بدأ الناخبون في تركيا التوجه إلى صناديق الاقتراع، صباح اليوم الأحد، للإدلاء بأصواتهم في انتخابات برلمانية ورئاسية محورية يتوقع أن تشهد منافسة شديدة، وقد تكون أكبر تحد يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال عقدين من حكمه. والمنافس الرئيسي لأردوغان هو كمال كليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، الذي يحظى بدعم تحالف أحزاب معارضة.
ويدلي اليوم حوالي 60 مليون تركي بأصواتهم لانتخاب رئيسهم الثالث عشر، وكذلك أعضاء البرلمان المؤلف من 600 مقعد.
وينقسم مؤيدو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بين من سيصوت له اقتناعا برؤيته، وبين من سيقترع له لغياب بديل مقنع.
تأمين الانتخابات
من جهته، قال وزير الداخلية التركي إن نحو 601 ألف فرد أمن يشاركون في تأمين الانتخابات.
وتغلق في الخامسة مساء (1400 بتوقيت غرينتش). وبحلول ساعة متأخرة من مساء الأحد، من المتوقع أن تتضح مؤشرات حول ما إذا كان سيتم إجراء جولة إعادة. فإذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50 بالمائة من الأصوات، فسيذهب السباق الرئاسي إلى جولة إعادة في 28 مايو.
بدوره، أكد رئيس المجلس الأعلى للانتخابات اتخاذ جميع الإجراءات من أجل انتخابات صحية وآمنة. ووُصف الرابع عشر من مايو بـ”مهرجان للديمقراطية”، داعياً المواطنين المؤهلين للتصويت على الذهاب والإدلاء بأصواتهم. كذلك أبدى أمله في إعلان النتائج غير النهائية في اليوم نفسه كما في الانتخابات السابقة.
ودخلت تركيا، مرحلة الصمت الانتخابي اعتباراً من الساعة السادسة مساء السبت، عشية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وكثّفت الأحزاب السياسية من دعايتها الانتخابية قبل بدء الصمت الانتخابي، في محاولة أخيرة لكسب أكبر عدد من الأصوات.
تقدم المعارضة
في موازاة ذلك، تظهر أحدث استطلاعات للرأي نتائج متقاربة بشكل متكرّر لكن مع تقدّم للمعارضة. وحتى إذا اضطر أردوغان لخوض دورة ثانية، سيكون ذلك سابقة بالنسبة إليه لأنه اعتاد الفوز منذ الدورة الأولى.
والجمعة، وعد أردوغان الذي نجح في الفوز عبر صناديق الاقتراع منذ 2003، باحترام نتيجة الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي دُعي للمشاركة فيها 64 مليون ناخب، ولكن ليس من دون أن يصف أي سؤال حول هذه النقطة بأنه “غبي تمامًا”.
يُذكر أن نحو مليون و800 ألف تركي صوّتوا في الخارج، وسيتم عد أصواتهم مع بقية الأصوات بعد إغلاق صناديق الاقتراع غدا.
في ظل اقتراب الانتخابات التركية المقررة في 14 مايو (أيار)، تثير التصريحات التهديدية المتزايدة والصادرة عن الجانب الحاكم عديداً من الأسئلة والتساؤلات حول ما إذا كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيتنحّى في حالة خسارته الانتخابات.
وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قد أعلن أنه سيقبل النتيجة أياً كانت.
وقال في مقابلة تلفزيونية مساء أمس الجمعة إن الحزب الحاكم وحلفاءه “سيعتبرون أي نتيجة في صناديق الاقتراع شرعية”، وسيفعلون “كل ما تتطلبه الديمقراطية”، وفق “بلومبيرغ”.
ورغم تصريحات أردوغان ألا إن معسكر المعارضة تتخوف من تصريحات سابقة للرئيس ومعاونيه تظهر نواياهم حال خسارة الانتخابات.
وفي مقال له، حذر المعارض التركي تورغوت أوغلو من نوايا الرئيس أردوغان، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس حزب العدالة والتنمية، خاصة مع وجود تصريحات تحمل في طياتها تهديداً.
رسائل أردوغان
وأشار أوغلو بحسب جريدة اندبندنت عربية إلي أن أردوغان لاستكمال تهديداته الكلامية أخذ يلتقط صوراً بزي عسكري يشبه زي الطيارين، ووضع صورته كمقاتل طيار في ملفه الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار الكاتب إلي أن الرئيس التركي اتهم المرشح عن الائتلاف الجمهوري منافسه كمال كليتشدار أوغلو، بدعم حزب العمال الكردستاني، وهي تهمة لا أساس لها.
تهديدات خلوصي وصويلو
وفي السياق نفسه، أكد وزير الدفاع خلوصي أكار أمام جمهوره عندما هتفوا له: “إن قلت لنا اضربوا فسنضرب، وإن قلت لنا موتوا فسنموت”، فأجاب “سيأتي الوقت الذي يأتي فيه دورهم”. كما وصف وزير الداخلية، سليمان صويْلو، أيّ تغيير محتمل في السلطة عقب انتخابات 14 مايو بأنه “انقلاب”.
وتابع : بالنظر إلى هذه التطورات، يتساءل كثيرون عما إذا كان الرئيس أردوغان سيتخلّى عن السلطة إذا فشل في الانتخابات؟ والجواب، أنني لست قلقاً من ذلك، ففي نهاية المطاف، إذا خسر في الانتخابات، فمن المرجح أنه سيغادر الحكم.
الخروج من السلطة
لكن، هذا لا يعني أن ذلك سيكون سهلاً سلساً، بل لا تزال هناك بعض المخاوف قائمة بسبب وجود مجموعات مسلحة قريبة من حزب العدالة والتنمية وكذلك حليفه الجديد حزب “هُدا بار” (حزب الله). وبالتالي فإن خسارة أردوغان الانتخابات قد تؤدي، بحسب بعض المحللين، إلى حدوث اضطرابات وصراعات داخلية في الحكومة.
