كثر الحديث خلال الأيام القليلة الماضية عن احتمالية صدور قرار من المحكمة الجنائية الدولية باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبار قادة دولة الاحتلال بسبب الحرب على غزة.
وتحدثت تقارير صحفية أن المحكمة الجنائية الدولية تستعد لإصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار، بينهم نتنياهو، بتهم تتعلق بالحرب المتواصلة على قطاع غزة لليوم الـ206 على التوالي وأسفرت عن مقتل أكثر من 34 ألف شخص.
ونقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن مصادر لم تسمها، أن نتنياهو “خائف ومتوتر بشكل غير عادي” من احتمال صدور مذكرة دولية باعتقاله.
ما التهم التي ستوجه للإسرائيليين؟
وفي حال كانت المحكمة تعمل على هذا الأمر، فمن المحتمل أن يتم اتهام المسؤولين الإسرائيليين بمنع إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة واتباع رد شديد القسوة على الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفقا لمسؤولين إسرائيليين تحدثوا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
وقال المسؤولون الإسرائيليون، الذين يشعرون بالقلق من التداعيات المحتملة لمثل هذه القضية، إنهم يعتقدون أن نتنياهو من بين الأشخاص الذين قد يتم ذكر أسمائهم في مذكرة الاعتقال.
يُشار إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تقوم بالتحقيق في تصرفات إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة، بشكل مستقل عن القضايا الأخرى في محكمة العدل الدولية، مثل الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا حول “الإبادة الجماعية في غزة”.
لكن هل تستطيع المحكمة الجنائية اعتقال نتنياهو؟
“الجنائية الدولية”، ومقرها في لاهاي، هي المحكمة الدولية الدائمة الوحيدة في العالم التي تتمتع بسلطة محاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
وليس لدى المحكمة قوة شرطة خاصة بها. وبدلا من ذلك، تعتمد على أعضائها البالغ عددهم 124، والتي تشمل معظم الدول الأوروبية ولكن ليس إسرائيل أو الولايات المتحدة، لاعتقال الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في مذكرات الاعتقال.
كما لا يمكنها محاكمة المتهمين غيابيا.
وأي أوامر اعتقال ستتطلب موافقة لجنة من القضاة ولن تؤدي بالضرورة إلى محاكمة أو حتى اعتقال فوري للأهداف.
تأثير المذكرة
لم يكشف المسؤولون الإسرائيليون عن طبيعة المعلومات التي دفعتهم إلى القلق بشأن احتمال صدور مذكرة عن المحكمة الجنائية الدولية التي لم تعلق هي الأخرى على الأمر.
غير أنه من المحتمل أن يُنظر إلى أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة في معظم أنحاء العالم على أنها توبيخ أخلاقي مهين، خاصة لإسرائيل، التي واجهت منذ أشهر ردود فعل دولية عنيفة بسبب سلوكها في غزة، بما في ذلك من الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي وصفها بأنها “تجاوزت الحدود”.
ويمكن أن يؤثر ذلك أيضا على سياسات إسرائيل في الوقت الذي تضغط فيه البلاد بشأن حربها في غزة.
كما يمكن لأوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة أن تشكل عقبات أمام سفر المسؤولين المذكورين فيها.
وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين للصحيفة الأمريكية، إن إمكانية إصدار المحكمة مذكرات اعتقال قد تم إيصالها إلى صناع القرار في تل أبيب، خلال الأسابيع الأخيرة، لكنهم لا يعرفون المرحلة التي وصلت إليها العملية.
وسبق أن أكد كريم خان، المدعي العام للمحكمة، أن فريقه يحقق في حوادث وقعت خلال الحرب.
نتنياهو يعلق
وفي تعليق له، قال نتنياهو “تحت قيادتي، لن تقبل إسرائيل أبدا أي محاولة من جانب المحكمة الجنائية الدولية لتقويض حقها الأصيل في الدفاع عن النفس. إن هذا التهديد بالاعتقال أمر مثير للغضب”.
هل يمكن لأمريكا أن تتدخل؟
وفق وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الولايات المتحدة هي جزء من جهد دبلوماسي أخير لمنع المحكمة الجنائية الدولية من إصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين.
في موقع “والا” الإخباري، كتب المحلل بن كاسبيت أن نتنياهو “تحت ضغط غير عادي” بشأن احتمال صدور مذكرة اعتقال ضده وضد إسرائيليين آخرين، الأمر الذي سيكون بمثابة تدهور كبير في مكانة إسرائيل الدولية.
وحسب المحلل، يقود نتنياهو “حملة متواصلة عبر الهاتف” لمنع صدور مذكرة اعتقال، مع التركيز بشكل خاص على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
والولايات المتحدة، مثل إسرائيل، ليست من بين 124 دولة وقعت على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
تحدثت تقارير صحفية عن سر غياب المواقف الرسمية لحكومة نظام دمشق تجاه ما يحدث من مجازر على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة رغم مرور أكثر من 200 يوما على اندلاع الحرب.
وبحسب وسائل إعلام فمنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تحرص السلطات السورية على عدم الانجرار إليها، رغم أن استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق بضربة إسرائيلية، كاد يشعل المنطقة، حسب ما رأى عدد من المحللين.
وبحسب مراقبون يحاول الرئيس بشار الأسد الموازنة بين داعمتيه الرئيسيتين: إيران، التي سارعت ومجموعات موالية لها إلى “مساندة” حركة حماس، وروسيا التي تدفع باتجاه الاستقرار في المنطقة.
تحذيرات إسرائيلية
ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر دبلوماسي غربي طلب عدم الكشف عن هويته أن “الأسد تلقّى تحذيراً واضحاً من الإسرائيليين، بأنه إذا ما استُخدمت سوريا ضدهم، فسوف يدمرون نظامه”.
فيما أشار المحلل في معهد واشنطن أندرو تابلر إلى أن روسيا “حثّته على البقاء بمنأى عن النزاع” الدائر بين حماس وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر.
هدوء في الجولان
وفي حين سارع حلفاء إيران في لبنان والعراق واليمن إلى فتح جبهات ضد إسرائيل دعماً لحماس، بقيت جبهة هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل هادئة نسبياً.
إذ كشف تابلر أنه تم إحصاء “بين عشرين وثلاثين هجوماً صاروخياً من الأراضي السورية” نحو الجولان منذ بدء الحرب، إلا أن معظمها لم يسفر عن أضرار.
كما أضاف أن معظم الصواريخ سقطت في مناطق غير آهلة، معتبراً أن هذا ما “جرت قراءته في واشنطن وخارجها على أنه رسالة مشفّرة، مفادها أن الأسد يريد البقاء خارج الحرب في غزة”.
أكثر من ذلك، أقدمت إيران مؤخرا على خفض وجودها العسكري في الجنوب السوري وتحديداً في المناطق المحاذية للجولان، وفق ما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصدر مقرّب من حزب الله.
