قراءة في الانتخابات البلدية..تركيا تهرب من ظل أردوغان

اعتبر خبير أمريكي أن الانتخابات البلدية الأخيرة في تركيا شكلت تحوّلًا محوريًّا بعيدًا من المشهد السياسي الاستقطابي الذي تهيمن عليه المشاعر المؤيّدة والمعارِضة لأردوغان.

وبحسب دراسة لمعهد كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط ففي 31 آذار/مارس، عانى حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، من أسوأ أداء له منذ دخوله الساحة السياسية في عام 2002. فقد نال الحزب 35 في المئة فقط من الأصوات في الانتخابات المحلية، فيما حصد حزب الشعب الجمهوري، وهو الحزب المعارض الأساسي، 38 في المئة من الأصوات على صعيد البلاد وحقّق النصر في المدن الرئيسة مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير وبورصة، وهي أفضل نتيجة يسجّلها الحزب منذ عام 1977.

ويري إمري كاليسكان وهو زميل باحث في كلية بلافاتنيك للشؤون الحكومية، جامعة أكسفورد الأمريكية أن نتائج الانتخابات تعكس تغييرًا أوسع نطاقًا في السياسة التركية التي تضيق مساحتها بصورة متزايدة منذ الاستفتاء الدستوري في عام 2017.

وأشار الباحث إلي أن الاستفتاء، الذي أدي لانتقال تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، ساهم في تيسير الترسيخ الكامل لسيطرة أردوغان على المرتكزات الأساسية للحوكمة، وهي السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والقضاء والإعلام، وفي تبديل المشهد الديمقراطي في البلاد. وأُرغِم البرلمان، الذي بات دوره يقتصر بصورة أساسية على الموافقة على الموازنة، على التخلّي عن أدواره التقليدية في صنع القرار وصوغ السياسات.

منذ هذا التحوّل نحو حكم الرجل الواحد في تركيا، جرى تأطير الانتخابات إلى حد كبير على أنها معارك بين القوى الموالية والمعارضة لأردوغان. على سبيل المثال، في انتخابات 2018، شكّل حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان وحزب الحركة القومية تحالف الجمهور.

 أما أحزاب المعارضة، التي تتألف غالبيتها من مسؤولين تنفيذيين ينتمون إلى أحزاب يمين الوسط والأحزاب القومية التي اصطفّت سابقًا إلى جانب أردوغان في السياسة، فقد شكّلت معًا التحالف الوطني، وكانت معارضتها لأردوغان القاسم المشترك الوحيد بينها. وقد أدّى هذا الاصطفاف إلى ابتعاد حزب الشعب الجمهوري عن مبادئه التأسيسية القائمة على الديمقراطية الاجتماعية، وربما كلّفه خسارة أصوات في الانتخابات.

الأزمة الاقتصادية

على الرغم من التدنّي الكبير في نسبة الاقتراع وعدم التصويت مباشرةً لأردوغان في صناديق الاقتراع، أدّت انتخابات 31 آذار/مارس إلى تبديل هذا الاتجاه. فقد ابتعد الناخبون عن الخطاب المنقسم بين موالٍ لأردوغان ومعارض له، معربين عن استيائهم من حزب العدالة والتنمية وأسلوبه في التعاطي مع الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. في آذار/مارس، ارتفع معدل التضخم في تركيا إلى 68.5 في المئة، وقد أرجع ناخبون كثر الأمر إلى السياسات الاقتصادية غير التقليدية التي اتّبعها الرئيس أردوغان.

وبدّلت مدنٌ كانت تقليديًّا معاقل لحزب العدالة والتنمية، مثل بورصة وبالق أسير وعشاق وأديامان، ولاءها فتحوّلت نحو تأييد حزب الشعب الجمهوري. وكذلك أبدت مناطق محافظة مثل أسكودار في إسطنبول وكيشيورين في أنقرة تفضيلها لحزب الشعب الجمهوري. وهذا يشير إلى أن المسائل الاقتصادية، وليس الدعم الثابت لأردوغان أو معارضته، هي التي أثّرت في قرار الناخبين.

علاوةً على ذلك، فإن الأحزاب المعروفة بخطابها القومي، مثل حزب الحركة القومية، وحزب الجيد، وحزب الظفر المناهض للهجرة، خسرت أيضًا الدعم خلال هذه الانتخابات. يدّل هذا التحوّل على تراجع انجذاب الناخبين إلى السياسات القومية والخطاب القومي التي لطالما روّجت لها حكومة أردوغان.

 وتجدر الإشارة إلى أن حزب الشعب الجمهوري، وهو الحزب المعارض الأساسي، تجنّب عمدًا الخطاب الشعبوي المناهض للهجرة في الفترة التي سبقت الانتخابات المحلية. ونظرًا لأن تركيا تستضيف نحو 4 ملايين لاجئ، يشير ابتعاد الناخبين عن الأحزاب القومية إلى رغبة أوسع في التغيير.

التطبيع التركي مع إسرائيل

نال حزب الرفاه الجديد، وهو حزب إسلامي في تركيا، أكثر من 6 في المئة من الأصوات، مستحوذًا بذلك على جزء من القاعدة المحافظة لحزب العدالة والتنمية. وقد حقّق ذلك من خلال جملة خطوات منها انتقاد السياسات الحكومية تجاه إسرائيل: فعلى الرغم من الانتقادات العلنية التي وجّهها أردوغان للممارسات الإسرائيلية في غزة، أبقت تركيا على حجم كبير من التبادلات التجارية مع إسرائيل، وبلغت قيمة صادرات السلع التركية إليها 319 مليون دولار أميركي.

هذا فضلًا عن أن جزءًا كبيرًا من عمليات التصدير هذه تولّاه أعضاء الجمعية المستقلة للصناعيين ورجال الأعمال، وهي منظمة مؤلّفة من رجال أعمال مسلمين لديهم تحالفٌ وثيق مع أردوغان.

يُتوقَّع أن يستمر تأثير أردوغان في السياسة التركية، نظرًا لسيطرة حزبه الواسعة على وسائل الإعلام. ولكن نتائج الانتخابات الأخيرة تكشف عن مزاج عام من التجدد السياسي يمتدّ أبعد من المستويين المحلي والبلدي.

 وبما أن حكم أردوغان الذي يزداد سلطويّةً تسبّب بخنق المشاركة السياسية، فإن الانتخابات هي مؤشّر واعد على مستقبل الديمقراطية التركية. وفيما يزداد الناخبون تململًا من أردوغان ومن الاستقطاب في السياسة التركية، قد تتقلص سلطة حزب العدالة والتنمية أكثر فأكثر، ما يمهّد الطريق لعودة محتملة إلى النظام البرلماني.

بعد الفوز بالانتخابات..أردوغان يحاكم زعيم المعارضة بتهمة إهانة الرئيس

كشفت تقارير تركية عن بدء عملية محاكمة النواب السابقين الذين وردت بحقهم مجموعة اتهامات، بعد أن باشر البرلمان التركي الجديد عمله.

وبحسب صحيفة يني شفق، أعادت لجنة العدل والتشريع البرلمانية المشتركة 1190 ملف حصانة لنواب سابقين في حزب الشعب الجمهوري بمن فيهم زعيم الحزب كمال كليجدار أوغلو، إلى رئاسة الجمهورية، كما سيتم إرسال هذه الملفات إلى وزارة العدل.

بدورها، ستقوم وزارة العدل بإحالة قضايا الحصانة إلى مكاتب المدعين العامين المعنيين، لتتم محاكماتهم أصولا.

وفي هذا الصدد، سيتم رفع 28 قضية ضد كليجدار أوغلو، 13 منها متعلقة بتهمة “إهانة الرئيس”، و3 منها تتعلق بتهمة “تهديد الرئيس والتشهير به”.

