بقلم/ آلان معيشتلوح تركيا من بعيد وكأنها تستعد أو تلمح لاجتياح عسكري ضد مناطق قوات سوريا الديمقراطية، بعد أن سيطرت على مساحات شاسعة من الأراضي السورية، في ظل صمت دولي واتفاقات مبرمة ومقايضات بين المدن سورية، والتي كانت كفيلة بضرب الثورة السورية، وزيادة معاناة السوريين، بسبب استخدام الأسلحة الفتاكة وفرض سياسة التجويع وجعل المخيمات أفخم مأوى يلجأ إليه السوري، هرباً من المدافع التي لا تفرق بين صغير أو كبير وبين مدني أو عسكري.
فشلت تركيا في الحصول على ضوء أخضر دولي، لتنفيذ عملية عسكرية كبيرة ضد مناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، نظراً لتفاهمات روسية أمريكية، والتي تنص على منع تركيا من السيطرة على مدن جديدة ضمن الشمال والشرق السوري.
خطة روسيا لاخضاع الإدارة الذاتية
ولكن، بات واضحاً أن روسيا تستخدم تركيا وفصائلها في وجه الإدارة الذاتية لتتمكن من إخضاعها لشروط النظام السوري، باعتبارها فشلت في هذا الأمر عام 2019، عندما أقدمت أنقرة على تنفيذ عملية أسمتها “نبع السلام” ضد كل من مدينتي تل أبيض ورأس العين، حيث رفض حينها القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، تسليم تلك المناطق للنظام السوري على صفيحة من ذهب.
تعود موسكو اليوم لتستخدم أنقرة بإسلوب آخر ضد شمال وشرق سوريا، تزامناً مع مناشدات إدارة شمال وشرق سوريا، لفتح قنوات الحوار مع النظام السوري. وبدأت تركيا برغبة روسية، بقصف أربع أماكن محددة، في أواخر عام 2021 وحتى الآن، وهي كل أبو راسين وتل تمر وكوباني وعين عيسى، بشكلٍ عشوائي، لاتفرق بين مدني وعسكري.
دأبت تركيا وعبر الفصائل الموالية لها على ارتكاب مجازر بحق الأهالي، كما شردت عشرات العوائل، حيث تسعى كل من روسيا وتركيا إلى خلق فوضى ولبث الفتنة بين شعوب المنطقة والإدارة الذاتية، وذلك لإجبار الأخيرة على القبول بشروط نظام الأسد. وتحاولان أيضاً وبشتى السبل والوسائل جرّ القوات العسكرية إلى حرب مفتوحة، لإعادة سيناريو عفرين ورأس العين وتل أبيض.
ولكن نقطة الاختلاف هنا، ورغم كل هذه المعطيات الأنفة الذكر هي أن بوتين لن يسمح لأردوغان بإخضاع هذه المناطق لسيطرته، في الوقت الذي يتغاضى فيه عن قتل المدنيين وخرق اتفاق الهدنة المبرم في أكتوبر عام 2019.
ومن الجهة الأخرى، وصف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا الكسندر لافرنتيف، اجتماعات اللجنة الدستورية بـ “مضيعة للوقت”، مؤكداً على عدم قبول روسيا لأي تغيير في السلطة أو الدستور، والتي كانت صفعة قوية لأنصار “المعارضة السورية”.
حديث لافرنتيف قبيل اجتماع استانا، له دلالات كثيرة، موسكو تحاول خلط الأوراق لضمان عدم صياغة دستور جديد لسوريا وإجبار المعارضة على القبول بالأمر الواقع.
أما في ما يخص طلب روسيا من تركيا استخدام مسيّراتها فهي تأتي في سياق زعزعة استقرار المنطقة وإضعافها أمام النظام، لتنفيذ رغبات الأسد وفرض شروطه على قسد. وبذلك تدخل روسيا بقوة إلى المحادثات الدولية بشأن الأزمة السورية و تفتح الطريق أمام حلول على مزاجها وتقوم بصياغة دستور جديد يخدم مصالها.
الأزمة السورية تدخل مرحلة جديدة، خالية من السوريين في تقرير مصيرهم أو المشاركة في صياغة قوانين تنهي معاناتهم التي أصبحت تتفاقم وتنفجر في كل منزل، وتحوله إلى غابات مددجة بالخطر.
ذات صلة
الكاتب والباحث السياسي أحمد شيخوكمثل كل الشعوب التي تريد الحفاظ على وجودها والعيش بثقافتها وخصوصيتها وكرامتها ووفق قيمه المجتمعية الأخلاقية و الإنسانية و ممارسة حقوقه في إدارة مناطقه وثرواته وبناء علاقاته المفيدة.
يريد الشعب الكردي أيضاً ذلك ويصر عليه بكل حزم وإرادة كونه يملك ثقافة أصيلة وبنية مجتمعية وجغرافية قدمت للبشرية أهم ثورة في التاريخ الثورة الزراعية(النيويلوتية قبل 12 ألف سنة) بالإضافة إلى تطور اللغة وتكون ثقافة التحضر والبناء المجتمعي الإنساني وبنى الإدارة وظهور الميثولوجيات والأديان بعد تلاقي ثقافتها ولغتها كمجوعات لغوية هندأوربية مع الثقافة السامية وحتى حضارة وادي النيل والفراعنة المصريين وإنتشار هذه الثقافة إلى الهند والصين وبعد مراحل إلى أوربا وأمريكا بعد تطورها وتجاوزها مراحل عديدة وتكوينها لأغلب حضارات الشرق والمنطقة، ولعل ماتم إكتشافة في موقع كوبكلي تبه(خرابة رشكي) الأثري القريب من مدينة أورفا(رها ) الكردية على الحدود السورية التركية الحالية و كذلك في تل حلف وحاليا في العراق وسوريا وغيرها من الأثار والأوابد تؤكد بعض ما ذكرنا.
بسبب الطبيعية الجغرافية الجبلية المساعدة على الحماية وتوفر الغطاء النباتي والموارد والتربة الخصبة ووجود إمكانيات العيش بوفرة ، لم يجد الشعب الكردي نفسه مضطراً إلى اكتساب مهارات الغزو والسلب والاستيلاء كما باقي الشعوب في المنطقة والعالم، حتى أن كردستان أو ميزوبوتاميا كانت تطلق عليها مصطلح الجنة في الكتب والمراجع السومرية عند ذكر أراضي الكوتيين والهوريين(أسلاف الكرد).
