شهدت الساعات القليلة الماضية حربا كلامية وتلاسنا إعلاميا بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خلفية هجوم الأول على الأخير ووصفه لـ إسرائيل بالدولة الإرهابية عقب اقتحام قوات الاحتلال لمجمع الشفاء الطبي بغزة.
ورد نتيناهو على هجوم أردوغان بقوله: هناك قوى تؤيد الإرهاب إحداها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يقول إن إسرائيل دولة إرهاب لكنه يؤيد دولة حماس الإرهابية بحسب وصفه.
وبحسب وسائل إعلام ، أشار نتنياهو، اليوم الأربعاء، إلي أن “أردوغان نفسه فجر قرى تركية فلا نقبل منه الموعظة” وذلك في إشارة لما ارتكبه الجيش التركي من هجمات على المدن الكردية جنوب تركيا.هجوم أردوغان
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد هاجم الأربعاء إسرائيل واصفا إياها بأنها “دولة إرهابية” واتهمها خلال كلمته أمام البرلمان بـ”ارتكاب جرائم حرب وانتهاك القانون الدولي في غزة”، مؤكدا على وجهة نظره بأن حركة حماس ليست منظمة إرهابية. وتزامنت تصريحاته مع اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي مستشفى الشفاء الأكبر في القطاع.
وفي حديثه أمام المشرعين في البرلمان، دعا أردوغان أيضا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى الإعلان عما إذا كانت إسرائيل تمتلك قنابل نووية أم لا، وقال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي “راحل” عن منصبه.
وقال أردوغان: “إذا واصلت إسرائيل مجزرتها فإن العالم بأسره سيدينها بوصفها دولة إرهابية”. واصفا حماس بأنها حزب سياسي انتخبه الفلسطينيون.
وتابع الرئيس التركي: “هناك إبادة جماعية ترتكب في غزة وستتخذ تركيا خطوات على الساحة الدولية لوقفها”. مضيفا: “تركيا ستعمل على الساحة الدولية لضمان اعتبار المستوطنين الإسرائيليين إرهابيين”.
أكدت تقارير صحفية وجود تباين في وجهات النظر والمصالح الأمريكية والإسرائيلية القريبة والبعيدة في الصراع الدائر بالشرق الأوسط وتحديداً في قطاع غزة، ما أضفى ضبابية على الخطوات القادمة في طريق إنهاء الحرب التي أعلنتها إسرائيل على حركة حماس.
ووفقا للتقارير فإن الخلاف الأمريكي الإسرائيلي ينطلق من النظرة حيال حركة حماس حيث ترى إسرائيل أن “حماس” تهديد وجودي لها وأن القضاء عليها هدف لا غنى عنه؛ أي إن الوصول إلى أي شيء أقل من ذلك لا يعني إلا الفشل، ويبدو أنها لم تستطع تحقيق أي من أهدافها بعد.
في حين أن واشنطن، رغم أنها تعهدت بمساعدة إسرائيل على هزيمة حماس، فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن يرى أن التهديد أكبر من حماس، وإدارته معنية بالحفاظ على اتحاد حلفائها في مواجهة إيران وروسيا والصين. وكلا البلدين يريد تجنب حرب إقليمية أوسع، إلا أن إسرائيل مستعدة لمزيد من المخاطرة في غمار السعي إلى “هزيمة” حماس.
وبحسب تقرير لصحيفة ويل ستريت الأمريكية فإنه عقب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، سارع بايدن بإظهار دعمه القوي لإسرائيل، وأقبل على معانقة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في زيارة لتل أبيب رغم الخلافات السابقة بينهما، وذلك في خطوة قلَّما يُقدم عليها رئيس أمريكي في منطقة تشهد حرباً.خلافات داخل أمريكا
وأشارت الصحيفة إلي أن موقف بايدن ودعمه المطلق لإسرائيل أثار الخلافات داخل أمريكا حيث تزايدت الانتقادات من داخل الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه بايدن بشأن هذا الدعم، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي إلى التشديد مراراً في مكالماته الهاتفية مع نتنياهو على أن إسرائيل يجب أن تدير حملتها العسكرية وفقاً للقانون الإنساني الدولي.
كما تصاعدت في الوقت نفسه دعوات الولايات المتحدة إلى هدنة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإخراج الأسرى المدنيين بأمان. لكنها عارضت الدعوة إلى وقف كامل لإطلاق النار.
وتصاعدت الضغوط على الرئيس الأمريكي لدرجة أنه في مؤتمر عقده بايدن لجمع التبرعات يوم الأربعاء 1 نوفمبر/تشرين الثاني، وقفت امرأة من بين الحضور، وقطعت خطابه، وقالت: “أنا حاخام يهودية، وأريدك أن تدعو إلى وقف للحرب. وبحسب الصحيفة فرغم أن بايدن حظي بالثناء في البداية لدعمه الصريح لإسرائيل، فإنه يواجه الآن انتقادات شديدة من أعضاء حزبه -خاصةً الناخبين الشباب والمسلمين والأمريكيين العرب- ممن أفزعهم تزايد عدد الضحايا في غزة، وهم يحثون الإدارة على الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وحتى نواب الكونغرس الذين كانوا مؤيدين لإسرائيل ويدعمون المساعدات العسكرية الأمريكية لها، بدأوا يقولون هذا الأسبوع إنهم يريدون أن يروا من إسرائيل مزيداً من ضبط النفس في حملتها العسكرية على حماس.
