بقلم :نزار الجليدي .كاتب ومحلل سياسي مقيم بباريس
رغم أنّ نتائج الانتخابات التشريعية الفرنسية في دورتها الثانية اتسّمت بنهاية اللاّغالب و اللاّمغلوب لكنها تعتبر منصفة وعادلة و هي منحت الائتلاف الرئاسي الحاكم بقيادة الرئيس ماكرون “معا من أجل الجمهورية” وعموم الفرنسيين المعتدلين و الوسطيين جرعة أكسيجين إضافية كان سيحرمهم اليمين المتطرف منها لو فاز في هذه الانتخابات، وحينها كانت البلاد ستدخل النفق المظلم الذي تقف الأن على أعتابه بفضل فوز الجبهة الشعبية بالمرتبة الأولى مع عدم تمتعها بالأغلبية المطلقة التي تمكنها من تشكيل الحكومة الجديدة .
وبالتالي تجد نفسها أمام حلين :
الأول التعايش مع مؤسسة الرئاسة وأحزابها التي حلّت في المرتبة الثانية على ما بينهما من اختلافات عميقة .أو التحالف مع اليمين المتطرّف الذي حل ثالثا وهو الأمر المستبعد للتناقض التام بين الفكرين و البرامج .
ويبقى ممكنا تحالفا مفاجئا براغماتيا بحتا قد يحدث وهو تحالف الوسط و اليمين المتطرف لإبعاد اليسار على الحكم .وهذه خطوة قد يقدم عليها الرئيس الفرنسي بمراهقته السياسية المعروفة خاصة وأنه فعلها من قبل حينما استنجد بأصوات اليمين المتطرف في الجمعية الوطنية المنحلة حينما أراد تمرير قانون الهجرة الجديد .
وبقطع النظر عن هذه السيناريوهات فانّه يحسب للجبهة الشعبية الفرنسية أنها عدّلت الأوتار مجدّدا في المشهد السياسي ومنعت انزلاق البلاد الى التطرف و العنصرية. وهي قد تواصل القيام بمزيد من التعديل إذا ما تنازلت عن بعض ما وعدت به ناخبيها و الذي يتناقض مع ما أقرتّه الحكومة الحالية ورضيت بالتحالف مع ما من سيتبقى منها من أحزابها من الوسط . رغم أنّ ذلك لن يكون بالسهولة المتحدّث بها لكن البراغماتية التي ميزت اليساريين في فرنسا و سهّلت دخولهم في تحالف انتخابي قد تسهّل عملية التعايش السياسي التي تحدّثنا عنها.فزعماء الجبهة الشعبية وأبرزهم جان لوك ميلانشون يجدون أنفسهم أمام مسؤولية تاريخية جسيمة لأن بأيديهم مفاتيح انقاذ البلد أو إدخاله أزمة سياسية خانقة فضلا عن الاقتصادية الموجودة بالفعل. ..وأي إساءة لاستعمال هذه المفاتيح قد يعاقبون عليها من قبل الفرنسيين في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2027.
فماهي هذه الجبهة و برامجها و خصوصيتها؟
الجبهة الشعبية الجديدة
تحصّلت على 172 إلى 215 مقعدًا من اصل 577 .لتحلّ في المرتبة الاولى بعد أن حلّت ثانيا في الدورة الأولى بنسبة 28 في المائة.
و”الجبهة الشعبية الجديدة” هي تحالف انتخابي يساري واسع للأحزاب في فرنسا، لم يتجاوز عمره الشهر، وقد تم إطلاقه في 13 جوان 2024للتصدّي لزحف اليمين المتطرف الذي كان قد فاز بالانتخابات البرلمانية الاوروبية .
وتجمع الجبهة الشعبية الجديدة بين أحزاب مثل “فرنسا الأبية” (LFI)، والحزب الاشتراكي، و حركة “الخضر” (Les Ecologistes)، والحزب الشيوعي الفرنسي، وحركة “الأجيال” (Generations)، وحركة “المكان العام” (Place Publique)، وعدة أحزاب ومجموعات يسارية أخرى.
وعلى الرغم من أن الجبهة الشعبية الجديدة ليس لها زعيم رسمي، إلا أن ميلنشون رئيس حزب “فرنسا الأبيّة” هو الأقرب لقيادتها ومن الممكن أن تتحوّل الى جبهة سياسية استراتيجية دائمة.
وهي ليست المرّة الأولى التي تتوحّد فيها هذا
قوى اليسار الفرنسي (اشتراكيين وشيوعيين وراديكاليين) حيث حدث ذلك لأول مرة عام 1936 تحت اسم “الجبهة الشعبية” درءا لخطر محاولات اليمين والفاشية حكم البلاد، و وهو ما حدث بالفعل حيث حظيت فرنسا لأول مرة في تاريخها بحكومة اشتراكية لكن حكمها لم يدم طويلا، فقد انهارت خلال سنة مع استمرار الإضرابات العمالية ودخول البلاد في الحرب العالمية الثانية.
و تختلف مكونات هذا التحالف في كثير من الملفات المحلية والدولية، لكن البراغماتية السياسية كما قلنا طوى كل الخلافات وتم وضع هدف انقاذ البلاد من المتطرفين فوق كل الاعتبارات.
وأعلنت نقاط برنامجها الحكومي الذي اتفقت عليه كالتالي:
*مكافحة جميع أشكال العنصرية ومعاداة السامية وكراهية الإسلام.
*توفير تعليم مجاني والحفاظ على حريته، وإصلاح المطاعم المدرسية، ودعم الأنشطة اللاصفية ودعم قطاع النقل.
*إلغاء التأمين ضد البطالة وهو ما سيضر بملايين الفرنسيين و المهاجرين.
*زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 1600 يورو.في حدود 5الاف دينار تونسي.
*تغيير سن التقاعد من 64 إلى 60 سنة.و بالتالي العودة الى الحالة القديمة.
*زيادة رواتب موظفي الخدمة المدنية بنسبة 10%.
وتعزيز القدرة الشرائية عبر “تحديد سقف لأسعار السلع الأساسية من الغذاء اليومي والطاقة والوقود”.
*فرض عدة تدابير إصلاحية على قوانين الضرائب.
بناء أماكن إيواء تحسبا لحالات الطوارئ.
*إيقاف إنشاء مشاريع الطرق السريعة وغيرها من المشاريع المضرة بالمناخ.
*إلغاء قوانين اللجوء والهجرة التي أقرها ماكرون.
الدفاع عن سيادة الشعب الأوكراني وحريته، وتوفير الأسلحة اللازمة وإلغاء ديونه الخارجية.
يسارهم ويسارنا
تجربة الجبهة الشعبية الجديدة و نجاحها في الائتلاف الانتخابي و المفاوضات الحالية تذكّرنا و تذكرّ التونسيين بالجبهة الشعبية في تونس و التي تشكّلت كائتلاف انتخابي ثم ككيان سياسي قبل أن تنتهي وتتشظّى بسبب أخطاء سنأتي على ذكرها لاحقا.
وفي كل الانتخابات التي شاركت فيها لم تحصّل الجهة الشعبية نتائج تذكر رغم تمكنها من تكوين كتلة برلمانية في برلمان 2014/2019 ب15نائبا .
فقد تحصلت في الانتخابات البلدية لسنة 2028 على 7.6 بالمائة .فيما تحصل كل من ناطقها الرسمي حمة الهمامي في الانتخابات الرئاسية في2014على نسبة 7.82% .فيما تحصل المنجي الرحوي على 0.81% في الانتخابات الرئاسية 2019.
وهو تاريخ نهاية الجبهة الشعبية وذلك بسبب الزعامات حيث فشلت في ترشيح مترشح وحيد لتلك الانتخابات.
والواقع أنّ نهايتها كانت منذ رفضها أي تحالف سياسي لتكوين الحكومة عقب انتخابات 2014 وخاصة رفض التكتل مع حزب نداء تونس(وسطي)الذي حلّ في المرتبة الأولى و الذي يقف على نقيض مع النهضة التي حلّت ثانيا لكن تعنّت اليساريين هو ما أنتج سياسة التوافق المغشوش بين النهضة و النداء و وهو الذي عاد بالوبال على تونس وعجلّت بنهاية كل الأحزاب الكبرى.
