العالم بين شيرين الفلسطينية وبارين الكردية

بقلم / محسن عوض الله

خلال الأيام الماضية، ضجت وسائل الإعلام العالمية والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي بالجريمة البشعة التى ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المراسلة التلفزيونية بشبكة الجزيرة شيرين أبو عاقلة.
غضب عارم عم مواقع التواصل الاجتماعي، وبيانات شجب محلية ودولية وإدانة واسعة للجريمة التي ليست بجديدة على المحتل الصهيوني الذى لا يعترف بقانون أو حصانة ولا يراعي حرمة أو قداسة.
لم تكتف قوات الاحتلال بقتل شيرين أبو عاقلة وإسكات صوتها إلى الأبد بل عمدت لاقتحام جنازتها وإسقاط التابوت الذى يحمل جثمانها فى تصرف همجي متطرف ليس بغريب على الصهاينة.

جريمة مقتل شيرين أبو عاقلة أعادت إلى ذهني حادث مشابه إلى حد كبير، بل ربما أشد إجراما، ولكنه لم يحظى بهذا الكم من الاستنكار والتعاطف رغم أن الجاني فى الحالتين قوة محتلة مجرمة.
بارين كوباني أو أمينة عمر فتاة كردية فى العشرينات من عمرها تعرضت ربما لأبشع مما تعرضت له الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، ربما يقول قال وهل هناك أبشع من القتل! سنعود لتوضيح هذه النقطة بعد أن نتعرف على بارين الكردية.
بارين أو أمينة فتاة سورية كردية “مسلمة” وذكر دياناتها لو مغزي سنذكره أيضا.
بارين الكردية بنت مدينة عفرين أو أرض الزيتون كما يسميها الكرد تلك المدينة التى كانت آمنة مستقرة تنعم بالتعايش والتأخي بين جميع أبناءها وسكانها وغالبيتهم من الكرد وربما كان هذا أحد أسباب نكبتها.
استقرار عفرين وكونها أرضا للتأخي والتعايش بين جميع المكونات والأطياف السورية وانتماء غالبية سكانها للقومية الكردية لم يعجب قوات الاحتلال وهنا نتحدث عن الاحتلال التركي الذى تسيطر قواته بشكل عدواني استيطاني على قطاع كبير من الأرض السورية.
مطلع 2018 اقتحمت قوات الاحتلال التركي مدينة عفرين بقصد السيطرة عليها واحتلالها وإخضاعها لمناطق النفوذ التركي بشمال سوريا.
اعتمدت قوات الاحتلال التركي فى هجومها على عفرين على القصف الجوي والصاروخي مع هجمات برية على ثغور عفرين وحدودها نفذها ميليشيات سورية إرهابية موالية للمحتل التركي.
على أحد هذه الثغور، وقفت بارين تحمل سلاحها شأنها شأن كل أهالي المدينة دفاعا عن أرضهم ووطنهم أمام قوات الاحتلال والميليشيات الإرهابية الموالية له.
وبعد قرابة شهر من الحرب، وبالتحديد مطلع فبراير 2018، هاجمت مجموعة مسلحة من الميليشيات المدعومة من تركيا حدود المدينة من النقطة التي تحرسها بارين ورفاقها، لم يكن الأمر سهلا على الفتاة الكردية التى رفضت الاستسلام للمرتزقة والإرهابيين، أبت السماح للمحتلين بدخول المدينة، قاومت حتى أخر لحظة فى حياتها حتى ارتقت شهيدة على يد أنجاس الأرض من مرتزقة تركيا.