في حين أعلنت وزارة الدفاع الروسية في الرابع من الشهر الحالي إنشاء مركز إضافي في الشطر السوري من الجولان مهمته “مراقبة وقف إطلاق النار على مدار الساعة وخفض التصعيد” بين القوات الإسرائيلية والجيش السوري، فضلا عن “رصد أي استفزازات محتملة”.
مغازلة الغرب
وبينما ابتعد الرئيس السوري عن الواجهة، رأى الدبلوماسي الغربي أنّ “الأسد يأمل خصوصاً أن يحصل على مقابل لضبط النفس من الغربيين، ويدفعه الروس باتجاه ذلك”.
كما أعرب عن اعتقاده بأن “الأسد يكره حماس ولا رغبة لديه بدعم الإخوان المسلمين، الذين قد يعزز فوزهم موقع نظرائهم في سوريا”، نظراً للعداء التاريخي بين الجانبين.
وكانت وتيرة الضربات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية في سوريا ازدادت منذ السابع من أكتوبر الماضي.
فيما شكّل استهداف القنصلية الإيرانية بدمشق مطلع نيسان/أبريل، ومقتل قياديين كبيرين في الحرس الثوري، صفعة قوية لطهران، التي ردّت في 13 أبريل بهجوم غير مسبوق ضدّ إسرائيل، استخدمت فيه 350 طائرةً مسيرة وصاروخاً، جرى اعتراض معظمها بمساعدة من الولايات المتحدة ودول أخرى حليفة لإسرائيل.
وبعد أسبوع، استهدف هجوم نسب إلى إسرائيل وسط إيران، لكن طهران قلّلت من أهميته وقالت إنها لن ترد عليه.
توتر العلاقة مع حماس
يذكر أن العلاقة بين دمشق وحركة حماس اتسمت بالصعوبة، وتوترت انطلاقا من العام 2011 على خلفية انتقاد الحركة تعامل السلطات السورية مع الاحتجاجات التي عمّت البلاد حينذاك.
وبعدما كانت الحركة تتخذ من دمشق مقرا لها في الخارج وتُعد من أوثق حلفاء الأسد الفلسطينيين، أقفلت عام 2012 مكاتبها في العاصمة السورية، وعلقت نشاطاتها وغادر قياديوها، لتبدأ قطيعة استمرت أكثر من عقد.
لكن في خريف 2022، أعلنت حماس استئناف علاقتها مع دمشق، من دون أن تستعيد حضورها فيها.
ورداً على سؤال عن إمكانية عودة العلاقة مع حماس إلى ما كانت عليه، قال الأسد في مقابلة صيف 2023 “من المبكر أن نتحدث عن مثل هذا الشيء، لدينا أولويات الآن، والمعارك داخل سوريا هي الأولوية”.
أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة، الجمعة 29 ديسمبر/كانون الأول 2023، ارتفاع حصيلة الشهداء نتيجة العدوان الإسرائيلي إلى 21 ألفاً و507 شهداء، و55 ألفاً و915 مصاباً منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
يأتي ذلك بينما حذرت منظمة “أطباء بلا حدود” من أنه لا يمكن إدخال المساعدات إلى غزة دون وقف إطلاق النار، حيث قال منسق المنظمة في غزة، جاكوب بيرنز، الجمعة، إنّ قرار مجلس الأمن الدولي إدخال مساعدات عاجلة إلى قطاع غزة ليس حلاً طالما لم يتم إعلان وقف إطلاق النار.
بحسب بيان نشرته المنظمة على موقعها، الجمعة، أكد بيرنز أن الطريقة الوحيدة لإنقاذ حياة الناس في غزة هي “إنهاء العنف والعقاب الجماعي للفلسطينيين”.
أضاف المسؤول بالمنظمة: “نريد أن نفعل المزيد من أجل مساعدة الناس في غزة، لكن القصف والقتال المستمر يحصرنا في منطقة أضيق مع مرور الوقت”.
وأشار إلى المنشورات التي ألقاها جيش الاحتلال الإسرائيلي من الطائرات على مدينة خان يونس جنوب القطاع، والتي يأمر فيها السكان بإخلاء المباني القريبة من “مستشفى ناصر” رغم تلقيه تأكيدات من المسؤولين الإسرائيليين بعدم نيتهم استهداف المستشفى.
وذكر بيرنز أنه من المستحيل تقديم المساعدة الطبية للمحتاجين في ظل هذه الظروف، وشدد على ضرورة عدم استهداف المستشفيات والعاملين في مجال الرعاية الصحية، مضيفاً أن الفلسطينيين في غزة اضطروا إلى الفرار من منازلهم بحثاً عن الأمان وأن معظمهم لا يجد هذا الأمان.
وأشار إلى أن عدد سكان مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، ارتفع من 300 ألف نسمة قبل الحرب إلى 1.2 مليون على الأقل.
يُذكر أنه في 23 ديسمبر/كانون الأول الجاري اعتمد مجلس الأمن قراراً يدعو لاتخاذ خطوات عاجلة للسماح فوراً بإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتهيئة الظروف لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والمقاتلين الفلسطينيين.
عدد المعتقلين يتجاوز 4800
في سياق آخر، ارتفعت حصيلة المعتقلين من الضفة الغربية في السجون الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 4840 فلسطينياً، عقب اعتقال 20 شخصاً فجر اليوم الجمعة، وفق بيان مشترك صادر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية (رسمية)، ونادي الأسير الفلسطيني (خاص).
وقالت المؤسستان في البيان، إن السلطات الإسرائيلية “اعتقلت فجر الجمعة، 20 مواطناً، ما يرفع عدد المعتقلين في الضفة الغربية بما فيها القدس إلى نحو 4840 فلسطينياً منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي”.
وفق البيان توزعت الاعتقالات الجديدة بمحافظات طولكرم وطوباس (شمال)، ورام الله (وسط)، والخليل (جنوب) وأريحا (شرق)، ومدينة القدس الشرقية.
وأشار البيان إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي شن حملة اعتقالات طالت عشرات الفلسطينيين في بلدة دير أبو مشعل غربي رام الله، تم التحقيق معهم ميدانياً وأفرج عن غالبيتهم فيما بعد.
ولا تشمل هذه الحصيلة الاعتقالات التي نفذتها القوات الإسرائيلية داخل قطاع غزة، بحسب المصدر ذاته.
ورافقت حملة الاعتقالات والمداهمات “عمليات تنكيل واسعة واعتداءات بالضرب المبرح، وتهديدات بحق المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات تحقيق ميداني وتخريب وتدمير واسع في منازل المواطنين وإطلاق النار بشكل مباشر بهدف القتل”، وفق البيان.
