التصنيف: عرب وعالم
مع تصاعد الأحداث..ما السيناريوهات المحتملة للصراع العسكري فى السودان؟
تطورات متسارعة تشهدها الساحة السودانية منذ اندلاع الصراع المسلح بين قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو بزعامة الشهير بـ حميدتي.
وفى الوقت الذى تتواصل فيه الاشتباكات المسلحة فى أنحاء العاصمة الخرطوم، بدأت معظم الدول فى إجلاء بعثاتها الدبلوماسية التي لم تحظي بأى حصانة حيث أعلنت الخارجية المصرية وفاة مساعد الملحق الإداري فضلا عن تعرض أحد أفراد طاقم سفارتها فى الخرطوم لإطلاق نار، كما تعرض موكب السفارة الفرنسية لهجوم خلال إجلاء دبلوماسيها.
وتشير الأحداث على الأرض إلي أزمة ربما لن تنتهي قريبا فى ظل التقارب فى الإمكانيات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فضلا عن وجود داعمين دوليين وإقليميين لكلا الطرفين.
ميدانيا..انتشرت عمليات السلب والنهب فى المدن السودانية، حيث تعرضت الكثير من مخازن الشركات الكبري والمنازل للسطو فى ظل حالة الانفلات الأمني بالبلاد.
وحذرت الأمم المتحدة بالسودان، من قرب نفاد الغذاء والوقود وغير ذلك من الإمدادات الحيوية لدى سكان السودان، مؤكدة أن نظام الرعاية الصحية أيضا معرض لخطر الانهيار.
ويحذر خبراء ومراقبون من تحول السودان لمنطقة صراع جديدة بين القوي الإقليمية والدولية بما يؤدي لاطالة أمد الحرب الأهلية فى البلاد التي قد تتسبب فى وقوع أزمة غذائية كبيرة نظرا لضعف مؤسسات الدولة السودانية.صراع دولي وإقليمي
ويري رامي زهدي الخبير فى الشؤون الأفريقية “إن السودان من أول الدول الأفريقية التي ظهر فيها بداية الصراع بين الروس والأمريكان على منطقة بورسودان المطلة على البحر الأحمر أحد أهم المناطق الاستراتيجية الأمنية فى العالم ثم دخلت باريس على الخط وأقامت مؤتمر دولي لأصدقاء السودان المانحين لدعم العملية السياسية فى السودانية وذلك بالتنسيق مع الدولة المصرية”.
وأكد “إن السودان مع بداية الأزمات السياسية والانشقاقات ظهرت أطراف كثيرة تحاول التدخل فى الشأن السوداني سواء بالسلب أو الإيجاب وهو ما جعل من عملية التفاوض بين الفرقاء السودانيين محل تداخل من قوي إقليمية ودولية مثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، كما ظهرت قوي إقليمية مثل السعودية وتركيا إضافة للدور المصري نظرا لما يمثله الوضع السوداني من تأثير على القاهرة”.
وبحسب خبير الشؤون الإفريقية فإن الصراع فى السودان ما كان ليشتعل بين الدعم السريع والجيش السوداني دون أن يكون لكلا الطرفين داعمين خارجيين دوليين أو إقليميين سواء دعم مباشر أو غير مباشر، مشيرا إلي أن الدعم الخارجي لكلا الطرفين ربما يصل لمرحلة الامداد بالسلاح والمشاركة فى العمليات على الأرض بشكل كامل.
وأشار إلي أنه ” لا يخفي على أحد أن كلا الطرفين له علاقات متشعبة بدول إقليمية ودولية متعددة، حميدتي على سبيل المثال يلتقي برؤساء دول منها روسيا وهو أمر غير منطقي نظرا لكونه أحد القيادات العسكرية ولا يحق له القيام بأدوار سياسية، كما إن البرهان كان فى زيارة شبه دائمة للقاهرة رغم أنه فى هذا التوقيت كان ضمن مجلس سيادي سوداني يقود العملية السياسية ولم يكن رئيس دولة” .
وتابع ” واضح أن كل الأطراف عنده ما يدفعه للإرتكان لقوي دولية وإقليمية، مثل الولايات المتحدة وروسيا ، إضافة للدول الخليجية التي تعتبر أحد أكبر المستثمرين فى السودان”.
سيناريوهات الأزمة السودانية
ويعتقد خبير الشؤون الأفريقية أن هناك سيناريوهات متعددة ربما أسوءها استمرار الصراع دون حل أو حسم من أحد الطرفين بحيث تستمر المعارك لفترات دولية دون أن يستطيع أى طرف حسمها لصالحه وهو ما سيؤدي لاستنزاف طاقة ومقدرات الدولة السودانية الضعيفة بالأساس وهي دولة لا تستطيع مواجهة ذلك لأنها ضعيفة الأركان اقتصاديا ومجتمعيا وحياتيا وقد نصل لأوضاع انسانية أصعب مما حدث فى دول مثل ليبيا التي لم تشهد على طول أزماتها أى نقص فى السلع أو الغذاء فى حين أن السودان قد تكون أقرب للأزمة اليمنية التي وصلت فى بعض مراحلها للمجاعة.
أما السيناريو الثاني بحسب زهدي فهو “تحقيق أحد الطرفين انتصار حاسم يقضي به أحدهما على الأخر وهو أمر لا يمكن الجزم به او تحديد من يستطيع ذلك نظرا لوجود تقارب فى العدة والعتاد لكلا لطرفين، ولكن ربما يمكن القول أن القوات السودانية تعتبر الأقرب للحسم نظرا لانها تمتلك زيادة نوعية فى العدد والسلاح كما أنها تمتلك شرعية وربما تحصل على دعم العشائر والقبائل السودانية” .
ونوه إلي أن “السيناريو الثالث هو ظهور قوة ثالثة موازية للقوتين المتحاربتين مثل حدوث اتحاد للقبائل أو تجمع لمجتمع مدني أو حراك شعبي يرفض ما يحدث من صراع ثم يميل لأحد الجبهتين دون الأخري وفى هذه الحالة سيكون الأقرب هو دعم الجيش والقوات السودانية نظرا لما تمثله من شرعية وفق الذهنية الشعبية على عكس الدعم السريع التي قد يعتبرها البعض حركة متمردة منشقة لا يجوز لها الخروج بهذه الطريقة”.
أما أخر السيناريوهات بحسب الخبير المصري فهو “التفاوض ودخول قوى إقليمية ودولية لجمع الأطراف على مائدة تفاوض والبحث عن حلول للأزمة لافتا إلي أن هذا الأمر ربما يكون احتمال ضعيف نظرا لكون العملية السياسية فى السودان مستمرة فى المفاوضات بين الأطراف المختلفة على مدار أكثر من عامين دون الوصول لحلول جذرية ووصل الأمر فى النهاية للصراع المسلح بين الأطراف وبالتالي لا يمكن التعويل على هذا الأمر نظرا لأن كلا الطرفين لن يقبل بوجود الطرف الأخر على الاطلاق”.
ويري رامي زهدي الخبير فى الشؤون الأفريقية “إن السودان من أول الدول الأفريقية التي ظهر فيها بداية الصراع بين الروس والأمريكان على منطقة بورسودان المطلة على البحر الأحمر أحد أهم المناطق الاستراتيجية الأمنية فى العالم ثم دخلت باريس على الخط وأقامت مؤتمر دولي لأصدقاء السودان المانحين لدعم العملية السياسية فى السودانية وذلك بالتنسيق مع الدولة المصرية”.
وأكد “إن السودان مع بداية الأزمات السياسية والانشقاقات ظهرت أطراف كثيرة تحاول التدخل فى الشأن السوداني سواء بالسلب أو الإيجاب وهو ما جعل من عملية التفاوض بين الفرقاء السودانيين محل تداخل من قوي إقليمية ودولية مثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، كما ظهرت قوي إقليمية مثل السعودية وتركيا إضافة للدور المصري نظرا لما يمثله الوضع السوداني من تأثير على القاهرة”.
وبحسب خبير الشؤون الإفريقية فإن الصراع فى السودان ما كان ليشتعل بين الدعم السريع والجيش السوداني دون أن يكون لكلا الطرفين داعمين خارجيين دوليين أو إقليميين سواء دعم مباشر أو غير مباشر، مشيرا إلي أن الدعم الخارجي لكلا الطرفين ربما يصل لمرحلة الامداد بالسلاح والمشاركة فى العمليات على الأرض بشكل كامل.
وأشار إلي أنه ” لا يخفي على أحد أن كلا الطرفين له علاقات متشعبة بدول إقليمية ودولية متعددة، حميدتي على سبيل المثال يلتقي برؤساء دول منها روسيا وهو أمر غير منطقي نظرا لكونه أحد القيادات العسكرية ولا يحق له القيام بأدوار سياسية، كما إن البرهان كان فى زيارة شبه دائمة للقاهرة رغم أنه فى هذا التوقيت كان ضمن مجلس سيادي سوداني يقود العملية السياسية ولم يكن رئيس دولة” .
وتابع ” واضح أن كل الأطراف عنده ما يدفعه للإرتكان لقوي دولية وإقليمية، مثل الولايات المتحدة وروسيا ، إضافة للدول الخليجية التي تعتبر أحد أكبر المستثمرين فى السودان”.
سيناريوهات الأزمة السودانية
ويعتقد خبير الشؤون الأفريقية أن هناك سيناريوهات متعددة ربما أسوءها استمرار الصراع دون حل أو حسم من أحد الطرفين بحيث تستمر المعارك لفترات دولية دون أن يستطيع أى طرف حسمها لصالحه وهو ما سيؤدي لاستنزاف طاقة ومقدرات الدولة السودانية الضعيفة بالأساس وهي دولة لا تستطيع مواجهة ذلك لأنها ضعيفة الأركان اقتصاديا ومجتمعيا وحياتيا وقد نصل لأوضاع انسانية أصعب مما حدث فى دول مثل ليبيا التي لم تشهد على طول أزماتها أى نقص فى السلع أو الغذاء فى حين أن السودان قد تكون أقرب للأزمة اليمنية التي وصلت فى بعض مراحلها للمجاعة.
أما السيناريو الثاني بحسب زهدي فهو “تحقيق أحد الطرفين انتصار حاسم يقضي به أحدهما على الأخر وهو أمر لا يمكن الجزم به او تحديد من يستطيع ذلك نظرا لوجود تقارب فى العدة والعتاد لكلا لطرفين، ولكن ربما يمكن القول أن القوات السودانية تعتبر الأقرب للحسم نظرا لانها تمتلك زيادة نوعية فى العدد والسلاح كما أنها تمتلك شرعية وربما تحصل على دعم العشائر والقبائل السودانية” .
ونوه إلي أن “السيناريو الثالث هو ظهور قوة ثالثة موازية للقوتين المتحاربتين مثل حدوث اتحاد للقبائل أو تجمع لمجتمع مدني أو حراك شعبي يرفض ما يحدث من صراع ثم يميل لأحد الجبهتين دون الأخري وفى هذه الحالة سيكون الأقرب هو دعم الجيش والقوات السودانية نظرا لما تمثله من شرعية وفق الذهنية الشعبية على عكس الدعم السريع التي قد يعتبرها البعض حركة متمردة منشقة لا يجوز لها الخروج بهذه الطريقة”.
أما أخر السيناريوهات بحسب الخبير المصري فهو “التفاوض ودخول قوى إقليمية ودولية لجمع الأطراف على مائدة تفاوض والبحث عن حلول للأزمة لافتا إلي أن هذا الأمر ربما يكون احتمال ضعيف نظرا لكون العملية السياسية فى السودان مستمرة فى المفاوضات بين الأطراف المختلفة على مدار أكثر من عامين دون الوصول لحلول جذرية ووصل الأمر فى النهاية للصراع المسلح بين الأطراف وبالتالي لا يمكن التعويل على هذا الأمر نظرا لأن كلا الطرفين لن يقبل بوجود الطرف الأخر على الاطلاق”.
بين القاهرة وأبوظبي..كواليس الغرف المغلقة فى اجتماعات القادة العرب
يبدو أن هناك تحالفات إقليمية جديدة يتم الإعداد لها بالغرف المغلقة حيث كثف بعض قادة الدول العربية لقاءاتهم خلال الأيام الأخيرة وسط غياب قادة دول كبري وهو ما يعتبره مراقبون مؤشر على خلافات وأزمات عالقة بين قادة المنطقة.
على غير العادة، شهدت الأيام الأخيرة الماضية، حراك عربي على مستوي بعض القادة والزعماء، حيث تعددت اللقاءات الثنائية والثلاثية والقمم المصغرة التي جمعت بعض القادة العرب فى مدد زمنية متقاربة بعدة عواصم عربية وسط غياب ملحوظ لقادة آخرون.
البداية كانت من القاهرة التي استضافت قبل أسبوعين وبالتحديد فى السابع عشر من كانون الثاني / يناير الجاري قمة ثلاثية جمعت الرئيس المصري ونظيره الفلسطيني إلي جانب ملك الأردن.
بعدها بأقل من 24 ساعة، اصطحب الرئيس المصري ملك الأردن للمشاركة بالقمة التشاورية التي استضافتها ابوظبي بمشاركة الرئيس الإماراتي وأميرالبحرين وأمير قطر وسلطان عمان فى غياب دول كبري مثل السعودية والكويت والمغرب.
