع قوات الدعم السريع واستمرت المعارك بين الطرفين.
قوات الدعم السريع بدأت في حشد قوات من دارفور وتحريكها نحو العاصمة الخرطوم أيضا في خرق واضح لبنود الهدنة الموقعه بين الطرفين لذلك قامت القوات المسلحة بالتعامل معها عن طريق الطيران الحربي والمدفعية.
الان أعلنت الحكومة الأمريكية والحكومة السعودية عودة المفاوضات غير المباشرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ومن المتوقع ان يتم تقريب وجهات النظر ويستجيب الطرفان لشروط الهدنة واعلان وقف إطلاق النار.

الحرب مستمرة..ماذا ينتظر السودان بعد تعليق مباحثات جدة ؟

تتجه الأحداث السودانية على ما يبدو لمزيد من التصعيد والعنف، خاصة بعد إعلان الولايات المتحدة والسعودية تعليق مباحثات جدة لوقف إطلاق النار بين قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو.

ووفقاً للبيان المشترك الذي أصدرته الرياض وواشنطن، فإن قرار تعليق مباحثات جدة جاء بسبب “الانتهاكات الجسيمة” المتكررة لوقف إطلاق النار من قبل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

ودمرت الحرب المستمرة في السودان منذ سبعة أسابيع، مناطق في وسط الخرطوم، وهددت بزعزعة استقرار المنطقة الأوسع، وأدت إلى نزوح 1.2 مليون شخص داخل السودان، وفرار 400 ألف آخرين إلى الدول المجاورة.

واعتبر البيان السعودي – الأمريكي المشترك أن طرفي الصراع “يدعيان أنهما يمثلان مصالح الشعب السوداني، لكن أفعالهما زادت من معاناة السودانيين وعرضت الوحدة الوطنية والاستقرار الإقليمي للخطر”.

عقوبات أمريكية

وأعلنت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، فرض عقوبات على الجهات التي وصفتها بأنها “تؤجج العنف” في السودان.

وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن البيت الأبيض “فرض قيوداً على تأشيرات سودانيين، بينهم مسؤولون في الجيش وقوات الدعم السريع، وأفراد من النظام السابق للرئيس عمر البشير؛ بسبب مسؤوليتهم أو تورطهم في تقويض انتقال السودان إلى الديمقراطية”.

كان الرئيس جو بايدن مهد الطريق للعقوبات في الرابع من أيار الماضي، عندما أصدر أمراً تنفيذياً وسّع فيه سلطات واشنطن للرد على أعمال العنف، والمساعدة في إنهاء الصراع وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان، إدراج 4 شركات في قائمة العقوبات، وهي: شركة (الجنيد) للأنشطة المتعددة المحدودة، التي يسيطر عليها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، وشقيقه نائب قائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، وشركة (تريدف) للتجارة العامة التي يسيطر عليها الرائد في قوات الدعم السريع، ألقوني حمدان دقلو، وهو أيضاً شقيق قائد الدعم السريع، و(منظومة الصناعات الدفاعية السودانية)، وشركة (سودان ماستر تكنولوجي) التي تنتج أسلحة ومركبات للجيش السوداني.

وحسب مراقبين، فإن الصراع في السودان لن ينتهي دون حسم عسكري من أحد الطرفين بصورة تجبر الطرف الآخر على القبول بمخرجات أي حوار والالتزام به.

الحسم العسكري

 واعتبر الباحث السوداني سليمان السباعي أن البيان الأمريكي السعودي بتعليق المفاوضات وفرض العقوبات على شركات تابعة لقوات الدعم السريع والجيش السوداني جاء من أجل الضغط على أطراف الصراع؛ من أجل العودة إلى التفاوض وحل النزاعات حلاً سلمياً والوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار في السودان”.

