يشهد العالم الكثير من التطورات العسكرية على كافة الجبهات المشتعلة، سواء على ساحة الحرب الروسية الأوكرانية التي تجاوزت العامين في ظل تقدم روسي متسارع على الجبهة الأوكرانية مقابل تراجع كبير للقوات الأوكرانية، وخسائر متتالية في صفوفها، بالتزامن مع تراجع زخم الدعم السياسي والشعبي في أوكرانيا خاصةً، والقارة الأوروبية عامةً للقيادة الأوكرانية وسياساتها.
ويأت التراجع الأوكراني في الحرب مع روسيا، بالتوازي مع تقارير تتحدث عن مشاركة قوات عسكرية أوكرانية في الصراعات المسلحة بإفريقيا مثل السودان وعدّة دول أفريقية وذلك باتفاق ضمني مع واشنطن وفق ما أكدته تقارير صحفية أمريكية.
ووثقت وسائل إعلام في مارس الماضي، وجود القوات الأوكرانية في السودان والصومال وهو ما أثار ضجة كبيرة، ووضع قادة كييف أمام موقف محرج ، خاصة بعد إعلان الرئيس الأوكراني زيلنسكي الحاجة إلى تجنيد مئات الآلاف من الاحتياط حينها. لتصدر لاحقاً بعض التصريحات الرسمية عن مسؤولين أوكران تؤكد وجود قوات أوكرانية في السودان بحجة قتال ” العدو الروسي” في أفريقيا، حسب قولهم.
وإتساقا مع مشاركة القوات الأوكرانية في الصراعات بإفريقيا، أعلنت وسائل إعلام السبت 27 يوليو الجاري، سقوط 20 قتيل في صفوف الجيش المالي إثر كمين نصبته جماعات إرهابية ومتمردين من حركتي الأزاود والطوارق، الذين ينتشرون شمال البلاد، وذلك أثناء تقدم قوات الجيش لتحرير بلدة تينزاوتين، قرب الحدود الجزائرية، من الجماعات الإرهابية. كما انتشرت كثير من الصور والفيديوهات التي توثق ضحايا الجيش المالي، بالتزامن مع معلومات حول سقوط عناصر من مجموعة “فاغنر” الروسية في الهجوم أيضاً.
وتم تداول صور وفيديوهات توثق وجود مرتزقة أوكران يقاتلون إلى جانب الجماعات الإرهابية في مالي ويدعمون متمردي حركة الطوارق، حيث ظهر في إحدى الصور عنصر وهو يرتدي البزة العسكرية الأوكرانية وعليها شعار القوات الأوكرانية.
وتحدثت تقارير أن الانفصاليين الطوارق تم نقلهم إلى أوكرانيا وتدريبهم على تشغيل طائرات بدون طيار من طراز FPV ، مما يشير إلى تعاون وثيق بين القوات الأوكرانية والحركات الانفصالية في مالي.
وبحسب مراقبون، فإن توثيق وجود القوات الأوكرانية في الصومال والسودان سابقاً، يعزز بشكل كبير صحة المعلومات حول وجودهم في مالي، خاصة أن رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية، كيريل بودانوف، قد أكد في وقت سابق، وجود القوات الأوكرانية في أفريقيا وهو ما يعني أن واشنطن حوّلت القوات الأوكرانية وعلى رأسها زيلينسكي لمجموعة من المرتزقة تنفذ أجندات أمريكا، وتقاتل لتحقيق مصالح القوى الغربية في كل بقاع العالم، كما يتم استنزافها في حرب بلا معنى أو جدوى مع الجارة الروسية، دون الاكتراث لمصير الشعب الأوكراني.
كان موقع يو ريبورتر “EU Reporter” الإخباري الأوروبي، قد نشر في شهر أبريل الماضي مقالاً حول وجود قوات خاصة أوكرانية في السودان. وأشار الموقع إلى أن “قناة المعلومات” التلفزيونية الفرنسية، بثت لقطات من العمليات القتالية التي قامت بها القوات الخاصة الأوكرانية في السودان.
كما نشرت شبكات تواصل ووسائل إعلام محلية وعالمية، مثل صحيفة “كييف بوست” الأوكرانية، و”سي ان ان” الأمريكية، وموقع “الايكونمست”، والغارديان، وصحيفة “وول ستريت جورنال” وبعض المواقع التركية والعربية، في وقت سابق تقارير ومعلومات توثق وجود القوات الأوكرانية في السودان.
وكان رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية كيريل بودانوف، قد أكد في وقت سابق، صحة هذه المعلومات، حيث أشار أن قواته تقاتل إلى جانب الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع، مضيفًا أن “أوكرانيا بالفعل تنشر وحدات عسكرية خاصة في السودان “، وبأن “الهدف من وجود القوات الأوكرانية هناك هو القضاء على “العدو الروسي” في كل مكان”.
كما سبق وأعلن النائب في البرلمان الأوكراني أليكسي جونشارينكو في حوار مع شبكة سي ان ان الأمريكية، في فبراير شباط الماضي، استعداد كييف للقتال مع واشنطن في أي بقعة من العالم.
في السياق ذاته، أفاد موقع “يو ريبورتر” إلى أنه هناك بالفعل تقارير عن وجود قوات خاصة أوكرانية في الصومال أيضاً. حيث تم رصد الأوكرانيين عدة مرات في مقديشو من قبل شهود عيان. كما ظهرت صواريخ جافلين أمريكية الصنع في السوق السوداء للأسلحة في الصومال بعد وصول الوحدات العسكرية الأوكرانية.
وأشار الموقع، إلى شركة الأمن الأمريكية الخاصة Bancroft Global Development التي تنشط في الصومال منذ أكثر من عقد من الزمن هي التي تشرف على أنشطة الأوكران هناك.
ونشرت بعض وسائل الإعلام نقلاً عن مصادر عسكرية صومالية، أنباء عن تحطم طائرة تابعة لقوات الاتحاد الأفريقي “أتميس”، في مارس الماضي، في مطار “جوهر” شمالي العاصمة مقديشو، أثناء هبوطها. وبحسب شهود عيان، فقد كان على متن الطائرة ضابطان أوكرانيان لم يُعرف مصيرهم، كما شُوهد إلى جانب حطام الطائرة صندوق يحمل سلاح “جافلين”. وبحسب مصادر محلية صومالية، فقد شاركت القوات الأوكرانية في محاربة إرهاب “حركة الشباب” في الصومال.
وبحسب بعض المراقبين والخبراء فإن التواجد الأوكراني في السودان والصومال ليس محض صدفة، إنما تواجد ممنهج ومتفق عليه مع واشنطن، مقابل استمرار دعمها لكييف، كما أن هذا التواجد مرشح للتوسع، وهو ما حدث بالفعل حيث أصبحت السودان محطة انطلاق للقوات الأوكرانية للانتشار في عدة دول أفريقية حيث يبدو واضحا أن الصراع الروسي الأمريكي قد انتقل بشكل كامل إلي القارة الإفريقية.
الجبهة الأوكرانية
الغريب في الأمر، أن التواجد العسكري الأوركاني في إفريقيا يأت فى ظل عجز كييف عن توفير مقاتلين على الجبهة الروسية.
كانت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، قد أوردت تقرير لها في شهر مارس الماضي حول حاجة أوكرانية لحشد 500 ألف مقاتل على الجبهة الروسية.
وبحسب الصحيفة، فإن التعبئة من المفترض أن تشمل كل الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 25 –60 عام. إلى جانب ذلك، أكدت الصحيفة حينها بأنه وفقاً للإحصائيات فإن غالبية الرجال الأوكرانيين غير مستعدين للقتال، فبحسب الاستطلاعات 48 % منهم غير مستعدين، بينما 34 % فقط أبدوا استعدادهم، والباقي رفضوا حتى الإجابة عن السؤال.
وطرحت الصحيفة تساؤل حول هدف أوكرانيا من تحشيد هذا العدد في الوقت الذي تشير فيه تقديرات الخبراء، إلى أن كييف بحاجة لـ 330 ألف مقاتل لتغطية حاجة الجبهة.
إضافة لما سبق، كانت وزارة العدل الأوكرانية قد أعلنت بوقت سابق، عن نيّة سلطات كييف تجنيد آلاف السجناء لديها بمن فيهم القتلة والمجرمين، والزج بهم في الحرب. ووفقاً لوزير العدل الأوكراني دينيس ماليوسكا، فإن كييف عفت في السابق عن 300 سجين من أجل إرسالهم للقتال على الجبهة، وهذا ما يخالف القوانين والأعراف الدولية ويطرح كثير من التساؤلات عن خطط كييف من وراء ذلك.
