معارك وحشية ومستقبل غامض..ماذا ينتظر السودان بعد 100 يوم من الحرب ؟

ربما لم يكن أكثر المتشائمين بالسودان يتوقع أن تشهد بلادهم حربا بين قوات الجيش وحليفتها قوات الدعم السريع، وحتي من توقع الحرب لم يكن يتخيل أن تستمر المواجهات العسكرية قرابة 100 يوم.
أيام معدودة تفصل الصراع في السودان عن بلوغ الـ100 يوم لم تتوقف فيها المواجهات سوي ساعات قليلة خلال هدن بوساطات دولية سرعان ما انتهكها أطراف الصراع.
حرب وحشية
وكان وزير الصحة السوداني محمد إبراهيم، قال الشهر الماضي، إن الصراع أسفر عن مقتل ما يزيد على ثلاثة آلاف شخص وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين، محذراً من أن الحصيلة الحقيقية يرجح لها أن تكون أعلى من ذلك بكثير، علاوة على ذلك، نزح أكثر من مليون وتسع مئة ألف شخص من منازلهم.
ووصف مسؤولون دوليون الوضع بالسودان بأنه مأساوي بدرجة كبيرة، واعتبر مارتن غريفيث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن السودان يخوض حرباً أهلية من أكثر الحروب ضراوة ووحشية نظرا لكونها غير قاصرة على مكان واحد، إنها تنتشر، مثل الفيروس وتهدد الدولة نفسها بحسب وصفه”.
كما وصف المسؤول الأممي السودان بأنه أصعب مكان في العالم بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني من حيث الوصول، محذراً من أن الأزمة ستتفاقم مع اتساع رقعة القتال ليشمل مناطق جديدة.
ويشهد السودان منذ منتصف إبريل الماضي عمليات عسكرية وصراع مسلح بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحليفه ونائبه السابق في مجلس السياد محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي قائد قوات الدعم السريع.
ومنذ إندلاع الصراع، تم الإتفاق على ما لا يقل عن عشرة اتفاقات لوقف إطلاق نار مؤقت برعاية السعودية والولاات المتحدة، لكنها جميعاً باءت بالفشل واتهمت الرياض وواشنطن الجانبين بعدم احترام الاتفاقات.
وبحسب مراقبون فإن الصراع في السودان دخل مرحلة المعركة الصفرية حيث لا مجال لتوقف الحرب دون انتصار طرف على طرف مهما كانت الخسائر وحجم الضحايا وهو ما يتضح من تصريحات الجانبين.
مستقبل ضبابي
ويري الباحث السياسي السوداني سليمان السباعي أنه “في ظل إقتراب الحرب من 100 يوم أصبح الوضع في البلاد ضبابي خاصة مع استمرار الصراع في العاصمة الخرطوم وولاية جنوب كردفان مدينة الأبيض بالتحديد، كما تتواصل المعارك في منطقة دارفور حيث تشهد مدينة الفاشر عمليات عسكرية واسعة بين الكر والفر بين طرفي الصراع، لافتا إلي أن كل هذه الأحداث تعطي مؤشرات إلى طول أمد الحرب وهو ما يجعل مستقبل السودان أكثر ضبابية”.
وقال الباحث لوكالتنا “إن أحد أسباب طول الصراع يتمثل في رؤية الجيش السوداني أن الحل الوحيد للأزمة هو مواصلة العمليات العسكرية حتى القضاء على آخر متمرد في البلاد، وهذا ما يؤيده معظم السودانيين نتيجة ما قامت به مليشيات الدعم السريع من سلب ونهب وتهجير وانتهاك لحرمات المنازل”.
ويشير الباحث إلي أن “ميليشيات الدعم السريع تقول أنها تريد جلب الديمقراطية للشعب السوداني وأن تخلص السودان من فلول النظام السابق”.
دور المجتمع الدولي
ويعتقد السباعي أن أزمة السودان تمثل فشل جديد للمجتمع الدولي الذى لم ينجح حتي الأن في إقناع طرفي الصراع بوقف الحرب وتحكيم صوت المنطق بديل لصوت السلاح، لافتا إلي أن المجتمع الدولي ربما لا يملك الرغبة والجدية الكافية لحل الأزمة وربما تكون الدول الكبري مستفيدة من استمرار الصراع”.
ويشير إلي أن “المجتمع الدولي ربما يدير الأزمات بالمنطقة ولا يسعي لحلها كما نري في سوريا وليبيا واليمن، معتبرا أن الفشل الدولي في وقف الصراع المسلح يؤكد أن نهاية الحرب في السودان لن تكون بغير نهاية أحد طرفي الصراع”
وحول دعوة البرهان الشعب لحمل السلاح، يري السباعي أن “دعوة البرهان للشباب للإلتحاق بالجيش من أجل تدريبهم على كيفية استخدام السلاح من أجل الدفاع عن النفس وحماية الممتلكات”.
سيناريوهات الصراع
من جانبه، يري هاني الجمل الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية أن الحرب في السودان أظهرت عدة عوامل سلبية في البنية المجتمعية أهمها اتساع دائرة الحرب وعدم حسم اي طرف من طرفي الصراع لهذه الحرب وهو ما كشف أن القوة العسكرية الرسمية المتمثلة في الجيش السوداني بقيادة برهان وقوات الدعم بقيادة حميدتي في حالة توازي لحد بعيد وذلك طبقا للبيانات الصادرة من كل طرف فضلا عن هذه الحرب هي الاولي التي تدور داخل العاصمة الخرطوم ومدنها الثلاث مما يؤدي الي تطور الصراع ليأخذ الشكل القبلي.
وقال لوكالتنا “باتت هذه الحرب مفتوحة على كل الاحتمالات وبخاصة في ظل ما يكتنف الموقف العسكري على الأرض من غموض، لافتا إلي أنه “وبغض النظر عن الأسباب المباشرة للحرب إلا أن هذه الحرب لا يمكن فهمها بمعزل عن جملة الإشكاليات الكبرى التي عانى منها السودان في مرحلة ما بعد الاستقلال ومنها تعثر عملية بناء الدولة الوطنية الحديثة حيث أخفقت نخب ما بعد الاستقلال في بناء دولة وطنية تستند إلى أسس ومبادئ المواطنة وتكون قادرة على استيعاب التعددية المجتمعية والعرقية والقبلية وتحويلها إلى مصدر قوة وهو ما قد يؤدي لإطالة أمد الحرب لعدة سنوات وذلك لأن الحروب الداخلية عادة ما تستدعي التدخلات الخارجية سواء من قبل دول أو فاعلين مسلحين وهو ما قد يخلق حلفاء لكل طرف ضد الآخر”.
وتمني الباحث أن تنجح الجهود المصرية في تحقيق أى تقدم نحو إنهاء الصراع خاصة أن ” حملت علي عاتقها استقبال اللاجئين السودانين ومحاولة تهدئة الأمور من خلال التدخل لدي كل طرف أو من خلال المبادرة المصرية القطرية كطوق نجاة لهذه الازمة التي تحولت الي كرة الثلج”.
ويعتقد الجمل أن “هناك عدة سيناريوهات لمستقبل الحرب في السودان وهي حسم الحرب لصالح أحد الطرفين أو قبول الطرفين بوقف دائم لإطلاق النار والانخراط في مفاوضات مباشرة عبر الوسطاء أو استمرار الحرب بشكل متقطع حسب التدخلات الاقليمية والدولية أو للآسف الانزلاق إلى حرب أهلية تساهم في تقسيم السودان وبالتالي تكون مصدر خطر علي العمق الاستراتيجي لدول الجوار”.