من جانب آخر، يشار إلى وجود تهم أخرى مثل “نشر الأكاذيب، والافتراء والتهديد، وتحريض الشعب على الكراهية والعداوة، والإشادة بالجريمة والمجرمين، ومحاولة التأثير على المحاكمة العادلة، وإهانة الموظفين العاملين في مؤسسات لقيامهم بواجباتهم، والدعاية لمنظمات إرهابية”.

بعد الفشل في إسقاط أردوغان..ما المطلوب من المعارضة التركية بعد الانتخابات ؟

لأول مرة في تاريخ تركيا، تصل الانتخابات الرئاسية إلي مرحلة الإعادة بعد أن نجحت المعارضة التركية في توحيد صفوفها ولم شمل أحزابها على طاولة واحدة  خلف مرشح واحد..فهل تنجح المعارضة التركية في الحفاظ على وحدتها وتنسيق مواقفها فى مواجهة نظام أردوغان أم تعود لدوامة الخلافات والتخندق الحزبي وتخسر ما أنجزته خلال معركة الانتخابات ؟
وتدخل تركيا بعد 8 أشهر من الآن، استحقاق انتخابي جديد يتمثل في الانتخابات البلدية التي ستمثل أول تحد للمعارضة التركية عقب فشلها في إسقاط نظام رجب طيب أردوغان.
ويخشي البعض من تأثير خسارة مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية على تماسك القوى والأحزاب المناهضة لنظام أردوغان في تركيا خاصة فى ظل تقارير تتحدث عن خلافات داخل حزب الشعب الجمهوري الذى يتزعمه كمال كليجدار أوغلو المرشح الخاسر فى الانتخابات.
وبحسب تقارير صحفية، هناك دعوات داخل حزب الشعب تطالب كمال كليجدار بـ”الاستقالة، وترك القيادة لجيل الوسط، خاصة أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش”.
ويري مراقبون أن المعارضة التركية مطالبة بمنح صلاحيات وسلطات أوسع للقيادات الشابة من أجل الحفاظ على مستوى الزخم الذى حققته فى الانتخابات الرئاسية ولجذب كتلة الشباب التركي لصفوفها.

معركة البلديات
ويري د. أسامة السعيد خبير الشؤون التركية أن المعارضة التركية حققت مجموعة من المكاسب خلال الانتخابات يجب البناء عليها والاستعداد لبقية الاستحقاقات القادمة خاصة مع اقتراب الانتخابات البلدية.
وقال السعيد “على المعارضة التركية استغلال الزخم الذى خرحت به من الانتخابات الرئاسية والتحرك بقوة واستغلال تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي انخفض فيها عدد المقاعد التي حصل عليها بنسبة 7%.”
وأشار إلي أن “العدالة والتنمية سيدخل الانتخابات البلدية المقبلة فى محاولة لشحن الرصيد الشعبي الذى فقده فى الانتخابات البرلمانية نظرا لما تحظي به معركة البلديات من اهتمام كبير فى الداخل التركي خاصة فى البلديات الكبرى مثل أنقرة واسطنبول، لافتا إلي أن الحزب لم ينسي خسارته لرئاسة إسطنبول لصالح المعارضة رغم تدخل أردوغان وإعادة الانتخابات لمنع فوز المعارضة التي نجحت رغم كل ذلك فى حصد المنصب”.
ويعتقد الباحث أن “المعارضة التركية تعلمت ووعت درسا مهما للغاية من الانتخابات الرئاسية وأصبح لديها إدراك واضح أن التماسك وتحقيق حد أدني من التوافق بين الأحزاب القوية يمكن أن يجعلها فى موقف أفضل مع حزب العدالة والتنمية، لافتا إلي أن الوصول لمرحلة الاعادة فى الانتخابات الرئاسية لاول مرة فى التاريخ التركي انجاز لا يستهان به”.
مضيفا إن ” المعارضة حققت أيضا تقدما على مسار الانتخابات البرلمانية حيث حصدت مقاعد أكبر فى البرلمان وهو ما سيمكنها من لعب دور سياسي أقوي فى المرحلة المقبلة” .

وجوه جديدة
وبحسب السعيد فإنه “يجب على المعارضة التركية أن تقدم وجوها جديدة وكوادر شابة وهذا درسا يجب أن تتعلمه المعارضة من الانتخابات الرئاسية لافتا إلي أنه لو كان مرشح المعارضة في مواجهة أردوغان أكثر شبابا لتزايدت حظوظها ولربما استطاعت تحقيق المفاجأة والإطاحة بأردوغان”.
ويري إن ” تقديم مرشحين شباب ووجوه جديدة هو إثراء للساحة السياسية التركية ومغازلة لكتلة التصويت الشبابية التي شاركت لأول مرة فى الانتخابات وكان لها تأثير كبير فى النتائج”.

دروس الانتخابات
وحول احتمالية حدوث انشقاقات فى صفوف المعارضة، يعتقد الباحث أن فكرة التشرذم والانقسام وتغليب المصالح الحزبية الضيقة أمور يفترض أن المعارضة التركية تجاوزتها بمراحل، وأصبح لدي أحزابها وساساتها درجة من النضج يجعلنا نتوقع منها تقديم أداءا سياسيا جيدا فى الانتخابات البلدية المقبلة”، محذرا فى الوقت نفسه من أنه “إذا عادت المعارضة للنهج القديم بالاختلاف والتخندق خلف الرؤي الحزبية الضيقة فهذه ستكون فرصة كبيرة للعدالة والتنمية لاعادة شحن رصيده الشعبي مرة أخري”.
وأشار إلي أن “الانتخابات شهدت تحلفات وتقارب بين الاحزاب العلمانية والقومية مثل ما حدث بين الشعوب وحزب النصر لافتا إلي أنه يمكن تكرار ذلك والعمل على تحقيق التقاربات بين أحزاب ذات أيدلوجية مختلفة ولكنها تجمعها مصالح وتنسيقات حزبية خلال الانتخابات القادمة”.
وختم خبير الشؤون التركية تصريحاته بالتأكيد على أن “هناك دروس خلال الانتخابات الماضية يجب على المعارضة أن تعيد النظر فيها وإعادة ترتيب أوراقها سريعا وأن تبدأ طرح وجوه جديدة وأن يتنحي الجيل المؤسس لأحزاب المعارضة ويفسح المجال لـ وجوه جديدة لتغير بنية الحياة الحزبية للمعارضة التركية بما يمكنها من استقطاب كتلة تصويتية لا يستهان بها تستطيع بها تغيير النظام”.

التحدي القادم
بدوره، يري محمد حامد الباحث فى الشؤون التركية أن “المعارضة التركية بعد نجاحها فى التوافق بشكل كبير حول مرشح واحد واتحاد أحزاب ما سمي بالطاولة السداسية يمكن القول أنها حققت أقصي ما يمكن أن تفعله، لافتا إلي أن التحدي هو قدرتها على استمرار هذه التحالفات رغم أنها فى الأصل تحالفات انتخابية”.

وأشار إلي أن “التحدي الذى يواجه المعارضة التركية فى الانتخابات البلدية القادمة هو الحفاظ على ما حقتته فى الاننتخابات البلدية الماضية وبالتحديد رئاستي بلديتي اسطنبول وأنقرة” .
ويعتقد الباحث أن “المعارضة التركية استطاعت أن تحقق الكثير من الايجابيات فى الانتخابات الرئاسية ووجهت بما قدمته من نتائج رسائل قوية للنظام أهمها أن قطاع كبير من الشعب التركي غير راض عن سياسات أردوغان وحزب العدالة والتنمية”.
ولفت إلي “أن نتائج الانتخابات وتأثيرها ظهرت فى التشكيلة الحكومية حيث اختار أردوغان عناصر حكومية تخلو من صهره عكس الحكومات السابقة التي تولي فيها أكثر من منصب”.

