كونفدرالية دول الساحل..3 دول إفريقية تعلن الإندماج بين أنظمتها

كشفت تقارير صحفية عن تحالف جديد تم الإعلان عنه بين الأنظمة العسكرية الحاكمة في بوركينا فاسو والنيجر ومالي.
ووفقا لتقارير فقد كرست الأنظمة العسكرية الحاكمة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر تحالفها ضمن “كونفدرالية”، خلال أول قمة لها، يوم السبت، في نيامي، في قرار يرسخ القطيعة مع بقية دول تكتل غرب إفريقيا.
وقالت الدول الثلاث في بيان ختامي للقمة، السبت، إن رؤساءها العسكريين “قرروا عبور مرحلة إضافية نحو اندماج أكثر عمقا بين الدول الأعضاء. ولهذا الغرض، تبنوا معاهدة تؤسس كونفدرالية بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر تحت مسمى كونفدرالية دول الساحل”.
واستبعدت الدول الثلاث العودة إلى الكتلة الإقليمية لغرب إفريقيا، التي يمكن أن يؤدي انقسامها إلى تعريض الجهود الإقليمية لإنهاء الانقلابات وكبح العنف المنتشر في جميع أنحاء المنطقة، للخطر.
جاء إعلان قادة المجلس العسكري للدول الثلاث خلال قمتهم الأولى في نيامي، عاصمة النيجر، بعد انسحابهم من كتلة غرب أفريقيا المعروفة (إيكواس) في يناير.
كما اتهموا الكتلة بالفشل في تفويضها، وتعهدوا بتعزيز اتحادهم – تحالف دول الساحل – الذي أسس العام الماضي وسط علاقات ممزقة مع الجيران.
وقال القائد العسكري للنيجر، الجنرال عبد الرحمن تشياني، إن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي تأسست منذ ما يقرب من 50 عاما أصبحت “تهديدا لدولنا”. وأضاف “سنقوم بإنشاء نظام للشعوب بديلا عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي تملي عليها قوى غريبة عن أفريقيا توجيهاتها وتعليماتها”.
يأتي اجتماع دول الجوار الثلاث قبل يوم من قمة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في نيجيريا حيث من المقرر أن يجتمع رؤساء دول المنطقة الآخرون.

تجمع الانقلابيين..هل يعزز تحالف دول الساحل فرص حدوث انقلابات جديدة بإفريقيا ؟

تغيرات دراماتيكية تشهدها منطقة الساحل الأفريقي منذ انقلاب النيجر أواخر يوليو/ تموز الماضي الذى قوبل باهتمام دولي غير مسبوق مع التهديد بالتدخل العسكري لإعادة النظام السابق.
ومع تمسك قادة الانقلاب بالنيجر برفض الضغوط الدولية والأفريقية التي تقودها فرنسا لاعادة نظام بازوم الموالي لباريس، وإعلانهم طرد السفير الفرنسي من نيامي، فضلا عن وقف أشكال التعاون الاقتصادي والعسكري مع فرنسا تلقوا دعم ومساندة سياسية وعسكرية من بوركينا فاسو ومالي حيث رفضت الدولتان تهديدات ايكواس “المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ” للنيجر وأعلنتا وقوفهما بجانب حكام نيامي الجدد.
وأحدث انقلاب النيجر شرخا في علاقة الدول الثلاث بإيكواس، إذ تعهدت مالي وبوركينا فاسو بتقديم المساعدة للنيجر إذا تعرضت لأي هجوم خارجي، وذلك ردا على التهديد باستخدام القوة لاستعادة الحكم الدستوري في البلاد.
وجاء انقلاب الجابون أواخر أغسطس ليعزز من موقف قادة الانقلاب في النيجر، ويوجه صفعة جديدة لدعاة التدخل العسكري، وحلفاء فرنسا في إفريقيا خاصة مع تصاعد موجة العداء لباريس داخل إفريقيا وبالتحديد منطقة الساحل التي شهدت 5 انقلابات عسكرية ضد أنظمة موالية لباريس.

تحالف دول الساحل
وجاء الإعلان عن توقيع اتفاق التعاون العسكري بين دول الساحل الذى تم توقيعه السبت 16 أيلول بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو والذى ينص على مساعدة الدول الثلاث بعضها بعضا إذا تعرض أي منها لتمرد داخلي أو عدوان خارجي ليعزز من قوة ونفوذ ما يمكن وصفه تحالف مناهضي فرنسا بإفريقيا خاصة أنه يجمع 3 دول انقلبت جيوشها ضد أنظمة كانت توصف بالولاء لباريس.
وبحسب وسائل إعلام، فقد جاء في ميثاق الاتفاق الذي وقعته الدول الثلاث وأطلقت عليه اسم “تحالف دول الساحل” أن الاتفاق يرمي إلى إنشاء هيكل للدفاع المشترك والدعم المتبادل بين الأطراف الموقعة عليه، كما ينص على أن “أي اعتداء على سيادة ووحدة أراضي طرف متعاقد أو أكثر يعتبر عدوانا على الأطراف الأخرى يستوجب تقديم المساعدة، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لاستعادة الأمن وضمانه”.
ويعتقد مراقبون أن التحالف الجديد قد يغير من خارطة التحالفات بالغرب الأفريقي ويفتح الباب لتشكيل تكتلات جديدة تتوافق مع التغيرات التي تشهدها المنطقة خصوصا وإفريقيا بشكل عام.