بعد 3 شهور من الحرب..ماذا ينتظر السودان من صراع الجنرالات ؟

مع اندلاع الصراع السوداني منتصف أبريل الماضي، كانت التوقعات تشير إلي أنها مجرد خلافات بين حلفاء سرعان ما ستنتهي بتدخل القوي الإقليمية ودول الجوار، ولكن مرت الأيام ودخلت الحرب شهرها الثالث دون أفق واضح أو بادرة أمل في نهاية قريبة بل ربما كل المؤشرات تقود إلي توقعات متشائمة تنتظر السودان وشعبها مع استمرار الحرب..فإلي أين تتجه الأحداث بالسودان خلال الفترة المقبلة ؟
وبحسب تقارير صحفية فقد تسبّب النزاع الذي تفجر في 15 أبريل الماضي، بمقتل أكثر من 2000 شخص، وفق آخر أرقام مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أن الأعداد الفعليّة قد تكون أعلى بكثير، حسب وكالات إغاثة ومنظّمات دوليّة.
كذلك دفعت المعارك أكثر من 2,2 مليون شخص إلى النزوح، لجأ أكثر من 528 ألفا منهم إلى دول الجوار، وفق المنظمة الدولية للهجرة.
.وفي سياق متصل، أكدت الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، الأحد 18 مايو/ آيار ، أن نحو نصف سكان السودان يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية.
وأضافت الآلية في بيان نشرته البعثة الأممية في السودان أن من الضروري إيصال المساعدات إلى ملايين المحتاجين مع دخول الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع شهره الثالث.
كما أوضحت أن نحو 1.7 مليون شخص نزحوا داخل السودان، بينما لجأ ما يقرب من نصف مليون شخص إلى البلدان المجاورة، مشيرة إلى أن “العدد المتزايد من الضحايا والمصابين إلى جانب الدمار الواسع النطاق للممتلكات وسبل العيش أمر مقلق للغاية”.
وبحسب مراقبون، فإن الأوضاع في السودان ربما تسير نحو أوضاع أكثر مأساوية مع دخول الحرب الشهر الثالث ووجود احتمالية كبيرة لعدم وجود نهاية قريبة للصراع.
ويري رامي زهدي الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية أن الأزمة السودانية مع دخولها الشهر الثالث تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، معتبرا أن المرحلة الأصعب لم تأت بعد.
وقال زهدي : “المشكلة أن هناك فصل بين الصراع العسكري والأزمة الإنسانية وكأن كلاهما لا يرتبطان بالأخر، مشيرا إلي أن الأزمة الإنسانية تزداد سوءا بمرور الأيام، وحتى العائلات والأفراد الذىن حافظوا على تماسكهم خلال الفترة الماضية لم يعد بقدرتهم التماسك بعد هذه المدة، كما إن إمكانيات اللجوء والنزوح والفرار لم تعد متاحة بنفس القدر كما كان فى السابق”.

طول آمد الصراع
ويري الباحث “أن طول أمد الصراع يهدد الدولة السودانية والشعب السوداني فضلا عن أكثر من 20 دولة أخري” .
وأوضح: “طول أمد الصراع يمثل مزيد من الاستنزاف للإمكانيات والقدرات السودانية التي هي في الأساس منهكة وضعيقة وتعاني عبر سنوات طويلة، كما يمثل استنزاف للشعب وطاقاته وصبره وإمكانياته، كما تمثل استنزاف لطاقة وإمكانيات الدول المجاورة التي تعاني من الأزمة بالسودان، لافتا إلي أن هناك أكثر من 7 دول جوار، وأكثر من 17 دولة أخري لها علاقات تجارية وإقتصادية مع السودان تتاُثر بالحرب بشكل مباشر وغير مباشر”.
ويعتقد الباحث” أنه مع مرور الوقت، وانشغال العالم بصراعات أخري ربما يقل الاهتمام بالأزمة السودانية، خاصة أن كل الهدنات التي تم الاتفاق عليها لم يتم الإلتزام بها، ولا يوجد بارقة أمل فى تراجع أحد الطرفين”.
وبحسب زهدي فإن “أحد أهم أسباب الأزمة أن كلا الطرفين يريد إطالة الحرب، فالدعم السريع تعتبر أن طول المعركة إنتصارا لها، والجيش السوداني يري أنه يحتاج بعض الوقت للقصاء نهائيا على قوات الدعم السريع وإلحاق الهزيمة بها”.
ويضيف الباحث ” المشكلة أيضا أن الجهود الدولية لحل الأزمة مثل التحركات السعودية والأمريكية لا تتحدث عن حل سياسي شامل ولكنها تبحث فرص تهدئة أو تقليل الأعمال العدائية وفتح ممرات آمنة للمدنيين فقط، لافتا إلي أن كلا الطرفين يستخدم هذه الهدنات كمرحلة استعداد لاستئناف المعارك مرة أخري”.

مزيد من التعقيد
وحذر الباحث من “إن الأزمة السودانية تتجه لمرحلة جديدة من التعقيد خاصة بعد مقتل والي دارفور معتبرا ان تلك الحادثة تنذر بدخول البلاد فى مرحلة صراعات عرقية وقبلية وهي مرحلة لو بدأت فإن دائرة الصراع لن تنتهي، نظرا لما تمتلكه هذه القبائل والعشائر والقوميات من قوة وسلاح وتمركز على الأرض ولن تتوقف هذه الحروب خاصة أن هذه القوميات والقبائل لا تمتلك إطار تفاوضي أو سياسي ولا تجيد سوي القتال العسكري.
ويري “أن دخول هذه القبائل والعشائر فى الصراع قد يقود بالسودان لمرحلة لا تحمد عقباها خاصة أنها خلال الفترة الماضية كانت تلتزم الحياد ولم تدعم أيا من الطرفين”.

الحل مازال ممكنا
ويؤمن زهدي أن “الحل مازال ممكنا ولكن لابد من تدخل القوي المدنية والشعبية السودانية بدعم دولي كطرف مؤثر فى حسم الصراع للوصول لمرحلة وقف الصراع بشكل كامل أولا ثم خروج الأطراف المتصارعة كأشخاص من المشهد السياسي، والحفاظ على قوام المؤسسة العسكرية كأحد مؤسسات الدولة الرسمية على أن يكون الدعم السريع جزء من هذه المؤسسة”.
وشدد الباحث على أنه “لابد من حل سياسي متكامل ومشاركة أطراف أخري فى الوصول لهذه الحلول كأطراف عن القوي المدنية وممثلين عن الشعب السوداني والنقابات المهنية، مشيرا إلي أن الفصل بين القوات المتصارعة والشعب لا تعطي أى أمل في الوصول للحل”.

المستفيد من الحرب
وبحسب زهدي فإن “المستفيد الأكبر من إطالة أمد الصراع داخليا هو الدعم السريع الذى يدرك قياداته أنها لن تستطيع هزيمة الجيش ولكنه يسعي لحرب طويلة للحصول على فرص تفاوضية تمنحه وضع أفضل” .
ويؤكد خبير الشؤون الأفريقية أن “هناك دور إقليمي ودولي وراء استمرار الصراع بالسودان، وهناك دول من مصلحتها بقاء الوضع الحالي دون حل وأن يبقي السودان جسد مريض لا يموت ولا يتعافي.
واعتبر أن “هناك دول تمارس سياسات غير شريفة تجاه السودان وتحاول استغلال ثرواته والسيطرة عليها استراتيجيا وعسكريا أو تقسيمها وإقامة قواعد عسكرية بها بسبب أن السودان تطل على منطقة البحر الأحمر التي وصفها بأخطر منطقة فى العالم وبالتالي قيام الصراع من الأساس واستمراره تقف وراءه أطراف خارجية وهناك مصالح مختلفة لدول مختلفة في المنطقة مشددا على أن القوي المتحاربة مجرد أدوات بيد تلك الأطراف”.