عند تلاقي ثقافتي تل حلف الأرية وثقافة آل العبيد القادمة من الصحراء في حوالي (6000_5500) جنوب العراق تشكلت المدن أول مرة في تاريخ البشرية وكانت مدينة أور ثم غيرها، وهنا بدأت الحضارات والمدنيات تتشكل والكثير من بدايات الأديان والتطور وحتى نماذج الإدارة والكثير من الأدواة الذي بنيت عليها البشرية كل إنجازاتها الحالية، لكن في الجانب الأخر ازدادت رغبة السيطرة والتحكم و وأخذ حصة زائدة من إنتاج المجتمعات والمدن التي بدأت تتضخم وتظهر لديها موارد كثيرة زائدة. وعليها ظهرت احتكار القوة الفكرية والدينية والقوة العسكرية كوسائل مؤثرة وقوية للتحكم بالقيمة الفائضة.
الكرد ..معاناة عبر العصور
في هذه الأثناء وفي هذه المدنيات و الحضارات تشكلت رغبة ودافع التحكم والهيمنة واستعباد الأخريين وخصوصاً المرأة والمجتمعات والشعوب عبر الميثولوجيا والأديان كقوة فكرية مع الاسلحة ووسائل الشدة والعنف و ثم الجيوش كقوة عسكرية.
و لعل الزيقورات السومرية وملحمة جلجامش وصراعه مع هومبابا بالتعاون مع الخائن أنكيدو هي أو هجوم على أسلاف الشعب الكردي الكوتيين والهوريين، وتتالت الهجمات من قبل المدنيات البايلية والأشورية لكن الكرد كان لهم موقفهم المدافع والذي سجله التاريخ كقوة دفاع حيث عمل الزعيم الكردي الكوتي خودا في تسوية أكاد عاصمة أول إمبراطور في التاريخ “سرغون الأكادي”بالأرض وبذلك أنهى الشعب الكردي أول إمبراطور في التاريخ سنة 1250 ق.م. بالإضافة إلى مواقف كثيرة حيث تحالف الشعب الكردي وشعوب المنطقة حينها وبتسميات ذلك الوقت حيث دك الميديون نينوى واسقطوها عام 612ق.م وخلصوا شعوب المنطقة من الهند حتى مصر من ظلم وطغيان الإمبراطوية الاشورية.
الإمارات الكردية والخلافة العباسية
وبالتالي منذ تشكل المدنيات وماتسمى الحضارات والمدن الكبيرة على أطراف كردستان أو ميزوبوتاميا أضطر الشعب الكردي عند الخطورة المتزايدة إلى تجميع قواه الذاتية وبناء تحالفات مع شعوب المنطقة للدفاع عن نفسه وعن شعوب المنطقة، وأصبح هذه الحالة سنة الكرد وحياتهم وملحمة رستم زال وحتى دوريشي عفدي وغيرها الكثير شواهد وأدبيات شعبية موروثة تؤكد ذلك.
وتتالت الهجمات من الجنوب والشرق والغرب والشمال من دول وإمبراطوريات وسلطنات ومملكات الشعوب والأمم المجاورة والبعيدة من الرومان والبيزنطينين والبابليين والأشوريين والفرس والترك والروس وسلطنات ودول المسلميين بإتجاه جنة الأرض كما سماها السومريين أي كردستان، لكن لم تخضع كردستان بشكل كامل يوماً لأحد وظلت تحافظ على خصوصيتها ولغتها وقيمها المجتمعية وإدراتها العشائرية والقبلية والمحلية منذ القديم وحتى اليوم.
ولعل حالة الشعب الكردي وتواجد أكثر من 50 إمارة ذاتية الحكم والإدارة أيام الخلافة العباسية التي شكلها الكرد في البداية على يد القائد الكردي أبو مسلم الخرساني بعد معركة الزاب الكبرى أو معركة الزاب الأعلى التي وقعت في أراضي كردستان عام 750 في باشور(جنوب) كردستان(إقليم كردستان العراق) التي هزم فيها مع مروان بن محمد الكردي الأم أيضاً وهو الخليفة الأموي الأخير الذي أراد حتى نقل عاصمة الخلافة إلى كردستان إلى ميافارقين في آمد(ديابكر) الحالية لكن الظروف لم تسعفه رغم قوة شخصيته.
صلاح الدين الأيوبي والدولة الأيوبية
وحالة صلاح الدين الأيوبي والدولة الأيوبية و بنائه وحدة كردستان وبلاد الشام ومصر وقيامه بالدفاع عن المنطقة ودينها وشعوبها ورغم بعض الانتقادات له فإنها تجسد أحد ملاحم دفاع الكرد وتحالفهم مع شعوب المنطقة تحت الثقافة والمظلة الإسلامية التي تستوعب كل الشعوب والأمم واللغات والخصوصيات والثقافات وليس كما يفعله مايسمى الدول الإسلامية اليوم من إنكار وإلصاق تهم الإلحاد والإرهاب بالشعوب الأخرى و فرض المطلقية والأحادية عليهم بمجرد مطالبتهم بالعيش وفق ثقافتهم وإدارة مناطقهم وثرواتهم.
ومن المؤكد أن العثمانيين أو مجمل العشائر التركية والتركمانية لم تكن تستطيع التواجد في المنطقة أو الدخول إلى الأناضول لولا مساعدة الشعب الكردي لهم ومعركة ملازكرد عام 1071 قادها الكرد فعلياً بتواجد الكرد والترك والمسلميين في ولاية موش الكردية الواقعة في تركيا حالياً، حيث كان الكرد يودون التخلص من الهجمات البيزنطية والرومانية السابقة على أراضيهم.
لكن التغير الملحوظ ظهر بعد 1830 في الإمبراطورية العثمانية عندما أرادت ألمانيا تطوير وتجهيز الجيش العثماني بعد توقيع إتفاقية بين ألمانيا والعثمانيين، وهنا قدمت ألمانيا مفهوم المركزية بعكس اللامركزية التي كانت صفة المنطقة ودولها وأمبراطورياتها وسلطناتها ومملكاتها حيث أن كل أشكال دول المنطقة كانت لامركزية وكان الشعوب ورغم تغيير السلطات والدول لا يفقدون خصوصيته وطريقته في العيش والإدارة الذاتية لمناطقهم وثرواتهم ضمن الدول مهما كانت تسميتها ومن يقودها.