ولم تمض أيام على قمة أبوظبي حتى بدأ العاهل الأردني زيارة خارجية استهلها بالعاصمة القطرية الدوحة وإجتمع خلالها بأمير قطر تميم بن حمد.
ويري مراقبون أن هذه اللقاءات المتسارعة بين القادة العرب تعبر عن حجم التحديات التي تمر بها المنطقة فى ظل الصراعات والأزمات التي يعيشها العالم.
وبحسب الخبراء فإن غياب دول كبري عن مثل هذه اللقاءات يعبر عن تحالفات جديدة يتم تشكيلها فى المنطقة.تحديات عالمية
الباحث والمحلل السياسي المصري محمد عبادي يري أن التحديات الدولية تفرض على القادة العرب، المسارعة في اتجاه التكامل والتضامن العربي، لافتا إلي أن التصعيد العالمي على الجبهات المتعددة سواء كان في أوروبا أو آسيا أو في الشرق الأوسط، يحتاج إلى موقف موحد راسخ من القادة العرب.
وقال لوكالتنا إن الأزمة الروسية الأوكرانية في طريقها للتأزم، وفي بحر الصين الجنوبي الأوضاع على المحك، أو سباق التسلح بين الكوريتين، وفي الشرق الأوسط التلاسنات الكلامية بين إسرائيل وإيران، على خلفية البرنامج النووي الإيراني، كل هذه الأحداث ستطال تداعياتها كل دول العالم، وفي القلب منهم المنطقة العربية.
وبحسب عبادي فإن التصعيد العسكري، على هذه الجبهات المتعددة، له تبعاته الاقتصادية التي تؤثر على الدول النامية، والتي ستكون بحاجة إلى أفكار غير تقليدية، لمجابهة التضخم وتقلبات الأسواق العالمية، لذلك تأتي القمم العربية، واللقاءات المتقاربة زمنيًّا في هذا السياق، لبلورة موقف عربي موحد وراسخ أمام الأزمات العالمية العسكرية والاقتصادية خاصة وأنّ المنطقة العربية تعج بالملفات التي بحاجة إلى المعالجة، مثل التغيرات المناخية وأمن الطاقة والغذاء والإرهاب والملف النووي الإيراني والأزمات في سوريا وليبيا واليمن وتأثيرها على المنطقة.
فضلا عن القضية الفلسطينية التي تحتل مركزًا متقدما في سلم الأولويات العربي، بالتزامن مع تهديدات الأحزاب الدينية والمتطرفين في إسرائيل، سواء ما يتعلق بالاستيطان أو المسّ بالقدسات الإسلاميّة، وهو ما يحتاج إلى حلول عاجلة، لمنع تفاقم الأزمة، وقطع الطريق على تصعيد عسكري إسرائيلي يضر بالقضية.
وأشار إلي أن هذه القمم تبرز الدور العربي على الساحة العالمية، وهو ما يمكن الاستفادة منه، في دور الوساطات في تلك النزاعات، مثل ما سبق وأعلنته جمهورية مصر العربية ، بإمكانية لعب دور الوسيط بين الفرقاء على الجبهة الروسية- الأوكرانية.
تحالفات جديدة
من جانبه، يري الخبير المغربي فى العلاقات الدولية صبري الحو أن هذه المشاورات تنم عن إحساس الدول العربية بمتغيرات الساحة الدولة، خاصة مع استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا ، واستمرار تداعياتها، وعدم وضوح الرؤية حول كيفية وأجل نهايتها، معتبرا أنها ستنتهي بحرب عالمية جديدة ، إن لم تكن قائمة بالفعل.
وقال :إن هناك تحالفات ومحاور عالمية قارية وإقليمية وبينية قيد التشكل بسرعة، معتبرأ أن تحركات ولقاءات قادة الدول العربية تتم في إطار فهمهم لهذا، وسعيهم أن يكونوا فاعلين لاتقاء عدم وقوعهم ضحايا لهذه التحالفات.
ويشير إلي أن لقاءات القادة العرب قد تكون من أجل اختيار القطار الذي سيركبون أو الحلف الذي سينضمون إليه .
وبحسب الحو فإن عقد هذه اللقاءات دون حضور السعودية والمغرب وغيرها يدل على وجود اصطفافات جديدة بالمنطقة فى ظل وجود صعوبات أو استحالة قيام وحدة عربية فى الوقت الحالي.
وأشار إلي أن الدول العربية تسابق الزمن فرادى أو في اطار متعدد لا يجمع إلا القلة من أجل الحد من تداعيات المتغيرات الدولية الجديدة والتي تعرف ديناميكية سريعة وغير مستقرة تحتاج قراءات سريعة لتفادي الوقوع ضحية أو التواجد بمعزل عن العالم.
الباحث والمحلل السياسي المصري محمد عبادي يري أن التحديات الدولية تفرض على القادة العرب، المسارعة في اتجاه التكامل والتضامن العربي، لافتا إلي أن التصعيد العالمي على الجبهات المتعددة سواء كان في أوروبا أو آسيا أو في الشرق الأوسط، يحتاج إلى موقف موحد راسخ من القادة العرب.
وقال لوكالتنا إن الأزمة الروسية الأوكرانية في طريقها للتأزم، وفي بحر الصين الجنوبي الأوضاع على المحك، أو سباق التسلح بين الكوريتين، وفي الشرق الأوسط التلاسنات الكلامية بين إسرائيل وإيران، على خلفية البرنامج النووي الإيراني، كل هذه الأحداث ستطال تداعياتها كل دول العالم، وفي القلب منهم المنطقة العربية.
وبحسب عبادي فإن التصعيد العسكري، على هذه الجبهات المتعددة، له تبعاته الاقتصادية التي تؤثر على الدول النامية، والتي ستكون بحاجة إلى أفكار غير تقليدية، لمجابهة التضخم وتقلبات الأسواق العالمية، لذلك تأتي القمم العربية، واللقاءات المتقاربة زمنيًّا في هذا السياق، لبلورة موقف عربي موحد وراسخ أمام الأزمات العالمية العسكرية والاقتصادية خاصة وأنّ المنطقة العربية تعج بالملفات التي بحاجة إلى المعالجة، مثل التغيرات المناخية وأمن الطاقة والغذاء والإرهاب والملف النووي الإيراني والأزمات في سوريا وليبيا واليمن وتأثيرها على المنطقة.
فضلا عن القضية الفلسطينية التي تحتل مركزًا متقدما في سلم الأولويات العربي، بالتزامن مع تهديدات الأحزاب الدينية والمتطرفين في إسرائيل، سواء ما يتعلق بالاستيطان أو المسّ بالقدسات الإسلاميّة، وهو ما يحتاج إلى حلول عاجلة، لمنع تفاقم الأزمة، وقطع الطريق على تصعيد عسكري إسرائيلي يضر بالقضية.
وأشار إلي أن هذه القمم تبرز الدور العربي على الساحة العالمية، وهو ما يمكن الاستفادة منه، في دور الوساطات في تلك النزاعات، مثل ما سبق وأعلنته جمهورية مصر العربية ، بإمكانية لعب دور الوسيط بين الفرقاء على الجبهة الروسية- الأوكرانية.
من جانبه، يري الخبير المغربي فى العلاقات الدولية صبري الحو أن هذه المشاورات تنم عن إحساس الدول العربية بمتغيرات الساحة الدولة، خاصة مع استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا ، واستمرار تداعياتها، وعدم وضوح الرؤية حول كيفية وأجل نهايتها، معتبرا أنها ستنتهي بحرب عالمية جديدة ، إن لم تكن قائمة بالفعل.
وقال :إن هناك تحالفات ومحاور عالمية قارية وإقليمية وبينية قيد التشكل بسرعة، معتبرأ أن تحركات ولقاءات قادة الدول العربية تتم في إطار فهمهم لهذا، وسعيهم أن يكونوا فاعلين لاتقاء عدم وقوعهم ضحايا لهذه التحالفات.
ويشير إلي أن لقاءات القادة العرب قد تكون من أجل اختيار القطار الذي سيركبون أو الحلف الذي سينضمون إليه .
وبحسب الحو فإن عقد هذه اللقاءات دون حضور السعودية والمغرب وغيرها يدل على وجود اصطفافات جديدة بالمنطقة فى ظل وجود صعوبات أو استحالة قيام وحدة عربية فى الوقت الحالي.
وأشار إلي أن الدول العربية تسابق الزمن فرادى أو في اطار متعدد لا يجمع إلا القلة من أجل الحد من تداعيات المتغيرات الدولية الجديدة والتي تعرف ديناميكية سريعة وغير مستقرة تحتاج قراءات سريعة لتفادي الوقوع ضحية أو التواجد بمعزل عن العالم.
السودان بين الاتفاق الإطاري والمبادرة المصرية
أكدت د.فريدة البنداري الباحثة المتخصصة بالشؤون الأفريقية نائب مدير المركز العراقي-الإفريقي للدراسات الاستراتيجية أن الاتفاق الإطاري الجديد بالسودان لم يحظ بإجماع الفرقاء، إذ قائمة معارضيه قوى مدنية أهمها لجان المقاومة بجانب قوى سياسية وحركات مسلحة.
وقالت البنداري إن أهم نقاط الضعف في الاتفاق هي تكرار صيغ الإحالة والتأجيل في ديباجته حيث شملت موضوعات أساسية مثل:
1. العدالة الانتقالية.
2. الإصلاح الأمني والعسكري.
3. وإزالة تمكين نظام عمر البشير، أي انقلاب 30 يونيو 1989.
وأشارت إلي أن الاتفاق خرج إلى العلن بعد مرحلة مضطربة عقب انقلاب البرهان 25 أكتوبر 2021، ليكون صيغة توافقية، فيما تُركت قضايا العدالة الانتقالية وإصلاح الأجهزة الأمنية دون الإشارة إلى كيفية إصلاحها.مميزات الاتفاق
احتفظ الاتفاق الإطاري، باتفاق سلام بجوبا، مؤكدًا على استكمال المفاوضات، وضرورة تقييمه وتقويمه، لما له من تداعيات دولية وإقليمية فضلًا عن تدعيم الجبهة الداخلية.
يبدو أن العامل الخارجي كان له دوراً مفصلياً وحاسماً في التوصل إلى هذا الاتفاق.
-عند مقارنة الاتفاق بالمبادرات التي الكثيرة التي سبقته، نجده الأفضل خاصة فيما يتعلق بإبعاد المؤسسة العسكرية عن إدارة الدولة، فضلا عن تحديد هياكل الدولة بأن تكون مدنية، وتضمينه بعض القضايا المرتبطة بالسلام وإعادة تقييم وتقويم اتفاق جوبا، وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية.
حجج المعارضون:
1. هي منهجية الحوار، حيث يقولون إنه كان ثنائياً بين المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير والمؤسسة العسكرية التي يصفها بعضهم بأنها امتداد للجنة الأمنية ونظام عمر البشير وهي تمثل الانقلاب الذي حدث في 25 أكتوبر.
2. هناك قوى معارضة أخرى تنادي بالتغيير الجذري وتقول إنه لا تفاوض ولا شرعية ولا مساومة، وتعول على الشارع في تغيير النظام برمته.
المهددات التي تواجه الإطاري:
1. تعدد المنظومات الأمنية والعسكرية كالدعم السريع والجيش، بالإضافة إلى قوى الكفاح المسلح (الحركات المسلحة) ، فحتى الآن تقف المؤسسة العسكرية عاجزة عن توحيد هذه القوى في جيش واحد.
2. تعارض مصالح المنظومات المسلحة سيُصعّب مهمة دمجها في جيش واحد وربما ترفض ذلك.
3. تشظي القوى المدنية (الأحزاب السياسية والمجتمع المدني)، بسبب الصراع بين المصالح الحزبية والمصالحة الوطنية العامة.
مواقف الرافضين للإطاري:
– جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة التي رفضت على التوقيع عليه، وصف الاتفاق بأنه صناعة خارجية خالصة.
– قال القيادي في الكتلة الديمقراطية، علي عسكوري، إن الإطاري فرضته اللجنة الرباعية الدولية المكونة من السعودية والولايات المتحدة والإمارات وبريطانيا على السودان، حيث ترغب بالمجيء بحكومة “عميلة لها.
– الحزب الشيوعي وحزب البعث الاشتراكي ولجان المقاومة التي دعت لمناهضة الاتفاق واسقاطة.
المبادرة المصرية:
“لا يعلم عنها الكثير، محض تسريبات”
زيارة اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة بجمهورية مصر العربية إلى السودان الإسبوع الماضي والتقائه بالبرهان بحضور الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، مدير جهاز المخابرات العامة السودانية، حيث تواترت الأخبار عن قبول البرهان مبادرة حملها رئيس المخابرات عباس كامل، الذي التقي أيضاً قيادات من قوى الحرية والتغيير -الكتلة الديمقراطية- برئاسة جعفر الميرغني، نائب رئيس حزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، وزعيم حركة العدل والمساواة، وزير المالية، جبريل إبراهيم، وبعض أطراف المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير الموقع على الاتفاق الإطاري، حيث التقى رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، ونائب رئيس حزب الأمة القومي، مريم الصادق.
فيما رشحت أخبار عن موافقة البرهان والكتلة الديمقراطية وتحفظ المجلس المركزي على المبادرة.