“الشمس نيوز” بقلب الخرطوم..ماذا فعلت حرب الجنرالات في السودان وشعبها ؟

الخرطوم/ سليمان السباعي

في الخامس عشر من أبريل اندلعت حرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع الكثير تنبأ بانتهاء الحرب في زمن وجيز، البعض قال أسبوع وسوف تنتهي هذه الحرب، والآخر أكد انها مسألة ايام فقط وتنتهي و نحن الآن ندخل على شهرها الثالث.
حتى الآن خلفت هذه الحرب خسائر بشرية و مادية وجعلت الكثيرين يخرجون من العاصمة الخرطوم البعض اتجه إلى ولايات السودان المختلفة، والبعض الاخر هاجر إلى خارج السودان، منهم من ذهب إلى دولة مصر الشقيقة، ومنهم من ذهب إلى الإمارات العربية المتحدة، ومنهم من اختار المملكة العربية السعودية تاركين بيوتهم وممتلكاتهم.

دمار فى كل مكان
من أكثر المناطق التي شهدت اشتباكات عنيفة منذ اندلاع الحرب هي منطقة الخرطوم، والخرطوم بحري التي شهدت اشتباكات عنيفة جدا، ودمار طال الأسواق ومنازل المواطنين، وتليهم منطقة أم درمان التي أيضا شهدت نهب ودمار اكبر الأسواق فيها سوق أمدرمان وسوق ليبيا اللذان تعرضا للنهب والدمار.
في بحري طال الدمار المحطة الوسطى التي بها سوق بحري وتم حرقه بالكامل وهو كان من أهم الأسواق في العاصمة الخرطوم.
ولم تقف على ذلك بل طال الدمار المنطقة الصناعية بحري التي بها اهم المصانع التي توفر المواد الغذائية للسودان اجمع وليس ولاية الخرطوم فقط مثل مصنع سيقا وسين و ويتا، المصانع التي توفر دقيق الخبز لكافة السودان تم دمارها ونهبها.

كارثة صحية
أما من الناحية الصحية عديد من المستشفيات والمرافق الصحية أصبحت خارج الخدمة من اهمها مستشفى الخرطوم ومستشفى شرق النيل ومستشفى بحري من أكبر المستشفيات في البلاد أصبحت خارج الخدمة بسبب القصف وقربها من مناطق الاشتباكات واحتلال قوات الدعم السريع لها واتخاذها سكنات لهم.
وايضا في امدرمان تعرضت مراكز صحية لي قذائف طائشة منها مركز الرومي الصحي في منطقة الثورات مما خلف إصابات بين المواطنين.

الوضع الصحي في الخرطوم ينذر بكارثة صحية في ظل شح الدواء والصعوبة في إيصال المساعدات الطبية إلى المستشفيات والمراكز الصحية التي لا زالت تعمل.

الوضع الميداني
اما عسكرياً تشهد العاصمة الخرطوم انقسام في مناطق السيطرة ما بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.
القوات المسلحة تسيطر على كافة مناطقها العسكرية وهي القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم، والجوية في الخرطوم أيضا، وسلاح المهندسين في منطقة أمدرمان، وقاعدة وادي سيدنا في امدرمان، وفي بحري منطقة كوبر وسلاح الإشارة وعديد من المناطق الحيوية.
اما قوات الدعم السريع فهي متواجدة في شوارع العاصمة الخرطوم في منطقة بحري وامدرمان وشرق النيل لديها تواجد في الشوارع فقط ليست لها معسكر او منطقة بعينها، فكل معسكرات الدعم السريع تم قصفها وتدميرها تبقى لهم معسكر طيبه مع مدخل العاصمة وهو الان تحت حصار الجيش وبعض الأخبار تقول ان قوات الدعم السريع في معسكر طيبه أعلنت استسلامها.
الجيش حتى هذه اللحظة يعتمد على سلاح الطيران والمدفعية لضرب الأهداف عن طريق الاحداثيات بعض المناطق تم تمشيطها عن طريق قوات من المشاة.

مفاوضات جدة
جرت في المملكة العربية السعودية بالتحديد في مدينة جده مفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مفاوضات افضت إلى عقد عديد من الهدنات الانسانية من أجل فتح ممرات آمنة وتسهيل إيصال المساعدات الانسانية للمناطق المتضررة ولكن كلها لمن تنجح في وقف الاشتباكات.
الجيش اشترط خروج الدعم السريع من المستشفيات والمراكز الخدمية ومنازل المواطنين وعدم استخدام أفراد الشعب السوداني كدروع بشرية لكن الدعم السريع لم يفي بهذه الشروط لذلك قامت القوات المسلحة بتعليق المباحثات والمفاوضات مع قوات الدعم السريع واستمرت المعارك بين الطرفين.
قوات الدعم السريع بدأت في حشد قوات من دارفور وتحريكها نحو العاصمة الخرطوم أيضا في خرق واضح لبنود الهدنة الموقعه بين الطرفين لذلك قامت القوات المسلحة بالتعامل معها عن طريق الطيران الحربي والمدفعية.
الان أعلنت الحكومة الأمريكية والحكومة السعودية عودة المفاوضات غير المباشرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ومن المتوقع ان يتم تقريب وجهات النظر ويستجيب الطرفان لشروط الهدنة واعلان وقف إطلاق النار.

الحرب مستمرة..ماذا ينتظر السودان بعد تعليق مباحثات جدة ؟

تتجه الأحداث السودانية على ما يبدو لمزيد من التصعيد والعنف، خاصة بعد إعلان الولايات المتحدة والسعودية تعليق مباحثات جدة لوقف إطلاق النار بين قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو.

ووفقاً للبيان المشترك الذي أصدرته الرياض وواشنطن، فإن قرار تعليق مباحثات جدة جاء بسبب “الانتهاكات الجسيمة” المتكررة لوقف إطلاق النار من قبل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

ودمرت الحرب المستمرة في السودان منذ سبعة أسابيع، مناطق في وسط الخرطوم، وهددت بزعزعة استقرار المنطقة الأوسع، وأدت إلى نزوح 1.2 مليون شخص داخل السودان، وفرار 400 ألف آخرين إلى الدول المجاورة.

واعتبر البيان السعودي – الأمريكي المشترك أن طرفي الصراع “يدعيان أنهما يمثلان مصالح الشعب السوداني، لكن أفعالهما زادت من معاناة السودانيين وعرضت الوحدة الوطنية والاستقرار الإقليمي للخطر”.

عقوبات أمريكية

وأعلنت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، فرض عقوبات على الجهات التي وصفتها بأنها “تؤجج العنف” في السودان.

وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن البيت الأبيض “فرض قيوداً على تأشيرات سودانيين، بينهم مسؤولون في الجيش وقوات الدعم السريع، وأفراد من النظام السابق للرئيس عمر البشير؛ بسبب مسؤوليتهم أو تورطهم في تقويض انتقال السودان إلى الديمقراطية”.

كان الرئيس جو بايدن مهد الطريق للعقوبات في الرابع من أيار الماضي، عندما أصدر أمراً تنفيذياً وسّع فيه سلطات واشنطن للرد على أعمال العنف، والمساعدة في إنهاء الصراع وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان، إدراج 4 شركات في قائمة العقوبات، وهي: شركة (الجنيد) للأنشطة المتعددة المحدودة، التي يسيطر عليها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، وشقيقه نائب قائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، وشركة (تريدف) للتجارة العامة التي يسيطر عليها الرائد في قوات الدعم السريع، ألقوني حمدان دقلو، وهو أيضاً شقيق قائد الدعم السريع، و(منظومة الصناعات الدفاعية السودانية)، وشركة (سودان ماستر تكنولوجي) التي تنتج أسلحة ومركبات للجيش السوداني.

وحسب مراقبين، فإن الصراع في السودان لن ينتهي دون حسم عسكري من أحد الطرفين بصورة تجبر الطرف الآخر على القبول بمخرجات أي حوار والالتزام به.

