سيناريو الرعب يبدأ في أوروبا برعاية إفريقية..ما القصة

يواصل المجلس العسكري الحاكم في النيجر الضغط على الدول الأوروبية التي ما زالت ترفض الاعتراف به وتطالب بعودة النظام السابق.
وبعد طرد القوات الفرنسية وإنهاء الوجود الدبلوماسي لباريس في النيجر، لجأ النظام العسكري لورقة الهجرة غير الشرعية للضغط على عموم الاتحاد الأوروبي لوقف تدخلاتها في النيجر في ظل استمرار باريس وحلفائها الغربيين بالمطالبة بعودة نظام الرئيس محمد بازوم الذى أطاح به انقلاب عسكري أواخر تموز / يوليو الماضي.
وبحسب تقارير، فإن القانون الذي تم إلغاءه كان يفرض عقوبات تصل إلى 7 آلاف يورو فضلا عن السجن من 5 إلى 10 سنوات للمتورطين في تسهيل الهجرة غير النظامية.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة فإن منطقة “أغاديز” في النيجر كانت تشهد عبور 4000 مهاجر أسبوعيا لا يحملون وثائق سفر من مختلف دول غرب إفريقيا.
وبحسب مراقبون فإن قرار سلطات النيجر سيكون له تداعيات كبيرة ليس على صعيد النيجر فقط ولكن على المستوي الإقليمي والدولي خاصة لما يمثله ملف الهجرة من صداع في رأس الدول الأوروبية.

سيناريو الرعب


وتري د.فريدة البنداري نائب رئيس المركز العراقي للدراسات الأفريقية أن “النيجر تعد أبرز ممر للمهاجرين القادمين من دول جنوب صحراء أفريقيا إلى أوروبا”.
وقالت لوكالتنا : ” في حالة رفع السلطات في النيجر يدها على التصدي للمهاجرين ومتابعة مهربي البشر، فإن ذلك يعني موجات ضخمة من المهاجرين مرتقبة في الشهور المقبلة الى دول الاتحاد الاوربي وهو ما يعني أن أزمة هجرة كبيرة تلوح في الأفق”.
وتعتقد خبيرة الشؤون الأفريقية أن إلغاء القانون سوف يزيد من تعقيد العلاقات بين النيجر والاتحاد الأوروبي، مستشهدة بما قلته أولف ليسينج، مدير المكتب الإقليمي لمؤسسة كونراد أديناور لمنطقة الساحل في ألمانيا أن سيناريو الرعب بدأ يتكشف بالنسبة لأوروبا”.
وأشار إلي أنه “من الأساس كان القانون في مصلحة الاتحاد الأوروبي أكثر من النيجر ، فقد صدر القانون في تناقض صارخ مع قواعد المجتمع النيجيري ولم يأخذ في الاعتبار الحريات العامة للمواطنين من خلال تجريم الهجرة”.

أزمة بين الجزائر وتونس
وحول تأثير القرار على دول مثل تونس وليبيا، تري الباحثة أن “هذا القرار يُهدد بخلق أزمة بين الجزائر وتونس، وستكون تداعياته خاصة على دولتي تونس وليبيا اللتين سيجدان أنفسهما أمام تدفقات كبيرة من المهاجرين غير النظاميين، خاصة في ظل التصدي الذي تقوم به القوات الجزائرية على الحدود مع النيجر ودفع المهاجرين إلى اتخاذ مسارات أخرى نحو تونس وليبيا.”
وتابعت : “في ظل هذا الوضع الذي يشمل الكثير من التهديدات المتعلقة بالهجرة، فإنه يُرتقب أن يرفع الاتحاد الأوروبي من التعاون مع مع البلدان المعنية، من بينها المغرب، الذي تقصده أعداد هامة من المهاجرين من أجل التسلل إلى المدينتين المحتلتين كسبتة ومليلية، إضافة إلى محاولات الهجرة عن طريق البحر نحو الجنوب الإسباني، أو نحو جزر الكناري”.

معاقبة أوروبا


من جانبها تري خبيرة العلاقات الدولية التونسية د.ليلي الهمامي أن “النيجر خرجت منذ الانقلاب عن دائرة التأثير الفرنسي واتخذ الحكم الجديد في البلاد خطوات واضحة في اتجاه طرد فرنسا من النيجر ، ضمن موجة احتجاجات معادية للاستعمار الفرنسي”.