معارض تركي لـ الشمس نيوز : أردوغان لن يستكمل فترته الرئاسية

اعتبر المعارض التركي إسحاق إنجي أن المعارضة التركية أصبحت شكلية وليست حقيقية، لافتا إلي أن النظام هو من يحدد الاطار الذى تعمل داخله بغض النظر عن احتياجات ومطالبات الشعوب فى تركيا.
وقال لـ الشمس نيوز ” أنه على الرغم من حجم الانتهاكات التي شهدتها الانتخابات فى تركيا والتلاعب فى أكثر من 20 الف صندوق وتداول ذلك عبر مواقع التواصل ألا إن مرشح المعارضة كمال كليجدار لم يتحرك ولم يطلب إعادة الانتخابات مشيرا إلي أن هذا الموقف أثبت ضعف المعارضة”.
ويؤكد المعارض التركي أن تركيا دولة بعيدة عن الديمقراطية فى ظل سيطرة النظام على كل مقاليد السلطة والتحكم فى كل رؤساء الأحزاب وزعماء المعارضة بصورة تجعلهم يتحركون وفق ما يخدم النظام”.
وأشار إلي أن تحالف المعارضة كان مرتبط بالعملية الانتخابية فقط ومن الصعب استمراره خاصة فى ظل تباين القاعدة الجماهيرية للأحزاب المكونة له.
ويعتقد المعارض التركي أن “أردوغان لن يكمل فترته الرئاسية ولن يستطيع الاستمرار أكثر من عامين نظرا للمشكلات الصحية التي يعانيها وستجبره على التنحي بإرادته لافتا إلي أن حال بقاء أردوغان فإن المشكلات الإقتصادية أيضا قد تدفع الشعب للخروج فى ثورة شعبية تطيح بالنظام بشكل كامل”.
وبحسب انجي فإن أردوغان حال خروجه بإرادته نظرا لمتابعه الصحية فإن خلوصي آكار ربما يكون أقرب المرشحين لخلافته بالإضافة إلي وزير الخارجية الحالي ورئيس الاستخبارات السابق هاكان فيدان نظرا لتمتعهما بثقة أردوغان وضمان عدم محاكمته بعد الخروج من السلطة.

قبل معركة الأحد| من الأقرب لـ رئاسة تركيا أردوغان أم كمال أوغلو ؟

تطورات متسارعة تشهدها الساحة التركية قبل ساعات قليلة من الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية خاصة بعد إعلان مرشح تحالف الأجداد سنان أوغان دعمه أردوغان فيما أعلن أوميت أوزداغ رئيس حزب النصر دعمه لكليتشدار أوغلو.. فكيف تؤثر هذه القرارات على مسار العملية الانتخابية ؟
بعد أقل من 48 ساعة من إعلان سنان أوغلو مرشح تحالف الأجداد دعمه لـ أردوغان فى جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية التركية فى خطوة مفاجئة أثارت استغراب الكثير من حلفاء وأنصار أوغان نفسه، جاء إعلان زعيم حزب النصر أوميت أوزداغ أنه سيدعم مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى الأحد ليزيد المعركة الانتخابية اشتعالا.
وقال أوزداغ في مؤتمر صحفي مشترك مع كليتشدار أوغلو الأربعاء 24 أيار: “أدعو من صوتوا لنا في الجولة الأولى أن يصوتوا لكليتشدار أوغلو في جولة الإعادة كي يعود اللاجئون إلى بلادهم”.
وكان حزب “النصر” تحصل على 2.23 بالمئة من الأصوات في الانتخابات التشريعية، فيما حصد مرشحه الرئاسي سنان أوغان، الذي أعلن دعمه لأردوغان في جولة الإعادة، 5.17 بالمئة.
وبحسب مراقبون فإن معركة جولة الإعادة تزداد اشتعالا وأصبحت كل الاحتمالات واردة بشكل كبير خاصة أن أردوغان فقد الكثير من شعبيته وهو ما أظهرته نتيجة الجولة الأولي من الانتخابات حيث لم يخض أردوغان على مدار سنوات حكمه جولة إعادة فى أى انتخابات رئاسية سابقة وهو ما يكشف حجم الغضب الشعبي تجاه سياساته.

تأثير أوزداغ وأوغان
اعتبر د.أسامة السعيد الباحث المصري فى الشؤون التركية أن قرار أوميت أوزداغ زعيم حزب النصر دعم مرشح المعارضة هو أكثر تأثيرا فى الصراع الانتخابي من قرار سنان أوغان بالانحياز لأردوغان.
وأوضح: إن “أوغان كان يساوم بأصوات لا يملكها وسعي لحصد مكاسب فى حالة فوز أردوغان فى حين أنه لا يملك الأصوات التي كان يتحدث بإسمها لافتا إلي أن أوغان رغم حصده 5% من أصوات الناخبين فى الجولة الأولي ألا أنه لا يملك التأثير أو توجيه سوي أقل من 0.5 من تلك الأصوات وهى كتلة غير مؤثرة ، في حين أن تأثير حزب النصر أكثر بكثير نظرا لاتساق مواقفه السابقة مع موقفه الحالي بدعم المعارضة فضلا عن حصوله على أصوات 2.23% فى الانتخابات البرلمانية”.
ويري إن ” قرار حزب النصر سيعزز فرص المعارضة فى الانتخابات وقد يؤدي لميل بعض الأصوات القومية تجاه كليتشدار أوغلو لافتا أن نجاح المعارضة قد يتوقف بشكل أكبر على قدرة فريق كليتشدار أوغلو على جذب أصوات جديدة من التي لم تشارك بالجولة الأولي” .