دور روسي
ويري محفوظ ولد السالك الباحث الموريتاني في الشؤون الأفريقية أن “الدول الثلاث المؤسسة للتحالف تشترك في أنها محكومة من طرف أنظمة عسكرية وصلت السلطة عن طريق انقلابات، كما أنها مناهضة لفرنسا، ولا تريد بقاءها على أراضيها، فضلا عن أنها تواجه ذات التحديات الأمنية ممثلة في الهجمات المستمرة للجماعات المسلحة، بل والتهديد الذي تشكله تلك الجماعات لبقاء الأنظمة الحاكمة”.
وقال لوكالتنا “من هذا المنطلق آثرت هذه البلدان تشكيل إطار يوحدها، تسعى من خلاله لتعزيز التعاون على الصعيدين الاقتصادي والأمني”.
وبحسب الباحث فإن “أثار وقوف روسيا خلف هذا التحالف تبدو واضحة، حيث إن نائب وزير خارجيتها زار بوركينا فاسو ومالي، قبل إعلان ميلاد التحالف، والتقى وزير دفاع النيجر في باماكو، لافتا إلي أنه من المعروف أن الدول الثلاث قريبة من روسيا، فمالي توجد بها عناصر من مجموعة فاغنر، وبوركينا فاسو وقعت اتفاقيات عسكرية مع موسكو، والنيجر طلبت نشر عناصر من فاغنر على أراضيها”.
وأشار ولد السالك إلي أن “التحالف الجديد موجه بالأساس لتحالف مجموعة الخمس في الساحل التي انسحبت منها مالي قبل أزيد من سنة، ذلك أن مجموعة الخمس ينظر إليها على أنها مدعومة من فرنسا، كما أنه تحالف في وجه المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” التي تفرض عقوبات اقتصادية على النيجر، ومن قبل فرضتها على مالي وبوركينا فاسو بسب الانقلابات العسكرية، والآن تلوح بالتدخل العسكري في نيامي”.
وحول مدي إمكانية أن يساهم التحالف الجديد في دعم وتشجيع الانقلابات بالمنطقة، أكد الباحث أن “هناك تساهل كبير إقليميا ودوليا مع الانقلابات، بدأ ذلك في مالي حين أطاح الجيش بالرئيس المدني المنتخب الراحل إبراهيم بوبكر كيتا، والتساهل مع هذا الانقلاب هو الذي جعل انقلابا آخر يحصل في بضعة أشهر بنفس البلاد، ثم توالت الانقلابات في بوركينا فاسو بمعدل انقلابين وفي غينيا كوناكري، ثم النيجر، والجابون، ولا يستبعد أن تضم القائمة دولا أخرى جديدة، ما دامت الإجراءات المتخذة لا ترقى لمستوى الجرم المتمثل في الاستيلاء على السلطة بالقوة”.

واقع جديد
ويري محمد تورشين الباحث السوداني في الشؤون الأفريقية أن “التحالف الجديد يأتي في سياق تأطير التعاون الذى سبق وأعلنته المجالس العسكرية الحاكمة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتحويل تحالفهم إلي واقع”.
وقال لوكالتنا ” التحالف الجديد يقضي بالتدخل عسكريا لحماية أى دولة من الثلاث في حالة مهاجمتها سواء من الايكواس أو أى دولة أخري”.
وتوقع تورشين أن “يجذب التحالف الجديد عدد كبير من القوي السياسية والمدنية بالدول الثلاث، كما قد تنخرط فيه دول جديدة تتشابه أوضاعها مع أوضاع الدول الموقعة عليه”.
وبحسب الباحث فإن “تأسيس هذا التحالف يجعل من احتمالية التدخل العسكري في النيجر سواء من قبل الايكواس أو فرنسا احتمالية ضعيفة ومستبعدة نظرا لأن إقدام أى جهة على خطوة التدخل العسكري سواء في النيجر أو غيرها من دول التحالف الجديد يضع المنطقة في حالة حرب مفتوحة تترك أثارها على الجميع ولن يتحملها أحد”.
وحول انعكاسات إعلان هذا التحالف على غرب إفريقيا، أكد الباحث إن “الوضع الأن تغير، وهذا التحالف سيدفع جميع القوي المتفاعلة في المنطقة سواء الايكواس أو فرنسا أو أمريكا وحتى القوي الاقليمية الأخري لمراجعة قرارتهم وتصوراتهم وسياساتهم تجاه المنطقة بشكل كبير”.
ولفت إلي “احتمالية أن يتم توسيع التحالف خلال الفترة المقبلة ليشمل دول وسط إفريقيا خاصة أن الخطوة تنال رضا الكثير من المجموعات العسكرية في إفريقيا، مشددا على أن هذه الخطوة ستقود منطقة الساحل وعموم إفريقيا لواقع جديد وترسم تصورات سياسية جديدة”.