إصابة 15 جندياً إسرائيلياً بغزة خلال 24 ساعة
من جانب آخر، أصيب 15 ضابطاً وجندياً إسرائيلياً، بينهم 3 حالتهم “خطيرة” منذ أمس الخميس، ضمن العملية البرية المستمرة بقطاع غزة لأكثر من شهرين، حيث تشير معطيات جيش الاحتلال، اليوم الجمعة، إلى ارتفاع أعداد الجرحى من الجنود والضباط منذ بداية العملية البرية في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 936 جريحاً.
وبمقارنة عدد المنشور اليوم مع عدد أمس الخميس، وهو 921، يتضح وجود 15 إصابة جديدة بين ضباط وجنود إسرائيل، بينهم 3 إصاباتهم “خطيرة”، وفق الأناضول.
يذكر جيش الاحتلال الإسرائيلي أن “من بين إجمالي 936 جريحاً، يوجد 209 إصاباتهم خطيرة و345 متوسطة و382 طفيفة”.
وبحسب نفس المعطيات، ارتفع عدد الضباط والجنود الجرحى منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول إلى 2180، وبالمقارنة مع إحصاءات الخميس والجمعة، بلغ إجمالي الجرحى 2159، بعدد 21 إصابة جديدة، دون أن يوضح الاحتلال موقع إصابات الجنود.
وأوضح جيش الاحتلال أن من بين المصابين “344 بحالة خطيرة و606 بحالة متوسطة و1230 طفيفة”، ووفقاً للمعطيات، قُتل 502 ضابط وجندي منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول، بينهم 168 قتلوا منذ بداية العملية البرية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلّفت 21 ألفاً و507 شهداء، و55 ألفاً و915 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
أكثر من 80 يوما مضت على اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لم تتوقف فيها جرائم الاحتلال، دمر العدوان كل شيء في غزة حتى مخيمات اللاجئين أصبحت مدن للأشباح، أعداد الشهداء وصلت لأكثر من 20 ألف.
ورغم هذا الكم الكبير من الشهداء والمصابين والتدمير الكامل لقطاع غزة، هناك مأساة جديدة ما زالت تنتظر وقف الحرب لتظهر تأثيراتها، مأساة ستبقي حاضرة إلى الأبد.
بعد وقف العدوان على قطاع غزة يستفيق الشعب الفلسطيني، ليجد معظم أبنائه قد طبعت الحرب ملامحها على أجسادهم، فقد أصدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بيان، صرح خلاله بأن 59 ألف شخص من سكان الضفة الغربية أصبحوا من ذوي الإعاقة، بينما بلغ أصحاب الإعاقة بعد حرب غزة أكثر من 58 ألف فرد فقط في قطاع غزة، وأن هناك أكثر من 6 آلاف طفل فقدوا أطرافهم في الفئة العمرية من 2 إلى 4 أعوام.
حرب غزة والأطفال
لندرك تأثيرات حرب غزة يكفي أن نقرأ ما قالته إحدى السيدات الفلسطينيات، داخل مستشفى الشفاء أن “الموت أصبح راحة وأمنية للجميع، بعد أن أصبح أبنائها الاثنان من ذوي الإعاقة، فقدت الابنة بصرها وفقد الابن ساقه”!.
صعوبات التعلم في غزة بعد الحرب
دمرت حرب غزة العملية التعليمية في القطاع بعد أن أصبحت المدارس، تحت القصف المستمر لطائرات الاحتلال.
وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية، في حوار لها مع المتحدث بإسم اليونيسيف في القدس “جوناثان كريك”، أنه لم يعد هناك تعليم أو أى أشكال للدراسة داخل قطاع غزة.
وحتى بعد انتهاء الحرب، سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً جداً للعودة من جديد لاستكمال العملية التعليمية، أو بدء الدراسة من جديد، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة فقد قتل أكثر من 200 معلم، وتضرر أكثر من 352 مبنى تعليمي، وتم تدمير أكثر من 70% من البنية التحتية للعملية التعليمية.
حرب غزة ومدارس الإيواء
الوضع التعليمي لأطفال غزة بعد الحرب يحتاج إلى وقت طويل جداً، للعودة من جديد والتأهيل النفسي والبدني لمواصلة التعليم، لم يتبقى أى شيء سليم من مدارس القطاع، حتى المقاعد ولوح الكتابة أصبحت حطب يشعل لتدفئة اللاجئين، لم يعد هناك طلاب فقد راح ضحية الحرب أكثر من 3000 طالب من الأطفال، وبقى العدد الأكبر من ذوي الإعاقة في مواجهة، صعوبات عملية التعلم بعد الحرب في غزة.
مستشفيات غزة تحت النار
القطاع الطبي يعتبر أكثر القطاعات المتضررة من الحرب فهناك انهيار تام في المنظومة الصحية بقطاع غزة، بعد استهداف جيش الاحتلال للمستشفيات.
وفي بيان لوزارة الصحة الفلسطينية، تم الإعلان عن خروج المنظمة الطبية في شمال قطاع غزة عن الخدمة، مع انقطاع الخدمات الطبية في جنوب القطاع.
كما أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الفلسطينية، عن وصول اعداد الشهداء منذ حرب غزة الأخيرة إلى ما يزيد عن 20 ألف شهيد، وأن أكثر من 70% من الضحايا نساء وأطفال.
القطاع الطبي بعد حرب غزة
كما عجزت معظم مستشفيات القطاع عن تقديم الخدمات الطبية، وأصبح هناك أكثر من 8 آلاف مصاب في خطر كبير، وعدم تلقي العلاج المطلوب ومرضى السرطان في انتظار الموت، و أطلقت وزارة الصحة نداءات استغاثة بعد وفاة عشرات الأطفال داخل حضانات المستشفيات، بعد حصار قوات الاحتلال للمستشفيات ورفض دخول أو خروج المصابين.
معاناة الأحياء والأموات
وفقا للتقديرات فإن آلاف الجثث للشهداء في قطاع غزة لا زالت مازالت ترقد تحت حطام المنازل التي دمرت على رؤوس ساكنيها.
وأفاد بيان لقوات الدفاع المدنية بأن هناك آلاف الجثث التي يصعب انتشالها من تحت الأنقاض، بسبب ضعف الإمكانات المتوفرة لدى سكان القطاع.
وحذرت منظمة الأونروا من تفاقم الأوضاع في قطاع غزة، وأن الحياة أصبحت شبه معدومة في القطاع خصوصاً مع دخول فصل الشتاء، وأنه لم يعد هناك القدرة على توفير أى من احتياجاتهم، وأن المساعدات التي تدخل إلى القطاع، لا تكفي حتى ربع مايحتاجه السكان.
قصفت معظم المستشفيات والمخابز وأيضاً متاجر السلع الأساسية، ليصبح القطاع فارغاً من أى احتياجات إنسانية ومادية، حتى الطعام والخبز والدقيق لم يعد متوفر، بعد أن توقفت جميع المخابز عن العمل.
