كيف تدعم تهديدات أردوغان لـ شمال شرق سوريا محاولات إحياء داعش ؟

ليلي موسي

في الوقت الذي تحولت فيه محاربة ومكافحة تنظيم داعش، وما يحمله من إرهاب دولي، يشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين؛ هدفاً وخياراً استراتيجياً وأصبحت ضرورة القضاء عليه، واجتثاث أيديولوجيته المتطرفة وما تحملها من تهديدات على أمن واستقرار البشرية برمتها، وتجفيف منابعه والبيئات التي تغذي وتنمي هذه الايديولوجية؛ وتعمل على تكاثرها ونشرها، هذا التنظيم وغيره من التنظيمات الإسلاموية المتطرفة وبكل ما يحمله من أيديولوجية مشبعة بثقافة الكراهية والعنصرية وإلغاء الأخر المختلف معه فكرياً وعقائدياً، أمام كل ذلك تحول هذا التنظيم إلى صمام أمان للحفاظ على الأمن الوجودي الأردوغاني –العثماني.

أدروغان وخطة استعادة العثمانية
طالما لجأت الدولة التركية برئاسة أردوغان وحزبه، حزب العدالة والتنمية إلى تنفيذ استراتيجياتهم القائمة على استعادة العثمانية القديمة بلبوس أردوغانية جديدة، وقد تمثل ذلك بالميثاق الملي؛ وعبر استراتيجية تقوم عليها الحركات والتنظيمات الإسلاموية؛ وذلك بالسعي إلى ضم سوريا وغيرها من الدول إلى الأراضي التي شملها الميثاق الملي.
حيث كان تنظيم داعش الإرهابي وأخواته من التنظيمات الإسلاموية، ومازالت المطية التي يوفرون لها الممر الآمن والديمومة بالتغلغل في الأزمة السورية؛ واستثمارها خدمةً لمشاريعها الاحتلالية التوسعية عبر دعمها اللامحدود مادياً وعسكرياً ولوجستياً لتلك الجماعات، وذلك منذ بداية الحراك الثوري في سوريا.
ففي الوقت الذي تحولت فيه سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مساحات شاسعة من الجغرافية السورية إلى فوبيا وقلق دولي وإقليمي ومحلي؛ لما يحمله ذلك من تداعياتها كارثية على حاضر ومستقبل المنطقة والعالم؛ أصبحت هذه الجماعات الحامي والضامن للمصالح الأردوغانية التوسعية الاحتلالية؛ والمدافعة عن بقائه على سدة الحكم.

الدعم التركي لـ داعش
لذا نجد في كل مرة يكون هناك تقدم في مسار انحسار التواجد الداعشي جغرافياً وميدانياً؛ حيث بدأ العالم بمرحلة تجفيف منابعه الفكرية عبر إعادة تأهيل وتنمية المجتمعات التي خضعت لسيطرة التنظيم؛ بالإضافة إلى العمل على عوائل التنظيم من الأطفال والنساء تمهيداً لدمجهم بالمجتمع. تعمل الدولة التركية على الإقدام ببعض الممارسات أو إطلاق جملة من التهديدات والهجمات على بعض المناطق التي من شأنها تعمل على تنشيط خلايا التنظيم النائمة وتهيئة الفرص له؛ وتكثيف نشاطاته عبر اتباع استراتيجيته ما يعرف بالذئاب المنفردة؛ وذلك من أجل زعزعة أمن واستقرار المنطقة.
والأمثلة على ذلك كثيراً جداً، وسبق وأن أشرت إلى سياسات وممارسات الدولة التركية في مقالاتي السابقة، لذا وتجبناً للتكرار سأسلط الضوء في مقالي هذا على التهديدات الأخيرة التي تطلقها دولة الاحتلال التركي بإطلاق عملية عسكرية جديدة على مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
حيث جاءت التهديدات التركية وتحشيداتها العسكرية مع كامل الجهوزية على الحدود السورية مع الفصائل الإسلاموية المسلحة السورية؛ والمدعومة تركياً لشن عملية عسكرية جديدة على مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بعد إعلان النظام السوري وحلفائه من الروس والإيرانيين بإطلاق عملية إدلب المرتقبة وتطهيرها من الإرهابين، واتهامهم للدولة التركية بعدم الوفاء بالتزاماتها، وتنصلها من وعودها بالعمل على تحييد الإرهابيين من المعتدلين على حد وصفهم –الروس-.