انقلابات أفريقيا..تمدد روسي أم عقاب أمريكي لـ فرنسا ؟

مع تنامي ظاهرة الانقلابات العسكرية التي شهدتها العديد من دول القارة الأفريقية خلال الفترة الماضية، بدأت أصابع الاتهام تشير لدور روسي وراء الظاهرة التي تمددت كالنارفي الهشيم بخمسة دول إفريقية هى مالي وبوركينا فاسو وغينينا والنيجر والجابون خاصة مع وجود قوات فاغنر الروسية في معظم الدول التي شهدت إنقلابات، فهل حقا تقف موسكو المشغولة بالحرب في أوكرانيا وراء كل هذه الانقلابات أم إن هناك طرف أخر يهمه إضعاف باريس ووراثة مكانتها ؟
خلال العشر سنوات الأخيرة، شهدت القارة الإفريقية عشرات الانقلابات فضلا عن محاولات الانقلاب، وتحتل منطقة غرب القارة الصدارة التاريخية في هذه الأحداث، بنسبة 44.4% من إجمالي انقلابات العسكرية، وهو ما دفع إلى تسميتها بـ”حزام الانقلابات حيث شهدت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما يقدر بـ7 انقلابات على الأقلّ.
وشهدت الجابون في 28 أغسطس انقلاب عسكري أطاح بالرئيس علي بونجو الذى تحكم أسرته البلاد منذ أكثر من 50 سنة ويعتبر أحد حلفاء باريس بالساحل الأفريقي، وسبق الجابون بشهر واحد انقلاب بالنيجر في 28 يوليو/تموز الماضي، كما شهدت مالي انقلابين عسكريين، الأول في أغسطس/آب 2020 والثاني في مايو/أيار 2021. وفي بوركينا فاسو حدث انقلابان أيضاً عام 2022، وفي غينيا حدث انقلاب عسكري في سبتمبر/أيلول 2021. وفي العام نفسه قُتل الرئيس التشادي إدريس ديبي على يد متمردين.
اللافت للنظر فى إنقلابات إفريقيا أن الدول الخمس التي شهدت انقلابات كانت خاضعة يوما ما للاحتلال الفرنسي، وأنظمتها السياسية كانت حتى وقت قريب موالية لباريس بشكل كامل، وهو ما جعل فرنسا أكبر الخاسرين من تلك التطورات خاصة مع اعتمادها بشكل شبه كامل على الموارد الأفريقية في دعم الاقتصاد الفرنسي.
فرنسا وإفريقيا
ويكفي لمعرفة حجم الضرر الفرنسي من الانقلابات بإفريقيا أن نستشهد بمقولة للرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك قال فيها“ فرنسا دون إفريقيا ستنزلق إلى مرتبة دول العالم الثالث“، وهو تصريح يتفق بشكل كبير مع تصريح زعيم فرنسي سابق هو فرانسوا ميتران عام 1957، قبل أن يتقلد منصب الرئاسة قال فيه: “دون إفريقيا، فرنسا لن تملك أي تاريخ في القرن الواحد والعشرين”.
تصريحات شيراك ومن قبله ميتران تكشف ما تمثله إفريقيا من أهمية إستراتيجية لفرنسا، خاصة أن النيجر التي تعتبر أحد أفقر دول العالم توصف بأنها “البلد الذي يضيء شوارع باريس بينما يعيش أغلب سكانه في الظلام وبحسب تقارير فإن استغلال اليورانيوم في النيجر، ينير مصباحا من أصل كل 3 مصابيح في فرنسا، بينما في النيجر 80 بالمائة من السكان، لا يتحصلون على الإنارة الكهربائية”، فضلا عن كونها منتج رئيسي للذهب واليورانيوم، وهو ما يبرر الموقف الفرنسي من الانقلاب في نيامي ودعم باريس للرئيس المعزول محمد بازوم والضغط لإعادته للسلطة حفاظا على مصالحها التي يهددها الانقلاب خاصة بعد إعلان القادة الجدد طرد السفير الفرنسي وتعليق التعاون مع باريس وهو الموقف الذى تكرر فى أكثر من دولة شهدت إنقلاب عسكري ما يكشف حجم الغضب ضد السياسات الفرنسية في إفريقيا.