وتحولت مخيمات قطاع غزة من ملجأ آمن لسكان القطاع من الحرب، إلى أهداف قصف مستمر وشهد مخيم جباليا شمال شرق قطاع غزة، العديد من الهجمات والغارات الإسرائيلية، مما أسفر عن تدمير شبه كامل للمنازل اللاجئين، و أطلقت العديد من التحذيرات من خطورة الأوضاع في المخيم، ونفاذ الخطب والغذاء من سكان المخيم حيث صرحت وزارة الإعلام الفلسطينية، أن أعداد ضحايا مخيم جباليا تفوق ال400 ما بين شهيد وجريح يومياً، وأنه تم إبادة أحياء بالكامل داخل المخيم.
مخيم جباليا و حرب غزة
مجاعة النصيرات
هدد العدوان الإسرائيلي حياة أكثر من 400 ألف لاجئ فلسطيني، بعد نفاذ جميع الاحتياجات الإنسانية وحتى نفاذ الغذاء والوقود، حيث يضم مخيم النصيرات العدد الأكبر من النازحين الفلسطينيين، وشهد المخيم أحداث مؤسفة بعد حرب غزة الأخيرة، بالرغم من تهجير قوات الإحتلال سكان شمال غزة إليه، و زعمهم بأنه مكان لجوء آمن إلا أنه يشهد قصف عنيف بشكل متكرر للمنازل، و تحاصره الدبابات والعمليات البرية، ومنع وصول الغذاء والاحتياجات الإنسانية الخاصة باللاجئين.
أصدرت منظمات الإغاثة العديد من النداءات التي تطالب بضرورة توفير احتياجات المخيم، لأن الماء حتى لم يعد متوفر والوضع خرج عن السيطرة، بعد أن تم الإعلان عن تدمير أكثر من 300 مبنى، بشكل كامل كان يضم أكثر من 1100 وحدة سكنية داخل المخيم.
تعمدت قوات الاحتلال تدمير البنية التحتية لمخيم النصيرات، وتدمير جميع خطوط المياه والأحياء السكنية ومنع دخول المواد الغذائية، والأدوية لسكان المخيم.
مخيم النصيرات وأكثر من 39 مركز إيواء تحت وطأة الاحتلال، وتدمير خطوط الصرف الصحي.
تعتبر الفترة التي شغلها نتنياهو في منصب رئيس الوزراء الأطول في تاريخ إسرائيل إذ بلغت 16 سنة بصورة إجمالية، ومستقبله السياسي هذه المرة مرهون بمدى تحمله المسؤولية تجاه هجوم حماس وإخفاق الجيش في تحقيق أهدافه في الهجوم على غزة.
وهذه المسؤولية لا يمكن تحديدها الا إذا خلصت لجنة تحقيق حكومية حيادية بذلك واعتبرته مسؤولاً عن هجوم «حماس»، لكن الغريب في الأمر أن تشكيل هذا النوع من لجان ملقى على عاتق الحكومة نفسها، مثلما حصل بعد حرب أكتوبر 1973 وبعد الاحتجاجات التي أعقبت الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.
ورغم أن نتنياهو غير ملزم بذلك قانوناً، لكن حتماً سيصل ضغط الرأي العام إلى مستوى لن يكون متاحا به أي خيار أخر وإلا قد ينزل كل مواطني إسرائيل برمتهم إلى الشارع للمطالبة بذلك، بالتالي هذا أمر لا بد منه بعد الحرب مباشرة على أبعد تقدير.
تشير كل الدلائل الى أن نتنياهو كان يتجاهل تحذيرات العسكريين صاباً اهتمامه بتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية على حساب الاهتمام بالكيبوتسات اليسارية بصورة عامة، وكان أسير مفهوم خاطئ يقول أن «حماس» لن تجرؤ أبداً على مهاجمة إسرائيل بمثل هذه الوحشية، الأمر الذي جعله غير قادر على اتخاذ أي قرار واضطر تحت ضغط المعارضة إلى استبدال الحكومة بحكومة طوارئ وحرب بعد مرور 5 أيام في حين كان يجب أن يتم ذلك في غضون 48 ساعة بعد المأساة.
بالرغم من متاعب نتنياهو مع القضاء الذي يحاكمه في 3 قضايا فساد، لكنه فاز في انتخابات نوفمبر 2022 واستلم السلطة مستنداً إلى تحالف مع أقصى أحزاب اليمين المتطرف، ومع ذلك هو يعرف في قرارة نفسه أنه قد ارتكب خطأ وسيضطر إلى دفع الثمن الذي قد يكون يشمل هذه المرة لسجن إضافة إلى فقدان مسيرته السياسية، أي أن نهايته محتومة لكن المسالة مسألة وقت فقط، لذا، نراه كي لا تتم محاسبته يماطل ويناور ويحاول تحقيق نصر حاسم في غزة يشفع له عن جمهور الناخبين.
ورغم موقعه القيادي لكنه واجه احتجاجات شرائح كثيرة من قاعدته الانتخابية التي دعمته سابقاً بوجه المتظاهرين الذين كانوا يحتجون على مشروع الإصلاح القضائي الذي طرحته حكومته، أما اليوم فقد باتت معظم قاعدته الانتخابية تعتبره غير صالح للحكم ويرى معارضوه أن الانقسام الذي أثاره داخل المجتمع بمشروعه لإصلاح القضاء سينقلب ضدّه.
ضغوط دولية
بالنسبة للحرب على غزة، توسع الضغوط الدولية على إسرائيل من حلفائها جعلتها تفقد التأييد الدولي تدريجياً، خاصة بعد استمرار المظاهرات المعارضة لإسرائيل في عواصم أولئك الحلفاء، لقد استطاع نتنياهو أن يوهم حلفائه أنه يحتاج فقط أسابيع قليلة وسيقضى على «حماس» ويستعيد المخطوفين بل ويعيد التفكير في مستقبل غزة نفسها، لكن صمود المقاومة واستمرارها في قصف المدن الإسرائيلية وتورطه في حرب شوارع فوق رمال غزة جعلته يبدو أمام الحلفاء والعالم بمظهر العاجز عن تحقيق وعوده مما جلب لإسرائيل أزمة جديدة مع الحلفاء خاصة الولايات المتحدة حليفها الأكبر الذي قاوم المجتمع الدولي في مجلس الأمن أكثر من مرة متيحاً بذلك للجيش فرصة أخرى للقضاء على المقاومة، لكن الأمر طال وثبت أن الانتقال من مرحلة الى مرحلة ما هو إلا ذر في الرماد لإخفاء الخسائر المتتالية التي تكبدها هذا الجيش، الأمر الذي جعل الحلفاء يعتقدون أنه خدعهم بوعوده، إذ تبين أن وجود إسرائيل برمتها مبني على مساعدات الغرب لها ولا يعتمد على القدرات الإسرائيلية التي كانت تتباهي بها.