رفض دولي لشن تركيا عملية عسكرية بشمال سوريا
فالبرغم من عدم وجود أية موافقة دولية بالسماح لتركية بشن عملية عسكرياً في الوقت الحاضر؛ وكخطوة أمريكية استباقية لردع تركية من الإقدام على أية عملية عسكرية جديدة من شأنها تقويض حملة مكافحة تنظيم داعش جددت بالإبقاء على حالة الطوارئ الوطنية ذي الرقم 13894 المتعلق بالوضع السوري؛ والذي فرضته على تركيا بسبب هجومها على شمال شرقي سوريا عقب عملية ما تعرف بـ ” نبع السلام”، والذي أسهم في تقوض حملة هزيمة داعش في سوريا والعراق.
مما اضطرت الدولة التركية إلى الإعلان وبشكل رسمي تأجيل العملية لعدم توفر الظروف الدولية؛ إلا أنها لم توقف تهديدات ووعيدها بشن عملية عسكرية عبر أبواقها الإعلامية ونشر أخبار وتصاريح ملفقة وفيديوهات قديمة لتضليل الرأي العالم والمحلي، والقصف المستمر من على بعض المناطق واستخدام طائرات من دون طيار باستهداف شخصيات قيادية ومدنيين عزل ومؤسسات عسكرية ومدنية وغيرها من السياسات التي من شأنها تسهم لبث الخوف والرعب في نفوس الأهالي ودفعهم إلى الهجرة في خطوة تسهم في تفريغ المناطق الآهلة بالسكان الأصليين ويفتح مجال أمام سهولة تنشيط وتحرك تنظيم داعش الإرهابي.
حركات تسهم في إنقاذ من تبقى من عناصر التنظيم وعوائلهم؛ سواء أكانوا في السجون أو المخيمات، وتهديدات تدفع عناصر التنظيم ومؤيده إلى التمرد ودفعهم بالتحرك وإثارة الشغب وخلق الفوضى.

محاولة فاشلة من نساء داعش للهروب 
حيث أقدمت نساء تنظيم داعش في مخيم الروج في مناطق شمال وشرق سوريا بمحاولة فاشلة منهن على الهروب من المخيم عبر إحراق الخيم، بالإضافة إلى إعلان قوات سوريا الديمقراطية وبدعم ومساندة من التحالف الدولي عن إحباطها هجوماً لخلية من تنظيم داعش بتاريخ 8 تشرين الثاني، كانت تهدف لتهريب عناصرها من سجن بمدينة الحسكة في شمال شرقي سوريا.
ففي ظل تصريح الروس ورفضهم لأي عملية عسكرية جديدة على المنطقة من قبل تركيا ومرتزقتها من السوريين؛ وعزمها بدعم ومساندة الحكومة السورية في تحرير إدلب ومحاربة فلول تنظيم داعش في البادية السورية؛ أقدم تنظيم داعش على تنفيذ الكمين في بادية المسرب في ريف دير الزور الغربي، ما أدى إلى مقتل ثلاثة عشر عنصراً من الجيش السوري، وإصابة آخرين بجروح خلال قيامهم بعملية تمشيط في المنطقة.
تحركات وتهديدات تركية تأتي عقب رغبة المجتمع الدولي بالعمل على أنها الأزمة؛ والبدء بعملية انتقال سياسي وضرورة إخراج جميع القوات الأجنبية ليست في سوريا لوحدها أنما في كافة المناطق التي تشهد نزاعات مثل ليبيا؛ ولكن كما يبدو طالما ضمنَ أروغان بقاء أمنه الوجودي عبر الاصطياد في المستنقعات التي تعاني منها الدول والمجتمعات؛ بدعم الحركات والجماعات الإسلاموية المتطرفة، يعلم تماماً بتجفيف تلك المستنقعات سيكون سيواجهه أزمة جدية على صعيد أمنه الوجودي؛ وربما نهاية لوجوده ليس بالتوغل في شؤون المجتمعات والدول؛ وإنما حتى وجوده في سدة حكم . لذا نجده يعرقل مساعي إجراء الانتخابات الليبية في وقتها المحدد عبر اتباعه من جماعة الإخوان، وتنصله من وعوده مع الحكومة المصرية بكف عن تدخلاته بالشؤون المصرية الداخلية عبر دعمه وتمسكه بالإخوان المصريين؛ وكذلك الإصرار بالعمل على الإبقاء على الأزمة السورية وتنشيط داعش، والانفتاح على حركة طالبان الأفغانية والتواجد فيها في وقت تشهد فيها نشاط لتنظم داعش المعروف بـ ” تنظيم خراسان”.
أية عملية عسكرية تركية جديدة على سوريا من شأنها أن تقوض الجهود في مكافحة الإرهاب؛ وربما يكون هناك عودة نشطة للتنظيم وبوادرها ظهرت بمجرد إطلاق الدولة التركية للتهديدات.
لذا يتطلب من المجتمع الدولي وخاصة الدول والمجتمعات التي تعاني من التدخلات التركية؛ العمل معاً على لجم التدخلات التركية، وبذلك ستكون خطوة لتسهيل تجفيف منابع الإرهاب والتطرف، وخطوة نحو تحقيق الأمن والسلم الدولي والإقليمي والمحلي.