ففي مارس الماضي، أعلنت السلطات فى بوركينا فاسو وقف العمل بـ”اتفاق المساعدة العسكرية” الموقع عام 1961 مع فرنسا، بعد أسابيع من قرارها طرد القوات الفرنسية من البلاد، وفي 15 أغسطس/آب 2022، أعلنت فرنسا انسحاب آخر جنودها من مالي وسط احتفالات شعبية كبيرة.
التراجع الفرنسي الواضح في إفريقيا يقابله بالتوازي توسع روسي حيث تقدم موسكو نفسها كشريك في العلاقات مع الدول الأفريقية، ما ساعد على وجود تيار عريض من الشباب الأفارقة ينادون بالتخلص من الهيمنة الفرنسية لصالح العلاقات مع الدولة الشرقية، ويتبنى هؤلاء الشباب خطابات شديدة اللهجة ضد باريس، وينشرون شعارات مناهضة على وسائل التواصل الاجتماعي من قبيل: “أفريقيا بدون فرنسا أفضل” و”أفريقيا للأفارقة”.
براجماتية أمريكية
بعيدا عن التراجع الروسي والتمدد الروسي، يبقي الموقف الأمريكي مما تشهده القارة الإفريقية أكثر براجماتية وواقعية بصورة جعلته في مرمي الاتهامات الفرنسية، فرغم رفض واشنطن لما حدث في النيجر إلا أن التحرك العملي والتصريحات الأمريكية تؤكد أن هناك تباينا واضحا في الموقفين الأمريكي والفرنسي، ففي وقت تتصاعد فيه اللهجة الفرنسية ضد الانقلاب، نجد أن الأمريكيين أكثر هدوءا دون تهديد أو تلويح، لدرجة عدم تسمية ما حدث بـ “الانقلاب” حتى اللحظة، علاوة على تفضيل عدم التدخل العسكري، وضرورة العودة للحوار السياسي والدبلوماسي.
التمايز الأمريكي عن فرنسا كان واضحا في أزمة النيجر تحديداـ ففي الوقت الذى كانت باريس تحشد للتدخل العسكري وفرض حصار على القادة الجدد في نيامي كانت وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند، تجتمع قادة المجلس العسكري بالنيجر، ثم جاءت خطوة وصول السفيرة الأمريكية الجديدة لنيامي كاثلين فيتزغيبونس لتعمق الخلاف بين واشنطن وباريس.
وبحسب تقارير فإن موقف واشنطن نابع من رغبتها في الحفاظ على مصالحها في إفريقيا والإبتعاد عن باريس التي أصبح وجودها غير مرغوب فيه بالقارة بشكل كبير، وبالتالي لا تريد أمريكا أن تترك الساحة مفتوحة أمام روسيا لتحتل الفراغ الكبيرالذى ستتركه فرنسا خاصة أن تماهي واشنطن مع التوجه الفرنسي تجاه النيجر كان سيكلفها خسارة قواعدها العسكرية حيث تمتلك قاعدتين عسكريتين للطائرات من دون طيار في النيجر، واحدة منها تقع في منطقة أغاديز شمال البلاد، تقوم من خلالها بعمليات استطلاع شاملة للمنطقة، وتعتبر مركزاً مهماً للمعلومات، إضافة إلى وجود 1100 جندي أمريكي هناك.
كما سعت واشنطن من خلال هذا الموقف للمحافظة على مصالحها الاقتصادية في النيجر وعلى رأسها اليورانيوم والذهب وغيرها من المواد الخام المهمة جدا، فضلا عن ما تمثله النيجر من موقع استرتيجي يمثل لأمريكا رمانة الميزان في الساحل الأفريقي، حيث يحفظ لها وجودا عسكريا لمكافحة الإرهاب عن قرب، ويدرّ عليها مصالح اقتصادية، عبر الانتفاع من مناجم اليورانيوم.