ورغم كل ذلك يبقى اليسار في تونس أكبر التيارات السياسية سنّا في البلاد و الأكثر قدرة على التجميع لكنه لم يفلح في أن يكون مشروع حكم وهويميل و يحب ممارسة المعارضة أكثر من رغبته في المخاطرة بالحكم لأنّ برامجه مع الأسف لم تتطور و بقيت حبيسة ستالين وماركس ومن ولاهم .
وبالتالي فاليسار التونسي اليوم هو خارج التاريخ و خارج الجغرافيا .وعليه أن يتواضع بالتعلّم من تجارب غيره .
فرنسا أمام تحديات صعبة سوف تجعل الفرنسيين أمام خيار القطع مع إرثهم الحضاري باعتبار فرنسا مهد التنوير والثورة ومبادئ المساواة والأخوة والحرية Fraternité Égalité Liberté إلى فرنسا جديدة دون هوية ودون تميز.
على مستوى المؤسسات يبدو أن المدة الباقية من العهدة الرئاسية سوف تكون سببا كافيا لإعادة التفكير في نهاية الجمهورية الخامسة والمرور إلى الجمهورية السادسة وذلك بكل ما سوف تحمله من شلل سياسي ومؤسساتي.
في ذروة انشغال العالم بأزمة إنقلاب النيجر، والتهديد بالتدخل العسكري من أجل استعادة النظام الدستوي في البلاد، استيقظ الأفارقة صبيحة الأربعاء 30 أغسطس الماضي على إنقلاب جديد بغرب أفريقيا في حلقة جديدة من حلقات الانقلابات العسكرية التي انتشرت مؤخرا بالقارة.وعقب انتخابات مثيرة للجدل، تم فيها إعادة انتخاب علي بونجو كرئيسا للجابون للمرة الثالثة، أعلنت قيادات بالجيش السيطرة على السلطة وحل كل مؤسسات الدولة، وإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية.
وبذلك تنضم الجابون إلي دول غرب أفريقيا مالي وغينيا وبوركينا فاسو والنيجر التي شهدت انقلابات عسكرية في الفترة الأخيرة وهو ما يفتح الباب للتساؤل حول أسباب كثافة وقوع الانقلابات في دول إفريقيا مؤخراً، وعلاقتها بالسياسات الغربية في القارة.
حزام الانقلابات
وجاء انقلاب الجابون أحد المستعمرات الفرنسية السابقة بغرب إفريقيا بعد قرابة شهر واحد فقط من انقلاب النيجر الذى أطاح فيه الجيش بالرئيس محمد بازوم المحسوب على فرنسا، كما سبقه 4 انقلابات أخري بدول محسوبة على النفوذ الفرنسي وهو ما اعتبره مراقبون رسالة غضب إفريقية ضد السياسات الفرنسية بالقارة.
وخلال العشر سنوات الأخيرة، شهدت القارة الإفريقية عشرات الانقلابات فضلا عن محاولات الانقلاب، وتحتل منطقة غرب القارة الصدارة التاريخية في هذه الأحداث، بنسبة 44.4% من إجمالي انقلابات العسكرية، وهو ما دفع إلى تسميتها بـ”حزام الانقلابات حيث شهدت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما يقدر بـ7 انقلابات على الأقلّ.
وقبل انقلاب النيجر في 28 يوليو/تموز الماضي، شهدت مالي انقلابين عسكريين، الأول في أغسطس/آب 2020 والثاني في مايو/أيار 2021. وفي بوركينا فاسو حدث انقلابان أيضاً عام 2022، وفي غينيا حدث انقلاب عسكري في سبتمبر/أيلول 2021. وفي العام نفسه قُتل الرئيس التشادي إدريس ديبي على يد متمردين.
وبحسب مراقبون فإن الأمر لن يتوقف عن حدود الجابون وربما تشهد القارة انقلابات جديدة خاصة أن الظروف والسياسات تتشابه في معظم الدول، كما يربط محللون هذه الظاهرة بسياسات النهب الاستعمارية التي تنهجها الدول الغربية في القارة.
نشأة معيبة
ويري محمود مناع خبير الشون الأفريقية أن “القارة الأفريقية لها سمات ومظاهر تختلف عن اى قارة في العالم، ودولها لها تمايز وصفات مختلفة عن بعض الدول القائمة بالفعل في المحيط الاقليمي والدولي”.
وقال لوكالتنا :”خبراء الدراسات الافريقية دائما ما يرددون أن نشأة الدول الأفريقية نشأة معيبة، لافتا إلي أن الدول الأفريقية قائمة منذ القدم على الممالك القديمة وكان لها نظام قبلي واضح وكانت الممالك تعتمد على رب القبيلة أو زعيمها مع وجود تنظيم يشبه التنظيم السياسي الحديث”.
وتابع :”مع وصول المستعمر الغربي لأفريقيا عمل على إحداث بعض التوازنات من خلال القبائل والإثنيات المنتشرة في القارة دون حدود جغرافية، مشيرا إلي أن نشأة الدول الأفريقية بتقسيمها الحالي نشأة استعمارية بالأساس، وحدودها وضعها المستعمر دون مراعاة للتداخل الإثني بين الدول بدليل وجود الكثير من الاثنيات والقبائل الأفريقية منتشرة ومتشابكة في أكثر من دولة كما نجد في نيجريا والنيجر أو ورواندا وبورندي وغيرها من الدول الأفريقية”.
وأشار إلي أنه “عندما رحل المستعمر بجيوشه وعتاده التقليدية بقيت ولاءات النخب الأفريقية التي صنعها المحتل للأصل الاستعماري، لافتا إلي أن الدول الخمس التي شهدت انقلابات مؤخرا وهي مالي وبوركينا فاسو وغينيا والنيجر والجابون تشترك في أن الآصل الاستعماري لها واحد وهو فرنسا” .
ولفت إلي أنه “بغض النظرعن أن الانقلابات تخالف النظام الديمقراطي والدستوري والأعراف الدولية ألا إن الوعود بالتنمية منذ استقلال هذه الدول كانت كبيرة، ورغم ذلك لم تشهد هذه الدول منذ عام 1960 أى تنمية”.
الاستعمار الجديد
وبحسب الخبير بالشؤون الأفريقية فإن “كتاب الزعيم الأفريقي كوامي نكروما رئيس غانا الأسبق الذي يحمل عنوان ” الاستعمار الجديد” وصدر منذ أكثر من 50 عاما يضع خارطة طريق لنهضة أفريقيا يربطها برحيل الاستعمار، كما أعطي الكتاب وصفة للتحرر الحقيقي من الاستعماري ، لافتا إلي أن هذه الوصفة هى ما ينادي به قادة الانقلابات في الدول الافريقية”.
وبحسب الباحث فإن “هذه الانقلابات صرخة في وجه الاستعمار الفرنسي والاصل الاستعماري، هذه الوصفة التي نادي بها نكروما منذ اكثر من 50 سنة ينادي بها قادة الانقلابات الأن من أجل الوصول لحلول أفريقية للازمات الاقتصادية والبحث عن التنمية الحقيقة ورفض التبعية، والعودة للمقولة التي نادت بها الجامعة الافريقية في القرن العشرين والفلاسفة الأفارقة في القرن التاسع عشر أن أفريقيا يجب أن تكون للأفارقة”.
تحديات وسيناريوهات
وأشار إلي أن “الخوف هو سقوط هذه الدول في مستنقع الفوضي وعدم الاستقرار، وأن يستغل سماسرة الحروب وتجار الدماء في اشارة للإرهابين والجماعات المتطرفة للوضع في تعزيز وجودها بهذه الدول”.
وحول السيناريوهات المستقبلية للأوضاع بأفريقيا،يري الخبير بالشأن الأفريقي أنه “إذا استطاعت تلك القيادات والزعامات الافريقية الجديدة في الدول التي شهدت انقلابات الفرار من الأصل الاستعماري، وكان لديها مقومات حقيقة داخلية لتحقيق التنمية الاقتصادية وهو أمر ليس بالسهولة التي يتوقعها البعض فمن الممكن أن تتحرك هذه الدول نحو التنمية حتي لو كانت هذه التحركات ببطء، لافتا إلي وجود بعض القوي الاقليمية والدولية مثل الصين وروسيا لديها الرغبة والاستعداد لملء مكان فرنسا في هذه الدول وفق مبدأ المصالح المتبادلة وهو أمر قد ترحب به أفريقيا”.