اتهامات لـ أوغان
وأشار إلي أن “قرار سنان أوغان بدعم أردوغان أثار حفيظة كثير من الأصوات القومية التي دعمته فى الجولة الأولي، لافتا إلي أن الكثير منهم عبر عن رفضه لهذا الاختيار مؤكدين أن ما يجمع أوغان مع المعارضة أكثر مما يجمعه مع أردوغان”.
وقال :” هناك اتهامات كثيرة لأوغان أنه سعي للحصول مكاسب لاحقة وهو ما يتوقع أن يثير الكثير من الأصوات التي دعمته فى الجولة الأولي وهو ما يصب فى مصلحة مرشح المعارضة”.
ويري السعيد “أن كتلة أصوات أوغان ليست كتلة صلبة أو واحدة تستجيب وتتحرك بأوامر أوغان وحده بل هى مجموعة من الأحزاب والتحالفات والأصوات الفردية متباينة الهوي السياسي” ، لافتا إلي أنه “بعد تفكك تحالف الأجداد بعض الأحزاب ستذهب باتجاه مرشح المعارضة بدليل موقف حزب النصر المكون الرئيسي فى التحالف”.
وتابع : “هناك بعض الأصوات التي لم تلتزم حزبيا وتري فى سلوك أوغان سلوك انتهازي وتعتقد أنه كان الأفضل له أن يلتزم الصمت ولا يتاجر بأصواتهم بل يمنحهم حرية الاختيار وهذه الأصوات ليست بالقليلة بل مؤثرة بشكل كبير ولن تلتزم بكلام أوغان وقد تتجه لـ مرشح المعارضة”.
ويشير السعيد إلي أن الرهان الأن لمرشح المعارضة على أصوات من لم يصوتوا فى الجولة الأولي إضافة لفكرة التصعيد فى ملف اللاجئين والقضايا الاقتصادية بصورة يستقطب بها أصوات من التيار القومي والأصوات المناهضة لحزب العدالة والتنمية.
وبحسب الباحث فإن المعركة فى الجولة الثانية ستكون صعبة بشكل كبير، مضيفا” أتوقع أن تحصد المعارضة أصوات جديدة ويتم تقليص الفارق مع أردوغان وقد تحدث المفاجأة بحسم كليتشدار أوغلو للمعركة معتبرأ أن هذا يتوقف على قدرته على جذب فئات جديدة من الشباب الذين لم يشاركوا فى الجولة الأولي.
ويعتقد السعيد “إنه حتى لو فاز أردوغان فان تركيا بعد الانتخابات لن تكون كما قبلها خاصة أنها المرة الأولي التي تتوحد فيها المعارضة التركية بشكل كبير لافتا إلي أنه لو كان كمال كليتشدار هو المرشح الوحيد فى مواجهة أردوغان لاستطاع حسم المعركة من الجولة الأولي”.
وحول القصور والأخطاء والخروقات الانتخابية التي شابت الجولة الأولي، يري الباحث “أنها أخطاء إجرائية ليست مؤثرة بشكل كبير فى العمليات الانتخابية أو نتيجتها لافتا إلي أن التحرك يكون حال وجود تأثير على نزاهة الانتخابات، لافتا فى الوقت نفسه إلي أن أى طرف سيخسر الانتخابات سيستغل التقارير عن هذه الخروقات الانتخابية من أجل الطعن على شرعية الانتخابات ولكن الأمر ليس سوي أداة للضغط فقط ولا يصل الأمر فى معظم الأحوال لمرحلة الحكم بإبطال الانتخابات بل هو مجرد صراع يقوم به الخاسر لتشويه العملية الانتخابية”.

قبول الهزيمة
وحول مدي قبول أردوغان لنتيجة الانتخابات، أكد الباحث أن “أردوغان شخصية سلطوية بشكل كبير خاصة أنه يملك السلطة الكاملة فى تركيا منذ قرابة عقدين وهو ما أصابه بمتلازمة التوحد مع السلطة حيث يري أنه لا يمكن لتركيا البقاء دون وجوده وأنه لا بديل عنه سوي الفوضي ، وهو مرض يصيب الطغاة بشكل كبير مشيرا إلي أن حديث أردوغان عن تسليمه السلطة حال خسارة الانتخابات ليس سوي استهلاك إعلامي فأردوغان لا يري نفسه سوي فى السلطة حتى الرمق الأخير من حياته وبالتالي لو خسر الجولة الثانية لن يسلم الأمر بسهولة كما حدث فى معركة انتخابات بلدية اسطنبول عندما ألغي الانتخابات بشكل كامل.”

بالأرقام..سيناريوهات الانتخابات التركية بعد إعلان أوغان دعم أردوغان؟

“24 ساعة مدّة طويلة في السياسة التركية” مقولة منسوبة للرئيس التركي الراحل سليمان ديميريل أثبتت الأيام الماضية صحّتها بشكل كبير في الانتخابات الحالية.

كان انسحاب زعيم حزب البلد محرم انجه قبيل يومين فقط من انتخابات 14 مايو، مؤثرا في زيادة حصة التصويت لمرشح تحالف “الأجداد” سنان أوغان إلى أكثر من 5%، ما ساعده في دفع الانتخابات الرئاسية إلى جولة ثانية.

وقبيل أقل من أسبوع على جولة الإعادة خلط أوغان الأوراق بإعلان دعمه لأردوغان.

فرص أردوغان

فرص أردوغان في الفوز بولاية رئاسية ثالثة قوية بالفعل، لأنه استطاع التفوق على كليجدار أوغلو في الجولة الأولى بنحو خمس نقاط مئوية.

كما أن التحالف الحاكم حصل على أكثرية مقاعد البرلمان الجديد، لذا فإن دعم أوغان له سيُعزز فرصه بولاية رئاسية ثالثة، لكنّه لا يُمكن اعتباره على أنه سيكون حاسماً في تحديد نتائج الانتخابات المقبلة، بسبب أن أردوغان قادر بالفعل على استقطاب كتلة صغيرة إضافية من الأصوات يحتاجها لضمان الفوز في جولة الإعادة.

أرقام أوغان

إعلان سنان أوغان دعمه لأردوغان لا يعني أن نسبة الـ5.17% التي دعمت أوغان في الجولة الرئاسية الأولى ستذهب تلقائياً للرئيس رجب طيب أردوغان في جولة الإعادة لاعتبارين رئيسيين، الأول أن أوغان اتخذ هذا القرار بصفته كمرشح رئاسي سابق عن تحالف “الأجداد”، وليس نيابة عن التحالف الذي تم حلّه بالفعل بعد انتخابات 14 مايو.

والثاني بحسب تقارير صحفية أن الحزبين اللذين انخرطا في تحالف “الأجداد” قبل الانتخابات وهما حزبا “النصر” و”العدالة” لم يتخذا قرارهما بعد بخصوص دعم أحد المرشحين.

علاوة على ذلك فإن حزب “النصر” على سبيل المثال يُمثل القاعدة التصويتية الأساسية لتحالف “الأجداد”، وقد حصل في الانتخابات البرلمانية على 2.23% من أصل 2.43% للتحالف.

كما أن حزب “العدالة” سبق وأشار إلى ميله لدعم كليجدار أوغلو في جولة الإعادة، لكنّ تأثير حزب “العدالة” ضعيف للغاية من حيث القوة التصويتية، حيث إنه حصل في الانتخابات البرلمانية على 0.2% فقط من أصوات الناخبين.

3 سيناريوهات

هناك ثلاثة احتمالات بخصوص قرار حزَبي “النصر” و”العدالة” في جولة الإعادة، إما دعم أردوغان، وهذا لا يبدو مرجحاً لأن رئيس حزب “النصر” أوميت أوزداغ تحدث في لقائه الأخير مع نعمان كورتولموش، نائب رئيس حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، عن وجود خلاف مع الحكومة في مقاربة مسألة اللاجئين السوريين.

أما الاحتمال الثاني فهو دعم كليجدار أوغلو، بينما الاحتمال الثالث امتناع الحزبين عن دعم أحد المرشحين في جولة الإعادة.

الحسابات الانتخابية بعد دعم أوغان لـ أردوغان

 من المهم الأخذ بعين الاعتبار هذه الحسابات الانتخابية داخل تحالف “الأجداد”، لتقييم التأثير المحتمل لقرار سنان أوغان دعم أردوغان.

ـ أولاً، حصل أوغان على 5.17% من الأصوات في الجولة الأولى، لكنّ نصف هذه الأصوات جاءت من حزبي “النصر” و”العدالة” (2.43%) بينما الـ3% الأخرى تقريباً كانت عبارة عن أصوات قومية معارضة في التحالف السداسي، وقررت دعمه بعد انسحاب محرم إنجه من السباق الرئاسي.

وبالتالي فإن دعم أوغان لأردوغان (إذا ما كان متعارضاً مع قرار حزبي النصر والعدالة) لن يجلب لأردوغان أكثر من 3% كحد أقصى، وربما أقل من ذلك، لأنّ هذه الكتلة متحركة ولم تُصوت لأوغان لأنها تُفضّله، بل كرد فعل على ترشيح تحالف “الأمة” المعارض لكمال كليجدار أوغلو، وتحالفه مع حزب “الشعوب الديمقراطي” الكردي، الذي تعتبره هذه الكتلة واجهة سياسية لحزب “العمال الكردستاني” المحظور.

