بعد 3 شهور من الحرب..ماذا ينتظر السودان من صراع الجنرالات ؟

مع اندلاع الصراع السوداني منتصف أبريل الماضي، كانت التوقعات تشير إلي أنها مجرد خلافات بين حلفاء سرعان ما ستنتهي بتدخل القوي الإقليمية ودول الجوار، ولكن مرت الأيام ودخلت الحرب شهرها الثالث دون أفق واضح أو بادرة أمل في نهاية قريبة بل ربما كل المؤشرات تقود إلي توقعات متشائمة تنتظر السودان وشعبها مع استمرار الحرب..فإلي أين تتجه الأحداث بالسودان خلال الفترة المقبلة ؟
وبحسب تقارير صحفية فقد تسبّب النزاع الذي تفجر في 15 أبريل الماضي، بمقتل أكثر من 2000 شخص، وفق آخر أرقام مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أن الأعداد الفعليّة قد تكون أعلى بكثير، حسب وكالات إغاثة ومنظّمات دوليّة.
كذلك دفعت المعارك أكثر من 2,2 مليون شخص إلى النزوح، لجأ أكثر من 528 ألفا منهم إلى دول الجوار، وفق المنظمة الدولية للهجرة.
.وفي سياق متصل، أكدت الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، الأحد 18 مايو/ آيار ، أن نحو نصف سكان السودان يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية.
وأضافت الآلية في بيان نشرته البعثة الأممية في السودان أن من الضروري إيصال المساعدات إلى ملايين المحتاجين مع دخول الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع شهره الثالث.
كما أوضحت أن نحو 1.7 مليون شخص نزحوا داخل السودان، بينما لجأ ما يقرب من نصف مليون شخص إلى البلدان المجاورة، مشيرة إلى أن “العدد المتزايد من الضحايا والمصابين إلى جانب الدمار الواسع النطاق للممتلكات وسبل العيش أمر مقلق للغاية”.
وبحسب مراقبون، فإن الأوضاع في السودان ربما تسير نحو أوضاع أكثر مأساوية مع دخول الحرب الشهر الثالث ووجود احتمالية كبيرة لعدم وجود نهاية قريبة للصراع.
ويري رامي زهدي الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية أن الأزمة السودانية مع دخولها الشهر الثالث تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، معتبرا أن المرحلة الأصعب لم تأت بعد.
وقال زهدي : “المشكلة أن هناك فصل بين الصراع العسكري والأزمة الإنسانية وكأن كلاهما لا يرتبطان بالأخر، مشيرا إلي أن الأزمة الإنسانية تزداد سوءا بمرور الأيام، وحتى العائلات والأفراد الذىن حافظوا على تماسكهم خلال الفترة الماضية لم يعد بقدرتهم التماسك بعد هذه المدة، كما إن إمكانيات اللجوء والنزوح والفرار لم تعد متاحة بنفس القدر كما كان فى السابق”.

طول آمد الصراع
ويري الباحث “أن طول أمد الصراع يهدد الدولة السودانية والشعب السوداني فضلا عن أكثر من 20 دولة أخري” .
وأوضح: “طول أمد الصراع يمثل مزيد من الاستنزاف للإمكانيات والقدرات السودانية التي هي في الأساس منهكة وضعيقة وتعاني عبر سنوات طويلة، كما يمثل استنزاف للشعب وطاقاته وصبره وإمكانياته، كما تمثل استنزاف لطاقة وإمكانيات الدول المجاورة التي تعاني من الأزمة بالسودان، لافتا إلي أن هناك أكثر من 7 دول جوار، وأكثر من 17 دولة أخري لها علاقات تجارية وإقتصادية مع السودان تتاُثر بالحرب بشكل مباشر وغير مباشر”.
ويعتقد الباحث” أنه مع مرور الوقت، وانشغال العالم بصراعات أخري ربما يقل الاهتمام بالأزمة السودانية، خاصة أن كل الهدنات التي تم الاتفاق عليها لم يتم الإلتزام بها، ولا يوجد بارقة أمل فى تراجع أحد الطرفين”.
وبحسب زهدي فإن “أحد أهم أسباب الأزمة أن كلا الطرفين يريد إطالة الحرب، فالدعم السريع تعتبر أن طول المعركة إنتصارا لها، والجيش السوداني يري أنه يحتاج بعض الوقت للقصاء نهائيا على قوات الدعم السريع وإلحاق الهزيمة بها”.
ويضيف الباحث ” المشكلة أيضا أن الجهود الدولية لحل الأزمة مثل التحركات السعودية والأمريكية لا تتحدث عن حل سياسي شامل ولكنها تبحث فرص تهدئة أو تقليل الأعمال العدائية وفتح ممرات آمنة للمدنيين فقط، لافتا إلي أن كلا الطرفين يستخدم هذه الهدنات كمرحلة استعداد لاستئناف المعارك مرة أخري”.