وقال السيناتور الديمقراطي كريس مورفي، وهو عضو في اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط التابعة للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، الخميس 2 نوفمبر/تشرين الثاني: “إن المعدل الحالي للوفيات بين المدنيين داخل غزة غير مقبول ولا يمكن استمراره”، لذا “أحث إسرائيل على مراجعة نهجها فوراً، والانصراف عنه إلى حملة أكثر دقة واتساقاً مع معايير الحرب”. فوري لإطلاق النار”، وردّ عليها بايدن بالقول: أظن أننا بحاجة إلى هدنة”!
خلافات واشنطن وتل أبيب
وكان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، قد أعلن إنه ناقش مسألة الهدنة، والتدابير المتعلقة بكيفية تنفيذها مع نتنياهو وحكومة الحرب الإسرائيلية في اجتماعه بهم في تل أبيب يوم الجمعة 3 نوفمبر/تشرين الثاني.
في المقابل، رد نتنياهو على تلك الضغوط بالقول إنه يعارض أي وقف مؤقت لإطلاق النار لا يشمل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس. وزعم مسؤولون أمريكيون أن إسرائيل أوقفت القتال من قبل لإطلاق سراح أسيرتين أمريكيتين.
وبحسب الصحيفة، قال مصدر مطلع إن إسرائيل وافقت على وقف الغارات الجوية في الموقع الذي سُلمتا فيه. إلا أن إسرائيل لم تُقر بأنها وافقت على تهدئة مؤقتة في ذلك الوقت.
وكشفت ويل ستريت إن إدارة بايدن تضغط على إسرائيل لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين وهم من غالبية الضحايا في غزة، وزيادة الاعتماد على الضربات الدقيقة في استهداف قادة حماس. إلا أنه وعلى الرغم من ارتفاع عدد الشهداء المدنيين في غزة وتفاقم الأزمة الإنسانية، واصلت إسرائيل ضرباتها واسعة النطاق، ومنها تلك الضربة التي شنتها على أكبر مخيم للاجئين في قطاع غزة، مخيم جباليا، وأسفرت عن مقتل عشرات من النساء والأطفال.
ورفض البيت الأبيض التصريح بما إذا كانت الضربة مناسبة أم لا، لكن مسؤولي الإدارة أبدوا “الحزن” بسبب الخسائر البشرية واسعة النطاق.
وظهر الخلاف بين واشنطن وتل أبيب واضحا في تصريحات جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، حيث قال إن “هذه عمليتهم [الإسرائيليين] وهم وحدهم من يمكنهم التحدث عن قراراتهم المتعلقة بالاستهداف، والطريقة التي يديرون بها العملية”، أما “ما سنفعله، فهو التيقن من حصولهم على الأدوات والقدرات اللازمة، فضلاً عن إطلاعهم على آرائنا، والعبر التي استخلصناها في هذا النوع من المعارك للاستفادة منها في اتخاذ القرارات العملياتية”.
تراجع شعبية بايدن
فعلى الرغم من أن بايدن حظي بالثناء في البداية لدعمه الصريح لإسرائيل، فإنه يواجه الآن انتقادات شديدة من أعضاء حزبه -خاصةً الناخبين الشباب والمسلمين والأمريكيين العرب- ممن أفزعهم تزايد عدد الضحايا في غزة، وهم يحثون الإدارة على الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار.
ولا يقتصر الأمر على هؤلاء، فحتى نواب الكونغرس الذين كانوا مؤيدين لإسرائيل ويدعمون المساعدات العسكرية الأمريكية لها، بدأوا يقولون هذا الأسبوع إنهم يريدون أن يروا من إسرائيل مزيداً من ضبط النفس في حملتها العسكرية على حماس.
وكشف استطلاع أجرته مؤسسة جالوب أن نسبة اقتناع الديمقراطيين بأن بايدن يبلي بلاء حسناً في منصبه قد انخفضت بنسبة 11% في الشهر الماضي، لتصل إلى نسبة 75%، وهو أدنى مستوى من التأييد داخل حزبه منذ أن تولى الرئاسة.
في المقابل، يستدل بعض الجمهوريين، ومنهم المتنافسون على ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات عام 2024 الرئاسية، بدعوةِ بايدن لهدنةٍ مؤقتة في غزة على تراجع دعمه لإسرائيل.