احتفظ الاتفاق الإطاري، باتفاق سلام بجوبا، مؤكدًا على استكمال المفاوضات، وضرورة تقييمه وتقويمه، لما له من تداعيات دولية وإقليمية فضلًا عن تدعيم الجبهة الداخلية.
يبدو أن العامل الخارجي كان له دوراً مفصلياً وحاسماً في التوصل إلى هذا الاتفاق.
-عند مقارنة الاتفاق بالمبادرات التي الكثيرة التي سبقته، نجده الأفضل خاصة فيما يتعلق بإبعاد المؤسسة العسكرية عن إدارة الدولة، فضلا عن تحديد هياكل الدولة بأن تكون مدنية، وتضمينه بعض القضايا المرتبطة بالسلام وإعادة تقييم وتقويم اتفاق جوبا، وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية.
حجج المعارضون:
1. هي منهجية الحوار، حيث يقولون إنه كان ثنائياً بين المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير والمؤسسة العسكرية التي يصفها بعضهم بأنها امتداد للجنة الأمنية ونظام عمر البشير وهي تمثل الانقلاب الذي حدث في 25 أكتوبر.
2. هناك قوى معارضة أخرى تنادي بالتغيير الجذري وتقول إنه لا تفاوض ولا شرعية ولا مساومة، وتعول على الشارع في تغيير النظام برمته.
1. تعدد المنظومات الأمنية والعسكرية كالدعم السريع والجيش، بالإضافة إلى قوى الكفاح المسلح (الحركات المسلحة) ، فحتى الآن تقف المؤسسة العسكرية عاجزة عن توحيد هذه القوى في جيش واحد.
2. تعارض مصالح المنظومات المسلحة سيُصعّب مهمة دمجها في جيش واحد وربما ترفض ذلك.
3. تشظي القوى المدنية (الأحزاب السياسية والمجتمع المدني)، بسبب الصراع بين المصالح الحزبية والمصالحة الوطنية العامة.
– جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة التي رفضت على التوقيع عليه، وصف الاتفاق بأنه صناعة خارجية خالصة.
– قال القيادي في الكتلة الديمقراطية، علي عسكوري، إن الإطاري فرضته اللجنة الرباعية الدولية المكونة من السعودية والولايات المتحدة والإمارات وبريطانيا على السودان، حيث ترغب بالمجيء بحكومة “عميلة لها.
– الحزب الشيوعي وحزب البعث الاشتراكي ولجان المقاومة التي دعت لمناهضة الاتفاق واسقاطة.
“لا يعلم عنها الكثير، محض تسريبات”
زيارة اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة بجمهورية مصر العربية إلى السودان الإسبوع الماضي والتقائه بالبرهان بحضور الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، مدير جهاز المخابرات العامة السودانية، حيث تواترت الأخبار عن قبول البرهان مبادرة حملها رئيس المخابرات عباس كامل، الذي التقي أيضاً قيادات من قوى الحرية والتغيير -الكتلة الديمقراطية- برئاسة جعفر الميرغني، نائب رئيس حزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، وزعيم حركة العدل والمساواة، وزير المالية، جبريل إبراهيم، وبعض أطراف المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير الموقع على الاتفاق الإطاري، حيث التقى رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، ونائب رئيس حزب الأمة القومي، مريم الصادق.
فيما رشحت أخبار عن موافقة البرهان والكتلة الديمقراطية وتحفظ المجلس المركزي على المبادرة.
https://alshamsnews.com/2022/11/%d9%87%d9%84-%d9%8a%d9%86%d9%87%d9%8a-%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b3%d9%83%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%86%d9%8a%d9%8a%d9%86-%d8%b5%d8%b1%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84.html
“محطات مجهولة” في العلاقات بين مصر وأفغانستان
تعود العلاقات التاريخية الوطيدة بين مصر وأفغانستان إلى زمن الفراعنة، حيث احتوت مقبرة الملك توت عنخ آمون، الذي حكم مصر في القرن 14 قبل الميلاد، على العديد من المصوغات الذهبية المطعمة بأحجار اللازورد الكريمة، كان مصدرها إقليم “بادخشان” شمال شرق أفغانستان.
ومن المواقف التي سجلها التاريخ، أنه عقب نكسة 5 يونيو 1967 توافد عدد كبير من الأفغان إلى السفارة المصرية في العاصمة “كابل”، طالبين من البعثة الدبلوماسية التطوع فورًا للقتال إلى جانب الجنود المصريين على الجبهة. وحينما لم يتسن لهم ذلك، تبرع الرجال بالمال، وتبرعت النساء بالحليّ، لمساندة المجهود الحربي المصري.دراسة تاريخية
وفي كتابه “العلاقات المصرية ـ الأفغانية (1922 ـ 1979م): دراسة تاريخية في ضوء الوثائق المصرية غير المنشورة”، يسلط الدكتور سعيد الصباغ، أستاذ الدراسات الإيرانية المعاصرة بكلية الآداب جامعة عين شمس، الضوء على وقائع شبه مجهولة في العلاقات بين مصر وأفغانستان، نظرًا إلى قلة الدراسات المنشورة عن هذه العلاقات، فهو موضوع لم يُكتب فيه من قبل، ولا يحظى بكثير من الاهتمام، على الرغم من أن بلاد الأفغان هي أحد أهم محددات الأمن القومي المصري والعربي.
والكتاب الذي نشره “مركز الخليج للدراسات الإيرانية”، ضمن سلسلة “أوراق إيرانية”، مدعومًا بالوثائق النادرة، والتي لم يسبق نشرها من قبل، يؤسس لرؤية جديدة في العلاقات بين البلدين، مشددًا على المكانة المهمة التي تمتعت بها أفغانستان بالنسبة لمصر ومصالحها القومية؛ نظرًا لأنها واحدة من دول آسيا الوسطى، التي تعاظم ارتباطها بمنطقة الشرق الأوسط؛ بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في أواخر ديسمبر من عام 1991م، وما ترتب عليه من سقوط التنافس القطبي، وتحول الولايات المتحدة إلى قطب أوحد يطرح مشروعاته للشرق الأوسط على الساحة، لتشمل المنطقة كلها، بما فيها أفغانستان، بالمفهوم الواسع للجغرافيا السياسية.
مصر.. نموذج يُحتذى
يقول الصباغ، في مقدمة الكتاب، إن مصر تمتلك رصيدًا إيجابيًا كبيرًا لدى الشعب الأفغاني، حتى إنه يُنظر لها على أنها النموذج الذي ينبغي عليها الاحتذاء به، لا سيّما أنها لم تتورط في أي وقت من الأوقات في التسبب إراقة دماء الشعب الأفغاني، على غرار كل من باكستان وإيران، كما لم تتورط أيضًا في تأجيج الصراع الداخلي أو المذهبي، ولا الحرب الأهلية فيها، بل كانت دائمًا وسيط خير بين فرقاء الداخل، لمًّا للشمل.
وتعود نشأة التمثيل الدبلوماسي بين مصر وأفغانستان إلى عام 1922م، عام إعلان مصر “دوله مستقلة ذات سيادة”، بموجب تصريح 28 فبراير 1922م، وإنهاء الحماية البريطانية عليها، عندما بادر الأمير حبيب الله أمير أفغانستان، بإرسال “خطاب تهنئة” إلى الملك فؤاد بمناسبة نيل مصر استقلالها، بتاريخ الخامس من سبتمبر عام 1922م، وإيفاده، من جانب واحد، رجلًا من كبار رجالات الفكر والسياسة ممن كانوا يتمتعون بسمعة وطنية وخبرة سياسية كبيرة، هو “محمود طرزي” إلى بلاط المملكة المصرية، بوصفه أول وزير مفوض لها لدى القاهرة.
وجاء في خطاب الأمير حبيب الله إلى الملك فؤاد، الذي يُنشر لأول مرة ضمن ملحق الوثائق في الكتاب: “هو الله تعالى شأنه، صاحب الجلالة صديقي المبجل ملك المملكة المصرية العلية، زيد إجلاله.
“بعد الابتهال برفعة الدين الإسلامي والعزة لأقطاره بمساعي صاحب الجلالة ذي الرأي الرشيد، أتشرف بأن أحيط جلالتكم أن الخبر السار بنيل مصر وشعبها الحرية والاستقلال قد وقع أحس الوقع في نفوس شعب محبكم ودولته العلية وأوجب سرورًا زائدًا وفرحًا عارمًا، حتى أن كلًا من حكومة أفغانستان وشعبها قد نظرا بعين الإجلال والتوقير إلى استقلال دولة مصر السنية.
“وإني بهذه المناسبة لأتقدم بخالص التهاني القلبية لكم يا صاحب الجلالة راجيًا من المولى جل في علاه أن يديم المملكة المصرية المستقلة تتدرج في معارج الرقي والفلاح حسب رغائبكم العالية. وإني لأجل عرض واجب التهاني والتعبير عن المودة والمحبة حيال ذاتكم الملكية وشعب جلالتكم الكريم؛ فقد اختار محبكم جناب عالي القدر محمود بك طرزي وزيرنا المفوض بعاصمة فرنسا، وأوفدته إلى بلاط مملكتكم السنية، بوصفه سفيرًا فوق العادة إليكم؛ لتوثيق عرى المودة وروابط الولاء والمحبة بين الدولتين العليتين الأمر الذي يجلب فوائد جمة للبلدين ولي وطيد الأمل في أن جلالتكم تعتمدون جناب الوزير المُشار إليه سفيرًا فوق العادة، وثقوا أن حكومة أفغانستان جادة وساعية في تعزيز علاقات المودة وحسن النوايا مع مصر. وتقبلوا فائق الاحترام وخالص المودة”.
ويشير المؤلف إلى أن “العلاقات المصرية الأفغانية بدأت منذ ذلك الحين، وحتى عام 1952م، عام رفع درجة التمثيل السياسي بينهما إلى مستوى السفارة، أولى خطواتها الرسمية نحو استكشاف فرص تعزيز التقارب. وكم كانت كابل هي صاحبة المبادرة في تعزيز تقاربها وتوطيد علاقتها مع القاهرة، ولم لا وقد قصدها الملك أمان الله خان بأول زيارة رسمية في التاريخ الحديث والمعاصر، عام 1927م”.
ويورد الصباغ، ما رواه الكاتب الصحفي مصطفى أمين من أن الملك فؤاد رحب بزيارة ملك أفغانستان لمصر، ولكنه عندما علم أن الملك أمان الله دعا نساء أفغانستان إلى نزع الحجاب اقتداءً بـ “كمال أتاتورك” وأن البرقيات الواردة تفيد أن الملكة “ثريا” سترافق الملك “سافرة” في رحلته؛ اضطر إلى إلغاء إقامة الضيف الأفغاني في قصر عابدين؛ نظرًا لأن التقاليد تحول دون اشتراك الملكة “ثريا” في الزيارة الرسمية.
وافق الملك “أمان الله” على أن تكون إقامة “ثريا” في مصر إقامة غير رسمية؛ فلا تشترك في الحفلات أو الاستقبالات التي يدعى إليها، وألا تظهر سافرة أثناء إقامتها في مصر مراعاة لتقاليدها؛ فخضعت ثريا لرغبة الملك فؤاد الذي أصدر أمره إلى وزارة الداخلية بمنع تصوير ملكة أفغانستان. ومن ثم لم تظهر صورة واحدة للملكة ثريا في الصحف المصرية طوال مدة الزيارة.
وكانت القاهرة شاهدة على توقيع أول معاهدة صداقة بين البلدين، عام 1929م، كما كانت شاهدة أيضًا على تبني كابل عدد من المواقف الإيجابية، خلال هذه المرحلة، التي جسدت مدى اهتمامها بتحقيق مزيد من التقارب معها.
جامعة الأمم العربية
في 22 مارس 1945م، باركت أفغانستان لمصر تأسيس الجامعة العربية بالقاهرة. وقد ذكر وزير مصر المفوض بكابل في كتابه إلى الخارجية في مايو 1945م، أن صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الأفغاني، قال له في معرض ترحيب بلاده بتأسيس الجامعة العربية: “إن مصر لها الصدارة بحق من الناحية الدينية والثقافية؛ كذلك تجدنا نتتبع باهتمام كل تطور عندكم. كما أن ما قام به ملككم في السنين القليلة من أعمال وما رسمه لحكومته الرشيدة من توجيه، كل هذا يثير إعجابنا بالنهضة العربية التي نتمنى لها المزيد. وإننا نرى في جامعة الأمم العربية بشير الخير، كما نرى في إخراجها إلى حيز التنفيذ بفضل ملككم وفكر جلالته وقوته الدافعة، ما يُبشر بالنفع العميم”.
وأيدت أفغانستان قرار مصر القاضي بإلغاء معاهدة 1936م، ثم اختصها الملك محمد ظاهر شاه بزيارة ودية عام 1950م، وهي جميعًا كانت تمثل في حد ذاتها معطيات مهمة لأن تولي مصر اهتمامها بأفغانستان، لاسيما فيما بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952م.
وفي 30 أبريل عام 1955م، قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بزيارة كابل، في زيارة تاريخية؛ فقد كانت تمثل المرة الأولى التي يقوم فيها زعيم عربي بزيارة أفغانستان في التاريخ. والتي حظي خلالها باستقبال وحفاوة رسمية وشعبية رائعة.