وهنا قامت الجيش العثماني بمحاولات القضاء على الإمارات الكردية والحكم المحلي والسيطرة على كل شي واحتكار كل وسائل القوة والدفاع وحتى العيش، فظهرت حالات المقاومة الكردية والثورات العديدة في القرن التاسع عشر من إمارات بوطان ورواندوز وأردلان وبهدينان و صوران وبابان وهكار وبتليس وغيرهم الكثير.
القومية وتقسيم الشرق الأوسط
لكن المصيبة الكبرى والبلاء الكبير ظهر مع تقسيم بريطانيا وفرنسا وروسيا للمنطقة وضخ الفكر القوموي وإقامتها الدويلات القومية، التي هي أدوات لتقسيم وتفتت المنطقة وضرب قيمها وثقافتها التكاملية ويتم عبرها هذه الدول نهب وتحقيق الهيمنة على المنطقة و بذلك تهيئة الظروف لقيام دولة إسرائيل في عام 1948 كنواة للهيمنة العالمية في المنطقة، وذلك ظروف وسياسات التي ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى والثانية.
وبذلك تم فرض سياسة فرق_تسد البريطانية الهدف واليهودية المنشأ،على المنطقة عبر الفكر القوموي والدول القومية ووجدت الشعوب والمجتمعات نفسها في غيتوهات و سجون كبيرة إسمها الدول القومية التي أقيمت دون أخذ رأي ومصالح شعوب المنطقة ووفق مصالح القوة المركزية في النظام العالمي المهيمن حينها.
ولإبقاء المنطقة ولتحقيق دوام السيطرة والهيمنة تم خلق بؤر توتر وقضايا عالقة وتقسيمات لشعوب المنطقة وتحقيق هيمنة فكرية استشراقية وهنا كان حالة الشعب الكردي وتقسيمه بين أربع دول وإبقائه بدون حقوق وإعطاء دور إبادته ومحاربته للدولة التركية التي تم إنشائها في البداية في حرب ما يسمى الأستقلال 1919_ 1922 بالتحالف الكردي التركي على ان تكون دولة للشعبين الكردي والتركي وفق الميثاق الذي تم توقيعه في أرزروم وسيواس عام 1919 بين العشائر الكردية والضابط العثماني مصطفى كمال.
لكن سيطرة النظام العالمي المهيمن وعبر أدواته من الاتحاد والترقي الذين تدربوا في المحافل الماسونية اليهودية على الدولة جعلت الثورة المضادة في بنية الدولة التركية هي التي تتحكم وتقضي على الثورة الحقيقة وأمتها الديمقراطية والتحالفات الديمقراطية للشعوب والقوى فيها.
ورغم أن البرلمان الأول والذي كانت أسمه برلمان الأمة الكبير دون ذكر أي قومية وعرق وكذلك تواجد 33% من البرلمان ممثلين للكرد أي 70 برلماني كردي ممثلين لكردستان وللكرد، إلا أن توافق مصالح قوى الهيمنة العالمية والنفوذ اليهودي والتحكم بمفاصل الدولة الجديدة ولقبولها في ما تسمى الشرعية الدولية، تم فرض إتفاقية لوزان 1923 وقبلها عبر إتفاقية القاهرة 1921 واللتان كان جوهر وصلب موضوعاتهم تقسيم كردستان بين الدول الأربعة الجديدة المنشأة(تركيا، سوريا، العراق، إيران) وبذلك تم ضم اكثر من النصف إلى الدولة التركية الحديثة ، و مقابل أن تتخلى الدولة التركيا عن ولاية الموصل وكركوك الغنية بالنفط( إقليم كردستان العراق حالياً) تم السماح لها بإنكار الكرد وإبادتهم وإنكار حقوقهم داخل تركيا.
التغيير الديموغرافي ضد كرد تركيا
ومنذ عام 1924 و1925 تم الإتيان بدستور جديد وبرلمان غير البرلمان الأولي الأساسي والذي كان المعبر عن شعوب الدول المراد تشكيلها للشعبين، وفي الدستور الجديد تم إنكار وجود الشعب الكردي وأن الدولة هي تركية فقط وكل من يعيش عليها هو تركي فقط. وتم إصدار قوانين التغيير الديموغرافي وبدأت مرحلة التطهير العرقي و الإبادة الجماعية بحق الكرد ومنع اللغة الكردية والثقافة الكردية وكل مايمت للكردايتة بصلة وبذلك تم فرض الموت على أحدى أقدم وأعرق شعوب المنطقة الشعب الكردي لمصالح الهيمنة العالمية ولزوم الدولة القومية التركية الجديدة وأمتها الدولتية و المتجانسة والنمطية المطلوبة.
وبالمقابل لم يرضى الشعب الكردي بذلك واختار طريق الرفض والمقاومة بكافة اشكالها كونها حقها في الدفاع عن وجودها وحريتها وكرامتها. وخاض اكثر من 20 ثورة وإنتفاضة بين(1925_1940) كانت كفيلة وقادرة على تشكيل عشرين دولة كردية لكن التخاذل و التواطؤ الدولي والمؤامرة ورؤية النظام العالمي مصالحه مع أداتهم دولة تركيا التي عبرها وبها يستمرون في هيمنتهم على المنطقة ومواجهة الروس السوفيتية وإضعاف الوحدة الإسلامية وثقافة المقاومة الأسلامية الحقيقة عبر نماذج منحرفة وضالة ومشوهة لصورة الأسلام والمسلميين كالأخوان الإرهابيين والذئاب الرمادية وغيرهم من اشتقاقاتها مثل داعش والنصرة ومايسمى الجيش الوطني السوري المرتزق.