يبدو أن التنافس بين الولايات المتحدة والصين بدأ يتجاوز حدود الاقتصاد وسباق التسلح ليدخل مرحلة جديدة تعتمد على لعب أدوار أكثر تأثيرا في ملفات الشرق الأوسط، وجذب حلفاء جدد فهل تنجح الصين سياسيا كما نجحت إقتصاديا أم يكون لواشنطن رأيا أخر؟
بعد عقود من التركيز على التوسع الاقتصادي بالشرق الأوسط ، بدأت الصين تتوسع سياسيا وتلعب أدوارا مؤثرة في ملفات المنطقة وتنافس الولايات المتحدة على ملفات طالما احتكرت واشنطن إداراتها، ولا يمكن قراءة الاتفاق الذى رعته بكين بين السعودية وطهران، ثم محاولتها التوسط في الصراع العربي الإسرائيلي ودعوة طرفا الأزمة لزيارة بكين إلا في سياق السعي الصيني للعب دور مؤثر في ملفات المنطقة ومنافسة واشنطن على ذلك.
والأسبوع الماضي، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن نتنياهو تلقي دعوة رسمية من الصين لزيارة بكين خلال الفترة المقبلة.
وتأت الدعوة في ظل حالة من الجفاء تشهدها العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية ونظيرتها الأمريكية رغم التحالف الإستراتيجي التاريخي بين البلدين، حيث لم يتم دعوة نتنياهو لزيارة البيت الأبيض منذ تولي بايدن الرئاسة الأمريكية.
وبحسب مراقبون فإن الصين تسعي لدور أكثر تأثيرا في ملفات الشرق الأوسط وعلى رأسها ملف الصراع العربي الإسرائيلي خاصة بعد نجاحها في رعاية إتفاق عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران؟
كما يري المراقبون أن الحكومة الإسرائيلية قد تستخدم العلاقات مع الصين كورقة ضغط على إدارة بايدن التي ترفض سياسات حكومة نتنياهو وتتهمها بالتطرف.
أهداف الصين
ويري عامر تمام الباحث المتخصص في الشؤون الصينية أن “الصين تسعي منذ فترة ليكون لها تواجد سياسي وامني واستراتيجي بخلاف التواجد الاقتصادي بمنطقة الشرق الأوسط”.
وقال لوكالتنا:”بالنسبة لإسرائيل هناك علاقة قوية مع الصين، وكان هناك مشروع تطوير ميناء حيفا الاسرائيلي باستثمارات صينية ولكن تدخلت واشنطن وأوقفت المشروع نظرا لآن ميناء حيفا كان يستقبل قطع عسكرية أمريكية”.
وبحسب الباحث فإن ” الصين بدأت تتواجد في الشرق الأوسط وتسعي ليكون لها دور فاعل بالمنطقة ولعل الاتفاق الذى رعته بين الرياض وطهران يوضح رغبة بكين في إحداث تأثير كبير في ملفات الشرق الأوسط”.
وأضاف:” الصين تحاول الأن أن تتدخل في الصراع العربي أو الفلسطيني الإسرائيلي، وتريد أن تكون طرف مؤثر في هذا الملف لافتا إلي أن وجود الصين في هذا الملف لابد أن يكون برضا طرفي الصراع الفلسطيني والاسرائيلي”.
وقال تمام : “بكين بدأت خطواتها باستضافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في فترة سابقة وتم الاحتفاء به بشكل كبير والإعلان عن مبادرة صينية لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي”.
وتابع : “كان لابد من تقديم دعوة للطرف الاسرائيلي ممثلا في رئيس الوزراء نتنياهو لمناقشة المبادرة الصينية والحصول على موافقة تل أبيب أن تكون الصين طرف في الوساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
ويعتقد الباحث أن “نجاح الصين في الدخول لملف الوساطة في الصراع العربي الإسرائيلي يعتبر ضربة استراتيجية للنفوذ الأمريكي بالمنطقة نظرا لسيطرة واشنطن التاريخية على قيادة عملية السلام في هذا الملف منذ عقود”.ويري خبير الشؤون الصينية أن “الهدف الحقيقي لبكين من التفاعل مع ملفات الشرق الأوسط هو الضغط على الولايات المتحدة بالتواجد في مناطق نفوذها وذلك ردا على تحركات واشنطن في مناطق نفوذ الصين، لافتا إلي أن أمريكا بدأت تضغط على الصين بمناطق المحيط الهادي والهندي وتزيد من تواجدها في مناطق جوار الصين مثل اليابان وكوريا الجنوبية وبحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان وفيتنام والفلبين وذلك ضمن سياسة واشنطن لحصار الصين والحد من نفوذها”.
ويعتقد أن “الصين بدأت تحارب أمريكا بنفس سلاحها، حيث تتحرك في ملفات الشرق الأوسط ومناطق نفوذ الولايات المتحدة للضغط على واشنطن لوقف التمدد بمناطق نفوذ الصين وفك الحصار عنها وفق قاعدة خطوة بخطوة بحيث ترفع الصين يدها عن ملفات الشرق الأوسط ومناطق نفوذ واشنطن مقابل تخفيف أمريكا لحصارها للصين ووقف تمددها بدول جوارها”.