وقالت لوكالتنا ” تؤكد المعطيات أن القيادة الجديدة في النيجر تسع إلى معاقبة فرنسا وأوروبا لمواقفهم المعادية للتغيير السياسي في “نيامي”.
وأشارت الهمامي وهي مرشحة سابقة في انتخابات الرئاسة بتونس إلي أن “الهجرة غير النظامية ورقة هامة توظفها السلطة في نيامي لإغراق أوروبا بهجرة جماهيرية تفقدها توازنها وتعري عنصريتها”.
وشددت على أن “تونس الملتزمة مع الاتحاد الأوروبي بمواجهة هذا تيار الهجرة غير الشرعية، بمقابل، ستجد نفسها ملزمة بحماية حدودها من تعاظم تيارات الهجرة”.

واعتبرت الهمامي أن ضغط النيجر على أوروبا يمنح تونس امتيازا تفاوضيا هاما.

52 يوم من القتال..كيف غيرت حرب أوكرانيا النظام العالمي وسياسات الدول؟

تناولت صحيفة “واشنطن بوست” ما حمله الاجتياح الروسي لأوكرانيا، الذي بدأ في 24 فبراير الماضي، من تداعيات غيرت ملامح العالم في فترة وجيزة، ودفعت بلداناً عدة إلى إعادة النظر في مواقفها القائمة منذ عقود، مع ما يشكله من تهديد مباشر للاقتصاد العالمي.
وقالت الصحيفة الأميركية إنه منذ إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بدء الاجتياح العسكري للجارة أوكرانيا، تساقطت القذائف والصواريخ على المدن الأوكرانية، مع انتشار الجيش الروسي على امتداد الحدود، ما تسبب في موجة نزوح كبيرة تحولت إلى واحدة من أكبر أزمات اللاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.


وأضافت أن الصور الشنيعة للقتل والتعذيب، بما في ذلك المقابر الجماعية التي تم العثور عليها في إحدى المدن التي كانت ترزح تحت الاحتلال الروسي، تسببت بصدمة بمختلف أنحاء العالم، موضحة أن بوتين تم وصفه بمجرم حرب، بينما اتهم عدد من القادة الغربيين روسيا بارتكاب “الإبادة الجماعية”.

 

غير أن “واشنطن بوست” توقفت بشكل أكبر عند تداعيات حرب بوتين التي تتجاوز أوكرانيا، موضحة أنها دفعت عدة بلدان إلى إعادة النظر في مواقفها التقليدية بالتزام الحياد أو سياستها بخصوص استقبال اللاجئين، مع تهديدها استقرار الاقتصاد العالمي.
وبحسب الصحيفة فقد حملت فترة أقل من شهرين على بدء الاجتياح الروسي لأوكرانيا تحولات عالمية كبيرة لخصتها كما يلي:

استقبال حار للنازحين الأوكرانيين
قالت “واشنطن بوست” إن 4.6 ملايين مواطن أوكراني غادروا بلادهم، الجزء الأكبر منهم نزح إلى البلدان المجاورة كبولندا ورومانيا.

وأوضحت أن البلدان التي استقبلتهم كانت متشددة في السابق في فتح حدودها أمام نازحين آخرين، مضيفة أنه للتعامل مع تدفق اللاجئين الأوكرانيين، وضع القادة الأوروبيون خارطة طريق جديدة، عززت التوافق السياسي وسرعت عملية استقبال الأوكرانيين.

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أنه حتى اليابان، البعيدة جغرافيا، تحركت لاستقبال 400 شخص من المرحلين الأوكرانيين، في خطوة غير مسبوقة من جانب طوكيو التي عرفت تاريخيا برفضها استقبال طالبي اللجوء.

وذكرت “واشنطن بوست” أن الاستقبال الحار الذي خصص للاجئين الأوكرانيين أثار الدهشة، حيث أشار أخيراً المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، إلى أن بلدانا مثل أثيوبيا واليمن لم تتلق “ولو جزءا ضئيلا” من الاهتمام الذي خصص لأوكرانيا.

إعادة النظر في عدم الاصطفاف السياسي
بحسب تقرير “واشنطن بوست” فإن عدداً من البلدان التي شاركت في فرض العقوبات الغربية على روسيا على خلفية الحرب بأوكرانيا كانت إما تعرف تقليدياً بأنها تتبنى الحياد السياسي، أو كانت لديها علاقات اقتصادية وثيقة مع الأوليغارش الروس.

