كشفت تقارير صحفية عن استمرار الهجمات التركية التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية في المناطق الكردية بسوريا والعراق.
وبحسب وسائل إعلام فقد استهدفت مسيّرات تركية صباح اليوم عدة مواقع في مديني قامشلو وكوباني أسفرت عن وقوع إصابات.
وبحسب التقارير فإن المسيرات التركية استهدفت منشأة خدمية للأدوات الكهربائية بالقرب من محطة زيت الغاز (المازوت) سادكوب، ومحيط محطة القطار، واستهدفت مطبعة، ومجمع زراعي، ومؤسسة الإسمنت في قامشلو بروجآفا، والقصف لا يزال مستمراً ضمن سياسة حرق الأرض وتدمير البنية التحتية التي تنتهجها تركيا ضد المناطق الكردية خاصة فى الشمال السوري.وتفيد المعلومات الأولية “بوفاة شخصين، وإصابة 4 أشخاص جراء استهداف مطبعة سيماف على الحزام الغربي بمدينة قامشلو “.
انفجارات عنيفة
من جانبه، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان صباح اليوم الاثنين سماع دوي انفجار عنيف ناجم عن “استهداف طائرة مسيّرة تركية موقعاً قرب مكتب تخزين وتوزيع زيت الغاز (المازوت) السادكوب”، في حي العلايا في مدينة قامشلو بروجآفا، فضلاً عن وقوع إصابتين إثر استهداف مسيرة تركية لشركة انشاءات في كوباني.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان: “أصيب شخصان بجروح متفاوتة، نتيجة استهداف مسيّرة تركية، شركة إنشاءات تابعة للإدارة الذاتية في مدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، حيث دوى انفجار عنيف في المنطقة، فيما هرعت سيارات الإسعاف لنقل المصابين إلى المستشفى”.
وبحسب المرصد فإن عدد الاستهدافات الجوية التركية لمناطق شمال شرق سوريا وصل إلى “108 منذ مطلع العام 2023، تسببت بمقتل 86 شخصاً، بالإضافة لإصابة أكثر من 97 شخصاً بجروح متفاوتة”.
أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان مساء السبت بوقوع غارات استهدفت موقعين نفطيين شمال شرق سوريا قرب الحدود التركية، دون الإبلاغ عن سقوط ضحايا.
وكانت طائرات حربية تابعة للجيش التركي قد استهدفت أمس قرية سكيري التابعة لقضاء آمدية في دهوك بإقليم كردستان.
و منذ مساء السبت تنفذ تركيا هجمات ضد أهداف في شمال سوريا والعراق، بعد مقتل 12 من جنودها خلال يومين.
وقُتل 12 جندياً تركياً في يومين خلال هجومين منفصلين على قاعدتين تركيتين في إقليم كردستان، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع التركية.
تصاعدت حدة التصريحات التركية المعادية لمشروع الإدارة الذاتية بشمال سوريا، واليوم الخميس قال مسؤول بوزارة الدفاع التركية، إن شن عملية برية في سوريا من بين الخيارات التي قد تبحثها تركيا بعد أن خلصت أنقرة إلى أن مهاجمين اثنين فجرا قنبلة قرب موقع حكومي مطلع الأسبوع أتيا من سوريا.
وبحسب وكالة رويترز ، أضاف المسؤول التركي:”هدفنا الوحيد هو القضاء على المنظمات الإرهابية التي تشكل تهديدا لتركيا. عملية برية هي أحد الخيارات للقضاء على هذا التهديد لكنها ليست الخيار الوحيد بالنسبة لنا”.
وفي سياق متصل ذكرت صحيفة “حرييت” نقلا عن مصادر بوزارة الدفاع التركية قولها إن العمليات ضد حزب العمال الكردستاني ستستمر في نطاق الحرب ضد الإرهاب.
وقالت: “حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب هما نفس المنظمة الإرهابية، ونحن نقول دائما إنهم هدفنا المشروع أينما كانوا يعملون”.
وذكّرت المصادر “الدول الصديقة والحليفة” بضرورة عدم التواجد بالقرب من الإرهابيين، قائلة: “هذا تذكير”.
وتابعت “من حق تركيا الطبيعي أن تنفذ عملية تتماشى مع حقوقنا في الدفاع عن النفس الناشئة عن القانون الدولي، من أجل القضاء على الهجمات الإرهابية ضد شعبنا وقواتنا الأمنية”.