خلافات واشنطن وباريس
الموقف الأمريكي من النيجر زاد من الخلاف بين باريس وواشنطن وهو ما عبر عنه تصريح منسوب لأحد الدبلوماسيين الفرنسيين بقوله “إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية حليفة لك فلا تحتاج إلى عدو” وهو تعبير يكشف حجم الاستياء الفرنسي من واشنطن.
خلافات واشنطن وباريس حول النيجر ليست سوي حلقة من تاريخ كبير من الخلاف بين الحليفين، وباستحضار التاريخ ربما نجد أن الخلاف هو الأكثر حضورا بين البلدين، ففي أيلول سبتمبر 2021 استدعت فرنسا سفيريها بأمريكا وأستراليا على خلفية إلغاء الأخيرة صفقة غواصات كانت قد وقعتها مع شركة نافال الفرنسية واستبدالها بغواصات أمريكية، وذلك بالتزامن مع توقيع استراليا على الاتفاق المسمى بتحالف (AUKUS) الذي يضمها مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
وبحسب تقارير فرنسية فإن واشنطن لم تكتفي في ذلك الوقت بالتأثير على إستراليا لإلغاء صفقة الغواصات مع باريس بل إنها تجاهلت دعوة فرنسا للإنضمام للتحالف الجديد وهو ما اعتبرته الخارجية الفرنسية طعنة فى الظهر وفق بيان رسمي صدر عنها في 17أيلول 2021.
كما استغلت أمريكا الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة الطاقة التي تعرضت لها أوروبا وباعت الغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي بأربعة أضعاف ثمنه ما أثار استياء القادة الأوربيين وفي مقدمتهم فرنسا .
خيبة الأمل الفرنسية من المواقف الأمريكية دفعت وزير الخارجية الفرنسي السابق جان إيف لودريان إلى وصفها بطعنة في الظهر، ولكن هذه الطعنة ربما يوجد لها مبرر في السياسة الأمريكية التي لا تنسي مواقف حلفاءها، ففي عام 2003 عارضت فرنسا بقوة الغزو الأمريكي – البريطاني للعراق ، وقادت الجهود الأوروبية لرفض منح الولايات المتحدة الأمريكية شرعية قانونية لشن هذه الحرب، ورغم أن ألمانيا وروسيا كانتا أيضاً من المعارضين للغزو، إلا أن كوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن صرحت بأن الولايات المتحدة الأمريكية “ستسامح روسيا، وتتجاهل ألمانيا، وتعاقب فرنسا !
ويعكس تصريح رايس نظرة وطريقة تعامل واشنطن مع فرنسا تحديدا دون بقية الدول، فرغم وجود دول كثيرة رفضت السياسة الأمريكية، ولكن فرنسا وحدها هي من تواجه العقاب.
أمريكا وانقلابات أفريقيا
وإنطلاقا من فكرة العقاب، كشفت تقارير صحفية أن ما لا يقل عن 10 انقلابات في غرب أفريقيا منذ عام 2008، نفذها ضباط دربتهم الولايات المتحدة، مما أثار تساؤلا: حول دور واشنطن في دعم هذه الانقلابات حتى لو أدانتها في وسائل الإعلام.
وبحسب صحيفة “ذا إنترسبت” الأمريكية فإن ضباطًا دربتهم الولايات المتحدة كانوا قد شاركوا في 6 انقلابات على الأقل في بوركينا فاسو ومالي المجاورتين للنيجر منذ عام 2012.
وأشارت إلى أن هؤلاء الذين تلقوا تدريبات عسكرية أمريكية، نفذوا ما لا يقل عن 10 انقلابات في غرب أفريقيا منذ عام 2008، في بوركينا فاسو في أعوام2014، 2015، 2022، وفي غامبيا 2014 وغينيا 2021 وفي مالي في أعوام 2012، 2020، 2021، وانقلاب موريتانيا 2008.
كما كشف التقرير أن موسى سالو برمو قائد قوات العمليات الخاصة في النيجر وأحد قادة انقلاب النيجر، تلقى تدريبًا على يد الجيش الأمريكي، واجتمع قبل شهر واحد من الانقلاب مع رئيس قيادة العمليات الخاصة بالجيش الأمريكي، في القاعدة الجوية 201، وهي قاعدة للطائرات بدون طيار في مدينة أغاديز النيجرية التي تمثل العمود الفقري للقوات الأمريكية في غرب أفريقيا.
ويبقي السؤال..هل ما شهدته مناطق النفوذ الفرنسي في إفريقيا من إنقلابات عسكرية وطرد للقوات الفرنسية وإلغاء إتفاقيات عسكرية ومدنية مع باريس هو جزء من سياسة العقاب الأمريكي لفرنسا كما وصفتها كونداليزا رايس، أم طعنة في الظهر كما وصفها جان لودريان، أم إن الأمر تمدد روسي في الدول الأفريقية أم هناك سبب أخر ؟