وصرح عبد الناصر، عقب لقائه بالملك محمد ظاهر شاه ورئيس وزرائه محمد داود، بأنه رأى أن يقوم بالوساطة بين أفغانستان وباكستان للتخفيف من حدة التوتر الناشب بينهما حول مسألة بختونستان”.
في المقابل، كانت أفغانستان في مقدمة الدول التي أيدت حق مصر المشروع في تأميم قناة السويس؛ الذي أعلنه الرئيس جمال عبد الناصر، يوم 26 يوليو 1956م، فقد ذكر القائم بالأعمال المصري بالنيابة بالسفارة المصرية كابل عبد الوهاب خالد داود، ما يفيد ذلك في تقريره إلى الخارجية: “أجمعت كافة الدوائر الرسمية والأوساط الشعبية في أفغانستان على تأييد مصر في تأميمها لشركة القناة واستنكار ما لجأت إليه إنجلترا وفرنسا من أساليب الضغط والتهديد، فجاء في خطاب الملك محمد ظاهر شاه الذي ألقاه يوم 24 أغسطس بمناسبة عيد الاستقلال الأفغاني أن أفغانستان عبّرت عن تأييدها التام لإرادة الشعب المصري الحرة بتأميم شركة القناة، وعن أملها في أن تحترم الدول الكبرى حقوق الشعوب والمبادئ الدولية وميثاق الأمم المتحدة واعتبارات السلام الدولي، وأن تنتهج مسلكًا في احترام حقوق الشعب المصري”.
ووفق المؤلف، لعبت المتغيرات الدولية في تلك الفترة، دورًا مهما في تكريس مبررات تعزيز التقارب بين مصر وأفغانستان، وتوثيق وشائج الأخوة بينهما، بقدر ما لعب موقع أفغانستان الاستراتيجي دورًا في تقوية ارتباطها بمنطقة الشرق الأوسط، بعد أن أصبحت تُمثل، بالنسبة لمصر، مدخلًا لآسيا الوسطى بديلًا عن إيران وتركيا، اللتان حددتا مصالحهما في الاعتراف بإسرائيل، في وقت كانت مصر تحاول فرض طوق من العزلة على هذا الكيان المحتل للأراضي العربية، وفي انضمامهما لـ “حلف بغداد”، الذي عارضته القاهرة بشدة.
أيام الغزو السوفيتي
في يوم 27 ديسمبر 1979م، دخل الشيوعي “ببرك كارمل” العاصمة كابل في حماية القوات السوفيتية، التي بدأت بدورها غزوًا عسكريًا عنيفًا لأفغانستان؛ أدخل البلاد في دوامة صراع مأساوي، لم تنته أبعاده منذ ذلك الحين حتى وقتنا الراهن.
وكانت مصر أول دولة في العالم العربي والإسلامي، تتحرك وتعلن موقفها الواضح من التطور المأساوي للأوضاع في أفغانستان منذ بدايتها. وستظل جميع المواقف التي اتخذتها القاهرة من هذه التطورات شاهدة، حتى اليوم، على متانة العروة الوثقى التي كانت تربطها بكابل ولا تزال.
وقام الدكتور بطرس غالي وزير الدولة للشئون الخارجية، باستدعاء السفير السوفيتي بالقاهرة آنذاك “فلاديمير بوكولياكوف” رسميًا، وطلب منه إبلاغ حكومته بأن القاهرة تدين التدخل السوفييتي في أفغانستان، وأنها ترفض سياسة “الهيمنة السوفيتية على مصالح الدول الصغيرة”.
وأعلن الرئيس الراحل أنور السادات، في أكثر من مناسبة أنه سوف يقدم كل مساعدة ممكنة للمجاهدين الأفغان، قائلًا: “كل شيء في أيدينا.. أسلحة .. أموال .. كل شيء.. كل مساعدة ممكنة يجب أن نقدمها لهم. وأقولها لكي تسمعها موسكو، سوف نستمر في إرسال السلاح إلى ثوار أفغانستان حتى يدافعوا عن استقلالهم ويحرروا وطنهم”.
واستمر الموقف المصري المؤيد والمساند للمجاهدين الأفغان، في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك على جميع المستويات السياسية والمعنوية، كما قدمت مصر مساعدات إنسانية كبيرة للمهاجرين الأفغان في مدينة بيشاور، وقامت بعلاج عدد من جرحى المجاهدين في مستشفيات “الهلال الأحمر” المصري بالقاهرة وطنطا. وظلت تساند القضية الأفغانية في المحافل الدولية، وتدعو لانسحاب القوات الروسية من أفغانستان، حتى تحقق ذلك فعليًا يوم 15 مايو 1988م.
ويؤكد الصباغ، أخيرًا، أن الأزهر الشريف تمتع بمكانة موقرة في أفغانستان، بوصفه المؤسسة الدينية الشاملة التي يحظى خريجوها باحترام وتقدير كبيريّن عند الشعب الأفغاني، وأصبحوا فيما بعد روادًا للحركة الإسلامية في المجتمع الأفغاني، والجهاد في ساحات القتال، الذي أجبر القوات السوفيتية الغازية على الانسحاب من بلادهم.
ختامًا، يقول المؤلف إن تعظيم المصالح المشتركة سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا بين القاهرة وكابل، سوف يكون من العوامل المؤثرة على علاقات التقارب بين مصر وأفغانستان، ويعزز دور مصر في آسيا الوسطى على جميع المستويات.
ويعتبر الصباغ، أنه “يتعيّن على مصر، بما لها من ريادة إسلامية منشودة، أن تعيد صياغة الواقع الثقافي الأفغاني، بما يجعلها نموذجًا مكملًا لدورها المناظر في دول آسيا الوسطى”
والكتاب الذي نشره “مركز الخليج للدراسات الإيرانية”، ضمن سلسلة “أوراق إيرانية”، مدعومًا بالوثائق النادرة، والتي لم يسبق نشرها من قبل، يؤسس لرؤية جديدة في العلاقات بين البلدين، مشددًا على المكانة المهمة التي تمتعت بها أفغانستان بالنسبة لمصر ومصالحها القومية؛ نظرًا لأنها واحدة من دول آسيا الوسطى، التي تعاظم ارتباطها بمنطقة الشرق الأوسط؛ بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في أواخر ديسمبر من عام 1991م، وما ترتب عليه من سقوط التنافس القطبي، وتحول الولايات المتحدة إلى قطب أوحد يطرح مشروعاته للشرق الأوسط على الساحة، لتشمل المنطقة كلها، بما فيها أفغانستان، بالمفهوم الواسع للجغرافيا السياسية.
يقول الصباغ، في مقدمة الكتاب، إن مصر تمتلك رصيدًا إيجابيًا كبيرًا لدى الشعب الأفغاني، حتى إنه يُنظر لها على أنها النموذج الذي ينبغي عليها الاحتذاء به، لا سيّما أنها لم تتورط في أي وقت من الأوقات في التسبب إراقة دماء الشعب الأفغاني، على غرار كل من باكستان وإيران، كما لم تتورط أيضًا في تأجيج الصراع الداخلي أو المذهبي، ولا الحرب الأهلية فيها، بل كانت دائمًا وسيط خير بين فرقاء الداخل، لمًّا للشمل.
وتعود نشأة التمثيل الدبلوماسي بين مصر وأفغانستان إلى عام 1922م، عام إعلان مصر “دوله مستقلة ذات سيادة”، بموجب تصريح 28 فبراير 1922م، وإنهاء الحماية البريطانية عليها، عندما بادر الأمير حبيب الله أمير أفغانستان، بإرسال “خطاب تهنئة” إلى الملك فؤاد بمناسبة نيل مصر استقلالها، بتاريخ الخامس من سبتمبر عام 1922م، وإيفاده، من جانب واحد، رجلًا من كبار رجالات الفكر والسياسة ممن كانوا يتمتعون بسمعة وطنية وخبرة سياسية كبيرة، هو “محمود طرزي” إلى بلاط المملكة المصرية، بوصفه أول وزير مفوض لها لدى القاهرة.
وجاء في خطاب الأمير حبيب الله إلى الملك فؤاد، الذي يُنشر لأول مرة ضمن ملحق الوثائق في الكتاب: “هو الله تعالى شأنه، صاحب الجلالة صديقي المبجل ملك المملكة المصرية العلية، زيد إجلاله.
“بعد الابتهال برفعة الدين الإسلامي والعزة لأقطاره بمساعي صاحب الجلالة ذي الرأي الرشيد، أتشرف بأن أحيط جلالتكم أن الخبر السار بنيل مصر وشعبها الحرية والاستقلال قد وقع أحس الوقع في نفوس شعب محبكم ودولته العلية وأوجب سرورًا زائدًا وفرحًا عارمًا، حتى أن كلًا من حكومة أفغانستان وشعبها قد نظرا بعين الإجلال والتوقير إلى استقلال دولة مصر السنية.
“وإني بهذه المناسبة لأتقدم بخالص التهاني القلبية لكم يا صاحب الجلالة راجيًا من المولى جل في علاه أن يديم المملكة المصرية المستقلة تتدرج في معارج الرقي والفلاح حسب رغائبكم العالية. وإني لأجل عرض واجب التهاني والتعبير عن المودة والمحبة حيال ذاتكم الملكية وشعب جلالتكم الكريم؛ فقد اختار محبكم جناب عالي القدر محمود بك طرزي وزيرنا المفوض بعاصمة فرنسا، وأوفدته إلى بلاط مملكتكم السنية، بوصفه سفيرًا فوق العادة إليكم؛ لتوثيق عرى المودة وروابط الولاء والمحبة بين الدولتين العليتين الأمر الذي يجلب فوائد جمة للبلدين ولي وطيد الأمل في أن جلالتكم تعتمدون جناب الوزير المُشار إليه سفيرًا فوق العادة، وثقوا أن حكومة أفغانستان جادة وساعية في تعزيز علاقات المودة وحسن النوايا مع مصر. وتقبلوا فائق الاحترام وخالص المودة”.
ويشير المؤلف إلى أن “العلاقات المصرية الأفغانية بدأت منذ ذلك الحين، وحتى عام 1952م، عام رفع درجة التمثيل السياسي بينهما إلى مستوى السفارة، أولى خطواتها الرسمية نحو استكشاف فرص تعزيز التقارب. وكم كانت كابل هي صاحبة المبادرة في تعزيز تقاربها وتوطيد علاقتها مع القاهرة، ولم لا وقد قصدها الملك أمان الله خان بأول زيارة رسمية في التاريخ الحديث والمعاصر، عام 1927م”.
ويورد الصباغ، ما رواه الكاتب الصحفي مصطفى أمين من أن الملك فؤاد رحب بزيارة ملك أفغانستان لمصر، ولكنه عندما علم أن الملك أمان الله دعا نساء أفغانستان إلى نزع الحجاب اقتداءً بـ “كمال أتاتورك” وأن البرقيات الواردة تفيد أن الملكة “ثريا” سترافق الملك “سافرة” في رحلته؛ اضطر إلى إلغاء إقامة الضيف الأفغاني في قصر عابدين؛ نظرًا لأن التقاليد تحول دون اشتراك الملكة “ثريا” في الزيارة الرسمية.
وافق الملك “أمان الله” على أن تكون إقامة “ثريا” في مصر إقامة غير رسمية؛ فلا تشترك في الحفلات أو الاستقبالات التي يدعى إليها، وألا تظهر سافرة أثناء إقامتها في مصر مراعاة لتقاليدها؛ فخضعت ثريا لرغبة الملك فؤاد الذي أصدر أمره إلى وزارة الداخلية بمنع تصوير ملكة أفغانستان. ومن ثم لم تظهر صورة واحدة للملكة ثريا في الصحف المصرية طوال مدة الزيارة.
وكانت القاهرة شاهدة على توقيع أول معاهدة صداقة بين البلدين، عام 1929م، كما كانت شاهدة أيضًا على تبني كابل عدد من المواقف الإيجابية، خلال هذه المرحلة، التي جسدت مدى اهتمامها بتحقيق مزيد من التقارب معها.
في 22 مارس 1945م، باركت أفغانستان لمصر تأسيس الجامعة العربية بالقاهرة. وقد ذكر وزير مصر المفوض بكابل في كتابه إلى الخارجية في مايو 1945م، أن صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الأفغاني، قال له في معرض ترحيب بلاده بتأسيس الجامعة العربية: “إن مصر لها الصدارة بحق من الناحية الدينية والثقافية؛ كذلك تجدنا نتتبع باهتمام كل تطور عندكم. كما أن ما قام به ملككم في السنين القليلة من أعمال وما رسمه لحكومته الرشيدة من توجيه، كل هذا يثير إعجابنا بالنهضة العربية التي نتمنى لها المزيد. وإننا نرى في جامعة الأمم العربية بشير الخير، كما نرى في إخراجها إلى حيز التنفيذ بفضل ملككم وفكر جلالته وقوته الدافعة، ما يُبشر بالنفع العميم”.
وأيدت أفغانستان قرار مصر القاضي بإلغاء معاهدة 1936م، ثم اختصها الملك محمد ظاهر شاه بزيارة ودية عام 1950م، وهي جميعًا كانت تمثل في حد ذاتها معطيات مهمة لأن تولي مصر اهتمامها بأفغانستان، لاسيما فيما بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952م.
وفي 30 أبريل عام 1955م، قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بزيارة كابل، في زيارة تاريخية؛ فقد كانت تمثل المرة الأولى التي يقوم فيها زعيم عربي بزيارة أفغانستان في التاريخ. والتي حظي خلالها باستقبال وحفاوة رسمية وشعبية رائعة.