وحول إمكانية حدوث انقلاب جديد، يري الباحث ان “افريقيا قارة لديها قدر كبير من المحاكاة ولا يمكن الجزم بعدم تكرار الانقلابات ولكن المؤكد أن الوضع قابل للتكرار بأفريقيا عموما”، لافتا إلي أن “الرئيس الكاميروني الذى يحكم منذ 40 عاما أصدر منذ أيام قرارت رئاسية بتغيير كل القيادات العسكرية في بلاده خوفا من الانقلاب عليه”.
مرحلة جديدة
من جانبه، يري الباحث السوداني عباس صالح إن “تزايد وتيرة الانقلابات العسكرية والسيطرة العسكرية المتصاعدة على الحكم في العديد من دول القارة الأفريقية، تؤسس لمرحلة جديدة من النظم السياسية بعد انقضاء حقبة نظم ما بعد الاستعمار ونظام الدولة الوطنية التي قادتها النخب الوطنية وانطواء الموجة الأولى من الانقلابات التقليدية التي وقعت خلال العقود الماضية.”
وقال لوكالتنا “بكل تأكيد هناك أياد خارجية وراء موجة الانقلابات الأخيرة، تم فيها توظيف العوامل المحلية لتحقيق تغيرات سياسية تعيد رسم الحقائق الجيوسياسية في أقاليم القارة السمراء، في خضم حرب باردة جديدة تمر بها القارة الأفريقية”.
وأشار إلي إن “حتمية وقوع الانقلابات او السيطرة العسكرية في عموم القارة، قد تؤجج من التنافس بين الدول الكبرى، التي تتنافس على النفوذ والمصالح، لتشجيع وقوع انقلابات إما لاستباق وقوعها من قبل أطراف داخلية موالية لدول منافسة لها، فضلاً عن احتمالات انتشار “عدوى الانقلابات” وبالتالي دفع العسكريين المغامرين للقيام بتحركات للاستيلاء على السلطة في ظل الدعم الشعبي الواضح لهذه التحركات”.
وبحسب الباحث فإنه “مع اتساع نطاق حزام الانقلابات الذي يتمدد حالياً من الساحل الكبير إلى وسط أفريقيا بعد الانقلاب الأخير في الغابون، يبدو أن “دومينو” الانقلابات سوف يشمل العديد من الدول التي تتوفر على عوامل داخلية مشابهة لتلك التي الدول التي وقعت فيها انقلابات عسكرية”.
على غير العادة ، تصدرت أخبار منطقة الساحل وغرب أفريقيا عناوين الصحف ووسائل الإعلام العالمية بعد انقلاب ليس بجديد على المنطقة التي تمثل الانقلابات العامل الأساسي في التغيير في معظم دولها.
وتحولت أخبار النيجر التي لم يكن أحد يسمع عنها إلي مادة خصبة لوسائل الإعلام الدولية بعد انقلاب عسكري شهدته البلاد أواخر يوليو/تموز الماضي أطاح بنظام الرئيس محمد بازوم المحسوب على فرنسا وهو ما أثار أزمة كبيرة داخل غرب إفريقيا خاصة بعد تهديد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا المعروفة اختصارا بـ”إيكواس” بالتدخل العسكري في النيجر وإعادة الرئيس المعزول بالقوة.
سر الاهتمام بالنيجر
ومنذ الإنقلاب في النيجر تتصاعد الأحداث بشكل متسارع وسط اهتمام دولي كبير لم يحدث في انقلابات مشابهة في دول أفريقية أخري مثل بوركينا فاسو ومالي، وهو ما يعكس ما تمثله النيجر في الصراع بين القوي الكبري التي تتنافس على موارها وثرواتها.
وبحسب تقارير فإن النيجر التي تعتبر من أفقر دول إفريقيا منتج رئيسي للذهب واليورانيوم، كم توصف بأنها البلد الذي يضيء شوارع باريس بينما يعيش أغلب سكانه في الظلام.
وتعتبر النيجر رابع أغنى دولة في العالم من حيث احتياطيات اليورانيوم وهو ما جعلها محط صراع بين القوي الكبري، وتزداد أهمية يورانيوم النيجر في ظل الحرب الأوكرانية ورغبة الغرب في تقليص الاعتماد على اليورانيوم القادم من روسيا أو عن طريق حلفائها.
وتعيش النيجر وعموم دول غرب إفريقيا منذ الانقلاب حالة من الترقب خاصة في ظل تصاعد حالة التوتر بين نيامي وباريس على خلفية قرارات المجلس العسكري الحاكم بطرد السفير الفرنسي من البلاد وتعليق كل الاتفاقيات مع فرنسا التي تدعم التدخل العسكري لاستعادة نفوذها وسيطرتها على البلاد التي تضىء شوارع باريس بمواردها.
وبحسب مراقبون فإن الحرب حال اندلاعها ستكون الجماعات المتطرفة أكبر المستفيدين منها، وستمتد تداعياتها وتتسع بشكل يهدد عموم المنطقة خاصة أنها قد تتحول لحرب بالإنابة بين الدول الكبري حيث تدعم روسيا المجلس العسكري في حين تدعم فرنسا والغرب الرئيس المعزول ومجموعة إيكواس.
الموقف من التدخل العسكري
ويري رامي زهدي الخبير المصري في الشؤون الأفريقية أن “الأوضاع بالنيجر مازالت إلي الأن في مرحلة الصراع السياسي ولم يصل الأمر لتدخل عسكري بشكل واضح أو مؤكد، لافتا إلي أنه حتى الأن احتمالية التدخل العسكري تظل مقبولة نظريا ولكتها شديدة التعقيد عمليا”.
وقال زهدي لوكالتنا “هناك عوامل كثيرة تتحكم في هذا الصراع حاليا في النيجر، والأمر الأن عبارة عن أوراق ضغط متبادلة بين الطرفين، حيث يلوح قادة الانقلاب بمحاكمة بازوم بتهمة الخيانة العظمي، في حين أن مجموعة إيكواس تتراجع عن طرح فكرة التدخل العسكري لاعادة الشرعية لكنها في نفس الوقت تعطي أوامر لجاهزية الجيوش وتعلن خطة عسكرية للتدخل لمزيد من تأكيد التهديد والضغط على القادة العسكريين بالنيجر”.
وبحسب الباحث فإنه “حتى الأن الحلول السلمية الأقرب للتطبيق لأنه مهما كانت خسائرالسلم لن تكون مثل خسائر الحرب ومن يستطيع بدء الحرب لن يملك انهاءها أو وقف تمددها”.
وأشار إلي أن “هناك انقسام في مجموعة ايكواس وخلافات بين دولها حول التدخل العسكري، كما إن هناك خلافات بين الاتحاد الأوروبي وخاصة بين فرنسا وإيطاليا التي ترفض التدخل العسكري، فضلا عن موقف الولايات المتحدة التي لم تصف ما حدث في النيجر بالانقلاب، إضافة للاتحاد الافريقي الذي يرفض التدخل أيضا”.
وتابع : “كما أن هناك تباين في مواقف الدول السبع التي تمثل جوار النيجر حيث أعلنت مالي وبوركينا فاسو وقوفهم مع النيجر عسكريا والتدخل لمواجهة أى عمل عسكري ضد نيامي، كما رفضت 3 دول هى ليبيا والجزائر وتشاد التدخل العسكري سياسيا رغم مطالبتهم بعودة الشرعية، في حين وافقت دولتين فقط هما نيجيريا وبنين على التدخل العسكري، لافتا في الوقت نفسه إلي أن نيجيريا التي تقود مجموعة إيكواس تواجه رفض داخلي للعملية حيث رفض مجلس الشيوخ أى عمل عسكري بالنيجر خاصة أن قبائل الهوسا وهي قبائل مشتركة تعيش في النيجر ونيجيريا ولها نفوذ كبير في إدارة الأمور بنيجيريا”.
مستقبل الساحل الأفريقي
وبحسب الباحث فإن “قارة افريقيا حدث فيها 205 انقلاب في أخر 70 سنة نجح منها 100 انقلاب، وهناك عدد كبير من الانقلابات لم تعلن من الأساس أو تم التكتيم عليها”، مشيرا إلي أن “أخر 25 انقلاب في افريقيا كان منهم 21 في منطقة الساحل وغرب افريقيا فهذه منطقة معتادة على الانقلابات حيث لا يجدون وسيلة للخلافات السياسية سوي الانقلاب أو المواجهات المسلحة”.