وقال السباعي: “الأوضاع في السودان في ظل زيادة وتيرة الاشتباكات لا نرى فيها غير الحل العسكري لأن قوات الدعم السريع لا تنوي الالتزام بما وقّعت عليه من إخلاء للمستشفيات والمناطق الحيوية ومنازل المواطنين، كما تقوم بحشد قواتها ويتم رصد تحركات لها، لذلك لا بد للقوات المسلحة ان ترد على مثل هذه الخروقات، لذلك لا نرى غير الحل العسكري لإنهاء الصراع في السودان”.

وعن أسباب فشل الجيش في حسم المعارك، على الرغم من مرور قرابة شهرين على اندلاع الصراع، قال الباحث: “إن حرب المدن ليست مثل باقي الحروب، وخاصة في الإطار الزمني وفي اسلوب الحسم؛ لأن المعركة تدور داخل الأحياء والمناطق السكنية لافتاً إلى أن “الجيش لدية القدرة على حسم المعركة في غضون 72 ساعة، لكن ما هي الأضرار التي سوف تترتب عليها دمار يعم البلاد”.

وأكد السباعي “أنه حتى هذه اللحظة، لم يستخدم الجيش السوداني القوة المميتة كما وصفها الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة، كما أن “هناك صواريخ شواظ (صواريخ سودانية) لم يتم استخدامها وهي قادرة على مسح مربع سكني كامل وهناك القوة القصوى للطيران الحربي لم تستخدم بعد”، فضلاً عن أن هناك أعداد من أفراد القوات المسلحة في وضع الاستعداد لم يتم الاستعانة بهم بعد، مشيراً إلى أن “القوات المسلحة حتى هذه اللحظة استخدمت 15% فقط من قوتها لذلك هناك تأخير في حسم المعركة مراعاة للمواطن السوداني”.

سيناريوهات الصراع

وأشار الباحث السوداني إلى أن هناك عدة سيناريوهات لإنهاء الأزمة الراهنة أولها؛ هو الجلوس إلى طاولة الحوار وتوقيع اتفاق سلام وإنهاء الحرب، لافتاً إلى أن هذا السيناريو يرتبط بشروط معينة.

أما السيناريو الآخر، حسب السباعي، فهو “استمرار الحرب والقضاء على التمرد دون الحاجة إلى الجلوس من أجل التفاوض، ولكن هذا سوف يترتب عليه مزيد من المعاناة والدمار خاصة أن هناك انقسام في الأوساط السودانية، فهنالك من ينادي باستمرار الحرب والقضاء على التمرد وهنالك من يدعو لوقف الحرب وإحلال السلام”.

ويعتقد الباحث أن نتائج المعارك في الأيام المقبلة سوف توضح خارطة الطريق للصراع، سواء يتم حسمها حسماً عسكرياً أو يتم العودة للمفاوضات، مشيراً إلى أن الجهات الدولية يمكنها ممارسة المزيد من الضغط على طرفي النزاع من أجل وقف الحرب بفرض المزيد من العقوبات، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنه يمكن للطرفين مواصلة الاقتتال في ظل هذه العقوبات.

موقف الأطراف السودانية

وعن دور الأطراف السودانية في وقف الصراع، يرى الباحث أن “هناك أطراف سودانية تقوم بمساع من أجل وقف الحرب الدائرة بين القوات المسلحة والدعم السريع، ولكن كثيراً منهم يخشى توصيفه بالخيانة، خاصة أن التوجه الشعبي فى السودان يدعم القوات المسلحة ويعتبر الصراع معركة كرامة للجيش والشعب السوداني الذي يرى الدعم السريع مجرد عملاء ومرتزقة موالين لمن يدفع لهم المال وليسوا أصحاب عقيدة”.

وختم السباعي حديثه، بالتأكيد على أن “العودة لمباحثات جدة وإحياء فرص السلام ما زالت قائمة بالسودان بشرط التزام قوات الدعم السريع بالشروط التي وضعها الجيش السوداني والتي يعلمها الجميع وأهمها الخروج من المستشفيات ومنازل المواطنين والخروج من المرافق الحيوية”.

Exit mobile version