وكالات_ الشمس نيوز
في عام 2017، شهدت العلاقات الأمريكية الصينية تطورا مذهلا بعد استضافة الرئيس الصيني شي لترامب، ومنحه شرفا لم يُمنح لأي رئيس أمريكي سابق منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية حيث أغلق الرئيس الصيني، وقتها، المنطقة المحيطة بما يعرف في الصين “المدينة المحرمة”، وهي مدينة عاش فيها الأباطرة الصينيون لمدة نحو 500 عام واصطحب ترامب في جولة في الأحياء الإمبراطورية، مع بث كل لحظة على الهواء مباشرة على قنوات التلفزيون الرسمي، وقُدِّم لترامب دجاج الكونغ باو على العشاء، في المقابل عرض ترامب مقطع فيديو لحفيدته، أرابيلا كوشنر، وهي تغني أغنية صينية انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.
ووفقا لـ BBC فان استقبال ترامب في “المدينة المحرمة” يعتبر شرفًا خاصًا، حيث لم تُغلق المدينة بهذا الشكل لأي رئيس أجنبي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية.
تم الترويج لهذه الزيارة على أنها مرحلة جديدة ونقطة تحول في مسيرة العلاقات بين الولايات المتحدة والصين ولكن لم يمض الوقت الكثير حتى عادت الخلافات من جديد خاصة بعد اتشار فيروس كورونا في ووهان الصينية عام 2019 وانتشارها عالميا في عام 2020.
وأطلق ترامب على كورونا اسم “الفيروس الصيني” وألقى باللائمة في تفشي المرض على بكين وهو ما نفته الصين مرارا قبل أن يتحول الأمر لحرب تجارية بين البلدين استمرت طوال سنوات الولاية الأولي لترامب.
الحرب ضد هواوي وتيك توك
وخاضت إدارة ترامب حربا ضد شركتي “هواوي” و”تيك توك” المملكوتين للصين، حيث تم إدراج شركة هواوي في مايو 2019، ضمن “القائمة السوداء” التجارية، مما منعها من شراء التكنولوجيا والمكونات الأمريكية دون موافقة خاصة وواجهت الشركة اتهامات بالتجسس لصالح الحكومة الصينية بحسب وكالة رويترز.
وبناء على الاتهمات الأمريكية تم فرض قيود على وصول هواوي إلى المعالجات الأمريكية المتقدمة، مثل تلك التي تنتجها شركة “كوالكوم” ، بجانب حظر التطبيقات والخدمات الأمريكية مثل “جوجل” على هواتف هواوي، مما أضعف قدرتها على المنافسة عالميًا، كما ضغطت إدارة ترامب على الحلفاء لفرض حظر على معدات هواوي، ما أدى إلى تقليص فرص الشركة في أسواق رئيسية مثل أوروبا وأستراليا.
ولم يتوقف الأمر عند هواوي ، ففي عام 2020، وجهت إدارة ترامب اتهامات لتطبيق “تيك توك” المملوك لشركة “بايت دانس” الصينية، بزعم جمع بيانات المستخدمين الأمريكيين وإمكانية استخدامها من قبل الحكومة الصينية. وهدد ترامب بحظر التطبيق داخل الولايات المتحدة إذا لم يتم بيع عملياته لشركة أمريكية.
في أغسطس 2020 أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا يفرض حظرًا على تيك توك إذا لم يتم نقل ملكيته لشركة أمريكية، وبالفعل تم التفاوض على صفقة محتملة بين “بايت دانس” وشركات أمريكية مثل “أوراكل” و”وول مارت”، لكن الصفقة لم تكتمل بسبب التحديات القانونية والسياسية.
أزمة الرسوم الجمركية
بجانب الضغوط التي مارسها ترامب على هواوي وتيك توك، فرضت إداراته بشكل متكرر رسوما على البضاع الصينية، بدأت بـ 50 مليار في 2018 لتصل لحوالي 550 مليار دولار بحلول نهاية 2019. في المقابل فرضت الصين رسومًا على بضائع أمريكية بقيمة 185 مليار دولار.
وبحس تقارير صحفية ، أدت الرسوم الإضافية التي فرضتها الولايات المتحدة ، لانخفاض حجم التبادل التجاري بين البلدين من 635 مليار دولار في 2018 إلى حوالي 560 مليار دولار في 2020، كما انخفضت الحصة السوقية للسلع الصينية بأمريكا من 22% عام 2017 إلى 14% العام 2023.
الهدف من فرض الرسوم الأمريكية على البضائع الصينية كما أعلنها ترامب هو هو تقليص العجز التجاري مع الصين. ومع ذلك، لم تحقق الرسوم الجمركية التأثير المرجو.في عام 2018، بلغ العجز التجاري الأمريكي مع الصين 419 مليار دولار.