ومن المرجح أن تتفرق أصوات كتلة الـ3% بين أردوغان وكليجدار أوغلو والامتناع عن التصويت، لكن الأكثر ترجيحاً أن يكون الجزء الذي سيدعم أردوغان أكبر من الجزء الذي سيدعم كليجدار أوغلو، بسبب أن أردوغان يتبنى نهجاً قوياً بالفعل ضد حزب “العمال الكردستاني”. بينما كليجدار أوغلو يواجه معضلة كبيرة في كيفية الموازنة، بين مواصلة تحالفه مع حزب “الشعوب” وبين محاولة استقطاب هذه الكتلة القومية.

ـ ثانياً، في حال قرر حزبا “النصر” و”العدالة” دعم كليجدار أوغلو في جولة الإعادة، فإن هذا الدعم سيجلب له 2.4% من الأصوات على أقصى حد، على اعتبار أن هذه النسبة هي الكتلة التصويتية الصلبة التي حصل عليها الحزبان في الانتخابات البرلمانية. مع الأخذ بعين الاعتبار أن جزءاً من هذه الكتلة قد يرفض قراراً محتملاً من الحزبين، بدعم كليجدار أوغلو بسبب تحالفه مع حزب الشعوب الكردي. رغم أن كليجدار أوغلو يسعى لاستقطاب هذين الحزبين من خلال خطابه العدائي تجاه اللاجئين السوريين، فإنه قد لا يتمكن من تقديم خطاب مُطمئن لكتلة الحزبين، بخصوص طبيعة تحالفه مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.

ـ ثالثاً، في حال اتخذ حزبا النصر والعدالة قراراً مختلفاً عن قرار أوغان، فإن ذلك سيعني بالفعل تفتيت الكتلة القومية التي صوتت لصالح سنان أوغان في الجولة الرئاسية الأولى. لكنّ مثل هذا التفتت سيخدم أردوغان في جولة الإعادة بقدر أكبر من كليجدار أوغلو، لأن الأخير بحاجة إلى هذه الكتلة كاملة (5.17%) لتحسين فرصه بالفوز. علاوة على ذلك، يواجه كليجدار أوغلو بسبب الخطاب القومي المتشدد مخاطر فقدان بعض الأصوات الكردية التي دعمته في الجولة الأولى. كما لم يستطع كليجدار أوغلو قبل انتخابات 14 مايو الموازنة بين تحالفه مع حزب الشعوب الكردي، وبين هواجس الأصوات القومية المعارضة في جبهة المعارضة من هذا التحالف، فإنه لن يتمكن على الأرجح من الموازنة حالياً بين استقطاب الأصوات القومية المتشددة وبين الحفاظ على كامل الدعم الذي حصل عليه من الكتلة الانتخابية لحزب الشعوب الديمقراطي.

مشاهد من الانتخابات..كيف وجه الأتراك صفعة قوية لـ أردوغان ؟

تحليل يكتبه/ إبراهيم شعبان

بعيدًا عما يردده “دراويش الأردوغانية” في تركيا وخارجها، ومزاعمهم بفوز الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بعد تقدمه بـ5% فقط في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، واضطراره مرغما للذهاب للجولة الثانية والإعادة يوم 28 مايو الجاري، لعدم قدرته على الحسم أمام مرشح المعارضة كمال أوغلو من الجولة الأولى كما كان يتوقع.
فإن أردوغان، يعي جيدًا إنه هزم في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية حتى وإن كان متقدما بفارق طفيف في النسبة النهائية. وأن هذه ليست الشعبية التي كان يتمتع بها، وهناك انقسام حقيقي في تركيا واستقطاب حاد في البلاد. ومع ذهاب 88% من الناخبين لصناديق الاقتراع بقرابة 54 مليون ناخب تركي، فإن 44.9% من الأصوات ذهبت لمنافسه، كمال أوغلو أي أن أكثر من 24 مليون تركي قالوا لأردوغان لا، ورفضوا انتخابه واستمراره وهذا عدد لا يستهان به.
وأعتقد أن الجولة الثانية، ليست مضمونة لأردوغان كما يزعم البعض، وليست بعيدة عنه أيضا، فهناك 5% من الأصوات ذهب لسنان أوغان وهو لم يحدد موقفه حتى اللحظة عما سيطالب به أنصاره لمنحه أصواتهم.

مشاهد الانتخابات
ويمكن تلخيص الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في تركيا في عدة مشاهد:
أولها أن الذين يهللون لفوز التحالف الحاكم في تركيا، بأغلبية مقاعد البرلمان التركي، بعد حصوله على 321 مقعدا، بينها 266 مقعدا لحزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، يعلمون تماما أن السيطرة على البرلمان ليست الحاكمة في انتخابات تركيا هذه المرة، مع الاحترام التام لرغبات الشعب التركي. لأن أردوغان باختصار انقلب على النظام البرلماني وحوله لنظام رئاسي.
ثانيا: أن هناك استياء واسع في صفوف ملايين الأتراك، ولا يعقل أن يدهس رغبات كل هؤلاء الملايين حال فوزه بجولة الإعادة وكأنها لم تكن موجودة ويتمسك باستبداده المعهود.
ثالثا: تركيا تمر بمنعطف خطير، وذهاب 88% ممن يحق لهم الاقتراع لمراكز التصويت، معناه تلهف على التغيير وعدم بقاء الوضع الحالي، وهناك احتقان حقيقي بين نصف الشعب التركي الذي صوت لأردوغان، ونصفه الآخر الذي صوت رفضا له.
رابعا: ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار لكل ذي عينين، إنه كانت هناك مخالفات في العملية الانتخابية داخل تركيا، بعدما رأى مراقبون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أن اللجنة العليا للانتخابات في تركيا، أظهرت وفق تقريرهم، أنها لا تتمتع بالشفافية في إدارتها للعملية الانتخابية وهناك أوجه قصور. وقد أعلنها الاتحاد الأوروبي وطالب بتداركها. قائلا: إنه يولي أهمية قصوى لضرورة إجراء انتخابات شفافة وشاملة وذات مصداقية، في ساحة منافسة متكافئة. منتقدًا بشدة التغطية الإعلامية الحكومية المنحازة للانتخابات والتي تعد مبعث قلق.
وأخيرا.. لا مجال لضرّب الودع في الانتخابات التركية والحكم لصندوق الاقتراع، ولا يمكن تجاوزه سواء جاء في جولة الإعادة لصالح كمال أوغلو، أو ذهب لصالح أردوغان. لكن الحقيقة التي ينبغي أن يعاد التأكيد عليها أن الجولة الأولى، كانت صفعة حقيقية لأردوغان. كما أن عدد الأصوات المهول الذي حصل عليه مرشح المعارضة، “طاولة الستة”، يؤكد لأردوغان أن حكمه في مأزق وعليه التغيير والإصلاح.

قبل الإعادة..أبرز القرارات المتوقعة لـ أردوغان وكليجدار حال الفوز بالانتخابات ؟

مع تأجيل حسم الانتخابات الرئاسية فى تركيا إلي جولة الإعادة بعد عجز كلا المرشحين عن حصد نسبة 50% من أصوات الناخبين.
كشفت تقارير صحفية عن قراءة استباقية للسيناريوهات المنتظرة للوضع فى تركيا والمنطقة عقب الانتخابات سواء فى حالة بقاء أردوغان فى السلطة أو فوز مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو.

وبحسب المراقبين فإن الانتخابات التركية سيكون لها تأثير كبير وتداعيات جمة على الأوضاع بالمنطقة وتحديدا بسوريا والعراق فى ظل الوجود العسكري التركي بالبلدين ونفوذ أنقرة المتفشي فيهما.