الحسم العسكري

 واعتبر الباحث السوداني سليمان السباعي أن البيان الأمريكي السعودي بتعليق المفاوضات وفرض العقوبات على شركات تابعة لقوات الدعم السريع والجيش السوداني جاء من أجل الضغط على أطراف الصراع؛ من أجل العودة إلى التفاوض وحل النزاعات حلاً سلمياً والوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار في السودان”.

وقال السباعي: “الأوضاع في السودان في ظل زيادة وتيرة الاشتباكات لا نرى فيها غير الحل العسكري لأن قوات الدعم السريع لا تنوي الالتزام بما وقّعت عليه من إخلاء للمستشفيات والمناطق الحيوية ومنازل المواطنين، كما تقوم بحشد قواتها ويتم رصد تحركات لها، لذلك لا بد للقوات المسلحة ان ترد على مثل هذه الخروقات، لذلك لا نرى غير الحل العسكري لإنهاء الصراع في السودان”.

وعن أسباب فشل الجيش في حسم المعارك، على الرغم من مرور قرابة شهرين على اندلاع الصراع، قال الباحث: “إن حرب المدن ليست مثل باقي الحروب، وخاصة في الإطار الزمني وفي اسلوب الحسم؛ لأن المعركة تدور داخل الأحياء والمناطق السكنية لافتاً إلى أن “الجيش لدية القدرة على حسم المعركة في غضون 72 ساعة، لكن ما هي الأضرار التي سوف تترتب عليها دمار يعم البلاد”.

وأكد السباعي “أنه حتى هذه اللحظة، لم يستخدم الجيش السوداني القوة المميتة كما وصفها الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة، كما أن “هناك صواريخ شواظ (صواريخ سودانية) لم يتم استخدامها وهي قادرة على مسح مربع سكني كامل وهناك القوة القصوى للطيران الحربي لم تستخدم بعد”، فضلاً عن أن هناك أعداد من أفراد القوات المسلحة في وضع الاستعداد لم يتم الاستعانة بهم بعد، مشيراً إلى أن “القوات المسلحة حتى هذه اللحظة استخدمت 15% فقط من قوتها لذلك هناك تأخير في حسم المعركة مراعاة للمواطن السوداني”.

سيناريوهات الصراع

وأشار الباحث السوداني إلى أن هناك عدة سيناريوهات لإنهاء الأزمة الراهنة أولها؛ هو الجلوس إلى طاولة الحوار وتوقيع اتفاق سلام وإنهاء الحرب، لافتاً إلى أن هذا السيناريو يرتبط بشروط معينة.

أما السيناريو الآخر، حسب السباعي، فهو “استمرار الحرب والقضاء على التمرد دون الحاجة إلى الجلوس من أجل التفاوض، ولكن هذا سوف يترتب عليه مزيد من المعاناة والدمار خاصة أن هناك انقسام في الأوساط السودانية، فهنالك من ينادي باستمرار الحرب والقضاء على التمرد وهنالك من يدعو لوقف الحرب وإحلال السلام”.

ويعتقد الباحث أن نتائج المعارك في الأيام المقبلة سوف توضح خارطة الطريق للصراع، سواء يتم حسمها حسماً عسكرياً أو يتم العودة للمفاوضات، مشيراً إلى أن الجهات الدولية يمكنها ممارسة المزيد من الضغط على طرفي النزاع من أجل وقف الحرب بفرض المزيد من العقوبات، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنه يمكن للطرفين مواصلة الاقتتال في ظل هذه العقوبات.

موقف الأطراف السودانية

وعن دور الأطراف السودانية في وقف الصراع، يرى الباحث أن “هناك أطراف سودانية تقوم بمساع من أجل وقف الحرب الدائرة بين القوات المسلحة والدعم السريع، ولكن كثيراً منهم يخشى توصيفه بالخيانة، خاصة أن التوجه الشعبي فى السودان يدعم القوات المسلحة ويعتبر الصراع معركة كرامة للجيش والشعب السوداني الذي يرى الدعم السريع مجرد عملاء ومرتزقة موالين لمن يدفع لهم المال وليسوا أصحاب عقيدة”.

وختم السباعي حديثه، بالتأكيد على أن “العودة لمباحثات جدة وإحياء فرص السلام ما زالت قائمة بالسودان بشرط التزام قوات الدعم السريع بالشروط التي وضعها الجيش السوداني والتي يعلمها الجميع وأهمها الخروج من المستشفيات ومنازل المواطنين والخروج من المرافق الحيوية”.

بالصور..عودة أول دفعة من سكان مناطق الإدارة الذاتية العالقين فى السودان

أعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، اليوم، وصول أول دفعة من مواطنيها العالقين في السودان، على نفقتها، بعد تواصلها المستمر، وجهودها الحثيثة.

وتشهد السودان صراعاً مسلحاً بين الجيش برئاسة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، التي يترأسها محمد حمدان دقلو، منذ 15 نيسان/إبريل الفائت، حصد حتى الآن أكثر من 900 قتيل وآلاف الجرحى، كما دفع الملايين إلى النزوح واللجوء، فيما تتخوف الأمم المتحدة من أن يمتد فتيل الأزمة إلى دول الجوار.

وبحسب وكالة أنباء هاوار ، تضم الدفعة التي أعادتها الإدارة الذاتية، عبر مطار قامشلو، من 161 شخصاً بينهم أطفال ونساء، من مختلف مناطق روج آفا وشمال وشرق سوريا.

وأعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في الـ ٢٧ من نيسان المنصرم، عن تشكيل لجنة تأمين عودة مواطني شمال وشرق سوريا العالقين في السودان، بهدف العمل والتنسيق لعودة مواطنيها العالقين داخل حدود السودان كإجراء نحو تأمين الخروج الآمن لهم.

كان في استقبال العائدين الذين تتراوح أعمارهم ما بين العام إلى الـ 60 عاماً، في مدينة قامشلو من أمام المطار، عضو لجنة تأمين عودة مواطني شمال وشرق سوريا العالقين في السودان، مصطفى بالي.

بينما لا يزال هناك أكثر من 1000 مواطناً من شمال وشرق سوريا عالقاً في السودان لحدّ الآن، بحسب مصطفى بالي، وسيتم إعادتهم إلى مناطقهم على دفعات من قبل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

25 يوما من القتال..هل تنجح مباحثات جدة فى وقف الصراع بالسودان؟

بعد قرابة شهر من الصراع المسلح الذى تشهده السودان، أعلنت وزارة الخارجية السعودية، أن ممثلي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بدأوا محادثات تمهيدية في مدينة جدة.
وبحسب البيان السعودي فقد حثت الرياض وواشنطن الطرفين على الانخراط بجدية في المحادثات من أجل تحقيق وقف فعال لإطلاق النار. والعمل على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية الطارئة، فضلا عن استعادة الخدمات الأساسية ووضع جدول زمني لمفاوضات موسعة للوصول لوقف دائم للأعمال العدائية.

أول محاولة لوقف الحرب

وتعتبر المبادرة السعودية الأميركية في جدة هي أول محاولة جادة لإنهاء القتال الدائر منذ 15 أبريل، الذي حوّل أجزاء من الخرطوم إلى مناطق حرب وعرض الانتقال السياسي الهش في البلاد للخطر بعد اضطرابات وانتفاضات استمرت لسنوات.
وأعربت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة عن ترحيبيها بالتزام الطرفين بتوجه بناء قائم على الاحترام المتبادل، وحثت كلاهما على احترام وقف إطلاق النار القائم حاليا، والامتناع عن أي أفعال استفزازية على الأرض للحفاظ على مناخ ايجابي للمحادثات التمهيدية.
ورحبت الآلية الثلاثية بالمبادرة السعودية الأميركية الرامية إلى إنهاء الصراع الذي يعصف بالسودان منذ أسابيع.