وأكد زهدي أن “النيجر ذاتها تعيش الانقلاب الرابع حيث شهدت 3 انقلابات سابقة منذ استقلالها ولم يحدث زخم أو اهتمام دولي أو تهديد بتدخل عسكري ضد انقلاب بأفريقيا وما أكثرها كما يحدث الأن في انقلاب نيامي الأخير”.
لافتا إلي أنه “تم التعامل مع ما تم من انقلابات في الساحل والصحراء الأفريقية وأخرهم ما شهدته بوركينا فاسو ومالي وغينيا بيساو التي شهدت انقلاب على الانقلاب، وانتهي الأمر بتقنين وضع المنقلبون مع توفر قدر مناسب من الأرادة الشعبية لقبول الوضع الجديد”.
سيناريوهات الحرب
وحول سيناريوهات الحرب حال اندلاعها، يري الباحث أن “التكلفة الاقتصادية المباشرة للحرب تتعدي 2 مليار دولار وظروف الدول بالمنطقة لا تسمح لها بتمويل الحرب، وبالتالي سوف يتضح موقف التمويل الدولي بشكل مباشر أو معلن”.
وتابع : “التكلفة غيرالمباشرة للحرب كبيرة جدا، لان اقتصاد المنطقة مرتبط ببعضه البعض خاصة أن النيجر دولة حبيسة يحدها 7 دول، وتجمعها حركة تجارة كبيرة مع كل هذه الدول، وهناك أنابيب بترول وغاز تمر عبر ارضيها وهو ما يهدد بتوقفها أو تفجيرها ما يكون له تداعيات كبيرة على المنطقة”.
ويري خبير الشؤون الأفريقية أن “الخطر الأكبر حال اندلعت الحرب هو وجود قواعد عسكرية فرنسية وألمانية وأمريكية داخل النيجر، وبالتالي هذه القواعد تكون مصدر أزمة في حالة الحرب لانها ستكون أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الاشتراك بشكل مباشر في الحرب وهو ما يجعلها في مواجهة شبه مباشرة مع روسيا التي تدعم الانقلاب وستساعده عسكريا”.
أمام الخيار الثاني بحسب زهدي فهو أن “لا تشترك القواعد العسكرية الأجنبية في الحرب وتكتفي بالدعم اللوجيسيتي للإيكواس ولكنها في هذه الحالة أيضا ستكون أهدافا سهلة للقوات العسكرية في النيجر والقوات المتحالفة معها أو الجماعات الإرهابية أو الأفراد الذين يمكنهم القيام بعمليات ضد مصالح هذه الدول”.خطر الفوضي
وحذر الباحث من “أن هذه البيئة هي الأنسب للجماعات الارهابية والمتطرفة التي تجد في الفراغ والفوضي والأزمات طريق ممهد لتقديم نفسها كبديل للحكومات وتستطيع أن تتمدد في هذه الأجواء وتتمكن من تحقيق أهدافها بشكل كبير”.
وحول مستقبل الوجود الروسي في إفريقيا بعد مقتل زعيم فاغنر، أكد الباحث أنه “لا يمكن الجزم بمستقبل فاغنر في أفريقيا بعد مقتل زعيمها وخطط روسيا في المستقبل تجاه هذه القوات التي حققت نجاحات كبيرة في افريقيا، وهل ستواصل تلك النجاحات أم يكون مقتل زعيمها بداية النهاية لفاغنر وعملياتها سواء في إفريقيا أو غيرها من مناطق الصراع “.
شهدت النيجر صباح الأربعاء 26 يوليو/تموز، انقلابا جديد على السلطة بعد أن احتجزت عناصر تابعة للحرس الوطني في القصر الرئاسي الرئيس محمد بازوم، ووزير داخليته حمادو أدامو سولي، قبل أن تعلن في مساء اليوم ذاته “عزله من السلطة”.وأعلن عسكريون يطلقون على أنفسهم اسم “المجلس الوطني لحماية الوطن”، قد أعلنوا الأربعاء 26 يوليو/تموز 2023، الإطاحة بنظام رئيس النيجر بازوم وتعليق العمل بالدستور “بسبب تدهور الأوضاع في البلاد”، وفقاً لبيان تلاه أحدهم عبر التلفزيون الرسمي بالعاصمة نيامي.
كما أعلن الجيش النيجري، الخميس، 27 يوليو/تموز، دعمه لعملية الانقلاب التي أطاحت بالرئيس محمد بازوم؛ وذلك “تفادياً للاقتتال داخل صفوف القوات المسلحة”، بحسب بيان وقّعه رئيس الأركان.
ويعتبر الرئيس “المعزول” محمد بازوم، أول رئيس عربي ومنتخب، يصل السلطة بشكل ديمقراطي في النيجر حيث تم انتخابه في أبريل/نيسان عام 2021، خلفاً للرئيس محمدو إيسوفو، في أول انتقال للسلطة من رئيس إلى آخر من خلال صناديق الانتخابات.
ردود الأفعال الدولية
ومنذ اللحظات الأولي للانقلاب توالت ردود الأفعال الدولية المناهضة له، فيما صدر رد فعل غريب من قائد قوات فاغنر يفغيني بريغوجين، وصفه بـ ” النبأ السار” في دلالة قد تؤشر على دور روسي في الإنقلاب.
وبحسب وسائل إعلام، وصف بريغوجين في رسالة صوتية بثّتها قواته على تليغرام، مساء الخميس، 27 يوليو/تموز 2023. الانقلاب بأنه لحظة تحرير طال انتظارها من المستعمرين الغربيين، معتبرا أن “ما حدث في النيجر لم يكن سوى كفاح شعب النيجر مع مستعمريه، مع المستعمرين الذين يحاولون فرض قواعد حياتهم عليه وعلى ظروفه وإبقائه في الحالة التي كانت عليها إفريقيا منذ مئات السنين”.
وأثار التسجيل الصوتي المنسوب لزعيم فاغنر الشكوك حول دور تلعبه موسكو في الانقلاب على الرئيس المنتخب في النيجر خاصة مع ظهور أعلام روسيا في المظاهرات الداعمة للانقلابيين بشوارع العاصمة نيامي.
الولايات المتحدة من جانبها، أعربت عن ادانتها للانقلاب، ودعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، السبت 29 يوليو/تموز إلى الإفراج الفوري عن رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم، واستعادة النظام الديمقراطي في البلاد.
ونقلت وسائل إعلام، عن وزارة الخارجية الأمريكية، قولها إن بلينكن أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس المخلوع بازوم، وأكد دعم واشنطن استمراره في الحكم”.
وأدان مجلس الأمن الدولي الانقلاب على الرئيس، ودعا إلى الإفراج عنه، واعتبر انقلاب الجيش سبباً في تقويض جهود تعزيز مؤسسات الحكم بالبلاد.
الاتحاد الأوروبي من جانبه، أعلن السبت، 29 يوليو/تموز وقف جميع أشكال التعاون الأمني مع النيجر “بصورة فورية” ، وأكدت دول الاتحاد أنها لن تعترف بالقادة العسكريين الذين نصبوا أنفسهم في النيجر.
كما ندد مجلس السلم والأمن الإفريقي، بـ”الانقلاب في النيجر”، مطالباً القادة العسكريين بالعودة إلى ثكناتهم خلال مدة 15 يوماً.
الموقف الفرنسي
بحسب وسائل إعلام فرنسية فإن باريس تعتبر أكبر الخاسرين من انقلاب النيجر خاصة أنها من أهم حلفاء رئيس النيجر المعزول محمد بازوم، وبعزله تكون فرنسا قد فقدت آخر حلفائها المقربين في منطقة الساحل الإفريقية، بعد أن فقدت أصدقاءها في مالي، التي هزها انقلابان في عامي 2020 و2021، ثم في بوركينا فاسو، التي شهدت انقلابين في 2022.
ووفقا لصحيفة لموند الفرنسية فإن باريس توقعت هذا السيناريو وحذرت حليفها بازوم منه خاصة في ظل تصاعد حدة المواجهات في البلد مع بعض الجماعات المتطرفة، وهو ما من شأنه أن “يضر بمصالح الغرب ويزعزع استقرار منطقة الساحل”.