التطبيع السعودي الإسرائيلي
وحول احتمالية أن تلعب الصين دورا في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل كما فعلت بين الرياض وطهران، أكد الباحث أن استراتيجية الصين في الوقت الحالي لا تخطط للعب دورا في هذا الملف الذى وصفه بالمعقد”، مشيرا إلي أنه لا يمكن القفز على أمور معينة حتى يتم الوصول لتطبيع سعودي إسرائيلي بدون مقابل، خاصة أن سبق وأعلنت أن لديها مبادرة ورؤية لحل القضية الفلسطينية وتريد أن تحقق مكاسب استراتيجة من تطبيعها مع إسرائيل”.
وبحسب الباحث فإن “السعودية تريد أن تكون القوي الاقليمية الأولي بالشرق الأوسط واللاعب الرئيسي في ملفات هامة مثل القضية الفلسطيينية ولذا تريد من اسرائيل تقديم تنازلات ملموسة للتطبيع معها بما يعزز دور السعودية ونفوذها كدولة محورية وقائدة للشرق الأوسط”.
ويري تمام أن “هدف الصين من دعوة نتنياهو لزيارتها، ليس التحرك في ملف التطبيع بين تل أبيب والرياض، أو الوصول لحل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي لأن هذا أمر ليس بالسهولة تحقيقه، بل كل ما تسعي له بكين أن تنال موافقة الإسرائيليين والفلسطينيين لتكون طرفا محايدا نزيها في عملية السلام لافتا إلي أن الصين تريد من ذلك تحقيق مكسب إستراتيجي من خلال تواجدها في هذا الملف وأن ينظر لها العالم على أنها صانع سلام وطرف مؤثر في أزمات الشرق الأوسط وتنافس الولايات المتحدة” .
كما تسعي الصين بحسب الباحث لـ “استغلال الخلافات بين اسرائيل والإدارة الأمريكية الحالية خاصة أن البيت الأبيض لم يوجه دعوة لنتيناهو لزيارة واشنطن منذ وصوله للحكم، وهناك خلافات بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته المتطرفة”.
الموقف الإسرائيلي
وحول الموقف الإسرائيلي من الزيارة، يري الباحث أن نتنياهو ربما يسعي لاستغلال زيارته للصين للضغط على الولايات المتحدة وإدارة بايدن”.
ويشير تمام إلي أن “هذه رابع زيارة يقوم بها نتنياهو للصين، حيث تسعي إسرائيل للاستفادة من العلاقات السياسية والاقتصادية مع الصين وألا تخلق عداء مع بكين بما يدفع الأخيرة لدعم الطرف الفلسطيني بشكل مباشر لافتا إلي أن تل أبيب تسعي لتحييد الصين وعدم الوقوف ضدها وفي نفس الوقت تسعي لعدم إغضاب واشنطن للحفاظ على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل”.
وبحسب الباحث فإن “إسرائيل قد توافق على أن تكون الصين طرفا في عملية السلام مع الفلسطينين ولكن دون أن تكون الطرف الأصيل في الوساطة كما هو حال الولايات المتحدة، كما لن تمانع تل أبيب من مناقشة المبادرة الصينية لحل الصراع العربي الفلسطيني”.
تحليل يكتبه / د.إياد المجالي خبير العلاقات الدولية بجامعة مؤتة الأردنية
تتنامى ردود الفعل الإقليمية مع إعلان الحكومة الإسرائيلية اكتمال تشكيل فريقها الوزاري, والذي يُعد الأكثر تطرفا في تاريخ دولة الكيان الصهيوني,فهي حكومة دينية ثيوقراطية بامتياز, يقودها أكثر الشخصيات تطرفاً في حزب الليكود اليميني( بنيامين نتنياهو), وقد انضم إليه في تشكيل الحكومة حركتي شاس ويهودت هنوراة اللتين تمثلان التيار الديني الحريدي, بالإضافة الى جانب حركتي المنعة اليهودية والصهيونية اللتين تمثلان التيار الديني القومي.
المثير في هذا الائتلاف في تشكيلة حكومة الكيان أنه لا يوجد أي فرق يذكر في أيديولوجية مكوناتها الفكرية والسياسية, فهي تتفق بعمق الرؤية السياسية تجاه الملفات الشائكة تجاه الداخل الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني, بدءا من ملف التوسع في المستوطنات, التهجير القسري بتشدد للشعب الفلسطيني, والتمسك بأسس الاستيطان ومعايير الاحتلال للأرض الفلسطينية, ومواجهة كل حركات التحرر والمقاومة بقبضة أمنية متشددة وقمع كل التوجهات التي تنادي بحقوقها المشروعة.