ومن مشهد مقتل بارين الكردية، نعود ثانية إلى شيرين الفلسطينية، فإذا كان إجرام الاحتلال الصهيوني قد توقف عند قتل شيرين فإن إجرام ميليشيات الاحتلال التركي لم ترحم بارين حتى بعد مقتلها.
مقتل بارين كان بداية لعمليات أقذر قامت بها الميليشيات الموالية للاحتلال التركي فى سوريا ولهذا قلت فى بداية المقال أن الفتاة الكردية تعرضت لأبشع مما تعرضت له الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة.
وجدت شيرين أبو عاقلة من يحاول اسعافها بعد استهدافها من قبل قوات الاحتلال، وجدت من حمل جثمانها، ومن صرخ على الإسعاف، ومن بكي ومن هتف، ومن ومن ومن…
أما بارين وهى فتاة مسلمة فقد سقطت بين يدي أوباش الأرض من مرتزقة الاحتلال التركي ومعظمهم للأسف ينتمي زورا للإسلام، لم يكتف هؤلاء المجرمين بقتلها بل عمدوا إلي تعريتها والوقوف بأقدامهم على صدرها وقطع ثدييها والتمثيل بجثتها.
لم يكتف مرتزقة الاحتلال التركي بما فعلوه بل قاموا بتوثيق جريمتهم عبر فيديو نشروه بأنفسهم وهو يوجهون أقذر الألفاظ  للشهيدة بارين بعد أن مثلوا بجثتها وقطعوها.
ومن بارين نعود لـ شيرين التى شهدت جنازتها إرهابا جديدا، وهجمية غير غريبة على الاحتلال الإسرائيلي بعد أن عمدت قواته للهجوم على الجنازة ومحاولة إسقاط التابوت الذى يحمل الجثمان وهو أمر رغم بشاعته ربما أفضل بكثير مما تعرض له جثمان بارين.
يكفي شيرين حظاَ، أن كانت لها جنازة وجثمان حتى لو تم إسقاطه من قبل قوات الاحتلال، يكفي شيرين أن جنازتها شاهدها العالم أجمع عبر فضائية الجزيرة التى كانت تعمل بها، يكفي شيرين أن صلى عليه المسلمون صلاة الجنازة وهي المرأة المسيحية، يكفي شيرين أن صورتها رُفعت فى العديد من الميادين والساحات بالعديد من العواصم كرمز ودليل على الجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني.
أما بارين، فجنازتها كانت رمزية ضمن جنازات شهداء الهجوم التركي على عفرين، لم يكن لـ بارين جنازة ولم يكن لها جثمان، لأن أسرة بارين لم تتسلم جثمانها من قوات الاحتلال التركي بعد أن عمدت الميليشيات التابعة له لتقطيع الجثمان وربما حرقه كما تواترت الأنباء فى ذلك الوقت.


حظ بارين من حظ شعبها الكردي، فهي المسلمة التى يُكفرها بعض المسلمون، هى الموحدة التى يتهمونها بالإلحاد، هى الفتاة الجميلة التى يصفونها بالخنزيرة، هى الشهيدة الحرة التى يرفضون الترحم عليها أو الدعاء لها!
مقارنة بسيطة بين ما حدث مع بارين وشيرين ربما تكشف حجم النفاق الدولي بل والعربي والإسلامي، شيرين الفلسطينية أو الأمريكية إن “أردنا الدقة” هى الشهيدة صوت الحق وهى بالفعل كذلك، أما بارين فهي المقاتلة الإرهابية رغم أنها كانت تدافع عن وطنها وأرضها!
انتفض العالم غضبا لمقتل شيرين، وحق له ذلك، ولكن بارين رغم جرم ما حدث لها لم يلق خبر قتلها هذه الضجة الإعلامية والتفاعل والتعاطف عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العالمية!
شيرين وبارين ضحايا إجرام وفُجر قوات احتلال، دنست الأرض، وهتكت العرض، وقتلت البشر والحجر، لن ألوم الاحتلال، ولكن ألوم الأعين الملونة التى تري شيرين ضحية وبارين مجرمة !!

https://alshamsnews.com/2022/01/4-%d8%b3%d9%86%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d9%81%d8%b9%d9%84%d8%aa-%d8%b3%d9%86%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ad.html