ومع ذلك، لا أتوقع أن تنضم الغالبية العظمى من مؤسسات الدولة إلى هذا السلوك الأحمق، بل ستلتزم غالبية المؤسسات القانون، وتؤدي مهامها بشكل سلمي. لكن إذا تورّطت في الفوضى والعنف، فإن الوضع سيتطور إلى مستوى أخطر وأكثر تعقيداً.
وبحسب أوغلو فإنه “في حالة وقوع هذا السيناريو، من المحتمل أن تتعرض تركيا لأزمة كبيرة تبلغ مستوى الفوضى والانهيار الاجتماعي.
مضيفا ” لا أتوقع أن تعرّض الجماهير من الشعب نفسها للخطر بسهولة من أجل حكومة خاسرة في الانتخابات. وبالأخص بعد سنوات من الاستياء وفرصة الحصول على تغيير في السلطة، سيكون رد فعل المعارضة الشعبية قاسياً، وستتعقد الأوضاع في تركيا، بالتالي لن نتوقع من المعارضة رد فعل هادئاً إذا لم يتم احترام نتيجة الانتخابات”.
وأضاف المعارض التركي فى مقاله ” بالنسبة إلى التهديدات التي تأتي من جانب حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان أرجح تفسيرها على أنها حالة من الذعر والقلق بدلاً من التهديد. ولذلك أعتقد أن رجب طيب أردوغان من خلال ارتداء الزي العسكري يرغب في إيصال رسالة ترمز إلى سياسة أمنية وانضباطية، حيث يرى نفسه يمثل هذه السياسة، ويتحكّم في الجانب العسكري بوصفه القائد الأعلى. والملاحظ أنه في هذه الانتخابات، لا يقدم أردوغان أي وعود تتعلق بمستقبل البلاد، بل يظهر في موقف الدفاع أكثر منه في الهجوم.
من ناحية أخرى،بحسب أوغلو يُعد هتاف “إن قلت لنا اضربوا فسنضرب، وإن قلت لنا موتوا فسنموت” شعاراً معروفاً في بلدنا، ويعود إلى الجماعات اليمينية والقومية والفاشية. وعلى رغم أنه قد يُفترض أن إطلاق مثل هذا الشعار يشكل تحدياً سياسياً، فإن القيادة العليا في سلك الدولة عادةً لا تعطي أهمية كبيرة لمثل هذه الهتافات الحماسية. على الأقل، هذا هو الاعتقاد الراسخ عندي. لذلك، أنا واثق بأن التهديدات التي تصدرها الحكومة ليست بسبب قوتها، إنما منبعها قلقها.
وأضاف: أصبحنا بين الفينة والأخرى نسمع عبارات مثل “إذا تغيرت الحكومة في 14 مايو…”، و”إذا خسرنا في 14 مايو…” من قبل أنصار الحزب الحاكم، وتعكس هذه العبارات حالة قلق وخوف متزايد، وحتى اعتقاد، ينمو بداخلهم تجاه الخسارة المحتومة. عند قراءتنا لهذه العبارات، يبدو أن هناك في المجتمع اتجاهاً واضحاً نحو التغيير. وتوجد أيضاً محاولات لمنع هذا التغيير. يقولون “هذه الحكومة قوية جداً وصحيحة، وهي تقود تركيا نحو الاستقلال والمستقبل بقوة، وإذا رحلت أو خسرت الانتخابات، فسيكون ذلك ضربة دستورية ضد تركيا”. يعكس هذا القول من جانب رؤية داخلية بدأت في التوجس من مجرى الأحداث، لكن تحمل هذه التصريحات في جانبها الآخر طابعاً تهديدياً يهدف إلى تقويض معنوية المعارضة الشعبية. إضافة إلى ذلك، يكشف تصريح وزير الداخلية سليمان صويلو عن وجهة نظره التي تفتقر إلى فهم الديمقراطية. يعتبر صويلو التقارب بين الأطياف السياسية المختلفة ومساعي تركيا لتحقيق تطور نحو أن تصبح دولة أكثر ديمقراطية، وتجميع القوى وتوحيدها لتحقيق تغيير في السلطة عبر الانتخابات، على أنه “انقلاب على الديمقراطية”.
سيناريو اسطنبول
وقال : عندما نأخذ في الاعتبار انتخابات إسطنبول في عام 2019، فإن الحكومة ألغت الانتخابات التي خسرتها، لكنها خسرت في المرة الثانية بفارق أكبر. بالطبع، ستطعن الحكومة هذه المرة أيضاً في نتائج الانتخابات، وتضغط لإعادة إجراء الانتخابات.
ويعتقد أوغلو : إنهم سيحاولون التلاعب في الانتخابات أو التدخل في نتائج الانتخابات التي سيكون الفارق بين المرشحين قريباً جداً، وذلك باستخدام القوة القانونية وقوة السلطة والسيطرة على المؤسسات، وسيقومون بالاعتراض والمحاولة في ذلك.
ومع ذلك، يري أوغلو أنه يجب أن لا ننسى أيضاً أن تركيا مرّت بفترة طويلة من الاعتراض السياسي، وصناديق الاقتراع هي الوسيلة الوحيدة التي يستخدمها الناخبون للتعبير عن آرائهم. آمل في أن يكون الفارق بين المرشح الفائز ومنافسه كبيراً بحيث يُحسم الموضوع، ولا يترك مجالاً للجدالات الفارغة. فإذا تجلت الاعتراضات بقوة وفازت المعارضة بفارق ملحوظ ستتلاشى تلك المناقشات.