وقالت الآلية الثلاثية (تضم الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية والأمم المتحدة)، إنها تأمل أن تسفر المحادثات التقنية بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في جدة عن تفاهمات تؤدي إلى وقف شامل لإطلاق النار، مما يتيح تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للمدنيين الذين يجب أن تظل حمايتهم مسألة ذات أهمية قصوى.
كما رحب مراقبون بالجهود السعودية الأمريكية لوقف الصراع فى السودان، مؤكدين فى الوقت نفسه عدم كفايتها فى إنهاء المعارك خاصة فى ظل عدم اقتناع الطرفين بوجوب حل الأزمة ووقف القتال.
معوقات الاتفاق
ويري الباحث والمحلل السياسي السوداني عباس صالح أنه “رغم إن توسط المملكة العربية وبدعم قوي من المجتمع الدولي في جمع طرفي الصراع يعتبر خطوة مهمة على صعيد تحركات الدبلوماسية المبذولة منذ اندلاع الصراع، فمع ذلك ستواجه معضلات حقيقية على رأسها توصيف طبيعة الصراع حيث تتعارض رؤيتي طرفيه بشكل جذري”.

وقال صالح ” هناك أيضا الفصل بين الطبيعتين العسكري والسياسية المعقدة لهذا الصراع في هذه المرحلة المبكرة من المباحثات والتي ربما ستؤسس للمراحل التالية للحل الدائم والنهائي وفق رؤيتي الطرفين.
ويعتقد صالح “إن فرص نجاح المباحثات في جدة ضئيلة جدا في تحقيق إختراق على صعيد التوصل إلى تهدئة دائمة وخاضعة للمراقبة من طرف ثالث.
وأشار إلي “إن تجارب فشل وعدم صمود الهدن الست السابقة أظهرت أن استراتيجية الحسم العسكري بالنسبة للطرفين لا تساعد في تثبيت أي هدنة مستقبلا حيث تتناقض الهدنة بشكل واضح مع هذه الاستراتيجية.
ونوه إلي أن “الاستجابة للجلوس لمباحثات يمكن تفسيرها بأنها جزء من استراتيجية كل طرف؛ فالقوات المسلحة وضعت سقفا واضحا بينما تهدف قوات الدعم السريع للمحافظة على المناطق التي سيطرت عليها منذ اليوم الأول كسقف يمكن البناء عليه لتعزيز مواقفها في اي تفاوض رسمي ومباشر قد يجري مستقبلا”.

محاولة ولكن
بدوره، يري رامي زهدي خبير الشؤون الأفريقية أن مباحثات جدة محاولة للحل لافتا فى الوقت نفسه إلي أنه لا يتوقع أن تنجح فى حل الخلاف بشكل كامل.
وأوضح لوكالتنا “إن المباحثات قائمة على فكرة عدم الاجتماع المباشر بين الطرفين، لافتا إلي أن الجيش السوداني حافظ على رسمية الوفد بمشاركة ضباط عسكريين ودبلوماسيين في حين استخدم الدعم السريع أحد أشقاء حميدتي وأحد مستشاريه من العسكريين المتقاعدين. وسيجلس كل طرف على حدة مع ممثلين عن السعودية وأمريكا رعاة المباحثات.

ويعتقد الخبير المصري “أنه من المبكر الحديث عن نجاح جهود الوساطة لوقف الصراع السوداني فى الوقت الحالي مؤكدا أن اختلاف بهذا الحجم لا يمكن أن ينتهي بجهود وساطة من جولة واحدة بل ربما يحتاج جولات كثيرة وتدخلات دولية عديدة ، كما أن الأمر يتوقف على مدى رغبة الأطراف السودانية وقبولهم للتهدئة وجديتهم فى الوصول لاتفاق سلام.
ولفت إلي “أن القوات المسلحة السودانية طبقا لعقيدتها وبمراجعة مواقفها السابقة ترفض أن تتفاوض مع متمردين وميليشيات كما وصفتهم فى كل بياناتها، وبالتالي من غير المنطقي بالنسبة لها أن تستخدم أدوات تفاوض مع هذه الميليشيات من وجهة نظرها.
وتابع : كما إن الدعم السريع يعتقد على أن طول المعركة يعني انتصار له ويعطيه موقف تفاوضي أفضل، خاصة أنه يعتمد على خفة الحركة ومستوي تدريبي متقدم وسرعة التحرك مقارنة بالقوات المسلحة التي تتحرك بثقل وتقليدية وهو ما يمنحه أفضله تطيل معها أمد المعركة التي فى النهاية قد تبدو محسومة للجيش فى النهاية بحسب الباحث.

كارثة منتظرة
وحذر زهدي من أن “طول أمد الصراع يزيد من تكلفة الحرب حيث تتجاوز نصف مليار دولار يوميا فى حين إجمالي الناتج المحلي السوداني لا يتجاوز 34 مليار دولار وهو ما يشير إلي كارثة ستتضح معالمها حتى لو حصلت التهدئة والتوافق لأن العملية السياسية معقدة بعد ذلك”.
وأشار إلي أن “كلا الطرفين يقبل بالهدنات ولا يقبل بالتسويات لأن الهدن تمنحهم فرصة التقاط الأنفاس والتزود بالسلاح واللوجيستيات وعلاج الجرحي والمصابين وإعادة الانتشار، فالهدنة بالنسبة لكل طرف إعداد لمزيد من الحرب وليس فرصة لبحث السلام.
وختم قوله بالتأكيد على أن “اقتناع كلا الطرفين بقدرته على حسم المعركة سيجعل من الصعوبة اقناعهما بالإنهاء الحاسم للصراع فى الوقت الحالي”.

كيف تؤثر أحداث السودان على استقرار الشرق الأوسط ؟

منذ اندلاعها فى منتصف نيسان الماضي، حظيت التطورات العسكرية فى السودان باهتمام كبير من العواصم والمنظمات الدولية فضلا عن معظم وسائل الإعلام العالمية فى ظل تخوفات من أن تتحول إلي أزمة إقليمية تتجاوز حدودها أرض السودان وصراع حميدتي والبرهان..فكيف تؤثر أزمة السودان على استقرار المنطقة؟

حذرت تقارير دولية عديدة من مستقبل الأوضاع بالسودان فى ظل المواجهات العسكرية المسلحة التي تشهدها البلاد منذ منتصف نيسان الماضي بين قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وحليفه ونائبه السابق فى مجلس السيادة محمد حمدان دقلو الشهير بـ حميدتي.

وتحدثت تقارير صحفية من احتمالية تمدد الصراع بين حميدتي والبرهان لدول جوار السودان خاصة أن معظم هذه الدول تعاني أزمات إقتصادية وصراعات عسكرية وسياسية.

تمدد الصراع

وفى تقرير لها، أشارت وكالة “بلومبرغ” إلى مخاوف من تأثير القتال الدائر في السودان على الدول الأفريقية المجاورة التي تعاني إصلا من الصراع المستمر وانعدام الأمن الغذائي والتمرد المسلح والاضطرابات المدنية.

وبحسب الوكالة الأمريكية فإن الأزمة في السودان قد تسبب تداعيات وخيمة على سبع دول أفريقية، وهي جمهورية إفريقيا الوسطى ومصر وليبيا وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا.

ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، انتقل 75 ألف شخص إلى مناطق أخرى في السودان، وعبر 20 ألفا على الأقل نحو تشاد وستة آلاف نحو جمهورية أفريقيا الوسطى وغيرهم إلى إثيوبيا وسط توقعات بفرار ما يقارب 270 ألفا نحو تشاد وجنوب السودان خلال الأسابيع المقبلة.

كما استقبلت القاهرة حوالي 16 ألف سوداني حتى الأن فيما لا تزال حركة النزوح من السودان لمدينة أسوان المصرية مستمرة عبر المعابر الحدودية بين البلدين وسط توقعات بتزايد أعداد النازحين من الصراع خاصة بعد إعلان منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، مارتن غريفيث، أن الوضع الإنساني في السودان على وشك الانهيار.