وصرح عبد الناصر، عقب لقائه بالملك محمد ظاهر شاه ورئيس وزرائه محمد داود، بأنه رأى أن يقوم بالوساطة بين أفغانستان وباكستان للتخفيف من حدة التوتر الناشب بينهما حول مسألة بختونستان”.
في المقابل، كانت أفغانستان في مقدمة الدول التي أيدت حق مصر المشروع في تأميم قناة السويس؛ الذي أعلنه الرئيس جمال عبد الناصر، يوم 26 يوليو 1956م، فقد ذكر القائم بالأعمال المصري بالنيابة بالسفارة المصرية كابل عبد الوهاب خالد داود، ما يفيد ذلك في تقريره إلى الخارجية: “أجمعت كافة الدوائر الرسمية والأوساط الشعبية في أفغانستان على تأييد مصر في تأميمها لشركة القناة واستنكار ما لجأت إليه إنجلترا وفرنسا من أساليب الضغط والتهديد، فجاء في خطاب الملك محمد ظاهر شاه الذي ألقاه يوم 24 أغسطس بمناسبة عيد الاستقلال الأفغاني أن أفغانستان عبّرت عن تأييدها التام لإرادة الشعب المصري الحرة بتأميم شركة القناة، وعن أملها في أن تحترم الدول الكبرى حقوق الشعوب والمبادئ الدولية وميثاق الأمم المتحدة واعتبارات السلام الدولي، وأن تنتهج مسلكًا في احترام حقوق الشعب المصري”.
ووفق المؤلف، لعبت المتغيرات الدولية في تلك الفترة، دورًا مهما في تكريس مبررات تعزيز التقارب بين مصر وأفغانستان، وتوثيق وشائج الأخوة بينهما، بقدر ما لعب موقع أفغانستان الاستراتيجي دورًا في تقوية ارتباطها بمنطقة الشرق الأوسط، بعد أن أصبحت تُمثل، بالنسبة لمصر، مدخلًا لآسيا الوسطى بديلًا عن إيران وتركيا، اللتان حددتا مصالحهما في الاعتراف بإسرائيل، في وقت كانت مصر تحاول فرض طوق من العزلة على هذا الكيان المحتل للأراضي العربية، وفي انضمامهما لـ “حلف بغداد”، الذي عارضته القاهرة بشدة.
في يوم 27 ديسمبر 1979م، دخل الشيوعي “ببرك كارمل” العاصمة كابل في حماية القوات السوفيتية، التي بدأت بدورها غزوًا عسكريًا عنيفًا لأفغانستان؛ أدخل البلاد في دوامة صراع مأساوي، لم تنته أبعاده منذ ذلك الحين حتى وقتنا الراهن.
وكانت مصر أول دولة في العالم العربي والإسلامي، تتحرك وتعلن موقفها الواضح من التطور المأساوي للأوضاع في أفغانستان منذ بدايتها. وستظل جميع المواقف التي اتخذتها القاهرة من هذه التطورات شاهدة، حتى اليوم، على متانة العروة الوثقى التي كانت تربطها بكابل ولا تزال.
وقام الدكتور بطرس غالي وزير الدولة للشئون الخارجية، باستدعاء السفير السوفيتي بالقاهرة آنذاك “فلاديمير بوكولياكوف” رسميًا، وطلب منه إبلاغ حكومته بأن القاهرة تدين التدخل السوفييتي في أفغانستان، وأنها ترفض سياسة “الهيمنة السوفيتية على مصالح الدول الصغيرة”.
وأعلن الرئيس الراحل أنور السادات، في أكثر من مناسبة أنه سوف يقدم كل مساعدة ممكنة للمجاهدين الأفغان، قائلًا: “كل شيء في أيدينا.. أسلحة .. أموال .. كل شيء.. كل مساعدة ممكنة يجب أن نقدمها لهم. وأقولها لكي تسمعها موسكو، سوف نستمر في إرسال السلاح إلى ثوار أفغانستان حتى يدافعوا عن استقلالهم ويحرروا وطنهم”.
واستمر الموقف المصري المؤيد والمساند للمجاهدين الأفغان، في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك على جميع المستويات السياسية والمعنوية، كما قدمت مصر مساعدات إنسانية كبيرة للمهاجرين الأفغان في مدينة بيشاور، وقامت بعلاج عدد من جرحى المجاهدين في مستشفيات “الهلال الأحمر” المصري بالقاهرة وطنطا. وظلت تساند القضية الأفغانية في المحافل الدولية، وتدعو لانسحاب القوات الروسية من أفغانستان، حتى تحقق ذلك فعليًا يوم 15 مايو 1988م.
ويؤكد الصباغ، أخيرًا، أن الأزهر الشريف تمتع بمكانة موقرة في أفغانستان، بوصفه المؤسسة الدينية الشاملة التي يحظى خريجوها باحترام وتقدير كبيريّن عند الشعب الأفغاني، وأصبحوا فيما بعد روادًا للحركة الإسلامية في المجتمع الأفغاني، والجهاد في ساحات القتال، الذي أجبر القوات السوفيتية الغازية على الانسحاب من بلادهم.
ختامًا، يقول المؤلف إن تعظيم المصالح المشتركة سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا بين القاهرة وكابل، سوف يكون من العوامل المؤثرة على علاقات التقارب بين مصر وأفغانستان، ويعزز دور مصر في آسيا الوسطى على جميع المستويات.
ويعتبر الصباغ، أنه “يتعيّن على مصر، بما لها من ريادة إسلامية منشودة، أن تعيد صياغة الواقع الثقافي الأفغاني، بما يجعلها نموذجًا مكملًا لدورها المناظر في دول آسيا الوسطى”
الأكثر تطرفا فى تاريخ إسرائيل..ماذا ينتظر العرب فى ظل حكومة نتنياهو؟
تحليل يكتبه / د.إياد المجالي خبير العلاقات الدولية بجامعة مؤتة الأردنية
تتنامى ردود الفعل الإقليمية مع إعلان الحكومة الإسرائيلية اكتمال تشكيل فريقها الوزاري, والذي يُعد الأكثر تطرفا في تاريخ دولة الكيان الصهيوني,فهي حكومة دينية ثيوقراطية بامتياز, يقودها أكثر الشخصيات تطرفاً في حزب الليكود اليميني( بنيامين نتنياهو), وقد انضم إليه في تشكيل الحكومة حركتي شاس ويهودت هنوراة اللتين تمثلان التيار الديني الحريدي, بالإضافة الى جانب حركتي المنعة اليهودية والصهيونية اللتين تمثلان التيار الديني القومي.
المثير في هذا الائتلاف في تشكيلة حكومة الكيان أنه لا يوجد أي فرق يذكر في أيديولوجية مكوناتها الفكرية والسياسية, فهي تتفق بعمق الرؤية السياسية تجاه الملفات الشائكة تجاه الداخل الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني, بدءا من ملف التوسع في المستوطنات, التهجير القسري بتشدد للشعب الفلسطيني, والتمسك بأسس الاستيطان ومعايير الاحتلال للأرض الفلسطينية, ومواجهة كل حركات التحرر والمقاومة بقبضة أمنية متشددة وقمع كل التوجهات التي تنادي بحقوقها المشروعة.
أما الأثر المنتظر من استمرار حكومة دولة الكيان الصهيوني اليميني المتطرف في أدائها لتحقيق أهدافها الاستراتيجية على أطراف إقليمية عربية, تتنامى مع استمرار التطبيع معها بكل أشكاله، حيث أن مجمل الاتفاقيات الموقّعة بين أطراف المنطقة، هي عوامل تصب في رؤية نتنياهو التي حقق أهدافها يوما بعد آخر. وهنا وجبت الإشارة إلى ثلاث اتفاقيات جديدة، وقّعتها الدولة الصهيونية مع كل من الإمارات والأردن تباعاً. الأولى بدء تعاون ثقافي، والثانية اتفاقية تصدير النفط من الإمارات إلى إسرائيل، والثالثة سماح الأردن والسعودية للطائرات الإسرائيلية بعبور أجوائها لتقصير مسافة السفر بين الخليج وإسرائيل. ولا تسهّل هذه الاتفاقيات التطبيع فحسب، وإنما تصب أيضا في الإطار الأكبر لاستراتيجية نتنياهو، وعمادها إهمال الجانب الفلسطيني والتعامل، ودمج إسرائيل في المنطقة، وتثبيتها “دولة أصيلة”، إلى أن يصبح الفلسطينيون وحدهم في محيط تهيمن عليه إسرائيل.
إبقاء أي علاقةٍ كانت مع إسرائيل تساهم في تنفيذ ما سميت اتفاقية إبراهام, والقبول الضمني بها, وتعجّيل باندماج الدولة الصهيونية في المنطقة, الأمر الذي سيفضي الى أن كل اتفاقيات التطبيع الاقتصادي المبرمة بينها وبين إسرائيل تجعلها مجرد جسر تطبيعياً مع الخليج والعالم العربي، ما يشكل خطرا على الأمن الوطني للأردن وخرقا لسيادته، وتفقده قدرته على التفوه بكلمة “لا” صريحة أو خجولة لأي مخطط إسرائيلي يتهدّدها.
وتعتمد استراتيجية نتنياهو على إهمال الفلسطينيين، ورضوخ كل دولة عربية، على حدة، لنوع من العلاقات مع إسرائيل، ما يغير تدريجيا خريطة المنطقة السياسية، فتصبح إسرائيل الأصيلة وفلسطين الدخيلة، ويُحاصر أهلها، فلا يبقى سوى الخنوع والاستسلام. وليست هذه الإستراتيجية جديدة تماما، فقد كان هناك جدل دائما حتى داخل أروقة صناعة القرار الأميركي، إذ كان من الممكن تفكيك مركزية القضية الفلسطينية في الخطاب والوعي العربيين، مدخلا إلى تطويع الفلسطينيين، واكتمال المشروع الصهيوني تحت شعار “التعايش والسلام”.
لقد تعهد نتنياهو بأن يكون توسيع الاستيطان في جميع أنحاء ما سماها “أرض إسرائيل” في الجليل والنقب والجولان والضفة الغربية، قائلا إن هذا حق حصري للشعب الإسرائيلي لا جدال فيه، وفق تعبيره, وإجراء تعديلات قانونية تقضي بسحب الجنسية والإقامة وترحيل كل فلسطيني ينفذ هجوما ضد أهداف إسرائيلية, كما أكد تعهده أنه سيعمل بكل طاقته على مواصلة الحرب على برنامج إيران النووي.
بينما تتشابك الأبعاد السياسية والأمنية والعسكرية في ملفات حكومة اليمين المتطرف برئاسة نتنياهو تجاه إيران وسوريا, خاصة مع قصف سلاح الجو الإسرائيلي عشرات المرات لمقرات عسكرية ومستودعات أسلحة إيرانية على الجغرافيا السورية, وذلك بغرض توظيف الحرب على سوريا وتدمير شبكة أنفاق حزب الله على الحدود اللبنانية، بحملات عسكرية مكثفة لتدمير وإحباط شبكة الأنفاق التي زعم أن حزب الله حفرها على الحدود اللبنانية تحضيرا لأي مواجهة عسكرية بالمستقبل, هذا التوظيف جاء استباقيا لحسم فرص وصوله مجددا الى سدة الحكومة الإسرائيلية.
توجهات هذا الفريق السياسي المؤدلج بعقيدة اليمين المتطرف تعتمد على المبدأ الاسترشادي الأول استشهد تأكيدات على “الحقوق القومية اليهودية الحصرية وغير القابلة للنقاش في جميع أنحاء أرض إسرائيل, وهو مصطلح يشمل على ما يبدو الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهما من بين الأراضي التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها, الى جانب إنه يأمل في تحقيق إنفراجة في إقامة علاقات دبلوماسية مع السعودية مثلما فعل في عام 2020 مع دول خليجية أخرى تشارك إسرائيل مخاوفها تجاه إيران.
خطة إخوانية للعودة للمشهد السياسي فى المغرب | تفاصيل
يخطط حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي الذي مني بهزيمة انتخابية أخرجته من السلطة وصفها محللون بأنها “مذلة” على ما يبدو للعودة للمحاضن الاجتماعية بواجهة أخرى يقدمها قيادي سابق في الحزب كمبادرة تهدف لاستقطاب أنصار وداعمين من داخل المغرب وخارجه لفكرة “الوطن أوّلا ودائما” من دون الانخراط في العمل الحزبي.ويبحث إخوان المغرب عن منافذ لاستعادة ثقة قواعدهم بعد أن أصابتهم الهزيمة الانتخابية بالإرباك وبحالة من التشظي والخلافات الداخلية إضافة إلى تراجع شعبيتهم لمستويات متدنية تجسدت في فشلهم في حشد الشارع أو حتى من أنصارهم ضد خصمهم رئيس الحكومة عزيز أخنوش في أكثر من مناسبة.
ويتحرك هؤلاء على طريقة إخوان السودان الذين أعلنوا قبل عامين الانكفاء السياسي والعودة للمحاضن الاجتماعية والتركيز على مشاغل السودانيين قبل أن يعاودوا الظهور في الشارع وينخرطوا في الاحتجاجات ضد السلطة التي يقودها العسكريون.