وختم أوغلو مقاله بقوله ” أخيراً، أود التذكير بأننا كنا نقول “لن يشارك أردوغان في انتخابات غير محسومة النتائج”. وها هو يشارك. فماذا سيفعل إذا لم يشارك؟ هل سيُلغي الانتخابات؟ وكنا نقول أيضاً: “مهما كان الأمر فإنه سيفوز”. لكنه خسر في إسطنبول وأنقرة، ولم يستطع تغيير النتائج. الآن نقول: “إذا خسر الانتخابات، لن يغادر”. لا، إن قوته نابعة من كونه آخذاً بزمام السلطة، وإذا خسر، فلن يقف بجانبه أحد، وإذا نشبت الفوضى فسيغادر”.
قبيل يومين من الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تركيا، والتي وصفت بالمصيرية بعد عقدين على تسلم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان وحزبه دفة الحكم في البلاد، أظهر آخر الاستطلاعات تقدما لمنافسه كمال كيليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري.
فما الذي قد يتغير في البلاد يا ترى بحال فاز تحالف المعارضة، لاسيما أنه وعد سابقاً بقطيعة مع عقدين من إرث أردوغان؟
تشي الوعود التي أطلقها كيليتشدار أوغلو وتحالف المعارضة عامة الداعم له بما يلي من تغييرات يسعى إلى تحقيقها في البلاد بحال فاز بالرئاسة والبرلمان:
عودة إلى اللعبة الديمقراطية
“جمهوريتنا ستتوج بالديمقراطية” هكذا وعد مرارا كمال كيليتشدار أوغلو مرشح التحالف الوطني للرئاسة ناخبيه ومؤيديه، مؤكدا أنه يريد إنهاء “نظام الرجل الواحد”، وهي صيغة يكررها للتنديد بتركز السلطات بين يدي الرئيس.
وفي برنامجه الواقع في 240 صفحة، وعد التحالف الذي يضم ستة أحزاب بالتخلي عن النظام الرئاسي الذي اعتمد عام 2018 والعودة إلى فصل صارم بين السلطات مع “سلطة تنفيذية تحاسب” على قراراتها.
بمعنى آخر تسعى المعارضة للعودة إلى نظام برلماني توكل فيه صلاحيات السلطة التنفيذية إلى رئيس وزراء منتخب من البرلمان.
فيما اعتبرت برتيل أودر، أستاذة القانون الدستوري في جامعة كوش في إسطنبول، أن “تغيير النظام لن يكون سهلا بسبب السقف البرلماني المرتفع جدا البالغ 3/5 اللازم للمراجعات الدستورية”، بحسب ما نقلت فرانس برس.
حريات وقضاء مستقل
إلى ذلك، تَعهدت المعارضة سابقا بإرساء “قضاء مستقل ونزيه” والإفراج عن العديد من السجناء السياسيين، ومن بينهم بطبيعة الحال صلاح الدين دميرتاش الشخصية الرئيسية في حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد والعدو اللدود لأردوغان، والمسجون منذ عام 2016 بتهمة “الدعاية الإرهابية”.
كما تسعى المعارضة لإحياء حرية التعبير وحرية الصحافة، وإلغاء جريمة “إهانة الرئيس” التي جعلت من الممكن خنق الأصوات المعارضة.
الدفاع عن “كل النساء”
إلى ذلك، أكد رئيس حزب الشعب الجمهوري (وهو حزب علماني) أنه سيضمن إدراج وضع الحجاب ضمن القانون بهدف طمأنة الناخبات المحافظات اللواتي يخشين أن يقوم حزبه المعروف تاريخيا بمعارضته للحجاب، بتغيير المكتسبات التي تحققت في ظل رئاسة أردوغان.
وقال في أحدى خطاباته “سندافع عن حق كل النساء” متعهدا أيضا باحترام “معتقدات ونمط حياة وهويات كل فرد”.
كذلك، أكد كمال كيليتشدار أوغلو أيضا رغبته في إعادة تركيا إلى اتفاقية إسطنبول التي تفرض ملاحقة منفذي أعمال العنف ضد النساء والتي انسحبت منها أنقرة في 2021.
ماذا عن الاقتصاد؟
أما بالنسبة للاقتصاد، وهي المسألة الأهم في البلاد، فقد تعهدت المعارضة بالقطيعة مع سياسة أردوغان الذي، خلافا لكل النظريات الاقتصادية الكلاسيكية، دأب على خفض نسب الفوائد رغم التضخم الذي يفوق نسبة 50%.
وأكد التحالف الوطني أنه سيعيد التضخم إلى “دون نسبة العشرة بحلول عامين” وأنه “سيعيد لليرة التركية مصداقيتها” بعدما خسرت حوالي 80% من قيمتها في خمس سنوات مقابل الدولار.
لكن إردال يالتشين أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة كونستانس (ألمانيا) رأى أن “أياً كان الفائز في الانتخابات، فمن غير المرجح أن يتعافى الاقتصاد التركي بسرعة”.
دبلوماسية هادئة!
وفي ما يتعلق بالعلاقات الخارجية، تسعى المعارضة للوصول إلى “عضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي” كما قال أحمد أونال تشفيكوز المستشار الخاص لكمال كيليتشدار أوغلو.
إلا أن دبلوماسيين ومراقبين لا يتوقعون حصول تقدم على المدى القصير أو المتوسط.
كذلك تريد إعادة تأكيد مكانة البلاد داخل حلف شمال الأطلسي مع الحفاظ على “حوار متوازن” مع روسيا، وذلك إدراكا منها أن أنقرة أزعجت حلفاءها في الحلف من خلال إقامة علاقة مميزة مع موسكو منذ عام 2016.
لكن الأولوية، بحسب تشفيكوز ستكون إعادة العلاقات مع سوريا، معتبرا أن المصالحة حتمية من أجل ضمان عودة 3,7 مليون لاجئ سوري يقيمون في تركيا، “على أساس طوعي” وفي غضون أقل من عامين. وهو وعد يثير قلق المدافعين عن حقوق الإنسان.
إذا كل تلك الوعود أو المشاريع على جدول كمال كليتشدار أوغلو إن فاز!