وفي ثورة أكري عام 1930 بقيادة الجنرال الكردي إحسان نوري باشا الذي كان ضابطاً عثمانياً ومشاركاً في بداية تشكيل تركيا وتركها عندما أدرك المؤامرة على شعبه وقام بقيادة ثورة للمطالبة بحقوق الشعب الكردي و لكن عند هزيمة الثورة قامت تركيا بدفن علم الثورة في قبر وصبت البتون عليها وكتبت على شاهدتها هنا تم دفن كردستان الخيالي وهذا مشهد أختزالي للعقلية والمقاربة الدولتية التركية لحقوق الشعب الكردي ووجوده وحريته.
وظنت الدولة التركية وأنها بعد إنهائها للثورات الكردية وبدعم بريطاني ودولي أنها استطاعت القضاء على الشعب الكردي وإنهاء ثقافته وإلحاقه بقومية الدولة التركية كتابع وملحق يلهث بالتفاخر بالتركياتية. لكن الشعب الكردي وبغالبيته لم يرضى بهذا الوضع رغم كل سياسات الإنكار والإبادة والتهجير وقتل الملايين وتهجير ملايين الكرد من موطنهم وأراضيهم وحتى أخذ أولاد المناطق التي كانت تنتفض وبعد أنتهاء الإنتفاضات والثورات إلى مدارس خاصة وتربتهم لصالح الدولة ومصالحها وليس لصالح مقاومة أبائهم وحقوق الشعب الكردي وثقافته.
المقاومة الكردية وتأسيس حزب العمال الكردستاني
ومنذ 1973 ظهر مجموعة من الطلبة الكرد الدارسين في أنقرة و كان بينهم الطالب عبدالله أوجلان في كلية العلوم السياسية الذي قال الحقيقة التالية حينها”كردستان مستعمرة”، وبدأ مشوار ومسيرة التفكير والبحث وهنا بدأت تتشكل المجموعة الأيدولوجية من الطلبة الكرد والترك ومن حقيقة أن تحرر الشعب التركي يمر من تحرر الشعب الكردي.
وفي عام 1978 تم تشكيل حزب العمال الكردستاني في قرية فيس في ولاية آمد(ديابكر) كجواب وأرتباط تعبير صادق لحادثة استشهاد أول شهيد في حزب العمال الكردستاني وهو الشهيد حقي قرار الذي استشهد في مدينة ديلوك(عنتاب) عام 1977 في أول تدخل من الناتو والدولة التركية وبعض الأدواة من العملاء الكرد من تنظيم “كوك” لوقف نشاط المجموعة الأبوجية(نسبة إلى قائدها عبدالله أوجلان الذي يلقب بالقائد آبو) كونها لاتقبل الخضوع لهم وتطرح تحرير كردستان التاريخية وتتبنى أخوة الشعوب والعيش المشترك.
انقلاب 12 أيلول 1980
وبعد انقلاب 12 أيلول عام 1980 الذي حصل نتيجة تدخل وقيام غلاديو الناتو بتأمين بقاء تركيا ضمن الخط والطريق المرسوم وسد الطريق وضرب القوى الكردية الديمقراطية التي بدأت تظهر في خط حزب العمال الكردستاني. وعلى أثر الأنقلاب تم تحويل باكور(شمال) كردستان(جنوب شرق تركيا) إلى سجن كبير وتم ممارسة التهجير و القتل والتنكبل والأعتقال وتم سجن الكثير من كوادر المتقدمة في حزب العمال الكردستاني ولولا إدراك القائد عبدالله أوجلان وإحساسه بقدوم الإنقلاب لربما كان الوضع أسوء على حزب العمال الكردستاني.
وفي سجن آمد(ديابكر) تم ممارسة أشد أنواع التعذيب بحق المسجونيين الكرد ومحاولات فرض الاستسلام عليهم، ولكن مقاومة كوادر حزب العمال الكردستاني وقادتها الذين استشهدوا في مواقف بطولية نادرة في تاريخ البشرية حيث أن الشهيد مظلوم دوغان وشهداء الصيام حتى الشهادة وفعالية الأربعة الاستشهادية قالت أن أبناء الشعب الكردي وطليعته حزب العمال الكردستاني لايستسلمون وهو يختارون طريق الشهادة والمقاومة حتى في أصعب الظروف وأحلكها.
ولوقف الإبادة والإنكار الممارس بحق الشعب الكردي وتلبية للندءات التي ظهرت من القادة الشهداء في سجن آمد(ديابكر) واستمراراً للتدفق التاريخي للشعب الكردي ورغبته في صون وجوده وكرامته وتحقيق حريته وحقوقه في إدارة نفسه بنفسه والعيش بثقافته وخصوصيته تم اختيار الطريق الوحيد المتبقي والفعال والمؤثر والشرعي لوقف الإبادة وهو الكفاح المسلح وإنطلاق قفزة 15 آب عام 1984 بقيادة الشهيد القائد عكيد. علماً أنه تم مقاومة محلية قبل ذلك في استهداف الدولة التركية في شخص العملاء واالمتواطئين الكرد الممثلين للدولة التركية في مقاومة حلوان وسويرك تحت قيادة الشهيد محمد قرى سنغل الذي استشهد وهو يحاول الإصلاح بين الأحزاب الكردية في باشور(جنوب) كردستان(أقليم كردستان العراق).
النظام العالمي والشعب الكردي
لكن قوى الهيمنة العالمية وحلف الناتو لم تروق لهم قيام الشعب الكردي برفض حالة الإبادة والإنكار ومحاولته تشكيل مقاومة كردية حقيقة ومؤثرة لتلك السياسيات. و كما أن قيام حزب العمال الكردستاني بطرح حل ثوري وديمقراطي ومجتمعي للقضية الكردية عوضاً عن حلول الحقوق الفردية والثقافية الباهتة والصادرة من بعض دول النظام العالمي وبعض القوى الكردية التي تتحول إلى أدوات في سياسات الإبادة وإضعاف الحرك الشعبي الديمقراطي الثوري وعدم الثقة بالشعب من جهة ومن جهة أخرى الحلول الدولتية القوموية الخادمة للهيمنة العالمية. جعل النظام العالمي يتحرك لمواجهة الإرادة الكردية الديمقراطية وتم في مركز غلاديو الناتو والذي مقره في ألمانيا باتخاذ قرار وتفعيل المادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو التي تقول أن أي أعتداء على أي دولة هو على الناتو وتم حينها اعتبار حزب العمال الكردستاني تنظيم إرهابي بعد تلفيق تهمة قتل رئيس وزراء السويد أدولف بالما بمؤامرة من حلف الناتو وتركيا والذي تم في عام 2019 التأكد والتصريح من قبل القضاء السويدي أن ليس للكرد علاقة بحادثة قتل أدولف بالما.