وكان الهدف من الانكفاء السياسي والعودة للمحاضن الاجتماعية هو استقطاب المزيد من الأنصار بالعزف على الوتر الاجتماعي والديني بعدما فقدوا التأثير على الشارع وبعد الإجراءات التي اتخذتها السلطة الانتقالية في السودان ضدهم منذ عزل الرئيس عمر حسن البشير في 2019.
وطرح القيادي الاخواني المغربي عزيز رباح مبادرة أثارت كثيرا من التكهنات بشأن ما إذا كان إخوان المغرب يستعدون لتأسيس حزب جديد بمرجعية إسلامية وبواجهة اجتماعية لترميم الشروخ التي أحدثتها الهزيمة الانتخابية.
وبحسب تقرير لصحيفة ‘العرب’ اللندنية ينظر محللون إلى مبادرة رباح التي أطلقها قبل نحو عام مباشرة بعد الهزيمة الانتخابية المدوية لحزب العدالة والتنمية، على أنها نواة لحزب جديد.
ويراهن عزيز رباح من خلال تلك المبادرة على “استقطاب كوادر وشباب من داخل الوطن وخارجه”، معلنا أنها “ستهتم بالسياسات العمومية والاقتصادية وتقديم مقترحات دون الانخراط في العمل الحزبي أو النقابي ولا علاقة لها بأي حزب”، في إشارة إلى العدالة والتنمية.
وبحسب المصدر ذاته حرص رباح الذي تم اختياره السبت الماضي خلال الاجتماع التأسيسي رئيسا لها لمدة سنتين كمرحلة تأسيسية، على أن يظهر مبادرته لن تتحول إلى حزب سياسي، مشددا على أنها ستبقى نشاطا مدنيا تقتصر على تتبع السياسات العمومية والبرامج التنموية على المستويين الوطني والمحلي.
ويحاول القيادي الاخواني على الأرجح اختبار مدى التفاعل الشعبي خاصة من قواعد حزب العدالة والتنمية، لينتقل في مرحلة ما من النشاط المدني (كما يقول) إلى النشاط السياسي وهو أمر يقول متابعون لشؤون جماعات الإسلام السياسي، إنه تكتيك دأب الإخوان على إتباعه حينما يواجهون أزمة داخلية.
ويشير هؤلاء أيضا إلى أن التركيز على الشأن المدني وشواغل الناس مجرد مناورة للاستقطاب وبمجرد أن تلقى مثل تلك المبادرات تفاعلا يُسار إلى تحويلها إلى نشاط حزبي يتناغم مع طروحات الحزب القائم.
ويقول عزيز رباح “البعض روّج لذلك وتلقينا اتصالات كثيرة حول ما إذا كانت المبادرة تمهد الطريق لتأسيس حزب سياسي جديد، وكان جوابي واضحا حتى مع الإخوة والأخوات الذين قررنا رفقتهم تأسيس هذه المبادرة”.
لكن الواضح أن مبادرة رباح ليست إلا واجهة دعوية تسعى لتثبيت نفسها وتختبر إلى أي مدى يمكن أن تذهب في صناعة قاعدة شعبية بعد أن اهتزت ثقة جمهور حزب العدالة والتنمية في قياداته ونهجه السياسي.
ونقلت صحيفة ‘العرب’ اللندنية عن محللين قولهم إن حزب العدالة والتنمية المغربي يراهن على الجناح المدني الذي يوفر تواصلا مباشرا مع القواعد والمواطنين.
ويبدو هذا النهج مشابها تماما لذلك الذي اعتمده إخوان السودان خلال العامين الماضين بعد أن تركوا الساحات وركزوا على شواغل الناس والوضع الاجتماعي والاقتصادي وأعادوا ترتيب صفوفهم في المحاضن الاجتماعية وما أن أتيحت لهم الفرصة عادوا للشوارع بأكثر قوة وإسناد بحثا عن منافذ للعودة للمشهد السياسي.
وإستراتيجية إخوان المغرب لا تختلف كثيرا عن إستراتيجية إخوان السودان لكن ليس واضحا ما إذا كانوا (إخوان المغرب) يستلهمون من تجربة نظرائهم السودانيين وان اختلفت الظروف، فالمغرب على خلاف السودان يتمتع باستقرار سياسي واجتماعي.
وقالت شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس في الرباط في تصريح لـ’العرب’ اللندنية، إن “المبادرة ذات أهداف مهمة حسب نظامها التأسيسي، لكن كما لا يخفى فإن حزب العدالة والتنمية يعتمد بشكل كبير على الجناح المدني الذي يسهّل التواصل المباشر مع المواطنين، والذي كان له دور مهم في حصد أصوات الناخبين في محطات انتخابية سابقة”.
وتابعت “رغم أن عزيز رباح القيادي قد أعلن اعتزاله السياسة من قبل، فإن هذا لا ينفي سيره في هذا النهج، لذلك فخروج هذه المبادرة اليوم إلى النور لا يمكن فصله عن النهج الذي يعتمده التيار الإسلامي في المغرب”.
ولم تستبعد الباحثة المغربية أن يكون هذا الحراك تمهيدا “لميلاد حزب سياسي بتوجه إسلامي جديد، كمحاولة لتجديد ثقة المواطن المغربي الذي كان قد عاقب حزب العدالة والتنمية في الاستحقاقات الأخيرة، من خلال هذه المبادرة كواجهة جديدة”.
وذهب الباحث في العلوم السياسية هشام عميري إلى أن المبادرة التي يطرحها عزيز رباح جاءت “لسد ما فشل فيه الحزب السياسي ولهذا لا يمكن إنكار أن هذه المبادرة قد تتحول يوما ما إلى حزب سياسي، خاصة مع وجود أعضاء لهم تجربة في الحياة الحزبية والدعوية” رغم تأكيد أصحاب المبادرة أنها بعيدة عن السياسة.
وتوقع عميري أن تشرع المبادرة قريبا في تأسيس فروع لها في الجهات وانها ستقوم بتأسيس شراكات مع مختلف المؤسسات والجمعيات.
وتراجع حزب العدالة والتنمية إلى المرتبة الثامنة في الانتخابات التشريعية الأخيرة مكتفيا بـ13 مقعدا فقط، مقابل 125 مقعدا في البرلمان السابق، في نكسة سياسية تقول مراكز بحثية مهتمة بشؤون جماعات الإسلام السياسي إنها تشكل سقوطا لمشروع التمكين وأنها تجسد فشل الإسلاميين في الحكم.
وبدأ مشروع الإخوان ينهار تباعا بداية من مصر بعد أن عزل الجيش جماعة الاخوان من الحكم وبعد أن كشف مخططات تخريبية وتدميرية وفي السودان مع عزل الجيش للرئيس عمر البشير ولاحقا في تونس بعد أن عزل الرئيس قيس سعيد منظومة الحكم التي تقودها حركة النهضة الإسلامية منذ 2010، بينما يقاوم حزب العدالة والتنمية التركي الإسلامي سقوطا محتملة مع أزمات متناثرة وانشقاقات كبيرة وتراجعا لافتا في شعبيته بينما يستعد لخوض انتخابات في يونيو/حزيران 2023 يجمع كل المحللون على أنها ستكون حاسمة بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه وهو الذي وفر دعما كبيرا لجماعات الإسلام السياسي في المنطقة.
السلطة فرقتهم..صراع ميليشيات بين حلفاء تركيا فى ليبيا..ماذا يحدث ؟
شهدت الأيام الماضية خلافات كبيرة داخل معسكر حلفاء تركيا فى ليبيا فى ظل الحديث عن تشكيل حكومة ثالثة بالتنسيق بين المجلس الأعلي للدولة والبرلمان.
وكانت تقارير صحفية قد أكدت قيام ميليشيات مسلحة تابعة لرئيس ما يعرف بحكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بمحاصرة مقر مجلس الدولة الذى يقوده خالد المشري المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين بليبيا.
وأشارت التقارير إلي أن ميليشيات الدبيبة منعت وصول أعضاء المجلس لمقر الاجتماع وهو ما عطل عقد الجلسة التي كانت مخصصة لمناقشة ملف المناصب السيادية.صدام المشري والدبيبة
تصرفات الدبيبة أثارت غضب رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، الذى لجأ إلى النائب العام مشتكياً ميليشيا الدبيبة.
وقال المشري، في رسالة بعث بها إلى النائب العام، إن “قوة مسلحة” تابعة للدبيبة منعت أعضاء المجلس من عقد جلسة عامة.
كما بعث المشري أيضا بخطاب إلى كل من المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، وبعثة الأمم المتحدة للتعبير عن سخطه من محاصرة قوة عسكرية ومدرعات وأسلحة ثقيلة مقر المجلس، ومنع الأعضاء من الدخول لعقد جلسة مخصصة لمناقشة آلية توحيد المناصب السيادية والسلطة التنفيذية، على حد قوله.
كما شن المشري هجوما إعلاميا على الدبيبة واتهمه بالرغبة في البقاء في السلطة، معتبرا أن إجراء الانتخابات ليس من أولوية حكومة طرابلس الحالية.
كما تحدث أيضا عن استشراء الفساد داخل الأجهزة الحكومية، وانتفاع أفراد من عائلة الدبيبة من هذا الوضع، معبّرا عن رفضه لما وصفه بـ”حكم العائلة”.
ويتعرض المشري لهجوم من أنصار الدبيبة الذين يرفضون تقاربه الأخير مع عقيلة صالح، مشيرين إلى أنهما يسعيان إلى إطالة أمد الصراع للبقاء في السلطة.
وبحسب مراقبون فإن الخلافات بين المشري والدبيبة تهدد المصالح التركية فى ليبيا خاصة أن الطرفين من المحسوبين على أنقرة وخلافهم يضع الأخيرة فى حرج شديد وفق ما نشرته وكالة هاوار.
صراع على السلطة
ويري الناشط الليبي محمد قشوط أن هذه الخلافات لم يكن دافعها مصلحة الوطن العليا مؤكدا أن الشخصيتان المتصارعتان معروفان بولائهم لحدود الطاعة لتركيا ولا يتحركون الا وفق ماتراه لهم .
وقال :إن الدافع الذي تسبب في خلافات وصراع المشري مع الدبيبة وبدء حالة تصدع معسكرهم الذي كان موحداً فيما سبق هو السلطة فالمشري مدفوع بطموح تولى رئاسة الحكومة الجديدة التي يريدون تشكيلها و الدبيبة يسعى للبقاء وتمسك بوجوده داخل طرابلس أطول فترة ممكنة وما إن إستشعر بأن المشري يسعى لازاحته حرك مليشياته لمحاصرة مقر مجلس الدولة الإستشاري لافشال عقد جلساته
وأشار إلي أن تركيا ستحاول تهدئة الصراع و العمل على إستدعاء الشخصيتان لمنع تفاقم الوضع بينهم باعتبار ذلك يمثل تهديد مباشر لمصالحها ووجود قواتها التي تحتل المنطقة الغربية خصوصا بعد أن جمع المشري منذ يومين عدة مليشيات حوله في واجتمع بهم داخل قرية بالم سيتي بمنطقة جنزور غرب طرابلس.
حكومة ثالثة
ويري علاء فاروق الباحث المصري فى الشؤون الليبية أن الخلافات موجودة منذ فترة منذ توجه خالد المشري لعقد تفاهمات وصفقات مع رئيس البرلمان عقيلة صالح بخصوص تشكيل حكومة ثالثة قد يكون المشري أحد المرشحين لها بل رئيسها المتوقع.
وقال من هنا بدأ الخلاف بين الدبيبة والمشري باعتبار أن الدبيبة يرفض وجود حكومة موازية من الأساس ممثلة فى حكومة باشاغا فكيف يقبل بحكومة ثالثة؟!
وأشار إلي أن المشري أصبح يركز فى كل تحركاته وتفاهماته مع البرلمان وحلفاءه الأخرين على ضرورة الإطاحة بالدبيبة فى أقرب وقت ممكن بعد أن تأكد أنه ليس من مصلحة الدبيبة ولا في نيته إجراء الانتخابات قريبا وهو ما يتعارض مع مشروع المشري الذى يدعمه حلف العدالة والبناء أو الحلف الديمقراطي حاليا الذى يمثله محمد صوان وهو داعم لحكومة باشاغا ومؤيد لتقارب مجلس الدولة مع البرلمان ومناوىء ومعارض قوي لحكومة الدبيبة.
صراع المناصب السيادية
وحول مستقبل الأوضاع، أكد الباحث المصري أن الدبيبة سيظل يتمترس حول ميليشياته والمجموعات المسلحة المسيطرة على طرابلس وجزء كبير من مصراتة وقد يمنع مجلس الدولة من عقد جلساته أو إحداث توافقات جديدة مع البرلمان.
وأشار إلي أن الدبيبة سيعمل بكل قوة على منع التوافق بين مجلس الدولة والبرلمان حول المناصب السيادية وعلي رأسها منصب محافظة مصرف ليبيا المركزي فى ظل وجود “صديق الكبير” فى المنصب حاليا وهو أحد أذرع الدبيبة المادية والذى ييسر له الميزانيات والأموال بكل سهولة ويرفض الدبيبة تغييره بأى شخص أخر للحفاظ على مصالحه خاصة أن البديل سيكون من شرق ليبيا وهو ما يرفضه الدبيبة.