وبحسب خبراء فإن القيادة الأوكرانية تنتهج سياسة مدمرة تتلخص بإرسال المقاتلين المحترفين لديها للقتال كمرتزقة خارج الحدود والزج بالمرضى والشباب عديمي الخبرة والسجناء للموت في الحرب مع روسيا.
وفي النهاية تدفع إفريقيا وشعوبها ثمن الصراع الروسي الأمريكي الذي تجند من أجله المرتزقة من كل مكان ليقاتلوا ويحرقوا الأرض الإفريقية وينهبوا ثروات الشعوب الإفريقية وكأنه قد قدر لنا نحن الأفارقة أن نعيش دوما ف صراعات وندفع أثمان معارك ليس لنا فيها ناقة ولا جمل.
تحدثت تقارير صحفية أمريكية عن نوايا واشنطن إنشاء قواعد للطائرات المسيرة في عدد من مطارات الدول الأفريقية وبالتحديد في غانا وساحل العاج وبنين لملاحقة الجماعات المتشددة بالمنطقة.
وبحسب ما نشرته صحيفة وويل ستريت جورنال عن من وصفتهم بالمسءولين الأمريكيين والأفارقة فإن واشنطن تحاول بهذه الخطوة إيقاف انتشار المسلحين المتشددين في القارة الإفريقية، مشيرة إلى أن هذه المسيرات ستسمح للقوات الأميركية بمتابعة تنقلات المقاتلين وإعطاء توصيات تكتيكية للقوات المحلية أثناء إجراء عمليات قتالية، لكن مراقبون يرون أن التحرك الأمريكي يهدف بالأساس لمناكفة موسكو التي أصبحت تمتلك نفوذا واسعا بالمنطقة.
وشهدت الفترة الأخيرة تنامي النفوذ الروسي بالقارة الإفريقية خاصة بعد الانقلابات العسكرية التي شهدتها دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر والتي أطاحت بأنظمة موالية للغرب وتحديدا باريس التي كانت تمثل المصالح الغربية بإفريقيا.
وعلى خلفية الانقلاب الأخير بالنيجر أواخر يوليو الماضي اتخذت السلطات العسكرية قرارات ضد النفوذ الفرنسي بالبلاد حيث أمرت بطرد سفير باريس فى نيامي وإنهاء الوجود العسكري الفرنسي بالبلاد وهو نفس ما فعلته السلطات في بوركينا فاسو ومالي فى أوقات سابقة.
وعلى مدار عقود كانت منطقة الساحل الأفريقي بعيدة عن التجاذب الروسي الأمريكي وكانت محسوبة على فرنسا بشكل كبير ولكن بعد الانقلابات التي شهدتها المنطقة وتوسع النفوذ الروسي بها دفع الأمريكان لتغيير موقفهم والقبول بالتعامل مع الانقلابيين خاصة بالنيجر نظرا لما تمتلكه من ثروات طبيعية.
ويري مراقبون أن الخطوة الأمريكية تستهدف فى الأساس التصدي لتمدد النفوذ الروسي فى عموم القارة الأفريقية وخاصة بمنطقة الساحل والصحراء على خلفية الانقلابات التي شهدتها عدد من الدول الإفريقية مؤخرا ضد النفوذ الغربي الذي كانت تمثله فرنسا.
خنق روسيا
ويؤكد محمدن حبيب أيب الباحث في شؤون دول الساحل والصحراء والجماعات المسلحة أن “الهدف الرئيسي من التحركات الأمريكية فى دول بنين وساحل العاج وغانا هو التواجد قرب مناطق النفوذ الروسي خاصة مع انتشار فاغنر بدول مالي وبوركينا فاسو والنيجر”.
وقال حبيب لوكالتنا “الأمر لا علاقة له بمكافحة الإرهاب خاصة أن الوجود العسكري الأمريكي بالمنطقة يتجاور عشر سنوات توسعت فيها قدرات الجماعات الإرهابية بشكل كبير”.
ويشير حبيب وهو باحث موريتاني مقيم في العاصمة المالية باماكو إلي أن “رغبة أمريكا فى التواجد بالمنطقة هدفه الرئيسي شد الخناق على الوجود الروسي الذى بات واقعيا بدول مالي وبوركينا فاسو والنيجر خاصة بعد التقارير التي تتحدث عن توجه روسيا لإقامة 4 قواعد عسكرية وعقد شراكة اقتصادية لبناء أكبر معمل لتنقية الذهب فى مالي، فضلا عن تولي ضباط روس عملية التأمين والحماية الشخصية لإبراهيم تراووي زعيم بوركينا فاسو، كما يجري الحديث عن تولي فاغنر أعمال أمنية فى النيجر أيضا”.
وبحسب الباحث “تستهدف الولايات المتحدة نشر طائرات مسيرة فى دولة بنين المحاذية للنيجر، إضافة لساحل العاج التي تقع على خط التماس مع مالي، فضلا غانا التي لها حدود مع بوركينا فاسو”.
واعتبر حبيب أن “الوجود الأمريكي بمنطقة الساحل الأفريقي هو وجود احتكاك كما يحدث في أوروبا الشرقية ويشبه لحد كبير ساحة صراع حرب باردة عنوانها منطقة الساحل والصحراء”.تعاون عسكري
واتفق معه فى الرأي يعقوب الباحث الشؤون الأمريكية مؤكدا أن “واشنطن تعمل على التنسيق مع دول غانا وبنين وساحل العاج من أجل قطع الطريق على روسيا التي أصبح لها نفوذ واسع بالمنطقة”.
وقال يعقوب لوكالتنا “الولايات المتحدة تحاول أيضا عبر هذه التحركات أن تجد موطىء قدم لها بمنطقة الساحل وأن تتمكن من تعقب الجماعات المسلحة المنتشرة بالمنطقة وتوفير فضاء أمنيا لها لاستهداف هذه الجماعات”.
وأشار يعقوب إلي أن “الولايات المتحدة غابت كثيرا عن منطقة الساحل وعن الاهتمام بإفريقيا بشكل كبير وهو ما تسبب فى نفوذ روسي وصيني كبير بالمنطقة وأصبح هناك مصالح عسكرية واقتصادية كبيرة لموسكو وبكين مع دول الساحل ودول الغرب الأفريقي خاصة بعد تراجع النفوذ الفرنسي بالمنطقة”.
وأكد أن “أمريكا تخطط لعقد اتفاقيات عسكرية واقتصادية وتقديم دعم مادي وعسكري لهذه الدول من أجل إبعادها عن روسيا العدو اللدود لواشنطن خوفا من تمدد نفوذ موسكو بالمنطقة الأفريقية التي بدأت تخرج تدريجيا من النفوذ الغربي لصالح روسيا وهو ما ترفضه واشنطن بشكل كامل”.
وبحسب يعقوب فإن “هناك حربا باردة جدا بين أمريكا وروسيا بالساحل الأفريقي حيث يسعي الطرفان للبحث عن ولاءات الأنظمة التي وصلت لسدة الحكم عبر انقلابات، وواشنطن من جانبها تريد تحييد هذه الدول عن روسيا لتصبح الوريث الشرعي والحليف الرسمي لهذه الدول خلفا لفرنسا التي أطاحت الانقلابات الأخيرة بمصالحها ونفوذها”.
استهداف فاغنر
بدوره، يري د.عمرو الديب خبير الشؤون الروسية أن “المفاوضات الأمريكية مع دول بنين وغانا وساحل العاج بمثابة خطوة موجهة لوجود فاغنر في هذه المنطقة”.
واستبعد الديب في تصريحات لـ وكالتنا أي احتمالية لحدوث مواجهات بين الولايات المتحدة وروسيا فى تلك المنطقة مؤكدا أن هذه الأمور ما هي إلا نوع من الضغوط المتبادلة بين الطرفين”.
كما “استبعد خبير الشؤون الروسية لجوء موسكو لاتخاذ أى موقف ردا على التحركات الأمريكية معتبر أن أى موقف روسي قد يكلّفها الكثير، خاصة أن روسيا لا تستطيع أن تبسط سيطرتها على دولا فريقية أخرى”.
ويرى الديب أن “الوجود الروسي يقتصر على دول مقسمة و بها حروب أهلية ولا تتواجد موسكو في أي دولة بها حكومة موحدة وجيش موحد”.
ووصف خبير الشؤون الروسية ” التحرك الأمريكي بالساحل الأفريقي بأنه موجة جديدة من الحرب الباردة”.