لكن الملفت أنه وبعد طرح القائد وحزب العمال الكردستاني الحلول الديمقراطية والتفاوض والحوار عام 1993 ذهبت أمريكا وبرطانيا والاتحاد الأوربي إلى منحى وصم نضال الشعب الكردي بالإرهاب وأعطاء الضوء الأخضر لتركيا بالقضاء على نضال الحرية للشعب الكردي وذلك حفاظاً على نموذج الدولة التركية القومية وعدم إفسال المجال أمام أي تحول ديمقراطي في تركيا يمكن أن يبعد تركيا عن مشاريعهم والادوار التي رسموها لتركيا في المنطقة وعلى رأسها حماية إسرائيل وكانت قترة 1993 حتى 1996 من أكثر فترات التعاون العسكري بين تركيا واسرائيل وكذلك كانت فترة إرتكاب مجازر بحق الشعب الكردي حيث تم حرق أكثر من 4000 قرية كردية وتهجير الملايين من جنوب شرق تركيا وإرتكاب المجازر وقطع الرؤوس وقتل 17 ألف مواطن كردي وطني تحت اسم فاعل مجهول بيد الدولة التركية وأدواتها وتم تفعيل وإنشاء ماتسمى حزب الله في تركيا وإنشاء حماة القرى(القرجيين) حملة سلاح الدولة التركية ضد نضال الحرية للشعب الكردي.
المؤامرة الدولية على الكرد واعتقال أوجلان
ورغم كل حالة العداء للدولة التركية تجاه نضال حرية الشعب الكردي والدعم الدولي لتركيا في حربها ضد الشعب الكردي ورغم ارتكابها مجازر وجرائم حرب وتجاوز لكل الأعراف والقوانيين الدولية والتستر الدولي على ذلك وصمتهم، إلا ان الشعب الكردي ظل مستمراً في نضاله. وفي عام 1988 تم وضع حزب العمال الكردستاني في قائمة الإرهاب في أمريكا مراعاةً لمصالحها مع تركيا ومداراة وضماناً لصمتها وتحجيماً لدور حزب العمال في المنطقة وعدم استفادة الخط الديمقراطي الكردي ممثلا بحزب العمال والقائد من الظروف المحتملة حدوثهات عند محاولة و تمهيد أمريكا للتدخل في العراق وإسقاط صدام حسين وتم اعتقال القائد عبدالله أوجلان في 15 شباط 1999 بمؤامرة دولية رغم وجود الكثير من القائد الكرد وهم أحرار ولايقترب منهم أحد كونهم تابعين لأطراف دولية تحميهم لكن القائد أوجلان لديه استقلالية فكرية وسلوكية مرتبطة بمصالح الشعوب والمجتمعات في المنطقة وليس الدول ومشاريع الهيمنة العالمية.
بلا شك أن إصرار حزب العمال الكردستاني على التخندق في الشرق الأوسط مع شعوب المنطقة وعلى رأسهم مع الشعوب العربية واحتواء نضاله وحلوله على الثورية والديمقراطية والمجتمعية وعدم قبوله بأن يصبح أداة عند الأخريين والنظام العالمي المهيمن كما يفعله بعض قوى المنطقة وحتى الكردية الأخرى جعل النظام العالمي وخصوصاً أوربا وأمريكا تضع حزب العمل الكردستاني في قائمة الإرهاب وليس لأسباب أخرى حيث أن حزب العمال لم يقم بأي عمل يضر بالمصالح الأمريكية والأوربية المباشرة كما تفعلته الكثير من الأحزاب والتنظيمات والتي حتى لاتصنفها أمريكا والأتحاد الأوربي بالأرهابيين.
جدير بالذكر أن دول المنطقة لاتصنف حزب العمال الكردستاني فقط تركيا تفعل ذلك ولكن وبما أن كل سياسات تركيا تتمركز على نقطة واحدة وهي معاداة الكرد ونضال حريته فأي دولة تقيم تركيا أي علاقة معها تشترط عليهم معادة نضال الشعب الكردي وعدم التعامل معهم ولذلك نلاحظ تردد وقلق في تعامل بعض دول المنطقة والعالم الذين لايصنفون نضال الشعب الكردي بالإرهاب مع حركة نضال وحرية الشعب الكردي حزب العمال الكردستاني.
تعلم أغلب الدول أن نضال الشعب الكردي ومصالبته بحقوقه الطبيعية ليس بالإرهاب لكنهم لمصالحهم الاقتصادية والتجارية والعسكرية والأمنية مع تركيا ولرغبتهم في ضمان تركيا إلى جانبهم يقولون ماتقوله تركيا عن الشعب الكردي. لكن فعالية وقوة الشعب الكردي ورؤيته الديمقراطية وحلوله المناجعة لقضايا المنطقة جعلت أكبر قوى وتحالف عالمي يتعامل مع الكرد وحزب العمال الكردستاني في مواجهة داعش حتى إن لم يكن بشكل مباشر كما حصل في العراق وسوريا فالقوة الرئيسية والتي لعبت الدور الأساسي في تحرير كوباني وشنكال والرقة كانت قوى الكريلا التابعة لحزب العمال الكردستاني بالإضافة إلى القوات المحلية في شمالي سوريا والعراق.
العمال الكردستاني وتهمة الإرهاب
ومع اقتراب الذكرى 43 لتأسيس حزب العمال الكردستاني واقتراب موعد المحكمة الأوربية التي تنظر في قضية تهمة الإرهاب والتي قالت عنها المحكمة سابقاً أن مبررات تصنيف حزب العمال تنظيماً إرهابياً غير كافية، يخوض أصدقاء الشعب الكردي ونضال حريته في مختلف بقاع العالم في أوربا وأمريكا وبريطانيا والصين وروسيا وأمريكا الجنوبية والهند والصين وفي الشرق الأوسط والبلدان العربية حملات دعم ومساندة لقضية الشعب الكردي وريادته وقوة حريته حزب العمال الكردستاني والمطالبة بإخراجه من قوائم الإرهاب، في كون حزب العمال الكردستاني حركة تحرر كردية مسلحة مشروعة في وجه الاحتلال والإبادة التركية ولها هدف حل القضية الكردية بالحلول الديمقراطية.