وكمثال على ذلك، قالت الصحيفة إنه بعد أيام على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، أعلنت سويسرا أنها ستنضم إلى الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على موسكو، وهو تحول لافت عن مبدأ الحياد الذي التزمت به طويلا. وأضافت أن إمارة موناكو، ملاذ كبار الأغنياء الروس، تحركت كذلك وجمدت أصول الأوليغارش الروس بما يتماشى مع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي.

الشأن نفسه شمل سنغافورة، التي أوضحت “واشنطن بوست” أنها قامت بما اعتبرته خطوة “غير مسبوقة لحد ما” بفرض عقوبات على دولة أخرى دون وجود قرار لمجلس الأمن الأممي في هذا الخصوص.

الإخراج المتواصل للاقتصاد الروسي من العولمة
ارتباطاً بالعقوبات الدولية، قالت “واشنطن بوست” إنه بعد سقوط جدار برلين بدأ الروس يقبلون على المنتجات الغربية مثل ماكدونالدز للوجبات السريعة. وأضافت أن ردة الفعل الدولية على قيام بوتين بضم شبه جزيرة القرم في العام 2014 شكلت بداية لعزل المجتمع والاقتصاد الروسي عن العالم الغربي، موضحة أن الغزو الذي بدأ في 24 فبراير سرع ذلك أكثر.

وقالت الصحيفة الأميركية إنه تحت ضغط حكومات بلدانها والمستهلكين، قامت الشركات والمنظمات الكبرى بنقل أنشطتها من بلاد بوتين، أو وقفها كليا، ما يحرم المواطنين الروس من الحصول على عدة منتجات استهلاكية. الأمر نفسه شمل المواعيد الرياضية الدولية والمؤسسات الثقافية البارزة التي قطعت العلاقات مع المشاركين الروس.

ارتفاع صاروخي لموازنة الدفاع في ألمانيا
ذكر تقرير “واشنطن بوست” أنه رغم كونها أكبر اقتصاد بأوروبا وعضوا نافذا داخل حلف شمال الأطلسي (ناتو)، التزمت ألمانيا بالحذر بشأن فرض وجودها على الساحة الدولية. وأضاف أنه بعد الحرب الباردة، قامت برلين بتطوير علاقات وثيقة مع موسكو على الصعيد الاقتصادي وفي مجال الطاقة.

وأوضحت الصحيفة أن الغزو الروسي لأوكرانيا دفع ألمانيا إلى تغيير وجهتها. ففي أواخر فبراير/ شباط الماضي، أعلن المستشار الألماني، أولاف شولتز، أن حكومته سترفع بشكل كبير الموازنة المخصصة للدفاع. كما أعطى الضوء الأخضر لتزويد أوكرانيا بالأسلحة، بعد أسابيع فقط على موجة السخرية التي رافقت عرض بلاده إرسال خوذ واقية إلى كييف.

وبلغة الأرقام، ذكرت “واشنطن بوست” أنه تم ضخ 110 مليارات دولار بمخصصات الجيش الألماني، ما يمثل الضعف عما تلقاه في العام السابق.

تهديد لمصادر العيش العالمية
لفت تقرير “واشنطن بوست” إلى أنه قبل الحرب، كانت أوكرانيا رابع أكبر مصدر دولي للذرة والقمح، فيما روسيا أكبر مصدر عالمي للنفط إضافة لكونها من كبار المزودين بالأسمدة. وكان من تداعيات الحرب، ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية عالميا، ما يهدد وفق الصحيفة، الأمن الغذائي ويقوض جهود تخفيف وطأة الفقر في أفريقيا والشرق الأوسط.

وقال برنامج الأغذية العالمي إن 41 مليون شخص بغرب ووسط أفريقيا قد يتضررون بفعل أزمة الغذاء هذا العام، في ظل الأسعار الأكثر ارتفاعا منذ عدة عقود لمواد مثل الحبوب، والطاقة، والأسمدة.

وأضاف تقرير “واشنطن بوست” أن منظمة التجارة العالمية توقعت الثلاثاء تراجع النمو العالمي إلى 2.8 بالمائة مقارنة بنسبة 4.1 بالمائة قبل الحرب، قائلة إن النزاع وجه “ضربة قوية” للاقتصاد العالمي. وبحسب الصحيفة، فإن الخبراء يرون أنه كلما طالت الحرب، كلما كانت التداعيات أكبر فأكبر.

Exit mobile version