مزيد من التعقيد
وحذر الباحث من “إن الأزمة السودانية تتجه لمرحلة جديدة من التعقيد خاصة بعد مقتل والي دارفور معتبرا ان تلك الحادثة تنذر بدخول البلاد فى مرحلة صراعات عرقية وقبلية وهي مرحلة لو بدأت فإن دائرة الصراع لن تنتهي، نظرا لما تمتلكه هذه القبائل والعشائر والقوميات من قوة وسلاح وتمركز على الأرض ولن تتوقف هذه الحروب خاصة أن هذه القوميات والقبائل لا تمتلك إطار تفاوضي أو سياسي ولا تجيد سوي القتال العسكري.
ويري “أن دخول هذه القبائل والعشائر فى الصراع قد يقود بالسودان لمرحلة لا تحمد عقباها خاصة أنها خلال الفترة الماضية كانت تلتزم الحياد ولم تدعم أيا من الطرفين”.

الحل مازال ممكنا
ويؤمن زهدي أن “الحل مازال ممكنا ولكن لابد من تدخل القوي المدنية والشعبية السودانية بدعم دولي كطرف مؤثر فى حسم الصراع للوصول لمرحلة وقف الصراع بشكل كامل أولا ثم خروج الأطراف المتصارعة كأشخاص من المشهد السياسي، والحفاظ على قوام المؤسسة العسكرية كأحد مؤسسات الدولة الرسمية على أن يكون الدعم السريع جزء من هذه المؤسسة”.
وشدد الباحث على أنه “لابد من حل سياسي متكامل ومشاركة أطراف أخري فى الوصول لهذه الحلول كأطراف عن القوي المدنية وممثلين عن الشعب السوداني والنقابات المهنية، مشيرا إلي أن الفصل بين القوات المتصارعة والشعب لا تعطي أى أمل في الوصول للحل”.

المستفيد من الحرب
وبحسب زهدي فإن “المستفيد الأكبر من إطالة أمد الصراع داخليا هو الدعم السريع الذى يدرك قياداته أنها لن تستطيع هزيمة الجيش ولكنه يسعي لحرب طويلة للحصول على فرص تفاوضية تمنحه وضع أفضل” .
ويؤكد خبير الشؤون الأفريقية أن “هناك دور إقليمي ودولي وراء استمرار الصراع بالسودان، وهناك دول من مصلحتها بقاء الوضع الحالي دون حل وأن يبقي السودان جسد مريض لا يموت ولا يتعافي.
واعتبر أن “هناك دول تمارس سياسات غير شريفة تجاه السودان وتحاول استغلال ثرواته والسيطرة عليها استراتيجيا وعسكريا أو تقسيمها وإقامة قواعد عسكرية بها بسبب أن السودان تطل على منطقة البحر الأحمر التي وصفها بأخطر منطقة فى العالم وبالتالي قيام الصراع من الأساس واستمراره تقف وراءه أطراف خارجية وهناك مصالح مختلفة لدول مختلفة في المنطقة مشددا على أن القوي المتحاربة مجرد أدوات بيد تلك الأطراف”.