الإدارة الذاتية: المشروع الديمقراطي لن يكتمل دون تحرير عفرين وعودة أهلها

أكدت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أنه بدون تحرير عفرين وسائر المناطق المحتلة لن يكون المشروع الديمقراطي في سوريا ناجحا.
وفى بيان رسمي فى الذكرى السنوية لإعلان الإدارة الذاتية فى عفرين، قالت الإدارة الذاتية إن مشروع الإدارة الذاتية في سوريا يمثل انطلاقة نوعية نحو كسر نموذج الإدارة التقليدي في سوريا الذي ساد لعقود وكان سبب الأزمة الراهنة وتعقيداتها.
وأشار البيان إلي أن هذا المشروع الذي تبلور مع بدايات عام 2014 وسط ازدياد المشهد السوري نحو المجهول، كان دعامة أساسية في منع انجرار منطقة شمال وشرق سوريا نحو الفلتان الأمني وتطور التنظيمات الراديكالية فيها، وأيضاً سعي البعض إقليمياً لجعل منطقتنا خاصرة رخوة يتم من خلالها الفتك بسوريا وشعبها كما يحصل اليوم في المناطق الأخرى التي نجحت فيها تركيا في هذا المشروع”.
وشددت الإدارة الذاتية في بيانها على أن عودة أهالي عفرين هو من صلت نضالها، لافتة إلي أن عفرين مثّلت بكل مافيها مثالاً قوياً لنموذج الإدارة، وبنى أهلها مؤسساتهم الذاتية بكل قوة وإصرار.
وقال البيان إن عفرين كانت ولا تزال المثال الذي جسّد حقيقة الإدارة الذاتية، فضلا عن أنها تحولت لوجهة آمنة لكل الذين هربوا من بطش الحرب الدائرة في سوريا.

وتوجهت الإدارة الذاتية بالتهنئة لعموم أبناء شعب شمال شرق سوريا في الذكرى السنوية السابعة لتأسيس الإدارة الذاتية لإقليم عفرين، مشددة على أنه دون تحرير عفرين وسائر المناطق المحتلة لن يكون المشروع الديمقراطي في سوريا ناجحاً ولن يكتمل مشروع الإدارة الذاتية دون عفرين.
كما وجهت الإدارة رسالة لـ المهجَّرين قسراً من عفرين بإنّ عودتهم هو من صلب نضالها وإصرارها على التحرير ولن تقبل إلا بعودة كريمة لائقة بعفرين وأهلها وتضحياتهم.
كما استذكر البيان جميع شهداء عفرين وشهداء النضال الديمقراطي ومشروع أخوّة الشعوب في شمال وشرق سوريا.
وعاهدت الإدارة شهداء النضال الديمقراطي على السير على خط المقاومة والنضال حتى تحقيق أهدافها في التحول الديمقراطي والوفاء لمسيرة شهدائنا الأبطال.

ذات صلة

 

https://alshamsnews.com/2022/01/4-%d8%b3%d9%86%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d9%81%d8%b9%d9%84%d8%aa-%d8%b3%d9%86%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ad.html

https://alshamsnews.com/2022/01/%d9%88%d8%b3%d8%b7-%d8%aa%d9%88%d8%a7%d8%b7%d8%a4-%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d8%aa%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%85%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%b7%d9%8a-%d8%a3%d9%87%d8%a7.html

10 سنوات من الدمار ..من المستفيد من استمرارية الأزمة السورية؟

تجليل تكتبه ليلي موسي /ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية بالقاهرة

بعد أكثر من عقد مرّ على الأزمة السورية، وما آلت إليها من الأوضاع المأساوية والكارثية على كافة الأصعدة، وتداعياتها التي ستمتد لعقود من الزمن، أرهقت كاهل الشعب السوري وعجز عنها المجتمع الدولي. ففي الوقت الذي تحولت فيه إلى مستنقع أغرقت العديد من القوى والجهات والدول، وعقدة كداء أمام المجتمع الدولي يصعب حلها والخروج منها، بل وأكثر من ذلك ما أفرزت من مشاكل وأزمات وقضايا شكلت تحديات وعراقيل أمام الجهود الدولية في مسعاها بحلحلة الأزمات التي تعاني منها دول المنطقة.
السؤال الذي يطرح نفسه، من المستفيد من استمرارية الأزمة وتجذيرها؟