الأيام القادمة ستثبت بطلان نظرية نتنياهو على وقع ارتفاع أعداد قتلى الجيش في المعارك الطاحنة، فهو لن يستطيع أن يصمد طويلاً، خاصة وأن «حماس» لم يعد لديها شيئاً تخسره بعد تدمير البنية التحتية في القطاع، وما مسألة إعادة تنظيم ألوية النخبة وسحب فرق وزج فرق أخرى في المعركة إلا مسرحية يأمل منها نتتياهو أن ينجح في المفاوضات ووقف إطلاق النار تلافياً للمزيد من هدر القوة الإسرائيلية المنشغلة على خمس جبهات، أهالي المخطوفين، غزة، الضفة الغربية، جنوب لبنان، والملاحة في البحر الأحمر.
أكدت تقارير إسرائيلية رغبة تل أبيب في الدخول فى هدنة جديدة مع حركة حماس بوساطة أجنبية من أجل استعادة بقية أسراها.
ونقلت وسائل إعلام مساء اليوم الثلاثاء عن الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، قوله إن إسرائيل مستعدة للدخول في هدنة أخرى بوساطة أجنبية في غزة من أجل استعادة المحتجزين لدى حركة المقاومة الفلسطينية “حماس”، وتمكين وصول المزيد من المساعدات إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.
وبحسب بيان رسمي لمكتبه، قال هرتسوغ، الذي يعتبر منصبه شرفياً إلى حد كبير، أمام حشد من السفراء: “إسرائيل مستعدة لهدنة إنسانية أخرى والمزيد من المساعدات الإنسانية من أجل تمكين إطلاق سراح الرهائن”.
كما زعم أن “المسؤولية تقع بالكامل على عاتق (زعيم حماس يحيى) السنوار وقيادات حماس (الآخرين)”.
حماس تعلق على طلب إسرائيل
من جانبها، أعلنت حركة حماس رفضها أى مفاوضات دون وقف العدوان, وأكد باسم نعيم القيادي الكبير في حركة حماس أن الحركة ترفض إجراء مفاوضات بشأن تبادل المحتجزين خلال الحرب الإسرائيلية، لكنها منفتحة على أي مبادرة لإنهائها.
وبحسب وسائل إعلام فلسطينية، أكد القيادي الحمساوي في بيان له أنه “لا تفاوض حول الأسرى قبل وقف العدوان، ومنفتحون أمام أي مبادرة تخفف العبء عن شعبنا”.
كما اعتبر باسم نعيم أن “النظام الإسرائيلي الفاشي فشل في تحقيق كل أهدافه، ونحن لن نتخلى عن أرضنا”، مشدداً على أن “الإدارة الأمريكية متواطئة في الجرائم الإسرائيلية بحق شعبنا”.
وكانت “حماس” قد أكدت، يوم الأحد 17 ديسمبر/كانون الأول، في تصريحات لنائب رئيسها في قطاع غزة خليل الحية، أنه “لا حديث عن صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل قبل انسحاب الأخيرة من قطاع غزة، ووقف شامل لإطلاق النار”.
في تصريحات لقناة الجزيرة القطرية، قال الحية: “نريد وقف إطلاق نار شاملاً، وانسحاب كل قوات الاحتلال (الإسرائيلي) من غزة، ثم نتحدث عن ملف الأسرى، كما أننا نريد وحدة لشعبنا في غزة والضفة”.
لقاء ثلاثي في وارسو
تأتي هذه التصريحات بعد يوم واحد، من إعلان وسائل إعلام عبرية، عن اجتماع أمريكي إسرائيلي قطري في العاصمة البولندية وارسو، لبحث “الخطوط العريضة” لصفقة تبادل أسرى جديدة بين تل أبيب وحركة “حماس” الفلسطينية.
القناة “12” الإسرائيلية، قالت الإثنين، إن “رئيس الموساد ديفيد برنياع، يجتمع مع رئيس وزراء قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز، في إحدى العواصم الأوروبية في هذا الوقت”.
كما أضافت: “تشير التقديرات إلى أن الثلاثة يناقشون الخطوط العريضة الجديدة التي من شأنها أن تؤدي إلى انفراجة في المفاوضات، من أجل إطلاق سراح رهائن إضافيين”.
القناة الإسرائيلية أوضحت أنه “وبحسب تقارير، فقد تم تداول أفكار بين الوسطاء وحماس في الأيام الأخيرة”، دون ذكر تفاصيل أكثر بشأن فحوى تلك الأفكار، كما تقول إن هناك 129 أسيراً إسرائيلياً في غزة.
وتطالب “حماس” بالإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، مقابل الأسرى الإسرائيليين في غزة.
طوفان الأقصي
يشار إلى أنه رداً على “اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته”، شنت “حماس” في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي هجوم “طوفان الأقصى” ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية بمحيط غزة.
وقتلت “حماس” نحو 1200 إسرائيلي وأصابت حوالي 5431 وأسرت قرابة 239 بادلت العشرات منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/كانون الأول الجاري، مع إسرائيل التي تحتجز في سجونها أكثر من 7800 فلسطيني.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة خلّفت 18 ألفاً و800 شهيد و51 ألف جريح معظمهم أطفال ونساء، وفق آخر إحصائية نشرت الجمعة الماضي، ودماراً هائلاً في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر فلسطينية وأممية.
مرت علينا أحداث محزنة كسرت القلب وتركت آثار الحزن تلازمنا، لم تكن حرب غزة هى من سببت الألم لنا، ولكن مأساة تلو الأخرى تبكينا، نتذكر بئر المغرب الملعون “بئر ريان”حيث ابتلع الصغير ذو الخمس أعوام، وتعلق أمل نجاته حتى خرج مفارقاً للحياة لتموت معه قلوب الجميع.
الحرب في غزة وطن بلا حرية وشعب بلا حياة رفض الموت إلا في أرضه، ورفض الجميع أن ينساهم كل يوم في الحرب هو نزيف جديد للدماء، ووداع جديد في كل حي من أحياء المدينة.
ماذا حدث بعد حرب غزة
الشعب الفلسطيني اعتاد الأزمات وأصوات الحروب والدمار في كل مكان، لكن الحرب هذه المرة هي الأسوأ على الإطلاق في تاريخ غزة، النساء والأطفال هم من دفعوا الثمن، لم تعد المدينة سوى مخبأ للأشباح ومتحف هياكل للموتى، حرب غزة حفرت الحزن في عيون الصغار، والخوف والقلق على من تبقى من أبناء شعب غزة.