على غير العادة ، تصدرت أخبار منطقة الساحل وغرب أفريقيا عناوين الصحف ووسائل الإعلام العالمية بعد انقلاب ليس بجديد على المنطقة التي تمثل الانقلابات العامل الأساسي في التغيير في معظم دولها.
وتحولت أخبار النيجر التي لم يكن أحد يسمع عنها إلي مادة خصبة لوسائل الإعلام الدولية بعد انقلاب عسكري شهدته البلاد أواخر يوليو/تموز الماضي أطاح بنظام الرئيس محمد بازوم المحسوب على فرنسا وهو ما أثار أزمة كبيرة داخل غرب إفريقيا خاصة بعد تهديد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا المعروفة اختصارا بـ”إيكواس” بالتدخل العسكري في النيجر وإعادة الرئيس المعزول بالقوة.
سر الاهتمام بالنيجر
ومنذ الإنقلاب في النيجر تتصاعد الأحداث بشكل متسارع وسط اهتمام دولي كبير لم يحدث في انقلابات مشابهة في دول أفريقية أخري مثل بوركينا فاسو ومالي، وهو ما يعكس ما تمثله النيجر في الصراع بين القوي الكبري التي تتنافس على موارها وثرواتها.
وبحسب تقارير فإن النيجر التي تعتبر من أفقر دول إفريقيا منتج رئيسي للذهب واليورانيوم، كم توصف بأنها البلد الذي يضيء شوارع باريس بينما يعيش أغلب سكانه في الظلام.
وتعتبر النيجر رابع أغنى دولة في العالم من حيث احتياطيات اليورانيوم وهو ما جعلها محط صراع بين القوي الكبري، وتزداد أهمية يورانيوم النيجر في ظل الحرب الأوكرانية ورغبة الغرب في تقليص الاعتماد على اليورانيوم القادم من روسيا أو عن طريق حلفائها.
وتعيش النيجر وعموم دول غرب إفريقيا منذ الانقلاب حالة من الترقب خاصة في ظل تصاعد حالة التوتر بين نيامي وباريس على خلفية قرارات المجلس العسكري الحاكم بطرد السفير الفرنسي من البلاد وتعليق كل الاتفاقيات مع فرنسا التي تدعم التدخل العسكري لاستعادة نفوذها وسيطرتها على البلاد التي تضىء شوارع باريس بمواردها.
وبحسب مراقبون فإن الحرب حال اندلاعها ستكون الجماعات المتطرفة أكبر المستفيدين منها، وستمتد تداعياتها وتتسع بشكل يهدد عموم المنطقة خاصة أنها قد تتحول لحرب بالإنابة بين الدول الكبري حيث تدعم روسيا المجلس العسكري في حين تدعم فرنسا والغرب الرئيس المعزول ومجموعة إيكواس.
الموقف من التدخل العسكري
ويري رامي زهدي الخبير المصري في الشؤون الأفريقية أن “الأوضاع بالنيجر مازالت إلي الأن في مرحلة الصراع السياسي ولم يصل الأمر لتدخل عسكري بشكل واضح أو مؤكد، لافتا إلي أنه حتى الأن احتمالية التدخل العسكري تظل مقبولة نظريا ولكتها شديدة التعقيد عمليا”.
وقال زهدي لوكالتنا “هناك عوامل كثيرة تتحكم في هذا الصراع حاليا في النيجر، والأمر الأن عبارة عن أوراق ضغط متبادلة بين الطرفين، حيث يلوح قادة الانقلاب بمحاكمة بازوم بتهمة الخيانة العظمي، في حين أن مجموعة إيكواس تتراجع عن طرح فكرة التدخل العسكري لاعادة الشرعية لكنها في نفس الوقت تعطي أوامر لجاهزية الجيوش وتعلن خطة عسكرية للتدخل لمزيد من تأكيد التهديد والضغط على القادة العسكريين بالنيجر”.
وبحسب الباحث فإنه “حتى الأن الحلول السلمية الأقرب للتطبيق لأنه مهما كانت خسائرالسلم لن تكون مثل خسائر الحرب ومن يستطيع بدء الحرب لن يملك انهاءها أو وقف تمددها”.
وأشار إلي أن “هناك انقسام في مجموعة ايكواس وخلافات بين دولها حول التدخل العسكري، كما إن هناك خلافات بين الاتحاد الأوروبي وخاصة بين فرنسا وإيطاليا التي ترفض التدخل العسكري، فضلا عن موقف الولايات المتحدة التي لم تصف ما حدث في النيجر بالانقلاب، إضافة للاتحاد الافريقي الذي يرفض التدخل أيضا”.
وتابع : “كما أن هناك تباين في مواقف الدول السبع التي تمثل جوار النيجر حيث أعلنت مالي وبوركينا فاسو وقوفهم مع النيجر عسكريا والتدخل لمواجهة أى عمل عسكري ضد نيامي، كما رفضت 3 دول هى ليبيا والجزائر وتشاد التدخل العسكري سياسيا رغم مطالبتهم بعودة الشرعية، في حين وافقت دولتين فقط هما نيجيريا وبنين على التدخل العسكري، لافتا في الوقت نفسه إلي أن نيجيريا التي تقود مجموعة إيكواس تواجه رفض داخلي للعملية حيث رفض مجلس الشيوخ أى عمل عسكري بالنيجر خاصة أن قبائل الهوسا وهي قبائل مشتركة تعيش في النيجر ونيجيريا ولها نفوذ كبير في إدارة الأمور بنيجيريا”.
مستقبل الساحل الأفريقي
وبحسب الباحث فإن “قارة افريقيا حدث فيها 205 انقلاب في أخر 70 سنة نجح منها 100 انقلاب، وهناك عدد كبير من الانقلابات لم تعلن من الأساس أو تم التكتيم عليها”، مشيرا إلي أن “أخر 25 انقلاب في افريقيا كان منهم 21 في منطقة الساحل وغرب افريقيا فهذه منطقة معتادة على الانقلابات حيث لا يجدون وسيلة للخلافات السياسية سوي الانقلاب أو المواجهات المسلحة”.
وأكد زهدي أن “النيجر ذاتها تعيش الانقلاب الرابع حيث شهدت 3 انقلابات سابقة منذ استقلالها ولم يحدث زخم أو اهتمام دولي أو تهديد بتدخل عسكري ضد انقلاب بأفريقيا وما أكثرها كما يحدث الأن في انقلاب نيامي الأخير”.
لافتا إلي أنه “تم التعامل مع ما تم من انقلابات في الساحل والصحراء الأفريقية وأخرهم ما شهدته بوركينا فاسو ومالي وغينيا بيساو التي شهدت انقلاب على الانقلاب، وانتهي الأمر بتقنين وضع المنقلبون مع توفر قدر مناسب من الأرادة الشعبية لقبول الوضع الجديد”.
سيناريوهات الحرب
وحول سيناريوهات الحرب حال اندلاعها، يري الباحث أن “التكلفة الاقتصادية المباشرة للحرب تتعدي 2 مليار دولار وظروف الدول بالمنطقة لا تسمح لها بتمويل الحرب، وبالتالي سوف يتضح موقف التمويل الدولي بشكل مباشر أو معلن”.
وتابع : “التكلفة غيرالمباشرة للحرب كبيرة جدا، لان اقتصاد المنطقة مرتبط ببعضه البعض خاصة أن النيجر دولة حبيسة يحدها 7 دول، وتجمعها حركة تجارة كبيرة مع كل هذه الدول، وهناك أنابيب بترول وغاز تمر عبر ارضيها وهو ما يهدد بتوقفها أو تفجيرها ما يكون له تداعيات كبيرة على المنطقة”.
ويري خبير الشؤون الأفريقية أن “الخطر الأكبر حال اندلعت الحرب هو وجود قواعد عسكرية فرنسية وألمانية وأمريكية داخل النيجر، وبالتالي هذه القواعد تكون مصدر أزمة في حالة الحرب لانها ستكون أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الاشتراك بشكل مباشر في الحرب وهو ما يجعلها في مواجهة شبه مباشرة مع روسيا التي تدعم الانقلاب وستساعده عسكريا”.
أمام الخيار الثاني بحسب زهدي فهو أن “لا تشترك القواعد العسكرية الأجنبية في الحرب وتكتفي بالدعم اللوجيسيتي للإيكواس ولكنها في هذه الحالة أيضا ستكون أهدافا سهلة للقوات العسكرية في النيجر والقوات المتحالفة معها أو الجماعات الإرهابية أو الأفراد الذين يمكنهم القيام بعمليات ضد مصالح هذه الدول”.خطر الفوضي
وحذر الباحث من “أن هذه البيئة هي الأنسب للجماعات الارهابية والمتطرفة التي تجد في الفراغ والفوضي والأزمات طريق ممهد لتقديم نفسها كبديل للحكومات وتستطيع أن تتمدد في هذه الأجواء وتتمكن من تحقيق أهدافها بشكل كبير”.