شرارة الحراك الثوري
شكلت انطلاقة شرارة الحراك الثوري السوري الأمل للشعب السوري الذي طال انتظاره بغدٍ يضمن له حياة كريمة وجواً مفعماً بالديمقراطية والمواطنة والعدالة؛ التي طالما كان يحلم بها ويسعى إلى تحقيقها. لكن سرعان ما تحول ذلك الأمل إلى كابوس بفعل عوامل داخلية وخارجية مخلفة أزمة أفرزت أكثر من ثلاثة عشر مليوناً بين نازح ومهجر داخلي وخارجي والعدد مرشح للزيارة في ظل تردي الأوضاع المعيشية واستمرار الصراع وعدم وجود لأية حلول تلوح في الأفق على المدى المنظور، وبنية تحتية شبه مدمرة، فنسبة مما يعيشون تحت خط الفقر قرابة 90% من المجموع الإجمالي، وتراجع مستمر في قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي؛ و استمرار الإرهاب وتنشيطه في بعض الأحيان بفعل بعض القوى والدول الداعمة له؛ استمرار الانتهاكات التي تمارس من القوى الإرهابية وداعميها من الدول المحتلة لسوريا؛ وفي مقدمتهم دولة الاحتلال التركي، ومئات الألوف من الضحايا والمعتقلين والجرحى؛ وجغرافية مقسمة بحكم الأمر الواقع إلى مناطق نفوذ تدار بأنظمة حكم مختلفة، واستمرار الاحتلال التركي للعديد من المناطق السورية.
وغيرها من التداعيات التي أرهقت المجتمع الدولي الذي سعى لخطو بعض الخطوات لحلحة الأزمة في مسعى منه لتجفيف منابع الإرهاب، وإيقاف موجات الهجرة وممارسة بعض الضغوط لإيقاف تصدير المرتزقة من السوريين إلى دول الجوار وغيرها من الإجراءات.
مساعي استبشر بها الشعب السوري خيراً ولو لم تكن بحجم ومتطلبات الأزمة التي تعاني منها سوريا، ولكن على الأقل كانت بداية للتوقف على الأوضاع الإنسانية والحفاظ على مناطق خفض التصعيد واستمرارية في مكافحة الإرهاب واستئصال جذوره.

ولكن يبدو بأن هناك العديد من القوى والدول.؛ وبالرغم من تورطهم في المستنقع السوري الذي القى بظلاله على سياساتهم وعلاقاتهم الخارجية وأوضاعهم الداخلية؛ مخلفة بذلك أوضاع اقتصادية متردية وخلق شرخ وانقسامات داخل مجتمعاتهم بين مؤيد ورافض لتدخلاتهم في المستنقع السوري؛ لكنهم مصرون بالإبقاء على الأزمة لأطول مدة ممكنة لما تحمله سوريا من أهمية جيوستراتيجية بالنسبة للشرق الأوسط والعالم عموماً. فحل الأزمة يفشل ضمان استمرارية بقاءهم وتحقيق مشاريعهم وأطماعهم الاستعمارية والاقتصادية في سوريا، وهو السبيل لضمان بقاءهم في العديد من دول المنطقة التي تعاني من أزمات على صلة وثيقة بالوضع السوري.
لذا؛ نجدهم يحاربون أية حلول ومشاريع تسهم في الحفاظ على الهوية والسيادة والوحدة السورية شعباً وجغرافيةً. لذا، يعملون للإبقاء على الصراع وتغذية بؤر التوتر والإرهاب وترهيب الشعب ودفعهم إلى الهجرة وانهاكه بحيث يصل لمرحلة يقبل بكل ما يفرض عليه من وقائع جديدة تخدم سياستهم الهادفة إلى هندسة ديمغرافية جديدة لسوريا؛ بما يخدم ويضمن استمراريتهم ومصالحهم في سوريا والمنطقة على وجه العموم.
فبعد أية عملية توافقية ساعية إلى الاتجاه نحو الحل وايقاف النزيف الدموي ودنو من تجفيف منابع الإرهاب؛ نجدهم يخرجون بتوصيات جديدة تضمن استهداف كيانات ومناطق معينة تحت حجج وذرائع واهية للإبقاء على الأزمة على ماهي عليها وبل تجذيرها أكثر فأكثر.