وأشارت إلى أن “العديد من العوامل فعالة في تحديد مسار العمل الذي يجب اتخاذه، وأن الهدف الوحيد هو تدمير المنظمات الإرهابية التي تشكل تهديدا لتركيا، وأن العملية البرية ليست الخيار الوحيد”.
يأت هذا رغم نفي قيادات الكرد بسوريا أى صلة لهم بالهجوم الذى شهدته تركيا.
تعليق الجنرال مظلوم
وكان الجنرال مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية قد أكد أنهم ليسوا طرفا في الصراع الداخلي بتركيا ، مشدا على أن منفذو هجوم أنقرة لم يمروا عبر مناطق الإدارة الذاتية كما يدعي المسؤولون الأتراك”.
وقال عبدي في تغريدة عبر حسابه على منصة إكس “إن تركيا تبحث عن الذرائع لإضفاء الشرعية على هجماتها المستمرة على منطقتنا وشن عدوان عسكري جديد يثير قلقنا العميق”.
واعتبر “إن التهديد باستهداف البنية التحتية للمنطقة ومواردها الاقتصادية ومدنها المأهولة بالسكان هو جريمة حرب، وهو ما شهدناه من قبل.ونحث الأطراف الضامنة والمجتمع الدولي على اتخاذ المواقف المناسبة إزاء هذه التهديدات المتكررة وضمان السلام والاستقرار في المنطقة”.
بقلم/ د.دانييلا القرعانتجاوز أوجلان مؤسس حزب العمال الكردستاني سن الخمسة وسبعين وهو الأن محتجز في جزيرة (إمرالي) التركية بعد أن إضطرته ظروف قيادته للقضية الكردية الى ترك منفاه في سوريا ثم إلى روسيا ثم الى إيطاليا التي أخرجته من أراضيها ليلجأ بعدها الى السفارة اليونانية في كينيا التي سمحت السلطات الكينية بأن تقبض عليه وتعيد تسلميه الى تركيا عام 1999 ليدان بعدها بالخيانة الكبرى ثم يحكم عليه بالإعدام قبل أن يخفض عام 2002 الى عقوبة السجن المؤبد التي مر منها فترة عشرين عاماً.
المؤامرة الدولية
يعتقد الشعب الكردي أن اعتقال أوجلان أتى نتيجة موأمرة دولية استهدفتهم كما تستهدف كل الكيانات الديمقراطية الأخرى، وأن أي جهة لحلحلة المسألة الكردية سيبؤ بالفشل بسبب إعتقال قائدهم أوجلان الذي ما ملّ من نشر أفكاره ومقترحاته حتى وهو داخل سجنه ضمن مجموعة مرافعات مكتوبة قدمها الى محكمة الحقوق الأوروبية.
من المهم أن نعرف أن عدد الأكراد في العالم وفق إحصائيات قد وصل الى قرابة الستين مليون نسمة، وهؤلاء يرون أن من حقهم تقرير مصيرهم وتأسيس دولة مستقلة لهم (أو حكم ذاتي خاص) ضمن جغرافية الدول المتواجدين بها (تركيا وايران والعراق وسوريا) وكل ذلك أسوة بالشعبين الفارسي والأرمني الذي يعيش كل منهما في دولة تجمع عرقهما الأصلي، هذا الأمر رفضته تركيا التي تجمع أكبر عدد من الأكراد في العالم وكذلك دول الناتو وحلفائه، مما جعل أكراد تركيا يدفعون بشراسة ثمن هذا الصراع ما بين حلم الدولة القومية والأعراف المختلفة بالمنطقة.
إن حرص تركيا على إحتجاز أوجلان ومن خلفها الناتو وحلفائه قائم على أساس رغبتها بإطفاء شعلة قضية الأكراد، لعل ذلك يعمل على تغييب القضية عمداً في الإعلام، ويأتي في هذا السياق تقييد حركة مجموعة المحاميين التي تدافع عن أوجلان ومنعهم من مقابلته ونشر تصريحاته للإعلام، لإحياء طرق الوصل لحل سلمي للقضية الكردية التي لا تقل مأساة عن قضية الشعب الفلسطيني.