وحول مستقبل الوجود الروسي في إفريقيا بعد مقتل زعيم فاغنر، أكد الباحث أنه “لا يمكن الجزم بمستقبل فاغنر في أفريقيا بعد مقتل زعيمها وخطط روسيا في المستقبل تجاه هذه القوات التي حققت نجاحات كبيرة في افريقيا، وهل ستواصل تلك النجاحات أم يكون مقتل زعيمها بداية النهاية لفاغنر وعملياتها سواء في إفريقيا أو غيرها من مناطق الصراع “.
شهدت النيجر صباح الأربعاء 26 يوليو/تموز، انقلابا جديد على السلطة بعد أن احتجزت عناصر تابعة للحرس الوطني في القصر الرئاسي الرئيس محمد بازوم، ووزير داخليته حمادو أدامو سولي، قبل أن تعلن في مساء اليوم ذاته “عزله من السلطة”.وأعلن عسكريون يطلقون على أنفسهم اسم “المجلس الوطني لحماية الوطن”، قد أعلنوا الأربعاء 26 يوليو/تموز 2023، الإطاحة بنظام رئيس النيجر بازوم وتعليق العمل بالدستور “بسبب تدهور الأوضاع في البلاد”، وفقاً لبيان تلاه أحدهم عبر التلفزيون الرسمي بالعاصمة نيامي.
كما أعلن الجيش النيجري، الخميس، 27 يوليو/تموز، دعمه لعملية الانقلاب التي أطاحت بالرئيس محمد بازوم؛ وذلك “تفادياً للاقتتال داخل صفوف القوات المسلحة”، بحسب بيان وقّعه رئيس الأركان.
ويعتبر الرئيس “المعزول” محمد بازوم، أول رئيس عربي ومنتخب، يصل السلطة بشكل ديمقراطي في النيجر حيث تم انتخابه في أبريل/نيسان عام 2021، خلفاً للرئيس محمدو إيسوفو، في أول انتقال للسلطة من رئيس إلى آخر من خلال صناديق الانتخابات.
ردود الأفعال الدولية
ومنذ اللحظات الأولي للانقلاب توالت ردود الأفعال الدولية المناهضة له، فيما صدر رد فعل غريب من قائد قوات فاغنر يفغيني بريغوجين، وصفه بـ ” النبأ السار” في دلالة قد تؤشر على دور روسي في الإنقلاب.
وبحسب وسائل إعلام، وصف بريغوجين في رسالة صوتية بثّتها قواته على تليغرام، مساء الخميس، 27 يوليو/تموز 2023. الانقلاب بأنه لحظة تحرير طال انتظارها من المستعمرين الغربيين، معتبرا أن “ما حدث في النيجر لم يكن سوى كفاح شعب النيجر مع مستعمريه، مع المستعمرين الذين يحاولون فرض قواعد حياتهم عليه وعلى ظروفه وإبقائه في الحالة التي كانت عليها إفريقيا منذ مئات السنين”.
وأثار التسجيل الصوتي المنسوب لزعيم فاغنر الشكوك حول دور تلعبه موسكو في الانقلاب على الرئيس المنتخب في النيجر خاصة مع ظهور أعلام روسيا في المظاهرات الداعمة للانقلابيين بشوارع العاصمة نيامي.
الولايات المتحدة من جانبها، أعربت عن ادانتها للانقلاب، ودعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، السبت 29 يوليو/تموز إلى الإفراج الفوري عن رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم، واستعادة النظام الديمقراطي في البلاد.
ونقلت وسائل إعلام، عن وزارة الخارجية الأمريكية، قولها إن بلينكن أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس المخلوع بازوم، وأكد دعم واشنطن استمراره في الحكم”.
وأدان مجلس الأمن الدولي الانقلاب على الرئيس، ودعا إلى الإفراج عنه، واعتبر انقلاب الجيش سبباً في تقويض جهود تعزيز مؤسسات الحكم بالبلاد.
الاتحاد الأوروبي من جانبه، أعلن السبت، 29 يوليو/تموز وقف جميع أشكال التعاون الأمني مع النيجر “بصورة فورية” ، وأكدت دول الاتحاد أنها لن تعترف بالقادة العسكريين الذين نصبوا أنفسهم في النيجر.
كما ندد مجلس السلم والأمن الإفريقي، بـ”الانقلاب في النيجر”، مطالباً القادة العسكريين بالعودة إلى ثكناتهم خلال مدة 15 يوماً.
الموقف الفرنسي
بحسب وسائل إعلام فرنسية فإن باريس تعتبر أكبر الخاسرين من انقلاب النيجر خاصة أنها من أهم حلفاء رئيس النيجر المعزول محمد بازوم، وبعزله تكون فرنسا قد فقدت آخر حلفائها المقربين في منطقة الساحل الإفريقية، بعد أن فقدت أصدقاءها في مالي، التي هزها انقلابان في عامي 2020 و2021، ثم في بوركينا فاسو، التي شهدت انقلابين في 2022.
ووفقا لصحيفة لموند الفرنسية فإن باريس توقعت هذا السيناريو وحذرت حليفها بازوم منه خاصة في ظل تصاعد حدة المواجهات في البلد مع بعض الجماعات المتطرفة، وهو ما من شأنه أن “يضر بمصالح الغرب ويزعزع استقرار منطقة الساحل”.
وبحسب مراقبون، يمثل الانقلاب ضربة للنفوذ الفرنسي في أفريقيا، حيث كانت النيجر تعتبر آخر معاقل فرنسا بغرب إفريقيا. إذ يعد الرئيس المعزول بازوم، البالغ من العمر 63 عاماً، واحداً من القادة الموالين للغرب في منطقة الساحل، حيث أدت انقلابات متتالية ضد رؤساء منتخبين في مالي وبوركينا فاسو في السنوات الأخيرة إلى تقلص النفوذ الفرنسي بشكل لافت، بينما تمدد النفوذ الروسي عبر مجموعات فاغنر الأمنية الخاصة.
مشهد متكرر
ويري رامي زهدي الخبير في الشؤون الأفريقية أن ما يحدث في النيجر مشهد متكرر وأصبح شبه معتاد في القارة الأفريقية، مشيرا إلي أن النيجر نفسها منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 شهدت 4 انقلابات اضافة لعشرات المحاولات لتي لا يمكن حصرها، فضلا أن النيجر تقع بجوار مالي وبوركينا فاسو وهم من أكثر الدول الأفريقية التي شهدت انقلابات عسكرية لدرجة أن بوركينا فاسو شهدت مؤخرا إنقلاب على الإنقلاب في سابقة لم تحدث من قبل .
وقال لوكالتنا “بلاد كثير في إفريقيا لا يوجد بها دعائم للديمقراطية أو استيعاب للرأي الأخر ولا مجال للعمل العام وبالتالي عند حدوث أى خلاف أو صراع على السلطة يكون العمل المسلح والانقلاب على النظام هو الطريق الأسهل في معظم الدول الأفريقية،لافتا إلي أن فكرة التخلص من الحاكم على أنه مصدر للأزمة هى المسيطرة، ويعتقد البعض أنه لا مجال للتخلص من الرئيس سوي بالانقلاب عليه أو قتله”.
وأوضح أن “رئيس النيجر محمد بازوم انتخب بطريقة ديمقراطية عام 2021 ألا أنه منذ انتخابه يُصنف على أنه الأوثق علاقة بفرنسا وهو ما استخدمه المعارضون له رغم أن النيجر دولة فرنسية الهوي، فالاستثمارات بها فرنسية، والتأسيس فرنسي والاحتلال كان فرنسيا”.
وأشار إلي أن “أخر انقلاب شهدته النيجر كان في فبراير 2010 وتمت الاطاحة بالرتيس مامادو تينجا وبالتالي هي دولة معتادة على الانقلابات”.
الأزمة الداخلية
ويعتقد الباحث أن “الأزمة الحالية جزء منها داخلي نتيجة الأوضاع الاقتصادية، لافتا إلي أنه كانت هناك محاولات لوقف التصعيد في ظل وجود رفض لبعض قرارات رئيس الدولة ووجود شكاوي متعددة في ظل تردي الأوضاع الانسانية بالبلاد ولكن المعارضة كانت تري أن التخلص من الرئيس هو الملجأ الوحيد”.