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

بعد تكرار الانقلابات..هل أصبحت أفريقيا أرضا خصبة للجماعات الإرهابية؟

تعيش منطقة غرب أفريقيا فترة حرجة وشديدة الاضطراب من حيث عدوى الانقلابات العسكرية، واستفحال ظاهرة الإرهاب، فدائما ما نسمع أن مالي وبوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا هي مناطق نشاط الإرهابيين في غرب القارة، لكن هذا لا يعني أن هذه الجماعات الإرهابية ليست لها طموح ومصلحة في توسيع نفوذها إلى مناطق أخرى كدولة غانا مثلا التي نجت حتى الآن من كتائب الساحل التي هاجمت كوت ديفوار وتوجو المجاورتين، وعليه يكون السؤال هل تعد غانا أرضا خصبة لوصول تلك الجماعات الإرهابية في المستقبل؟
نبدأ جولتنا في الإجابة، من موقع “تريندز للبحوث والاستشارات ” وورقة بحثية لـ ” د.محمد السبيطلي” – رئيس برنامج الدراسات الإفريقية – بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية – الرياض، بعنوان ” غانا في مواجهة التهديدات الإرهابية ” والذي ناقشت محورين أولهما؛ الموقع الذي تحتله غانا في استراتيجية الحركات المسلحة المنتشرة والنشطة في منطقة الساحل والصحراء.
يستعرض الباحث موقع غانا -ضمن مجموعة دول أخرى- كحالة استثنائية على خارطة النشاط الإرهابي في المنطقة، ويدلل بالقول، برغم العجز الذي يصيب مجموعة الدول المجاورة لغانا، بسبب ضعف أداء أجهزتها الأمنية، وهشاشة مؤسساتها السياسية والسيادية، فإن هذه الدول التي تقع على الشريط الساحلي الممتد من المغرب وينتهي بغانا، شكَّلت عام 2022 حالة استثناء، إذ لم تشهد أيّ عملية إرهابية في هذا العام. والجماعات الإرهابية لم تفعل ذلك فقط لأنه ببساطة لم يحن الوقت المناسب لكي تتحرك صوب وُجهات جديدة.. ضمن استراتيجيهم في منطقة الساحل، إذ يُتوقع أن يتوسّع التنظيم نحو الساحل الأطلسي، و كل المؤشرات توحي بأن ذلك وشيكًا وليس ببعيد لعدة أسباب قدمها الباحث كالتالي:-
1- تشكّل غانا ما يمكن اعتباره قاعدة احتياط أو مستودعًا لوجستيًّا في استراتيجية التنظيمات الإرهابية، إذ ظلت ساحة لتجنيد المقاتلين
2- سعت الحركات الإرهابية إلى تأسيس خلايا نائمة تابعة لها في غانا تضم هؤلاء المقاتلين الذين عادوا إلى مواطنهم الأصلية شمال البلاد، في القرى والبلدات القريبة من الحدود مع بوركينا فاسو.
3- سعت التنظيمات الإرهابية إلى تحريض الأقليات المسلمة في غانا، مثل إثنية الفولاني ضد الحكومة في محاولة لكسب دعم هذه الأقليات. ومهما يكن من أمر، فإن التنظيمات العاملة في غربي أفريقيا، تتجه نحو تعبئة أبناء إثنية الفولاني في كل دول الإقليم.
4- التنافس بين تنظيم داعش وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة، من الممكن أن بودي إلى تقدم “داعش”، وإيجاد موقع قدم له في شمالي غانا.
في هذا السياق يوكد الباحث إن الجهاديين لديهم بالفعل موطئ قدم في غانا ، فالإرهابيون يتصرفون ويتحركون بالفعل منذ عام 2020 نحو غانا كقاعدة خلفية ينسحب إليها المقاتلون، ويعمل فيها الدعاة للتجنيد والدعاية، ولكنها أيضًا ممرٌّ آمن للعبور، والتموين، والتمويل، والتهريب.
وفي المحور الثاني من الورقة تطرق الباحث إلى ثلاث من الأُطُر والعوامل المغذية للعنف المتشدد، أو التي يمكن أن توظفها الحركات الإرهابية في تأجيج النزاعات، واستقطاب النشطاء والمقاتلين وتجنيدهم كالتالي :-
1- التفاوت الاجتماعي الكبير والعميق : تسعى جماعات العنف المسلح إلى استثمار انتشار مشاعر الحقد والكراهية، التي يخلّفها التفاوت الاجتماعي الكبير والعميق في غانا، بين الشمال عمومًا، وبين الشمال والجنوب. وقام الباحث بعرض أوضاع إثنية الفولاني في غانا والتي تثير جدلًا مزمنًا؛ ذلك أنها كانت – ولا تزال- الجماعة العرقية الأكثر استهدافًا وتهميشًا – من قبل الدولة الغانية.
2- الانقسامات والانشقاقات داخل المسلمين الغانيين: حيث حدث نوع من الانشقاق داخل المسلمين الغانيين، على أساس مذهبي ديني وإثني؛ وهنا استوقف الباحث عند أزمة توجه المسلمون الهوسا، نحو الطريقة الصوفية التيجانية الوافدة من السنغال،وبالتالي كان على هذه المؤسسة أن تتعامل مع المتغيرات المذهبية، الناتجة عن دخول مدارس ومذاهب أخرى مختلفة عن السائد التاريخي في غانا، وفي عموم غربي أفريقيا، منذ الاستقلال .
3- هشاشة النظام السياسي والاقتصادي: تميزت غانا بانها من أكثر بلدان منطقة غرب أفريقيا وخليج غينيا استقرارًا سياسيًّا ووقدرة على تحقيق نسب نمو اقتصادي، لكن هذا الوضع الإيجابي السياسي، والاقتصادي، والأمني، السائد في غانا، لا يمكنه أن يُخفي هشاشته الواضحة؛ فالاقتصاد الذي يعتمد على الصناعات الاستخراجية والتصدير، يظل مرتهَنًا للمناخات الدولية.
هذه الهشاشة التي يبدو عليها النظام الاقتصادي والسياسي في غانا، تعدّ – من قريب أو بعيد – أحد العوامل المغذية للتهديدات، التي تستفيد منها جماعات العنف والجريمة المنظمة، فغانا حتى وإن بدا أنها نجت -بصورة أو بأخرى- من نشاط الجماعات المتشددة العنيفة – ولو نسبيًّا – إلا أن ذلك لا يمنع وجود نشاط جماعات الإجرام المنظَّم، التي كثيرًا ما تستهدف الأجانب، من أجل الابتزاز.

مع تعدد الانقلابات في غرب ووسط افريقيا، وتمدد عمل ونشاط الجماعات الإرهابية، واحتدام التنافي الدولي يبقى أمام الدول الافريقية ضرورة اللجوء الى حلول مستقبلية واستباقية تمنع تعميق واستشراء الأزمات: وتتمثل هذه الحلول في اخاذا كل التدابير الممكنة لتحسين الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية للسكان، مع احترام الدساتير، وتفعيل القوانين في محاربة الفساد، وتحصين النظام السياسي من الاختراقات. أما مع تواصل عدم احترام المؤسسات وفساد النخب السياسية، والتفويت في جزء من السيادة الوطنية، وعدم افساح المجال لنشأة وتطور الرأسمال الوطني خدمة لمصالح أجنبية وتعميقا للتبعية، واستمرار فساد الأجهزة، فالمتوقع مزيد من انهيارات الدول أمام استفحال ظاهرة التطرف وخروج أقاليم مهمة عن سلطة الدول.