“الشمس نيوز” بقلب الخرطوم..ماذا فعلت حرب الجنرالات في السودان وشعبها ؟

الخرطوم/ سليمان السباعي

في الخامس عشر من أبريل اندلعت حرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع الكثير تنبأ بانتهاء الحرب في زمن وجيز، البعض قال أسبوع وسوف تنتهي هذه الحرب، والآخر أكد انها مسألة ايام فقط وتنتهي و نحن الآن ندخل على شهرها الثالث.
حتى الآن خلفت هذه الحرب خسائر بشرية و مادية وجعلت الكثيرين يخرجون من العاصمة الخرطوم البعض اتجه إلى ولايات السودان المختلفة، والبعض الاخر هاجر إلى خارج السودان، منهم من ذهب إلى دولة مصر الشقيقة، ومنهم من ذهب إلى الإمارات العربية المتحدة، ومنهم من اختار المملكة العربية السعودية تاركين بيوتهم وممتلكاتهم.

دمار فى كل مكان
من أكثر المناطق التي شهدت اشتباكات عنيفة منذ اندلاع الحرب هي منطقة الخرطوم، والخرطوم بحري التي شهدت اشتباكات عنيفة جدا، ودمار طال الأسواق ومنازل المواطنين، وتليهم منطقة أم درمان التي أيضا شهدت نهب ودمار اكبر الأسواق فيها سوق أمدرمان وسوق ليبيا اللذان تعرضا للنهب والدمار.
في بحري طال الدمار المحطة الوسطى التي بها سوق بحري وتم حرقه بالكامل وهو كان من أهم الأسواق في العاصمة الخرطوم.
ولم تقف على ذلك بل طال الدمار المنطقة الصناعية بحري التي بها اهم المصانع التي توفر المواد الغذائية للسودان اجمع وليس ولاية الخرطوم فقط مثل مصنع سيقا وسين و ويتا، المصانع التي توفر دقيق الخبز لكافة السودان تم دمارها ونهبها.

كارثة صحية
أما من الناحية الصحية عديد من المستشفيات والمرافق الصحية أصبحت خارج الخدمة من اهمها مستشفى الخرطوم ومستشفى شرق النيل ومستشفى بحري من أكبر المستشفيات في البلاد أصبحت خارج الخدمة بسبب القصف وقربها من مناطق الاشتباكات واحتلال قوات الدعم السريع لها واتخاذها سكنات لهم.
وايضا في امدرمان تعرضت مراكز صحية لي قذائف طائشة منها مركز الرومي الصحي في منطقة الثورات مما خلف إصابات بين المواطنين.

الوضع الصحي في الخرطوم ينذر بكارثة صحية في ظل شح الدواء والصعوبة في إيصال المساعدات الطبية إلى المستشفيات والمراكز الصحية التي لا زالت تعمل.

الوضع الميداني
اما عسكرياً تشهد العاصمة الخرطوم انقسام في مناطق السيطرة ما بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.
القوات المسلحة تسيطر على كافة مناطقها العسكرية وهي القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم، والجوية في الخرطوم أيضا، وسلاح المهندسين في منطقة أمدرمان، وقاعدة وادي سيدنا في امدرمان، وفي بحري منطقة كوبر وسلاح الإشارة وعديد من المناطق الحيوية.
اما قوات الدعم السريع فهي متواجدة في شوارع العاصمة الخرطوم في منطقة بحري وامدرمان وشرق النيل لديها تواجد في الشوارع فقط ليست لها معسكر او منطقة بعينها، فكل معسكرات الدعم السريع تم قصفها وتدميرها تبقى لهم معسكر طيبه مع مدخل العاصمة وهو الان تحت حصار الجيش وبعض الأخبار تقول ان قوات الدعم السريع في معسكر طيبه أعلنت استسلامها.
الجيش حتى هذه اللحظة يعتمد على سلاح الطيران والمدفعية لضرب الأهداف عن طريق الاحداثيات بعض المناطق تم تمشيطها عن طريق قوات من المشاة.