مجموعة أستانا
قبل أيام خرجت مجموعة أستانا – بنسختها 17 برعاية روسية إيرانية تركية- بمجموعة من التوصيات ومن بينها استهداف مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، تلك الإدارة التي يحمل أبناءها مشروعاً وطنياً حافظوا على النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي ووحدة التراب السوري؛ وحاربوا الإرهاب ومازالوا مستمرون في مكافحة خلايا تنظيم داعش.
وسرعان ما انتهزت دولة الاحتلال التركي الفرصة وقامت بترجمة تلك التوصيات إلى وقائع معاشة عبر الاستمرار في قصفها للمناطق الآهلة بالمدنيين العزل مخلفة عشرات من الجرحى والضحايا من المدنيين غالبيتهم نساء وأطفال وتفريغ العشرات من القرى الآهلة وتشريدهم، واستهداف تجمعات وسيارات وسكنات بالطائرات المسيرة.
حيث أنها لم تعد تخشَ من شيء لأنها باتت تدرك بأن نجاح تجربة الإدارة الذاتية وتعميمها على عموم سوريا ستكون السبيل لإنهاء الإرهاب والحفاظ على التراب السوري ودمقرطة الدولة ونهاية مشاريعها الاحتلالية التوسعية للمنطقة؛ وبالتالي ستكون نهاية لسلطة حكومة العدالة والتنمية برئاسة أردوغان. لذا نجدها –تركيا- تستهدف العجوز الثمانيني والشاب العشريني.
استهدافهم هذا لم يكن عن عبث بل على العكس تماماً، إنه بداية استهداف المرأة المقاتلة والسياسية والإدارية حتى يحافظ بالبقاء على هذه المجتمعات متخلفة وهشة ومليئة بالتناقضات وعبدة، لأنه – أي النظام التركي – يعلم علم اليقين أنه بتحرر المرأة ستتحرر المجتمعات، ولن يكون هناك فرصة لضمان بقاء الأنظمة الديكتاتورية المستبدة التي تتغذى من استعباد المرأة. واستهداف الثمانيني للقضاء على الروح والجذور المتعلقة بالتراب والوطن. وما استهدافه قبل أيام لمنزل يجتمع فيه مجموعة من الشبيبة الثورية الذين يعتبرون ديناميكية المجتمعات والروح الثائرة الرافضة للخضوع والاحتلال؛ فهي تستهدف الجميع دون استثناء. وفي كل عملية قصف تشنها على المنطقة تصاحبها موجة جديدة للهجرة وتنشيط للإرهاب والتطرف.
ولم تتوقف ممارساتها عند هذا الحد، بل وتسعى مع أدواتها وداعميها إلى فرض حصار خانق على مناطق الإدارة؛ عبر إغلاق المعابر في مسعى منها لتجويع الشعب ودفعهم لمحاربة الإدارة.
والسياسات التركية هذه تخدم العديد من الأطراف ومنها الحكومة السورية بإطالة عمر الأزمة التي تعتبر ضمان لبقائها في السلطة؛ ومتنفس للإيرانيين باستكمال مشاريعهم، وروسيا التي قدمت مسودة دستور فيدرالي لسوريا عام 2016، نجدها تناقض نفسها اليوم بمحاربة الإدارة الذاتية وتنعتها بالانفصالية. وهي تعلم يقيناً بأن الإدارة الذاتية تعتبر أحد أهم الحلول والأكثر نجاعة للحفاظ على وحدة وسلامة الجغرافية السورية. ولكن يبدو بالرغم من عجزها من الاستمرار في دفع تكلفة تواجدها في سوريا لتردي أوضاعها الاقتصادية من جهة، لكنها من جهة ثانية تبدو في مسعى أخير منها لتحقيق أكبر قدر ممكن من المصالح بالإضافة إلى مسعاها إلى الجانب التركي والإيراني وغيرها من الدول المستفيدة بالإبقاء على الأنظمة المركزية في المنطقة؛ والإبقاء على نظام الحكم في سوريا على ماهو عليه. لذا، لم يأتِ التصريح الأخير للمبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف بخصوص بقاء الأسد حيث أنه حذر من “يسعى إلى وضع دستور جديد لتغيير صلاحيات الرئيس، ومن أجل محاولة تغيير السلطة في دمشق، فهذا طريق نحو اللا إمكان. وعلى المعارضة تقديم مقترحات محددة وملموسة، وعدم القول إنه لا يمكن إحراز تقدم أثناء وجود بشار الأسد في السلطة. هذا نهج غير بنّاء ومرفوض”.
إلى جانب مساعيها الحثيثة بالتنسيق مع بعض الدول العربية بإعادة الحكومة السورية إلى محيطها العربي؛ والرجوع إلى مقعدها في الجامعة العربية.
طبعاً، لا نستثني إيران من ذلك وطموحها بتحقيق مشروع الهلال الشيعي؛ إلى جانب دول فاعلة في الأزمة بشكل غير مباشر مستفيدة من الأزمة وبقاء الأنظمة المركزية حتى تضمن بقاء نظامها ومنع انتقال رياح التغيير إلى مجتمعاتها.
لذا، مادامت المعارضة السورية تعاني من تشرذم، وتلك التي تحظى بدعم دولي مرهون بشكل كامل للخارج –ارتهان الائتلاف لتركيا- وعدم نيل المعارضة الوطنية لأية شرعية دولية؛ والتي يتم اقصاءها بشكل ممنهج طالما لا تخدم أجندات الدول الطامعة بسوريا وخيراتها؛ وتمسك النظام السوري بذهنيته الاقصائية والرافضة لأية مشاركة وتغيير، ووجود دول وقوى تغذي الأزمة وتجذرها في ظل عدم احتلال الأزمة السورية سلم الأولويات عند الدول العظمى وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية؛ فهذا يعني أن الأزمة مستمرة ولن يكون هناك حلول على المدى المنظور، وربما تشهد بعض الانفراجات ولكنها ستكون بسيطة وبطيئة.