معركة شرسة
وأكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، إبراهيم شعبان، أن الانتخابات التركية الراهنة، سيكون لها أبلغ الأثر على تركيا وجيرانها لنحو عقد كامل من الزمان.
وقال : ” الانتخابات التركية معركة شرسة بمختلف المقاييس، وأصعب امتحانات الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية على الاطلاق، منذ نحو عقدين من الزمان، بعدما تصدرا السلطة كل هذه السنوات.
وأشار إلي”أن أردوغان لديه الكثير من المشاكل خلال هذه الانتخابات بعدما فقد فعليا الصوت الكردي في الانتخابات، وذلك بعد سياسات دموية بغيضة تجاه الكرد خلال السنوات الماضية، دفعت القوي الكردية لاعلان دعمهم لمرشح المعارضة الرئيسي كمال كليجدار أوغلو.
وتابع “كما فقد أردوغان أصوات معاقله التقليدية التي كانت تصوت لحزبه العدالة والتنمية بشكل تلقائي طوال الدورات الماضية، ولكن بعد الفشل الذريع في معالجة آثار الزلزال المدمر في فبراير الماضي الأمر تغير بشكل كبير.
ولفت شعبان إلي “إن الانتخابات التركية حدث سياسي كبير بالفعل وانتظار تصويت 60 مليون تركي، لحسم منصب رئيس تركيا المقبل و600 مقعد برلماني تركي أمر في غاية الأهمية السياسية لتركيا وجيرانها”.

ماذا لو فوز أردوغان ؟
ويري شعبان إنه فى حالة فوز أردوغان فعلى الأتراك أن يتوقعوا مزيدا من التضخم وتراجع قيمة الليرة التركية، والبقاء بعيدا عن أسوار الاتحاد الأوروبي، وبقاء جبهتي سوريا والعراق مشتعلتان، فضلا عن مزيد من تأزم القضية الكردية داخل تركيا ما يقود البلاد لأوضاعا قلقة وساخنة طوال السنوات المقبلة.

ماذا لو فاز كليجدار ؟
ويعتقد الباحث المصري: “أنه في حال فاز مرشح المعارضة الرئيسي كليجدار، فإنه سيكون سدد طعنة مروعة لحزب العدالة والتنمية الحاكم وحقبة أردوغان، وستكون هذه نهاية فادحة لسياسات كان أغلبها خطأ، واتخذت في بعض الأحيان شكلا إجراميا.
وأشار شعبان” ان إعلان كليجدار – مرشح المعارضة الرئيسي- ان الأتراك يتطلعون للديمقراطية، وتركيا اشتاقت للديمقراطية، يكشف السجن الرهيب الذي يعيش فيه الأتراك تحت حكم أردوغان.
ويعتقد الباحث المصري أن فوز كليجدار في الانتخابات الرئاسية التركية سيكون صفحة جديدة حقيقية للأتراك وستطوى حقبة أردوغان، وتبدأ تركيا عهدا جديدا في كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة.

هل يسلم أردوغان السلطة ؟
وتوقع ابراهيم شعبان، “ألا يسلم أردوغان السلطة بسهولة حال خسر الانتخابات هو وحزبه العدالة والتنمية. وهناك سابقة في انتخابات بلدية اسطنبول عندما خسرها حزبه وحدثت فوضى واحتجاجات استمرت لأسابيع رفضا للهزيمة.
وقال شعبان، “إن مرشح المعارضة الرئيسي كمال كليجدار، توقع هذا بالفعل، مشيرا إلي أنه “من العسير على أردوغان ان يسلم السلطة طواعية، حال خسر الانتخابات المقبلة وأتوقع حدوث مشاكل وفوضى”.

سوريا والعراق 

وحول تأثير خسارة أردوغان حال حدوثها على الأوضاع بسوريا والعراق أوضح الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، إبراهيم شعبان، أنه يتوقع انفراجة حقيقية في العلاقات التركية السورية والعراقية معا. مشيرا: المشكلة في أردوغان وسياساته العدائية.
وتابع شعبان، “إنه لو نجح مرشح المعارضة الرئيسي كمال أوغلوا فقد تتم عودة 2 مليون سوري من اللاجئين في تركيا إلى سوريا فضلا عن الانسحاب التركي من الأراضي السورية، وهو وعد بذلك بالفعل في برنامجه. وهذا لن يتأتي الا بتغيير رأس السلطة في أنقرة.
ويري أن ” كمال أوغلو يمكنه حال فوزه ان ينسج علاقات طبيعية مع النظام السوري ومع أكراد سوريا، ويجد مكانا وبيئة مواتية للتسوية والهدوء، وينسحب من مشاريع التوسع والتمدد التركية في أراضي الغير”.
وأضاف”كذلك في العراق، فهناك مشاكل مع الأكراد وسياسات دموية لم يستطع أردوغان أن يغيرها، لكن لو تغير النظام التركي وهزم أردوغان فالفرصة ستكون متاحة لكمال أوغلو لبناء علاقات جديدة مع بغداد والتوقف عن الهمجية التركية وقصف الأراضي العراقية وتضييق الخناق على العراقيين في مسألة المياه”.
وختم شعبان تصريحاته بالتأكيد على أن “هزيمة أردوغان في الانتخابات ستمثل انقلابا في السياسات الخارجية التركية وقد تفتح صفحة حقيقية جديدة مع العرب وشعوب المنطقة”.

مرحلة جديدة من الاستبداد
من جانبه يري الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المصري شريف سمير أن فوز أردوغان بفترة رئاسية جديدة سيدخل تركيا مرحلة جديدة من الاستبداد.
وقال: ” إن فوز أردوغان بالسلطة سيجعله أكثر استبدادا وديكتاتورية بصورة قد تدفعه لاعتقال رموز المعارضة من أجل إحكام قبضته على السلطة بشكل كامل، كما سيسعي لتعزيز النظام الرئاسي بشكل كبير وقد يلجأ لتعديل دستوري يسمح له بالترشح لفترات رئاسية جديدة، فضلا عن تعزيز سلطتة وإحكام قبضته على المؤسسات التركية سواء الجيش أو الشرطة أو القضاء.
على الصعيد الخارجي، يعتقد الخبير المصري أن أردوغان حال فوزه بالرئاسة سيواصل عملياته العسكرية بسوريا والعراق لمنع حصول الأكراد على أى إمتيازات فى البلدين.

ميراث أردوغان
وبحسب سمير فإنه “فى حالة فوز مرشح المعارضة فقد يسود نوع من التخبط فى السياسة التركية لفترة نظرا لطول الفترة التي حكم فيها أردوغان التي تجاوزت عقدين من الزمن”.
وتابع : المعارضة ستسعي لتصفية ميراث أردوغان بشكل كامل وسيتم العودة للنظام البرلماني وقطع الطريق على فكرة احتكار السلطة بشكل كامل.

فوضي متوقعة
وأشار الكاتب المصري إلي أن “أردوغان لن يقبل بخسارة الانتخابات بسهولة ولن يعترف بالهزيمة حال حدوثها وقد تشهد تركيا احتجاجات كبيرة رفضا لنتائج الانتخابات ما يهدد بحدوث فوضي كبيرة قد تؤثر على مستقبل البلاد.
ويعتقد أن “خروج أردوغان من المشهد السياسي فى تركيا لن يمر بسهولة فحزب العدالة والتنمية سيعمل بشكل كبير على إحداث حالة من الفوضي وقد يعمل على تعطيل عملية تسليم السلطة فضلا عن تعطيل تشكيل الحكومة خاصة حال فوزه بنسبة كبيرة من مقاعد البرلمان وهو أمر قد يكون له تداعيات كبيرة على الاقتصاد التركي”.
وحول تأثير هزيمة أردوغان على أوضاع سوريا والعراق، يري الكاتب المصري أن حال فوز كليجدار أوغلو بالانتخابات سيتقلص الوجود العسكري التركي فى سوريا والعراق بشكل كبير، وتتوقف بشكل كامل التدخلات العسكرية فى البلدين وستنكفء تركيا على داخلها وتتوقف أطماعها فى دول الجوار بعد سقوط فكرة الإمبراطورية العثمانية التي كان يتبناها أردوغان”.