فاغنر تعتبره لحظة انتصار..هل تقف روسيا وراء انقلاب النيجر

شهدت النيجر صباح الأربعاء 26 يوليو/تموز، انقلابا جديد على السلطة بعد أن احتجزت عناصر تابعة للحرس الوطني في القصر الرئاسي الرئيس محمد بازوم، ووزير داخليته حمادو أدامو سولي، قبل أن تعلن في مساء اليوم ذاته “عزله من السلطة”.

وأعلن عسكريون  يطلقون على أنفسهم اسم “المجلس الوطني لحماية الوطن”، قد أعلنوا الأربعاء 26 يوليو/تموز 2023، الإطاحة بنظام رئيس النيجر بازوم وتعليق العمل بالدستور “بسبب تدهور الأوضاع في البلاد”، وفقاً لبيان تلاه أحدهم عبر التلفزيون الرسمي بالعاصمة نيامي.

كما أعلن الجيش النيجري، الخميس، 27 يوليو/تموز، دعمه لعملية الانقلاب التي أطاحت بالرئيس محمد بازوم؛ وذلك “تفادياً للاقتتال داخل صفوف القوات المسلحة”، بحسب بيان وقّعه رئيس الأركان.

ويعتبر  الرئيس “المعزول” محمد بازوم، أول رئيس عربي ومنتخب، يصل السلطة بشكل ديمقراطي في النيجر حيث تم انتخابه في أبريل/نيسان عام 2021، خلفاً للرئيس محمدو إيسوفو، في أول انتقال للسلطة من رئيس إلى آخر من خلال صناديق الانتخابات.

ردود الأفعال الدولية

ومنذ اللحظات الأولي للانقلاب توالت ردود الأفعال الدولية المناهضة له، فيما صدر رد فعل غريب من قائد قوات فاغنر يفغيني بريغوجين، وصفه بـ ” النبأ السار” في دلالة قد تؤشر على دور روسي في الإنقلاب.

وبحسب وسائل إعلام، وصف بريغوجين في رسالة صوتية بثّتها قواته على تليغرام، مساء الخميس، 27 يوليو/تموز 2023. الانقلاب بأنه لحظة تحرير طال انتظارها من المستعمرين الغربيين، معتبرا أن “ما حدث في النيجر لم يكن سوى كفاح شعب النيجر مع مستعمريه، مع المستعمرين الذين يحاولون فرض قواعد حياتهم عليه وعلى ظروفه وإبقائه في الحالة التي كانت عليها إفريقيا منذ مئات السنين”.

وأثار التسجيل الصوتي المنسوب لزعيم فاغنر الشكوك حول دور تلعبه موسكو في الانقلاب على الرئيس المنتخب في النيجر خاصة مع ظهور أعلام روسيا في المظاهرات الداعمة للانقلابيين بشوارع العاصمة نيامي.

الولايات المتحدة من جانبها، أعربت عن ادانتها للانقلاب، ودعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، السبت 29 يوليو/تموز إلى الإفراج الفوري عن رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم، واستعادة النظام الديمقراطي في البلاد.

ونقلت وسائل إعلام، عن وزارة الخارجية الأمريكية، قولها إن بلينكن أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس المخلوع بازوم، وأكد دعم واشنطن استمراره في الحكم”.

وأدان مجلس الأمن الدولي الانقلاب على الرئيس، ودعا إلى الإفراج عنه، واعتبر انقلاب الجيش سبباً في  تقويض جهود تعزيز مؤسسات الحكم بالبلاد.

الاتحاد الأوروبي من جانبه، أعلن السبت، 29 يوليو/تموز  وقف جميع أشكال التعاون الأمني مع النيجر “بصورة فورية” ، وأكدت دول الاتحاد أنها لن تعترف بالقادة العسكريين الذين نصبوا أنفسهم في النيجر.

كما ندد مجلس السلم والأمن الإفريقي، بـ”الانقلاب في النيجر”، مطالباً القادة العسكريين بالعودة إلى ثكناتهم خلال مدة 15 يوماً.

الموقف الفرنسي 

بحسب وسائل إعلام فرنسية فإن باريس تعتبر أكبر الخاسرين من انقلاب النيجر خاصة أنها من أهم حلفاء رئيس النيجر المعزول محمد بازوم، وبعزله تكون فرنسا قد فقدت آخر حلفائها المقربين في منطقة الساحل الإفريقية، بعد أن فقدت أصدقاءها في مالي، التي هزها انقلابان في عامي 2020 و2021، ثم في بوركينا فاسو، التي شهدت انقلابين في 2022.

ووفقا لصحيفة لموند الفرنسية فإن باريس توقعت هذا السيناريو وحذرت حليفها بازوم منه خاصة في ظل تصاعد حدة المواجهات في البلد مع بعض الجماعات المتطرفة، وهو ما من شأنه أن “يضر بمصالح الغرب ويزعزع استقرار منطقة الساحل”.

 وبحسب مراقبون، يمثل الانقلاب ضربة للنفوذ الفرنسي في أفريقيا، حيث كانت النيجر تعتبر آخر معاقل فرنسا بغرب إفريقيا. إذ يعد الرئيس المعزول بازوم، البالغ من العمر 63 عاماً، واحداً من القادة الموالين للغرب في منطقة الساحل، حيث أدت انقلابات متتالية ضد رؤساء منتخبين في مالي وبوركينا فاسو في السنوات الأخيرة إلى تقلص النفوذ الفرنسي بشكل لافت، بينما تمدد النفوذ الروسي عبر مجموعات فاغنر الأمنية الخاصة.