إقرا أيضا

جفاف وأزمات مياه وفقر .. هل تتحول سوريا ما بعد الحرب لـ أرض لا تصلح للحياة ؟

فى ظل موقف أمريكي ضعيف..هل يقود الانفتاح العربي على دمشق لإسقاط قانون قيصر؟

انتهاكات مستمرة..تركيا تقصف مدن كردية بـ سوريا والعراق

واصلت تركيا انتهاكاتها بحق شعوب سوريا والعراق، وانتهاك سيادة الدولتين وسط صمت حكومتي بغداد ودمشق.
مساء اليوم، شن الجيش التركي هجمات بالطائرات والصواريخ على مناطق بشمال سوريا والعراق فى آن واحد.
وبحسب وسائل إعلام كردية، قصفت طائرات الدولة التركية ، مساء اليوم الثلاثاء، بعض مدن السليمانية بشمال العراق وبالتحديد محيط قرية كلالة التابعة لقضاء شارباجير، ومنطقة دوكانيان وكومسيد في سفح جبال اسوس.
ووفقا لما نشرته روج نيوز، أكد قائم مقام ماوات إن أهل القرية بخير، رغم أن رعاة قرية كلالة يأخذون أغنامهم إلى تلك المنطقة.
وأضاف: نحن كإدارة لبلدة ماوات نشعر بالقلق من هذه الغارات التي تتسبب دائما في نشر الذعر والخوف لدى المواطنين”.
وفى سياق متصل، كشفت وكالة هاوار الكردية أن جيش الاحتلال التّركيّ ومرتزقته يقصفون في هذه الأثناء قريتي بيلونية وشيخ عيسى في مقاطعة الشّهباء.
كما تقوم القوات التركية بقصف قرية زنوبيا في ريف مقاطعة كري سبي/تل أبيض، بقذائف الهاون والصواريخ

ونقلت الوكالة عن مصادرها ، أن جيش الاحتلال التركي ومرتزقته المتمركزين في قاعدة الشويحة وقاعدة الزرزور الواقعتين بالريف الشرقي لمدينة الباب المحتلة،يقصفون قريتي اليالني ومزارع الفوارس بريف الباب بقذائف المدفعية.