ولقد تم النجاح في عدد من مراحل هذه الحملة حيث بات الكثير من برلمان حتى الدول التي تصف الحزب بالإرهاب بعقد جلسات نقاش حول الحزب والمطالبة من حكوماتهم بعدم وصم نضال الشعب الكردي وقوة حريته بالإرهاب ومن الوارد أن يصل هذه الحمالات إلى مراحل متقدمة في تحقيق أدافها والتأثير على مراكز القرار في العالم لكون القضية الكردية قضية عالمية ودولية وليست قضية دول في المنطقة أو منطقة الشرق الأوسط فقط.
وكما تم إلصاق التهم بالأنبياء والرسل والتغيرات العيمقة في التاريخ دوماً بالألفاظ والصفات السيئة كذلك يتم وصف نضال الشعب الكردي ونضاله بالكثير من الصفات والتهم رغم أن الله سبحانه وتعالى شرعن نضال الشعوب والمجتمعات ودفاعهم عن وجودهم وأرضهم بقوله”أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ”
ومن المؤكد أن رفع أسم الحزب من قوائم الإرهاب واطلاق سراح القائد أوجلان وحل القضية الكردية في مركزها في تركيا سيكون لها تداعيات ونتائج إيجابية على تركيا ومحيطها و على الاستقرار والأمن والسلام وتطوير الاقتصاد والتنمية في كل المنطقة وستكون بداية لدمقرطة دول المنطقة وتحقيق التحول الديمقراطي فيها لصالح كل شعوبها وصالح تقدم هذه الدول و ازدهارها وسيكون بداية لعدم تدخل تركيا وإيران في شؤون دول المنطقة لأن الدولة التي ستحل وتعترف بحقوق الكرد في دساتيرها وقوانينها من الدول الأربعة الموجودة فيها الكرد لن تكون بحاجة إلى محاربة الجوار حيث أن الفاعل الكردي الديمقراطي سيكون له تأثيره وفعاليته ورغبته في حسن الجوار وبناء العلاقات المفيدة والمصالح المتبادلة.
أكد بدران جيا كرد نائب الرئاسة المشتركة للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا أن الحوار مع دمشق لم يبدأ بعد، مشيرا إلى أن الإدارة الذاتية منفتحة على خوض حوار سوري سوري بلا شروط مسبقة.
وقال جيا كرد في تصريحات صحفية إن روسيا قادرة على لعب مؤثر في الحوار بين الإدارة الذاتية ودمشق نظرا لوجودها الفعلي على الأرض وبدعوة رسمية من حكومة دمشق وهو ما يضع على عاتقها المسؤولية الأكبر في إيجاد توافق بين الأطراف السورية وتأمين الاستقرار والحد من أي عوامل قد تؤدي إلى نسف وتهديد الاستقرار والآمن السوري والإقليمي.مسؤول كردي: الإدارة الذاتية لديها رؤية سياسية واضحة للحل في سوريا
وأشار المسؤول الكردي إلى أن الإدارة الذاتية عبرت عن جاهزيتها للحوار وأبلغت الجانب الروسي برغبتها ببدء الحوار من الملفات التي يمكن أن تعزز الثقة بين الطرفين ومن ثم مناقشة الملفات الأكثر خلافا، لافتا إلى أنه يمكن مناقشة كافة القضايا الخلافية من خلال المسار الحواري من أجل الوصول إلى توافق دون وضع شروط تعرقل الحوار مسبقا.
وشدد جيا كرد على أن الإدارة الذاتية تملك قرار وإرادة ولديها رؤية سياسية واضحة للحل في سوريا، داعيا كل الأطراف السورية أن تكون على ذلك المستوى من الوعي الوطني والواقعي لتناول الأزمة السورية بواقعية بعيدا عن الأراء المتعصبة.
ويري نائب الرئاسة المشتركة للإدارة الذاتية أن الواقع السوري بحاجة لقراءة موضوعية جديدة وشاملة، لافتا إلى أنه لا يمكن التفكير في العودة الى ما قبل2011 .
إقرا أيضا
وقال أنه قبل٢٠١١ كانت هناك قضايا سياسية جذرية تعانيها سوريا وعدم البحث عن الحلول في ذلك الوقت جعلها تتجذر وتتعمق بشكل أكبر حتى حدثت الانتفاضة الشعبية التي تكالبت عليها قوى إقليمية وحاول استغلالها لتحقيق أجنداتها الخاصة حتى تحولت سوريا الى ساحة صراع إقليمي ودولي.
وقال السياسي الكردي المعروف أن ما زاد في الطين بلة وعمق من الأزمة السورية هو تشتت السوريين بين المحاور وهو ما قلل من فرص الحل السوري.
جيا كرد: تنسيق عسكري بين قسد والجيش السوري
وحول التنسيق العسكري بين قوات سوريا الديمقراطية وحكومة دمشق، أكد المسؤول الكردي وجود ألية تنسيق عسكرية بين الجيش السوري وقوات قسد تم استحداثها بواسطة روسية بعد الهجوم التركي على راس العين وتل أبيض وما زالت جارية والتنسيق موجود حتى الأن.
وبخصوص التهديدات التركية الأخيرة، كشف نائب الرئاسة المشتركة للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا أن الجانب الأمريكي أكد بأنهم ضد الهجوم التركي ولا يقبلون به، كما هددوا بفرض عقوبات اقتصادية أكبر على تركيا إن قامت بذلك، وهو نفس الموقف الروسي ، لافتا أن المسؤولية الكبرى في منع التحركات التركية تقع على الدولتين الأمريكية والروسية بحكم أنهما مرتبطون باتفاقيات وقف اطلاق النار مع الجانب التركي.
وأكد جيا كرد أن تركيا لا تستطيع الهجوم دون الحصول على ضوء أخضر من أحد الأطراف.
وبحسب المسؤول الكردي فهناك تفاهم على كثير من الملفات بين الجانب الأمريكي والروسي بخصوص سوريا معتبرا أن هذه التفاهمات تجعل من روسيا الإتحادية أكثر تأثيرا في سوريا.