وبحسب مراقبون، يمثل الانقلاب ضربة للنفوذ الفرنسي في أفريقيا، حيث كانت النيجر تعتبر آخر معاقل فرنسا بغرب إفريقيا. إذ يعد الرئيس المعزول بازوم، البالغ من العمر 63 عاماً، واحداً من القادة الموالين للغرب في منطقة الساحل، حيث أدت انقلابات متتالية ضد رؤساء منتخبين في مالي وبوركينا فاسو في السنوات الأخيرة إلى تقلص النفوذ الفرنسي بشكل لافت، بينما تمدد النفوذ الروسي عبر مجموعات فاغنر الأمنية الخاصة.
مشهد متكرر
ويري رامي زهدي الخبير في الشؤون الأفريقية أن ما يحدث في النيجر مشهد متكرر وأصبح شبه معتاد في القارة الأفريقية، مشيرا إلي أن النيجر نفسها منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 شهدت 4 انقلابات اضافة لعشرات المحاولات لتي لا يمكن حصرها، فضلا أن النيجر تقع بجوار مالي وبوركينا فاسو وهم من أكثر الدول الأفريقية التي شهدت انقلابات عسكرية لدرجة أن بوركينا فاسو شهدت مؤخرا إنقلاب على الإنقلاب في سابقة لم تحدث من قبل .
وقال لوكالتنا “بلاد كثير في إفريقيا لا يوجد بها دعائم للديمقراطية أو استيعاب للرأي الأخر ولا مجال للعمل العام وبالتالي عند حدوث أى خلاف أو صراع على السلطة يكون العمل المسلح والانقلاب على النظام هو الطريق الأسهل في معظم الدول الأفريقية،لافتا إلي أن فكرة التخلص من الحاكم على أنه مصدر للأزمة هى المسيطرة، ويعتقد البعض أنه لا مجال للتخلص من الرئيس سوي بالانقلاب عليه أو قتله”.
وأوضح أن “رئيس النيجر محمد بازوم انتخب بطريقة ديمقراطية عام 2021 ألا أنه منذ انتخابه يُصنف على أنه الأوثق علاقة بفرنسا وهو ما استخدمه المعارضون له رغم أن النيجر دولة فرنسية الهوي، فالاستثمارات بها فرنسية، والتأسيس فرنسي والاحتلال كان فرنسيا”.
وأشار إلي أن “أخر انقلاب شهدته النيجر كان في فبراير 2010 وتمت الاطاحة بالرتيس مامادو تينجا وبالتالي هي دولة معتادة على الانقلابات”.
الأزمة الداخلية
ويعتقد الباحث أن “الأزمة الحالية جزء منها داخلي نتيجة الأوضاع الاقتصادية، لافتا إلي أنه كانت هناك محاولات لوقف التصعيد في ظل وجود رفض لبعض قرارات رئيس الدولة ووجود شكاوي متعددة في ظل تردي الأوضاع الانسانية بالبلاد ولكن المعارضة كانت تري أن التخلص من الرئيس هو الملجأ الوحيد”.
واعتبر زهدي “أنه من السطحية النظر لمشكلات وأزمات النيجر على أنها مرتبطة بوجود الرئيس أو رحيله فهي أعمق من ذلك بكثير”، مؤكدا أن”النيجر أحد أفقر دول العالم رغم وجود ثروات كبيرة”.
ويعتقد الخبير بالشؤون الأفريقية “أنه من الوارد جدا، وجود تورط روسي في الانقلاب بالنيجر، معتبرا أن إشادة رئيس فاغنر بما حدث يؤكد تلك الشبهات ويجعل موسكو في موقف حرج”.
وقال إن اصدار بيان من قبل رئيس فاغنر أمر غير موفق بالمرة ، فالمفترض أن فاغنر شركة أمنية وليست جهة سياسية، وليس من المقبول تعليقها على ما حدث بالنيجر أو بأى دولة”.
وأشار إلي أن “عرض رئيس فاغنر المشاركة في تسيير الأمور وحفظ الأمن قد يؤشر على تورطها في الانقلاب”.
ضربة للنفوذ الفرنسي
وتري فريدة البنداري نائب رئيس المركز العراقي للدراسات الأفريقية أن هذا الانقلاب يعد ضربة قاسية اخري لفرنسا في مستعمراتها الافريقية، لافتة إلي أن احد السيناريوهات المتوقعة ان هناك تدخل خارجي خاصة أن لروسيا بعض الاصابع الداخلية ، فضلا أن هناك اعلام لروسيا كانت مرفوعة بالتظاهرات.
وقالت لوكالتنا ” اذ تتبعنا دور الكرملين، على مدى السنوات الثلاث الماضية، نجده وبدافع من الرغبة يسعي الى زعزعة الاستقرار في فرنسا والأطراف الغربية الفاعلة الأخرى في دول القارة الافريقية، وهو ما ظهر في سياق تعاطفه الضمني مع العسكريين الذين استولوا على السلطة في مالي، وبوركينا فاسو، وغينيا، الذين ينظر إليهم قادة الدول المجاورة بوصفهم تهديدا للاستقرار الإقليمي”.
وتوقعت الباحثة أن يكون “هناك رد فعل فرنسي على الانقلاب مؤكدة أن فرنسا ترتكز في استراتيجيتها الجديدة تجاه أفريقيا على النيجر في تنفيذ أهدافها الجيوسياسية، كما تعتمد عليها أيضًا في الحصول على 35% من احتياجات فرنسا من اليورانيوم لمساعدة محطاتها النووية في توليد 70% من الكهرباء”.
أكدت تقارير صحفية فرنسية صباح اليوم أن طالب لجوء سوري نفذ هجوما بسكين على أطفال جنوب فرنسا.وبحسب مصادر في الشرطة الفرنسية فقد أُصيب 9 أشخاص، بينهم 8 أطفال، في هجوم بسكين في مدينة آنسي، جنوب شرقي فرنسا.
وأوضحت المصادر أن ثلاثة مصابين في حالة حرجة، مشيرة إلى أن أعمار الأطفال ضحايا الاعتداء لا تتجاوز الثلاث سنوات.
وقال وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، إن مهاجما يحمل سكينا أصاب أطفالا في بلدة في منطقة الألب، مشيرا إلى اعتقاله دون الكشف عن تفاصيل.
من جانبها، أعلنت الجمعية الوطنية الفرنسية الوقوف لدقيقة صمت بعد الهجوم الذي وقع في آنسي، في حين توجهت رئيسة وزراء البلاد، إليزابيث بورن، على الفور إلى موقع الاعتداء.
إلى ذلك، أفاد شهود عيان لوسائل إعلام محلية بأن المعتدي تعمد طعن الأطفال والصغار.
ولاحقا كشفت الشرطة الفرنسية أن المهاجم مواطن سوري يتمتع بوضع “اللاجئ القانوني” في البلاد
في حين كشفت بعض المصادر أنه يدعى عبد المسيح.ح ، ويبلغ من العمر 32 عاماً حسب ما نقلت وسائل إعلام محلية.
كما أوضحت أن المعتدي تقدم في نوفمبر الماضي، بطلب لجوء، ولم يكن معروفاً بسوابق لدى الأجهزة الأمنية.
أول تعليق من ماكرون
من جهته، دان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الهجوم، واصفا إياه بالعمل الجبان.
كما أكد أن البلاد في حالة من الصدمة إثر مهاجمة أطفال أبرياء.
طعن وتفجيرات وإطلاق نار
يشار إلى أن فرنسا كانت شهدت خلال السنوات الماضية العديد من الهجمات ذات الطابع الإرهابي، ما رفع منسوب الاستنفار الأمني، ودفع السلطات إلى تشديد رقابتها على بعض المراكز التي تثير الشبهات.
فقد أسفرت تفجيرات دامية وإطلاق نار في 13 نوفمبر 2015 في مسرح باتاكلان ومواقع أخرى حول باريس عن مقتل 130 شخصاً. وفي يوليو 2016، قاد متطرف شاحنة وسط حشد يحتفل بيوم الباستيل في “نيس”، ما أدى إلى مقتل 86 شخصاً.
كذلك، قتل مسلح ثلاثة أشخاص يوم 23 مارس 2018 في جنوب غربي البلاد، وأطلق النار على الشرطة واحتجز رهائن في متجر كبير”، فاقتحمت قوات الأمن المبنى وقتلته.