اعتبرت مجلة “ناشيونال انترست” الأمريكية، أن الانتخابات التركية في 14 آيار/مايو الحالي، أحد أهم الانتخابات في العام 2023، متناولة سيناريوهات محتملة بما في ذلك احتمال خسارة الرئيس رجب طيب أردوغان والتي قالت المجلة إن “اياما مضطربة” ستكون عندها بانتظار الأتراك، بعد 20 عاما من حكمه.
وبعدما وصفت المجلة الامريكية الانتخابات بانها تجري في دولة شديدة الأهمية، وأن المتنافسين فيها يطرحون حلولا ومقاربات مميزة للتعامل مع التحديات المقبلة، قالت إن من بين احتمالات النتائج، خسارة أردوغان وحزبه العدالة والتنمية.
أيام مضطربة
وأضافت المجلة في تقرير لها أن “الأيام المضطربة تنتظر تركيا في حال هزم أردوغان بعد 20 عاما من حكمه، لأن النظام السياسي التركي منقسم ومستقطب بحدة وبحاجة إلى خارطة طريق محددة جيدا من أجل الانتقال السياسي”.
وبالإضافة الى ذلك، لفت تقرير المجلة إلى أن التغييرات السياسية الهيكلية التي تعهد بها ائتلاف المعارضة بقيادة حزب الشعب الجمهوري ورئيسه كمال كيليتشدار اوغلو، تعكس تحولا كاملا في النظام.
وبحسب التقرير الأمريكي فإن عملية انتقال محتملة كهذه، ستكون صعبة اذ ان الحكومة الجديدة ستواجه ثلاث مشاكل فورية: الاقتصاد، ووضع مؤسسات الدولة، والحكم في ظل الفوضى على جميع مستويات المجتمع والسياسة، مضيفا أن الأكثر إلحاحا يتعلق بالوضع الاقتصادي السيء الذي تفاقم بسبب زلزال 6 فبراير/شباط المدمر، وأنه يتحتم على الحكومة أن تطرح سريعا حزمة مالية لمعالجة معدل التضخم المرتفع وانخفاض قيمة الليرة، وتعالج خسارة الثقة بالاقتصاد التركي، مشيرا إلى أن تكلفة الزلزال تقدر بما بين 8 و 12 % من الناتج المحلي الإجمالي.
لكن التقرير اشار الى ان “الخبر السار” هو أن قاعدة التصنيع التركية قوية، لكنها بحاجة الى مضاعفة جهودها لزيادة وتنويع صادراتها، على الصعيد الجغرافي اولا، وثانيا جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، للاستفادة من الموقع المميز لتركيا واستمالة بعض أنواع الاستثمارات “الداعمة من الأصدقاء”، لكن اموال اعادة الهيكلة وهي حاجة كبيرة لتركيا، ربما تأتي بشكل أساسي من الولايات المتحدة وأوروبا.
انتقال السلطة
أما التحدي الثاني في حال فاز المعارضون بالانتخابات، فقد قال التقرير إنه يتعلق بتحقيق انتقال لا مثيل له في تاريخ تركيا الحديث، وذلك لأنه خلال فترة حكمه، فإن أردوغان، السياسي الشعبوي الاستبدادي الماهر، أخضع كل مؤسسة تابعة للدولة ومجتمعية لسيطرته، من النظام القضائي إلى البنك المركزي والجامعات الحكومية ومعظم الصحافة والبرلمان والجيش والبيروقراطية.
إلا أن التقرير أكد انه لا يمكن المضي قدما بأي موضوع من دون إعادة ترسيخ سيادة القانون لأنه ليس بالإمكان جذب الاستثمارات في بيئة يتم فيها انتهاك القواعد القانونية بشكل مستمر، مضيفا أنه يجب وضع خطة عمل لإعادة بناء الثقة في المؤسسات.
أما المهمة الثالثة فتتعلق باقامة هيكل حكم متماسك يضم مجموعة متباينة بالكامل من الحلفاء في التحالف والشركاء الخارجيين من أجل معالجة القضايا المثيرة للانقسام التي تفرق بينهم، مضيفا أنه من المتوقع أن يكون التركيز على تطبيق تعهدات المعارضة بالعودة الى النظام البرلماني وإلغاء النظام الرئاسي، وهي مهمة وصفها التقرير بأنها ضخمة وتتطلب تخطيطا ونقاشا دقيقا وبضع سنوات لكي تنجز.
الرئيس الانتقالي
ووصف التقرير زعيم المعارضة كليجدار أوغلو بانه حسن النية لكنه لا يتمتع بالخيال وخلفيته بيروقراطية، وبرغم ذلك فقد تخطى كل التوقعات من خلال إدارة حملة ذكية تعتمد الهدوء وتجنب المواجهة، وهو ما يشكل تناقضا كبيرا مع خطاب أردوغان، فيما قدم كليجدار أوغلو نفسه على أنه بمثابة الزعيم الانتقالي المثالي.
وتساءل التقرير عما إذا كان أردوغان، في حال خسر، سيعمد إلى محاولة نزع الشرعية عن الانتخابات، مذكرا بأن أردوغان سبق له القيام بذلك عندما خسر حزبه رئاسة بلدية إسطنبول في العام 2019 حيث وجد ذريعة من اجل إعادة الانتخابات المحلية، لكن ذلك تسبب بنتائج عكسية عليه حيث صوت سكان اسطنبول بأعداد أكبر بكثير لمعارضته.
حصانة أردوغان
واضاف التقرير انه من اجل ضمان تحقيق انتقال سلمي، فإن الحكومة القادمة قد ترغب بالتفكير في إبرام تفاهم مع أردوغان وعائلته يمنحهم الحصانة وتعهد بأنه لن يتم التعرض لهم، شريطة ألا يتدخل في جهود الحكومة القادمة لتشكيل ادارة جديدة للبلاد.