مشهد متكرر

ويري رامي زهدي الخبير في الشؤون الأفريقية أن ما يحدث في النيجر مشهد متكرر وأصبح شبه معتاد في القارة الأفريقية، مشيرا إلي أن النيجر نفسها منذ استقلالها  عن فرنسا عام 1960 شهدت 4 انقلابات اضافة لعشرات المحاولات لتي لا يمكن حصرها، فضلا أن النيجر تقع بجوار مالي وبوركينا فاسو وهم من أكثر الدول الأفريقية التي شهدت انقلابات عسكرية لدرجة أن بوركينا فاسو شهدت مؤخرا إنقلاب على الإنقلاب في سابقة لم تحدث من قبل .

وقال لوكالتنا “بلاد كثير في إفريقيا لا يوجد بها دعائم للديمقراطية أو استيعاب للرأي الأخر ولا مجال للعمل العام وبالتالي عند حدوث أى خلاف أو صراع على السلطة يكون العمل المسلح والانقلاب على النظام هو الطريق الأسهل في معظم الدول الأفريقية،لافتا إلي أن فكرة التخلص من الحاكم على أنه مصدر للأزمة هى المسيطرة، ويعتقد البعض أنه لا مجال للتخلص من الرئيس سوي بالانقلاب عليه أو قتله”.

وأوضح أن “رئيس النيجر محمد بازوم انتخب بطريقة ديمقراطية عام 2021 ألا أنه منذ انتخابه يُصنف على أنه الأوثق علاقة بفرنسا وهو ما استخدمه المعارضون له رغم أن النيجر دولة فرنسية الهوي، فالاستثمارات بها فرنسية، والتأسيس فرنسي والاحتلال كان فرنسيا”.

وأشار إلي أن “أخر انقلاب شهدته النيجر كان في فبراير 2010 وتمت الاطاحة بالرتيس مامادو تينجا وبالتالي هي دولة معتادة على الانقلابات”.

الأزمة الداخلية

ويعتقد الباحث أن “الأزمة الحالية جزء منها داخلي نتيجة الأوضاع الاقتصادية، لافتا إلي أنه كانت هناك محاولات لوقف التصعيد في ظل وجود رفض لبعض قرارات رئيس الدولة ووجود شكاوي متعددة في ظل تردي الأوضاع الانسانية بالبلاد ولكن المعارضة كانت تري أن التخلص من الرئيس هو الملجأ الوحيد”.

واعتبر زهدي “أنه من السطحية النظر لمشكلات وأزمات النيجر على أنها مرتبطة بوجود الرئيس أو رحيله فهي أعمق من ذلك بكثير”، مؤكدا أن”النيجر أحد أفقر دول العالم رغم وجود ثروات كبيرة”.

ويعتقد الخبير بالشؤون الأفريقية “أنه من الوارد جدا، وجود تورط روسي في الانقلاب بالنيجر، معتبرا أن إشادة رئيس فاغنر بما حدث يؤكد تلك الشبهات ويجعل موسكو في موقف حرج”.

وقال إن اصدار بيان من قبل رئيس فاغنر أمر غير موفق بالمرة ، فالمفترض أن فاغنر شركة أمنية وليست جهة سياسية، وليس من المقبول تعليقها على ما حدث بالنيجر أو بأى دولة”.

وأشار إلي أن “عرض رئيس فاغنر المشاركة في تسيير الأمور وحفظ الأمن قد يؤشر على تورطها في الانقلاب”.

ضربة للنفوذ الفرنسي

وتري فريدة البنداري نائب رئيس المركز العراقي للدراسات الأفريقية أن هذا الانقلاب يعد ضربة قاسية اخري لفرنسا في مستعمراتها الافريقية، لافتة إلي أن احد السيناريوهات المتوقعة ان هناك تدخل خارجي خاصة أن لروسيا بعض الاصابع الداخلية ، فضلا أن هناك اعلام لروسيا كانت مرفوعة بالتظاهرات.

 وقالت لوكالتنا ” اذ تتبعنا دور الكرملين، على مدى السنوات الثلاث الماضية، نجده وبدافع من الرغبة يسعي الى زعزعة الاستقرار في فرنسا والأطراف الغربية الفاعلة الأخرى في دول القارة الافريقية، وهو ما ظهر في سياق تعاطفه الضمني مع العسكريين الذين استولوا على السلطة في مالي، وبوركينا فاسو، وغينيا، الذين ينظر إليهم قادة الدول المجاورة بوصفهم تهديدا للاستقرار الإقليمي”.

وتوقعت الباحثة أن يكون “هناك رد فعل فرنسي على الانقلاب مؤكدة أن فرنسا ترتكز في استراتيجيتها الجديدة تجاه أفريقيا على النيجر في تنفيذ أهدافها الجيوسياسية، كما تعتمد عليها أيضًا في الحصول على 35% من احتياجات فرنسا  من اليورانيوم لمساعدة محطاتها النووية في توليد 70% من الكهرباء”.

Exit mobile version