المآزق التركي
وحول تأثير ذلك على الوجود التركي بليبيا، أكد الباحث المصري أن الصراع يؤثر بشكل سلبي على الوجود التركي ومصالح أنقرة داخل ليبيا، كما يؤثر على التواجد العسكري التركي فى ظل وجود ميليشيات ومجموعات مسلحة لكلا الطرفين الدبيبة والمشري حيث ستجد تركيا نفسها فى حرج شديد هل تدعم الدبيبة الذى وقع معها الاتفاقيات البحرية التي منحتها امتيازات كبيرة فى البحر المتوسط ، أم تدعم المشري حليفها التاريخي الذي يحظى بتأييد من حزب العدالة والبناء التابع للإخوان المسلمين بما لهم من علاقات واسعة وتاريخية مع نظام أردوغان.
وبحسب الباحث المصري فإن الحل والوساطة الآن غير مجدية.. والصدام بين الدبيبة والمشري قادم لا محالة وسيكون أسوأ بل وأكثر من كونه صداما سياسيا.
وقال إن حال وجود وساطة تركية ستقتصر على منع الصدام عسكريا لأن هذا سيضعها في حرج، معتبرا أن النجاح التركي لن يحدث سوي عن طريق لجم الدبيبة ومنعه من الصدام مع حلفاء لها أو التصعيد ضدهم.
وحول إمكانية حدوث تحالف عسكري بين المشري وميليشياته وعقيلة صالح وميليشياته وحفتر وجيشه فى مواجهة الدبيبة، استبعد فاروق ذلك معتبرا أنه من الصعب حدوثه نظرا لأن المشري لا يثق في عقيلة وحفتر، مشيرا فى الوقت نفسه إلي أن الأزمة ستصب فى النهاية ضد الدبيبة وسيجد نفسه في عزلة إقليمية وقد تكون دولية.
وأشار إلي أنه من الصعب أن تخسر تركيا في ملف ليبيا لأنها تدعم كل طرف بحسب احتياجاته ومدى تحقيق مصالحها معه، لافتا إلي أن الدبيبة هو الأفضل لأنقرة الأن لكنها لن تتخل عن المشري أو حتى الانفتاح على الشرق الليبي خاصة مع تقاربها مع مصر.
وحول موقف باشاغا وحكومته من الأزمة، أكد الباحث فى الشؤون الليبية أنهم بعيدين جدا عن الأمر لكنهم حاولوا استغلاله في النيل من حكومة الدبيبة واعتبارها تمارس البلطجة وداعمة للميليشيات.
ذات صلة
تصرفات الدبيبة أثارت غضب رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، الذى لجأ إلى النائب العام مشتكياً ميليشيا الدبيبة.
وقال المشري، في رسالة بعث بها إلى النائب العام، إن “قوة مسلحة” تابعة للدبيبة منعت أعضاء المجلس من عقد جلسة عامة.
كما شن المشري هجوما إعلاميا على الدبيبة واتهمه بالرغبة في البقاء في السلطة، معتبرا أن إجراء الانتخابات ليس من أولوية حكومة طرابلس الحالية.
كما تحدث أيضا عن استشراء الفساد داخل الأجهزة الحكومية، وانتفاع أفراد من عائلة الدبيبة من هذا الوضع، معبّرا عن رفضه لما وصفه بـ”حكم العائلة”.
ويتعرض المشري لهجوم من أنصار الدبيبة الذين يرفضون تقاربه الأخير مع عقيلة صالح، مشيرين إلى أنهما يسعيان إلى إطالة أمد الصراع للبقاء في السلطة.
وبحسب مراقبون فإن الخلافات بين المشري والدبيبة تهدد المصالح التركية فى ليبيا خاصة أن الطرفين من المحسوبين على أنقرة وخلافهم يضع الأخيرة فى حرج شديد وفق ما نشرته وكالة هاوار.
ويري الناشط الليبي محمد قشوط أن هذه الخلافات لم يكن دافعها مصلحة الوطن العليا مؤكدا أن الشخصيتان المتصارعتان معروفان بولائهم لحدود الطاعة لتركيا ولا يتحركون الا وفق ماتراه لهم .
وقال :إن الدافع الذي تسبب في خلافات وصراع المشري مع الدبيبة وبدء حالة تصدع معسكرهم الذي كان موحداً فيما سبق هو السلطة فالمشري مدفوع بطموح تولى رئاسة الحكومة الجديدة التي يريدون تشكيلها و الدبيبة يسعى للبقاء وتمسك بوجوده داخل طرابلس أطول فترة ممكنة وما إن إستشعر بأن المشري يسعى لازاحته حرك مليشياته لمحاصرة مقر مجلس الدولة الإستشاري لافشال عقد جلساته
وأشار إلي أن تركيا ستحاول تهدئة الصراع و العمل على إستدعاء الشخصيتان لمنع تفاقم الوضع بينهم باعتبار ذلك يمثل تهديد مباشر لمصالحها ووجود قواتها التي تحتل المنطقة الغربية خصوصا بعد أن جمع المشري منذ يومين عدة مليشيات حوله في واجتمع بهم داخل قرية بالم سيتي بمنطقة جنزور غرب طرابلس.
ويري علاء فاروق الباحث المصري فى الشؤون الليبية أن الخلافات موجودة منذ فترة منذ توجه خالد المشري لعقد تفاهمات وصفقات مع رئيس البرلمان عقيلة صالح بخصوص تشكيل حكومة ثالثة قد يكون المشري أحد المرشحين لها بل رئيسها المتوقع.
وقال من هنا بدأ الخلاف بين الدبيبة والمشري باعتبار أن الدبيبة يرفض وجود حكومة موازية من الأساس ممثلة فى حكومة باشاغا فكيف يقبل بحكومة ثالثة؟!
وأشار إلي أن المشري أصبح يركز فى كل تحركاته وتفاهماته مع البرلمان وحلفاءه الأخرين على ضرورة الإطاحة بالدبيبة فى أقرب وقت ممكن بعد أن تأكد أنه ليس من مصلحة الدبيبة ولا في نيته إجراء الانتخابات قريبا وهو ما يتعارض مع مشروع المشري الذى يدعمه حلف العدالة والبناء أو الحلف الديمقراطي حاليا الذى يمثله محمد صوان وهو داعم لحكومة باشاغا ومؤيد لتقارب مجلس الدولة مع البرلمان ومناوىء ومعارض قوي لحكومة الدبيبة.
وحول مستقبل الأوضاع، أكد الباحث المصري أن الدبيبة سيظل يتمترس حول ميليشياته والمجموعات المسلحة المسيطرة على طرابلس وجزء كبير من مصراتة وقد يمنع مجلس الدولة من عقد جلساته أو إحداث توافقات جديدة مع البرلمان.
وأشار إلي أن الدبيبة سيعمل بكل قوة على منع التوافق بين مجلس الدولة والبرلمان حول المناصب السيادية وعلي رأسها منصب محافظة مصرف ليبيا المركزي فى ظل وجود “صديق الكبير” فى المنصب حاليا وهو أحد أذرع الدبيبة المادية والذى ييسر له الميزانيات والأموال بكل سهولة ويرفض الدبيبة تغييره بأى شخص أخر للحفاظ على مصالحه خاصة أن البديل سيكون من شرق ليبيا وهو ما يرفضه الدبيبة.
وحول تأثير ذلك على الوجود التركي بليبيا، أكد الباحث المصري أن الصراع يؤثر بشكل سلبي على الوجود التركي ومصالح أنقرة داخل ليبيا، كما يؤثر على التواجد العسكري التركي فى ظل وجود ميليشيات ومجموعات مسلحة لكلا الطرفين الدبيبة والمشري حيث ستجد تركيا نفسها فى حرج شديد هل تدعم الدبيبة الذى وقع معها الاتفاقيات البحرية التي منحتها امتيازات كبيرة فى البحر المتوسط ، أم تدعم المشري حليفها التاريخي الذي يحظى بتأييد من حزب العدالة والبناء التابع للإخوان المسلمين بما لهم من علاقات واسعة وتاريخية مع نظام أردوغان.
وبحسب الباحث المصري فإن الحل والوساطة الآن غير مجدية.. والصدام بين الدبيبة والمشري قادم لا محالة وسيكون أسوأ بل وأكثر من كونه صداما سياسيا.
وقال إن حال وجود وساطة تركية ستقتصر على منع الصدام عسكريا لأن هذا سيضعها في حرج، معتبرا أن النجاح التركي لن يحدث سوي عن طريق لجم الدبيبة ومنعه من الصدام مع حلفاء لها أو التصعيد ضدهم.
وحول إمكانية حدوث تحالف عسكري بين المشري وميليشياته وعقيلة صالح وميليشياته وحفتر وجيشه فى مواجهة الدبيبة، استبعد فاروق ذلك معتبرا أنه من الصعب حدوثه نظرا لأن المشري لا يثق في عقيلة وحفتر، مشيرا فى الوقت نفسه إلي أن الأزمة ستصب فى النهاية ضد الدبيبة وسيجد نفسه في عزلة إقليمية وقد تكون دولية.
وأشار إلي أنه من الصعب أن تخسر تركيا في ملف ليبيا لأنها تدعم كل طرف بحسب احتياجاته ومدى تحقيق مصالحها معه، لافتا إلي أن الدبيبة هو الأفضل لأنقرة الأن لكنها لن تتخل عن المشري أو حتى الانفتاح على الشرق الليبي خاصة مع تقاربها مع مصر.
وحول موقف باشاغا وحكومته من الأزمة، أكد الباحث فى الشؤون الليبية أنهم بعيدين جدا عن الأمر لكنهم حاولوا استغلاله في النيل من حكومة الدبيبة واعتبارها تمارس البلطجة وداعمة للميليشيات.
https://alshamsnews.com/2022/11/%d9%84%d9%8a%d8%a8%d9%8a%d8%a7-%d8%aa%d8%ad%d8%a8%d8%b7-%d9%85%d8%ae%d8%b7%d8%b7-%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d9%84%d8%aa%d8%b7%d8%a8%d9%8a%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a7%d8%aa.html
هل ينهي تقارب العسكر والمدنيين صراع السلطة بالسودان؟
كشفت تقارير صحفية عن انفراجة قريبة قد تشهدها الأزمة السودانية وذلك بعد مرور عام من الاحتجاجات الشعبية عقب انقلاب المكون العسكري الحاكم على المكون المدني والإطاحة بحكومة عبد الله حمدوك.
وأعلنت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) السودانية الأربعاء 16 نوفمبر/ تشرين الثاني أنها توصلت الى اتفاق مبدئي، مع المؤسسة العسكرية يضع ضمانات لتشكيل حكومة مدنية بالكامل.
وبحسب وسائل إعلام فقد جاء في بيان صدر عقب اجتماع المجلس المركزي لـقوى الحرية والتغيير: “بعد دراسة مستفيضة أقر المجلس المركزي بالإجماع تصورا بعنوان “نحو عملية سياسية ذات مصداقية وشفافية تنهي الانقلاب وآثاره وتكمل مهام ثورة ديسمبر المجيدة”. وكشف البيان عن أن الاتفاق الإطاري سيوقع مع المكون العسكري في غضون عشرة أيام فيما يوقع اتفاق تفصيلي ونهائي بعد حوالي شهر.
يأت هذا فيما حذر خبراء من إجتزاء الأزمة السودانية وتصويرها على أنها مجرد خلاف سياسي بين المدنيين والعسكر .
وشدد الخبراء على ضرورة وجود مراقبة دولية وضغوط من المجتمع الدولي على المكون العسكري الحاكم من أجل الالتزام بتسليم السلطة للمدنيين، محذرين من تحول الاتفاق لهدف شكلي فى حد ذاته دون متابعة نتائجه بحسب تقرير لوكالة هاوار.تسوية معطوبة
ويري الباحث السوداني عباس صالح أن الأزمة السياسية في البلاد أعمق من ثنائية عسكري – مدنيين وبالتالي أي تسوية تقوم على هذا الأساس سوف تؤدي إلى إعادة إنتاج التجربة السابقة، كما ستكرس أيضا لاستدامة الصراع المؤدي للفراع السياسي في البلاد.
وقال صالح أنه رغم أن ما تسمى بالرباعية الدولية تعتبر الوسيط بين المكون العسكري والمجموعات المدنية ولكنها مع ذلك لن تكون ضامنا لتحقيق النجاح أو التسوية المرتقبة خاصة انطلاقها من رؤية تبسيطية ترى أن مجرد الجمع بين شركاء السلطة بعد سقوط البشير كفيل بإنهاء تلك الأزمة وتستخدم في ذلك الترغيب والترهيب للجمع بين دوائر صغيرة لا يمكنها احتكار الشرعية السياسية والاضطلاع بمهام انتقالية تتطلب شرعية شعبية أوسع وأكبر.
ويري صالح أن التسوية التي تعمل الرباعية على إخراجها من خلال شراكة جديدة بين العسكر والمدنيين ستكون تسوية “معطوبة” تحوز على الشرعية من الخارج ولكن ستغرق في مشكلات وتعقيدات الداخل وأن الفترة الانتقالية ستكون مضطربة على كافة الأصعدة.
