د. سماهر الخطيب
يبدو أن هناك جهات ثالثة وفصائل محلية في سوريا وبعض الدول تحاول إثارة اشتباكات عسكرية بين قسد و”إدارة العمليات العسكرية” التي تسيطر عليها الحكومة في دمشق، وفق تصريحات القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، مظلوم عبدي، الذي أكد أن قسد تدعو إلى الحوار وسوريا موحدة، رافضاً الاتهامات بالسعي إلى الانفصال.
كما أشار عبدي، إلى أن المفاوضات جارية لضم قسد إلى الجيش السوري، مؤكدًا على عدم وجود أي اشتباكات بين قواته وإدارة العمليات العسكرية منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2024، رغم الشائعات عن وجود صراعات في دير الزور والرقة.
الدور التركي في النزاع السوري
ويبدو أن قائد قوات قسد (المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية) كان يقصد تركيا تحديدًا في حديثه عن الجهات الثالثة والدول الأخرى، خاصة وأن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في عدة مناسبات قبل ذلك، توحي برغبته في محاربة القوات الكردية لـ “الحفاظ على وحدة الأراضي السورية”، وقال إن انفصال الأكراد يهدد الأمن القومي لتركيا، لذلك ستستمر تركيا بمحاربة “الإرهاب”.
وفي السياق، ذكرت وسائل إعلامية سورية محلية، أن تركيا رفضت دمج “الجيش الوطني السوري” المدعوم من قبلها في تشكيل وزارة الدفاع الجديدة، بهدف المضي في مواجهة القوات الكردية وعدم الرضوخ للقيادة السورية الجديدة.
التناقض في التصريحات والسياسات التركية
ويذكر أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، قد أكد أن الفصائل المسلحة في سوريا يجب أن تجتمع تحت سقف جيش واحد، وأن جهاز الدولة الشرعي الواحد يجب أن يكون لديه السلطة لحمل السلاح واستخدام القوة في تصريحات إعلامية، ولكنها على أرض الواقع تدعم بالاتجاه المعاكس.
الطموحات التركية في سوريا بعد الثورة
وبدأت تركيا منذ بداية الثورة السورية في محاولاتها للتدخل بشكل مباشر في الشأن السوري لتأمين نفسها من أي مخاطر ضد أمنها القومي، ودعمت الفصائل المسلحة المعارضة للنظام السوري بالسلاح والإمدادات طوال فترة الحرب السورية، واليوم بعد سقوط النظام وصعود المعارضة المسلحة للسلطة، تسعى أنقرة لانتهاز الفرصة وتحقيق أحلامها التوسعية في المنطقة انطلاقًا من سوريا على الصعيد الاقتصادي أيضًا.
الدور الاقتصادي التركي في سوريا
حيث تحتاج سوريا إلى الكثير من العمل في مجالات إعادة الإعمار والتسليح والتطوير بعد سنوات من الصراع والدمار والانهيار الاقتصادي واستنزاف الثروات، وهنا يأتي دور تركيا، التي تحاول فرض نفسها كخيار وحيد للمشاركة في إعادة إعمار البلاد والتسليح، خصوصًا بعد الضربات التي نفذتها إسرائيل ضد البنى التحتية العسكرية للجيش السوري وإخراجها عن الخدمة.
التبادل التجاري بين تركيا وسوريا
واللافت أن وزير التجارة التركي عمر بولات قال إن صادرات تركيا إلى سوريا ارتفعت بنسبة 35.5 بالمئة في الشهر الأول من العام الحالي، حيث وصلت إلى 219 مليون دولار مقارنة بـ 161 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.
ويأتي ذلك نتيجة تخفيض الرسوم الجمركية بين الجانبين، والذي فرضته تركيا بما يخدم مصلحتها على حساب مصلحة سوريا الاقتصادية، وارتفعت كذلك عدد الشاحنات المحملة بالبضائع بين البلدين. وفي يناير/كانون الثاني، تم التوصل إلى اتفاق لاستئناف التجارة الحرة والتعاون الاقتصادي، بما في ذلك السلع الزراعية والصناعية والعبور والبناء.
التوقعات المستقبلية للوضع في سوريا
وبحسب مراقبين، ستكون الشهور المقبلة مفصلية في تاريخ سوريا الحديث، وتركيا لديها الفرصة لأن تلعب دورًا تاريخيًا في استقرار البلاد، وبنفس الوقت استغلال الوضع السياسي والاقتصادي الصعب بعد سقوط النظام ووصول المعارضة للسلطة، وفرض أجنداتها ومصالحها في المقام الأول.
اقرا ايضا
وفد روسي رفيع المستوى في سوريا..هل تعترف موسكو بالواقع الجديد في دمشق؟