مفاوضات جدة
جرت في المملكة العربية السعودية بالتحديد في مدينة جده مفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مفاوضات افضت إلى عقد عديد من الهدنات الانسانية من أجل فتح ممرات آمنة وتسهيل إيصال المساعدات الانسانية للمناطق المتضررة ولكن كلها لمن تنجح في وقف الاشتباكات.
الجيش اشترط خروج الدعم السريع من المستشفيات والمراكز الخدمية ومنازل المواطنين وعدم استخدام أفراد الشعب السوداني كدروع بشرية لكن الدعم السريع لم يفي بهذه الشروط لذلك قامت القوات المسلحة بتعليق المباحثات والمفاوضات مع قوات الدعم السريع واستمرت المعارك بين الطرفين.
قوات الدعم السريع بدأت في حشد قوات من دارفور وتحريكها نحو العاصمة الخرطوم أيضا في خرق واضح لبنود الهدنة الموقعه بين الطرفين لذلك قامت القوات المسلحة بالتعامل معها عن طريق الطيران الحربي والمدفعية.
الان أعلنت الحكومة الأمريكية والحكومة السعودية عودة المفاوضات غير المباشرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ومن المتوقع ان يتم تقريب وجهات النظر ويستجيب الطرفان لشروط الهدنة واعلان وقف إطلاق النار.

25 يوما من القتال..هل تنجح مباحثات جدة فى وقف الصراع بالسودان؟

بعد قرابة شهر من الصراع المسلح الذى تشهده السودان، أعلنت وزارة الخارجية السعودية، أن ممثلي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بدأوا محادثات تمهيدية في مدينة جدة.
وبحسب البيان السعودي فقد حثت الرياض وواشنطن الطرفين على الانخراط بجدية في المحادثات من أجل تحقيق وقف فعال لإطلاق النار. والعمل على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية الطارئة، فضلا عن استعادة الخدمات الأساسية ووضع جدول زمني لمفاوضات موسعة للوصول لوقف دائم للأعمال العدائية.

أول محاولة لوقف الحرب

وتعتبر المبادرة السعودية الأميركية في جدة هي أول محاولة جادة لإنهاء القتال الدائر منذ 15 أبريل، الذي حوّل أجزاء من الخرطوم إلى مناطق حرب وعرض الانتقال السياسي الهش في البلاد للخطر بعد اضطرابات وانتفاضات استمرت لسنوات.
وأعربت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة عن ترحيبيها بالتزام الطرفين بتوجه بناء قائم على الاحترام المتبادل، وحثت كلاهما على احترام وقف إطلاق النار القائم حاليا، والامتناع عن أي أفعال استفزازية على الأرض للحفاظ على مناخ ايجابي للمحادثات التمهيدية.
ورحبت الآلية الثلاثية بالمبادرة السعودية الأميركية الرامية إلى إنهاء الصراع الذي يعصف بالسودان منذ أسابيع.

وقالت الآلية الثلاثية (تضم الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية والأمم المتحدة)، إنها تأمل أن تسفر المحادثات التقنية بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في جدة عن تفاهمات تؤدي إلى وقف شامل لإطلاق النار، مما يتيح تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للمدنيين الذين يجب أن تظل حمايتهم مسألة ذات أهمية قصوى.
كما رحب مراقبون بالجهود السعودية الأمريكية لوقف الصراع فى السودان، مؤكدين فى الوقت نفسه عدم كفايتها فى إنهاء المعارك خاصة فى ظل عدم اقتناع الطرفين بوجوب حل الأزمة ووقف القتال.
معوقات الاتفاق
ويري الباحث والمحلل السياسي السوداني عباس صالح أنه “رغم إن توسط المملكة العربية وبدعم قوي من المجتمع الدولي في جمع طرفي الصراع يعتبر خطوة مهمة على صعيد تحركات الدبلوماسية المبذولة منذ اندلاع الصراع، فمع ذلك ستواجه معضلات حقيقية على رأسها توصيف طبيعة الصراع حيث تتعارض رؤيتي طرفيه بشكل جذري”.