ثم في 16 أكتوبر من عام 2020 قطع مهاجم من أصل شيشاني يبلغ من العمر 18 عاماً رأس صامويل باتي المدرس بمدرسة فرنسية في إحدى ضواحي باريس. وبعد أيام، قليلة، وتحديدا في 29 أكتوبر 2020، قطع شاب تونسي رأس امرأة وقتل شخصين بسكين في كنيسة بمدينة نيس قبل أن تطلق الشرطة النار عليه وتعتقله.
أما في مايو 2021 فشهدت مدينة نانت غرب البلاد هجوماً بسكين على شرطية في بلدة “لا شابيل سور إيردر”، ما أدى إلى إصابتها بجروح خطيرة.
كما شهدت البلاد لاحقا أيضا عددا من الهجمات الفردية
ألغى وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الخميس، زيارة كانت مقررة إلى باريس بعدما وصف تصريحات وزير الداخلية الفرنسي بأنها “غير مقبولة” لاعتباره أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني “عاجزة عن حل مشاكل الهجرة” في بلادها.وكتب تاياني على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقرراً مع الوزيرة (نظيرته الفرنسية كاترين) كولونا”، مشيراً إلى أن “إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإيطاليا غير مقبولة”.
كان دارمانان اعتبر أن ميلوني “عاجزة عن حل مشاكل الهجرة” في بلادها التي تشهد وصول أعداد قياسية من المهاجرين عبر المتوسط.
وقال دارمانان لإذاعة” ار ام سي إن”: “السيدة ميلوني، حكومة اليمين المتطرف التي اختارها أصدقاء السيدة (مارين) لوبن، عاجزة عن حل مشاكل الهجرة بعدما انتُخبت على هذا الأساس”.
وجاء حديثه رداً على سؤال عن مواقف رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف جوردان بارديلا بشأن ملف الهجرة على الحدود بين فرنسا وإيطاليا.
وأضاف: “نعم، هناك تدفق للمهاجرين وخصوصاً للقاصرين” إلى جنوب فرنسا، محملاً إيطاليا مسؤولية ذلك بقوله: “الحقيقة أن هناك في تونس (…) وضعاً سياسياً يدفع عدداً كبيراً من الأطفال إلى العبور عبر إيطاليا، وأن ايطاليا عاجزة (…) عن التعامل مع هذا الضغط من المهاجرين”.
وتابع الوزير الفرنسي أن “ميلوني تشبه (زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين) لوبن. يتم انتخابها على أساس قولها إنها ستحق انجازات، لكن “ما نراه أن (الهجرة) لا تتوقف بل تزداد” معتبراً أن رئيسة الحكومة الايطالية تواجه “أزمة هجرة خطيرة جدا”.
والحادثة هذه أثارت غضب فرنسا التي دعت إلى اجتماع على المستوى الأوروبي لكي لا يتكرر هذا السيناريو غير المسبوق.
ومنذ ذلك الحين، ازدادت عمليات العبور السرية بالقوارب مع ظهور ممر بحري جديد بين تونس وإيطاليا التي تعد في المقدمة على أبواب أوروبا.
وتقول وزارة الداخلية الإيطالية إن أكثر من 36 ألف شخص وصلوا إلى إيطاليا هذا العام عبر البحر المتوسط، مقابل نحو تسعة آلاف خلال الفترة نفسها من العام 2022.
وكانت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن أعلنت في نهاية أبريل عن تعبئة 150 من أفراد الشرطة والدرك “الإضافيين” في جبال الألب للتعامل مع “ضغط الهجرة المتزايد على الحدود الإيطالية” وكذلك إنشاء “قوة حدود”.
ودافع دارمانان عن هذا القرار قائلاً: “في أستراليا، هذا الأمر يسير بشكل جيد” مضيفاً: “على الحدود، نوقف الاشخاص ونقوم بعمليات التحقق من الهوية”.
من جهتها أكدت منظمة الأمم المتحدة الدولية للهجرة في أبريل أنه في المتوسط، كان الفصل الأول من عام 2023 الأكثر دموية بالنسبة للمهاجرين منذ 2017.
أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، الخميس، إغلاق المعهد الفرنسي للبحوث في إيران (إفري) بعد نشر مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية الساخرة رسوما كاريكاتورية اعتبرتها طهران مهينة للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي.وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية أن الوزارة تحمّل “الحكومة الفرنسية المسؤولية الأكيدة في مواجهة انتهاك الطابع المقدس للحرية وحقوق الإنسان، وإهانة القيم الدينية، والمسّ بالمعتقدات الدينية والسيادة الوطنية لدول أخرى”.
وأضاف البيان أن “الجمهورية الإسلامية تندد عدم تحرك السلطات الفرنسية المعنية المستمر في مواجهة معاداة الإسلام والترويج للكراهية العنصرية في الإعلام الفرنسي”.
وأعلنت الوزارة: “وضع حد لنشاطات المعهد الفرنسي للبحوث في إيران كمرحلة أولى” من الرد الإيراني على الرسوم الكاريكاتورية.
وبحسب موقعه الإلكتروني، فإن المعهد الفرنسي للبحوث في إيران ملحق بوزارة الخارجية الفرنسية. أبصر النور في العام 1983 بعد اندماج “البعثة الأثرية الفرنسية في إيران” (دافي) التي أنشئت في العام 1897، والمعهد الفرنسي لعلوم إيران في طهران (إفيت) الذي أسسه هنري كوربان عام 1947.
وحذّرت إيران باريس، أمس الأربعاء، من أن ردّها سيكون “حاسما” بعد نشر رسوم كاريكاتورية “مهينة” لآية الله علي خامنئي في مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية.
وبقي المعهد الفرنسي للبحوث في إيران الواقع في وسط طهران مغلقا لسنوات، وقد أعيد فتحه خلال عهد الرئيس السابق حسن روحاني (2013-2021) كعلامة على عودة الدفء الى العلاقات بين فرنسا وإيران.
ويضم المعهد خصوصا مكتبة غنية يستخدمها طلاب اللغة الفرنسية وأكاديميون إيرانيون.
بقلم: نزار الجليدي
من المنتظر أن يؤدّي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة رسمية إلى الجزائر تدوم ثلاثة أيام و تنطلق يوم 25 من الشهر الحالي.وهي زيارة و لئن جاءت بدعوة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون فان حاجة فرنسا لها تبدو ملحة في ظل المتغيرات الإقليمية المتسارعة.خطان متوازيان لا يفترقان
من المؤكّد أن ما يجمع الجزائر و فرنسا أكثر بكثير مما يفرّقهما فالجالية الجزائرية في فرنسا تعدّ الأكبر و تقدّر بأكثر من 4مليون نسمة فضلا عن العدد الكبير من مزدوجي الجنسية و من الجيلين الثاني و الثالث من الجزائريين الفرنسيين .وهؤلاء يشكّلون ضغطا متزايدا لكي لا تحيد العلاقات الثنائية بين البلدين عن مسارها مثلما حدث خلال العام الماضي بدفع من لوبي فرنسي متطرف أضرّ بماكرون و حكومته وهو بزيارته هذه يسعى لإعادة الأمور الى نصابها و لكن برؤية جديدة و ندّية في التعامل يسعى الجزائريون لفرضها .و سيسعون الى انتزاع اعتراف ماكرون ب”الأمة الجزائرية” وهو الأمر الذي شكّك فيه سابقا و كان منطلقا لأزمة ديبلوماسية كبيرة بين البلدين كادت تؤدّي لقطع العلاقات لولا تدخل الحكماء من الدولتين.
حقيبة محملة بملفات ثقيلة
يحمل ماكرون في حقيبته خلال زيارته للجزائر أربع ملفات ثقيلة عليه أن يناقشها مع نظيره الجزائري بكل حذر و ذكاء لأن هاته الزيارة تختلف في توقيتها وظروفها عن كل زيارات الرؤساء السابقين للجزائر و تختلف جذريا حتى عن زيارة ماكرون نفسه لأن فرنسا اليوم في حاجة للجزائر كما لم تكن يوما كذلك و لأن الجزائر اليوم وفي ظل الحرب الروسية الأوكرانية و أزمة الطاقة العالمية تتحكم في خيوط اللعبة السياسية و في جزء كبير من سوق الطاقة فهي اذن في موقع قوّة يصعّب على ماكرون زيارته للمستعمرة القديمة و التي مفروض عليه قبل الدخول في تفاصيلها الاعتذار للشعب الجزائري إن لم يكن تصريحا فتلميحا و هذا الاعتذار هو الذي سيحدّد مدى فشل الزيارة من نجاحها.