مخاوف من الفوضى..هل سيترك أردوغان مقعد الرئاسة إذا خسر الانتخابات؟

في ظل اقتراب الانتخابات التركية المقررة في 14 مايو (أيار)، تثير التصريحات التهديدية المتزايدة والصادرة عن الجانب الحاكم عديداً من الأسئلة والتساؤلات حول ما إذا كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيتنحّى في حالة خسارته الانتخابات.

وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قد أعلن أنه سيقبل النتيجة أياً كانت.

وقال في مقابلة تلفزيونية مساء أمس الجمعة إن الحزب الحاكم وحلفاءه “سيعتبرون أي نتيجة في صناديق الاقتراع شرعية”، وسيفعلون “كل ما تتطلبه الديمقراطية”، وفق “بلومبيرغ”.

ورغم تصريحات أردوغان ألا إن معسكر المعارضة تتخوف من تصريحات سابقة للرئيس ومعاونيه تظهر نواياهم حال خسارة الانتخابات.

وفي مقال له، حذر المعارض التركي تورغوت أوغلو من نوايا الرئيس أردوغان، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس حزب العدالة والتنمية، خاصة مع وجود تصريحات تحمل في طياتها تهديداً.

رسائل أردوغان

وأشار أوغلو بحسب جريدة اندبندنت عربية إلي أن أردوغان  لاستكمال تهديداته الكلامية أخذ يلتقط صوراً بزي عسكري يشبه زي الطيارين، ووضع صورته كمقاتل طيار في ملفه الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشار الكاتب إلي أن الرئيس التركي اتهم المرشح عن الائتلاف الجمهوري منافسه كمال كليتشدار أوغلو، بدعم حزب العمال الكردستاني، وهي تهمة لا أساس لها.

تهديدات خلوصي وصويلو

وفي السياق نفسه، أكد وزير الدفاع خلوصي أكار أمام جمهوره عندما هتفوا له: “إن قلت لنا اضربوا فسنضرب، وإن قلت لنا موتوا فسنموت”، فأجاب “سيأتي الوقت الذي يأتي فيه دورهم”. كما وصف وزير الداخلية، سليمان صويْلو، أيّ تغيير محتمل في السلطة عقب انتخابات 14 مايو بأنه “انقلاب”.

وتابع : بالنظر إلى هذه التطورات، يتساءل كثيرون عما إذا كان الرئيس أردوغان سيتخلّى عن السلطة إذا فشل في الانتخابات؟ والجواب، أنني لست قلقاً من ذلك، ففي نهاية المطاف، إذا خسر في الانتخابات، فمن المرجح أنه سيغادر الحكم.

الخروج من السلطة

لكن، هذا لا يعني أن ذلك سيكون سهلاً سلساً، بل لا تزال هناك بعض المخاوف قائمة بسبب وجود مجموعات مسلحة قريبة من حزب العدالة والتنمية وكذلك حليفه الجديد حزب “هُدا بار” (حزب الله). وبالتالي فإن خسارة أردوغان الانتخابات قد تؤدي، بحسب بعض المحللين، إلى حدوث اضطرابات وصراعات داخلية في الحكومة.

ومع ذلك، لا أتوقع أن تنضم الغالبية العظمى من مؤسسات الدولة إلى هذا السلوك الأحمق، بل ستلتزم غالبية المؤسسات القانون، وتؤدي مهامها بشكل سلمي. لكن إذا تورّطت في الفوضى والعنف، فإن الوضع سيتطور إلى مستوى أخطر وأكثر تعقيداً.

وبحسب أوغلو فإنه “في حالة وقوع هذا السيناريو، من المحتمل أن تتعرض تركيا لأزمة كبيرة تبلغ مستوى الفوضى والانهيار الاجتماعي.

مضيفا ” لا أتوقع أن تعرّض الجماهير من الشعب نفسها للخطر بسهولة من أجل حكومة خاسرة في الانتخابات. وبالأخص بعد سنوات من الاستياء وفرصة الحصول على تغيير في السلطة، سيكون رد فعل المعارضة الشعبية قاسياً، وستتعقد الأوضاع في تركيا، بالتالي لن نتوقع من المعارضة رد فعل هادئاً إذا لم يتم احترام نتيجة الانتخابات”.

وأضاف المعارض التركي فى مقاله ” بالنسبة إلى التهديدات التي تأتي من جانب حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان أرجح تفسيرها على أنها حالة من الذعر والقلق بدلاً من التهديد. ولذلك أعتقد أن رجب طيب أردوغان من خلال ارتداء الزي العسكري يرغب في إيصال رسالة ترمز إلى سياسة أمنية وانضباطية، حيث يرى نفسه يمثل هذه السياسة، ويتحكّم في الجانب العسكري بوصفه القائد الأعلى. والملاحظ أنه في هذه الانتخابات، لا يقدم أردوغان أي وعود تتعلق بمستقبل البلاد، بل يظهر في موقف الدفاع أكثر منه في الهجوم.

من ناحية أخرى،بحسب أوغلو يُعد هتاف “إن قلت لنا اضربوا فسنضرب، وإن قلت لنا موتوا فسنموت” شعاراً معروفاً في بلدنا، ويعود إلى الجماعات اليمينية والقومية والفاشية. وعلى رغم أنه قد يُفترض أن إطلاق مثل هذا الشعار يشكل تحدياً سياسياً، فإن القيادة العليا في سلك الدولة عادةً لا تعطي أهمية كبيرة لمثل هذه الهتافات الحماسية. على الأقل، هذا هو الاعتقاد الراسخ عندي. لذلك، أنا واثق بأن التهديدات التي تصدرها الحكومة ليست بسبب قوتها، إنما منبعها قلقها.

وأضاف: أصبحنا بين الفينة والأخرى نسمع عبارات مثل “إذا تغيرت الحكومة في 14 مايو…”، و”إذا خسرنا في 14 مايو…” من قبل أنصار الحزب الحاكم، وتعكس هذه العبارات حالة قلق وخوف متزايد، وحتى اعتقاد، ينمو بداخلهم تجاه الخسارة المحتومة. عند قراءتنا لهذه العبارات، يبدو أن هناك في المجتمع اتجاهاً واضحاً نحو التغيير. وتوجد أيضاً محاولات لمنع هذا التغيير. يقولون “هذه الحكومة قوية جداً وصحيحة، وهي تقود تركيا نحو الاستقلال والمستقبل بقوة، وإذا رحلت أو خسرت الانتخابات، فسيكون ذلك ضربة دستورية ضد تركيا”. يعكس هذا القول من جانب رؤية داخلية بدأت في التوجس من مجرى الأحداث، لكن تحمل هذه التصريحات في جانبها الآخر طابعاً تهديدياً يهدف إلى تقويض معنوية المعارضة الشعبية. إضافة إلى ذلك، يكشف تصريح وزير الداخلية سليمان صويلو عن وجهة نظره التي تفتقر إلى فهم الديمقراطية. يعتبر صويلو التقارب بين الأطياف السياسية المختلفة ومساعي تركيا لتحقيق تطور نحو أن تصبح دولة أكثر ديمقراطية، وتجميع القوى وتوحيدها لتحقيق تغيير في السلطة عبر الانتخابات، على أنه “انقلاب على الديمقراطية”.