الى ذلك، توقع التقرير أن يركز الحكم الجديد على تطوير العلاقات مع الغرب، بالنظر الى القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المحلية الضخمة، إذ تحتاج تركيا بشدة الى دعم الغرب لتمويل جهود إعادة الإعمار الضخمة بعد الزلزال وتحقيق استقرار اقتصادي.
وفي هذا الإطار، ذكر التقرير أنه على رأس جدول الأعمال طلب السويد الى حلف الناتو الذي منعته حكومة أردوغان لان ستوكهولم رفضت تسليم ما يسمى بـ “الإرهابيين”. وتابع أن المسألة لا تتعلق فقط بأن المعارضة لديها وجهة نظر مختلفة إزاء هذه القضية، إلا أن يسار الوسط التركي كان تقليديا لديه وجهة نظر إيجابية إزاء السويد.
السياسة الخارجية
وتوقع التقرير حدوث تغيير كبير في السياسة الخارجية، لكنه ذكر بأن يسار الوسط التركي لديه مواقفه القومية، وان كليجدار أوغلو بمجرد توليه السلطة سيواصل التمسك بالقضايا التقليدية التي كانت السمة المميزة للسياسة الخارجية التركية، مثل قبرص وبحر إيجة، لكن أسلوب أردوغان المشتبك، لن يكون موجودا.
ولفت التقرير إلى أنه منذ وقوع الزلزال، قام سلاح الجو التركي بإيقاف مهمات التحليق فوق الجزر اليونانية حتى لا يثير استعداء المانحين الغربيين.
وبالاضافة الى ذلك، فان كليجدار أوغلو سيدفع باتجاه اعادة العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد ، خاصة اذا كان ذلك سيؤدي الى عودة بعض اللاجئين السوريين.
وأشار التقرير إلى انه من المحتمل أن يؤدي “التقارب” الأخير بين السعودية وإيران والجهود الواضحة لإعادة دمج الأسد من قبل دول الخليج، الى محاولة إنهاء المأزق السوري. مع بقاء الأسد في السلطة، وأن الرياض وطهران قد تتفقان على تكريس الوضع الحالي شريطة أن يقدم النظام بعض التنازلات.
وتابع التقرير ان تركيا، بالنظر الى دعمها للمعارضة السورية ووجودها العسكري في شمال سوريا، فإن انخراطها في هذا الوضع يساعد في ضمان نجاح هذا الاتفاق، مضيفا انه من المرجح أن تتوصل واشنطن وأنقرة الى اتفاق حول وجود القوات الأمريكية المتمركزة في شمال سوريا التي تشارك الكرد المحليين في القتال ضد داعش، وهي قضية كانت تثير التوتر بين واشنطن وأنقرة.
حذر خبير الزلازل الياباني، يوشينوري موريواكي، من وقوع زلزال بقوة 6.8 درجة على مقياس ريختر في مدن بورصة وإسطنبول التركيتين، قد يعقبه تسونامي عارم يغرق المنطقة.
ووفق موقع “Usak Gündemi” التركي، قال موريواكي: “هناك خطوط صدع داخل بحر مرمرة، بين يالوفا وسيليفري، لم يتم كسرها على بعد 20 كيلومترا من اسطنبول.. ونحن نتوقع أن تنكسر”،.
وأضاف: “إذا كسرت خطوط الصدع في هذه المنطقة، فقد يكون هناك زلزال بقوة 6.8 درجة، ولكن إذا كسروا عدة خطوط صدع معا أو كلها، فقد يحدث زلزال أعلى شدة”.
وصرح خبير الزلازل الياباني بأن الفرع الجنوبي يمر مباشرة تحت مدينة بورصة، وأن هناك أيضا خط صدع يمر عبر إزنيق، مضيفا “لكن قبل ذلك، يمكننا توقع بعض النشاط على خط الصدع الممتد من إنيغول إلى بورصة”.
وأردف قائلا: “150 عاما مرت على الزلزال المدمر.. إذا نظرنا إلى خطوط الصدع في غرب بانديرما، فهناك نقاط لم تنكسر منذ 250 عاما”، مشيرا إلى أنه من المهم أن تتم الإنشاءات الجديدة والبنايات وفقا لذلك.
وفي العام 2018، قال خبير ياباني إن تركيا قد تتعرض إلى زلزال قوي خلال السنوات المقبلة، وخاصة في محيط منطقة مرمرة، على غرار الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد عام 1999، وخلف آلاف الضحايا، واعتبر من أسوأ الكوارث في تاريخ تركيا الحديث.
أكد السياسي التركي الكردي المسجون، صلاح الدين ديميرتاش، والذي يعتبر من أشد المعارضين للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن أمام البلاد أمام فرصة كبيرة لإنهاء حكم حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الرئاسية والعامة التي سوف تجري في مايو القادم.
وكان ديميرتاش، الذي قاد الحزب حزب الشعوب الديمقراطي اليساري المناصر للأكراد، ثالث أكبر حزب في البلاد، قد حكم عليه بالسجن في العام 2016 بتهمة دعم الإرهاب.
وشدد الزعيم الكردي على أن معارضة موحدة تضم أنصاره يمكنها أن تمنع انحدار البلاد إلى “الديكتاتورية”، وفقا لما ذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية.
وقال ديميرتاش رداً على الأسئلة المقدمة له من خلال محاميه: “إذا فاز إردوغان في هذه الانتخابات، فستنتقل تركيا إلى نوع جديد من الديكتاتورية”.
وتابع: “تمكن إردوغان من البقاء في السلطة من خلال تقسيم المجتمع.. إن ذهاب المعارضة إلى صناديق الاقتراع وهي موحدة ليس مهما فقط للقضاء على هذا الاستقطاب ولكن للفوز بالانتخابات”.
وتشكل أصوات الأقلية الكردية في تركيا التي تعادل 18 في المئة من أصوات الناخبين دورا محوريا في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المحددة في 14 مايو.