واعتبر زهدي “أنه من السطحية النظر لمشكلات وأزمات النيجر على أنها مرتبطة بوجود الرئيس أو رحيله فهي أعمق من ذلك بكثير”، مؤكدا أن”النيجر أحد أفقر دول العالم رغم وجود ثروات كبيرة”.
ويعتقد الخبير بالشؤون الأفريقية “أنه من الوارد جدا، وجود تورط روسي في الانقلاب بالنيجر، معتبرا أن إشادة رئيس فاغنر بما حدث يؤكد تلك الشبهات ويجعل موسكو في موقف حرج”.
وقال إن اصدار بيان من قبل رئيس فاغنر أمر غير موفق بالمرة ، فالمفترض أن فاغنر شركة أمنية وليست جهة سياسية، وليس من المقبول تعليقها على ما حدث بالنيجر أو بأى دولة”.
وأشار إلي أن “عرض رئيس فاغنر المشاركة في تسيير الأمور وحفظ الأمن قد يؤشر على تورطها في الانقلاب”.
ضربة للنفوذ الفرنسي
وتري فريدة البنداري نائب رئيس المركز العراقي للدراسات الأفريقية أن هذا الانقلاب يعد ضربة قاسية اخري لفرنسا في مستعمراتها الافريقية، لافتة إلي أن احد السيناريوهات المتوقعة ان هناك تدخل خارجي خاصة أن لروسيا بعض الاصابع الداخلية ، فضلا أن هناك اعلام لروسيا كانت مرفوعة بالتظاهرات.
وقالت لوكالتنا ” اذ تتبعنا دور الكرملين، على مدى السنوات الثلاث الماضية، نجده وبدافع من الرغبة يسعي الى زعزعة الاستقرار في فرنسا والأطراف الغربية الفاعلة الأخرى في دول القارة الافريقية، وهو ما ظهر في سياق تعاطفه الضمني مع العسكريين الذين استولوا على السلطة في مالي، وبوركينا فاسو، وغينيا، الذين ينظر إليهم قادة الدول المجاورة بوصفهم تهديدا للاستقرار الإقليمي”.
وتوقعت الباحثة أن يكون “هناك رد فعل فرنسي على الانقلاب مؤكدة أن فرنسا ترتكز في استراتيجيتها الجديدة تجاه أفريقيا على النيجر في تنفيذ أهدافها الجيوسياسية، كما تعتمد عليها أيضًا في الحصول على 35% من احتياجات فرنسا من اليورانيوم لمساعدة محطاتها النووية في توليد 70% من الكهرباء”.
بعد أيام من إنهاء التمرد الذى قاده مؤسس جماعة فاغنر ضد الحكومة الروسية بدأت تتكشف تفاصيل جديدة حول كواليس ما حدث خاصة في دولة مثل سوريا حيث تنتشر قوات روسية ومقاتلي فاغنر.وبحسب وكالة رويترز ففي الوقت الذى كان مقاتلو “فاغنر” يتقدمون باتجاه موسكو ، كانت السلطات في سوريا والقادة العسكريون الروس هناك يتخذون سلسلة من التدابير والإجراءات السريعة ضد عملاء المجموعة العسكرية الخاصة لمنع اتساع التمرد، وفقا لستة مصادر مطلعة على الأمر.
وذكرت مصادر مسؤولة بحسب الوكالة أن حملة القمع، التي لم ترد عنها أي تقارير من قبل، شملت قطع خطوط الاتصالات الهاتفية واستدعاء نحو عشرة من قادة فاغنر إلى قاعدة عسكرية روسية وإصدار أوامر لمقاتلي المجموعة بتوقيع عقود جديدة مع وزارة الدفاع الروسية أو مغادرة سوريا على الفور.
ومن بين المصادر التي كشفت النقاب عن هذه الأحداث مسؤولون أمنيون سوريون ومصادر متمركزة بالقرب من القوات الروسية في سوريا ومسؤولون إقليميون.
وأحجمت المصادر عن ذكر أسمائها نظرا لحساسية المعلومات العسكرية. ولم ترد الحكومة السورية أو وزارة الدفاع الروسية أو فاغنر في روسيا على طلبات للتعليق.
وتكشف هذه الإجراءات كيف تحركت السلطات السورية بسرعة للسيطرة على المقاتلين بدافع من الخوف من أن يتشتت تركيز موسكو، شريكة دمشق العسكرية الرئيسية، وسط الأحداث التي كانت تجري في الداخل الروسي، بحسب مصدرين سوريين مطلعين على العمليات.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” أفادت في وقت سابق أنه بعد ساعات على توقف زحف مرتزقة جماعة “فاغنر” المسلحة بقيادة زعيمها، يفغيني بريغوجين، باتجاه موسكو، شرع الكرملين في السيطرة الكاملة على الإمبراطورية العالمية التي بناها رجل الأعمال العسكري سيئ السمعة.
وبدأت رحلة الكرملين من سوريا، وفقا للصحيفة، حيث توجه نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، إلى دمشق لإيصال رسالة شخصيا إلى الرئيس السوري بشار الأسد مفادها أن قوات مجموعة فاغنر لن تعمل هناك بشكل مستقل.
وذكرت الصحيفة أن المسؤول الروسي حث الأسد على منع مقاتلي فاغنر من مغادرة سوريا دون إشراف موسكو.
وصدرت أوامر لمقاتلي فاغنر، الذين عملوا بشكل مستقل إلى حد كبير في سوريا بالذهاب إلى قاعدة جوية تديرها وزارة الدفاع الروسية في مدينة اللاذقية الساحلية السورية، وامتثلوا لذلك، حسبما قال شخصان مطلعان على الأمر للصحيفة.
لم يكن السبت الماضي 24 يونيو يوما عاديا، أو ربما أصبح هكذا بعد أن توقع البعض أن يشهد أحداثا تاريخية، فقد حبس العالم أنفاسه مع إعلان قائد مجموعة مقاتلي فاغنر يفغيني بريغوجين نية قواته التوجه إلي العاصمة الروسية موسكو للسيطرة على مقاليد الأمور هناك، وزاد الأمور إثارة رده على اتهامات بوتين لـ فاغنر بالخيانة بأن روسيا سيكون لها رئيس جديد قريبا.
ومع تسارع الأحداث واعتقاد الجميع أن روسيا مقبلة على أحداث جسام تهدد مستقبلها السياسي وزعيمها بوتين، تراجع بريغوجين فجأة وأصدر بيانا أعلن فيه أنه لم يسع إلى الإطاحة ببوتين، بل فقط للمطالبة بالعدالة، ومن خلال وساطة رئيس بيلاروس اليكسندر لوكاشينكو، تم التوصل إلى اتفاق يقضي بأن يغادر بريغوجين البلاد ليعيش بالمنفى في بيلاروس، على أن تعود قواته إلى مواقعها في المناطق المحتلة من أوكرانيا وبذلك تم نزع فتيل الأزمة “مؤقتا” فهل انتهي التمرد أم أنها مجرد هدوء تكتيكي وما تأثير ذلك على الوجود الروسي في إفريقيا وسوريا ؟
وبحسب مراقبون فإن ما أقدمت عليه فاغنر ليس وليد الصدفة بل ربما يعبر عن حجم الخلافات داخل النظام الحاكم في روسيا ووجود صراع بين أجهزة ومؤسسات على خلافة الزعيم الروسي فلاديمير بوتين.
وتباينت توقعات الخبراء حول مدى تأثير ما أقدمت عليه فاغنر على النفوذ الروسي سواء في إفريقيا أو مناطق النزاع الأخري التي يتنشر بها المرتزقة الروس الذين يمثلون اليد الطولي لروسيا في بسط نفوذها حول العالم.
صراع الأوليغارشية
ويري خبير الشؤون الروسية د.نور ندا الأستاذ بجامعة موسكو “أن ما قامت به مجموعة فاغنر ورئيسها يفجيني بريجوجن فى روسيا وتهديدها بالزحف إلى موسكو ليست إلا عملية تمرد مسلح محدود تمت السيطرة عليه”.
وقال ندا: “إن بعض التحليلات القادمة من موسكو تشير إلى أن ما قامت به قوات فاغنر من تمرد يمثل نتيجة منطقية وأنعكاس لصراع النخبة الأوليغارشية الروسية الحاكمة، لافتا إلي أن هذا الصراع غير مهم بالنسبة لسكان روسيا نظرا لأن أطراف المواجهة لا يمثلون مصالح الأغلبية من جموع الشعب “.