الطريق إلي الحل
حل القضية الكردية لا بد أن يستلزم السير في خطين، الخط الأول التعامل مع مشكلة أوجلان حالياً بشكل مستعجل، عن طريق تحريك مسالة إحتجازه عبر تشكيل طواقم قضائية كردية تركية عربية دولية وليس الإكتفاء بفريق محامين من داخل تركيا للمطالبة بالافراج عنه حتى لو لزم الأمر الى التوجه الى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية بحيث تتم محاكمته من جديد محاكمة سياسية وليس جنائية، ويتوقع لهذا الأمر إن تم أن تؤدي المقارعات القانونية عبر مؤسسات المجتمع المدني للإنتقال الى الخط الثاني من المجابهة وهي مسألة تنظيم مؤتمر دولي لمعالجة أساس القضية الكردية برعاية دولية وحضور وموافقة الدول المعنية، والمسألتين، اعتقال أوجلان ومحاكمته سياسياً أمران كفيلان في تحريك بورصة القضية الكردية نحو حل نهائي للقضية لن تتجاوز حكم ذاتي موسع، إذ ان حلم إقامة دولة سيبقى يراود الأجيال القادمة ولن يتحقق وفق المعطيات الحالية.
دور المجتمع الدولي
لذا، على المجتمع الدولي أن يستغل وجود أوجلان الذي أمر قواته بوقف الكفاح والتوجه نحو الخيار السلمي وأن يسعى الجميع نحو إيجاد حل حقيقي للأزمة خاصة وأن المجتمع الدولي طرف أساسي بالقضية حيث أن قرار اعتقال أوجلان جاء أصلاً بتسهيل من الناتو وبالتالي، سيتم رفع دعوات قضائية على تركيا والنانو معاً.
نحن مع ما يراه الأكراد من أن حجم كبير من المؤامرة الدولية تجاه القضية الكردية حيك فعلاً ضد قائدها ومنظرها المعاصر أوجلان، ولا نستبعد أن يكون الإعتقال كما يدعون جاء نتيجة مثل هكذا مؤامرة، لعل بعض الأدلة التي في جعبتنا والتي كشفتها الصحافة لاحقاً ما يؤكد شكوكنا، وهي أن أمر الإعتقال كان ضمن صفقة سرية قدمت بموجبها اسرائيل عرضاً تجارياً بترميم غواصتين حربيتين كانت تملكمها تركيا مقابل مليار وربع مليون دولار إضافة الى تسليم أوجلان شخصياً للمخابرات التركية التي كانت عاجزة تماماً عن القبض عليه، وهذا العبث الإسرائيلي، برأينا، لم يكن ليتم لولا حصول تفاهمات ما بين مخابرات الدول الكبرى كان ضحيتها أوجلان شخصياً، لذا، لم يكن مستغرباً أن يوافق الرئيس حافظ الأسد بشكل مفاجئ على إخراج أوجلان من سوريا بما يتوافق مع أصحاب هذه المؤامرة الدولية، إضافة لرفض جميع طلبات اللجوء السياسي التي قدمها أوجلان بعد خروجه من سوريا وتنقله بين عدة دول والتي استمرت الى لحظة القبض عليه.
بناءً عليه، نعتقد أن القضية الكردية قد طال أمدها فعلاً وأنها اليوم تحظى بفرصة كبيرة جداً لإعادة تعويمها من منظور التغيير الديمغرافي الذي حلّ بالمنطقة من جهة، ومن جهة استغلال مسألة اعتقال أوجلان من جهة أخرى، فهل يعي الغرب هذه الفرصة ويستغلها؟ هذا ما نأمل أن نراه على أرض الواقع قبل فوات الأوان ودخول الأطراف في تصعيد هم في غنى عنه.
كشف المستشار الدكتور علاء سلامة صاحب دار العدالة للتحكيم الدولي والمحاماة وعضو منظمة اوتاد لمكافحة الفساد أن قضية الزعيم الكردي عبد الله أوجلان تم التطرق إليها خلال الإجتماع الأخير لمجلس حقوق الإنسان الدولي بجنيف.
وأوضح لوكالتنا “إنه قدم الملف لإحدي منظمات المجتمع المدني المتخصصة في مجال حقوق الانسان والتي بدورها قدمت الملف لرئيس مجلس حقوق الإنسان وقامت بشرح الانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها أوجلان منذ سنوات والحبس الانفرادي ومنع الزيارة سواء لعائلته او محاموه او المنظمات الدولية المعنية وكذلك مايتعرض له من سوء المعاملة والتعتيم علي حالته الصحية والنفسية”.
وأكد أن “الملف حاليا تحت البحث والدراسة لاتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة، مشيرا إلي أنه سوف يتواصل بشكل دوري مع المنظمات المعنية لمعرفة أخر التطورات”.