ذات صلة

استهدفت مقرهم بـ كوباني..مصرع وإصابة 9 من الشبيبة الثورية فى قصف بطائرة تركية

قصف بـ عفرين واشتباكات بالباب ومصرع عشرات المرتزقة.. هل انتهي شهر العسل بين الروس والأتراك في سوريا ؟

مقتل 970 من العناصر الجهادية وميليشيات تركيا فى سوريا خلال 2021

مواطنة كردية بـ عفرين تكشف لـ الشمس نيوز كواليس مجزرة دوار نوروز وجرائم الميليشات بحق الكرد

كانت مدينة عفرين هادئة وتتميز بطبيعتها الغناء وهوائها العليل، وهي من المدن السورية التي تشتهر بأشجار الزيتون وحقول القمح والشعير، يعيش سكانها برفاهية، حتى الفقراء كانوا يعيشون بسعادة، فالعمل مؤمن والكل يعمل حتى المساكين أو ما يعرف بالدراويش، فلا تجد فيها محتاجين، ويقوم أبناؤها بمساعدة الأيتام والارامل والمهاجرين وتأمين حياة كريمة لهم وعمل يحفظ لهم كرامتهم.
في عفرين كنت تلاحظ الأدب والاحترام بين أهلها والمحبة والإخاء اللذان يزينان كل التعاملات بين الناس.
كانت عفرين تتميز بالتعددية أيضا، ففيها يعيش الكرد والعرب والسريان والأرمن، علاقاتهم وطيدة ولا تشوبها الأحقاد والعنصرية، فهم أهل وجيران ولا فرق بينهم فاحترام الشعوب مبدأ يحمله أهل عفرين في أنفسهم وأخلاقهم، كان الكل يعيش بخير وسلام.
لكن للأسف كسرت عفرين وكسرت أحلامها بدأت الحرب فجأة دون أن يعرف أحد سببها. طائرات تحلق في الأجواء كأنها سرب من وحوش السماء تخلف ورائها الخراب والدمار، الطيران الحربي يقصف بلا هوادة مدمرا كل شيء بلا رحمة أو شفقة كل ما بناه أهل عفرين في سنوات دمر أمام أعينهم خلال لحظات.
وفى حوار مع الشمس نيوز حكت أحد مواطني مدينة الزيتون ذكريات مشاهد الحرب التي عاشتها ومازال تعيشها في ظل حكم الميليشيات الموالية لأردوغان.
وتقول من نتحفظ على ذكر اسمها حرصا على حياتها نظرا لوجودها داخل المدينة المحتلة حتى الأن:
كان منظر الطائرات مرعبا فعندما ترفع ناظريك للسماء ترى عدد كبيرا منها، أحيانا تحلق في سماء عفرين 20 طائرة فتخيل كم كان المنظر مهولا كأنك في كابوس لا يحتمله العقل.

ذات صلة 

قتلوها وهددوا زوجها.. تفاصيل مقتل سيدة حامل وجنينها داخل سجون الاحتلال التركي بـ عفرين

 

اللاجئات السوريات في العراق.. تموت الحرة ولا تأكل بثدييها.. قصص مأساوية

شهر من القصف
وتابعت: شهر كامل من القصف والموت الذي جلب التعاسة للمدينة التي ارتدت الثوب الأسود حدادا على شهدائها. مدنيون وعزل باتوا هم وقود الحرب التي اندلعت في عفرين بلا سبب ولا ذنب. مما أجبر أبنائها على النزوح إلى مدينة حلب الشهباء. حافلات تحمل العائلات من بيوتهم إلى المخيمات التي لا يتوفر فيها ما كان ينعمون به في بيوتهم ومدينتهم الجريحة.
وأشارت إلى أن شعب عفرين خرج باتفاق روسي ينص على أن يعود الناس بعد أسبوع إلى بيوتهم وأراضيهم دون أن يتعرض لهم أحد لكن للأسف كل هذه الوعود كانت كاذبة.