أما الأثر المنتظر من استمرار حكومة دولة الكيان الصهيوني اليميني المتطرف في أدائها لتحقيق أهدافها الاستراتيجية على أطراف إقليمية عربية, تتنامى مع استمرار التطبيع معها بكل أشكاله، حيث أن مجمل الاتفاقيات الموقّعة بين أطراف المنطقة، هي عوامل تصب في رؤية نتنياهو التي حقق أهدافها يوما بعد آخر. وهنا وجبت الإشارة إلى ثلاث اتفاقيات جديدة، وقّعتها الدولة الصهيونية مع كل من الإمارات والأردن تباعاً. الأولى بدء تعاون ثقافي، والثانية اتفاقية تصدير النفط من الإمارات إلى إسرائيل، والثالثة سماح الأردن والسعودية للطائرات الإسرائيلية بعبور أجوائها لتقصير مسافة السفر بين الخليج وإسرائيل. ولا تسهّل هذه الاتفاقيات التطبيع فحسب، وإنما تصب أيضا في الإطار الأكبر لاستراتيجية نتنياهو، وعمادها إهمال الجانب الفلسطيني والتعامل، ودمج إسرائيل في المنطقة، وتثبيتها “دولة أصيلة”، إلى أن يصبح الفلسطينيون وحدهم في محيط تهيمن عليه إسرائيل.
إبقاء أي علاقةٍ كانت مع إسرائيل تساهم في تنفيذ ما سميت اتفاقية إبراهام, والقبول الضمني بها, وتعجّيل باندماج الدولة الصهيونية في المنطقة, الأمر الذي سيفضي الى أن كل اتفاقيات التطبيع الاقتصادي المبرمة بينها وبين إسرائيل تجعلها مجرد جسر تطبيعياً مع الخليج والعالم العربي، ما يشكل خطرا على الأمن الوطني للأردن وخرقا لسيادته، وتفقده قدرته على التفوه بكلمة “لا” صريحة أو خجولة لأي مخطط إسرائيلي يتهدّدها.
وتعتمد استراتيجية نتنياهو على إهمال الفلسطينيين، ورضوخ كل دولة عربية، على حدة، لنوع من العلاقات مع إسرائيل، ما يغير تدريجيا خريطة المنطقة السياسية، فتصبح إسرائيل الأصيلة وفلسطين الدخيلة، ويُحاصر أهلها، فلا يبقى سوى الخنوع والاستسلام. وليست هذه الإستراتيجية جديدة تماما، فقد كان هناك جدل دائما حتى داخل أروقة صناعة القرار الأميركي، إذ كان من الممكن تفكيك مركزية القضية الفلسطينية في الخطاب والوعي العربيين، مدخلا إلى تطويع الفلسطينيين، واكتمال المشروع الصهيوني تحت شعار “التعايش والسلام”.
لقد تعهد نتنياهو بأن يكون توسيع الاستيطان في جميع أنحاء ما سماها “أرض إسرائيل” في الجليل والنقب والجولان والضفة الغربية، قائلا إن هذا حق حصري للشعب الإسرائيلي لا جدال فيه، وفق تعبيره, وإجراء تعديلات قانونية تقضي بسحب الجنسية والإقامة وترحيل كل فلسطيني ينفذ هجوما ضد أهداف إسرائيلية, كما أكد تعهده أنه سيعمل بكل طاقته على مواصلة الحرب على برنامج إيران النووي.
بينما تتشابك الأبعاد السياسية والأمنية والعسكرية في ملفات حكومة اليمين المتطرف برئاسة نتنياهو تجاه إيران وسوريا, خاصة مع قصف سلاح الجو الإسرائيلي عشرات المرات لمقرات عسكرية ومستودعات أسلحة إيرانية على الجغرافيا السورية, وذلك بغرض توظيف الحرب على سوريا وتدمير شبكة أنفاق حزب الله على الحدود اللبنانية، بحملات عسكرية مكثفة لتدمير وإحباط شبكة الأنفاق التي زعم أن حزب الله حفرها على الحدود اللبنانية تحضيرا لأي مواجهة عسكرية بالمستقبل, هذا التوظيف جاء استباقيا لحسم فرص وصوله مجددا الى سدة الحكومة الإسرائيلية.
توجهات هذا الفريق السياسي المؤدلج بعقيدة اليمين المتطرف تعتمد على المبدأ الاسترشادي الأول استشهد تأكيدات على “الحقوق القومية اليهودية الحصرية وغير القابلة للنقاش في جميع أنحاء أرض إسرائيل, وهو مصطلح يشمل على ما يبدو الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهما من بين الأراضي التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها, الى جانب إنه يأمل في تحقيق إنفراجة في إقامة علاقات دبلوماسية مع السعودية مثلما فعل في عام 2020 مع دول خليجية أخرى تشارك إسرائيل مخاوفها تجاه إيران.
أكدت تقارير صحفية أن تركيا عيّنت سفيرا جديدا لدى إسرائيل بعد شغور هذا المنصب أربع سنوات.
ويمثل القرار التركي أحدث خطوة نحو إعادة تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية بعد جهود لإنهاء الخلافات بدأت منذ أشهر في خضم تطورات دولية دفعت البلدين لمزيد من التقارب واستباقا لتشكيل حكومة إسرائيلية متطرفة بقيادة رئيس وزرائها المكلف بنيامين نتنياهو.