ماكرون سيناقش خلال زيارته هذه ملفات تتباين في الأهمية منها ماهو حيوي لفرنسا مثل ملف الطّاقة .ومنها ماهو سياسي كملف اليهود الجزائريين ومنها ماهو ديبلوماسي المصالحة المغربية الجزائرية.ومنها ماهو استراتيجي كالملف التونسي.
عين فرنسا على طاقة الجزائر
في رحلة ماكرون في البحث عن الغاز البديل للغاز الروسي الذي لك يعد مضمونا سعى الرئيس الفرنسي الى تأمين أكبر قدر من الإمدادات لبلاده من هذه المادة الحيوية قبيل دخول فصل الشتاء حيث قام باتفاقيات شفوية و أخرى مكتوبة مع كل من الإمارات و السعودية و مصر في هذا المجال وهي دول كلها محسوبة على الحلف الأمريكي الفرنسي .لكن ذلك غير كاف لفرنسا و للدول الأوروبية التي يسعى ماكرون أن يكون سفيرها حيث ما حلّ .
و بالتالي يصبح اللجوء الى الجزائر و محاولة إبعادها عن المحور الروسي الصيني مطلبا ملحاّ . حيث أنّ ما يهم ماكرون خلال هاته الزيارة هو كيفية تعويض الخسارة ونقص الغاز الروسي في أوروبا وتعويضه بالغاز الجزائري.
كما سيحاول ماكرون إيجاد صيغة توفيقية وتوافقية بين الجزائر وإسبانيا بعنوان الطاقة فقط. فما يهم فرنسا والاتحاد الأوروبي تأمين مصدر الطاقة خاصة .
يهود الجزائر ..الورقة المخفية
يمثل موضوع اليهود من أصول جزائرية و من غير حاملي جواز السفر الجزائري من بين النقاط التي سيجري الحديث بشأنها بين ماكرون وتبون حيث أن الطلب الفرنسي هو السماح لهؤلاء بدخول الجزائر وزيارتها بحرية وتسهيل التأشيرة.
ووفق الكواليس فان الجزائر سوف توافق موافقة مشروطة تتمثل في تراجع فرنسا على قرارها بتقليص عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين الى النصف .
وهي خطوة اتخذت في فرنسا وسيعلن عنها قريبا و لا يخص الأمر الجزائريين فقط وإنما التونسيين و المغاربة حيث ستعاد الحصص القديمة من التأشيرات.
المصالحة الممنوعة
يرى عدد من المتابعين أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحماسة الشباب فيه سيسعى لإعطاء إشارات قوية للوساطة الفرنسية بين الجزائر و المغرب من جهة و بين الجزائر والمغرب و أسبانيا من جهة أخرى فانه من الصعب أن يرتكب ماكرون هذه الخطأ لانّه يدرك جيدا أن الجزائر تاريخيا رافضة لأي وساطات مع المغرب وتعتبر ذلك مسا من الأمن القومي وخدش للكرامة الوطنية والدليل فشل كل المبعوثين الأمميين لدى البوليساريو.
هذا فضلا أن فرنسا لا يهمها أي تقارب جزائري مغربي الا بما يخدم مصالحها في المنطقة وماكرون لن يتحرك في الصلح سوى في حدود الصحراء الكبرى وما يسمى دولة البوليساريو .
وحتى البيان المغربي الذي يحمل في باطنها تهديدا و سياسة من معنا فهو ضدنا في صراعها مع الجزائر لن يجبر ماكرون المجازفة بفتح هذا الملف في الجزائر فهو يدرك أن شجرة معاوية قطعت بين الجزائر و المغرب منذ اغتيال المغرب لعدد من الجزائريين في الصحراء العام الماضي وكذلك بتطبيع العلاقات رسميا بين إسرائيل والمغرب تكون العلاقة بين المغاربة و الجزائريين وصلت طريق اللاعودة.
تونس الجزائرية الفرنسية
تحظى تونس بمكانة هامة لدى كل من فرنسا و الجزائر و ستكون الأوضاع السياسية و الاقتصادية فيها على طاولة اجتماع ماكرون و تبّون رغم أنه ستكون على هامش الاجتماع لرغبة الرئيسين في عدم التدخل في شؤون تونس مقابل الرغبة الكبيرة في مساعدتها عبر آليات أخرى .فالرئيسان يدركان أهمية العمق الجغرافي لتونس و يدركان أهمية أن تكون مستقرة.
ومن الممكن أن يكون الملف التونسي ضمن النقطة الأخيرة من البيان الذي سيصدر عقب زيارة ماكرون للجزائر.وربما يفعلها ماكرون و يتحول إلى تونس في زيارة خاطفة بعد نهاية زيارته للجزائر.
بدأت تقارير صحفية تضع سيناريوهات لمستقبل فرنسا حال فوز زعيمة اليمين المتطرف ماريان لوبان فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المقررة الأحد المقبل.
وفى مقال له، بموقع درج تحدث الكاتب اللبناني المقيم بفرنسا أحمد عيساوي عن توقعاته حول وضع فرنسان تحت حكم لوبان وسياستها المتوقعة..
نص المقال
الأحد 24 نيسان/ أبريل، الساعة السابعة و40 دقيقة: الجميع متسمّرٌ أمام القناة الثانية، الوجوه قلقة، الأصوات خفتت، يخترقها تصريح مقدّم البرامج لوران دولاهوس ليعلن عن نسبة امتناع قياسية عن المشاركة في التصويت في الجولة الثانية من رئاسيات 2022. نسبة وصلت إلى 37 في المئة، أكثر بـ10 نقاط من تلك التي سجّلتها الجولة الأولى قبل أسبوعين.في تمام الثامنة، تخرج النتائج الاوّلية معلنة فور مارين لوبان بالسباق الرئاسي وحصولها على 51 في المئة من أصوات المقترعين. إنها لحظة مفصلية في تاريخ الجمهورية الخامسة، زلزال سياسي في الحياة السياسية الفرنسية.
عند الثامنة والنصف، تبدأ مارين لوبان خطاب النصر المتلفز من مركزها الانتخابي في إينان بومون، فتشكر ملايين الفرنسيين الذين صوّتوا لها وتثني على من لم يتحرّكوا لمنعها من الوصول الى الاليزيه، ضاربين عرض الحائط “كذبة القوس الجمهوري”. بين الصرخات التي تعلو “مارين رئيسة” (Marine Présidente)، يرفع المتجمهرون شعار “لقد انتصرنا، هذه البلاد لنا”. (On est chez nous). بعد الشكر، توجّه زعيمة اليمين المتطرّف تحيّة كبيرة لفيرسانجيتوريكس، شارل مارتل، جان دارك وتختم كلمتها المقتضبة بالقول “لقد عادت فرنسا للفرنسيين، مبروك لكم، مبروك لنا”.
يعتقد جزء واسع من اليسار الفرنسي اليوم أنّ تلك المعركة لا تعنيه وأنّ سنوات ماكرون الخمس كانت كافية ليغضّ النظر عن خطورة صعود الفاشية واستلامها مقاليد الحكم، ويردّد بعضهم ببلاهة غير مسبوقة أنّ المفاضلة بين مصرفي ليبرالي ويمينية متطرفة لا تستوي.
ما إن تنهي مارين خطابها، ستخرج تظاهرات كبيرة في معظم المدن الفرنسية الكبرى وستندلع مواجهات في الأحياء الشعبية بين الـantifa ومجموعات يمينية متطرّفة. مئات السيارات المحترقة، مراكز الأحزاب اليسارية مستباحة، كذلك مراكز محازبي ايمانويل ماكرون. ستتخلى عناصر الشرطة عن مهماتها الطبيعية في ضبط النظام وفي الحدّ من تدهور الأمور، وعندما تتدخّل ستطلق النار على الجموع التي تجمهرت رافضة نتيجة الانتخابات.