مجزرة داور نوروز
وأضافت: دخل المرتزقة إلى المدينة وسرقوا كل شيء وقتلوا كل من كان داخلها من نساء وأطفال وحرقوا البيوت والأراضي وقطعوا أشجار الزيتون والسنديان والصنوبر وأشجار الفاكهة وباعوهم كحطب في المناطق الأخرى، لقد دمروا اقتصاد عفرين التي كانت تمتلك أكثر من 10000 شجرة زيتون. وقد دخلوا إلى المنازل بحجة أنهم يلاحقون أشخاص كانوا متعاونين مع الإدارة السابقة لكنهم سلبوا الأموال والذهب من النساء وقد قتلوا 6 أشخاص وقاموا بتعليق جثثهم عند دوار نوروز.
عنصرية ضد الأكراد
أما بالنسبة للمخيمات فبعض العائلات الغير كردية كانت تسجل أسمائها ثلاث مرات أما الأكراد فكانوا يسجلون أسمائهم بصعوبة فتستطيع أن تلاحظ فرق المعاملة والتمييز بينهم وبين الأعراق الأخرى، فلم ينعم العفرينيون بأي معاملة إنسانية فلا كهرباء ولا مواد للتدفئة وإن تأمنت هذه المواد فإنها تؤمن بأسعار عالية جدا.

غلاء الأسعار
أما بالنسبة للمرتزقة فقد سيطروا على عدة بيوت ومعاصر زيتون ومكاتب ومطاعم ومحال تجارية، فكان لكل فرد منهم عدة عقارات يسيطر عليها وكأنها له من الأصل. وهذا قد دفع الكثيرين لاستغلال الأوضاع ورفع أسعار السلع لأسعار خيالية.
كما تم رفع كل المنتجات الدوائية والغذائية واللباس، فأدى هذا لاحتكار المواد بشكل كبير منذ ثلاث أعوام مضت.
قتل المرضي في مستشفيات عفرين
أما قطاع الصحة فليس لدينا خيار سوى الذهاب لمشفى اعزاز حيث تجد هناك المعاملة العنصرية لأننا نتحدث باللغة الكردية ويجب علينا أن نتحدث بالعربية حتى مع الأكراد أنفسهم كي لا نثير غضب الآخرين. وعندما نبرز هوية عفرين نرى النظرات التي تشعرنا بأننا منبوذون لأننا أكراد فإما لا يتم استقبالنا أو لا تصرف لنا وصفات الدواء فكونك كردي إذا أنت مذنب بلا تهمة. حتى المشفى العسكري في عفرين لا يتعامل بشكل متساوي مع المرضى فحياة الكردي لا قيمة لها هناك.
ومنذ انتشار فيروس كورونا بدأت الكوادر الطبية بخداع المرضى وادخالهم المشفى حتى وإن لم يكونوا مصابين ويوهمونهم بأنهم يعالجوهم وفي النهاية يحقنونهم بأدوية تودي بحياتهم. هناك الكثير من المرضى دخلوا المشافي بأمراض بسيطة وخرجوا أموات من المشفى تحت حجة كورونا. وقد أوهموا الكثير من المرضى وذويهم بضرورة نقل المرضى لدارة عزة وتقاضي 1000 دولار أمريكي مقابل نقله، وفي الطريق يقتون المريض بعد حقنه بأدوية سامة ويعودون به لأهله ميتا بحجة انتهاء الاكسجين واختناق المريض، والمبلغ الذي تقاضوه لا يعيدونه لذوي المريض أو أقاربه.

Exit mobile version