وقال صالح ” هناك أيضا الفصل بين الطبيعتين العسكري والسياسية المعقدة لهذا الصراع في هذه المرحلة المبكرة من المباحثات والتي ربما ستؤسس للمراحل التالية للحل الدائم والنهائي وفق رؤيتي الطرفين.
ويعتقد صالح “إن فرص نجاح المباحثات في جدة ضئيلة جدا في تحقيق إختراق على صعيد التوصل إلى تهدئة دائمة وخاضعة للمراقبة من طرف ثالث.
وأشار إلي “إن تجارب فشل وعدم صمود الهدن الست السابقة أظهرت أن استراتيجية الحسم العسكري بالنسبة للطرفين لا تساعد في تثبيت أي هدنة مستقبلا حيث تتناقض الهدنة بشكل واضح مع هذه الاستراتيجية.
ونوه إلي أن “الاستجابة للجلوس لمباحثات يمكن تفسيرها بأنها جزء من استراتيجية كل طرف؛ فالقوات المسلحة وضعت سقفا واضحا بينما تهدف قوات الدعم السريع للمحافظة على المناطق التي سيطرت عليها منذ اليوم الأول كسقف يمكن البناء عليه لتعزيز مواقفها في اي تفاوض رسمي ومباشر قد يجري مستقبلا”.

محاولة ولكن
بدوره، يري رامي زهدي خبير الشؤون الأفريقية أن مباحثات جدة محاولة للحل لافتا فى الوقت نفسه إلي أنه لا يتوقع أن تنجح فى حل الخلاف بشكل كامل.
وأوضح لوكالتنا “إن المباحثات قائمة على فكرة عدم الاجتماع المباشر بين الطرفين، لافتا إلي أن الجيش السوداني حافظ على رسمية الوفد بمشاركة ضباط عسكريين ودبلوماسيين في حين استخدم الدعم السريع أحد أشقاء حميدتي وأحد مستشاريه من العسكريين المتقاعدين. وسيجلس كل طرف على حدة مع ممثلين عن السعودية وأمريكا رعاة المباحثات.

ويعتقد الخبير المصري “أنه من المبكر الحديث عن نجاح جهود الوساطة لوقف الصراع السوداني فى الوقت الحالي مؤكدا أن اختلاف بهذا الحجم لا يمكن أن ينتهي بجهود وساطة من جولة واحدة بل ربما يحتاج جولات كثيرة وتدخلات دولية عديدة ، كما أن الأمر يتوقف على مدى رغبة الأطراف السودانية وقبولهم للتهدئة وجديتهم فى الوصول لاتفاق سلام.
ولفت إلي “أن القوات المسلحة السودانية طبقا لعقيدتها وبمراجعة مواقفها السابقة ترفض أن تتفاوض مع متمردين وميليشيات كما وصفتهم فى كل بياناتها، وبالتالي من غير المنطقي بالنسبة لها أن تستخدم أدوات تفاوض مع هذه الميليشيات من وجهة نظرها.
وتابع : كما إن الدعم السريع يعتقد على أن طول المعركة يعني انتصار له ويعطيه موقف تفاوضي أفضل، خاصة أنه يعتمد على خفة الحركة ومستوي تدريبي متقدم وسرعة التحرك مقارنة بالقوات المسلحة التي تتحرك بثقل وتقليدية وهو ما يمنحه أفضله تطيل معها أمد المعركة التي فى النهاية قد تبدو محسومة للجيش فى النهاية بحسب الباحث.

كارثة منتظرة
وحذر زهدي من أن “طول أمد الصراع يزيد من تكلفة الحرب حيث تتجاوز نصف مليار دولار يوميا فى حين إجمالي الناتج المحلي السوداني لا يتجاوز 34 مليار دولار وهو ما يشير إلي كارثة ستتضح معالمها حتى لو حصلت التهدئة والتوافق لأن العملية السياسية معقدة بعد ذلك”.
وأشار إلي أن “كلا الطرفين يقبل بالهدنات ولا يقبل بالتسويات لأن الهدن تمنحهم فرصة التقاط الأنفاس والتزود بالسلاح واللوجيستيات وعلاج الجرحي والمصابين وإعادة الانتشار، فالهدنة بالنسبة لكل طرف إعداد لمزيد من الحرب وليس فرصة لبحث السلام.
وختم قوله بالتأكيد على أن “اقتناع كلا الطرفين بقدرته على حسم المعركة سيجعل من الصعوبة اقناعهما بالإنهاء الحاسم للصراع فى الوقت الحالي”.