إقرا أيضا

فى ظل موقف أمريكي ضعيف..هل يقود الانفتاح العربي على دمشق لإسقاط قانون قيصر؟

.. هل يطلق بوتين رصاصة الرحمة على الوجود التركي بـ سوريا؟

النعوش الطائرة..باحث تركي يكشف لـ الشمس نيوز خطة أردوغان للبقاء في السلطة 

كشف الباحث والمحلل السياسي التركي محمد أمين أن أردوغان لو سُمح له بالهجوم على شمال شرقي سوريا فلن يترك حجرا في المنطقة دون قلبه.

وقال أمين في حوار خاص لـ الشمس نيوز إن الولايات المتحدة وروسيا يريدان انهاء الأزمة السورية وبدء عملية سياسية وانهاء الحرب، ولكن هذا ليس من مصلحة أردوغان الذى لا يريد للحرب السورية أن تنتهي بحسب كلامه.

سر رغبة أردوغان في الحرب

وأرجع الباحث التركي رغبة أردوغان في شن هجوم على شمال شرقي سوريا لسببين أولهما قطع الطريق على المعارضة في حكم تركيا عن طريق إجراء انتخابات عامة مبكرة يعلم أردوغان أنه سيخسرها.

 وأوضح إن أردوغان يسعي للحرب للهروب من الانتخابات ويخطط لجعل الحرب طريقه للبقاء في السلطة عن طريق اثارة مشاعر العنصريين بجنازات الشهداء والحصول على أصواتهم.

وأشار إلى أنه بمعني أدق فإن أردوغان يخطط لاستغلال جنازات شهداء الحرب في الصراع الانتخابي بحيث يستعيد شعبيته المفقودة عن طرق النعوش الطائرة وجثث الضحايا.

وبحسب الباحث التركي فإن السبب الثاني لرغبة أردوغان شن حربا على مناطق الشمال السوري هو المواقف الأخيرة لواشنطن وموسكو معه.

أردوغان بين واشنطن وموسكو

وأشار إلى أن أردوغان أشبه بشخص عالق في واد بين جبلين، فالولايات المتحدة تفرض عقوبات على تركيا عندما يتعامل مع روسيا والأخيرة تغضب إذا تحسنت علاقته بواشنطن وهو ما جعله تائه حائر بين الطرفين.

كما إن أردوغان كان يبذل قصارى جهده للقاء بايدن لفترة طويلة، لكن الرئيس الأمريكي لا يأبه بذلك، فضلا أن بوتين لم يعد يهتم به أيضا وهو ما يجهل أردوغان يريد أن يبدأ حربًا حتى يضطر الطرفان للمطالبة بحل المشكلة ووقف الحرب وهو ما يمكنه بسهولة في هذه الحالة من نقل رغباته إلى الدولتين.

ويري الباحث التركي أن لا أحد سيسمح له بحرب كبيرة لكن لو تركوه فيسعي لإسقاط الإدارة الذاتية وشن حرب شاملة على مناطقها لأنه لا يستطيع هضم مكاسب الأكراد السوريين.

أردوغان يهدد بالحرب

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد هدد مطلع أكتوبر الجاري بشن عملية عسكرية.

وفى تعليقه على مقتل جندي تركيا في شمال سوريا مطلع أكتوبر قال أردوغان إن تركيا “ستقوم باللازم”، في تلميح لشن عمل عسكري بمناطق شمالي سوريا.

ومنذ تصريحات أردوغان تتوالى التسريبات من داخل مناطق الاحتلال التركي بالاستعداد للعملية العسكرية المرتقبة.

عمليتين عسكريتين

وكانت وكالة “نوفوستي” الروسية، قد نقلت عن مصدر في المعارضة السورية، إن تركيا تستعد لإطلاق عمليتين عسكريتين جديدتين في سوريا دون إعلان مسبق وفي أي لحظة.

ويأت هذا بالتوازي مع موافقة البرلمان التركي على طلب أردوغان تمديد مهمة الجيش في عمليات عسكرية بسوريا والعراق.

وبحسب الوكالة الروسية تستعد الفصائل السورية المعارضة المدعومة من أنقرة لشن عمليتين عسكريتين في آن واحد، إحداهما في محافظة إدلب دعما للتشكيلات المسلحة المتواجدة هناك، والثانية شمال شرقي البلاد ضد قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ذات الأغلبية الكردية.

إقرا أيضا

فضيحة تجسس تلاحق دبلوماسيين أتراك في أفريقيا

مريض عقلي.. رئيسة حزب الخير توجه إهانات قاسية لـ أردوغان

Exit mobile version