وتابع : “رئيس مجلس حقوق الانسان هو الذي استلم الملف بنفسه وسمع الموضوع ولكنه لا يبدي أي رأي سواء بالنسبة إلي هذا الملف اوأى ملف اخر إلا بعد البحث والدراسة ومخاطبة الجهات المعنية للتأكد من صحة ودقة البيانات والمعلومات الموجودة بالملف”.
وأشار إلي أن “الملف لم يعرض بشكل رسمي علي اعضاء المجلس ولكن تم تسليمه لرئيس المجلس بصورة شخصية من قبل المنظمة وسوف يتم دراسته ويتم التواصل مع المنظمة بخصوص النتائج التي توصلت اليها”.
وبحسب الحقوقي المصري فإن “قضية الزعيم الكردي عبد الله أوجلان تعتبر قضية انسانية وهامة مؤكدا أنه من حق اي انسان ان يكون له حقوقه حتي لو كان مقيد الحرية سيما أن القوانين الدولية تكفل كافة هذه الحقوق خاصة أن السيد اوجلان صاحب قضية وسجين بسبب فكره ورأيه وهو ما يجعله يستحق كل الدعم من كل المشتغلين في مجال حقوق الانسان”. أوجلان ومانديلا
وحول سر الصمت العالمي على ما يتعرض له أوجلان منذ ربع قرن في سجون تركيا، اعتبر سلامة أن “القضية لم تأخذ الشكل الإعلامي اللازم حتي يلتفت لها أغلب دول العالم بالمقارنة مثلا من قضية نيلسون مانديلا حيث فوجئنا أن الكثير من المنظمات الدولية لا تعرف اي تفاصيل عن هذا الموضوع”.
ويري رئيس مركز العدالة أن الحل الأمثل لقضية أوجلان هو “ضرورة تدويل القضية عالميًا والضغط الدولي والاعلامي من قبل منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية من أجل ان ينال حقوقه الكاملة كسجين والسماح بزيارة محاموه واقاربه ثم النظر في اعادة نظر قضيته بشكل عادل من جديد، مشددا على ضرورة أن تمارس المراكز والجمعيات الحقوقية الضغط علي السلطات التركية لحسن معاملة الزعيم الكردي طبقاً للقانون الدولي”.
وختم المستشار علاء سلامة تصريحاته لوكالتنا بتوجيه رسالة قوية لأنصار ومحبي الزعيم الكردي عبد الله أوجلان داعيا لمواصلة الحراك والضغط الدولي لتعريف العالم بالقضية مؤكدا أنه لا يضيع حق وراءه مطالب”.
صالح بوزان
سأتطرق لهذا الموضوع على الصعيد السوري. فالشعب السوري بكل مكوناته لم يكن يعرف شيئاً عن الفكر القومي والوطني عشية الانسلاخ من الإمبراطورية العثمانية. كان القسم الأعظم منه يؤمن بالرابطة الإسلامية السنية. وبالتالي لم يكن راضِ تماماً عن الانفصال من الإمبراطورية العثمانية، بل اعتبر هذا الانفصال تدبير من الإنكليز الذين لا يكنّون الود للمسلمين ووحدتهم. وحتى الآن لا تحتفل الحكومات السورية بذكرى الاستقلال من الامبراطورية العثمانية.
أما المسيحيون والأرمن والعلويون والدروز في سوريا كانوا راضيين من هذا الانفصال، وفي الوقت نفسه توجسوا من الطابع الإسلامي السني المرتبط بالشريف حسين في الحجاز من خلال ابنه فيصل الذي توّجه الإنكليز ملكاً على سوريا في 8 آذار 1918. لم يكن الكرد مبالين لهذا التغيير، ومن ناحية أخرى شعروا بغصة كبيرة لانفصالهم عن بني جلدتهم في الطرف الثاني من الحدود الجديدة. وعلى أساس هذه الغصة ظهر وتطور العداء الكردي ضد اتفاقية سايكس بيكو وضد الإنكليز والفرنسيين معاً.
زاد الطين بلة ظهور الفكر القومي العربي منذ ثلاثينيات القرن الماضي في المشرق. هذا الفكر القومي الذي تجلى في فكر حزب البعث لاحقاً كفكر قومي عربي ينكر وجود أي قومية غير عربية في سوريا، ويدعي أن سوريا سايكس بيكو هي جغرافية عربية فقط. وأنكر بذلك وجود ثلاث أجزاء من جغرافية كردستان مع سكانها داخل الخريطة الجديدة لسوريا.