كيف تؤثر أحداث السودان على استقرار الشرق الأوسط ؟

منذ اندلاعها فى منتصف نيسان الماضي، حظيت التطورات العسكرية فى السودان باهتمام كبير من العواصم والمنظمات الدولية فضلا عن معظم وسائل الإعلام العالمية فى ظل تخوفات من أن تتحول إلي أزمة إقليمية تتجاوز حدودها أرض السودان وصراع حميدتي والبرهان..فكيف تؤثر أزمة السودان على استقرار المنطقة؟

حذرت تقارير دولية عديدة من مستقبل الأوضاع بالسودان فى ظل المواجهات العسكرية المسلحة التي تشهدها البلاد منذ منتصف نيسان الماضي بين قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وحليفه ونائبه السابق فى مجلس السيادة محمد حمدان دقلو الشهير بـ حميدتي.

وتحدثت تقارير صحفية من احتمالية تمدد الصراع بين حميدتي والبرهان لدول جوار السودان خاصة أن معظم هذه الدول تعاني أزمات إقتصادية وصراعات عسكرية وسياسية.

تمدد الصراع

وفى تقرير لها، أشارت وكالة “بلومبرغ” إلى مخاوف من تأثير القتال الدائر في السودان على الدول الأفريقية المجاورة التي تعاني إصلا من الصراع المستمر وانعدام الأمن الغذائي والتمرد المسلح والاضطرابات المدنية.

وبحسب الوكالة الأمريكية فإن الأزمة في السودان قد تسبب تداعيات وخيمة على سبع دول أفريقية، وهي جمهورية إفريقيا الوسطى ومصر وليبيا وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا.

ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، انتقل 75 ألف شخص إلى مناطق أخرى في السودان، وعبر 20 ألفا على الأقل نحو تشاد وستة آلاف نحو جمهورية أفريقيا الوسطى وغيرهم إلى إثيوبيا وسط توقعات بفرار ما يقارب 270 ألفا نحو تشاد وجنوب السودان خلال الأسابيع المقبلة.

كما استقبلت القاهرة حوالي 16 ألف سوداني حتى الأن فيما لا تزال حركة النزوح من السودان لمدينة أسوان المصرية مستمرة عبر المعابر الحدودية بين البلدين وسط توقعات بتزايد أعداد النازحين من الصراع خاصة بعد إعلان منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، مارتن غريفيث، أن الوضع الإنساني في السودان على وشك الانهيار.

ونقلت وكالة أنباء الأمم المتحدة عن غريفيث قوله: أن “الوضع الانساني يقترب من نقطة اللاعودة”.

يأت هذا فيما حذر مراقبون من تداعيات الأوضاع فى السودان على استقرار دول المنطقة بشكل عام خاصة مع معاناة معظمها من أزمات سياسية وإقتصادية.

منعطف خطير

ويري د.إياد المجالي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مؤتة الأردنية أن العمليات العسكرية التي انطلقت على مسرح الاحداث في السودان شكلت منعطفا خطيرا يهدد الأمن والسلم في السودان ودول الجوار الإقليمي.

وقال لوكالتنا ” إن هذه المواجهة باتت مثار جدل حول أهدافها وأطرافها، بل باتت بمثابة صندوق بريد ترسل من خلاله القوى الإقليمية رسائلها في ملعب تصفية الحسابات الإقليمية والدولية، الأمر الذي ينذر بإتساع مشاهد الفوضى  وما يتبع ذلك من تاثيرات على مجمل الأوراق والملفات الإقليمية”.

وبحسب الخبير الأردني فإن “ما تشهده السودان من مواجهات عسكرية بين قوات التدخل السريع من جهة و الجيش السوداني من جهة أخرى يمثل تطور مرعب للأحداث لاسيما أن هناك  مسوغات و أسباب متعددة تغري مصالح القوى الداعمة لأطراف الصراع بالتقدم نحو تعميق حده التوتر والقضاء على الأخر عبر حرب أهلية تفتك بالسودان أو المتبقي من مقدرات البلاد.