وحول وجود تفاهم بخصوص أي من مناطق الإدارة الذاتية أكد جيا كرد أنه لا يوجد أي تفاهم بخصوص أي منطقة من مناطق الإدارة الذاتية، مشددا على أن جميع مناطق الإدارة تشكل ملفا متكاملا ولا يمكن أن يكون هناك حل لمنطقة دون سواها.
كشف ألبروس كوتراشيف سفير روسيا في العراق أن بلاده تبذل كل ما في وسعها من أجل منع تركيا من شن هجوم على مناطق شمال شرق سوريا.
وأكد الدبلوماسي الروسي أن بلاده تدرك أن لتركيا أجندتها الخاصة في سوريا ونبذل كل جهودنا لإيقاف تركيا عن مهاجمة شمال سوريا لآن ذلك سيكون خطيراً جداً خاصة أن الوضع الميداني معقد جدا.
ولفت كوتراشيف إلى أنه رغم الخلاف مع تركيا في بعض الملفات ألا إن هناك تنسيق كبير وتفاهم معها أيضا.وشدد فى حوار مع قناة رووداو على أن موقف روسيا معروف من العملية العسكرية التركية ليس في سوريا فحسب بل في أي دولة فنحن ضد التدخل الخارجي غير المجاز.
إقرا أيضا
التغيير الديموغرافي في عفرين كارثي
وتطرق السفير الروسي في العراق إلى الوضع بعفرين، واصفا ما تشهده المدينة من تغيير ديمغرافي بأنه “كارثة”.
وأشار إلى أن التقارير التي ترد من عفرين والمعلومات التي يقدمها كورد سوريا تؤكد بأن تغييراً ديموغرافياً يستهدف السكان الكرد قد تم وهذه كارثة لسكان المنطقة قبل غيرهم”.
وشدد الدبلوماسي الروسي على ضرورة أن يشارك كرد سوريا في صياغة حل سياسي للبلد، مشيرا إلى ان قسد تمثل جزءاً من المجتمع الكردي السوري وهناك كورد آخرون، جميعهم يستحقون المشاركة في العملية السياسية بسوريا.
يجب إشراك الأكراد في مستقبل سوريا
وأشار كوتراشيف إلى أنه من أجل مستقبل سوريا، يجب التعامل مع كل هذه المجاميع وإشراكها في صياغة حل سياسي لأزمة البلد.
وبسؤاله عن مدي قبول موسكو بحكم ذاتي لأكراد سوريا على غرار إقليم كردستان أكد السفير الروسي أن هذا شأن السوريين ونحن لا نتدخل في هذه التفاصيل وهي متروكة للأطراف المعنية بها.
وقال أنه على الحكومة المركزية والكرد أن يجلسوا معاً ويقرروا نوع النظام الذي يحكمهم. ليس من شأننا اتخاذ قرار حول نوع النظام السياسي الذي سيحكم سوريا مستقبلاً.
موسكو ترعي الحوار بين قسد ودمشق
وأكد السفير الروسي أن بلاده ترعي حوار بين دمشق والإدارة الذاتية في ظل علاقاتها الجيدة بالطرفين وكونها صديقة وشريكة للاثنين، لافتا أن مصلحة موسكو تكمن في بقاء سوريا بلداً مستقراً في إطار حدودها ولا تتحول إلى تهديد لنفسها ولا لدول الجوار.
وكشف السفير الروسي أن المباحثات واللقاءات بين قسد ودمشق تتم بشكل دائم بمعرفة السفارة الروسية بدمشق، لافتا إلى ان هذه المحادثات ليست من أجل أن تكون هناك محادثات فحسب، فللطرفين مجموعة آراء وقد توصلا إلى اتفاق حول بعض الأمور، لكنهما مختلفان على أمور أخرى.
لكن كل الأمور يجب حلها في حزمة واحدة. هذه الحزمة لم تتشكل حتى الآن.
وأضاف : أنتم لم تسمعوا الكثير من الأمور المرتبطة بهذه المحادثات لأنها محادثات حساسة، ويسعدني أن الطرفين ذكيان لدرجة عدم خلق المشاكل من خلال الاستعجال في نشر المعلومات.
وأشار إلى أن بلاده لا تتدخل في مسألة وجود الحكم الذاتي من عدمه، وما يؤمنون به أنه للأقليات في أي بلد، العرقية منها والدينية، أن تتمتع بحقوقها الثقافية والإدارية والاقتصادية والسياسية وغيرها.
جاء اعتراف برلمان إقليم كتالونيا الإسباني بالإدارة الذاتية لشعوب شمال وشرق سوريا ككيان سياسي يحظى بالمشروعية السياسية ليمثل انطلاقة جديدة في مسار الإدارة.
وعبر قيادات بالإدارة الذاتية عن ترحيبهم بالقرار الكتالوني مشددين على العلاقات الجيدة التي تربط الشعب الكردي بنظيره الكتالوني.
ووصف بدران جيا كرد نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا القرار الذي اتخذ تحت قبة البرلمان الكتالوني في ٢٠-١٠ -٢٠٢١ والقاضي بالاعتراف الرسمي بالإدارة الذاتية في شمال وشرق سورية بأنه خطوة تاريخية سباقة لدعم الديموقراطية والحرية والعيش المشترك.
واعتبر جيا كرد فى تصريحات خاصة ل الشمس نيوز قرار البرلمان الكتالوني بأنه في غاية الشجاعة لدعم وترسيخ القيم الاجتماعية الحرة، مؤكدا أن القرار بعيد كل البعد عن المصالح السياسية السلطوية بل جاءت كرد عملي على ممارسات الأنظمة العنصرية والاستبدادية التي قمعت ومازالت تقمع ارادة الشعوب التواقة للحرية والعيش بكرامة.شكرا كتالونيا
وشدد القيادى الكردي على أن الإدارة الذاتية لشعوب شمال وشرق سوريا بكافة مكوناتها الاجتماعية والسياسية تشكر القرار الذي صدر من البرلمان الكتالوني، مؤكدا أن هذا الموقف سيمثل قاعدة صلبة للصداقة والتعاون المشترك في ما بين الإدارة الذاتية واقليم كتالونيا حكومة وشعبا خاصة وإن الشعبين الكردي والكتالوني ذاقا الكثير من المعاناة والماسي من جور وظلم الانظمة الاستبدادية كما انهما يتقاطعان في كثير من الاهداف والغايات النبيلة.