ونقلت وكالة أنباء الأمم المتحدة عن غريفيث قوله: أن “الوضع الانساني يقترب من نقطة اللاعودة”.

يأت هذا فيما حذر مراقبون من تداعيات الأوضاع فى السودان على استقرار دول المنطقة بشكل عام خاصة مع معاناة معظمها من أزمات سياسية وإقتصادية.

منعطف خطير

ويري د.إياد المجالي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مؤتة الأردنية أن العمليات العسكرية التي انطلقت على مسرح الاحداث في السودان شكلت منعطفا خطيرا يهدد الأمن والسلم في السودان ودول الجوار الإقليمي.

وقال لوكالتنا ” إن هذه المواجهة باتت مثار جدل حول أهدافها وأطرافها، بل باتت بمثابة صندوق بريد ترسل من خلاله القوى الإقليمية رسائلها في ملعب تصفية الحسابات الإقليمية والدولية، الأمر الذي ينذر بإتساع مشاهد الفوضى  وما يتبع ذلك من تاثيرات على مجمل الأوراق والملفات الإقليمية”.

وبحسب الخبير الأردني فإن “ما تشهده السودان من مواجهات عسكرية بين قوات التدخل السريع من جهة و الجيش السوداني من جهة أخرى يمثل تطور مرعب للأحداث لاسيما أن هناك  مسوغات و أسباب متعددة تغري مصالح القوى الداعمة لأطراف الصراع بالتقدم نحو تعميق حده التوتر والقضاء على الأخر عبر حرب أهلية تفتك بالسودان أو المتبقي من مقدرات البلاد.

حرب بالإنابة

وأشار المجالي إلي أن “ثمة هواجس جمة لدى المجتمع الدولي جراء تداعيات هذه الأزمة التي قد تسفر عن اصطفافات  إقليمية تعمق من حدة  الإنقسام والصراع، والخشية من تنامي التحالفات الإستراتيجية التي ظهرت وتشكلت بعمق هذا الصراع، من خلال الدعم المباشر لأطراف الصراع بما يسمى حرب الإنابة.

وشدد على أن ما يحدث بالسودان بلا أدنى شك يلامس أوضاع الإقليم بشظايا تهدد الأمن والسلم، وتهدد كافة الأطراف الإقليمية التي تعمد إلى إيجاد أو تسجيل حضورها في الأحداث والوقائع بين الطرفين المتصارعين.

وحذر الأكاديمي الأردني من أن “الحرب الاهلية القائمة بالسودان قد تنتقل إلى دول الجوار مثل ليبيا ومصر، وقد تحولها الى كييف ثانية، لافتا فى الوقت نفسه إلي أن بواعث القلق العربي من  هذه الأزمة وتعدد الأطراف المشاركة فيها قد تهدد أمن المنطقة برمتها نظرا لتباين المواقف العربية من طرفي النزاع فى الخرطوم وهو ما يمهد لحرب طويلة قد تتناثر شرارتها خارج حدود السودان.

مع تصاعد الأحداث..ما السيناريوهات المحتملة للصراع العسكري فى السودان؟

تطورات متسارعة تشهدها الساحة السودانية منذ اندلاع الصراع المسلح بين قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو بزعامة الشهير بـ حميدتي.
وفى الوقت الذى تتواصل فيه الاشتباكات المسلحة فى أنحاء العاصمة الخرطوم، بدأت معظم الدول فى إجلاء بعثاتها الدبلوماسية التي لم تحظي بأى حصانة حيث أعلنت الخارجية المصرية وفاة مساعد الملحق الإداري فضلا عن تعرض أحد أفراد طاقم سفارتها فى الخرطوم لإطلاق نار، كما تعرض موكب السفارة الفرنسية لهجوم خلال إجلاء دبلوماسيها.
وتشير الأحداث على الأرض إلي أزمة ربما لن تنتهي قريبا فى ظل التقارب فى الإمكانيات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فضلا عن وجود داعمين دوليين وإقليميين لكلا الطرفين.
ميدانيا..انتشرت عمليات السلب والنهب فى المدن السودانية، حيث تعرضت الكثير من مخازن الشركات الكبري والمنازل للسطو فى ظل حالة الانفلات الأمني بالبلاد.
وحذرت الأمم المتحدة بالسودان، من قرب نفاد الغذاء والوقود وغير ذلك من الإمدادات الحيوية لدى سكان السودان، مؤكدة أن نظام الرعاية الصحية أيضا معرض لخطر الانهيار.
ويحذر خبراء ومراقبون من تحول السودان لمنطقة صراع جديدة بين القوي الإقليمية والدولية بما يؤدي لاطالة أمد الحرب الأهلية فى البلاد التي قد تتسبب فى وقوع أزمة غذائية كبيرة نظرا لضعف مؤسسات الدولة السودانية.

صراع دولي وإقليمي
ويري رامي زهدي الخبير فى الشؤون الأفريقية “إن السودان من أول الدول الأفريقية التي ظهر فيها بداية الصراع بين الروس والأمريكان على منطقة بورسودان المطلة على البحر الأحمر أحد أهم المناطق الاستراتيجية الأمنية فى العالم ثم دخلت باريس على الخط وأقامت مؤتمر دولي لأصدقاء السودان المانحين لدعم العملية السياسية فى السودانية وذلك بالتنسيق مع الدولة المصرية”.
وأكد “إن السودان مع بداية الأزمات السياسية والانشقاقات ظهرت أطراف كثيرة تحاول التدخل فى الشأن السوداني سواء بالسلب أو الإيجاب وهو ما جعل من عملية التفاوض بين الفرقاء السودانيين محل تداخل من قوي إقليمية ودولية مثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، كما ظهرت قوي إقليمية مثل السعودية وتركيا إضافة للدور المصري نظرا لما يمثله الوضع السوداني من تأثير على القاهرة”.
وبحسب خبير الشؤون الإفريقية فإن الصراع فى السودان ما كان ليشتعل بين الدعم السريع والجيش السوداني دون أن يكون لكلا الطرفين داعمين خارجيين دوليين أو إقليميين سواء دعم مباشر أو غير مباشر، مشيرا إلي أن الدعم الخارجي لكلا الطرفين ربما يصل لمرحلة الامداد بالسلاح والمشاركة فى العمليات على الأرض بشكل كامل.
وأشار إلي أنه ” لا يخفي على أحد أن كلا الطرفين له علاقات متشعبة بدول إقليمية ودولية متعددة، حميدتي على سبيل المثال يلتقي برؤساء دول منها روسيا وهو أمر غير منطقي نظرا لكونه أحد القيادات العسكرية ولا يحق له القيام بأدوار سياسية، كما إن البرهان كان فى زيارة شبه دائمة للقاهرة رغم أنه فى هذا التوقيت كان ضمن مجلس سيادي سوداني يقود العملية السياسية ولم يكن رئيس دولة” .
وتابع ” واضح أن كل الأطراف عنده ما يدفعه للإرتكان لقوي دولية وإقليمية، مثل الولايات المتحدة وروسيا ، إضافة للدول الخليجية التي تعتبر أحد أكبر المستثمرين فى السودان”.
سيناريوهات الأزمة السودانية
ويعتقد خبير الشؤون الأفريقية أن هناك سيناريوهات متعددة ربما أسوءها استمرار الصراع دون حل أو حسم من أحد الطرفين بحيث تستمر المعارك لفترات دولية دون أن يستطيع أى طرف حسمها لصالحه وهو ما سيؤدي لاستنزاف طاقة ومقدرات الدولة السودانية الضعيفة بالأساس وهي دولة لا تستطيع مواجهة ذلك لأنها ضعيفة الأركان اقتصاديا ومجتمعيا وحياتيا وقد نصل لأوضاع انسانية أصعب مما حدث فى دول مثل ليبيا التي لم تشهد على طول أزماتها أى نقص فى السلع أو الغذاء فى حين أن السودان قد تكون أقرب للأزمة اليمنية التي وصلت فى بعض مراحلها للمجاعة.
أما السيناريو الثاني بحسب زهدي فهو “تحقيق أحد الطرفين انتصار حاسم يقضي به أحدهما على الأخر وهو أمر لا يمكن الجزم به او تحديد من يستطيع ذلك نظرا لوجود تقارب فى العدة والعتاد لكلا لطرفين، ولكن ربما يمكن القول أن القوات السودانية تعتبر الأقرب للحسم نظرا لانها تمتلك زيادة نوعية فى العدد والسلاح كما أنها تمتلك شرعية وربما تحصل على دعم العشائر والقبائل السودانية” .
ونوه إلي أن “السيناريو الثالث هو ظهور قوة ثالثة موازية للقوتين المتحاربتين مثل حدوث اتحاد للقبائل أو تجمع لمجتمع مدني أو حراك شعبي يرفض ما يحدث من صراع ثم يميل لأحد الجبهتين دون الأخري وفى هذه الحالة سيكون الأقرب هو دعم الجيش والقوات السودانية نظرا لما تمثله من شرعية وفق الذهنية الشعبية على عكس الدعم السريع التي قد يعتبرها البعض حركة متمردة منشقة لا يجوز لها الخروج بهذه الطريقة”.
أما أخر السيناريوهات بحسب الخبير المصري فهو “التفاوض ودخول قوى إقليمية ودولية لجمع الأطراف على مائدة تفاوض والبحث عن حلول للأزمة لافتا إلي أن هذا الأمر ربما يكون احتمال ضعيف نظرا لكون العملية السياسية فى السودان مستمرة فى المفاوضات بين الأطراف المختلفة على مدار أكثر من عامين دون الوصول لحلول جذرية ووصل الأمر فى النهاية للصراع المسلح بين الأطراف وبالتالي لا يمكن التعويل على هذا الأمر نظرا لأن كلا الطرفين لن يقبل بوجود الطرف الأخر على الاطلاق”.