ولم ينضم حزب الشعوب الديمقراطي الذي يحظى بدعم أغلبية الأكراد إلى التحالف السداسي الذي يقوده زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليشدار أوغلو، والذي يعد المنافس الرئيسي لإردوغان في انتخابات الرئاسة.
ومع ذلك رفض الحزب ترشيح أي شخص للانتخابات الرئاسية لتجنب تقسيم المعارضة، وفي هذا الصدد يقول ديميرتاش: “لا يوجد حزب لا يتلقى دعم الناخبين الأكراد قادر على الوصول على السلطة”.
وأردف: “سوف يكون صوت الأكراد حاسما في هذه الانتخابات”.
لكن ديميرتاش، الذي كان له تأثير على قوائم حزب الشعوب الديمقراطي من خلال التغريدات التي نشرها محاموه، قال إنه لم يقرر ما إذا كان سوف يدعم كليشدار أوغلوا في محاولته لإنهاء حكم إردوغان لمدة عقدين.
ويواجه الرئيس التركي أصعب اختبار له في محطات الانتخابات التي خاضها حتى الآن بسبب تداعيات آثار الزالزل المدمر الذي ضرب تركيا في فبراير الماضي.
ورغم ذلك تشير استطلاعات الرأي إلى أن كليشدار أوغلو سوف يفتقر إلى الأغلبية البسيطة اللازمة لحسم الانتخابات الرئاسية في الجولة الأولى، وبالتالي تعتبر أصوات مؤيدي حزب الشعوب الديمقراطي، بحسب بعض الخبراء، حاسمة في تلك الانتخابات.
وكان إردوغان قد وصف ديميرتاش بأنه “إرهابي” ورفض اتهاماته بأنه يحكم البلاد بطريقة استبدادية، مشيرًا إلى حزبه كان يفوز بالانتخابات بطرق ديمقراطية منذ العام 2003.
وتجاهلت تركيا قرارا من محكمة حقوق الإنسان الأوروبية صدر في العام 2020 ويقضي بضرورة الإفراج عن ديميرتاش، وهو محام سابق في مجال حقوق الإنسان، وقد جرت إدانته بسبب بعض الخطب السياسية التي غالباً ما كانت تستهدف إردوغان بسهام النقد.
وقدم حزب الشعوب الديمقراطي مرشحيه للانتخابات البرلمانية تحت راية حزب “اليسار الأخضر” لتجنب حظر محتمل في المحكمة الدستورية بسبب مزاعم دعمهم لمنظمة حزب العمال الكردستاني المصنفة على قوائم الإرهاب التركية والأوروبية.
ورفض تحالف المعارضة بقيادة كليشدار أوغلو احتضان مرشحي حزب الشعوب الديمقراطي رسميًا خوفا من خسارة أصوت قوميين أتراك يدعمونهم.
تجدر الإشارة إلى أن حزب العدالة والتنمية برئاسة إردوغان اعتاد أن يحصل على نحو ثلث أصوات الأكراد المحافظين، ولكن الاستطلاعات الأخيرة تشير إلى وجود فتور بينهم تجاه دعم ذلك الحزب ذي الجذور الإسلامية بعد أن شعروا أنهم خسروا الكثير من المكاسب السياسية والثقافية التي حصلوا عليها سابقا.
يمثل رفض وزير المالية التركي السابق، محمد شيمشك، الانضمام إلى إدارة رجب طيب أردوغان، أحدث انتكاسة سياسية للرئيس التركي، الساعي إلى تقوية فريقه قبل دخول غمار انتخابات ستشهد منافسة قوية شهر ماي المقبل.
وبعد اجتماع استمر لأزيد من ساعة في مقر حزب العدالة والتنمية بأنقرة، الثلاثاء، قال شيشمك، الذي يعد أحد أبرز الاقتصاديين التركيين، على تويتر، إنه لا يخطط للعودة إلى العمل السياسي بسبب انشغالاته مع المؤسسات المالية في الخارج، مبديا استعداده للمساعدة في مجال خبرته، إذا لزم الأمر.
وجاء قرار شيمشك بعد ساعات فقط من اختيار زعيم حزب إسلامي ناشئ عدم الانضمام إلى “تحالف الجمهور”، الذي يقوده حزب العدالة والتنمية، ويضم حزب الحركة القومية، وأحزاب أخرى، فيما نجح حزب أردوغان في تأمين دعم حزب هامشي آخر، تم تشكيله من قبل أعضاء جماعة حزب الله المحظورة.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيلجي بإسطنبول، إلتر توران، يوضح أن الرئيس “لم يكن ليحتاج للحصول على دعم الأحزاب الهامشية لو رأى أن فرصه في الفوز كبيرة”، مضيفا أنه بالرغم من أن من السابق لأوانه تقديم استنتاجات، إلا أنه للمرة الأولى يواجه الرئيس احتمالا جادا بالخسارة – إذا أجريت الانتخابات وفقا للقواعد”.
ويبرز تقرير لـ”بلومبرغ” أن من المرتقب أن يحظى مرشح المعارضة التركية، كمال كليجدار أوغلو، بدعم أكبر مجموعة سياسية غير منحازة في البلاد، حيث يتوقع أن يعلن حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، والذي يستحوذ على أكثر من 10 بالمئة من الناخبين، عن دعمه لمرشح المعارضة هذا الأسبوع.
وأدى ارتفاع معدل التضخم وعدم الرضا بشأن تصدي الحكومة للزلزال المدمر الذي وقع في فبراير، وأودى بحياة 48 ألف شخص على الأقل في تركيا، إلى جعل أردوغان وحزب العدالة والتنمية يواجهان أصعب تحد انتخابي منذ صعوده إلى السلطة لأول مرة، بحسب رويترز.
وتشير الوكالة إلى أن هزيمة أردوغان في الانتخابات بعد أكثر من عقدين في السلطة، ستكون لها تداعيات قوية ليس على المشهد السياسي بمنطقة الشرق الأوسط فقط، بل في العالم بأسره.