حرب بالإنابة

وأشار المجالي إلي أن “ثمة هواجس جمة لدى المجتمع الدولي جراء تداعيات هذه الأزمة التي قد تسفر عن اصطفافات  إقليمية تعمق من حدة  الإنقسام والصراع، والخشية من تنامي التحالفات الإستراتيجية التي ظهرت وتشكلت بعمق هذا الصراع، من خلال الدعم المباشر لأطراف الصراع بما يسمى حرب الإنابة.

وشدد على أن ما يحدث بالسودان بلا أدنى شك يلامس أوضاع الإقليم بشظايا تهدد الأمن والسلم، وتهدد كافة الأطراف الإقليمية التي تعمد إلى إيجاد أو تسجيل حضورها في الأحداث والوقائع بين الطرفين المتصارعين.

وحذر الأكاديمي الأردني من أن “الحرب الاهلية القائمة بالسودان قد تنتقل إلى دول الجوار مثل ليبيا ومصر، وقد تحولها الى كييف ثانية، لافتا فى الوقت نفسه إلي أن بواعث القلق العربي من  هذه الأزمة وتعدد الأطراف المشاركة فيها قد تهدد أمن المنطقة برمتها نظرا لتباين المواقف العربية من طرفي النزاع فى الخرطوم وهو ما يمهد لحرب طويلة قد تتناثر شرارتها خارج حدود السودان.

مع تصاعد الأحداث..ما السيناريوهات المحتملة للصراع العسكري فى السودان؟

تطورات متسارعة تشهدها الساحة السودانية منذ اندلاع الصراع المسلح بين قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو بزعامة الشهير بـ حميدتي.
وفى الوقت الذى تتواصل فيه الاشتباكات المسلحة فى أنحاء العاصمة الخرطوم، بدأت معظم الدول فى إجلاء بعثاتها الدبلوماسية التي لم تحظي بأى حصانة حيث أعلنت الخارجية المصرية وفاة مساعد الملحق الإداري فضلا عن تعرض أحد أفراد طاقم سفارتها فى الخرطوم لإطلاق نار، كما تعرض موكب السفارة الفرنسية لهجوم خلال إجلاء دبلوماسيها.
وتشير الأحداث على الأرض إلي أزمة ربما لن تنتهي قريبا فى ظل التقارب فى الإمكانيات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فضلا عن وجود داعمين دوليين وإقليميين لكلا الطرفين.
ميدانيا..انتشرت عمليات السلب والنهب فى المدن السودانية، حيث تعرضت الكثير من مخازن الشركات الكبري والمنازل للسطو فى ظل حالة الانفلات الأمني بالبلاد.
وحذرت الأمم المتحدة بالسودان، من قرب نفاد الغذاء والوقود وغير ذلك من الإمدادات الحيوية لدى سكان السودان، مؤكدة أن نظام الرعاية الصحية أيضا معرض لخطر الانهيار.
ويحذر خبراء ومراقبون من تحول السودان لمنطقة صراع جديدة بين القوي الإقليمية والدولية بما يؤدي لاطالة أمد الحرب الأهلية فى البلاد التي قد تتسبب فى وقوع أزمة غذائية كبيرة نظرا لضعف مؤسسات الدولة السودانية.