منذ ذلك التاريخ بدأ تتراكم معاناة الشعب الكردي في سوريا. لم تكن هذه المعاناة من الشعب العربي. فالشعبان العربي والكردي كانا يعيشان جنباً إلى جنب في عهد الإمبراطورية العثمانية على هذه الجغرافيا. ولم يسجل التاريخ أي صراع قومي بينهما. بل ممكن القول أن المعاناة من الاستبداد العثماني وحد مصيريهما. وبالتالي كان نضال الشعب الكردي في سوريا ضد الفكر القومي البعثي وليس ضد الشعب العربي.
استطاع حزب البعث أن يوجه أغلبية الشعب العربي ومثقفيه ضد الشعب الكردي من خلال تعريب مفهوم الوطنية في سوريا وجعلها تعني في الوقت نفسه القومية العربية حصراً.
عداء المعارضة والنظام السوري للإدارة الذاتية ؟
لم يغير النظام البعثي موقفه تجاه الشعب الكردي في سوريا بعد الثورة. فلم يعترف حتى الآن بالإدارة الذاتية. كما أن الظاهرة الملفتة للانتباه أن المعارضة السورية تجاوزت نهج النظام البعثي تجاه الإدارة الذاتية بالهجوم السافر عليها فكرياً وسياسياً وميدانياً بواسطة ميليشياتها. فمن ناحية حملت هذه المعارضة الفكر القومي العربي البعثي، ومن ناحية ثانية أضافت عليه الفكر الإسلامي الأصولي الذي لا يعترف بالقومية وحقوق الشعوب. وبالتالي خلقت المعارضة السورية تهديداً ضد الشعب الكردي السوري أكثر خطورة مقارنة مع موقف النظام السوري.
لم يستطع أي حزب وأي مفكر أو مثقف سوري خرق هذه المنظومة القومية والإسلامية ضد الشعب الكردي لا قبل الثورة ولا بعدها، على الرغم أن أغلب المفكرين والمثقفين السوريين العرب استمدوا ثقافتهم من الفكر الغربي والفكر الماركسي الأممي.
حدث الاختراق الوحيد لهذه المنظومة القومية الصنمية من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي. وخصوصاً بعد تشكيل الإدارة الذاتية وقوات حماية الشعب والمرأة.
عندما سيطرت وحدات حماية الشعب والمرأة على أغلب المناطق الكردية لم يكرر قادتها تجربة حزب البعث في الحكم، بل دعوا إلى إدارة مشتركة تضم جميع القوميات في الشمال السوري وليس في المناطق الكردية فقط. وللتأكيد على مصداقية موقفهم الفكري تجاه المسألة القومية، صاغوا عقداً اجتماعياً (شبه دستور) بينوا فيه مفهومهم للقومية والوطنية، وجعلوا قوات حماية شمال سوريا من كل مكونات الشمال السوري وخاصة من الكرد والعرب (قوات سوريا الديمقراطية). أظهرت هاتان الخطوتان؛ الإدارة الذاتية المشتركة وقوات سوريا الديمقراطية، رؤية جديدة لمفهوم القومية والوطنية في عموم الشرق الأوسط.
ما هو الجديد في هاتين الخطوتين؟
عكست هاتان الخطوتان أن الفكر القومي خاصية لكل شعب من حقه الاحتفاظ به وتطويره والدفاع عنه ضد أي فكر قومي عنصري آخر. ومن ناحية أخرى فإن أي تعالي من قبل قومية على قومية أخرى، مهما كانت صغيرة، هو الخطوة الأولى نحو الاستبداد القومي والسياسي والاجتماعي. ومن ناحية ظهر مفهوم جديد للوطنية بأنها إطار عام فوق القومي، ولا تقبل الانحياز لأي قومية على حساب قومية أخرى. لو حاولنا صياغة هذه المعادلة بشكل أبسط، سنعتبر الوطنية هي الأم والقوميات هي الأبناء. فأسماء الأبناء مختلفة؛ مزكين، أحمد، صوموئيل وأنترنيك، لكن الأم واحدة. أن اختلاف هذه الأسماء لا يحدث أي خلل في مشاعر وعاطفة الأم تجاه أبنائها. وبالتالي يُعتبر حصر الوطنية في أي قومية هي الأخرى خطوة نحو الاستبداد القومي والسياسي والاجتماعي.