وأشار إلي أنه “من الملاحظ أن الشعب الروسى لم يظهر أهتماما أو دعمًا نشطًا وفعالا لأي من الطرفين، لافتا إلي أنه من الأهمية بمكان ملاحظة صمت وترقب القوى السياسية الروسية من الشيوعيين والوطنيين اليساريين و المعارضة الليبرالية في حين تركز الأهتمام بالموضوع فقط من جانب الدائرة المقربة للرئيس الروسي”.
تحول الخطاب الرسمي
وتطرق خبير الشؤون الروسية إلي ما وصفه بتحول وتغير الخطاب الرسمي تجاه تمرد فاغنر، لافتا إلي أن الذين تم وصفهم بالخونة في الصباح واتهامهم بـ “طعن روسيا في الظهر” ، ورُفعت عليهم قضايا جنائية، بحلول المساء أصبحوا شركاء ووطنيون ومن خلال المفاوضات حصلوا على الصفح وتم إغلاق القضايا الجنائية ضدهم !
و يعتقد ندا “أن هذا التغيير الحاد في موقف الرئيس فلاديمير بوتين كان يمليه التهديد بفقدان السيطرة على جزء من الترسانات النووية الروسية ، الأمر الذي يهدد بتدمير هيبة وسمعة رئيس الدولة الروسية بشكل كامل في نظر قادة العالم ويمكن أن يؤدي لعواقب خطيرة غير متوقعة”.
سقوط هيبة الدولة
ويري خبير الشؤون الروسية”أن التمرد رغم محدوديته ألا أنه وجه ضربة قوية مما لهيبة السلطة العليا للدولة الروسية، حيث ظهر النظام السياسي الروسى ضعيفا، واهتزت صورة الاستقرار والتماسك التى روجت لها الدولة الروسية طويلا”.
وأعتبر أن “تصرفات شركة عسكرية خاصة مثل فاغنر ورئيسها يفجينى بريجوزين تؤكد أن نظام الدولة في روسيا الرأسمالية شديد التأثر بإحتمال حدوث الانتفاضة المسلحة، لافتا إلي أن الأحداث قد تزيد احتمالات حدوث تغييرات كبيرة في التكوينات والمؤسسات الحاكمة الروسية”.
وشدد على أن”أحداث فاغنر تؤكد ضرورة قيام السلطة الروسية بمواجهة داخلية قوية وقطع رؤوس البيروقراطية الروسية الحديدية المسيطرة ومواجهة الأثرياء الروس الجدد الذين نمو وتمددوا بفضل البيروقراطية والفساد والدعم الغربى لهم”.
أمريكا توقعت التمرد
من جانبه، يري مهدي عفيفي عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي أن ما شهدته روسيا كان متوقعا ، لافتا إلي أنه”على مدار شهور مضت أكدت كثير من المعلومات الاستخباراتية الأمريكية ومراكز الأبحاث وجود صراع بين الرئيس بوتين ومؤسسة فاغنر وقيادات الجيش الروسي”.
وكشف عفيفي أن “هناك صراع داخلي حول من يخلف بوتين في ظل تراجع أسهمه ووجود شقاق وصراع داخل المؤسسة العسكرية الروسية فضلا عن ما يمكن وصفه بوجود جيشين داخل روسيا ممثلين في القوات المسلحة الرسمية وقوات فاغنر”.
وأشار إلي أن “بعض المؤسسات الاستخباراتية الروسية حاولت تصوير ما حدث على أنه لعبة من بوتين ولكن ما تؤكده المعلومات أن فاغنر توحشت بشكل كبير وأصبحت قوة تضاهي الجيش الروسي وأصبح هناك صراعات كبيرة قد تؤدي لحدوث هزة كبيرة داخل روسيا”.
تراجع النفوذ الروسي
وبحسب عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي فإ”ن ما حدث سيكون له تداعيات كبيرة على الحرب الروسية بأوكرانيا وقد يؤدي لخسارة روسيا الكثير من المناطق التي سيطرت عليها وتقدم كبير للجيش الأوكراني خاصة مع زيادة الدعم الأمريكي والأوروبي لكييف”.
ويعتقد عفيفي أن “النفوذ الروسي في إفريقيا سيتأثر بشكل كبير عقب الأحداث الأخيرة في سوريا، لافتا إلي أن كثير من لقيادات الأفريقية التي كانت تعتمد على دعم موسكو بدأت تعيد حساباته وتتشكك في قدرة بوتين على الإيفاء بوعوده خاصة في ظل اعتماد كثير من الديكتاتوريات الأفريقية على مقاتلي فاغنر في حماية كراسيهم وتأمين سلطتهم”.
ويشير إلي أن “تراجع فاغنر سيؤدي إلي تراجع النفوذ الروسي في إفريقيا وكثير من مناطق النزاع مثل سوريا وليبيا، لافتا إلي أنه يجب الانتظار لمعرفة نتائج ومالآت الصراع بين فاغنر والجيش الروسي والقيادة الروسية بشكل عام خاصة فى ظل توقعات بأن يؤدي ذلك الخلاف لحدوث تغييرات كبيرة في مراكز القيادة بروسيا”.
وحول احتمالية تخلص بوتين من قائد فاغنر، يعتقد عفيفي أن طباخ بوتين السابق بريجوجن أصبح يدير دولة داخل الدولة وجيش خارج الجيش، كما يسيطر على قوات مقاتلة تنتشر في مختلف أنحاء العالم وهو ما يجعل من الصعب على بوتين التحرك ضده ، لافتا إلي أنه ليس من المستبعد أن يحظي قائد فاغنر بدعم من بعض القيادات العسكرية داخل روسيا متوقعا ان تشهد الأيام القادمة تطورات جديدة في الصراع”.
الوضع لن يتغير
من جانبه، يري هاني الجمل الباحث في العلاقات الدولية أن الحرب في أوكرانيا لن تتأثر بما قامت به مجموعة فاغنر من محاولة للتمرد على القيادة الروسية”.
واستبعد الجمل ” أن تؤثر أحداث فاغنر على التواجد الروسي في سوريا، مؤكدا أن الوضع لن يتغير لن قيد انملة بما حدث بدليل الهجمات الروسية على بعض المناطق السورية بعض الأحداث التي تبرهن على الأهمية الاستراتيجية لسوريا بالنسبة للجانب الروسي، وتمثل رسالة إنذار شديدة اللهجة الجماعات المتطرفة في هذه المنطقة الرخوة أمنيا والتي قد تستغلها بعض أجهزة الاستخبارات الدولية في مهاجمة القوات الروسية”.
بالنسبة لتواجد فاغنر في أفريقيا، يعتقد الباحث أن روسيا نجحت من خلال مقاتلي فاغنر في تقويض النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل الأفريقي وغيرها من المناطق في القارة السمراء، لافتا أن فاغنر أصبحت تمتلك من النفوذ ما أوصلها لمرحلة تأمين بعض الزعماء والرؤساء الأفارقة بشكل مباشر، فضلا عن قيامها بحماية مناجم الذهب والماس ببعض الدول مقابل نسبة من العوائد، معتبرا أن هذه المهام تمنح فاغنر المزيد من القوة لتعزيز وجودها بإفريقيا، مستبعدا في الوقت نفسه حدوث أى تغيير في إستراتيجية موسكو تجاه القارة السمراء عقب الأحداث الأخيرة .
أكدت تقارير صحفية أن أجهزة الاستخبارات الأميركية رصدت مؤشرات قبل أيام على أن رئيس مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين كان يحضّر للتحرّك ضد مؤسسة الدفاع الروسية.وبحسب وسائل إعلام أميركية، قدّم مسؤولون في الاستخبارات الأميركية إحاطات في البيت الأبيض والبنتاغون وكابيتول هيل بشأن احتمال وقوع اضطرابات في روسيا قبل يوم على بدئها.
وذكرت “واشنطن بوست” بأن أجهزة الاستخبارات بدأت رصد المؤشرات بأن بريغوجين وقوة فاغنر التابعة له ينويان التحرّك ضد القيادة العسكرية الروسية في منتصف يونيو.
ولفتت “نيويورك تايمز” إلى أنه بحلول منتصف الأسبوع أصبحت المعلومات ملموسة أكثر ومقلقة، ما دفع مسؤولي الاستخبارات لتقديم سلسلة إحاطات.
وأشارت إلي أن المعلومات بأن بريغوجين المعروف بطباخ بوتين ينوي التحرّك عسكريا أثارت قلق مسؤولين في أجهزة الاستخبارات الأميركية حيال إمكانية اندلاع فوضى في بلد يملك ترسانة نووية قوية.
ولفتت “واشنطن بوست” إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أُبلغ بأن بريغوجين الذي كان حليفا مقرّبا له، يخطط للتمرّد قبل يوم على الأقل من تنفيذه.