حرب غزة
الهدنة الإنسانية أمل كاذب
بعد حرب غزة ظهر الأمل من جديد أمام أبناء غزة، وظنوا أن الحرب قد آن رحيلها، لتترك ما تبقى من شعب عانى آلام الموت والجوع والعطش، ضحايا حرب غزة حيث الموت زائر في كل دار، والمرض يلازم الصغير والكبير، الكل فقد من دمائه ليروي حرب غزة.
إحصائيات ضحايا الحرب في غزة
واجه العديد من مسؤولي وزارة الصحة الفلسطينية، العديد من التحديات وصعوبات في حصر الضحايا والمصابين خلال حرب غزة، خصوصاً مع انقطاع معظم وسائل التواصل والإنترنت، بعد أن كان برنامج الاكسل هو الوسيلة الوحيدة لتسجيل عدد الضحايا.
عائلات بأكملها نقلت إلى صحيفة الوفيات، تم محو السجل العائلي الخاص بهم بالكامل من السجل المدني الفلسطيني، لم تترك من أثرها إلا بعض بقايا المنزل والذكريات التي لم تعد إلا ركاماً.
بئر ريان قبر للجميع
ريان طفل البئر كيف ضمته الأرض و منعت الحشود التي بذلت من الجهد ما يكفي لإزاحة جبال، ولكن إرادة الله أن يموت ريان داخل البئر، ومات معه الأمل كيف ترك فينا الحزن، وتعلقت قصته بعقول الجميع
معاناة الطفولة في عالمنا
عانت الأطفال في جميع الدول ويلات الحرب والجوع، بلدان قصفها الطيران وأخرى أصابها الجوع، ليبقى الخاسر الوحيد دائماً هو الأطفال في كل مكان، حرب غزة التي حصدت أرواح آلاف الأبرياء.
شفشاون زرقاء المغرب الساحرة
مدينة شفشاون المدينة الزرقاء الإقليم الساحر تميز بلونه الأزرق، تلك المدينة التي تقع شمال المغرب امتازت بجمال المنظر، والطبيعة الساحرة الكهوف والشلالات وموقعها من طنجة والبحر الأبيض المتوسط، ولكن رغم كل هذا ارتبط اسم مدينة شفشاون بواقعة بئر ريان، الحادث الأليم على عمق 32 متر في باطن الأرض وجهود متواصلة لأكثر من خمسة أيام، انقطع آخر أمل لإخراج ريان الصغير حي.
مدينة شفشاون
كيف ابتلعت البئر جسد ريان وكيف فشلت كل هذه الجهود المبذولة، كيف تغلبت البئر اللعينة على كل هذه الحشود، لتبقى ذكرى ريان ومدينة شفشاون ذكرى دائمة.
غزة تودع الآلاف من أبنائها
اندلعت الحرب الأخيرة في مدينة غزة وحصدت ما يزيد عن 17 ألف شهيد، وتركت آلاف الإعاقات ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقط، بل أصبحت آلاف الأطفال بلا عائلة فهناك ما يزيد عن 900 طفل مشرد فقد جميع أفراد عائلته في حرب غزة، ليجد نفسه وحيداً في هذا العالم لا يعرف أين يذهب، ولا يستطيع عقله الصغير أن يستوعب المأساة التي أصبح الوضع عليها الآن، حرب غزة فوق إدراك الجميع.
الحرب في غزة و البئر في المغرب
مضت الأيام و ستمر الأعوام ولكن هناك أحداث لن تمر وتبقى ذكريات مؤلمة، حرب غزة رسمت حكاية شعب وصمود أمة، وتركت صغاراً بعمر الكبار ملامح الوطن الذي طالما عاش الأسى، وبئر ريان تركت لنا ريان أيقونة الطفولة التي غادرت روحه من بئر ضيق في باطن الأرض إلى عنان السماء.
وطن عاش الحروب والصراعات دفعت فيها الأرواح البريئة من دمائها وأجسادها، لترسم آلاف المشاهد التي ترفض أن تغادر ذاكرتنا لتعيش بداخلنا وتحرك فينا ما مات.
من بئر ريان إلى حرب غزة مسافة من الزمن والأحداث القاسية، ولكن يبقى ريان وتبقى حرب غزة ملامح من الحزن في هذا الوطن.
كشفت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة “حماس”،اليوم الأحد أنها استهدفت 180 آلية عسكرية تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال الأيام العشرة الأخيرة، مؤكدة أنها نفذت العديد من العمليات النوعية ضد قواتها.
وفي كلمة مسجلة أعلن “أبو عبيدة”.الناطق بإسم كتائب الشهيد عزالدين القسام إن عناصر المقاومة تمكنت “من التصدي لقوات العدو المتمركزة في محاور ما قبل الهدنة أو بعدها خلال الأيام العشرة الماضية من العدوان”مشدداً على أن عمليات المقاومة “نجحت في إيقاع عدد كبير من القتلى بين صفوف العدو، وعاد معظم مجاهدونا بسلام”.
كما أوضح بهذا الخصوص قائلاً: “نفذنا عدة عمليات نوعية ضد القوات الغازية تنوعت بين نصب الكمائن ومواجهتها بالأسلحة الرشاشة والعبوات المضادة للأفراد”.
“لا يتجرع سوى الخيبة”
أبو عبيدة، كشف أيضاً أن “العدو فشل في شمال القطاع وجنوبه وسيفشل أكثر كلما استمر عدوانه وانتقل إلى مناطق أخرى في القطاع”
كذلك، أوضح أن “العدو الصهيوني النازي يواصل عدوانه الهمجي ضد شعبنا، مستهدفاً الانتقام الأعمى من المدنيين، وخاصة النساء والأطفال”.
ثم زاد موضحاً أن “ما يحققه العدوان هو التدمير والقتل العشوائي ولا يتجرع سوى الخيبة، وسيفشل أكثر كلما استمر عدوانه، وكلما استمرت حربه كثرت هزائمه وخسائره، وسيتواصل تكبيده من الخسائر في كل يوم من العدوان”.
وسلط أبوعبيدة الضوء في كلمته على عجز إسرائيل عن الوفاء بوعودها “الكاذبة” بعد أن عجزت عن تحرير “ولو واحد من أسراها في القطاع”.
إذ صرح أبوعبيدة بهذا الخصوص قائلاً: “إننا نقول لجمهور العدو ولكل من يهمه الأمر في العالم، لا نتنياهو ولا العجوز غالانت يستطيعون أخذ أسراهم أحياء دون صفقة تبادل مع القسام”.
ثم أردف: “لقد أثبتت هذه المعركة وغيرها من المعارك هذه الحقيقة”.
بخصوص المقاومة، قال أبوعبيدة “إن تكرار العدو كلام القضاء على المقاومة في غزة هو للاستهلاك المحلي واسترضاء لنزوات اليمين المتطرف المتعطش للدماء”.
قبل أن يتساءل: “هل استطاع أن يقضي عليها في الضفة والقدس التي تتسع فيها المساعدة والدعم للمقاومة”.