في هذا السياق، يقول الخبير الاستراتيجي في مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية في أنقرة،نهاد علي أوزجان، “إن هناك تقاطبا شديدا بين الناخبين”، مضيفا أنه إذا قرر المصوتون إنهاء حكم أردوغان، فقد يغير ذلك مسار علاقات تركيا مع حلفائها وسياساتها الخارجية عامة.
وفيما قلل حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان من أهمية رفض شيمشك العودة إلى صفوف الحكومة، توضح الوكالة أن وزير المالية السابق “لا يثق في إمكانية إقناع الرئيس بتغيير سياساته الاقتصادية غير التقليدية”.
ولفت تقرير “بلومبرغ” إلى أنه منذ مغادرة شيشمك الحكومة في عام 2018، استنزفت تركيا الكثير من احتياطياتها الرسمية، وشهدت انخفاض الليرة إلى أدنى مستوياتها القياسية، وخرج التضخم عن السيطرة.
ومنذ أن تولى منصبه لأول مرة في عام 2007، ينظر المستثمرون إلى شيشمك، وهو محلل استراتيجي سابق في ميريل لينش، على أنه شخص ضليع بالأسواق المالية، بحسب بلومبرغ.
في قراءته لقرار رفض شيشمك العودة إلى حكومة أردوغان، يرجح تيم آش، محلل الأسواق الناشئة في “بلوباي آسيت”، “أن الرئيس التركي رفض إعطاء شيشمك التفويض برفع أسعار الفائدة كما هو مطلوب”، مضيفا أن “أردوغان غير مستعد للتنازل عن آرائه بشأن السياسة النقدية التي تتخذها بلاده”.
رسميا، باتت تركيا على موعد مع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية يوم 14 مايو المقبل بعد أن وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قرارا اليوم بتحديد موعد الانتخابات.
ووقع أردوغان اليوم الجمعة في حفل بثه التلفزيون التركي، القرار المتضمن رسميا موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 14 مايو/أيار المقبل، قبل شهر من الموعد المحدد سلفا.
وقال أردوغان في كلمة له عقب التوقيع على قرار إجراء الانتخابات “شعبنا سيذهب إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيسه ونوابه في 14 مايو/أيار المقبل”.
وكانت المعارضة التركية قد أعلنت يوم الإثنين الماضي، ترشيح كمال قليجدار أوغلو لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في مايو/أيار، ومنافسة أردوغان.
وأصدر تحالف المعارضة الرئيسي في تركيا بيانا جاء فيه، إنه تم التوافق على الدفع بمرشح مشترك لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، مشيرة إلى أن المرشح سيكون كمال قليجدار أوغلو الذي يتولى حاليا قيادة التحالف، ويترأس حزب الشعب الجمهوري.
وتأتي الانتخابات المقبلة عقب كارثة الزلزال المدمر التي ضربت تركيا وسوريا في 6 فبراير/شباط الماضي، والتي خلفت أكثر من 50 ألف قتيل في البلدين، وهي الكارثة التي تسببت في انتقادات حادة لأداء الحكومة التركية لمواجهة تداعياتها.
كشفت تقارير صحفية أن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، يعتزم تكثيف جهود إعادة البناء في أعقاب زلزالين مميتين والالتزام بالجدول الزمني للانتخابات الذي أعلنه في وقت سابق، حيث يسعى إلى تعزيز شعبيته قبل حدوث ضربة محتملة للاقتصاد.
وفقا لما نقل موقع “بلومبيرغ” عن مصادر مطلعة عقد أردوغان وكبار قادة حزب العدالة والتنمية الحاكم اجتماعات عدة خلال الأسبوع الماضي لمناقشة إيجابيات وسلبيات تأجيل الانتخابات بغية التفرغ لإدارة تداعيات أزمة الكارثة الطبيعية.
وأوضحت المصادر أن الآراء تميل إلى التمسك بالجدول الزمني المقترح للتصويت في 14 مايو، وذلك بالرغم من أن العودة إلى التاريخ الأصلي الذي كان محددا في 18 يونيو لا يزال مطروحا على الطاولة.
وقال أحد المصادر إن خيار إجراء الانتخابات الرئاسية في مايو لا يزال هو المطروح حتى بعد حدوث هزتين قويتين ضربتا تركيا يوم الاثنين في نفس المنطقة التي أصابها الزلزال المدمر.
تسببت الزلازل التي دمرت جنوب شرق تركيا وسوريا قبل أسبوعين في مقتل أكثر من 42 ألف شخص وتدمير مدن بأكملها، مما أدى إلى التأثير على الحملات الانتخابية التي كانت تتحرك بشكل جيد وقت وقوع الكارثة.
وكانت المناطق التي ضربها الزلزال موطنًا لحوالي 8 ملايين ناخب مسجل أي ما يعادل 14٪ من الناخبين، ومن المتوقع أن يبت المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا في كيفية إجراء الاقتراع في تلك الولايات أو ما إذا كان يمكن إجراء الاقتراع هناك.
وكانت الحكومة التركية قد أعلنت في وقت سابق إن نحو مليوني ناخب غادروا المدن والقرى والبلدات المنكوبة.
وبحسب مراقبين فإن تلك الكارثة الطبيعية قد سببت الكثير من المتاعب لإردوغان الذي كان يستعد بالأساس لأحد أصعب السباقات الانتخابية خلال عقدين من حكمه.
وما زاد من الأعباء على إردوغان، وتيرة الاستجابة البطيئة لحكومته عقب حدوث الزلازل، واكتشاف مدى سوء البنية التحتية وعدم وجود المباني التي لم تتوفر فيها معايير مقاومة الزلازل مما أدى إلى فتح تحقيق واعتقال العديد من مقاولي وأصحاب شركات البناء.