مآزق وجودي
من جانبها تري الباحثة المصرية بالشؤون الإفريقية د.فريدة البنداري نائب مدير المركز العراقي-الإفريقي للدراسات الإستراتيجية انه بعد ثلاث سنوات ونصف من إطاحة الجيش السوداني بالحاكم السلطوي عمر البشير ، استجابة الى الاحتجاجات الحاشدة ، تعمل القيادة العسكرية الحالية والانقسامات بين الفصائل السياسية على تأخير العودة إلى حكومة مدنية منتخبة.
وقالت فريدة إن السودان يعيش الآن في مأزق سياسي وجودي حقيقي ، وبالتالي للخروج من هذا المأزق يحتاج إلى تشخيص دقيق لما يحدث خاصة فى ظل وجود تحديات اقتصادية أساسية ناجمة عن سنوات من سوء الإدارة عبر ثلاثون سنة ونيف ، فضلا أن الاقتصاد انكمش بشكل حاد منذ عام 2015، ولا تزال فرص العمل والسلع اليومية نادرة ، وقد بلغ التضخم 400٪ ومن المتوقع أن يتضخم الدين الوطني ستة أضعاف إلى 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2025.
وبحسب الباحثة فى الشؤون الإفريقية فإنه رغم الإعلان عن بنود الاتفاق الجديد بين القوي المدينة والمجلس العسكري إلا إن الوضع في السودان لا يزال شديد التقلب مع إمكانية وجود مسارات متباينة متعددة، لافتة إلي أن هذه المسارات ستعتمد على المباحثات التي يجريها القادة العسكريون والمدنيون المعنيون وكذلك ردود الجهات الخارجية الرئيسية.
وحول مدي إمكانية التزام المكون العسكري باتفاقه مع المدنيين، أكدت أن السودان شهد أكثر من إنقلاب للمكون العسكري على المرحلة الانتقالية، ولم يكن انقلاب 25 أكتوبر الذى أطاح بحكومة حمدوك أول انقلاب للمكون العسكري على المرحلة الانتقالية، فقد سبق و حدث انقلاب بعد مجزرة فض الاعتصام أمام القيادة العامة في 3 يونيو 2019 عندما استولى العنصر العسكري على السلطة.
وأشارت إلي ان هذا المشهد يسلط الضوء على عدم التزام الجيش بالتحول الديمقراطي خاصة أن الحكومات العسكرية قادت السودان منذ الاستقلال في عام 1956 ما عدا 10 سنوات لذا فإن التخلي عن هذا الأمر صعب.
تحديات صعبة
وتري نائب مدير المركز العراقي-الإفريقي للدراسات الإستراتيجية أن هناك تحديات تواجه إتمام هذا الإتفاق أهمها وجود أزمة ثقة وقليل من الألفة بين القادة المدنيين والعسكريين ، كما يواجه التحالف المدني الذي يعكس خلفيات متباينة الكثير من الانقسامات والاتهامات بأنه لم يمثل بشكل كافٍ مصالح المناطق الطرفية في السودان.
كما إن أن الانتقال إلى الحياة المدنية يشوبه التعقد والصعوبة بسبب التنافس داخل قطاع الأمن السوداني ، لا سيما بين القوات المسلحة السودانية بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان حميدتو.
واعتبرت فريدة أن وجود فصائل أمنية مسلحة متعددة تمارس السلطة المنفصلة عن النظام هو برميل بارود لعملية الانتقال من الحياة العسكرية إلي الحياة المدنية.
وتوقعت الباحثة المصرية أن يؤدي اقتراح مشاركة الجماعات المتمردة التي بقيت في الحكومة بعد الانقلاب، والأحزاب السياسية من خارج قوى الحرية والتغيير التي شاركت في كتابة مسودة الدستور، والجماعات النقابية والاحتجاجية كمكونات داخل تشكيل النظام السياسي الجديد لانتقادات من جماعات الاحتجاج .
الضغط الدولي
وحول مدي إحتمالية نجاح الإتفاق، شددت أن الضمانات لنجاح أي اتفاق سوداني ، هو مشاركة دولية منسقة ومستدامة وعالية المستوى، لافتة إلي أن كلمة وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن تمثل نموذج الضغط الدولي ، إذ قال في تغريدة على تويتر في وقت سابق ” إن انقلاب الجيش السوداني على حكومة بقيادة مدنية تقويض تطلعات الشعب السوداني الديمقراطية “. في نفس الوقت دعت 13 دولة و الاتحاد الأوروبي والآلية الثلاثية ، إلى ضرورة تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية في السودان، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لإجراءات استثنائية فرضها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان.
وأضافت: تحيي هذه الردود مجتمعةً بعض الآمال بإرغام المؤسسة العسكرية على البعد عن المشهد السياسي في الدولة والسماح بعودة الحكومة المدنية إلى السلطة بطريقة سلمية.
وشددت على ضرورة قيام الجهات الداعمة للانتقال الديمقراطي في السودان، سواء في الداخل أو الخارج، ببذل جهود أكبر من مجرد السعي لإعادة الوضع القائم السابق من أجل معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمظالم المناطقية التي هي أساس الأزمة السياسية في البلاد؛ ولكن الأكثر إلحاحًا هو اتخاذ خطوات جريئة لوضع العلاقات المدنية العسكرية على مسار جديد.
ويري الباحث السوداني عباس صالح أن الأزمة السياسية في البلاد أعمق من ثنائية عسكري – مدنيين وبالتالي أي تسوية تقوم على هذا الأساس سوف تؤدي إلى إعادة إنتاج التجربة السابقة، كما ستكرس أيضا لاستدامة الصراع المؤدي للفراع السياسي في البلاد.
وقال صالح أنه رغم أن ما تسمى بالرباعية الدولية تعتبر الوسيط بين المكون العسكري والمجموعات المدنية ولكنها مع ذلك لن تكون ضامنا لتحقيق النجاح أو التسوية المرتقبة خاصة انطلاقها من رؤية تبسيطية ترى أن مجرد الجمع بين شركاء السلطة بعد سقوط البشير كفيل بإنهاء تلك الأزمة وتستخدم في ذلك الترغيب والترهيب للجمع بين دوائر صغيرة لا يمكنها احتكار الشرعية السياسية والاضطلاع بمهام انتقالية تتطلب شرعية شعبية أوسع وأكبر.
ويري صالح أن التسوية التي تعمل الرباعية على إخراجها من خلال شراكة جديدة بين العسكر والمدنيين ستكون تسوية “معطوبة” تحوز على الشرعية من الخارج ولكن ستغرق في مشكلات وتعقيدات الداخل وأن الفترة الانتقالية ستكون مضطربة على كافة الأصعدة.
من جانبها تري الباحثة المصرية بالشؤون الإفريقية د.فريدة البنداري نائب مدير المركز العراقي-الإفريقي للدراسات الإستراتيجية انه بعد ثلاث سنوات ونصف من إطاحة الجيش السوداني بالحاكم السلطوي عمر البشير ، استجابة الى الاحتجاجات الحاشدة ، تعمل القيادة العسكرية الحالية والانقسامات بين الفصائل السياسية على تأخير العودة إلى حكومة مدنية منتخبة.
وقالت فريدة إن السودان يعيش الآن في مأزق سياسي وجودي حقيقي ، وبالتالي للخروج من هذا المأزق يحتاج إلى تشخيص دقيق لما يحدث خاصة فى ظل وجود تحديات اقتصادية أساسية ناجمة عن سنوات من سوء الإدارة عبر ثلاثون سنة ونيف ، فضلا أن الاقتصاد انكمش بشكل حاد منذ عام 2015، ولا تزال فرص العمل والسلع اليومية نادرة ، وقد بلغ التضخم 400٪ ومن المتوقع أن يتضخم الدين الوطني ستة أضعاف إلى 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2025.
وبحسب الباحثة فى الشؤون الإفريقية فإنه رغم الإعلان عن بنود الاتفاق الجديد بين القوي المدينة والمجلس العسكري إلا إن الوضع في السودان لا يزال شديد التقلب مع إمكانية وجود مسارات متباينة متعددة، لافتة إلي أن هذه المسارات ستعتمد على المباحثات التي يجريها القادة العسكريون والمدنيون المعنيون وكذلك ردود الجهات الخارجية الرئيسية.
وحول مدي إمكانية التزام المكون العسكري باتفاقه مع المدنيين، أكدت أن السودان شهد أكثر من إنقلاب للمكون العسكري على المرحلة الانتقالية، ولم يكن انقلاب 25 أكتوبر الذى أطاح بحكومة حمدوك أول انقلاب للمكون العسكري على المرحلة الانتقالية، فقد سبق و حدث انقلاب بعد مجزرة فض الاعتصام أمام القيادة العامة في 3 يونيو 2019 عندما استولى العنصر العسكري على السلطة.
وأشارت إلي ان هذا المشهد يسلط الضوء على عدم التزام الجيش بالتحول الديمقراطي خاصة أن الحكومات العسكرية قادت السودان منذ الاستقلال في عام 1956 ما عدا 10 سنوات لذا فإن التخلي عن هذا الأمر صعب.
تحديات صعبة
وتري نائب مدير المركز العراقي-الإفريقي للدراسات الإستراتيجية أن هناك تحديات تواجه إتمام هذا الإتفاق أهمها وجود أزمة ثقة وقليل من الألفة بين القادة المدنيين والعسكريين ، كما يواجه التحالف المدني الذي يعكس خلفيات متباينة الكثير من الانقسامات والاتهامات بأنه لم يمثل بشكل كافٍ مصالح المناطق الطرفية في السودان.
كما إن أن الانتقال إلى الحياة المدنية يشوبه التعقد والصعوبة بسبب التنافس داخل قطاع الأمن السوداني ، لا سيما بين القوات المسلحة السودانية بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان حميدتو.
واعتبرت فريدة أن وجود فصائل أمنية مسلحة متعددة تمارس السلطة المنفصلة عن النظام هو برميل بارود لعملية الانتقال من الحياة العسكرية إلي الحياة المدنية.
وتوقعت الباحثة المصرية أن يؤدي اقتراح مشاركة الجماعات المتمردة التي بقيت في الحكومة بعد الانقلاب، والأحزاب السياسية من خارج قوى الحرية والتغيير التي شاركت في كتابة مسودة الدستور، والجماعات النقابية والاحتجاجية كمكونات داخل تشكيل النظام السياسي الجديد لانتقادات من جماعات الاحتجاج .
الضغط الدولي
وحول مدي إحتمالية نجاح الإتفاق، شددت أن الضمانات لنجاح أي اتفاق سوداني ، هو مشاركة دولية منسقة ومستدامة وعالية المستوى، لافتة إلي أن كلمة وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن تمثل نموذج الضغط الدولي ، إذ قال في تغريدة على تويتر في وقت سابق ” إن انقلاب الجيش السوداني على حكومة بقيادة مدنية تقويض تطلعات الشعب السوداني الديمقراطية “. في نفس الوقت دعت 13 دولة و الاتحاد الأوروبي والآلية الثلاثية ، إلى ضرورة تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية في السودان، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لإجراءات استثنائية فرضها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان.
وأضافت: تحيي هذه الردود مجتمعةً بعض الآمال بإرغام المؤسسة العسكرية على البعد عن المشهد السياسي في الدولة والسماح بعودة الحكومة المدنية إلى السلطة بطريقة سلمية.
وشددت على ضرورة قيام الجهات الداعمة للانتقال الديمقراطي في السودان، سواء في الداخل أو الخارج، ببذل جهود أكبر من مجرد السعي لإعادة الوضع القائم السابق من أجل معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمظالم المناطقية التي هي أساس الأزمة السياسية في البلاد؛ ولكن الأكثر إلحاحًا هو اتخاذ خطوات جريئة لوضع العلاقات المدنية العسكرية على مسار جديد.
مصر تنتقد الاعتداءات التركية على شمالي سوريا والعراق
أعربت مصر عن القلق الشديد مما شهدته العراق وسوريا على مدار الأيام الماضية من اعتداءات من جانب إيران وتركيا تنتهك سيادة الدولتين العربيتين.وبحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية طالبت القاهرة بضرورة خفض التصعيد حقناً للدماء وتجنيب المنطقة المزيد من عوامل عدم الاستقرار.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد- فى بيان صحفى اليوم /الأربعاء/- إن “مصر تتابع بقلق شديد ما تشهده الدولتين العربيتين الشقيقتين العراق وسوريا على مدار الأيام الماضية من اعتداءات من جانب إيران وتركيا تنتهك سيادة كل دولة على أراضيها”.
وأضاف المتحدث: أن مصر وهى تتابع التطورات باهتمام على مدار الساعة، تطالب بخفض التصعيد حقناً للدماء، ولتجنيب المنطقة المزيد من عوامل عدم الاستقرار.
وكانت تركيا قد شنت هجمات عسكرية على مناطق واسعة من شمال سوريا وإقليم كردستان العراق بحجة الثأر لضحايا حادث تفجير إسطنبول رغم نفي وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني مسؤوليتهم عن الحادث.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد- فى بيان صحفى اليوم /الأربعاء/- إن “مصر تتابع بقلق شديد ما تشهده الدولتين العربيتين الشقيقتين العراق وسوريا على مدار الأيام الماضية من اعتداءات من جانب إيران وتركيا تنتهك سيادة كل دولة على أراضيها”.
وأضاف المتحدث: أن مصر وهى تتابع التطورات باهتمام على مدار الساعة، تطالب بخفض التصعيد حقناً للدماء، ولتجنيب المنطقة المزيد من عوامل عدم الاستقرار.