وبعث أبو عبيدة رسائل طمأنة لأنصار المقاومة وقال: “مجاهدونا بخير وصفوفهم قوية ومتماسكة، ولا يزال الكثير منهم ينتظرون دورهم في القتال”.
قتلى الاحتلال
قبل ساعات قليلة من كلمة أبو عبيدة، أعلنت القسام، أن مقاتليها أجهزوا على 10 جنود إسرائيليين من المسافة صفر في منطقة الفالوجا شمالي قطاع غزة، بينما كذّبت “حماس” مشاهد زعمت إسرائيل أنها لاستسلام عناصر من مقاتلي كتائب القسام.
إذ تواصل المقاومة الفلسطينية تصديها للتوغل العسكري البري لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وتمكنت من إلحاق خسائر فادحة بقوات الاحتلال، خاصة في شمال القطاع الذي يشهد قتالاً عنيفاً منذ أيام، واعترف الاحتلال بمقتل المئات من جنوده منذ بدء العدوان على القطاع في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
حسب ما أوردته كتائب القسام على قناتها في “تليغرام”، فإن المجاهدين استهدفوا آليتين صهيونيتين بقذائف “الياسين 105” في جباليا شمالي قطاع غزة، وتمكنت عناصر كتائب القسام من الإجهاز على قناص صهيوني في منطقة الفالوجا شمالي قطاع غزة.
كما أعلنت كتائب القسام، صباح الأحد، استهداف دبابة ميركافا صهيونية في تل الزعتر شمالي قطاع غزة بقذيفة “الياسين 105″، واستهداف قوة خاصة راجلة بعبوة أفراد “رعدية” في جباليا، واستهداف قوة خاصة كانت متحصنة داخل مبنى بقذيفة أفراد غربي مخيم جباليا.
حقيقة استسلام عناصر كتائب القسام
من جهة أخرى، قالت حماس إنَّ عرض الاحتلال صوراً ومشاهد لمواطنين مدنيين عُزَّل في غزة، بعد احتجازهم ووضعه أسلحة بجانبهم، “ما هو إلا فصل من فصول مسرحية مكشوفة وسخيفة، دأب الاحتلال على فبركتها من أجل صناعة نصر مزعوم على رجال المقاومة”.
كما أضافت حركة المقاومة الإسلامية، في بيان لها الأحد، أن رجال المقاومة “يخرجون للعدو من حيث لا يحتسب ويُثخنون في جنوده وضباطه كل يوم، ويتصدون لتوغلاته في كل محاور القتال”.
حماس قالت في البيان أيضاً: “رجال المقاومة يواصلون قصف مستوطنات العدو، ولا يعرفون الاستسلام أو الانكسار، وشعارهم الدائم: وإنه لَجهادٌ.. نصرٌ أو
فيما اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي، السبت 9 ديسمبر/كانون الأول، بمقتل 5 جنود وضباط وإصابة 12 آخرين بجروح خطيرة في معارك غزة، ليرتفع إجمالي قتلاه في القطاع إلى 102 قتيل منذ بداية التوغل البري، و425 منذ عملية طوفان الأقصى.
بحسب بيان للجيش، فإن “5 جنود وضباط قتلوا في معارك بقطاع غزة، 4 منهم جنوبي القطاع”، مشيراً إلى إصابة 12 ضابطاً وجندياً بجروح خطيرة في المعارك”.
البيان الإسرائيلي أضاف أن “من ضمن قتلى اليوم ابن شقيقة رئيس الأركان السابق وعضو مجلس الحرب غادي آيزنكوت، بعد مقتل نجله قبل يومين”.
كشف مسؤول طبي فلسطيني عن استخدام الاحتلال الإسرائيلي للقنابل الحارقة في هجومه على قطاع غزة.
ونقلت وسائل إعلام اليوم السبت عن منير البرش مدير عام وزارة الصحة في غزة، قوله إن “الاحتلال الإسرائيلي قصف مراكز إيواء في شمالي غزة بقنابل دخانية وحارقة، تسببت بحالات اختناق وحروق غير مسبوقة”.
وبحسب وكالة الأناضول، أضاف المسؤول الصحفي في غزة، أن “الاحتلال يرتكب مجازر في شمال غزة. أوقع العديد من القتلى والجرحى”.
وطالب البرش “جميع الشركاء بالعمل الصحي لإقامة نقاط طبية وعيادات متنقلة”مشيرا إلي أن “الاحتلال قصف مراكز إيواء في شمالي غزة بقنابل دخانية وحارقة، أثرت في الناس، وتسببت لهم بحالات اختناق وحروق غير مسبوقة”.
وتابع: “عالجنا الليلة الماضية أكثر من 100 حالة اختناق وحرق”، لافتاً إلى أن “هذه الإصابات (الناجمة عن القنابل الحارقة) لم تمر علينا بالسابق ولم نرَ مثلها”.
فيما أشار البرش إلى “ارتفاع معدل الأمراض المعدية والمنقولة”، مبيناً أن “هناك زيادات كبيرة في حالات مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي والجلدية، وهناك تفشٍّ بالتهابات الكبد”، مضيفاً أن “مرضى الثلاسيميا والأمراض التخصصية المختلفة لا يجدون علاجاً لها، كذلك الكثير من أصحاب الأمراض المزمنة، في ظل محاصرة الاحتلال مستودعات الأدوية ومنعه الدخول إليها وإحضار التطعيمات والأدوية اللازمة”.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت 17 ألفاً و487 شهيداً، و46 ألفاً و480 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية، و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
فشل مجلس الأمن
يأتي هذا بعد أن أخفق مجلس الأمن الدولي في تمرير مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة، بعد استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو)، حيث أبلغت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي معارضتها وقفاً فورياً لإطلاق النار بقطاع غزة.
في الوقت نفسه قال مسؤولان أمريكيان، أحدهما حالي والآخر سابق، إن إدارة الرئيس جو بايدن طلبت من الكونغرس الموافقة على بيع 45 ألف قذيفة لدبابات ميركافا الإسرائيلية؛ لاستخدامها في قتال حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة.
كان مجلس الأمن، وتحت ضغط من الأمين العام للأمم المتحدة، قد انعقد للبت في دعوة إلى “وقف فوري لإطلاق النار لدواعٍ إنسانية” بغزة، في حين وصل وفد “قمة الرياض” إلى واشنطن لاستكمال جولته الداعية إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من شهرين على القطاع.
ووجّه أنطونيو غوتيريش رسالةً إلى مجلس الأمن، استخدم فيها المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية، التي تتيح له “لفت انتباه” المجلس إلى ملف “يمكن أن يعرّض السلام والأمن الدوليين للخطر”، في أول تفعيل لهذه المادة منذ عقود، وهو ما أثار حفيظة إسرائيل.