وبحسب وسائل إعلام تركية فقد تم تعيين شاكر أوزكان تورونلار، الدبلوماسي المخضرم الذي شغل منصب القنصل العام لتركيا في القدس بين عامي 2010 و2014، في هذا المنصب بموجب مرسوم رئاسي مساء الجمعة.
وسحبت أنقرة سفيرها من إسرائيل في مايو 2018 وطردت المبعوث الإسرائيلي بعد مقتل عشرات الفلسطينيين على أيدي الجيش الإسرائيلي.وردّت إسرائيل على ذلك بإعادة القنصل التركي في القدس إلى بلاده.
وتوتّرت العلاقات بين الجانبين بعدما انتقد الزعيم التركي رجب طيب إردوغان سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين في ظل حكومات رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو.لكن إردوغان بعث برسالة تهنئة إلى نتانياهو بعد فوز كتلته في الانتخابات التي أجريت في وقت سابق من الشهر الجاري.ترقب تركي
ويترقب الأتراك نوايا نتنياهو وهل انه سيغير قواعد اللعبة في التعاطي مع تركيا بمجرد توليه رئاسة الحكومة خاصة وان حكومته تحوي شخصيات متطرفة مثل ايتمان بن غفير.
وتعرضت تركيا كذلك لانتقادات واسعة من قبل إسرائيل بسبب العلاقات مع حركة حماس واستقبال عدد من قادتها لكن يبدو أن قادة البلدين قررا تجاوز التوتر نتيجة تقاطع المصالح مع التطورات الدولية خاصة فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية وأزمة الطاقة العالمية.
وبعد أكثر من عقد من القطيعة الدبلوماسية، فتحت إسرائيل وتركيا حقبة جديدة في علاقاتهما في الأشهر الأخيرة، تميزت بشكل خاص بالزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ إلى أنقرة في مارس.
وقام وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو كذلك بزيارة إلى القدس في نهاية شهر مايو في إطار عودة الدفء إلى العلاقات.
ومثل ملف الغاز والطاقة من أبرز الملفات المطروحة على الطاولة بين قادة البلدين حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مارس الماضي أن التعاون في مجال الغاز الطبيعي من بين أهم الخطوات التي يمكن أن تتخذها تركيا وإسرائيل.
وسعى أردوغان لتحسين العلاقات مع إسرائيل في خضم جهوده لاستئناف العلاقات مع عدد من الدول مثل مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في ما يعرف بتوجه ” نحو تصفير المشاكل” مع قوى إقليمية في خضم أزمة اقتصادية تعاني منها أنقرة.
وتكرر السلطات التركية والمسؤولون الأتراك الحديث عن ملف الغاز في خضم الحرب الروسية على أوكرانيا وقيام موسكو بوقف تصدير الغاز الى أوروبا.
وكانت تركيا طرحت فكرة إعادة إحياء مشروع لإيصال الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا لكن هذه الخطة واجهت صعوبات لوجتسية كبيرة مع وجود بدائل اخرى.
تركيا وحماس
في المقابل شهدت العلاقات بين تركيا وحماس جفاء على وقع عودة العلاقات التركية الإسرائيلية حيث اعتبرت صفقة التطبيع بداية للتخلي عن حماس كونه يمثل ثمنا ضروريا لعودة العلاقات الطبيعية بين تل أبيب وأنقرة.
ويعتقد أنه ما كان لصفقة التطبيع أن تتم بهذه السرعة لولا تغير الموقف التركي من دعم حماس التي سارعت بدورها للبحث عن حاضنة جديدة بالعودة إلى ‘محور المقاومة’ الذي تقوده إيران ويضم حلفاءها وإعادة العلاقات مع دمشق.
ومثلت حركة حماس بالنسبة لتركيا مجرد ورقة لدعم نفوذها وأطماعها في المنطقة العربية عبر دغدغة مشاعر بعض القوى الإسلامية.
حماس ونظام الأسد
ويرى مراقبون انه بمجرد أن عبرت تركيا عن استعدادها لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، سارعت حركة حماس في البحث عن حاضنة جديدة وعن محور يبقي حنفيات الدعم مفتوحة، لتختار العودة إلى حضن دمشق.
ودشنت الحركة الفلسطينية الإسلامية ودمشق الأسبوع الماضي صفحة جديدة في العلاقات بعد عقد من القطيعة، بما يمهد لطي صفحة الخلاف الذي نشأ على خلفية دعم الحركة في 2011 للاحتجاجات المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد في تناغم حينها مع موقف تركيا الداعمة للمعارضة السورية.
وتوترت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب في عام 2010 بسبب قضية سفينة مافي مرمرة عندما شنت القوات الإسرائيلية هجومًا على السفينة التركية التي كانت تحاول إيصال مساعدات إلى قطاع غزة المحاصر. وأسفر الهجوم عن مقتل عشرة ناشطين أتراك.