السودان بين الاتفاق الإطاري والمبادرة المصرية

أكدت د.فريدة البنداري الباحثة المتخصصة بالشؤون الأفريقية نائب مدير المركز العراقي-الإفريقي للدراسات الاستراتيجية أن الاتفاق الإطاري الجديد بالسودان لم يحظ بإجماع الفرقاء، إذ قائمة معارضيه قوى مدنية أهمها لجان المقاومة بجانب قوى سياسية وحركات مسلحة.
وقالت البنداري إن أهم نقاط الضعف في الاتفاق هي تكرار صيغ الإحالة والتأجيل في ديباجته حيث شملت موضوعات أساسية مثل:
1. العدالة الانتقالية.
2. الإصلاح الأمني والعسكري.
3. وإزالة تمكين نظام عمر البشير، أي انقلاب 30 يونيو 1989.
وأشارت إلي أن الاتفاق خرج إلى العلن بعد مرحلة مضطربة عقب انقلاب البرهان 25 أكتوبر 2021، ليكون صيغة توافقية، فيما تُركت قضايا العدالة الانتقالية وإصلاح الأجهزة الأمنية دون الإشارة إلى كيفية إصلاحها.

مميزات الاتفاق
احتفظ الاتفاق الإطاري، باتفاق سلام بجوبا، مؤكدًا على استكمال المفاوضات، وضرورة تقييمه وتقويمه، لما له من تداعيات دولية وإقليمية فضلًا عن تدعيم الجبهة الداخلية.
يبدو أن العامل الخارجي كان له دوراً مفصلياً وحاسماً في التوصل إلى هذا الاتفاق.
-عند مقارنة الاتفاق بالمبادرات التي الكثيرة التي سبقته، نجده الأفضل خاصة فيما يتعلق بإبعاد المؤسسة العسكرية عن إدارة الدولة، فضلا عن تحديد هياكل الدولة بأن تكون مدنية، وتضمينه بعض القضايا المرتبطة بالسلام وإعادة تقييم وتقويم اتفاق جوبا، وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية.
حجج المعارضون:
1. هي منهجية الحوار، حيث يقولون إنه كان ثنائياً بين المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير والمؤسسة العسكرية التي يصفها بعضهم بأنها امتداد للجنة الأمنية ونظام عمر البشير وهي تمثل الانقلاب الذي حدث في 25 أكتوبر.
2. هناك قوى معارضة أخرى تنادي بالتغيير الجذري وتقول إنه لا تفاوض ولا شرعية ولا مساومة، وتعول على الشارع في تغيير النظام برمته.

المهددات التي تواجه الإطاري:
1. تعدد المنظومات الأمنية والعسكرية كالدعم السريع والجيش، بالإضافة إلى قوى الكفاح المسلح (الحركات المسلحة) ، فحتى الآن تقف المؤسسة العسكرية عاجزة عن توحيد هذه القوى في جيش واحد.
2. تعارض مصالح المنظومات المسلحة سيُصعّب مهمة دمجها في جيش واحد وربما ترفض ذلك.
3. تشظي القوى المدنية (الأحزاب السياسية والمجتمع المدني)، بسبب الصراع بين المصالح الحزبية والمصالحة الوطنية العامة.

مواقف الرافضين للإطاري:
– جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة التي رفضت على التوقيع عليه، وصف الاتفاق بأنه صناعة خارجية خالصة.
– قال القيادي في الكتلة الديمقراطية، علي عسكوري، إن الإطاري فرضته اللجنة الرباعية الدولية المكونة من السعودية والولايات المتحدة والإمارات وبريطانيا على السودان، حيث ترغب بالمجيء بحكومة “عميلة لها.
– الحزب الشيوعي وحزب البعث الاشتراكي ولجان المقاومة التي دعت لمناهضة الاتفاق واسقاطة.

المبادرة المصرية:
“لا يعلم عنها الكثير، محض تسريبات”
زيارة اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة بجمهورية مصر العربية إلى السودان الإسبوع الماضي والتقائه بالبرهان بحضور الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، مدير جهاز المخابرات العامة السودانية، حيث تواترت الأخبار عن قبول البرهان مبادرة حملها رئيس المخابرات عباس كامل، الذي التقي أيضاً قيادات من قوى الحرية والتغيير -الكتلة الديمقراطية- برئاسة جعفر الميرغني، نائب رئيس حزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، وزعيم حركة العدل والمساواة، وزير المالية، جبريل إبراهيم، وبعض أطراف المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير الموقع على الاتفاق الإطاري، حيث التقى رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، ونائب رئيس حزب الأمة القومي، مريم الصادق.
فيما رشحت أخبار عن موافقة البرهان والكتلة الديمقراطية وتحفظ المجلس المركزي على المبادرة.

https://alshamsnews.com/2022/11/%d9%87%d9%84-%d9%8a%d9%86%d9%87%d9%8a-%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b3%d9%83%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%86%d9%8a%d9%8a%d9%86-%d8%b5%d8%b1%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84.html

هل ينهي تقارب العسكر والمدنيين صراع السلطة بالسودان؟

كشفت تقارير صحفية عن انفراجة قريبة قد تشهدها الأزمة السودانية وذلك بعد مرور عام من الاحتجاجات الشعبية عقب انقلاب المكون العسكري الحاكم على المكون المدني والإطاحة بحكومة عبد الله حمدوك.
وأعلنت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) السودانية الأربعاء 16 نوفمبر/ تشرين الثاني أنها توصلت الى اتفاق مبدئي، مع المؤسسة العسكرية يضع ضمانات لتشكيل حكومة مدنية بالكامل.
وبحسب وسائل إعلام فقد جاء في بيان صدر عقب اجتماع المجلس المركزي لـقوى الحرية والتغيير: “بعد دراسة مستفيضة أقر المجلس المركزي بالإجماع تصورا بعنوان “نحو عملية سياسية ذات مصداقية وشفافية تنهي الانقلاب وآثاره وتكمل مهام ثورة ديسمبر المجيدة”. وكشف البيان عن أن الاتفاق الإطاري سيوقع مع المكون العسكري في غضون عشرة أيام فيما يوقع اتفاق تفصيلي ونهائي بعد حوالي شهر.
يأت هذا فيما حذر خبراء من إجتزاء الأزمة السودانية وتصويرها على أنها مجرد خلاف سياسي بين المدنيين والعسكر .
وشدد الخبراء على ضرورة وجود مراقبة دولية وضغوط من المجتمع الدولي على المكون العسكري الحاكم من أجل الالتزام بتسليم السلطة للمدنيين، محذرين من تحول الاتفاق لهدف شكلي فى حد ذاته دون متابعة نتائجه بحسب تقرير لوكالة هاوار.