وكتب في رسالته أنه “مع القصف المستمر للقوات الإسرائيلية، ومع عدم وجود ملاجئ أو حدٍّ أدنى للبقاء، أتوقع انهياراً كاملاً وشيكاً للنظام العام؛ بسبب ظروف تدعو إلى اليأس، الأمر الذي يجعل من المستحيل (تقديم) مساعدة إنسانية، حتى لو كانت محدودة”.
يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي هجماته العدوانية على قطاع غزة لليوم الـ 60 بعد استناف العدوان على القطاع، يوم الجمعة الأول من ديسمبر/كانون الأول 2023 عقب انتهاء الهدنة المؤقتة، وإخفاق مساعي التوصل إلى اتفاق لتمديدها.
ومنذ صباح الجمعة، شنّ الاحتلال غارات عنيفة على عدة مناطق في قطاع غزة، خاصة مناطق الجنوب، مثل خان يونس وحي الشجاعية شرقي مدينة رفح، كما اندلعت اشتباكات ضارية على الأرض، حيث أكدت المقاومة أنها تتصدى لمحاولات إسرائيلية للتقدم.
وكشفت وسائل إعلام، مساء السبت، أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أمر رئيس الموساد دافيد برنياع والوفد الأمني المرافق له في الدوحة بالعودة إلى تل أبيب، بعد وصول مفاوضات استئناف الهدنة إلى طريق مسدود.
تصميم إسرائيلي
وفي تقرير له، كشف موقع أسباب المتخصص بالتحليل الجيوسياسي، إن المُعطيات تشير إلى تصميم إسرائيلي على استئناف حرب غزة لأسابيع قادمة، بما يشمل الاقتحام البري لعدة مناطق بجنوب القطاع، وهو ما يبرر القصف العنيف فور انتهاء الهدنة. وهو أمر يخالف بعض التقديرات التي راهنت على أن الهدنة ستجعل استئناف الحرب أكثر صعوبة في ظل الضغوط الدولية والإقليمية التي يتعرض لها الاحتلال.
وأشار التقرير إلي أن بيئة الصراع لا تزال غير ناضجة لوقف الحرب على قطاع غزة، بالنظر للعوامل الخارجية والداخلية المؤثرة في مجريات الحرب، وفي القلب منها الموقف الإسرائيلي، حيث يتقاطع المستويان السياسي والعسكري في ضرورة استكمال المعارك خاصة مع استمرار قدرة السلطات الإسرائيلية على التحكم في الدعاية الموجهة للجمهور الإسرائيلي، والتي تتحرك بالاعتماد على “الصدمة الجماعية” التي أحدثتها عملية “طوفان الأقصى”، التي ولّدت الشعور بـ”التهديد الجماعي الوجودي”، الذي عزّز من الشعور الداخلي لديهم بأنهم أمام “حرب اللا خيار”، وبالتالي ضرورة تجنيد وحشد الدعم المجتمعي الكامل للحرب ولأهدافها العسكرية والسياسية. واقع أمني جديد
وبحسب موقع أسباب، فإن التركيز خلال الأيام الماضية على ملف الأسرى والمحتجزين لدى المقاومة، لن يؤثر على الأرجح على التزام قادة الاحتلال بأهداف الحرب الاستراتيجية. فعلى الرغم من وضع هدف تحرير “الرهائن” ضمن أهداف العملية العسكرية، إلا أن هذا لا يمثل سوى هدف سياسي ضروري للرأي العام المحلي.
لكنّ أولوية المؤسسة الأمنية وقيادة الجيش وحكومة الحرب هي إعادة التأسيس لواقع أمني جديد، وهو ما يتطلب بالضرورة تقويض قدرات حماس العسكرية، وإنهاء حكمها لقطاع غزة، فضلاً عن اتخاذ تدابير أمنية طويلة الأجل في قطاع غزة، مازالت غير واضحة، قد تشمل تقليل عدد سكان القطاع، وفرض مناطق عازلة، وفرض آلية رقابة أمنية إسرائيلية على القطاع تضمن عدم إتاحة المجال للمقاومة لإعادة بناء قدراتها وشن هجمات جديدة.
نتنياهو ومستقبل الحرب
يتصرف رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، كسياسي بات بقاؤه في السلطة مهدداً تماماً، لذلك فإن حساباته الشخصية المتعلقة باستطلاعات الرأي وعدد المقاعد في الكنيست، تتداخل مع الحسابات الاستراتيجية، وهو يعتقد في الوقت الحالي أن استمرار الحرب يضمن له البقاء في المشهد السياسي.
لكن بحسب “أسباب”، فمن المبالغة تصور أن حسابات نتنياهو الشخصية تتحكم بمستقبل الحرب؛ حيث إن قيادة الجيش والأجهزة الأمنية ربما تكون أكثر أهمية في هذا الصدد، وتغلب على نظرتها للحرب الأبعاد الاستراتيجية المتفق عليها، والتي سيكون لها تأثير على مستقبل “إسرائيل” ومكانتها.
وفي الوقت نفسه، لا تزال الولايات المتحدة تشكل الغطاء الدولي الداعم واللازم لتحقيق أهداف المعركة الاستراتيجية، في ظل قناعة إدارة بايدن بضرورة استهداف حركة حماس، وخلق واقع أمني جديد في قطاع غزة، وصولاً لاستكمال مشاريع التطبيع والتسويات الشاملة في المنطقة.
أهداف بعيدة التحقيق
مع ذلك، فإن تمسك قيادة الاحتلال بأهدافها الاستراتيجية لا يعني أن مدى نجاحها في تحقيقها بات مضموناً؛ حيث تبرز عوامل مضادة من شأنها أن تعيق أجندة الاحتلال وتترك مستقبل الحرب مفتوحاً على عدة سيناريوهات.
من هذه العوامل، قدرة المقاومة على الاحتفاظ ببنيتها الاستراتيجية والدفاع عنها، فضلاً عن إعاقة أهداف الاجتياح البري، ومدى صلابة الموقف الإقليمي الرافض لبعض هذه الأهداف، والتي قد تؤدي لمزيد من توسع المواجهة إقليمياً، خاصة إعادة احتلال القطاع وخطط التهجير التي تتوقف أيضاً على موقف أهل غزة أنفسهم. كما أن استمرار مستوى الدعم الأمريكي ليس مسلَّماً به كلما اقتربت الانتخابات الرئاسية.
بالإضافة لذلك، فإن العوامل الاقتصادية الخاصة بالاحتلال، والضغط الدولي، وضغط عائلات الأسرى والمحتجزين، وتطورات المواجهات في الضفة الغربية، قد تؤثر أيضاً على وتيرة العملية العسكري نفسها وحدودها، لكن تأثيرها على الأهداف الاستراتيجية إزاء وضع غزة سيكون أقل مقارنة بالعوامل الأخرى السابقة.