وكان إردوغان قد أقر بحدوث بتأخير في إرسال فرق الإنقاذ، عازيا ذلك إلى ظروف الشتاء القاسية، لكن حكومته والجيش نفيا أن تكون الاستجابة غير كافية.
وامتنع الرئيس التركي علنًا، ومنذ وقوع الزلازل، عن الالتزام بالجدول الزمني للانتخابات المعلن عنه سابقًا، في حين امتنعت الحكومة عن التعليق.
وترى المصادر أنه وحين أن تأجيل الانتخابات الرئاسية قد يمنح الحكومة مزيدًا من الوقت لتحديد الأولويات ومعالجة الأزمة، فإن أردوغان يعتقد أن الانطلاقة السريعة لجهود إعادة البناء والالتزام بالجدول الزمني للانتخابات سوف يكون وسيلة ناجعة لمدى إظهار قوته ونفوذه.
وأشارت بعض المصادر إلى أن الرئيس التركي يخشى أيضا أن يتزامن تأجيل التصويت مع وقوع مزيد من التدهور في الاقتصاد، خاصة وأن فئات كبيرة من الشعب تعاني أسوأ أزمة تكلفة معيشية منذ عقدين.
وفي المقابل، يصر بعض قادة المعارضة التركية على إجراء الانتخابات في 18 يونيو، بينما قال زعيم حزب “المستقبل” المعارض أحمد داود أوغلو في وقت سابق، إنه لا يمكن إرجاء الانتخابات بسبب الزلزال المدمر الذي راح ضحيته عشرات آلاف الأتراك.
واعتبر داود أوغلو وهو رئيس وزراء سابق وكان حليفا مقربا لأردوغان قبل أن ينشق عن حزب العدالة والتنمية، أن تأجيل الانتخابات يعني استمرار التيار الحالي بالسلطة لفترة أطول و”هو أكبر ظلم يمكن ارتكابه بحق الشعب التركي”.
وكان إردوغان قد أعلن في 22 يناير الماضي أن يوم 14 مايو المقبل سوف يكون موعدا لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد.
وقال أردوغان آنذاك وخلال لقاء شبابي في مدينة بورصة غربي البلاد، “سأستخدم صلاحياتي لتقديم موعد الانتخابات إلى 14 مايو”.
وأشار إلى أنها “ليست انتخابات مبكرة”، وإنما هي تعديل استهدف أخذ تاريخ امتحانات الجامعات بالاعتبار.
لمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت إلى أنه سيسعى للفوز بولاية رئاسية أخيرة، معلنا أنه سيسلم الراية بعدها إلى “الشباب” وذلك بعد نحو 8 سنوات من توليه الرئاسة.
وأكد أردوغان في كلمة ألقاها خلال افتتاح مشاريع في سامسون بشمال البلاد “سنطلق بناء قرن تركيا بالدعم الذي نطلبه باسمنا للمرة الأخيرة من شعبنا عام 2023″، في إشارة إلى أنه سيحكم لولاية أخيرة إذا فاز في انتخابات عام 2023.
وأضاف “سنسلم هذه الراية المقدسة لشبابنا” بينما تقلل المعارضة التركية من هذه الفرضية وسط توقعات بان يظل أردوغان صاحب القرار سواء كان في الرئاسة او خارجها في حال تواصل حكم حزب العدالة والتنمية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر إجراؤها في حزيران/يونيو 2023، يأمل اردوغان أن يواصل هو وحزبه “العدالة والتنمية” الإسلامي حكمهما للبلاد المستمر منذ عام 2003.
لكن يتعين على الرئيس التركي أن يواجه العديد من التحديات، بما في ذلك التضخم الذي وصلت نسبته إلى 84,4 بالمئة إضافة إلى تراجع اقتصادي وتهديدات داخلية وخارجية تتمثل في الصراع التركي مع القوي الكردية وتصاعد نفوذ قوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا المجاورة.
انتقادات دولية
كما شهد فترة حكم اردوغان انتقادات غربية وعربية بسبب التورط في عدد من الساحات وإرسال المرتزقة خاصة إلى ليبيا وسوريا إضافة الى دعم الجماعات الإسلامية المسلحة وإثارة التوتر مع اليونان في شرق المتوسط عبر القيام بعمليات تنقيب غير مشروعة.
ورغم جهود اردوغان لإنهاء المشاكل وتخفيف التوتر مع عدد من دول المنطقة مثل مصر والإمارات والسعودية وإسرائيل وكذلك فرنسا ولعب دور الوسيط في الحرب الروسية على أوكرانيا لكن الغرب لا يزال ينظر بكثير من القلق تجاه حكم الرئيس التركي.
وتعرض اردوغان لانتقادات كبيرة فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان والديمقراطية وكذلك استهداف المؤسسة العسكرية عبر تطهيرها بذريعة الانقلاب الفاشل في 2016 كما تراجع سجل البلاد في ملف حرية التعبير والصحافة لكن الرئيس التركي يشدد على ان بلاده تتعرض لضغوط لأسباب غير موضوعية.
وكان رجب طيب إردوغان قد جدد في تشرين الأول/أكتوبر رغبته الطويلة الأمد في وضع دستور تركي جديد يكون “ديموقراطيًا وبسيطًا وذا رؤية”.
وقد اعتبر بعض المراقبين هذا المشروع رغبة في تعديل الحد الأقصى لولايتين رئاسيتين، المنصوص عليه في الدستور الحالي.
ماذا لو سقط أردوغان ؟
وتتصاعد التكهنات بشان تسليم اردوغان للسلطة في حال فشل في الانتخابات الرئاسية حيث اثار الكاتب التركي مصطفى بالباي في مقال له في صحيفة جمهورييت المعارضة أسئلة عن ردود فعل الرئيس التركي في حال خسارته الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال إن تقاسم السلطة ونقلها هو أخطر مشكلة للديمقراطية اليوم في تركيا مع غياب الثقة بين جميع الأطراف.