استطاعت قيادة الإدارة الذاتية وقيادة قوات سوريا الديمقراطية خلال عشر سنوات العمل على تغذية الفكر القومي والفكر الوطني بهذا المسار. مما عرّض الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية لأبشع حرب فكرية وميدانية وإعلامية. فهذه الرؤية الفكرية والسياسية التي تتبناها قادة الادارة الذاتية وقادة قوات سوريا الديمقراطية تتجاوز الفكر القومي والوطني التقليدي.
وهذا هو السبب الحقيقي في عدم اعتراف النظام السوري بهذه الإدارة حتى الآن. يدرك النظام السوري أن الاعتراف بهذه الادارة يهدد بنيته الفكرية والسياسية التقليدية. ولهذا السبب أيضاً أعلن الائتلاف السوري محاربته للإدارة الذاتية، وسعى إلى هدمها بالتحالف السياسي والميداني مع تركيا.
جاء العداء الأكثر شراسة من الحكومة التركية ضد الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية. يدرك قادة هذه الدولة أن تحول نظرية حزب الاتحاد الديمقراطي في القومية والوطنية إلى واقع عملي في سوريا سيهدد بشكل مباشر البنية الفكرية والسياسية للجمهورية الآتاتركية التي جعلت الوطنية سجينة الفكر القومي التركي المتعصّب. وأخيراً، نلاحظ أن المجلس الوطني الكردي، رغم هامشية وزنه السياسي، أعلن هو الآخر عدم الاعتراف بالإدارة الذاتية، بل مارس ويمارس حرباً إعلامياً أكثر ديماغوجية ضدها بالتعاون السافر مع الحكومة التركية والائتلاف السوري المعارض.
إقرا أيضا
كشفت تقارير صحفية كردية عن قيام السلطات التركية بفرض عقوبات جديدة على الزعيم الكردي عبد الله أوجلان.
وبحسب وكالة هاوار الكردية فقد فرضت السلطات التركية عقوبات جديدة بحق القائد عبد الله أوجلان، تقضي بمنع اللقاء مع المحامين لمدة 6 أشهر.
واعتقلت السلطات التركية الزعيم الكردي عبد الله أوجلان أواخر التسعينات من القرن الماضي بعد مؤامرة دولية شاركت فيها عدة دول.
وواجه أوجلان بعد اعتقاله حكما بالإعدام تم تخفيف فى وقت لاحق للسجن مدى الحياة بعد إلغاء حكم الإعدام فى تركيا مع محاولات أنقرة الانضمام للاتحاد الأوروبي.
وتصنف تركيا حزب العمال الكردستاني الذي أسسه أوجلان أواخر السبعينات بأنه كيان إرهابي كما قامت عدة دول بنفس الخطوة بضغوط تركية، وتتصاعد الدعوات هذه الأيام من أجل رفع اسم الحزب من قوائم الإرهاب.محكمة تركية تصدم محامي أوجلان بقرار جديد
وبحسب الوكالة الكردية فإنه بتاريخ 22 تشرين الثاني الجاري تقدم محامو مكتب العصر القانوني الذين يتولون مهمة الدفاع عن أوجلان بطلب إلى محكمة الجزاء في مدينة بورصة التركية من أجل عقد لقاء عاجل بالقائد عبد الله أوجلان وكل من المعتقلين هاميلي يلدرم وويسي آكتاش وعمر خيري كونار.
وذكر المحامون في طلبهم أنهم لم يتمكنوا من الحصول على معلومات عن وضع القائد أوجلان والموكلين الآخرين منذ 8 أشهر، كما أنهم لا يعلمون شيئاً عن أوضاعهم الصحية وظروف الاعتقال والأوضاع القانونية وكذلك التدابير المتعلقة بفيروس كورونا.
وطالب المحامون المحكمة بإنهاء هذا الوضع وتمكينهم من مقابلة موكليهم.
من جانبها، رفضت محكمة الجزاء في بورصة طلب المحامين مؤكدة أنها فرضت على أوجلان عقوبة، اعتباراً من 12 تشرين الأول، وبالتالي منعت عنه اللقاءات لمدة 6 أشهر.
كما رفضت المحكمة زيارات ذوي الموكلين، وذلك بحجة أن رئاسة الهيئة الانضباطية في مديرية مؤسسة الجزاء في إمرالي، فرضت عقوبة “منع الزيارات” اعتباراً من 18 آب ولمدة 3 أشهر.
ولم تقدم المحكمة أي معلومات عن سبب منع زيارة المحامين لمدة 6 أشهر أو منع زيارة الأسر لمدة 3 أشهر.
ذات صلة