ستعيش ضواحي العاصمة باريس ليلة سوداء وسينتظر الجميع الدخان الأبيض المنبعث من وزارة الداخلية في اليوم التالي. النتائج رسمية: لقد حصدت مارين لوبان 50.9 في المئة من الأصوات وأصبحت أول رئيسة للجمهورية الفرنسية. بلدية باريس، المجلس الدستوري، مجلس شورى الدولة ومعظم المؤسسات ستتعرض لهجوم من مجموعات فاشية ونيو- نازية. حصيلة أولية تتحدث عن عشرات الضحايا في الضواحي ذات الأغلبية المغاربية.
سيستمرّ الوضع على ما هو عليه وسيأخذ “حزب التجمع الوطني” زمام المبادرة وسيدعو إلى تظاهرة تاريخية في باريس بمناسبة الأول من أيار/ مايو. التظاهرة السنوية ستتحوّل إلى عرض عضلات حقيقي ينتهي بحشد مليوني أمام نصب جان- دارك.
بعد أسبوعين من إعلان النتائج الرسمية، سيغادر ايمانويل ماكرون الاليزيه على وقع صيحات مناصري التجمع الوطني، وسيقف السكرتير العام للاليزيه ليعلن عن تسمية مارين لوبان إريك زيمور رئيساً للحكومة، مهمّته الاشراف على الانتخابات النيابية في حزيران/ يونيو. سيسمّي زيمور كلّ من جان- بول غارو لوزارة العدل، إريك سيوتي لوزارة الداخلية، وتيري مارياني لوزارة الخارجية.
ستستقبل الرئيسة المنتخبة فيكتور أوربان وستعلن عن رغبة فرنسا في إلغاء كل الاتفاقيات الأوروبية وستدعو الى خروج أحادي من الاتحاد الاوروبي سيأخذ طابع الـFrexit. سيتوجّه تيري مارياني إلى موسكو لزيارة صديقه فلاديمير بوتين وسيصارحه برغبة فرنسا الاعتراف باستقلال جزيرة القرم وروسية أراضي الدونباس. ثمّ يكمل جولته في الشرق الاوسط ليزور صديقه الرئيس السوري بشار الأسد ويكافئه على دوره في حماية أقليات المشرق، معلناً عن عودة العلاقات مع نظام الأسد وفتح السفارة الفرنسية مجدداً في دمشق.
بعد تعسّر المفاوضات بين أحزاب اليسار وعدم قدرتها على التوحّد تحت برنامج تحالفي واحد، سيحصد تحالف التجمع الوطني (لوبان) وحزب “الاستعادة” (زيمور) وحزب نيكولا دوبون- اينيان والجناح المنشقّ عن حزب اليمين الجمهوري (اريك سيوتي) نحو 260 مقعداً نيابياً. فيما ستحصد أحزاب اليمين الجمهوري واليسار والماكرونيون وحلفاؤهم والمستقلّون 317 مقعداً نيابياً. ستحدث المفاجأة وسيرفض حزب اليمين الجمهوري أن يفرض “المساكنة” (cohabitation) وسيفضّل أن تحكم مارين البلاد لسنوات خمس مقبلة.
في ظلّ استمرار المواجهات في المدن والبلدات الفرنسية، ستفرض الحكومة حالة الطوارئ وستدعو القوات المسلّحة إلى فرض النظام والأمن بالقوة.
ستتوّج الجلسة النيابية الاولى بالتصويت على المشاريع التالية: إلغاء حق المواطنة بالولادة (droit du sol)، حلّ عدد كبير من الجمعيات التي تعنى بالشأن الأهلي والاجتماعي ومنظمات مثل “أتاك” و”غرينبيس” و”سيماد”، العودة عن المهلة القانونية المحددة بـ14 أسبوعاً للحق في الاجهاض، عودة العمل بقانون الإعدام، حظر الحجاب على كل مساحة البلاد، إلغاء الحقّ في الرعاية الصحية والمساعدة الطبية الموقتة للأشخاص الذين يقيمون بصفة غير شرعية (AME)، تعديل قانون التجنيس، ترحيل حوالى مليون مقيم.
https://alshamsnews.com/2022/04/%d9%81%d8%b1%d9%86%d8%b3%d8%a7-%d8%aa%d8%ad%d8%a8%d8%b3-%d8%a3%d9%86%d9%81%d8%a7%d8%b3%d9%87%d8%a7-%d9%87%d9%84-%d8%aa%d9%83%d9%88%d9%86-%d9%85%d8%a7%d8%b1%d9%8a-%d9%84%d9%88%d8%a8%d8%a7%d9%86-%d8%a3.html
حتى الأمس القريب، كانت هذه الأحداث ضرباً من الخيال، وهي في الحقيقة سيناريو متخيّل كتبته على عجل وأنا عائد من الصيدلية إلى منزلي حين التقيت خواكيم راموس، الرجل المسنّ البرتغالي الذي يقطن في القرية التي أعمل فيها. هنا حيث سجّل اليمين المتطرّف نسبة قياسية وصلت إلى 28 في المئة، أي أكثر بـ22 نقطة من عام 2012.
في محادثة سريعة مع صديقي الذي يبلغ 86 سنة، هذا المسنّ الذي غادر البرتغال مطلع السبعينات إبان بطش الحقبة السالازارية قبل ثلاث سنوات من انتصار ثورة القرنفل، ليعمل بنّاء في ضواحي باريس، وليصبح مواطناً فرنسياً، استوقفتني عبارة واحدة دفعتني لأتخيّل هذا السيناريو المرعب: “لا يعرف هؤلاء اليوم كيف يدفعون فرنسا إلى التهلكة. سيحلّ خراب عظيم على هذه البلاد في حال وصل سالازاريو فرنسا إلى الحكم”.
فيما تتحضّر مارين لوبان وجماهير اليمين المتطرّف لمعركة فاصلة، يعتقد جزء واسع من اليسار الفرنسي اليوم أنّ تلك المعركة لا تعنيه وأنّ سنوات ماكرون الخمس كانت كافية ليغضّ النظر عن خطورة صعود الفاشية واستلامها مقاليد الحكم، ويردّد بعضهم ببلاهة غير مسبوقة أنّ المفاضلة بين مصرفي ليبرالي ويمينية متطرفة لا تستوي.
يذهب البعض الآخر إلى توكيد مريب بتقدّم برنامج لوبان الاقتصادي وصوابيته على برنامج ماكرون. وإن كانت الظروف مختلفة، فإنّ الامر يعيدنا إلى واقعة تاريخية في سجّل هفوات اليسار مع تصويت الـSFIO على السلطات المطلقة للماريشال فيليب بيتان عام 1940. وفي الحالتين، لن يختلف مشهد بيار لافال (رئيس حكومة فيشي الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية) أمام أوبيرا فيشي عن مشهد جان- ماري لوبان على مسرح الاليزيه في حال تحوّل هذا السيناريو المتخيّل إلى حقيقة واضحة مساء الأحد 24 نيسان.
بئس هذا اليسار، وبئس تلك الخاتمة.
كشفت تقارير صحفية دولية عن اتفاق بين السويد وفرنسا، على تشكيل فريقًا مشتركًا للتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتكبها ارهابيوا داعش ضد الأقلية اليزيدية.
وبحسب تقرير نشره موقع “Middle east eye” الامريكي، فإن وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال العدالة الجنائية، والمعروفة بإسم يوروجست، سوف تتولى تنسيق التحقيقات الجارية في البلدين.
وأشار الموقع إلي أن فرقة العمل الجديدة تهدف إلى تبسيط الجهود وتمكين تبادل المعلومات والأدلة بشكل أسرع، لافتا إلي أن الهدف الرئيسي لفريق العمل المشترك سيكون تحديد المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين شاركوا في الجرائم الدولية الأساسية ، مثل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ، التي ارتكبت في المقام الأول ضد أفراد الأقلية اليزيدية أثناء النزاع المسلح في سوريا والعراق.
وتابع : “سيقلل الفريق الجديد من الحاجة إلى إجراء مقابلات متعددة مع نفس الضحايا الذين عانوا من أحداث صادمة على يد تنظيم داعش الارهابي”.
واوضحت يوروجست إن “إنشاء فريق فرنسي وسويدي مشترك سيكون ذا قيمة مضافة للدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي أو الدول الثالثة التي تريد إنهاء إفلات المقاتلين الإرهابيين الأجانب المتورطين في الجرائم الدولية الأساسية مثل العبودية أو العنف الجنسي ضد المجتمع الايزيدي.ذات صلة