ذات صلة
https://alshamsnews.com/2022/03/%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a6%d9%8a%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84%d9%8a-%d9%8a%d8%b5%d9%84-%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d9%8a%d8%b1%d9%8a%d8%af.html
https://alshamsnews.com/2022/08/%d8%a3%d9%86%d9%82%d8%b1%d8%a9-%d9%88%d8%aa%d9%84-%d8%a3%d8%a8%d9%8a%d8%a8-%d8%ad%d8%a8%d8%a7%d9%8a%d8%a8-%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b7%d8%a8%d9%8a%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%a7.html
أظهرت النتائج الأولية للانتخابات الإسرائيلية العامة اكتساح اليمين المتطرف الأصوات بشكل غير مسبوق؛ حيث فاز معسكر اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو بنحو 65 مقعداً؛ ليستعد بذلك لتشكيل أكثر حكومات الاحتلال تطرفاً منذ نشأة الكيان عام 1948. فماذا يعني ذلك بالنسبة للفلسطينيين ودول المنطقة وكذلك العلاقات مع الولايات المتحدة؟نتنياهو عاد ليحكم من جديد
بابتسامة وحماسة كبيرة، أعلن نتنياهو لمؤيديه، بعد ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع وبدء الفرز صباح يوم الأربعاء 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، انتصاره في الانتخابات أثناء كلمة ألقاها في مقر الحملة الانتخابية لحزبه الليكود؛ إذ قال: “انتصرنا في اقتراع ضخم بالحصول على ثقة الشعب الإسرائيلي.. نحن على وشك تحقيق نصر كبير للغاية”.
وتعهد نتنياهو الذي يحاكم بتهمة الفساد بتشكيل “حكومة وطنية مستقرة” هي السادسة له في تاريخ الكيان، بينما قاطعته الحشود التي كانت تغني “بيبي ملك إسرائيل”، وأضاف نتنياهو: “الناس يريدون طريقاً مختلفاً.. يريدون الأمن، يريدون القوة وليس الضعف… يريدون الحكمة الدبلوماسية ولكن بحزم”.
في الوقت نفسه، يستعد إيتمار بن غفير وقائمته الصهيونية المتطرفة -التي يشار لها حتى من قبل البعض في إسرائيل على أنها حركة إرهابية– لأن تكون ثالث أكبر حزب في البرلمان بعد صعودها القوي في الحياة السياسية الإسرائيلية، وقد أظهرت النتائج الأولية حصول قائمة بن غفير على نحو 14 مقعداً وهو رقم غير مسبوق.
ويعوّل نتنياهو على دعم بن غفير وزعيم حركة “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سموتريتش لتشكيل الحكومة؛ حيث وعد نتنياهو بن غفير شخصياً بالحصول على حقيبة وزارية في حكومته، وهو ما يعني أن هذه الحركة التي تتبنى شعار “الموت للعرب” وتنادي بهدم المساجد على رأسها المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم، سيكون لها دور كبير في قرارات الحكومة القادمة.
ماذا تعني عودة نتنياهو وصعود الحركة الكهانية بالنسبة للفلسطينيين؟
بكل تأكيد، فإن عودة نتنياهو مصحوباً بتيار الحركة الصهيونية والكهانية ليس خبراً جيداً بالنسبة للفلسطينيين، لأنه يعني مزيداً من التطرف والاستيطان وشن الحروب، وبالتأكيد موت أي أمل لدى السلطة الفلسطينية بعودة المفاوضات أو حتى حل الدولتين المزعوم.
وذلك لأن هذا التيار الذي قد يحصل على أكثر من حقيبة وزارية، لديه مخططات علنية لطرد الفلسطينيين من الداخل المحتل ومن أراضي “يهودا والسامرة” أي الضفة الغربية، ويدعو باستمرار لتدمير الأقصى ويدافع عن قتل العرب لكونهم عرباً، بل ويجاهر بحماسه لإحراق الكنائس.
ويشبه البعض صعود الحركة الكهانية كأنه كصعود تنظيم “داعش” في الانتخابات والبرلمانات العربية والإسلامية، وبصعودها غير المسبوق نحو السلطة، ستصبح الحركة الكهانية ضمن النظام السياسي للكيان الإسرائيلي بشكل أكبر وأعمق من السابق، لتمرر من خلال حكومة نتنياهو خططها ومشاريعها المتطرفة في الأراضي المحتلة، وإذا حاول نتنياهو رفض ذلك ستنهار حكومته، مما يعني سيبقى هذا التيار يبتز نتنياهو على الدوام.
كيف سينعكس فوز نتنياهو على دول المنطقة؟
يرى محللون أن عودة نتنياهو للحكم مجدداً، وفوز الحركة الكهانية غير المسبوق وحصولها على حقائب وزارية في الحكومة القادمة سيكون له تأثيرات هائلة على الصراع والبيئة الإقليمية وحتى على العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلقت صحيفة “هآرتس” في افتتاحيتها صباح الأربعاء 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بالقول إن “إسرائيل الآن على حافة ثورة يمينية ودينية وسلطوية، هدفها تدمير البنية التحتية الديمقراطية التي بنيت عليها الدولة. قد يكون هذا يوماً أسود في تاريخ إسرائيل”.