تسوية معطوبة
ويري الباحث السوداني عباس صالح أن الأزمة السياسية في البلاد أعمق من ثنائية عسكري – مدنيين وبالتالي أي تسوية تقوم على هذا الأساس سوف تؤدي إلى إعادة إنتاج التجربة السابقة، كما ستكرس أيضا لاستدامة الصراع المؤدي للفراع السياسي في البلاد.
وقال صالح أنه رغم أن ما تسمى بالرباعية الدولية تعتبر الوسيط بين المكون العسكري والمجموعات المدنية ولكنها مع ذلك لن تكون ضامنا لتحقيق النجاح أو التسوية المرتقبة خاصة انطلاقها من رؤية تبسيطية ترى أن مجرد الجمع بين شركاء السلطة بعد سقوط البشير كفيل بإنهاء تلك الأزمة وتستخدم في ذلك الترغيب والترهيب للجمع بين دوائر صغيرة لا يمكنها احتكار الشرعية السياسية والاضطلاع بمهام انتقالية تتطلب شرعية شعبية أوسع وأكبر.
ويري صالح أن التسوية التي تعمل الرباعية على إخراجها من خلال شراكة جديدة بين العسكر والمدنيين ستكون تسوية “معطوبة” تحوز على الشرعية من الخارج ولكن ستغرق في مشكلات وتعقيدات الداخل وأن الفترة الانتقالية ستكون مضطربة على كافة الأصعدة.

مآزق وجودي
من جانبها تري الباحثة المصرية بالشؤون الإفريقية د.فريدة البنداري نائب مدير المركز العراقي-الإفريقي للدراسات الإستراتيجية انه بعد ثلاث سنوات ونصف من إطاحة الجيش السوداني بالحاكم السلطوي عمر البشير ، استجابة الى الاحتجاجات الحاشدة ، تعمل القيادة العسكرية الحالية والانقسامات بين الفصائل السياسية على تأخير العودة إلى حكومة مدنية منتخبة.
وقالت فريدة إن السودان يعيش الآن في مأزق سياسي وجودي حقيقي ، وبالتالي للخروج من هذا المأزق يحتاج إلى تشخيص دقيق لما يحدث خاصة فى ظل وجود تحديات اقتصادية أساسية ناجمة عن سنوات من سوء الإدارة عبر ثلاثون سنة ونيف ، فضلا أن الاقتصاد انكمش بشكل حاد منذ عام 2015، ولا تزال فرص العمل والسلع اليومية نادرة ، وقد بلغ التضخم 400٪ ومن المتوقع أن يتضخم الدين الوطني ستة أضعاف إلى 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2025.
وبحسب الباحثة فى الشؤون الإفريقية فإنه رغم الإعلان عن بنود الاتفاق الجديد بين القوي المدينة والمجلس العسكري إلا إن الوضع في السودان لا يزال شديد التقلب مع إمكانية وجود مسارات متباينة متعددة، لافتة إلي أن هذه المسارات ستعتمد على المباحثات التي يجريها القادة العسكريون والمدنيون المعنيون وكذلك ردود الجهات الخارجية الرئيسية.
وحول مدي إمكانية التزام المكون العسكري باتفاقه مع المدنيين، أكدت أن السودان شهد أكثر من إنقلاب للمكون العسكري على المرحلة الانتقالية، ولم يكن انقلاب 25 أكتوبر الذى أطاح بحكومة حمدوك أول انقلاب للمكون العسكري على المرحلة الانتقالية، فقد سبق و حدث انقلاب بعد مجزرة فض الاعتصام أمام القيادة العامة في 3 يونيو 2019 عندما استولى العنصر العسكري على السلطة.
وأشارت إلي ان هذا المشهد يسلط الضوء على عدم التزام الجيش بالتحول الديمقراطي خاصة أن الحكومات العسكرية قادت السودان منذ الاستقلال في عام 1956 ما عدا 10 سنوات لذا فإن التخلي عن هذا الأمر صعب.
تحديات صعبة
وتري نائب مدير المركز العراقي-الإفريقي للدراسات الإستراتيجية أن هناك تحديات تواجه إتمام هذا الإتفاق أهمها وجود أزمة ثقة وقليل من الألفة بين القادة المدنيين والعسكريين ، كما يواجه التحالف المدني الذي يعكس خلفيات متباينة الكثير من الانقسامات والاتهامات بأنه لم يمثل بشكل كافٍ مصالح المناطق الطرفية في السودان.
كما إن أن الانتقال إلى الحياة المدنية يشوبه التعقد والصعوبة بسبب التنافس داخل قطاع الأمن السوداني ، لا سيما بين القوات المسلحة السودانية بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان حميدتو.
واعتبرت فريدة أن وجود فصائل أمنية مسلحة متعددة تمارس السلطة المنفصلة عن النظام هو برميل بارود لعملية الانتقال من الحياة العسكرية إلي الحياة المدنية.
وتوقعت الباحثة المصرية أن يؤدي اقتراح مشاركة الجماعات المتمردة التي بقيت في الحكومة بعد الانقلاب، والأحزاب السياسية من خارج قوى الحرية والتغيير التي شاركت في كتابة مسودة الدستور، والجماعات النقابية والاحتجاجية كمكونات داخل تشكيل النظام السياسي الجديد لانتقادات من جماعات الاحتجاج .
الضغط الدولي
وحول مدي إحتمالية نجاح الإتفاق، شددت أن الضمانات لنجاح أي اتفاق سوداني ، هو مشاركة دولية منسقة ومستدامة وعالية المستوى، لافتة إلي أن كلمة وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن تمثل نموذج الضغط الدولي ، إذ قال في تغريدة على تويتر في وقت سابق ” إن انقلاب الجيش السوداني على حكومة بقيادة مدنية تقويض تطلعات الشعب السوداني الديمقراطية “. في نفس الوقت دعت 13 دولة و الاتحاد الأوروبي والآلية الثلاثية ، إلى ضرورة تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية في السودان، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لإجراءات استثنائية فرضها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان.
وأضافت: تحيي هذه الردود مجتمعةً بعض الآمال بإرغام المؤسسة العسكرية على البعد عن المشهد السياسي في الدولة والسماح بعودة الحكومة المدنية إلى السلطة بطريقة سلمية.
وشددت على ضرورة قيام الجهات الداعمة للانتقال الديمقراطي في السودان، سواء في الداخل أو الخارج، ببذل جهود أكبر من مجرد السعي لإعادة الوضع القائم السابق من أجل معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمظالم المناطقية التي هي أساس الأزمة السياسية في البلاد؛ ولكن الأكثر إلحاحًا هو اتخاذ خطوات جريئة لوضع العلاقات المدنية العسكرية على مسار جديد.

https://alshamsnews.com/2022/11/%d9%8a%d8%b3%d8%a8%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%87%d9%8a%d8%a7%d8%ac-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b4%d9%86%d8%ac-%d9%88%d8%a8%d8%a7%d8%a1-%d9%85%d8%b1%d8%b9%d8%a8-%d9%8a%d9%86%d8%aa%d8%b4%d8%b1-%d8%a8%d8%a7.html

Exit mobile version