واشار إلي أن الشعب الكتالوني وإدارته جاءت في مقدمة الشعوب التي التمست وشعرت بالظلم والابادة الذي يتعرض له شعوب شمال وشرق سوريا وأرادت ان تقوم بواجبها الإخلاقي والانساني العادل تجاه قضايا الشعوب المضطهدة بعيدا عن المصالح السياسية والمادية التي تبنى عليها التحالفات في عصر الحداثة الرأسمالية .
وأكد المسؤول البارز فى الإدارة الذاتية على أن نضال شعوب شمال سوريا ومكوناتها المختلفة تشكل جزءا من النضال الديموقراطي العالمي والاقليمي، معتبرا أن مشروع الادارة الذاتية الديموقراطية يمثل ارثا ورصيدا للديموقراطيات والحريات ونضال الشعوب التواقة للحرية .
رسالة للعالم
وناشد جيا كرد الشعوب والمؤسسات والأنظمة المؤمنة بالعدالة والديموقراطية أن ترفع من مستوى تعاملها وتعاونها مع الإدارة الذاتية في اطار القيام بواجبها الاخلاقي والإنساني كما قام الشعب الكتالوني لنشر الاستقرار والسلام الدائم في المنطقة وللإنهاء المستدام للإرهاب والقضاء على الذهنية الطائفية والعنصرية وجميع اشكال التعصب والاستبداد الذي تعاني منه منطقتنا بشكل خاص، لافتا إلي أن هذه المبادئ يمثلها مشروع الادارة الذاتية وهو نموذج قائم على ثلث جغرافية سوزيا بعيدا عن المساس بالحدود السياسية لدولة سوريا ويمكن أن يكون مخرجا لإنهاء اراقة الدماء والفصول المأساوية التي قتلت وشردت ودمرت ما لا يتصوره العقل البشري مند اندلاع الأزمة السورية.
الكرد والكتالونيين
وحول العلاقة التي تجمع الإدارة الذاتية بإقليم كتالونيا، أكد نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أن هناك علاقات وطيدة مع الشعب الكتالوني منذ امد طويل وكانت للطرفين زيارات متبادلة لافتا أن العلاقة توجت بالقرار الاخير الذى يشكل قوة معنوية وسياسية كبيرة لكل التيارات والقوى والكتل والمؤسسات الاجتماعية المناضلة على نهج الحداثة الديموقراطية بحسب كلامه.
وختم جيا كرد حديثه مع الشمس نيوز بالتأكيد على أن مستوى الصداقة والتعاون المشترك بين شعوب شمال وشرق سوريا والشعب الكتالوني ستتطور اكثر مع هذا القرار والذى سيكون مؤثرا في الاوساط السياسية والاجتماعية إقليميا ودوليا وسيكون بوابة نحو المزيد من التحالفات والتعاون المشترك بين الادارة الذاتية والشعوب التواقة للحرية.
صفعة لـ تركيا
من جانبها أكدت ليلي موسي ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية بالقاهرة إن هذا الاعتراف يأت في وقت تتعرض فيه الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلى حملات وهجمات شرسة من قبل دولة الاحتلال التركي وممارستها لأقصى حملات الحرب النفسية سعياً منها لدفع سكان المنطقة إلى الهجرة وتفريغها من سكانها الأصليين تمهيداً لاحتلال المزيد من الأراضي، لكن يبدو أن الظروف في غير صالحها وجاء الوقت لوضع حد لتدخلاتها السافرة والمنافية لجميع الأعراف والمواثيق الدولية.
وأضاقت موسي في تصريحات خاصة ل الشمس نيوز إن القرار يأتي أيضا عكس من توقعات تركيا بقيادة أردوغان بالحصول على الضوء الأخضر كما حصلت عليها عند قيامها بعمليات تحت مسميات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام برفض من قبل الدول الرئيسية الفاعلة في الأزمة السورية وهي روسا وأمريكا، بل استقبلت الدولتين وفودا من مجلس سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وعلى أرفع المستويات.
وأِشارت إلى أن الإدارة بدأت تحقق قفزات في سلم تطوير العلاقات مع الدول إلى المستويات السياسية والاقتصادية بينما كانت محصورة في الجانب العسكري وعلى أساس محاربة الإرهاب وسعي هذه الدول بإشراك الإدارة ومسد في العملية السياسية للخروج من الأزمة السورية طالما تم اقصاءهما نتيجة الفيتو التركي لافتة إلي أن اعتراف البرلمان الكتالوني بالأغلبية بالإدارة الذاتية يندرج ضمن هذا الإطار.
مشروع الإدارة الذاتية
وبحسب القيادية بالإدارة الذاتية يأت الاعتراف الكتالوني تتويجاً لانتصارات والمكتسبات التي حققتها الإدارة الذاتية طوال سنوات الأزمة السورية وحقيقة مشروعها الوطني التي استطاعت من خلاله الحفاظ على السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي وشكلت سداً أمام العديد من المشاريع الاحتلالية والهادفة الى تقسيم سوريا وبشكل خاص الإقليمية منها، كما أنها وبالتعاون مع التحالف الدولي تمكنت من دحر الإرهاب وأسهمت في تحقيق الأمن والسلم الدوليين، كما أن الخطوة تعتبر خير دليل على القيم الديمقراطية والإنسانية التي تتحلى بها كتالونيا حكومة وشعباً باعترافهما بحقوق الشعوب وحق تقرير المصير، وهي خطوة متقدمة بالنسبة لنا .
وتابعت موسي إن قرار البرلمان الكتالوني ربما يشكل دفعاً للعديد من الدول إلى الاعتراف الرسمي بشرعية الإدارة الذاتية بالرغم من وجود موافقة ضمنية لدى العديد من الدول المتعاونة والمتحاورة مع الإدارة الذاتية ولكن لم يتم الإعلان عنها لعدم تحين الظروف الملائمة ونأمل بأن تحذو بقية الدول الإقليمية والدولية حذو كتالونيا في قادم الأيام.