صراع دولي وإقليمي
ويري رامي زهدي الخبير فى الشؤون الأفريقية “إن السودان من أول الدول الأفريقية التي ظهر فيها بداية الصراع بين الروس والأمريكان على منطقة بورسودان المطلة على البحر الأحمر أحد أهم المناطق الاستراتيجية الأمنية فى العالم ثم دخلت باريس على الخط وأقامت مؤتمر دولي لأصدقاء السودان المانحين لدعم العملية السياسية فى السودانية وذلك بالتنسيق مع الدولة المصرية”.
وأكد “إن السودان مع بداية الأزمات السياسية والانشقاقات ظهرت أطراف كثيرة تحاول التدخل فى الشأن السوداني سواء بالسلب أو الإيجاب وهو ما جعل من عملية التفاوض بين الفرقاء السودانيين محل تداخل من قوي إقليمية ودولية مثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، كما ظهرت قوي إقليمية مثل السعودية وتركيا إضافة للدور المصري نظرا لما يمثله الوضع السوداني من تأثير على القاهرة”.
وبحسب خبير الشؤون الإفريقية فإن الصراع فى السودان ما كان ليشتعل بين الدعم السريع والجيش السوداني دون أن يكون لكلا الطرفين داعمين خارجيين دوليين أو إقليميين سواء دعم مباشر أو غير مباشر، مشيرا إلي أن الدعم الخارجي لكلا الطرفين ربما يصل لمرحلة الامداد بالسلاح والمشاركة فى العمليات على الأرض بشكل كامل.
وأشار إلي أنه ” لا يخفي على أحد أن كلا الطرفين له علاقات متشعبة بدول إقليمية ودولية متعددة، حميدتي على سبيل المثال يلتقي برؤساء دول منها روسيا وهو أمر غير منطقي نظرا لكونه أحد القيادات العسكرية ولا يحق له القيام بأدوار سياسية، كما إن البرهان كان فى زيارة شبه دائمة للقاهرة رغم أنه فى هذا التوقيت كان ضمن مجلس سيادي سوداني يقود العملية السياسية ولم يكن رئيس دولة” .
وتابع ” واضح أن كل الأطراف عنده ما يدفعه للإرتكان لقوي دولية وإقليمية، مثل الولايات المتحدة وروسيا ، إضافة للدول الخليجية التي تعتبر أحد أكبر المستثمرين فى السودان”.
سيناريوهات الأزمة السودانية
ويعتقد خبير الشؤون الأفريقية أن هناك سيناريوهات متعددة ربما أسوءها استمرار الصراع دون حل أو حسم من أحد الطرفين بحيث تستمر المعارك لفترات دولية دون أن يستطيع أى طرف حسمها لصالحه وهو ما سيؤدي لاستنزاف طاقة ومقدرات الدولة السودانية الضعيفة بالأساس وهي دولة لا تستطيع مواجهة ذلك لأنها ضعيفة الأركان اقتصاديا ومجتمعيا وحياتيا وقد نصل لأوضاع انسانية أصعب مما حدث فى دول مثل ليبيا التي لم تشهد على طول أزماتها أى نقص فى السلع أو الغذاء فى حين أن السودان قد تكون أقرب للأزمة اليمنية التي وصلت فى بعض مراحلها للمجاعة.
أما السيناريو الثاني بحسب زهدي فهو “تحقيق أحد الطرفين انتصار حاسم يقضي به أحدهما على الأخر وهو أمر لا يمكن الجزم به او تحديد من يستطيع ذلك نظرا لوجود تقارب فى العدة والعتاد لكلا لطرفين، ولكن ربما يمكن القول أن القوات السودانية تعتبر الأقرب للحسم نظرا لانها تمتلك زيادة نوعية فى العدد والسلاح كما أنها تمتلك شرعية وربما تحصل على دعم العشائر والقبائل السودانية” .
ونوه إلي أن “السيناريو الثالث هو ظهور قوة ثالثة موازية للقوتين المتحاربتين مثل حدوث اتحاد للقبائل أو تجمع لمجتمع مدني أو حراك شعبي يرفض ما يحدث من صراع ثم يميل لأحد الجبهتين دون الأخري وفى هذه الحالة سيكون الأقرب هو دعم الجيش والقوات السودانية نظرا لما تمثله من شرعية وفق الذهنية الشعبية على عكس الدعم السريع التي قد يعتبرها البعض حركة متمردة منشقة لا يجوز لها الخروج بهذه الطريقة”.
أما أخر السيناريوهات بحسب الخبير المصري فهو “التفاوض ودخول قوى إقليمية ودولية لجمع الأطراف على مائدة تفاوض والبحث عن حلول للأزمة لافتا إلي أن هذا الأمر ربما يكون احتمال ضعيف نظرا لكون العملية السياسية فى السودان مستمرة فى المفاوضات بين الأطراف المختلفة على مدار أكثر من عامين دون الوصول لحلول جذرية ووصل الأمر فى النهاية للصراع المسلح بين الأطراف وبالتالي لا يمكن التعويل على هذا الأمر نظرا لأن كلا الطرفين لن يقبل بوجود الطرف الأخر على الاطلاق”.

Exit mobile version