وسينعكس هذ الصعود الذي يقوده نتنياهو بشكل سلبي بكل تأكيد على العلاقات مع دول المنطقة؛ مثل الأردن التي وصلت الخلافات بينها وبين حكومات نتنياهو السابقة إلى أسوأ مراحلها منذ توقيع اتفاقية “وادي عربة” عام 1994.
وكان ملك الأردن شخصياً عبّر عن ذلك في أكثر من مرة، بل إنه حتى اجتمع العام الماضي مع خصوم نتنياهو مثل بيني غانتس بشكل سرّي في عمّان، وأكد لغانتس أنه لا يفضل التعامل مع نتنياهو، وهو ما تسبب حينها بغضب من قبل الأخير الذي منع ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله من دخول الأراضي المحتلة لزيارة المسجد الأقصى، لترد عمّان بعد ذلك بمنع مرور طائرة نتنياهو من أجوائها؛ حيث كان سيزور أبوظبي في 11 مارس/آذار 2021.
لكن في المقابل، قد يلقى نبأ صعود نتنياهو في الانتخابات وعودته إلى السلطة، وقعاً إيجابياً على موجة التطبيع في المنطقة، ولدى دول مثل الإمارات والبحرين التي وقعت اتفاقات “أبراهام” مع حكومة نتنياهو قبل نحو عامين، أو حتى لدى السعودية التي أشار نتنياهو في أكثر من مناسبة، إلى احتمال عقدها اتفاق تطبيع مع إسرائيل، رغم نفي الرياض ذلك.
وفتحت السعودية أجواءها الجوية لأول مرة منذ إنشاء الكيان الإسرائيلي، في يوليو/تموز الماضي؛ حيث باركت الإدارة الأمريكية القرار الذي يشمل الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل، واصفة أنه “جاء نتيجة دبلوماسية الرئيس بايدن المستمرة والمبدئية مع السعودية على مدى عدة أشهر”.
بالنسبة للعلاقات مع الولايات المتحدة؟
في الوقت نفسه، لن تكون الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن سعيدة كثيراً بفوز نتنياهو ومجموعة من الكهانيين المتطرفين الذين يدعون لـ”موت العرب”؛ حيث إن خطورة وصول هذه القوى لمقاليد الحكم في إسرائيل أمر غير مسبوق، ولم يروّج أي زعيم إسرائيلي على الإطلاق لحزب كهاني بشكل صريح كما فعل نتنياهو، ناهيك عن ضمّه إلى الائتلاف الحاكم وإعطائهم وزارات.
وحول ذلك يقول ريتشارد سيلفرشتاين، الباحث والصحفي اليهودي الأمريكي، في مقالة سابقة بموقع MEE البريطاني، إنه في عام 1988، كان حزب “كاخ” الذي أسسه الحاخام مئير كهانا -مُعلّم إيتمار بن غفير الذي فاز بالانتخابات إلى جانب نتنياهو- خارج التيار الرئيسي للدولة تماماً، لدرجة أن الحكومة حظرته، وأعلنت كل من إسرائيل والولايات المتحدة أن “كاخ” منظمة إرهابية. فكيف ستتعامل واشنطن الآن مع وزير في حكومة نتنياهو يعتبر “مئير كهانا” هو قدوته الأسمى؟!
تغيير جذري
وهناك أسباب أخرى لانزعاج واشنطن، حيث مرت العلاقات بين نتنياهو وبايدن العام الماضي في حالة برود شديد؛ بسبب علاقات نتنياهو القوية مع ترامب، حيث امتنع بايدن عن الاتصال برئيس الوزراء الإسرائيلي بعد فوزه بالرئاسة، وأثار ذلك غضباً داخل الأروقة الإسرائيلية، وظل الوضع كذلك إلى أن خسر نتنياهو انتخابات مارس/آذار 2021 أمام تحالف بينيت ولابيد وغانتس.
وفي حين سعى ترامب إلى إرضاء قاعدته الانتخابية المسيحية الإنجيلية التي تدافع بشدة عن إسرائيل، عمل بايدن على إثارة استياء “الحليف الأساسي” في الشرق الأوسط “إسرائيل” على خلفية ملف الاتفاق النووي الإيراني الذي لم تتوقف إسرائيل عن التنديد به.
كما نددت إدارة بايدن بالتوسع الاستيطاني الذي عملت عليه حكومة نتنياهو ورفضت قرار ضم الجولان لإسرائيل وكذلك قرار ضم الضفة الغربية الذي طرح إبان فترة الرئيس ترامب، وأظهرت إدارة بايدن أنها متمسكة بحل الدولتين.
ويقول المحلل السياسي لموقع “والا” العبرية باراك رافيد، إنه “إذا كانت هذه هي نتائج الانتخابات الإسرائيلية، وهذه هي الحكومة القادمة (حكومة نتنياهو)، فإن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة ستتغير بشكل كبير، هو الأعمق منذ 1948″، مضيفاً في تغريدة له: “سيكون هناك تغيير جذري”.