بحلول عام 2020، انخفض العجز إلى 310 مليارات دولار، لكن هذا الانخفاض كان مدفوعًا جزئيًا بتباطؤ اقتصادي عالمي ناجم عن جائحة كوفيد-19.
بحسب التقارير الأمريكية، فقد تسببت إجراءت ترامب بحق الصين في إضافة تكاليف إضافية على المستهلكين الأمريكيين. وفقًا لتقديرات معهد الاقتصاد الدولي، بلغت التكلفة الإضافية للأسر الأمريكية حوالي 850 دولارًا سنويًا لكل أسرة.
كما تأثر المزارعون الأمريكيون بشدة، حيث انخفضت صادرات المنتجات الزراعية إلى الصين من 24 مليار دولار في 2017 إلى حوالي 16 مليار دولار في 2019.
في المقابل لم يتأثر الاقتصاد الصيني بشكل كبير، فرغم انخفاض الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 16% بين 2018 و2020 ، ألا إن بكين عوضت جزءًا من خسائرها عن طريق تعزيز صادراتها إلى دول أخرى في آسيا وأوروبا.
في محاولة لخفض التصعيد بين البلدين، وقعت الولايات المتحدة والصين في 2020 اتفاق تجاري تعهدت خلاله الصين بشراء بضائع وخدمات أمريكية إضافية بقيمة 200 مليار دولار خلال عامي 2020 و2021. ولكنها لم تلتزم تمامًا بهذه الأرقام، حيث أدى انتشار جائحة كوفيد-19 إلى إضعاف الطلب العالمي.
وبحلول نهاية 2021، كانت الصين قد حققت فقط حوالي 57% من الالتزامات المتفق عليها وذلك بحسب تقارير منظمة التجارة العالمية.
وفي عام 2020، بلغ إجمالي تجارة السلع والخدمات الأمريكية مع الصين، ما يقدر بـ 615.2 مليار دولار، وبلغت الصادرات 164.9 مليار دولار، بينما بلغت الواردات 450.4 مليار دولار، وفق بيانات التجارة الأمريكية.
وفي عام 2021 وبحسب بيانات مصلحة الجمارك الصينية، فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 28.7 %، ليصل إلى 755.64 مليار دولار. وقد حافظت الولايات المتحدة على مكانتها كثالث أكبر شريك تجاري للصين، بعد الآسيان والاتحاد الأوروبي.
ومع رحيل ترامب بنهاية 2021 ووصول بايدن للبيت الأبيض ورغم استمرار الرسوم التي فرضها ترامب على السلع الصينية ألا إن العلاقات كانت أكثر هدوئا خاصة بعد أن أبدت إدارة بايدن استعدادها للتفاوض مع الصين بشأن القضايا التجارية، خاصة تلك المتعلقة بالممارسات التكنولوجية والملكية الفكرية.
عودة ترامب
اليوم ، ومع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للبيت الأبيض عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، بدأ الحديث حول شكل العلاقة المتوقعة بين واشنطن وبكين خاصة بعد ما شهدته الولاية الأولي من تقلبات.
خلال حملته الانتخابية الثانية، كشف ترامب عن بعض من توجهاته وسياساته تجاه الصين في الولاية الجديدة، ففي 20 أكتوبر 2024 قبل أسبوعين فقط من الانتخابات الأمريكية، أكد الرئيس الأمريكي أنه إذا عاد إلى البيت الأبيض فإن الصين لن تجرؤ على استفزازه لأن الرئيس شي جين بينغ يعرف أنه “مجنون”.
وفي حديثه لصحيفة وول ستريت جورنال، قال ترامب إنه إذا انتخب رئيساً فسوف يفرض رسوماً جمركية على الصين إذا سعت إلى حصار تايوان.
وأوضح ترامب: “أود أن أقول إنه إذا ذهبت إلى تايوان، فأنا آسف لفعل هذا، سأفرض عليك ضريبة بنسبة 150 في المئة، إلى 200 في المئة”.
كما طرح اقتراحا خلال حملته الانتخابية لفرض رسوم جمركية كبيرة تصل إلى 60% على السلع الصينية.
ورغم هذه التصريحات وإن شئت فقل التهديدات ألا إن ترامب عندما تحدث عن الرئيس الصيني قال: “كانت علاقتي به قوية للغاية، لقد كان في الواقع صديقاً جيداً، ولكنه سرعان ما تراجع قائلا ” لا أريد أن أقول صديقاً – لا أريد أن أتصرف بغباء، وأقول كان صديقي – لكنني كنت على وفاق معه بشكل رائع”
ووصف ترامب الرئيس الصيني “إنه شخص شرس للغاية”.
السؤال الأن هل ترامب” المجنون” كما وصف نفسه سيواصل سياسة الحرب التجارية مع الصين أم يلجأ لوسائل جديدة مع صديقه الشرس للغاية شي كما سبق وصفه أيضا..هذا ما ستجيب عنه الأيام .
ذات صلة