وبدأ عناصر مجموعة فاغنر الانسحاب من مواقع سيطروا عليها في روسيا بعد اتفاق مع الكرملين قضى بوقف تقدمهم نحو موسكو وخروج قائدهم بريغوجين إلى بيلاروسيا.
وبعد نحو 24 ساعة من الترقب عالميا بشأن مسار أحداث شهدت سيطرة مرتزقة فاغنر على مقرات قيادة للجيش الروسي وتقدم أرتالهم في اتجاه العاصمة، نزع فتيل الانفجار بتوصّل الكرملين وبريغوجين إلى اتفاق يوقف بموجبه الأخير تمرده ويغادر إلى بيلاروسيا إثر وساطة من رئيسها ألكسندر لوكاشنكو.
تعهدات موسكو
وتعهدت الرئاسة الروسية بوقف أي ملاحقات بحق المقاتلين وبريغوجين الذي كان من الحلفاء المقربين من بوتين، على رغم أن الأخير اتهمه السبت بـ”خيانة” بلاده وتوجيه “طعنة في الظهر”.
ولم يتضح صباح الأحد مكان تواجد بريغوجين بعدما غادر ليلا على متن سيارة رباعية الدفع مقرا للقيادة العسكرية في مدينة روستوف-نا-دونو كانت قواته قد سيطرته عليه.
وقال حاكم منطقة روستوف، فاسيلي غولوبيف في بيان عبر تلغرام، فجر الأحد، إن “قافلة فاغنر غادرت روستوف وتوجهت نحو معسكراتها الميدانية”.
وأظهرت مشاهد متداولة على مواقع التواصل، أن عناصر فاغنر غادرت مبنى مقر المنطقة العسكرية الجنوبية الروسية في روستوف نا دون، وسحبت جميع معداتها العسكرية من المدينة.
مغادرة بريغوجين
كما أظهرت مشاهد مغادرة بريغوجين، الذي تحدى وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو مدينة “روستوف نا دون” بسيارة.
وأكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إبرام اتفاق لتجنّب إراقة الدماء، بعدما تمّ تقدّم قوات فاغنر خلال النهار من دون قتال يذكر.
وشدد على أن “الهدف الأسمى هو تجنّب حمّام دم وصدام داخلي واشتباكات لا يمكن التنبّؤ بنتائجها”، مشيدا “بتسوية من دون مزيد من الخسائر”.
وأكد وقف أي ملاحقة قضائية بحق مقاتلي المجموعة الذين “لطالما احترمنا أعمالهم البطولية على الجبهة” في إشارة الى قتالهم في أوكرانيا.
الأمر لم ينته
ورأى محللون أن التمرد المسلح ستكون له تبعات على بريغوجين ومجموعته التي تنشط أيضا في مناطق نزاع حول العالم.
وقال الباحث في مركز الدراسات البحرية سامويل بينديت إن بريغوجين “يجب أن يرحل، والا فالرسالة ستكون أن قوة عسكرية يمكنها تحدي الدولة بشكل علني، وعلى الآخرين أن يفهموا أن الدولة الروسية لديها حصرية العنف (امتلاك السلاح) في داخل البلاد”.
واعتبر الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية في الولايات المتحدة روب لي أن “بوتين وأجهزة الأمن سيحاولون على الأرجح إضعاف فاغنر أو تنحية بريغوجين جانبا”، مشيرا الى أن “الآثار الأكثر أهمية سيتمّ رصدها في الشرق الأوسط وأفريقيا حيث تتواجد فاغنر”.
وجاء إنهاء التمرد بعدما وصل مسلّحو فاغنر لمسافة تقل عن 400 كيلومتر من موسكو، بعد سيطرتهم على مقرات عسكرية في مدينة روستوف-نا-دونو قرب حدود أوكرانيا.
وسارعت السلطات المحلية إلى رفع الإجراءات الأمنية الاستثنائية التي اتخذت في مواجهة تقدم فاغنر.
وقال إيغور أرتامونوف حاكم منطقة ليبيتسك جنوب موسكو والتي دخلها مقاتلو المجموعة “بدأ رفع القيود المفروضة اليوم الأحد”.
وأضاف “في الأمد القريب، سنسمح بعودة الحركة في طرق المنطقة”.
وكان رئيس بلدية موسكو قد دعا السكان إلى الحد من التنقل، ووصف الوضع بأنه “صعب” وأعلن يوم الاثنين عطلة.
كما فرضت قيود على التنقل في منطقة كالوغا الروسية التي تقع عاصمتها على بعد 180 كيلومترا جنوب موسكو.
وساطة لوكاشنكو
واضطلع لوكاشنكو بدور رئيسي في الوساطة، وقد أعلن مكتبه أنه هو من اقترح على رئيس فاغنر وقف تقدمه.
وقال بيسكوف “ممتنون لرئيس بيلاروسيا على جهوده… المحادثة المسائية بين الرئيسين كانت طويلة جدّاً”.
وكان بوتين دان صباح السبت “الخيانة” وتحدثه عن شبح “حرب أهلية” في مواجهة التحدي الأكبر الذي واجهه منذ وصوله إلى السلطة في نهاية عام 1999.
كما حذّرت موسكو دول الغرب من “استغلال الوضع الداخلي في روسيا لتحقيق أهدافها المعادية للروس”.
لكن فيما أكد المتحدث باسم الكرملين أن تمرد فاغنر المجهض لن يؤثر على الهجوم الروسي في أوكرانيا، أعلنت كييف تحقيق مكاسب ميدانية.
وأعلن الجيش الأوكراني السبت “تقدمه في جميع الاتجاهات” على الجبهة الشرقية حيث أكد شنّ هجمات جديدة.
واعتبر الرئيس فولوديمير زيلينسكي أن بلاده باتت مسؤولة عن “أمن الجناح الشرقي لأوروبا”، حاضّا الغرب مجددا على تسليم بلاده “جميع الأسلحة اللازمة”، ولا سيما مقاتلات إف-16 الأميركية الصنع.
كما قال إن التمرد أظهر أن “القيادة الروسية ليست لها سيطرة على أي شيء”.
وأجرت الدول الغربية الحليفة لأوكرانيا مشاورات مكثفة السبت.
وتحدّث الرئيس الأميركي جو بايدن مع المستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ومع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.
كشفت وسائل إعلام أن تنظيم داعش الإرهابي بدأ يستعيد قواه بشكل كبير في الآونة الآخيرة في سوريا، بسبب الدعم الذي يتلقاه من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة.
وأكدت تقارير صحفية أن داعش يصعّد من عملياته الإجرامية في العديد من المناطق في البادية السورية، في محاولة منه لتحقيق أكبر قدرٍ ممكن من المكاسب قبيل عودة جماعة “فاغنر” بكامل ثقلها إلى الساحة السورية.
حيث حذّرت تقارير غربية من أن تنظيم داعش يستخدم عملياته في وسط الصحراء السورية لتحييد القوات المناهضة له في مناطق رئيسية، مشيرة إلى أنه بصدد توسيع مناطق هجومه تدريجياً نحو مناطق حضرية لإجبار السكان على دعمه.
كما ينذر مراقبون من الذين يطلق عليهم لقب “المنتقمون” أو “العائدون”، والذين يتبعون لتنظيم داعش وخلاياه النائمة، ومن محاولاتهم العودة وتشكيل تهديد جديد وخطر جديد في مناطق متفرقة من سوريا.
وترى التقارير الغربية ومنها ما هو صادر عن موقع “Critical Threats”، أنه من المرجح أن تنصب جهود داعش نحو المناطق السكنية التابعة للنظام السوري، مما سيمكن التنظيم من تعزيز موارده تدريجياً لمواجهة أهداف أكثر صعوبة، مثل المواجهة المرتقبة بينه وبين جماعة “فاغنر” الروسية التي شرعت بإعادة قواتها النخبة إلى سوريا، بعد انتهائها من السيطرة على مدينة باخموت شرقي أوكرانيا، التي كانت محور أطول معارك وأشرسها في الحرب.
وأشارت إلى أن داعش يضغط بالفعل على المناطق الحضرية الرئيسية، ويستخدم بالتأكيد قدرًا أكبر من حرية الحركة في وسط سوريا لتوسيع مناطق هجومه تدريجياً إلى مناطق حضرية في محاولة لإنشاء مناطق دعم له.
كما أكدت بان داعش زاد من جهوده للحصول على مساحة وتأمين حرية في الحركة والتنقل من خلال الحد من قدرة النظام السوري على الوقوف بوجهه، الأمر الذي يسمح لعناصره بالتوغل باتجاه المناطق المأهولة بالسكان وإجبارهم على التعاون معه.