سيناريو اسطنبول

وقال : عندما نأخذ في الاعتبار انتخابات إسطنبول في عام 2019، فإن الحكومة ألغت الانتخابات التي خسرتها، لكنها خسرت في المرة الثانية بفارق أكبر. بالطبع، ستطعن الحكومة هذه المرة أيضاً في نتائج الانتخابات، وتضغط لإعادة إجراء الانتخابات.

ويعتقد أوغلو : إنهم سيحاولون التلاعب في الانتخابات أو التدخل في نتائج الانتخابات التي سيكون الفارق بين المرشحين قريباً جداً، وذلك باستخدام القوة القانونية وقوة السلطة والسيطرة على المؤسسات، وسيقومون بالاعتراض والمحاولة في ذلك.

ومع ذلك، يري أوغلو أنه يجب أن لا ننسى أيضاً أن تركيا مرّت بفترة طويلة من الاعتراض السياسي، وصناديق الاقتراع هي الوسيلة الوحيدة التي يستخدمها الناخبون للتعبير عن آرائهم. آمل في أن يكون الفارق بين المرشح الفائز ومنافسه كبيراً بحيث يُحسم الموضوع، ولا يترك مجالاً للجدالات الفارغة. فإذا تجلت الاعتراضات بقوة وفازت المعارضة بفارق ملحوظ ستتلاشى تلك المناقشات.

وختم أوغلو مقاله بقوله ” أخيراً، أود التذكير بأننا كنا نقول “لن يشارك أردوغان في انتخابات غير محسومة النتائج”. وها هو يشارك. فماذا سيفعل إذا لم يشارك؟ هل سيُلغي الانتخابات؟ وكنا نقول أيضاً: “مهما كان الأمر فإنه سيفوز”. لكنه خسر في إسطنبول وأنقرة، ولم يستطع تغيير النتائج. الآن نقول: “إذا خسر الانتخابات، لن يغادر”. لا، إن قوته نابعة من كونه آخذاً بزمام السلطة، وإذا خسر، فلن يقف بجانبه أحد، وإذا نشبت الفوضى فسيغادر”.

قراءة فى برنامج كمال أوغلو..ماذا ينتظر تركيا حال فوز المعارضة بالرئاسة؟

قبيل يومين من الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تركيا، والتي وصفت بالمصيرية بعد عقدين على تسلم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان وحزبه دفة الحكم في البلاد، أظهر آخر الاستطلاعات تقدما لمنافسه كمال كيليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري.
فما الذي قد يتغير في البلاد يا ترى بحال فاز تحالف المعارضة، لاسيما أنه وعد سابقاً بقطيعة مع عقدين من إرث أردوغان؟
تشي الوعود التي أطلقها كيليتشدار أوغلو وتحالف المعارضة عامة الداعم له بما يلي من تغييرات يسعى إلى تحقيقها في البلاد بحال فاز بالرئاسة والبرلمان:

عودة إلى اللعبة الديمقراطية
“جمهوريتنا ستتوج بالديمقراطية” هكذا وعد مرارا كمال كيليتشدار أوغلو مرشح التحالف الوطني للرئاسة ناخبيه ومؤيديه، مؤكدا أنه يريد إنهاء “نظام الرجل الواحد”، وهي صيغة يكررها للتنديد بتركز السلطات بين يدي الرئيس.
وفي برنامجه الواقع في 240 صفحة، وعد التحالف الذي يضم ستة أحزاب بالتخلي عن النظام الرئاسي الذي اعتمد عام 2018 والعودة إلى فصل صارم بين السلطات مع “سلطة تنفيذية تحاسب” على قراراتها.

بمعنى آخر تسعى المعارضة للعودة إلى نظام برلماني توكل فيه صلاحيات السلطة التنفيذية إلى رئيس وزراء منتخب من البرلمان.
فيما اعتبرت برتيل أودر، أستاذة القانون الدستوري في جامعة كوش في إسطنبول، أن “تغيير النظام لن يكون سهلا بسبب السقف البرلماني المرتفع جدا البالغ 3/5 اللازم للمراجعات الدستورية”، بحسب ما نقلت فرانس برس.

حريات وقضاء مستقل
إلى ذلك، تَعهدت المعارضة سابقا بإرساء “قضاء مستقل ونزيه” والإفراج عن العديد من السجناء السياسيين، ومن بينهم بطبيعة الحال صلاح الدين دميرتاش الشخصية الرئيسية في حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد والعدو اللدود لأردوغان، والمسجون منذ عام 2016 بتهمة “الدعاية الإرهابية”.
كما تسعى المعارضة لإحياء حرية التعبير وحرية الصحافة، وإلغاء جريمة “إهانة الرئيس” التي جعلت من الممكن خنق الأصوات المعارضة.

الدفاع عن “كل النساء”

إلى ذلك، أكد رئيس حزب الشعب الجمهوري (وهو حزب علماني) أنه سيضمن إدراج وضع الحجاب ضمن القانون بهدف طمأنة الناخبات المحافظات اللواتي يخشين أن يقوم حزبه المعروف تاريخيا بمعارضته للحجاب، بتغيير المكتسبات التي تحققت في ظل رئاسة أردوغان.

وقال في أحدى خطاباته “سندافع عن حق كل النساء” متعهدا أيضا باحترام “معتقدات ونمط حياة وهويات كل فرد”.
كذلك، أكد كمال كيليتشدار أوغلو أيضا رغبته في إعادة تركيا إلى اتفاقية إسطنبول التي تفرض ملاحقة منفذي أعمال العنف ضد النساء والتي انسحبت منها أنقرة في 2021.

ماذا عن الاقتصاد؟

أما بالنسبة للاقتصاد، وهي المسألة الأهم في البلاد، فقد تعهدت المعارضة بالقطيعة مع سياسة أردوغان الذي، خلافا لكل النظريات الاقتصادية الكلاسيكية، دأب على خفض نسب الفوائد رغم التضخم الذي يفوق نسبة 50%.
وأكد التحالف الوطني أنه سيعيد التضخم إلى “دون نسبة العشرة بحلول عامين” وأنه “سيعيد لليرة التركية مصداقيتها” بعدما خسرت حوالي 80% من قيمتها في خمس سنوات مقابل الدولار.
لكن إردال يالتشين أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة كونستانس (ألمانيا) رأى أن “أياً كان الفائز في الانتخابات، فمن غير المرجح أن يتعافى الاقتصاد التركي بسرعة”.

دبلوماسية هادئة!
وفي ما يتعلق بالعلاقات الخارجية، تسعى المعارضة للوصول إلى “عضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي” كما قال أحمد أونال تشفيكوز المستشار الخاص لكمال كيليتشدار أوغلو.
إلا أن دبلوماسيين ومراقبين لا يتوقعون حصول تقدم على المدى القصير أو المتوسط.

كذلك تريد إعادة تأكيد مكانة البلاد داخل حلف شمال الأطلسي مع الحفاظ على “حوار متوازن” مع روسيا، وذلك إدراكا منها أن أنقرة أزعجت حلفاءها في الحلف من خلال إقامة علاقة مميزة مع موسكو منذ عام 2016.
لكن الأولوية، بحسب تشفيكوز ستكون إعادة العلاقات مع سوريا، معتبرا أن المصالحة حتمية من أجل ضمان عودة 3,7 مليون لاجئ سوري يقيمون في تركيا، “على أساس طوعي” وفي غضون أقل من عامين. وهو وعد يثير قلق المدافعين عن حقوق الإنسان.
إذا كل تلك الوعود أو المشاريع على جدول كمال كليتشدار أوغلو إن فاز!

Exit mobile version