يأتي هذا بالتزامن مع قيام واشنطن بتدريب جماعات مسلحة “معارضة” للنظام السوري بقيادة بشار الأسد، وإشراك عناصر من تنظيم داعش فيها، وتوقفها منذ شهرين عن قصف معاقل وأوكار التنظيم الإرهابي، الأمر الذي أعطاه فرصة لـ “لملمة شتات عناصره” وإعادة ترتيب صفوفه.
وفي السياق أشار مراقبون إلى أن تصعيد التنظيم الإرهابي عملياته في البادية السورية بشكل كبير واندفاعه نحو المناطق الحضرية للاستيلاء عليها، وتأمين إمدادات ثابتة لقواته ورفدهم بعناصر جديدة من خلال ترهيب السكان وإجبارهم على الإنضمام لصفوفه، تحضيرًا منه لمجابهة قوات فاغنر، التي بدأت نهاية الشهر الماضي بإعادة نشر قواتها في سوريا، للإنهاء على هذا التنظيم الإرهاب، بحسب تقرير لمنصة “defender OSINT” تحدثت فيه نقلًا عن مصادرها الخاصة، أن “فاغنر” بدأت في سحب قواتها من شرق أوكرانيا ونشرهم في النقاط الساخنة في جميع أنحاء العالم ووتحديدًا في سوريا في 25 أيار الماضي.
والجدير بالذكر أن مؤسس مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين، كان قد تحدث مؤخرًا في تصريح عن استعداده لإعادة نشر قواته “أينما يلزم” والمساعدة في تأمين المدنيين على غرار جمهورية إفريقيا الوسطى، التي استطاعت بمساعدة فاغنر تثبيت سيطرتها على كامل أراضيها والقضاء على الإرهاب.
أعلن مؤسس مجموعة “فاغنر” العسكرية الروسية، يفغيني بريغوجين، عن استعداده لنقل قواته إلى أي نقطة في العالم تتطلب وجودهم، وأكد بان لديه مابين 15 و 20 ألف مقاتل على أتم الجاهزية بدروعهم الواقية وسلاحهم وعتادهم لإعطاء الأوامر لهم بالتحرك.
وتأتي هذه التصريحات فى ظل تقارير اخبارية تشير إلي أن مؤسس فاغنر، ينوي إعادة جزء كبير من قواته النخبة إلى سوريا والتحضير لشن عملية لدحر ما تبقى من تنظيم داعش الإرهابي، الذي يقوض استقرار المنطقة والسكان المدنيين بهجمات متفرقة وعمليات خطف وسطو.
وبحسب وكالة (OSINTdefender) سيتم استبدال السابقة مقاتلي فاغنر في أوكرانيا على وجه التحديد عبر جبهة مدينة باخموت، بجنود ومعدات من القوات البرية الروسية.
وكان رئيس مجموعة فاغنر قد سحب في السابق جزءًا كبيرًا من مقاتليه من سوريا، وألحقهم بقواته شرقي أوكرانيا، للمشاركة فى الحرب الروسية على نظام كييف الذى تتهمه موسكو بالتبعية للغرب والنازيين الجدد.وبحسب تقارير صحفية فقد تسبب انسحاب مقاتلي فاغنر من سوريا فى استعادة تنظيم داعش لنشاطه في البادية السورية زعزع من استقرار منطقة البادية في سوريا، كونها كانت تعاني أساسًا من فلول ما تبقى من تنظيم داعش الإرهابي.
اتهامات روسية لواشنطن
وانتشرت في الآونة الاخيرة أنباء وتسريبات استخباراتية، حول قيام واشنطن بتقديم تسهيلات ودعم عسكري ولوجيستي لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا.
الأنباء التي أكدها رئيس جهاز المخابرات الخارجية الروسية “سيرغي ناريشكين”، الذي قال بأن معلومات استخبارية تفيد بتلقي عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” تدريبات مكثفة بقاعدة التنف الأمريكية في سوريا، على تنفيذ عمليات إرهابية داخل روسيا .
وجاء ذلك في كلمة ألقاها “ناريشكين”، خلال مشاركته في اجتماع دولي حول الأمن عقد بالعاصمة الروسية موسكو.
وأوضح “ناريشكين” أن “الولايات المتحدة الأمريكية ودول الناتو تدعم الإرهابيين والمجموعات الانفصالية في سوريا منذ عام 2011.
بينما اتهم من جانبه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال لقائه بوزراء خارجية إيران وسوريا وتركيا، واشنطن بدعمها لتنظيم داعش الإرهابي بشكل مباشر لتقويض الاستقرار في سوريا.
قائلًا: “هناك معلومات تفيد بأن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت في إنشاء ما يسمى بـ”جيش سوريا الحرة” بمشاركة “داعش” من أجل زعزعة استقرار الوضع في هذا البلد”.
مضيفًا: “بحسب معلوماتنا بدأ الأمريكيون في تشكيل ما يسمى بـ “جيش سوريا الحرة” في محيط الرقة السورية بمشاركة ممثلين عن العشائر العربية المحلية ومسلحي “داعش” ومنظمات إرهابية أخرى”.
مؤكدًا أن “الهدف واضح وهو استخدام هؤلاء المسلحين لزعزعة استقرار الأوضاع في البلاد”.
أدى الصراع الذي طال أمده إلى استنزاف سوريا لمدة 10 سنوات حيث مازال القتال ضد الإرهابيين في سوريا، ولا سيما مع داعش الإرهابي ، مستمر حتى الأن.
كانت الحكومة السورية مسيطرة على خُمس البلاد فقط، وكان آلاف الأشخاص يموتون كل يوم ، ودُمرت أقدم المعالم الثقافية. وكان من الممكن أن يكون هذا الصراع أكثر دموية لولا التدخل العسكري الروسي لحماية سوريا من الإرهاب الهمجي الذي تدعمه القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد انتهاء معظم العمليات العسكرية في سوريا، لم تكن مدينة درعا والسويداء ضمن هذه المناطق حيث استمرت الفوضى الأمنية والاغتيالات، بالإضافة إلى انتشار العصابات التي تقوم بعمليات الخطف والابتزاز. وقد أدى التدخل الروسي في درعا، وبالأخص قوات الشركة العسكرية الروسية الخاصة “فاغنر”، إلى تهدئة الوضع الأمني، حيث شهدت المحافظة تحسناً ملحوظاً، حيث تم تقديم الدعم الإنساني لسكانها، بالإضافة إلى إجراء المصالحات الوطنية بين الأطراف المتنازعة.
ولكن هذا الوضع لم يستمر، حيث انسحبت القوات الروسية من المدينة، كما أن الميليشيات الإيرانية أعلنت أنها سوف تقوم بالهجوم عليها، وتحريرها بحسب زعمها من الإرهاب. والجدير ذكره أن الميليشيات الإيرانية لم تستطيع أن تبسط سيطرتها على المدينة نتيجة المقاومة الشعبية من الأهالي.
الجدير ذكره، أن قوات الشركة العسكرية الخاصة “فاغنر” تعمل على التهدئة و الوساطة بين الحكومة السورية وأهالي مدينة درعا في جنوب سوريا، حيث قامت قوات الشركة العسكرية الخاصة “فاغنر” بالإشراف على المصالحة الوطنية في الغوطة الشرقية، وتأمين المنطقة وتقديم المساعدات الإنسانية والطبية للأهالي، بالإضافة إلى منع خرق الهدنة بين الأطراف المتنازعة. على عكس القوات الإيرانية التي تضغط على القوّات السوريّة لاجتياح مدينة درعا بالقوة، وذلك من أجل بسط سيطرتها عليها وتقوية نفوذها في مناطق الجنوب السوري.
يشار إلى أن قوات الشركة العسكرية الخاصة “فاغنر” قامت بتحرير حقول النفط السورية في الشمال الشرقي من البلاد. وقامت بتأمين الطرق الرئيسية إلى المحافظات الأخرى لتسهيل مرور ناقلات النفط إلى المدن السورية.
وقد كانت حقول النفط تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي قبل تحريرها من قبل قوات “فاغنر” بعمليات دقيقة وبحرفية عالية. ولقد عاني الشعب السوري من أزمة خانقة وهي عدم توفر الوقود عندما كان التنظيم الإرهابي مسيطر على الحقول النفطية. وعندما تم تحريرها من قبل “فاغنر” تم حل ازمة المحروقات وتم توفير الكميات الكافية من الوقود للمدنيين.